سعيد علم الدين
ظهر من كلام رئيس النظام السوري بشار الأسد أن الهدف الحقيقي من قمة قطر الإيرانية السورية ليس كما هو معلن مساعدة وانقاذ غزة، وهم العاجزون جميعا ما عدا مصر، بقدر ما هو رمي العراقيل في وجه مؤتمر الكويت، بإعلان موت المبادرة العربية للسلام. لماذا؟
لأن هذه المبادرة هي شوكة في حلق خامنئي وستدفعه إلى جرع كمية كافية من السم لمصرعه ان تحققت. ولهذا تعمل السياسة الإيرانية بشكل محموم وخبيث ومدمر ومنذ انطلاق المبادرة العربية عام 2002، ومعها الانتفاضة الثانية التي فرضتها حماس على الرئيس عرفات، إلى قتل هذه المبادرة في مهدها.
فخامنئي يريد تحرير فلسطين من البحر الى النهر ولكن بآخر جندي عربي لكي يسيطر مع إسرائيل على العالم العربي. تماما كما تقاسم النفوذ مع الأمريكان حول العراق.
وبشار بماذا سيستطيع قمع شعبه اذا حل الصراع العربي الاسرائيلي.
وهكذا فقد أفشل موقف الرئيس ميشال سليمان بتحفظاته على كلام الأسد ودفاعه بجرأة عن المبادرة العربية، قمة قطر.
لقد كان صوت الرئيس الديمقراطي اللبناني المنتخب بإرادة شعبه، هو صوت العقلاء في جوقة من المجانين التائهين كنجاد، او المتورطين بالجرائم كبشار، او المراهقين سياسيا كمشعل، او الباحثين عن دور ما كالأمير حمد بن خليفة آل ثاني. ربما عن حسن نية لا نريد ان نظلمه!
لقد خلخل الرئيس سليمان مفاصلهم جميعا، واحبط مخططاتهم، بقوله الفاصل:" وضع استراتيجية شاملة للتعامل مع العدو والزامه على تطبيق المبادرة العربية للسلام. وإن لم نحقق التضامن العربي نكون سمحنا لاسرائيل بتحقيق اهدافها".
غامزًا بلياقة من مناضلي الميكروفونات الذين يجلسون امامه بالقول:
ان "عبارات الشجب والتنديد لم تعد كافية لتلبية تطلعات شعوبنا وهي عبارات تبقى غير فاعلة".
وايضا رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس المشاركة في المؤتمر ساهم في افشاله.
ولكن أهم بكثير من قمة قطر الإيرانية السورية الصوتية الفاشلة التي ردد فيها رئيس النظام السوري ما تلقنه من خامنئي بموت المبادرة العربية، هي زيارة القائد الفلسطيني المخضرم، الأمين العام لـ"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" نايف حواتمة لرئيس حزب "الكتائب اللبنانية" الشيخ امين الجميل.
أكد حواتمة بشكل لافت أهمية لبنان "كونه ضرورة عربية ومشرقية". قائلا أيضا للرئيس الجميل: "إن التواصل بيننا في إطار سياسة العمل المشترك بين جميع القوى الديموقراطية المناضلة من أجل حياة حرة مستقلة لكل بلد من بلداننا، من أجل لبنان حر مستقل سيد، ومرتبط على قاعدة من التبادلية لمحيطه العربي، من أجل فلسطين قادمة جديدة مستقلة حرة لشعب ناضل طويلا".
هذا الكلام العقلاني الديمقراطي الثوري الناضج والهادئ من المناضل الصلب العتيق، وأول من حمل البندقية لتحرير فلسطين إلى جانب الرئيس الراحل عرفات والرئيس عباس والقائد جورج حبش وغيرهم من الرموز الفلسطينية، يؤكد أن المبادرة العربية من أجل حل الصراع العربي الإسرائيلي بخير، ولم ولن تموت، لأنها الطريق الوسطي والصحيح والوحيد والمدعوم بقرارات الشرعية الدولية لحل النزاع الدموي العقيم المستديم بيننا وبين الإسرائيليين. وستنصاع اليها اسرائيل بدخول اوباما على خط النزاع.
ولأن حواتمة هنا لم يتحدث باسمه فقط، وإنما باسم الأكثرية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني، وأيضا باسم الاعتدال العربي أي العالم العربي ككل.
كيف لا والانعزالي الحقيقي اليوم عن محيطه العربي هو بشار الأسد الذي لم يخرج بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري خائبا من لبنان وإنما من الإجماع العربي أيضا وارتمائه بأحضان الولي الفقيه الظلامي.
جميل جدا عندما يردد حواتمه شعار "لبنان حر مستقل سيد".
هو هنا يؤكد قناعته وثقته بانتصار ثورة الأرز وقوى 14 آذار.
هو ايضا يؤكد قناعته وثقته بقيام دولة فلسطينية حرة مستقلة ديمقراطية سيدة. هذه الدولة التي لا يمكن أن تتحقق إلا عبر المبادرة العربية للسلام وليس بالمزايدات الإيرانية والعنتريات العونية والممانعات البشارية التي اتخمتنا ومنذ ستينيات القرن الماضي.
وعندما نعى بشار الأسد المبادرة العربية، إنما نعي بالحقيقة محوره الإيراني السوري الذي بدأ يتزعزع بعد حرب غزة، خاصة وأن إيران انكشفت للجماهير العربية على حقيقتها كدولة شعارات فارغة ومخربة للقضايا العربية عبر وكلائها كحزب الله وحماس، وانكشف عجزها مع حليفها بشار عن إطلاق صاروخ واحد أو إرسال انتحاري واحد لدعم شعب غزة.
وهكذا فلقد اطلق حزب الله وشلل 8 آذار بالضغط على سليمان للمشاركة بالقمة رصاصة ارتدت عليهم.
وما أن تأكد لخامنئي فشل مؤامرته في موت المبادرة العربية في قمة قطر حتى هاج غاضبا وماج متوعّداً من وصفهم بـ"الخونة العرب" مُهدّدًا إياهم بالقول: "إن مصير الخونة العرب لن يكون أفضل من مصير اليهود".
وطار صواب وكيله نعيم قاسم فقفز على الميكروفون، مسابقا ميشال عون، خارقا القرار 1701 بالقول في منتدى بيروت للمقاومة ومناهضة الإمبريالية أن "المقاومة بعد حرب تموز لم يعد عليها أن تكون في الخفاء، فالمقاومة مسارٌ نعلنه والمقاومة التي نعنيها هي المقاومة العسكرية، ونقول لكل العالم سنتسلح وسندعو الى تهريب الصواريخ بل الى اعطائها علناً".
وتعالى التصفيق في القاعة النضالية باعلان النصر بمعية الظلامية الإيرانية على الامبريالية والصهيونية.
ونقول الى الأمام يا شيخ نعيم، وشكرا شكرا على هذا الكلام الذي يذكر ببطولات صدام. ردده دائما ايها الشيخ الهمام، لكي ينتصر طاغية الشام على المحكمة والعدالة والروس والأمريكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق