الأحد، أبريل 06، 2008

متى يتوقف هؤلاء المساطيل والمهابيل عن الإفتاء؟

راسم عبيدات

... هناك الكثير ممن أصبحوا ينصبون أنفسهم وعاظ وداعاه ومحرضين ومرشدين ومبشرين، وحتى الإدعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة والقول بأن فلان مسلم أو كافر وغير ذلك، وتجد أن هناك العديد من القنوات الفضائية، تتلقف مثل هؤلاء الدعاة والوعاظ لخدمة أهداف معينة،وتغدق الأموال عليهم، وفتاويهم لا تخرج عن إطار "التهابيل والشعوذه "، ناهيك عن أن العديد من هؤلاء يفتي ويشرع ،يحلل ويحرم في إطار الموالاة والمحاباة لهذا الزعيم أو هذا القائد، دعماً لهذه الفئة أو الجماعة، ضد فئة أو جماعة أخرى، وهناك من يصدر فتواه طعماً في مركز وجاه ومال، وفي ظل مجتمعات، تنتشر فيها الغيبية والسلفية والجبرية والقدرية، وتتعمق قيها الأزمات الاجتماعية، وينتشر فيها التخلف على نطاق واسع "كانتشار النار في الهشيم"، ويمنع ويعطل فيها الاجتهاد، أو قول ما لا يتفق ووجهة نظر المراجع الدينية الرسمية، والتي هي أضحت جزء من بنية وتركيبة النظام القائم، وفي الكثير من الأحيان، تنتشر مثل هذه الفتاوى" فتاوى الشعوذة "والتهابيل والتساطيل" في مراحل الهزيمة والانكسار والتراجع، كما تترافق تلك الفتاوى مع فتاوى التكفير والتخوين في مراحل الحروب والخلافات والنزاعات والصراعات، أما فتاوى الجوع والنهم الجنسي والحديث الدائم والمبتذل عن مفاتن النساء، وبلغة تخرج عن كل ما له علاقة بالأخلاق والحياء والدين ومنظومة القيم والقوانين المعمول بها في المجتمع ،فهي تنتشر في المجتمعات التي تعاني من أزمات اجتماعية عميقة، حيث يتنشر الكبت والحرمان والجوع الجنسي والجبرية والسلفية وغيرها، وان بدا على السطح وفي الظاهر أن طبيعة المجتمع إسلامية، وفي هذا السياق، فقد أشارت الكثير من التقارير الدولية، حول البغاء والدعارة وتجارة الذهب الأبيض، أن دولة إسلامية كالمغرب هي ثاني دولة على مستوى العالم في هذا المجال، والإمارات العربية في المرتبة السادسة، وما دفعني لكتابة هذه المقالة ،أن أحد الدعاة السعوديين ،المدعو عمر السويلم ، وفي إحدى دروس الوعظ التي يقدمها ،عن الحور العين في الجنة، والتي حسب ما يقول القرآن الكريم ،أنها إحدى المكافآت التي تقدم للمؤمنين في الجنة جزاء صبرهم واحتسابهم وكبحهم لشهواتهم الجنسية العارمة في الدنيا، فهذا الشيخ يصف هؤلاء الحور بلغة جنسية صادمة، وكأنه يتحدث عن فيلم أو عرض إباحي حيث يقول في وصف جمال الحوريات"فخوذ....نهود ... سيقان" وبعد ذلك يتحدث عن شعرها عندما يأتي على جسدها وأنها لا تحتاج الى كريمات ومرطبات، وما أن يدخل عليهن الرجل ،حتى يبدأن بالتفاقز فوقه، وينمن معه بعد ذلك بالدور!، ومن ثم يستمر بالحديث بالقول"عشر نساء من الحور العين يجئن إليك مسرعات ويلقين بك على ظهرك ... وتضع إحداهن فمها بفمك....والأخرى خدها بخدك...وأخرى تضع صدرها بصدرك...والباقيات ينتظرن الدور،وتقوم الحورية بتقديم كأس الخمر لك".
إن مثل هذه الفتاوى تكشف بشكل واضح عمق الأزمات الاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات المتخلفة والسلفية، والتي تنتشر فيها الغيبية والسلفية على نطاق واسع، ومجتمعات يتحكم في جزء من مصيرها وقراراتها وقيادتها، مثل هؤلاء "المساطيل والمهابيل" لن تواكب لا التقدم ولا التطور الحضاري، ولا يتوقع لها أن يكون لها مكانة لائقة على الخارطة العالمية لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا العلوم والثقافة ولا القوة العسكرية ..الخ ، مهما امتلكت من ثروات وكدست من أموال، وما دامت فاقدة لقرارها السياسي وتعاني من خصي وعقم دائم عسكرياً، وترهن مصيرها وتطورها وتقدمها لمثل هؤلاء "المساطيل والمهابيل"، ، ولن تكون مبدعة إلا في التهام الطبيخ والمناسف، وكذلك التهام النساء ، فمن فتاوى هذا المسطول، الى فتاوى رئيس قسم الحديث في الأزهر بإرضاع الموظفة لزميلها الموظف ثلاث رضعات، وآخر يفتى بشرب بول النبي للتبرك، والكثيرين يفتون بتشريع البغاء بشكل غير منظم، وبما يترتب عليه من مشاكل اجتماعية وجنسية، من تشريع زواج المتعة والمسيار وزواج الكيف ..الخ،وليت الأمور وقفاً على هذا الجانب، فهناك من هم موجودون في "تورا بورا"في أفغانستان، أصبحوا يوزعون الفتاوى بشكل شهري، فعدا أن أعمالهم جلبت الكثير من الدمار والمصائب للشعوب العربية والإسلامية، بسبب خلطهم بين الإرهاب والمقاومة والنضال المشروع، وبدلاً من أن يوجهوا نضالاهم ضد العدو الحقيقي للأمة العربية والإسلامية،جندتهم ووظفتهم أمريكيا في البداية، بما يخدم حربها وصراعها مع الاتحاد السوفياتي سابقاً، وأطلقت عليهم المحاربين من أجل الحرية، وعندما انتهى دورهم ووظيفتهم، جاء الدور عليهم،واتخذت أمريكيا من حادثة البرجين أيلول /2001 .ذريعة لشن حرب شاملة على كل دول وقوى المقاومة والتحرر،وبسببهم احتلت أفغانستان والعراق، وما يقومون به من أعمال إرهابية حيث القتل بدون تميز في أفغانستان والعراق وفي أكثر من دولة عربية وأوروبية، وجهت ضربة قاصمة لمشروعية نضال الشعوب المقهورة والمحتلة، والشعب الفلسطيني الذي لم يقدموا له شيئاً، أصبح عنوان رسائلهم الشهرية، بالتكفير والتخوين وغيرها، ومن يريد أن يناضل حقاً ويخدم قضايا الأمة في العراق وفلسطين وغيرها، يعرف العناوين جيداً، ونحن في فلسطين والعراق، لا نريد منكم سوى أن تبقوا بعيدين عنا، ولا نرديكم ولا نريد فتاويكم ونصائحكم، فنحن نعرف طريقنا جيداً، وفي سبيل تحررنا وانعتاقنا من الاحتلال، دفعنا وما زلنا ندفع ثمناً باهظاً .
والمسألة ليست قصراً على هؤلاء فهناك، المفتين لطوائفهم وأحزابهم وحكامهم، حيث نرى في العراق، تتبارى المراجع الدينية السنية والشيعية في إصدار فتاوى التكفير والتخوين والتحليل والتحريم، وبما يهدد وحدة الشعب العراقي وتقسيم العراق الى دويلات طائفية وعرقية، وبحيث يصبح الانتماء للطائفة فوق الانتماء للوطن، ومع تنامي الدور الإيراني وتحول إيران الى قوة إقليمية في المنطقة، وما حققه حزب الله من انتصار استراتيجي وتاريخي على إسرائيل في عدوانها في لبنان تموز/2006 ، نشطت الكثير من القيادات الحاكمة في الأنظمة العربية الرسمية العاجزة والفاقدة لقرارها السياسي، لتوجيه وعاظها ورجالات إفتائها،الى إصدار الفتاوى التي تكفر الشيعة وتحذر من خطر سيطرتهم على العالم العربي والإسلامي، وفق ما ترسمه لهم القوى المعادية للأمتين العربية والإسلامية، ناهيك عن الذين يفتون بعدم جواز مخالفة أولي الأمر من الحكام والسلاطين، في إطار وسياق خدمة مصالحهم وأهدافهم، وحتى لو تعارض ذلك مع الشريعة السماوية ومصالح والوطن والأمة.
وفي الختام أقول أن أمة تقتل وتكفر علمائها ومفكريها وكتابها ومثقفيها،من أمثال طه حسين وحسين مروه وفرج فوده ومهدي العامل وصادق جلال العظم وحامد أبو زيد ونوال السعداوي والصادق المهدي وحسن نصر الله وغيرهم، وينشط فيها الكثير من الوعاظ والدعاة والمحرضين ورجال الإفتاء، الذين لا هم لهم سوى الحديث عن عورة ومحاسن المرأة ،والحور العين وفتاوى"التسطيل والهبل" والشعوذة والتكفير والتخوين وقتل المعارضين وسجنهم ونفيهم، وتعطيل الاجتهاد،وتأليه الحكام والسلاطين، لن تلحق بالركب الحضاري أبداً،وهي بحاجة الى ثورة اجتماعية شاملة تطال الكثير من المفاهيم والقيم والتقاليد والعادات التي أكل عليها الدهر وشرب.

القدس- فلسطين

ليست هناك تعليقات: