سعيد علم الدين
مواجهة إسرائيل، او إلزامها كما قال الرئيس اللبناني ميشال سليمان في الدوحة بمبادرة السلام العربية في حل الصراع العربي الإسرائيلي المزمن ليس بالأمر العسير، خاصة وان هذه المبادرة موزونة وعقلانية وواقعية وممكنة التحقيق لتوافقها القانوني مع قرارات الشرعية الدولية بهذا الخصوص، وسيكون لها ثقل سياسي عالمي بوجود الرئيس الأمريكي أوباما الذي سيقتنع بها، كما نأمل، وسيحاول اقناع الإسرائيلي بها بعد انتهاء فترة جمع المعلومات من مصادرها التي يقوم بها حاليا في الشرق الاوسط مبعوثه الخاص جورج ميتشل.
ولكن كيف ستُحَقِّقُ المبادرةُ العربيةُ السلامَ المنشودَ بوجود اشواكٌ في خاصرتها؟
أشواكٌ لم تع بعد ان مواجهة إسرائيل ليست بهذه السهولة التي يتصورها بعض المتهورين المغامرين، والمسمسرين المتاجرين، والمفلسين والمتفلسفين على شاكلة حسن نصر الله وقوله" اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت". وشاهدنا الحقيقة الفاقعة من خلال نتائج حرب تموز على لبنان الذي أصبح بسبب جماعة النصر الإلهي المزعوم بوضع لا يحسد عليه انقساما واحتقانا وأوهن بكثير من بيت العنكبوت:
بطعنهم حكومته بالظهر والوجه، وانقلابهم على دستوره، وتعطيلهم لمؤسساته من برلمان الى رئاسة جمهورية، وخنقهم لقلبه في وسط بيروت، وضربهم لاقتصاده ولوحدته الوطنية بتخوينهم الكاذب لقياداته الأصيلة المتجذرة في ارضها كاشجار أرزها والمنتخبة ديمقراطيا بقرار شعبها، وباعتداءاتهم المتكررة والإجرامية على شعبه الأعزل ولولا حكمة قوى 14 اذار وانضباطها ووطنيتها واخلاصها لأهلها لاشتعل لبنان من جنوبه الى شماله كما حصل عام 75 المشؤوم.
هذا هو واقع الحال وللاسف في لبنان بعد كارثة تموز، بينما اسرائيل بالمقابل تحاسب المسؤولين بهدوء من خلال تقرير فينوغراد، مؤكدة أنها دولة مؤسسات دستورية بآليات ديمقراطية فاعلة وليست أوهن من بيت العنكبوت، كما تفلسف علينا يوما ما حسن نصر الله.
مواجهة إسرائيل ليست أيضا على طريقة خالد مشعل وجماعة حماس وشعارهم في "توازن الرعب" الانتحاري والذي أدى الى دب الرعب في قلوب أطفالنا.
فأي نوع من الأجيال يتم تخريجها حمساويا تحت هذه الظروف المأساوية؟
سوى أجيالٌ معذبةٌ، حاقدةٌ، مرعوبةٌ!
وهل ممكن ان يشعر خالد مشعل بمعاناة طفل فقد كامل عائلته؟ بالتأكيد لا. ولا يمكن ان يشعر عندما تعمي عينيه الملايين الإيرانية!
ولا عجب ان تكلف حفلة زفاف ابنته ملايين الدولارات.
ومن اين له بها؟ هل ورثها عن والده؟
وبدل أن نطالب بتحقيق آمال الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة، صارت قضية حماس الأهم من كل القضايا فك الحصار وفتح معبر رفح.
ويطل علينا الشيخ مشعل من الدوحة واعدا بمفاجآت على الصعيد الفلسطيني. أي شرذمة هذا الشعب وإطالة مآسيه حسب أوامر الولي الفقيه بين دولتين ومرجعيتين وقرارين. لا نشك أن ما يريد مشعل الاقدام عليه من انشاء مرجعية فلسطينية تناوئ مرجعية السلطة الشرعية الفلسطينية لمنظمة التحرير هي محاولة جديدة للفتنة مدفوعة الثمن بمئات الملايين الإيرانية النظيفة وهي شوكة في خاصرة القضية.
يؤكد ذلك على الدور الإيراني الخبيث في تدمير العالم العربي والرقص على جراحات شعوبه وعذابات أهله.
كما رقص نجاد على عذابات الشعب العراقي، وزار بغداد فَرِحا مرِحاً تحت ظلال الاحتلال الأمريكي.
تُذَكِّرُ مفاجآت مشعل بمفاجآت صنوه نصر الله التي لم تكن سوى خرابا وفتنة وزيادة معاناة للشعب اللبناني وضرب قيام دولته والعبث بمصيره. ولم تسبب أي ألم أو مشكلة أو احراج لإسرائيل، التي فرحت بما يرتكبه نصر الله بحق اللبنانيين وستفرح بما يرتكبه مشعل بحق الفلسطينيين.
المواجهة مع اسرائيل على طريقة هؤلاء الصبية المغرورين إطالة لا طائل منها لأمد الصراع واعادة لعقارب الساعة الى الوراء، وأدت بمجتمعاتنا الى الخراب والدمار، وبإنساننا إلى القهر والفقر والهجرة والبطالة واليأس والتهلكة والموت بالقنابل العنقودية أو الاحتراق بالفسفورية دون ان يحصل على أي حماية او مساندة من المحور الايراني السوري سوى الدعم الكلامي الفارغ والعجز باعتراف خامنئي طالبا من المتحمسين الايرانيين الصلاة والدعاء للحمساويين.
فالمواجهة مع اسرائيل لا يمكن أن تتحقق بالعنتريات والمزايدات والصلوات والدعوات والابتهالات والممانعات والعنجهيات وتدبيج الشعارات التي أتخمتنا، واستدراجها للحروب الكارثية التي أهلكتنا وإعلان الانتصارات الوهمية على أشلاء أطفالنا، إنما تتحقق بالمواجهة بالعقل والمنطق والفكر والوحدة الوطنية الحقيقية لمجتمعاتنا.
وان ننسجم مع تطلعات شعوبنا وتحقيق امالها ولا نكون شوكة في خاصرتها لخرابها.
فالوحدة التي تُفرض على المجتمع كما يفعل النظامان السوري والإيراني بالقمع والعنف والمخابرات والمعتقلات والقتل والخطف والإعدام والاغتيالات هي وحدة هشة ستنهار عند اول هبة ريح. وكما انهار نظام صدام حسين وغيره من انظمة القمع والاستبداد في العالم.
الانتقاد هذا موجه ايضا لكل الأنظمة العربية التي تمارس الاستبداد رغم اننا نقدر ظروف البعض ونحترم خصوصياته.
فمثلا عندما يكون تنظيم الاخوان المسلمين العريق شوكة في خاصرة مصر ومنذ اكثر من سبعين عاما وهو لا يمل عن التناحر مع دولته ومحاولة الانقضاض عليها دون القيام بأي عمل ايجابي في نهضة مصر فلا بد من ان تكون الثقة بينه وبين النظام مفقودة وبالتالي يتعرض للحظر والزجر الدائم بسبب خطره المتفاقم على استغلال العواطف الدينية للوصول الى السلطة ومن ثم السيطرة على البلاد من خلال الانقلاب على الديمقراطية. وهذا ما فعلته حماس في غزة وما ارتكبه حزب الله في لبنان في السابع من ايار وقبله وبعده.
هذا مع العلم انه اذا استلم الاخوان قيادة مصر فعندها وعلى مصر والعالم العربي السلام، ويا ما أحلاك يا حركة طالبان!
واكبر دليل ما حل بالسودان عندما استلم قيادتها الاخوان بانقلاب النميري وتحالفهم معه على ضرب الديمقراطية الفتية.
وماذا عن العراق وحركاته الدينية والطائفية المتطرفة المدمرة ومنها من انتخبه الشعب. الم تكن اشواكا في الخاصرة العراقية ومددا للولي الفقيه في الهيمنة على العراق.
مع احترامي الكامل لكل الحركات الإسلامية المعتدلة والناهضة والديمقراطية الواثقة من نفسها ومن طريقها في بناء اوطانها ودعم دولها.
كالجماعة الإسلامية في لبنان بقيادة أمين عامها الشيخ فيصل مولوي.
والتيار الشيعي الحر اللبناني بقيادة الشيخ محمد الحاج حسن
والمجلس الإسلامي العربي اللبناني بقيادة أمينه العام السيد محمد على الحسيني.
والحركة السلفية الوطنية اللبنانية بقيادة داعي الاسلام الشهال.
وكما هي الحال في تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية الاسلامي وزعيمه السيد رجب طيب أردوغان، الذي اثبت انه ليس شوكة في خاصرة النظام التركي.
اعتقد ان تنظيم الاخوان المسلمين العريق في مصر المحروسة بحاجة ماسة الى مرشد عام كالسيد طيب اردوغان والا ستظل اسرائيل متغطرسة وعدوانية ولا تقيم لنا اعتبارا عندما ترى حركات اسلامية هي شوكة في خاصرة دولها ومجتمعات عربية هشة وشعوب مقموعة، ودول مفككة ومتناحرة يرفع فيها الأخ البندقية في وجه أخيه تخوينا، فيقتله ببشاعةٍ وجها لوجه أو يغتاله بنذالةٍ في لحظة غدر.
فمواجهة اسرائيل التي تحصن نفسها بالديمقراطية قبل السلاح لا يمكن ان يتحقق الا بتحصين مجتمعاتنا بالديمقراطية. واحترام لعبتها بإخلاص وصدق التي هي من ارادة الشعب.
ونتيجة احترام الديمقراطية بصدق سيصبح حزب الله شوكة في عين اسرائيل وليس في خاصرة لبنان!
واحترام الديمقراطية بصدق يتنافى مع ما مارسه الحزب حتى اليوم ومنذ الانسحاب السوري من انقلاب عليها، حيث اصبح شوكة جارحة في خاصرة لبنان اكثر بكثير مما هو شوكة في وجه اسرائيل.
ونتيجة احترام الديمقراطية بإخلاص ستكون حماس ايضا شوكة في عين اسرائيل وليس في خاصرة فلسطين.
التي اثبتت ومنذ اتفاق اوسلو انها ومثيلاتها من المنظمات المتطرفة اشواك في خاصرة فلسطين اكثر بكثير مما هم اشواك في وجه اسرائيل!
هناك تعليق واحد:
Soon you will be added on the honour list of the 30 (FAMOUS WRITERS) for r your great analysis ut I don't know what is goibg to happen after that Aren't you proud??LOL
إرسال تعليق