أحمد زكارنة
يبدو أن بعض قادتنا استمرأوا الحياة في نسق متناغم مع الانقسام، تاركين الشعب مصلوبا على خشبة الانتظار، إذ مازال مكتوبٌ علينا التشرذم حيث لم نستطع إلى اليوم التوحد برغم غزارة الدم المجبول بتراب الارض وألوان قوس قزح الفلسطيني.
اليوم وبالرغم من أن الدهر قد طوى صفحةً جديدةً من صفحات المأساة الفلسطينية عشية العدوان على غزة، وأصبح الحدثُ بحكم الفعل الماضي الذي من المفترض أن ينسج من الكفن ثوبَ الأجل.. وبينما خرجت شعوبُ العالم أجمع إلى الشوارع نصرةً وتضامنا مع قضيتنا، ما زلنا نرفض نحن التضامن مع انفسنا، ليحتدمَ الخلافُ ويشتدُ حولَ أسباب ونتائج العدوان ومن منا سيضع يديه أولا على الغنائم..هل تكمن الاسباب الرئيسية في سيطرة حركة حماس على غزة عسكريا؟ أم هو نتاجٌ طبيعي لضعف المسار السياسي الذي اتخذته السلطة خيارا استراتيجيا؟ أم هو التواطؤ الدولي لقتل غزة عبر الحصار؟ أم هي تلك الصواريخ التي سببت الهلعَ لشعب الله المختار؟.
وفي الجانب الأخر من المشهد اشتدت الأسئلة.. هل صبت نتائجُ العدوانِ باتجاه انتصار غزة الضحية؟ أم باتجاه إسرائيل الجلاد؟ وبرغم من أن كلَّ الكلامِ بات مبتورا من الفعل المضارع لا حاضر له ولا ماضٍ حيث لا تنتج الهندسة اللفظية حقوقا سُلبتْ ولا تُرجع أرواحا زُهِقتْ.. تؤكد طبيعة الأمور أن كل ما ذكر انفا إنما هي اسئلة مشروعة، من حق اصحابها البحث عن اجابات وشروح وافية لها، ولكن المتتبع لمجرى الاحداث يرى دون حاجة لمكبرات الرؤية أن إسرائيل ومن لف لفيفها من الحلفاء، وبقدرة قادر للمرة الالف وربما اكثر استطاعت على مرأى ومسمع الجميع، أن تحرف الانظار بعيدا عن جرمها، عبر ملهاة العرب والفلسطينيين معا في لاهية اعادة اعمار ما دمرته آلة الحرب المجنونة..واموالها الطائلة التي اصبح الصراع الداخلي عليها لا على انقاذ اصحابها المعنيين بالامر، وكأنها رصدت لتضخ الدماء من جديد في الارصدة المتورمة، او لتنفذ ما اعلنه البعض حول اعادة تسليح غزة بالصواريخ العابرة للقارات.
الامر الغريب في هذا المشهد المضحك المبكي في آن ..أننا ذهبنا بعيدا في تشريح الحدث، اسبابه ونتائجه وغنائمه، من يستلم زمام اعادة الاعمار؟ ومن يقف على المعبر؟ وما لون بشرته وكم طول قامته؟ إلى ذلك من اسئلة سخيفة، حتى لم تصل حد لعبة الكلمات المتقاطعة كي نجهد عقولنا بالتفكير فيها، وبالنهاية نسى او تناسي البعض الولوج إلى الأسئلة الأهم والأجدر بالبحث والتنقيب، ماذا بعد؟؟واين اصبحت القضية؟ وما مستقبلها؟. وإن لم يوحدنا الدم ما الذي سيوحدونا؟؟؟.
الكاتب والمحلل الاسرائيلي روني شاكيد وفي لقاء فضائي راح يؤكد ان اسرائيل مستعدة للتفاوض وصولا الى السلام المنشود، موجها كلامه لمحاوريه قائلا: ولكن مع من ستتحدث اسرائيل؟؟. واليوم اصبح هناك دولتان لشعب واحد.. هل نتحدث إلى إسماعيل هنية في غزة؟ أم إلى الرئيس محمود عباس في الضفة؟
يا للفجيعة الكبرى عندما نكتشف أن قادتنا لا يحفظون إلا أرقام الشهداء والجرحى للمتاجرة بالدم، ولا يقاتلون إلا على تقاسم الكعكة، فيما اسرائيل التي كلفت فريق متخصص لتولي امر التغطية القانونية على جرائم عسكرييها، راحت تتبجح بالسؤال مع من سنتحدث؟؟ ومازال هناك من يتحدث عن الأهداف المحققه والأهداف الفاشلة.. والسؤال ألا يعني طرح هذا التساؤل الإسرائيلي، أن الهدف الأساس من العدوان قد تحقق، ألا وهو تكريس الإنقسام؟؟.
الحول السياسي الذي أصاب المشروع الوطني في مقتل، دفع بالبعض فقط للبحث عن استثمار الدم قربانا لكرسي الحكم، كما ذهب بأصحابه المتهالكين على شاشات الفضائحيات، ليختزلوا القضية الفلسطينية في ردح أحدهم وهو يجزم أن المعبر هو شريان حياة القضية، وأن استشهاد وجرح الألف في غزة إنما هو إنتصار عظيم، ليؤكد آخر انها الهزيمة بعينها، فيما يطل علينا ثالث ليضع كافة الاسباب الجينية والوراثية لاثبات حق فصيله في تولي أمر إعادة الإعمار، وهكذا دواليك ليثبت كل طرف أنه الجهة الشرعية المخولة بالحديث باسم الشعب المغلوب على أمره وكأن لدينا من الشرعية أكثر مما نستهلك.
ذخيرة هائلة من التناقضات والأكاذيب باتت تقتحم بيوتنا دونما استئذان لتدلل لنا يوما بعد يوم أن ما علق من شوائب على صورة القضية، إنما يثبت بلغة غير ملتبسة أننا فقدنا عذريتنا الأخلاقية والإنسانية على مذبح الدم الفلسطيني الذي نزف دون أن يروي غليلَ الوحدة المصابة بمعاول الهدم الفئوية، ليردد العالم من حولنا بصوت واحد ما قاله آخر: إنه يفهم أن يتآمر الصياد، لكنه لا يفهم أبدا كيف تتواطأ الفريسة معه؟؟.
كاتب وصحفي فلسطيني
يبدو أن بعض قادتنا استمرأوا الحياة في نسق متناغم مع الانقسام، تاركين الشعب مصلوبا على خشبة الانتظار، إذ مازال مكتوبٌ علينا التشرذم حيث لم نستطع إلى اليوم التوحد برغم غزارة الدم المجبول بتراب الارض وألوان قوس قزح الفلسطيني.
اليوم وبالرغم من أن الدهر قد طوى صفحةً جديدةً من صفحات المأساة الفلسطينية عشية العدوان على غزة، وأصبح الحدثُ بحكم الفعل الماضي الذي من المفترض أن ينسج من الكفن ثوبَ الأجل.. وبينما خرجت شعوبُ العالم أجمع إلى الشوارع نصرةً وتضامنا مع قضيتنا، ما زلنا نرفض نحن التضامن مع انفسنا، ليحتدمَ الخلافُ ويشتدُ حولَ أسباب ونتائج العدوان ومن منا سيضع يديه أولا على الغنائم..هل تكمن الاسباب الرئيسية في سيطرة حركة حماس على غزة عسكريا؟ أم هو نتاجٌ طبيعي لضعف المسار السياسي الذي اتخذته السلطة خيارا استراتيجيا؟ أم هو التواطؤ الدولي لقتل غزة عبر الحصار؟ أم هي تلك الصواريخ التي سببت الهلعَ لشعب الله المختار؟.
وفي الجانب الأخر من المشهد اشتدت الأسئلة.. هل صبت نتائجُ العدوانِ باتجاه انتصار غزة الضحية؟ أم باتجاه إسرائيل الجلاد؟ وبرغم من أن كلَّ الكلامِ بات مبتورا من الفعل المضارع لا حاضر له ولا ماضٍ حيث لا تنتج الهندسة اللفظية حقوقا سُلبتْ ولا تُرجع أرواحا زُهِقتْ.. تؤكد طبيعة الأمور أن كل ما ذكر انفا إنما هي اسئلة مشروعة، من حق اصحابها البحث عن اجابات وشروح وافية لها، ولكن المتتبع لمجرى الاحداث يرى دون حاجة لمكبرات الرؤية أن إسرائيل ومن لف لفيفها من الحلفاء، وبقدرة قادر للمرة الالف وربما اكثر استطاعت على مرأى ومسمع الجميع، أن تحرف الانظار بعيدا عن جرمها، عبر ملهاة العرب والفلسطينيين معا في لاهية اعادة اعمار ما دمرته آلة الحرب المجنونة..واموالها الطائلة التي اصبح الصراع الداخلي عليها لا على انقاذ اصحابها المعنيين بالامر، وكأنها رصدت لتضخ الدماء من جديد في الارصدة المتورمة، او لتنفذ ما اعلنه البعض حول اعادة تسليح غزة بالصواريخ العابرة للقارات.
الامر الغريب في هذا المشهد المضحك المبكي في آن ..أننا ذهبنا بعيدا في تشريح الحدث، اسبابه ونتائجه وغنائمه، من يستلم زمام اعادة الاعمار؟ ومن يقف على المعبر؟ وما لون بشرته وكم طول قامته؟ إلى ذلك من اسئلة سخيفة، حتى لم تصل حد لعبة الكلمات المتقاطعة كي نجهد عقولنا بالتفكير فيها، وبالنهاية نسى او تناسي البعض الولوج إلى الأسئلة الأهم والأجدر بالبحث والتنقيب، ماذا بعد؟؟واين اصبحت القضية؟ وما مستقبلها؟. وإن لم يوحدنا الدم ما الذي سيوحدونا؟؟؟.
الكاتب والمحلل الاسرائيلي روني شاكيد وفي لقاء فضائي راح يؤكد ان اسرائيل مستعدة للتفاوض وصولا الى السلام المنشود، موجها كلامه لمحاوريه قائلا: ولكن مع من ستتحدث اسرائيل؟؟. واليوم اصبح هناك دولتان لشعب واحد.. هل نتحدث إلى إسماعيل هنية في غزة؟ أم إلى الرئيس محمود عباس في الضفة؟
يا للفجيعة الكبرى عندما نكتشف أن قادتنا لا يحفظون إلا أرقام الشهداء والجرحى للمتاجرة بالدم، ولا يقاتلون إلا على تقاسم الكعكة، فيما اسرائيل التي كلفت فريق متخصص لتولي امر التغطية القانونية على جرائم عسكرييها، راحت تتبجح بالسؤال مع من سنتحدث؟؟ ومازال هناك من يتحدث عن الأهداف المحققه والأهداف الفاشلة.. والسؤال ألا يعني طرح هذا التساؤل الإسرائيلي، أن الهدف الأساس من العدوان قد تحقق، ألا وهو تكريس الإنقسام؟؟.
الحول السياسي الذي أصاب المشروع الوطني في مقتل، دفع بالبعض فقط للبحث عن استثمار الدم قربانا لكرسي الحكم، كما ذهب بأصحابه المتهالكين على شاشات الفضائحيات، ليختزلوا القضية الفلسطينية في ردح أحدهم وهو يجزم أن المعبر هو شريان حياة القضية، وأن استشهاد وجرح الألف في غزة إنما هو إنتصار عظيم، ليؤكد آخر انها الهزيمة بعينها، فيما يطل علينا ثالث ليضع كافة الاسباب الجينية والوراثية لاثبات حق فصيله في تولي أمر إعادة الإعمار، وهكذا دواليك ليثبت كل طرف أنه الجهة الشرعية المخولة بالحديث باسم الشعب المغلوب على أمره وكأن لدينا من الشرعية أكثر مما نستهلك.
ذخيرة هائلة من التناقضات والأكاذيب باتت تقتحم بيوتنا دونما استئذان لتدلل لنا يوما بعد يوم أن ما علق من شوائب على صورة القضية، إنما يثبت بلغة غير ملتبسة أننا فقدنا عذريتنا الأخلاقية والإنسانية على مذبح الدم الفلسطيني الذي نزف دون أن يروي غليلَ الوحدة المصابة بمعاول الهدم الفئوية، ليردد العالم من حولنا بصوت واحد ما قاله آخر: إنه يفهم أن يتآمر الصياد، لكنه لا يفهم أبدا كيف تتواطأ الفريسة معه؟؟.
كاتب وصحفي فلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق