شوقي مسلماني
أوّل الخاسرين بعد إنتهاء الحرب على غزّة سيكون باعتراف محلّلين سياسيين هو الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس المعتدل بمقاييس أنظمة عربيّة وإسرائيل والولايات المتّحدة الأميركيّة والإتّحاد الأوروبّي الذي يُبدي إلى الآن في أحسن حال صمتاً تجاه ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني في غزّة.
منذ انطلاقة شرارة الحرب الأعنف منذ تأسيس الكيان الصهيوني بين الإسرائيليين والفلسطينيين والرئيس أبو مازن في ارتباك، وردّة فعله الأولى جرّت عليه انتقادات لا ترحم، حتى أنّ مستشاراً للسلطة الفلسطينيّة قال من رام الله لصحيفة الهيرالد الأستراليّة: "أخفقَ السيّد عبّاس منذ البداية في التعاطي مع هذه الحرب، وهذا الإخفاق سيجعله يدفع من رصيده السياسي غالياً، هذا إذا لم يُجهز عليه تماماً". أنصار كُثُر في منظّمة فتح رأوا في تصريحات عبّاس الأولى جنوحاً نحو إعطاء مبرِّر لإسرائيل في هجومها على غزّة، وتحميل المسؤوليّة لحماس، هذه التصريحات حظيت باهتمام الإسرائيليين لكن ليس هذا ما ينتظره الفلسطينيّون من رئيسهم". وأنكى فإنّ الرئيس عبّاس اجتهد على عدم تحريك الشارع في الضفّة، ولو بالمظاهرات، طبعاً ليس من موقع ديني .. فهذه المهمّة تكفّل بها أحد رجال الدين فأفتى أنّ المظاهرات عموماُ هي عبث وتلهي عن ذكر الله، وإنّما من موقع السياسي الواقف على رمال متحرّكة ويظن أنّه يقف على صخرة، والرمال المتحرّكة هي السياسة الإسرائيليّة التي تعطي عبّاساً كلاماً وبالمقابل تنشط في الضفّة الغربيّة بتوسيع المستعمرات وبناء مستعمرات جديدة وبالتنكيل بالفلسطينيين على الحواجز المتكاثرة وفي السجون التي تختنق بهم حتى زاد عددهم على 11 ألفاً .. وتحكم على بعضهم بالسجن فترات طويلة كما حصل أخيراً مع زعيم الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين أحمد سعدات الذي قضت بحبسه ثلاثين عاماً. ومن علامات الغضب داخل فتح على الرئيس عبّاس ما صرّح به النائب السابق والناشط الحالي في فتح قدّورة فارس: "إنّ مواقف عبّاس كارثيّة، إنّه ليس من طينة القادة، وحري ألاّ يكون قائداً لنا".
انقضت سنة ونصف السنة على مؤتمر السلام في أنابوليس، وهو المؤتمر الذي راهن عليه الرئيس الفلسطيني ليتبيّن أنّه يراهن على سراب، فماذا أنجز طوال هذه الفترة؟ لا شيء على الإطلاق. عبّاس وعد شعبه بمفاوضات الخطوة خطوة، والذين انتخبوه رئيساً أعطوه فرصة، لكنّه بدوره لم يقدّم لهم سوى الوهم، وما يخيف بعض المحللين الغربيين أنّ أبناء الضفّة الغربيّة تحديداً سينقلبون إلى المنظمّات المتشدّدة الموسومة بالتطرّف، وفي طليعتها حماس. لقد نجا السيّد فؤاد السنيورة بعد حرب تمّوز 2006 فتمسّك الرئيس جورج بوش به رئيساً للوزراء، إنّما السيّد عبّاس ظروفه أخطر ولن يجد جورج بوش آخر.
Shawki1@optusnet.com.au
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق