الاثنين، يناير 05، 2009

صاحت غزة: يا عرب.... وين النخوة .... وين الغضب؟

راسم عبيدات

....العدوان الهمجي والوحشي على قطاع غزة يتواصل لليوم العاشر براً وبحراً وجواً،وترتكب فيه جرائم حرب ومجازر وحشية بدعم ومساندة من أمريكا والتي تصف تلك الجرائم والمجازر بالحق المشروع لإسرائيل في الدفاع عن نفسها،ولا حق للضحية في الدفاع عن نفسه أو حتى المطالبة بجزء من حقوقه التي كفلتها القوانين والقرارات الدولية،وواضح أنها في موقفها هذا تسطو على المؤسسات الدولية ومن ضمنها مجلس الأمن والذي كما حصل في أيام عدوان إسرائيل على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز/ 2006 ،تعطل استصدار قرار منه بوقف فوري لتلك المجازر والمذابح،وهذا الموقف ما كان له أن يكون هو والموقف البريطاني على هذه الدرجة من الوقاحة والعداء والتنكر للقيم والمبادئ الإنسانية، لولا المواقف المذلة والمخزية والمهينة للعديد من أطراف النظام الرسمي العربي،والتي بعض منها لا يخفي بكل وقاحة دعمه ومساندته للعدوان،هذا النظام الرسمي العربي المنهار والذي بات يلعب على المكشوف بدون أي ساتر لعورته وانهزامه،لم يتخذ أي موقف جدي من شأنه إجبار إسرائيل على وقف عدوانها،بل عمدت لامتصاص الغضب والنقمة الشعبية إلى عقد مؤتمر لوزراء خارجيتها بعد أربعة أيام على بدء العدوان،لم يتخذ أي قرار أو يضع أية آليات لوقف العدوان والمجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر،ورحلت القضية إلى مجلس الأمن،وهي تعلم علم اليقين مدى سطوة أمريكا على مجلس الأمن وبالتالي عدم مقدرته على اتخاذ أي قرار بوقف العدوان والمجازر،ولجأ العديد منها للتعويض عن عجزه وانهياره وتخاذله وتآمره،بل ومشاركته في العدوان، من خلال القيام بالعديد من عمليات الإغاثة وجمع المساعدات،ولا نجافي الحقيقة أن بعض أطراف هذا النظام ذهبت بعيداً في تآمرها ووقاحتها،حيث دعت العرب إلى إبداء مرونة في مجلس الأمن،وبما يعني الاستجابة للشروط والامتلاءات الإسرائيلية لوقف الهجوم العدواني والوحشي على شعبنا المحاصر في القطاع،وكذلك حق إسرائيل في الإشراف على معبر رفح ومراقبته،وبعض أطراف النظام الرسمي العربي وظفت وسخرت كل ماكينتها الإعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة للهجوم على قوى المقاومة والممانعة دولاً وجماعات وأفراد،ووصلت الخيانة والتصهين مدى غير مسبوق عندما دعا أحد كتاب الأنظمة في جريدة رسمية واسعة الانتشار الاحتلال الإسرائيلي إلى قصف غزة بالأسلحة الكيماوية.

أما الشارع العربي فعلى الرغم على حركته الواسعة في دعم ومساندة أهلنا وشعبنا في القطاع المحاصر،من خلال حملات الإغاثة والتبرعات والمساعدات الطبية والغذائية،والمسيرات والمظاهرات والاعتصام والمهرجانات والمؤتمرات الصحفية وغيرها...الخ،إلا إننا نرى أنه على القوى والأحزاب والقوى والحركات الإسلامية والوطنية والتقدمية والديمقراطية والثورية،العمل على تأطير وتنظيم الشارع العربي بفعل نضالي فعلي وجدي على الأرض، يشكل مخاطر جدية وحقيقية على مصالح هذه الأنظمة،والتجارب علمت أنه بدون أن تدفع تلك القوى والأحزاب ثمن مواقفها دم وسجون واستشهاد،فالنظام الرسمي قادر على تطويع تلك التحركات الشعبية والجماهيرية واحتوائها وضبط إيقاعها وبما لا يسجل أي مخاطر جدية على وجوده ومصالحة،والمرحلة هذه تاريخية وحاسمة ومفصلية،وعليها يتوقف مصير قوى المقاومة والممانعة،ليس على المستوى الفلسطيني بل والعربي أيضاً،ولذلك المرحلة بحاجة لحسم ومواقف بدفع ثمن المعارضة والوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية وشعبها المحاصر،دماً وسجون وبما يشكل خطر جدي على أركان ومصالح النظام الرسمي العربي،والذي نرى أن الحركة الشعبية والجماهيرية في العديد من الدول الأوروبية والإسلامية متقدمة عليه من حيث الحركة وحجمها وفعلها وتأثيرها،حتى أن التحركات الشعبية بمختلف ألوان طيفها في بريطانيا رشقت مكتب رئيس وزرائها هناك بالأحذية تعبيراً عن سخطها ورفضها لموقف حكومتها من العدوان الهمجي على شعبنا الفلسطيني في القطاع المحاصر،وإن كنا نلحظ تطور ايجابياً في موقف الشارع العربي وقواه ومؤسساته،ولعل حرق العلم الإسرائيلي تحت قبة البرلمان الأردني ذا دلالة ومغزى على تنامي وتطور هذه الحركة الشعبية.

ولعل ما كان مفاجئاً للعدو الإسرائيلي هو الحجم الكبير من الدعم والمساندة لأهلنا في الداخل لأبناء شعبهم في القطاع المحاصر،وقد كانت المسيرة الأضخم على مدار سنوات الاحتلال في سخنين والتي ضمت أكثر من 150000 شخص من أبناء شعبنا في الداخل،وبما لذلك من دلالات ومعاني،بأن هم وألم ودم ومصير وهدف شعبنا واحد وان اختلفت أولوياته،فالهم الوطني والوجود سابق على أي هموم أخرى من استيطان ومصادرة وغيرها،

فهذا الشعب العظيم والكبير والذي يختزن الكثير من الطاقات ويجترح الكثير من المعجزات والنضالات والبطولات وجه رسالة قوية للعدو الإسرائيلي،أنه رغم كل عمليات التهويد والأسرلة التي يتعرض لها في فلسطين المحتلة عام 1948،وكذلك عمليات التطهير العرقي،فهو يؤكد على هويته الفلسطينية وقوميته العربية،وبأنه جزء صميمي من هذا الشعب الفلسطيني،وأن اختلفت الأولويات بين داخل وخارج، ضفة وقطاع.

مع استمرار العدوان الوحشي والهمجي على شعبنا ومقاومتنا في القطاع والتي تجاوزت كل المعايير الأخلاقية والإنسانية والتي طالما تغنى بها الغرب المجرم وجيش الاحتلال عن طهارة السلاح وعدم استهداف المدنيين،حيث نرى القصف لا يوفر ولا يفرق بين طفل وامرأة وشيخ ،ولا يستثني جامعاً أو كنيسة أو مشفى أو مدرسة أو حتى ملجأ أيتام،وبما يثبت زيف و"عهر" وازدواجية هذه المعايير وتطويعها وتدويرها بما يخدم مصالحها وأهدافها العدوانية.

فقد أن الأوان وفي ظل استمرار هذه الحرب الهمجية والعدوانية،والتي بات واضحاً أنها تستهدف الوجود الفلسطيني برمته،وما يرفع من شعارات زائفة،ليس إلا من أجل دعم العدو في استكمال عدوانه وتحقيق أهدافه، فهو لا يريد لا سلاماً لا مع مؤيد أو معارض فلسطيني،وما يريده هو نفي الوجود الفلسطيني،وبالتالي هذه لحظات ومواقف يتبدا فيها الرجال،الرجال المؤمنين بخيار شعبهم والملتحمين والمنصهرين مع همومه وقضاياه،فالفرصة هنا من أجل استعادة وحدة الشعب جغرافياً وسياسياً يفرضها شلال الدم الفلسطيني النازف،والمفاوضات العبثية والعقيمة يجب مغادرتها نهجاً وموقفاً وخياراً إلى غير رجعة،وكذلك التنسيق الأمني فليقبر ويلغى إلى الأبد والمقاومين لتطلق أيديهم،والسجون الفلسطينية لتبيّض من المعتقلين السياسيين،والاعتقال السياسي ليحرًم،وليرجم ويطرد من أوساط شعبنا كل الخائفين والمترددين.

ولتلبي الجماهير والحناجر العربية صيحة وصرخات غزة،فغزة تدافع عن شرف وكرامة أمة بأكملها من المحيط للخليج.

القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: