السيّد محمد علي الحسيني
إنعقاد مؤتمر القمة العربي في الکويت لم يکن مجرد مؤتمر عادي کباقي المؤتمرات السابقة ولم يکن مجرد رقم شکلي يضاف الى قائمة مؤتمرات القمة وإنما کان بحق مؤتمرا نوعيا بمعنى الکلمة و حقق ما يمکن تسميته بالقفزة في الخط التقليدي العام الذي کان سائدا في مؤتمرات القمة العربية. مؤتمر القمة العربية في الکويت، والذي أداف المسائل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في بوتقة واحدة و سعى لطرح حلول منطقية و فعالة لما يعانيه العرب، قد أعاد الامل بقوة الى النفوس و بعث الطمأنينة في القلوب بحکمة و رجاحة العقل القيادي العربي و ديناميکيته في معالجة المشاکل و الازمات و تمکنه من تجاوز الخصومات و الخلافات الجانبية خدمة للصالح العام للأمة العربية. ولقد رأينا کيف أن وسائل الاعلام العالمية بشکل عام و الاسرائيلية بشکل خاص قد إندهشت و تفاجأت بالنتائج غير العادية و التي لم تکن تتوقعها إطلاقا بل وأن العديد من الاوساط السياسية و الثقافية المعادية للعرب، کانت تنتظر بفارغ الصبر إنفضاض المؤتمر بنتائج شکلية کسابقاتها حتى تنهش في الکرامة العربية و تطعن بکل ماهو حق و مشروع للعرب لکنها عندما إصطدمت بالقرارات العملية و الفاعلة للمؤتمر، لم يکن في وسعها سوى أن تتناقل و بحسرة تلك القرارات وتبدأ بمراجعة حساباتها بخصوص الوضع العربي و دور الزعماء العرب في قيادة الامة بإتجاه أهدافها الاستراتيجية.
مؤتمر الکويت، کان خطوة بالغة الاهمية في ظروف دولية و إقليمية بالغة الحساسية و التعقيد وقد وضع أساسا سليما و بناءا للتعاطي مع الملفات الساخنة وهو برأينا منعطف نوعي لصالح العرب و لطمة نوعية أيضا بوجه أعداء و مناوئي و حتى عذال العرب أينما و کيفما کانوا وان خروج المؤتمر بهکذا قرارات إيجابية أدخلت البهجة الى القلب العربي، يعني فيما يعني ان الوعي القومي لم يتراجع وان العروبة لم تنتهي بإنتهاء إتجاه سياسي معين ربطت العروبة ربطا غريبا به، وان المجلس الاسلامي العربي في لبنان يقيم عاليا نتائج القمة و له الثقة بأن تثمر عن آفاق إيجابية مفيدة للواقع العربي الراهن سيما من حيث تفعيل الدور العربي و تقويته داخل المنطقة وضرورة أن تکون الاولوية من نصيبه وان منح البعدين الاقتصادي و الاجتماعي اهمية لافتة في مؤتمر الکويت، يؤکد ان القادة العرب قد وضعوا أياديهم على موضع الجرح و مکمن الالم وانهم بعون الله تعالى سوف يمضون قدما بهذا الخصوص والتي من الضروري جدا ان تشملها عمليات مراجعة للکثير من الملفات التي کان و لايزال دور التعاطي"الاجنبي"فيه الاکبر و الاقوى و على حساب الامن القومي.
ان قمة الکويت بما تمخضت عنه من نتائج إيجابية أعادت الامل و الثقة لمستقبل الشخصية العربية، يجب ان لا تتوقف عند حدود معينة و لاتأبه لمسائل مهمة و إستراتيجية أخرى کانت بمثابة الثغرة التي دخل من خلالها الاغراب الى وطننا العربي و طفقوا يساوموننا على حسابنا الخاص و في عمق أراضينا وشکلوا و يشکلون عبئا إضافيا ثقيلا و خطيرا على المشروع العربي من عدة نواح. من هنا، نجد من الضرورة إيلاء تلك الملفات أهمية إستثنائية و السعي لدراستها مجددا و الخروج بمعطيات جديدة تتناسب و تتفق مع الواقع الجديد الذي نعيشه کعرب وان ذلك کفيل بخلق مناخات جديدة نحن واثقون أشد الوثوق من انها ستساهم في إعادة صياغة المعادلة السياسية في المنطقة لصالح الامن القومي العربي.
*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.
الاثنين، يناير 26، 2009
قمة الکويت: طريق يرسم الامل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق