سعيد الشيخ
نظل نحن العرب اكثر الشعوب قاطبة على وجه الارض متمسكين بذلك الشعور الحميم الذي نسميه "الكرامة". ولهذه الكلمة الفاتنة في القواميس العربية الكثير من المعاني التي تؤكد على نظافة وطهارة النفس، وما يعطي انطباعا بالاعتزاز والثقة بالكينونة الانسانية.. ونظل كذلك حتى ننفي عن الآخرين ان يكون لهم كرامة كما هي الكرامة العربية. وهذه الكرامة بقدر ما هي واضحة ومحددة المعالم في الحياة العربية فهي حالة ملتبسة وضبابية في الحياة الاوروبية على سبيل المثال ولا مجال للتفاخر بها كما يتفاخر بها العرب. حيث التفاخر في المجتمع الاوروبي يظل منحصرا في الانجازات المادية.
ومع هذا الاعتزار الكبير بالكرامة العربية، الا ان النظام العربي برمته يبدو بلا كرامة.. وهو عبارة عن ممالك وجمهوريات ممتهنة ، وقد تحولت بسبب سياسات التبعية الى عجينة طيّعة بيد الادارات الامريكية المتعاقبة . ولأن العلاقات الامريكية-الاسرائيلية هي متينة فوق العادة، فان النظام العربي تحول الى كائن ذليل يستعذب الهوان امام التحديات التي يفرضها الكيان الصهيوني على الامة العربية. وهذه المذلة العربية الرسمية سمحت للكيان الصهيوني ان يتوغل اكثر واكثرفي دمائنا وكأننا خراف نذرت للذبح من اجل مجد اسرائيل.
فالنظام العربي ومنذ عام النكبة عام 1948 ، لم تكن وظيفته يوما تحرير فلسطين او استرداد الحقوق العربية المسلوبة او حتى المحافظة على مقدرات الامة، بل على عكس ذلك يعمل هذا النظام بكل همة ونشاط على التفريط وترسيخ الخسارات المتلاحقة امام الاطماع الصهيونية والغربية، حتى ان هناك انظمة حوّلت وظيفة جيوشها الوطنية الى حراسة وحماية الكيان الصهيوني من خلال منع اعمال المقاومة الشعبية بوجه الجيوش الصهيونية والامريكية الزاحفة على ارضنا وخيراتنا واجسادنا.
شئ واحد في هذه الممالك والجمهوريات العربية الممتدة من المحيط الى الخليج لا ينتمي الى التاريخ العربي المجيد.. بل ولا الى الكينونة الوجودية الموجودة حتى لدى الحيوانات في طبيعة وبداهة الرفض والغضب والمقاومة بوجه الخطر والعدوان، حتى بات هذا النظام محل تندر وسخرية بنظر الشعوب الاخرى.. اذ لا يوجد نظام على وجه الكرة الارضية يعمل على الحاق العار بمجتمعه كما يعمل النظام العربي.
ولكن للشعوب العربية اليوم عزاء في المقاومة الباسلة في غزة.
واذا كان لها من نصر فهو نصرلثقافة المقاومة وللتاريخ العربي المجيد.. ولمعاني الانسانية!
واذا كان لها من هزيمة فهي هزيمة للنظام العربي المتقاعس والمهزوم اصلا.. وهزيمة للمجتمع الدولي المتواطئ الذي لم يستطع انصاف غزة في دماء ضحاياها.
كاتب وشاعر فلسطيني
الأحد، يناير 11، 2009
ممالك وجمهوريات بلا كرامة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق