د. عدنان الظاهر
أجلْ ، لك الله يا أيها السيار الجميل الرجل المفكّر النظيف سليل أهل الوطنية والثقافة والجمال .... لك الله وأنت تسبح مع التيارات حيناً وضدها أحيانا . لك الله إذْ تقول كلمة الحق فتدور حولك الدوائر ولا اقول [ تلتّف حول رقبتك الحبال ! ]. لك الله حيثُ لا يرحمك يسارٌ ولا يمينٌ فعلى أي جانبيكَ تميلُ [ وسوى الرومِ خلفَ ظهركِ رومٌ / فعلى أيِّ جانبيكَ تميلُ ؟ / بيت شعر للمتنبي ] . لك الله وعلى مَن تعتب ولمن ترفع عتابك ؟ على الذين إنقلبوا منكفئين على وجوههم بطناً لظهرٍ تاركين يسارَهم منحدرين بسرعة البرق نحو أقاصي اليمين أم على ذاك المعتوه المشبوه الحجر الماركسي ـ الستاليني ، أو مدّعيهما ، الذي غدا يروّج للإحتلال ويدعو للتعايش مع الإمبرالية نافياً أنْ تكونَ أمريكا اليوم بلداً ونظاماً رأسمالياً إمبريالياً ؟ أم على ذاك الذي يدّعي أنَّ التأريخَ قد جرى على الدولة الوطنية أي لا من وجودٍ لها بعد اليوم ... وربما يقصد حقبة ما بعد إنهيار المنظومة الإشتراكية وبروز القطب الأمريكي الأوحد وصعود أمريكا موجةَ العولمة ؟؟ أم على ذاك الذي يصرّح أنْ لم تكنْ قبل ثورة أكتوبر الإشتراكية دولة وطنية ؟ كيف قبلتَ وتحمّلتَ عزيزي الجميل هذا الهراء وكيف سكتَّ عليه وأنت المؤرخ الفذ يا أيها السائر أو السيّار ؟ مَن سيسير إذاً في الظلمة إنْ وقفتَ ولم تسرْ ؟ منهجك سليم وفكرك واضح والسراط الذي تمشي عليه راسخٌ مستقرٌ مُطلق التوازن أو يكادُ أنْ يكون . متوازنٌ أنت بشكل يثير العجب .. متوازنٌ فكراُ ومنهجاً وأدباً وفلسفةً وسياسةً . فما أعجبك من عراقي أصيل كثير الأدب حتى تبدو خجولاً في أحيان كثيرة بل ومجاملاً وأنت السيّار الجميل .
أشعر بالحَرَج والحياء إذْ أكتب لك قليلاً من الأسطر فأُقصّرُ بحقك وحق العراق الذي تعشق وحق خيار العراقيين وأعجز عن بلوغ ما بلغتَ من عزمٍ وإيمانٍ دفاعاً عن أمور كثيرة وقدرةً على شرح وتوضيح أهدافك ومراميك الإنسانية فأنت أنت للهِ درُّكَ حامل رسالة بل حامل رسائل تنوءُ الجبالُ بحملها لذا يحقد عليك المتخلفون والجهَلة وأشباه المثقفين وأدعياء المعرفة وكل ما في الليل الأسود من خفافيش ولا أرى العراق اليوم إلا في ليل رماديٍّ إنْ لم يكنْ أسودا [ أخي جاوزَ الظالمون المدى / لبشارة الخوري ، الأخطل الصغير ] . نعم يا سيّار ، جاوزَ الظالمونَ المدى ، فهذه غزةُ تنزفُ وتئنُ وتتساقط القذائفُ عشوائياً عليها فتهوي سقوف الكونكريت والحجر والصفيح على رؤوس أهاليها ويُقالُ لها ربّ يحميها فهل يسقيها الربُّ ماءً صالحاً للشربِ وهل يمدّها بالكهرباء نوراً أو إتصالاً بالعالم الخارجي أو لتشغيل جهاز كومبيوترأو طبّاخٍ أو ثلاجة ؟ ويأتيك يساريٌّ سابق نفض [ ذنوب ] يساريته عن كاهله وتبرأ منها ليغدو ليبرالياً متأمركاً على أحدث طراز ومودة ليكيل التهم الظالمة لغزة وحماس ومقاتليها الشجعان ويلوم قادتها لكنَّ الأمريكانو هذا لا يجرؤ أن يفتح فمه بكلمة واحدة يلوم فيها إسرائيل على ما فعلت ولم تزلْ . وإذا ما فعل ذلك فعلى شحّةٍ وخجلٍ وإستحياءٍ لكأنما يعتذر للمعتدي الغاشم الذي حاصرته وأدانته أغلب شعوب العالم والعديد من الحكومات . ديدنهُ هذا ومنهجُهُ معروفان ، فقد سلك ذات السبيل الأعوج ونهج ذات النهج غير العادل حيال حزب الله والمقاومة اللبنانية البطولية غير المسبوقة في حرب تموز 2006 . لامَ حزب الله ومقاتليه المدافعين عن أرض وحرمة أرض لبنانَ ضد برابرةٍ غزاةٍ محتلين ولم يلُمْ إسرائيل على ما فعلت في لبنان نافياً أنْ تكونَ المقاومة اللبنانية قد حققت نصراً عجزت جيوش العرب وأنظمتهم عن إنجاز ما يُضاهيه . تخلى هؤلاء اليساريون السابقون [ التوّابون ] ورهط آخر من قبيلهم ... تخلّوا عن حقيقة أنَّ الطبيعةَ السويةَ في الإنسان تأبى ولا تقبل الذل والقهر والإحتلال والإستيطان . تخلوا عنها أم إنهم يجهلونها أصلاً أو أنَّ طبيعتهم أساساً ليست سويّةً ؟ أرجّحُ هذا الإحتمال ، أُرجّحه وأميلُ بقوةٍ إليه .. نعم يا سيّار الصديق ، أرى هذا النفرَ الضالَّ قطيعاً غيرَ سليمٍ وغير سويِّ الخِلقة والطبع ! الناسُ طباعٌ وتطبّع ، ولأنَّ هؤلاء غير سليمي الطبع تنازلوا وخانوا ما طبّعوا أنفسهم عليه في سالف أعمارهم . عادوا لإنحرافِ سويتهم ، عادوا لطبعهم السئّ ... ألا شاهت وجوههم وساء مُنقلبهم فإلى جهنمَ وبئسَ المصير .
الآن عزيزي دكتور سيّار الجميل : هل يلومنا أحدٌ إذا ما تصدينا لهلوسات هؤلاء ورددنا على ما ينشرون في المواقع من سموم وتزوير للتأريخ ؟ ولماذا نتصدى ونُتعب أنفسنا فنردُّ عليهم ؟ ألآنَّ طبيعتنا سويّةٌ وموازيننا سليمة وسراطنا مستقيم ؟ أم إننا واهمون حالمون خارجون عن سرب العصافير الأمريكية ؟ ألا تبّتْ يدا أبي لَهَب !!
الاثنين، يناير 19، 2009
لك الله يا سيّار الجميل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق