عبـد الكـريم عليـــان
مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة (الأسطورة) فرض الجيش الإسرائيلي رقابة شديدة على الإعلام بشتى أنواعه.. إلى درجة منع فيها الصحافة الأجنبية الدخول لغزة وسمح فقط ! بالحصول على المعلومات من إعلام الجيش الإسرائيلي المفبرك تماما وفي كافة رواياته الكاذبة، وحيث أنني مثل غالبية الناس هنا في غزة إذا ما توفرت الكهرباء لساعات قليلة نستطيع فيها مشاهدة التلفزيون، والغريب العجيب الذي لا يعرفه العالم المتحضر! أن أهل غزة لم يتمكنوا من مشاهدة أي فضائية عربية، أو غربية نظرا لاستمرار تحويم الطائرات الحربية الدائم في أجواء غزة والتي تشوش على كافة أنواع البث التلفزيوني، ما عدا محطات التلفزيون الإسرائيلي.. وحيث أن معرفتي باللغة العبرية لا تزيد عن 60% فلا أفهم الكثير، لكني استطعت اكتشاف التزوير المقصود في إعلامهم الكاذب والذي جندت له الحكومة الإسرائيلية المتغطرسة آلاف الإعلاميين، ومنهم المتقاعدين! تماما كما في الجيش الإسرائيلي حيث أستدعي أعدادا كبيرة من الاحتياط منهم..! وفي تبرير أعمى لسؤال وجهه أحد مقدمي البرامج في القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي للمسئول الأول عن الإعلام في الحكومة الإسرائيلية، السؤال هو: لماذا منعتم الإعلام الأجنبي من دخول غزة؟ كان الجواب: ببساطة للحفاظ على حياتهم، وحيث أكد مقدم البرنامج أن الأجانب (الإعلاميين) لا يريدون حمايتكم، إلا أن المسئول استمر في الحديث عن أشياء أخرى ليبتعد عن الحقيقة!
مع أن الحرب التدميرية على غزة دخلت يومها العشرين ما زالت الآلة الإعلامية تطلق على المقاتل الفلسطيني البطل الذي يدافع عن نفسه وعن شعبه وعن حقه في الحياة الكريمة (بالمخرب)! الفلسطيني الذي يقاتل ببسالة وشجاعة لم يعرفها التاريخ القديم، أو الحديث هو مخرب! الفلسطيني الذي يملك أحدث الطائرات المدمرة وأحدث آلات التكنولوجيا العسكرية، هو مخرب! الفلسطيني المحصن داخل أحدث الدبابات التي تدمر كل شيء أمامها، هو المخرب! المظاهرات التي عمت العواصم الأوروبية والعالمية ضد الحرب وضد العدوان الإسرائيلي على غزة، سميت في الإعلام الإسرائيلي بمظاهرات ( ضد السامية ) يا للعجب ! هكذا هي إسرائيل.. تريد كل شيء لصالحها.. أقنعت الرأي العام الإسرائيلي والرأي العام العالمي بأن حربها ضد (حماس) وتمارس حرب تدميرية ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته المدنية وإنجازاته الإنسانية.. دولة القانون والديمقراطية الكاذبة تمارس حرب قذرة ضد الإنسانية والطبيعة.. من لا يعيش في غزة تحت دوي المدافع وأزيز الطائرات الذي لم يتوقف لا يمكنه أن يصدق أن هؤلاء الأوغاد يمارسون تدميرا شاملا لكل شيء هنا.. حتى الطيور والعصافير البرية اختفت من غزة ولا يمكنها العيش فيها.. الإعلام الإسرائيلي لم يتوقف عن القول يوميا أن المساعدات الإنسانية لم تتوقف عن الدخول إلى غزة في أثناء المعارك.. أنظروا أي كذب يمارسون؟! ما فائدة المساعدات إذا كنتم تقتلون يوميا العشرات من الأبرياء؟! ما فائدة المواد الطبية وحجمها إذا ما استمر أعداد المصابين والجرحى يتدفقون ؟! ما فائدة سيارات الإسعاف الجديدة إذا استمرت قواتكم الغاشمة تستهدفها يوميا..؟! إذا كنتم تستهدفون عناصر حماس كما تقولون، لماذا كل هذا التدمير في المنشآت المدنية والسكانية؟؟ نعرف أنكم ستقولون: أن هذه المنشآت تأوي المخربين ويحتمون بها، نعم! إنهم يحتمون بها.. لأنهم لا يملكون دبابات محصنة، ولا يملكون طائرات رصد، أو طائرات مقاتلة، ولا يملكون من رفاهية جيشكم شيء..! إنهم لا يملكون إلا أجسادهم الطاهرة ومستعدون لتقديمها فداء لشعبهم ووطنهم وحريتهم..
القادة الإسرائيليون الفاسدون الأوغاد يمارسون الكذب على شعبهم أولا وعلى العالم ثانيا، يخبئون الحقيقة؟! إذا ما أصيب جندي أو أكثر منهم، يقولون: أنهم أصيبوا عن طريق الخطأ من نيران إخوانهم، وليس من نيران الفلسطينيين، وإذا ما قتل منهم جنديا من الصعب عليهم الاعتراف بذلك فورا، ويمكن الإعلان عن ذلك بعد مدة وبرواية مفبركة تماما، في الغالب يكونوا قد قتلوا نتيجة لحادث طرق، انتبه الفلسطينيون لذلك.. فاستخدموا الكاميرا لتصوير ما يقومون به.. وفي حادثين منفردين لم يعترف الإعلام الإسرائيلي بهما فورا، مما اضطرت حماس لبثها عبر قناة الأقصى، بعدها نقلها التلفزيون الإسرائيلي وبثها أمام قائد عسكري إسرائيلي للتعليق على الحادثين، ومع أن الصور واضحة تماما حيث تم قنص جندي إسرائيلي وارتمى أرضا وتفرق أصحابه من حوله ليستتروا وقام أحدهم بجر زميله المصاب، وفي الحادث الثاني تم إطلاق قذيفة آر بي جي تجاه جنود كانوا يستترون في بيت فلسطيني واتضح تماما أن الهدف كان صائبا وأن البيت قد دمر جزئيا إلا أن الإعلام الإسرائيلي اعترف بإصابة ضابط فقط ! مع أن الصورة توضح أن البيت كان به أكثر من ذلك.. في أثناء كتابة هذا المقال تم نشر خبر مفاده أن الطائرات الحربية قد استهدفت مقرين لتجمع الصحفيين والمقرين متباعدين عن بعضهما البعض، وهذا دليل مؤكد أن الهدفين مقصودين وبشكل متعمد لبثهما أخبارا وصورا لا تريدها إسرائيل ولا ترغب بأن يشاهدها المجتمع الدولي، وحتى المجتمع الإسرائيلي أيضا لبشاعة الجرائم التي ترتكبها قواتها الغاشمة، ومن المؤكد أن القيادة الإسرائيلية ستبرر ذلك بأن الاستهداف لم يكن للصحفيين بقدر ما كان يطلق نار أو صواريخ من تلك المنطقة.. هذا هو كذب الإعلام الإسرائيلي، وبالطبع هناك العديد من القصص والروايات التي تفبركها الآلة الإعلامية الإسرائيلية التي أصبحت تعتمد بدرجة كبيرة على تبريرات مراسليها وليس على الصور الحقيقية.! الأهداف المعلنة في بداية الحرب كما أعلن عنها قائد الحرب أيهود براك وأولمرت وليفني كانت توجيه ضربة قوية لحماس، ومنع إطلاق الصواريخ، ومنع تهريب الأسلحة من الحدود المصرية.. وهاهي الحرب شارفت على نهايتها ومازال أي شيء من ذلك لم يتحقق سوى مزيد من الدمار وقتل الأبرياء، ولا نعرف لماذا من حقكم امتلاك كل أنواع الأسلحة وأحدثها للدفاع عن النفس كما تقولون.. وليس من حق الفلسطينيين امتلاك ذلك للدفاع عن أنفسهم؟؟ أية سادية هذه التي تريدونها..؟؟
يا أيها الإسرائيليون، وأيها العالم المتحضر، إن القادة الإسرائيليين هم عصابة وليسوا بقادة.. إنهم موغلون في الفساد، وموغلون في الجريمة ضدكم وضد الفلسطينيين وضد الإنسانية.. إنهم يكذبون وأن الأهداف المعلنة للحرب ليست صحيحة، وهناك أهدافا خفية لهم وقد تكون شخصية، أو لحسابات حزبية لن تغير شيء من الواقع المر الذي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني وكذلك شعبكم.. وأن الحرب كما كل الحروب التي خضتموها لن تحل المشكلة التي لا يتحدث عنها قادتكم وهي احتلالكم للأرض الفلسطينية.. ومع أنني لست حمساويا، ولا أؤيد حماس إلا أن أمنكم وسلامتكم لن تتحقق إلا بالتنازل للفلسطينيين عن حقوقهم المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعودة اللاجئين لأرضهم التي سلبتموها بالقوة..
عضو صالون القلم الفلسطيني
Elkarim76@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق