سعيد الحمد
صمدت غزة أجل.. صمود الأبطال نعم الذين نحني لهم الجباة عرفاناً لكن انتصرت حماس كما يردد ابطال الميكروفونات ونجوم مقاومة الفضائيات فهذه خديعة تصب في مجرى نهر الخدائع الذي مازلنا نغرق فيه عجزاً عن مواجهة الحقائق والاعتراف بالهزائم.. فنحن «شاطرين» الى ابعد حدود «الشطارة والعيارة» فهزيمة 67 اسميناها «نكسة» وهزيمة نظام البعث الصدامي اسموها «أم المعارك» والمشكلة ان الشارع يصدق!! حتى بحسبة «سقاي» فريجنا القديم الذي كان يخط بالفحم «شخوط» صغيرة على حائط منزلنا..
حماس مهزومة ما في ذلك شك.. فما يقرب من 1400 شهيد وآلاف الجرحي وآلاف مؤلفة من المنازل التي سويت بالارض، مضافة اليها الآلاف من العائلات بلا مأوى تفترش الارض وتلتحف السماء معطوفة على الجوع والضياع والامراض لا يمكن ان نقرأها «انتصاراً» كما يفعل الحمساويون وقادتهم الذين يعيشون بعيداً عن النار والدمار. وخالد مشعل يأبي إلاّ وان يهزم الصمود البطولي العظيم لاهالي غزة حين يصرح بعد وقف القتال بيومين فقط تصريحاً مذهلاً ومريراً بكل المقاييس..
يقول « كنا نظن ان العدوان لن يتجاوز ثلاثة ايام فقط» بالله عليكم هل هناك قائد وطني مسؤول يضع مصير شعبه على كفة «الظنون» وهل هناك قائد يضع استراتيجياته على خلفية «الظن» واخشى ما نخشاه ان قادة حماس حتى غداة العدوان الوحشي كانوا «يظنون» ان حكومة اسرائيل هي الأم تيريزا «اذا ضربوها على خدها الأيمن ادارت لهم الايسر».
للنصر في الحروب والمعارك مقاييس ثابتة ومعروفة على مرّ التاريخ.. وكنا سنصدق بشارة «النصر» التي ظل يطلقها قادة حماس لو انهم «بشرونا» بها وهم بانفسهم داخل الجحيم الغزاوي وليس من دمشق او الدوحة ومن خلف الميكروفونات وعبر الفضائيات.. وكنت أتمنى على رمضان شلّح الذي سمى فصيله بـ «الجهاد الاسلامي» ان يبشرنا بالنصر من قلب غزة وهو يجاهد عملاً لا قولاً مرسلاً في فضائيات الكلام..
فقائد «الجهاد» اذا لم يجاهد بروحه خلال الثلاثة اسابيع المأساوية والدموية فمتى سوف «يجاهد» والجهاد في هذه اللحظة «فرض عين وليس فرض كفاية» كما كان يقول للآخرين. واذا كان هؤلاء القادة الحمساويون والجهاديون «بالكلام» قد عابوا على الزعيم الراحل عبدالناصر رحمه الله ان سمى هزيمة 67 بالنكسة فماذا نقول وماذا سيقول التاريخ عنهم وقد وصفوا ذبح اهالي غزة ودمارها بـ «النصر» فعن اي نصر يتحدثون، ألم يكن الاجدر بهم ان يشيدوا فقط بصمود غزة واهلها الابطال بدلاً من ان يسرقوا البطولة منهم بالحديث عن نصرٍ لم يحدث وينسبوه لانفسهم ولفصائلهم واحزابهم..
انها فعلاً مأساة كارثية عظيمة عندما يصبح الحزب اهم من الوطن وأغلى من دم المواطن فيعتبرون بقاء الحزب وبقاء قادته احياء حتى لو قتل نصف اطفال غزة هو النصر والانتصار. واذا كان مشعل قد اخطأ حين «ظن» كما قال ان العدوان سيستمر ثلاثة ايام فقط فإن خطيئته ان يخطف صمود اهالي غزة ويجيره انتصاراً لحماس فقط..
صمدت غزة اجل.. لكن لم تنتصر حماس وهذه حقيقة الحقائق.. فما بين صمود اهالي غزة وما بين وجود المكتب السياسي لحماس خارج غزة اثناء العدوان مسافة هي المسافة ما بين الحقيقة والوهم وهي المسافة بين بطولات الفضائيات والمكيروفونات والبطولات في الصمود الاسطوري لبسطاء غزة المنسية اسماءهم وعناوينهم والمدفونة جثثهم تحت انقاض حرب وعدوان لم يستمر ثلاثة ايام كما «ظن» مشعل، ولكنه استمر ثلاثة اسابيع لم يجاهد فيها قادة «الجهاد» وفضلوا ان يلقنوننا دروساً في الوطنية وان يوزعوا تهمهم المجانية التي لسنا في وارد الرد عليها والدخول في مهاتراتها والدم الغزاوي لم يجف والجرح الكبير لم يندمل.. ولكننا نقول لهم.. من كان منكم بلا خطيئة فليرمنا بحجر.. ولكن دعونا نسألكم بحق الدم المراق والطفل المذبوح على صدر أمه...
هل سيعترف من كان يظن ان العدوان لن يستمر اكثر من ثلاثة أيام فإذا به يمتد لثلاثة اسابيع.. هل سيعترف بان غزة صمدت وبأن حماس لم تنتصر..!!؟؟
– اعلامي من البحرين
البريد الالكتروني :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق