الجمعة، مارس 06، 2009

المرأة الفلسطينية والعربية أمية ،قمع ،اضطهاد،وتحرش جنسي

راسم عبيدات

في يوم المرأة العالمي

...... يعتبر الثامن من آذار عيد نساء العالم من مختلف الأجناس والأثينيات والقوميات والأديان وقد تحول هذا اليوم رمزاً للمرأة والسلام رسمياً بعد أن تبنته هيئة الأمم المتحدة في ميثاقها التأسيسي عام 1945، والذي أكد على المساواة بين الجنسين كجزء من ضمان حقوق الإنسان.

وفي نظرة سريعة إلى واقع المرأة الفلسطينية والعربية في هذا اليوم،نرى أنها تعاني من قمع واضطهاد وتهميش في كافة المجالات والميادين،بدءً من التعليم وانتهاءً بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية،والمرأة هذه التي تشكل نصف المجتمع،والتي في كثير من دول العالم المتحضرة والمتقدمة احتلت مراكز ومواقع قيادية في الكثير من المجالات والميادين في السياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها ودون أية تعقيدات اجتماعية ،بل وتسن تشريعات وقوانين لحماية المرأة وضمان حقوقها،أما عندنا في العالم العربي، فرغم إن الأديان أنصفت المرأة في الكثير من المجالات والميادين على صعيد الحقوق،لكن سيادة مفاهيم ومواريث اجتماعية متخلفة تجاه المرأة والنظرة الدونية إليها،وشيوع إفتاءات لرجال دين تتناقض حتى مع الدين نفسه مثل جواز زواج الطفلة بنت التاسعة والفتاوي المتعلقة بإرضاع الكبير وزواج المتعة والمسيار والسياحي ...الخ،كذلك الكثير من الفتاوي التي تحد من حرية المرأة وتقيد حقوقها وحركتها والمشاركة في الحياة العامة،ناهيك عن الإفاضة في شرح جمال الحور العين والتمتع الجنسي معهن، هذه المفاهيم والأفكار المغرقة في التعصب والجهل والتخلف عمقت من حالة قمع المرأة واضطهادها في المجتمعات العربية،وكل من حاول أو سعى من النساء العربيات المتنورات والمتعلمات الى انتقاد الحالة السائدة حول تخلف المرأة واضطهادها ومصادرة حقوقها،نجد هناك الكثير من المراجع الدينية جاهزة لإصدار فتاويها بالتكفير والردة والتطاول على الدين وغيرها،ناهيك عن التحريض والتعرض للشرف والسمعة وما شابه، ونرى أن المرأة التي تشكل نصف المجتمع،والتي تلعب الدور الأبرز والأول في التنشئة والتربية والتعليم وبما يفوق دور المدارس وغيرها في وطننا العربي تعاني من غبن واضطهاد في كافة المجالات والميادين، فعلى صعيد التعليم تشير المعطيات والإحصائيات المتوفرة أن نسبة الأمية بين النساء العربيات تصل الى أكثر من 60%،وهذا يعني أن الجهل والتخلف سيعكس نفسه على التربية وبنية المجتمع ومفاهيمه وقيمه،ولا غرابة عندما نرى أن الكثير من قنوات السحر والشعوذة والمملوكة لرجال أعمال وأمراء عرب تساهم في نشر وتعميق مثل هذه الثقافة والمفاهيم والتي تدر عليها أرباحاً خيالية،وفي الوقت الذي نجد فيه المرأة في الكثير من الدول تقود الطائرات والبوارج الحربية وتشارك في المعارك وفي إدارة كبرى المؤسسات والشركات ،يحتدم الجدل في العديد من أقطارنا العربية والإسلامية ولسنوات حول أمور غاية في البساطة،ولا تحتاج إلى دور افتاء وجلسات طارئة للبرلمان واستنفار عام،مثل هل تشارك المرأة في الانتخابات أم لا؟ وإذا شاركت هل تحتاج إلى توكيل من زوجها؟وهل تقود المرأة سيارة أم لا؟ وعندما تسافر في الطائرة هل هي بحاجة إلى محرم أم لا؟وعندما تريد مطربة أن تحيي حفلة فنية في هذه الدولة أو تلك نثير جلبة وضجة مفتعلتين،ونحن نعلم علم اليقين أن 280 قناة جنسية من أصل 350 جنسية في العالم مملوكة لرجال أعمال وأمراء عرب،وأن هناك حالة من النهم والجوع الجنسي في الوطن العربي تفوق حاجة الجائع إلى الطعام،وفي مجال الحقوق الشخصية الأخرى نجد تعد صارخ على هذه الحقوق حيث تحرم المرأة من ممارسة أبسط حقوقها حيث الكثير من المفاهيم والقيم السائدة ومفاهيم وفتاوي التعصب والانغلاق تحرم الفتاة من إكمال تعليمها ليس خارج البلد بل داخل الدولة نفسها،على اعتبار أن ستر الفتاة زواجها،وأي زواج هذا فهي في الكثير من الأحيان لا يحق لها التلميح وليس التصريح بمشاعرها وبرغبتها بالزواج من سين وليس صاد،ناهيك عن أحقية أقاربها بها على الغير،أي ينظر إليها كجارية وسلعة وضلع قاصر، لا يحترم لا رأيها ولا وجهة نظرها ولا مشاعرها ولا رغباتها،وأي أجيال ستخرج من تحت يد مدير مدرسة يقول أن البنات عندنا بعد المرحلة الثانوية مصيرهن للزواج وليس التعليم؟.

أما النظرة الجنسية للمرأة عندنا،أي في المجتمعات العربية والإسلامية والتي تريد أن تظهر بأنها مجتمعات ورع وتقوى،فما يجري فيها وما يوجد فيها من خبايا وأمراض اجتماعية،فهو يفوق ما يحصل ويجري في المجتمعات المسماة والمعنونة بالأباحية عشرات المرات،حيث عندنا نهم وجوع جنسي أكبر وأكثر من الحاجة للطعام،حتى أن أحد الكتاب وصف تلك الحالة بأنها حالة من السعار الجنسي،وبحيث أضحت الأنثى عندنا مستهدفة وعرضه للتحرش في الشارع والباص والمؤسسة والوزارة ومكان العمل،وهذا ليس قصراً على ما يسمونه بالنساء والفتيات السافرات والمتبرجات،بل حتى واضعات النقاب والحجاب،وحسب قراءتي المتواضعة أنه بعد هزيمة المسلمين في معركة أحد،أصبحت عملية التعرض للنساء والفتيات تحدث في الشوارع والطرقات العامة،وفي مجتمعاتنا العربية الإسلامية والعربية،لا بد من أن الجميع سمع عن حالات التحرش بالفتيات في الشوارع العامة في مصر والكويت وما يجري في الباصات من تحرش يندى له الجبين،وفي سوريا ضبطت أكثر من شبكة تمارس الجنس على طريقة تبادل الزوجات،والتفريغ الجنسي والاحتيال على الزنا أصدرنا له فتاوي زواج المسيار والمتعة والسياحي والكيف والفرند وغيرها،وعندما يأتي كاتب أو مثقف او مفكر لينتقد ذلك أو يكشف المستور،نلفق ونكيل له التهم ونجد كل المراجع والأقلام الدينية والصحفية تتجند لمهاجمته وتكفيره وتخوينه ..الخ..

إن اللوحة العامة تشير إلى أن وضع المرأة العربية،فيه الكثير من الامتهان والقمع والتهميش والمصادرة للحقوق،وهن بحاجة إلى مرحلة من النضال الدؤوب وطويل النفس،وهذا النضال يجب أن يلقى الدعم والمساندة من كل المؤمنين بحق المرأة في المساواة في مختلف الميادين،وليس دعم على الصعيد اللفظي والشعاري أو ازدواجية المعايير،حيث كان الكثيرون من المحسوبين على القوى الديمقراطية والحالة اليسارية الفلسطينية والعربية،جهابذة في التنظير لحقوق المرأة وحريتها،وعلى صعيدهم الشخصي وفي بيوتهم يمارسون عكس ذلك.

وبالقدر الذي تعاني فيه المرأة العربية من قمع واضطهاد وتهميش ومصادرة للحقوق،نجد أن المرأة الفلسطينية وبحكم ظروفها وواقع الاحتلال،يزداد الظلم والاضطهاد الواقع عليها،وتكبر وتزداد معاناتها بمعاناة شعبها،فهناك أكثر من مئة فتاة وامرأة فلسطينية قيد الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي،حيث القمع والإذلال والمعاناة،فعدا الحرمان من احتضان أطفالهن فهناك من يسجن طفلها معها،وهناك من تلد وهي موثوقة اليدين والقدمين،وهناك نساء زوجات وأمهات الشهداء واللواتي يتحملن أعباء مضاعفة في المهام والمسؤوليات تجاه أسرهن،وهناك نساء وأمهات وأسر الأسرى والمعتقلين،واللواتي يعتبرن مناضلات من الطراز الأول،بحكم ما يلقى عليهن من واجبات وما يتعرضن له من مضايقات وإهانات من قبل جنود الاحتلال أثناء التوجه لزيارة أبنائهن في سجون الاحتلال،وهناك اللواتي ينتظرن أزواجهن منذ أكثر من عشرين عاماً،وهناك اللواتي يتسلحن بالأمل ويتوقعن عودة أحبائهن من السجون بعد طول انتظار في صفقة التبادل،وهناك من تؤجل زواج بناتها وأبنائها على أمل خروج أزواجهن في صفقة التبادل أيضاً،وهناك اللواتي بسبب الحصار والجوع المفروض على شعبنا اضطررن للعمل وبأجور متدنية جداً من أجل إعالة أسرهن دفعاً للجوع والفقر والعوز وهناك الكثير الكثير ما يقال في هذا المجال.

وفي الختام نوجه التحية لكل نساء العالم ولنساء شعبنا الفلسطيني في يوم عيدهن،هذا العيد الذي لن تكتمل فرحته فلسطينياً،إلا بالتحرر والانعتاق من الاحتلال،وأبعاد شبح ومخاطر الانقسام والاقتتال عن شعبنا والعودة نحو الوحدة صمام وعنوان انتصارنا،ونحو نضال دؤوب ومستمر من أجل المزيد من الحقوق والمكتسبات لنساء شعبنا على طريق المساواة الحقيقية في الحقوق،وفي مختلف الميادين والمجالات.

ليست هناك تعليقات: