مؤمن محمد نديم كويفاتيه
باحث وكاتب ..مُعارض سوري
مهما عملت دولة الكيان الصهيوني ومهما صدر عنها من تصريحات فهي مثل العسل على قلب الغرب الاستعماري والأمريكي المتغطرس في كبريائه وأنفته ، بينما هذا الكيان وكما قلت في السابق ليست إلا لقيطة تمّ زرعها في الجسد العربي والإسلامي كآخر متراس ووجود لبقايا للاستعمار الذي أتى بهذه العصابات الحاكمة في إسرائيل ، ليجعلها سلماً لتدخلاته في مناطق العرب والمسلمين ، ويُحملها وحدها كل تبعات العهر والفجور والإجرام بحق شعوبنا الأبية ، وليذيقنا من وراءها الويل والثبور ويعمل على تمزيقنا وإضعافنا لنكون على الدوام تحت رحمته ، وهو معها يتحمل وزر المجازر والحصارات وأعمال التنكيل والتجويع والاضطهاد والتشريد ..، ومنطقتنا العربية والإسلامية إلى ما قبل حرب غزّة كانت واقعة تحت إطار الصدمة والتهويل الغربي والأمريكي والإسرائيلي ، وكانت من الضعف والخور مما يجعلها أسيرة بيد من لا يرحم ، ولكن وحدهم أبناء غزّة والفلسطينيين الأبطال الذين أعادوا لنا الاعتبار ، وأعادوا الحكومات إلى حقيقة الموقف ، حتّى رأينا العديد من الدول بدأت تتملص من قيودها للإعلان عن بداية المرحلة الجديدة في التمنع والرفض والمُجاهرة بدعم المقاومين في هذه الأرض المُباركة ، الذين أثبتوا للعالم أجمع قوّة الحق على ضعف إمكاناتهم أمام جبروت الطغيان بما ملك من وسائل القتل والتدمير ، لتنتصر الإرادة الحرّة والعزيمة الصادقة على أي قوة مهما كانت عاتية
وجميعنا يُتابع اليوم ما بعد حرب غزّة ، وكيف أنّ المقاومة فرضت شروطها على العدو الغاصب الذي اضُطر إلى إعلان وقف النار من طرفه بعد أن وصلت المعركة إلى مرحلة حرب الشوارع والمدن ، والتي من المتوقع فيها أن تُحصد رقاب المئات من الجنود الإسرائيليين إن لم نقل الآلاف ؛ بما هيأه له الشعب الفلسطيني من المُفاجآت التي كانت ستستجره الى المحرقة الحقيقية ، وإسقاءه إيّاه من كؤوس الموت ورائحة أجساد مقاتليه النتنة التي كان من المتوقع أن تتراكم في الشوارع دون أن يجرؤ أحداً على الاقتراب منها ، هذا عدا عن عدم استطاعته من تحقيق أيّاً من أهدافه التي أعلن عنها ، من سحق حماس والقضاء على الصواريخ والمُقاتلين والمُقاومة ، بل رأينا كيف حماس تُنذر العدو بمدة الانسحاب إلى أسبوع ليُتموا انسحابهم خلال ثلاثة أيّام رُعباً وزُعراً من القادم
ودرس غزّة مُهم جداً لنا كعرب علينا أن نستفيد منه ، كما رأينا بالفعل بعض معانيه في قمّة الكويت ، عبر مُبادرة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبد العزيز ، التي تدعوا الى لم الشمل العربي وتُشير إلى الصحوة التي لن تكتمل إلا إذا صدقت النوايا ، وأحسّ القادة بخطورة المرحلة للتخلص من الالتزامات المُذلة على أُمتنا وشعوبنا ، وذلك لن يتحقق إلا بالاعتماد على الشعوب التي عليهم أن يُعيدوا الحسابات معها عبر الالتحام فيها بمجالس الحوار وتوسيع المُشاركات وإنهاء حالة التأزمات والاختناقات السياسية وحالات الاستبداد وغيرها من التي تجعل الجفوة والهوّة ما بين القاعدة والقيادة كبيرة ، وأخص بالذكر هنا الوضع السوري الذي عليه أن يغتنم هذه الفرصة للانفتاح على القوى السياسية والأحزاب ، لتكون ملحمة غزّة درساً للإعداد الصحيح للمواجهة الحقيقية مع العدو ، ولن يتحقق ذلك إلا عبر التضامن الشعبي الذي أدّى لأول مرّة إلى عدم رفع رايات الاستسلام والذل كما حصل في كل الحروب العربية الإسرائيلية ، بل لم تكن النتيجة إلا الانتصار بالسواعد المؤمنة بقضيتها من النساء والرجال والشباب والشيب ، وحتّى الحجر والشجر والملائكة كانت تُقاتل بجانبهم ، نعم الملائكة لأنّ هؤلاء البواسل أخذوا بكل أسباب النصر من الإعداد والتوكل على الله فانتصروا ، ولم يكن ذلك النصر بالتمني ، بل كان عبر توحدهم والتفافهم حول بعضهم حتى وصل عدد قتلى العدو من جنوده ما بين المائة إلى مأتي قتيل ؛ هذا عدا عن مئات الجرحى ، بينما عدد شهداء المجاهدين لم يتجاوز العشرات ، وكان جُلّ ضحايا الفلسطينيين من الأطفال والنساء والأهالي المدنيين ، الذين حصدتهم آلة العدو المجرمة عبر القصف الجنوني والوحشي العشوائي ، الذي لا نستطيع التعبير عنه إلا بجرائم حرب ضد الإنسانية ، ونازية بربرية ستنقلب وبالاً على العدو ، الذي سنّ سنّة القتل الجماعي للوصول لأهدافه ، مما يجعل أراضيه وشعبه بأكمله تحت طائلة العقاب بالمثل في الحروب القادمة التي سيكون فيها النصر بإذن الله لأهل الحق، من خلال ردّات الفعل والمُعاملة بالمثل ، مما قد يُمهد الطريق إلى عقاب كل الشعب الإسرائيلي إن لم يحتج ويستنكر على سياسيه هذه الجرائم الوحشية بحق الإنسانية ، بل وأنّ عليه أن يُحاكمهم في محاكم علنية ابراءً للذمّة ليسلموا فيما بعد من هذا المصير الأسود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق