الثلاثاء، يونيو 30، 2009

الاقباط متحدون.. بالكلمة ننتصر

انطوني ولسن

القضية القبطية هي قضية الحق المسلوب من شعب صاحب ارض وله حضارة وثقافة ضاربة في اعماق التاريخ. ارادوا له الذمية اسلوب حياة. بمعنى ان الغازي اراد ان يعطي هذا الشعب الاصيل صفة الأقل والدونية عن الغازي. وكان حظ الغازي (في رجليه) كما يقول المثل. فقد انهارت او اوشكت على الانهيار في ذلك الوقت كل الامبراطوريات الموجودة في تلك الحقبة من التاريخ وهي منتصف القرن السابع الميلادي. وكانت مصر في ذلك الزمان قد انهكتها المواجهة مع المستعمر الروماني. فكانت متعطشة الى هدنة روحية وجسدية حتى يستطيع الشعب القبطي ان يقف على قدميه ويواصل مواجهة الحياة.
لكن لحظه العاثر وحظ بقية الشعوب التي كانت تخضع لتلك الامبراطوريات المنهارة.. ان ظهرة قوة جديدة اتخذت من فكر عقيدة دين جديد شعارا منحها الحماس الدافع للغزو والاحتلال والاذلال..
لا يوجد في التاريخ قديمه وحديثه ومعاصره شيء يسمى احتلالا متسامحا. لأنه ان كان كذلك فلن يستطيع الغلبة والهيمنة وما كان حال البلاد آل الى ما هي عليه الآن.. وخاصة ان الغازيين يباهي بهم رسولهم الأمم.. وانهم خير امة.. وان ما يحملونه من فكر ديني (إن الدين عند الله الاسلام) يجعلهم يقاتلون لنشر هذا الفكر. وقد زاد هذا التعالي والتكبر على الغير ان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان واضحا في اوامره التي اصدرها الى قائده عند فتح دمشق بما عرف بالشروط العُمرية المبنية على الدخول في الإسلام اي اعتناق الإسلام دينا او دفع الجزية وانتم صاغرون او القتال حتى الموت.
اذن الأفضل ان لا يكرر المسلمون انه كان فتحا لا غزوا وانه كان متسامحا بدليل تعاليم دينهم تؤكد ذلك.. لكم دينكم ولي ديني.. انك لا تهدى من احببت لكن الله يهدى من يشاء.. والكثير من الاقوال لا الافعال.
وقد استمر هذا الحال حتى يومنا هذا وسيستمر الى ما يشاء الله ويحدث التغير في المفهوم الديني عند المسلمين والذي يمكنهم من التعايش مع التطورات المتسارعة في جميع مجالات الحياة.. حتى لا يجدون انفسهم منعزلين ومحاطين بسياج من صنعهم لا تصلح لقبول الغير لهم او لانتشار دينهم.
هذه حقائق تتعايشها الاقليات في اي بلد عربي اسلامي او بلد غير عربي ولكنه إسلامي.
قبل العالم الاسلام والمسلمين وحصلوا على حقوق لا يحصلون عليها في اوطانهم. لكن مع الأسف كثيرون منهم لا يقتنعون بما حصلوا عليه.. ويريدون تغير المجتمعات التي يعيشون معها الى ما يتناسب مع عقائدهم.. ويخططون الى الوصول للحكم في جميع مراكز الحكم المبني عليها نظام البلاد التي يعيشون بها.
ولا مانع لدى شعوب العالم وحكوماتهم من ان يصلوا الى الحكم او السلطة..وانما بالمفهوم الوطني الليبرالي المبني على القانون لا على الدين.. اي دين.
واعتقد ان هذا مفهوم لدى من يعملون ويخططون للتغير.. ويستخدمون لذلك سياسة النفس الطويل وكثرة الانجاب للوصول الى اهدافهم عن طريق الغلبة بعدد الأصوات.. مع تميز انفسهم عن غيرهم بطرق عدة يعرفها الجميع.
لكن لا اظن ان من يصل منهم للحكم ويذوق طعم الحرية والمساواة سيسير في طريقهم ويلبي رغباتهم، لأن الحرية التي حصلت عليها شعوب هذه الدول.. من الصعب التخلي عنها نظير مال او اي عقيدة اخرى.. وإن كانت نفس هذه الحرية التي كانت سببا للنهوض والخروج من ظلمة التخلف والرجعية والسيطرة والتحكم من رجال الدين الذين كانوا يحركون شعوبهم بحسب اهوائهم وطموحاتهم واهدافهم والتي كانت دائما بعيدة كل البعد عن تعاليم الكتاب المقدس. اقول ان نفس هذه الحرية تكون مرة اخرى سبب انهيار هذه الدول لانها تحولت الى حرية غير ملتزمة.. ومثل هذه الحرية الغير ملتزمة تؤدي الى فوضى وتفكك في الاسرة وبالتالي في المجتمع مع الأسف الشديد. ويعرف المسلمون هذا جيدا.
ومع ذلك فبوادر حرب عالمية بدأ سحابها يظهر في الأفق.. وعل الرغم من ان الحروب عامة هي دمار وخراب وزيادة في التفكك الاجتماعي وانهيار اقتصادي يصحبه انهيار اخلاقي. ولكن ربّ ضارة نافعة.
كل هذا الكلام ليس ببعيد عن القضية القبطية التي هي محور حياتنا نحن اقباط مصر سواء كنا خارج مصر او داخلها.
لقد أجلنا الاهتمام بها لعقود وعهود كثيرة.. لا لضعف منا ولكن من اجل مصر.. والآن وايضا من أجل مصر لا بد وان نُقيَم ما قمنا به كل حسب الوزنة التي وهبها الله له للعمل من اجل استعادة الحق المسلوب لكل مصري يؤمن ايمانا يصل الى حد العبادة بان له حق مسلوب.
ومن اطلاعاتي المتعددة على المواقع الالكترونية التي تهتم بشرح وعرض ما يتعرض له كل مصري مسلوب حقه عامة والاقباط خاصة.. استهواني تحديدا اسم موقع الاقباط متحدون وشعاره موقع لكل المصريين.. وموقع الهيئة القبطية الكندية استهواني شعاره.. بالكلمة ننتصر.. ولا شك انني لا اعني بخس اي مجهود من اي موقع آخر او الهيئات القبطية، لكن كما قلت اسم الموقع الاول استهواني وشد انتباهي وخاصة انه يضيف الى شعاره موقع لكل المصريين شعارا آخر يؤمن به كل مصري محب لمصر ويردد ما قاله قداسة البابا شنوده الثالث.. ان مصر ليست وطنا نعيش فيه.. بل وطن يعيش فينا.
اما موقع الهيئة القبطية الكندية الشعار الذي اتخذه.. بالكلمة ننتصر.. لا شك عندي ان من اختار الشعار يعي تماما معنى الكلمة.. على العموم ساتكلم عنهما في سياق ما أنا بصدده الآن.
لا شك اننا قطعنا شوطا ما في عرض ابعاد القضية القبطية.. وقد نشطت هيئات قبطية كثيرة ولها بصمات ايجابية وفعالة ومؤثرة في طرح القضية القبطية على الأوساط الحقوقية والخاصة بحقوق الانسان على مستوى العالم.
ولا يمكن لإنسان ان يغفل تأثير ما يكتبه كل حامل قلم إن كان او كانت من المحترفين او الكتابة عندهم هواية، إن كان ذلك في مصر او خارج مصر، وايضا من كتب ويكتب عن ما يعانيه المصريون من غير الاقباط.. اي من اخوة واخوات لنا في الوطن مصر.
كل هذا يحتم علينا جميعا في اعادة النظر فيما تم عمله وما وصلنا اليه.. وفي ما يجب علينا عمله لتصعيد مطالبنا وحقوقنا ولا نعتمد لا على الكوته ولا على الكوسه المنتشرة والتي هي سمة الحياة في مصر.
الهيئات القبطية كتنظيمات قبطية تعمل على عرض القضية القبطية، هل نجحت في استقطاب غير الاقباط من جنسيات اخرى غير مصرية؟.. وهل استقطبت اجيال اخرى من اولادنا وبناتنا الذين هاجروا صغارا او ولدوا في بلاد خارج مصر؟. وهل قامت هذه الهيئات بعقد ندوات بلغات الدول التي يعيشون فيها ايضا للتعريف بما يعانيه الاقباط من اضطهادات في مصر؟
ليست عندي اجابات.. ولكن دون شك مهما كانت الايجابيات فقد حان الوقت لمضاعفة الجهود.
في الأسبوع الماضي كان الحديث عن ضرورة وجود قيادة.. وقد اقترحت في مقالي الاسبوع الماضي ان القيادة يجب ان تكون في مصر وبينت الاسباب.. واليوم اعتقد انه قد حان الوقت للحديث عن تكوين هيئة تنظيمية مقرها ايضا في مصر.. واعرف ان الحكومة لن توافق على تكوين اي هيئة تنظيمية للمسيحيين وخاصة اذا كانت اهدافها المطالبة بحقوق من حرم من حقوقه المشروعة. وهذا شيء معروف ومفهوم ومتوقع.. لاننا نعرف ان الحكومة لا تعترف بتنظيم جماعة الاخوان المسلمين والتي يطلقون عليها المحظورة. وهذه الجماعة المحظورة اصبحت تهيمن على جميع مناحي الحياة في المحروسة بما فيها الحكومة والبرلمان والشارع المصري الذي اصبح «خاتم في اصبعها»
اعرف مقدما انها جماعة اسلامية ومصر دولة اسلامية، ولكن سبب الحظر خوف الحكام على كراسيهم لان اهدافهم ليست المطالبة بحقوق من حرم من حقوقه لانهم لا يؤمنون بما يسمى حقوق الانسان لانها كلها بدع الكفار.. وانما هدفهم الحكم ليس فقط حكم مصر.. بل كل الدول العربية اولا واعادة الخلافة الاسلامية ثم بقية العالم الذي اصبح لهم خلايا حية نشطة في كل مدينة في كل بلد متواجدون فيه، وكما قال مرشدهم «طوز في مصر».
يعني انت عايز يكون للمسيحيين في مصر هيئة تعمل على المطالبة بحقوق من حرم من حقوقه!!.. اكيد انت في غير وعيك.
الحقيقة انه لازم يكون فيه طريقة لإسماع الحكومة والشعب في مصر انه يوجد مصريون لا يتمتعون بكامل حرياتهم ومضطهدون سواء بسبب ديانتهم او جنسيتهم (المسيحيون والبهائيون والندبيون والشيعة) وغيرهم..
انت بتثبت انك فعلا لا تعيش في مصر.. الاخوان استطاعوا ان يصلوا داخل عصب ونخاع الشعب المصري سواء في غفلة من الحكومة او بموافقتها على اساس انها جماعة محظورة وايضا الحكومة صاحبة اليد العليا باحتفاظها بقانون الطوارئ.. وان الحكومة تحكم مصر حكما حديديا كمارأينا ان الأمن ليس للحفاظ على أمن الشعب بقدر اهتمامه الحفاظ على سلامة الحكم والحكام... ولا تنسى ان غير المسلمين في مصر الذين منهم المسيحيون ليست لديهم من الامكانيات ما يساعدهم على تحقيق ما تفكر فيه.. يا اخي انهم غير فاعلين او متفاعلين لا تراهم ينضمون الى الاحزاب السياسية او النوادي الرياضية او العمل الفني.. فكيف تعتقد انهم يستطيعون تكوين هيئة تنظيمية للمسيحيين اهدافها المطالبة بحقوق من حُرم من حقوقه.. ومن الصعب انك تحقق ما طالبت به في المقال السابق من ضرورة وجود القيادة في مصر.. جاى دلوقتي وتطالب بوجود هيئة تنظيمية!!.
دار هذا الحوار بيني وبين نفسي الآمارة بالسوء.. وقد اقنعتني نفسي هذه بأن خيالي يشطح باحلام لم يحن الوقت بعد لتحقيقها وربما لن تتحقق ابدا.. لاننا اذا كنا في المهاجر متفرقين ولا نشاطات لنا في بلاد الحرية.. فكيف يكون الوضع في مصر؟!!
جميل انك تاخد وتدى مع نفسك.. والأجمل منه انك تشارك الناس معاك في ما تكتب.. يا ترى إيه رأيهم؟!.
اعود مرة اخرى الى الموقعين اللذين شدا انتباهي واوحيا الي بفكرة الهيئة التنظيمية.
اولا: موقع الاقباط متحدون وشعاره موقع لكل المصريين..
اختيار هذا الأسم اختيار موفق جدا لأنه جامع شامل.. الاقباط هم المسيحيون.. وايضا هم المصريون بكل تعدداتهم الدينية وانتماءاتهم العقائدية والسياسية.. وبشعاره موقع لكل المصريين يؤكد به صدق ما ينادي به ويأمل ان يشارك في الموقع مصريين مسلمين ومسيحيين. وقد نجح الموقع في ذلك ونقرأ على صفحاته اراء وافكار ومقالات متعددة وكلها تصب في وحدة الوطن، الحرص على مصر التي ليست وطنا نعيش فيه.. بل وطن يعيش فينا.. فلماذا لا يكون لنا هيئة تنظيمية عالمية تحمل هذا الاسم الجامع الشامل هيئة الاقباط متحدون لكل المصريين.. أو اي اسم يتم الاتفاق عليه يتفق مع شمولية اسم الموقع.
ثانيا: ما استهواني في موقع الهيئة القبطية الكندية كما اشرت ان شعارهم الذي اتخذوه «بالكلمة ننتصر» فله معاني ايمانية قوية جدا ويتفق مع كل من يؤمن بقوة الكلمة الذي جاء تفسيره واضحا في انجيل يوحنا الاصحاح الأول العدد الاول والعدد الرابع عشر.
العدد الاول: في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.
العدد الرابع عشر: والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما هو لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا.
وهكذا نرى قوى وعظمة اختيار هذا القول كشعار لهيئة قبطية لها نشاطات عالمية في كل ما له صلة بحقوق من حرم من حقوقه من الاقباط الذين هم مصريون عامة وعند الخصوصية هم مسيحيون.. وهذه هي حقيقة الأمر في مصر التي هي لكل المصريين والذين سينتصرون بالكلمة.. باعتمادهم على الله الذي صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما هو لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا..
فهل نحن فعلا وحقا نحب مصر؟!! أم اننا سننشغل بمن يكون القائد؟!!.. ومن سيكون رئيس الهيئة؟!! ومن .. ومن.. والف مليون من كما علمتنا سلوكيات مجتمعاتنا التي تكثر من الكلام.. ولا تفعل إلا ما تؤتمر به إما من جهات مدنية حكومية او من جهات دينية.. لاننا اتكاليون..

أنـا اؤيــد التطبيــع

إحسان سالم
نعم أنا اؤيد التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني ،اؤيد نهج منظمات الأنجزة التي أخذت تستميت وترفع مخالبها علناً وتكشف عن وجهها غير عابئة بأية قوى وطنية أو إسلامية .
لماذا لا اؤيد التطبيع وأُشهر إنحيازي الكامل لمبدأ الصداقة بين الشعبين الفلسطيني العربي واليهودي الإسرائيلي ما دام الإحتلال قد جلى عن جميع الأراضي المحتلة ،وها هو يخوض معارك شرسة مع المستوطنين الذين يحاولون منعه من تفكيك جميع المستوطنات ،وهو قد أثبت مصداقيته عبر هدمه لجدار الضم العنصري هدماً كاملاً ،وها هي جموع أبناء شعبنا المشرد منذ عام 1948 تحزم حقائبها وأمتعتها الصغيرة وترجع إلى مدنها وقراها التي شردت منها وسط ترحاب كبير من اليهود الذين جُلبوا من أصقاع الأرض والذين أعلنوا أسفهم الشديد على تلك المعاناة التي رزح تحتها هؤلاء العائدون ،وها هي الحواجز الستمئة قد أزيلت بالكامل ،وها هو الكيان الصهيوني قد أعاد القدس بكاملها لشعبنا وأعلن عن تمسكه بعروبة القدس.
لماذا لا اؤيد التطبيع مع هذا الكيان الذي سمح لنا بحق تقرير المصير وأعاد لنا حقوقنا في مياهنا ومعابرنا وسمائنا وباطن أرضنا بل ولماذا أعترض على إقامة الفنانين الصهاينة الحفلات في القصر الثقافي اليوم وغداً في كل مراكز الفنون والثقافة في فلسطين ما داموا قد حملوا جوازات سفر فلسطينية وأسفوا لموت بعض المدنيين الذين غررت بهم المقاومة الآثمة.
هؤلاء القتلى والجرحى الذين أزالت منظمات الأنجزة وجحافل المطبعين الغشاوة عن أبصارهم عبر طرحها أنهم ضحايا العدوان الفلسطيني على دولة الديمقراطية والعدالة وعلى أطفال سديروت وغيرها .
أنا أُعلن أسفي علناً على الضحايا الإسرائليين الذين تسببت المقاومة الإرهابية بفقدانهم الحياة بالوقت الذي تمد فيه إسرائيل يدها النظيفة نحونا للسلام الإقتصادي والإنساني العادل ونحن نرفض ملاقاة هذه اليد تحت شعارات ديماغوغية وهرطقة المقاومة وغيرها من المقولات التي لا تتناسب مع العصر والتي أهلكت وأتعبت شعبنا طوال هذه السنوات الماضية ،والذي أضاع الفرص العديدة التي فُتحت أمامه في كامب ديفيد وفي اوسلو وفي واي رفر وفي شرم الشيخ وفي أورشليم وها هي أمريكا أوباما صديق العرب المخلص يرسمون لنا معالم الطريق الصحيحة لكامب ديفيد آخر حيث سيلتئم شمل قادة اسرائيل وقادة دولة فلسطين العظمى التي لا يستطيع أي عدو إختراق أمنها وأرضها وسمائها وحدودها المصانة بجيوش الجنرال الأمريكي العظيم ،حيث يقام إحتفال كبير يملأ شاشات العالم ويعتذر كل فريق عما فعله بالفريق الآخر وحيث يُعجب الأمير الأمريكي بذكاء الغلام الفلسطيني ويخلع عليه خلعة خارطة الطريق الجديدة "وفي رواية أخرى يقال سيخلعه " .
لماذا لا اؤيد التطبيع وتغيير الثقافة الوطنية والقومية التي أصبحت لا تتماشى مع المستوى الرفيع الذي بلغناه في نقدنا وجلدنا لأنفسنا على السنوات الطويلة التي أضعناها ونحن نركض وراء سراب النضال والمقاومة والمقولات الجامدة الفارغة التي سببت لنا الإحتلال والعدوان والتشريد والقهر ،وأنه بموقف واحد يمكننا تغيير هذه العناوين إلى الحياة الرغدة المديدة حيث ننعم برضى أمريكا والغرب بكامله وننعم بخيراتهم وتظل الرواتب تتدفق علينا كل شهر مقابل كلمة أسف واعتذار بسيطة عما سببناه بغبائنا المفرط للشعب اليهودي طوال هذه السنوات .
لماذا لا اؤيد التطبيع وقد كان بالإمكان تجاوز محطات ما يسمى كذباً بالصمود في جنوب لبنان وحرب تموز ومذبحة غزة وعدم الإفراط بتسمية ما يستضيفهم الإحتلال بأسرى الحرية فهم يأكلون ويشربون على حسابهم وسلطتنا أدام الله بعمرها تدفع وستظل تدفع .
لماذا يهاجم البعض جحافل الأنجزة وهي من ينير لنا الطريق ،وها هي اليوم تحاول صياغة يسار جديد خالي من الشوائب والأمراض النضالية العفنة بعدما أصبحت هذه المقولات أمراً من العبث والجنون ،سيما ونحن ننعم بقيادة حكيمة واقعية تجاوزت نسبة الحسم وحصلت على شهادات حسن السلوك ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية التي لم تتعب يوماً واحداً من قيادة نضال شعبنا وما زالت تقف حاملة راية خارطة الطريق تنير دروب المستقبل والتي استفاقت في الماضي القريب ووجدت أن هناك بنوداً يمتلىء بها ميثاقها لا تليق بالهدف النبيل وهو إقامة الدولة فحثت الخطى إلى غزة وقامت بحذفها والغائها جملة واحدة بمباركة الصديق الصدوق كلينتون وامرأته حمالة الحطب ،وسط مباركة كاسحة ممن حضر من المناضلين الشرفاء ذوي الماضي التليد .
وبذلك أعادت إلى مسيرتنا الظافرة بهائها واستقامتها وصححت مسارها المنحرف نحو الطريق القويم نحو خارطة الطريق العظيمة التي دفع شعبنا دماءاً غزيرة ثمناً لها والتي تكاد تعيد لنا كامل حقوقنا ،ومنذ ذلك اليوم والجوائز تنهال عليها ووضعت تحت تصرفها سجادة حمراء كدفعة أولى نحو الدولة العتيدة ،التي ينتصب إعلان استقلالها بالقرب من منارة رام الله.
كل هذا حصل والبعض يعتبر هذه الإنتصارات العظيمة مجرد استسلام وخنوع ،صحيح أننا شعب ناكر للجميل !!!!!!!! .

الأراضي المحتلة- فلسطين

المشهد الايراني والاعلام العربي؟

د. عدنان بكرية

يبدو ان النظام الرسمي العربي "قلع شرش الحياء"تماما بانضمامه لجوقة التطبيل والتزمير التي تقودها اسرائيل تحت بدعة حماية الديموقراطية وحرية التعبير في ايران !
هذا الموقف يدل على السخافة والسذاجة التي تغلف النظام العربي واعلامه الرسمي.. سخافته لأنه يظن ان المظاهرات في ايران ستؤدي الى انهيار النظام هناك وسذاجته لأنه يدعي انتصاره للحريات وحقوق الإنسان في ايران .. يا للعجب !
يجب على الاعلام العربي وقبل ان ينتشي مما يحصل في ايران ان ينظر الى الحريات المغتصبة في الدول العربية والى الكبت السياسي والفكري والى الاضطهاد الحاصل ...فايران أعطت نموذجا مشرفا في الديمقراطية لم تصله أي دولة عربية حتى الآن وأعطت نموذجا مشرفا في الاعتراض الشعبي على مسار الديمقراطية هناك ... وقبل ان يستنفر الاعلام العربي لينتقد النظام الايراني ويطعن في نزاهة الانتخابات عليه أن ينظر الى الدول العربية التي تتوارث النظام ودون انتخابات وعليه ان يراجع التاريخ وقمع مظاهرات الجوع والخبز بالنار والرصاص!
ما يحصل في إيران يبقى شأنا داخليا ايرانيا .. لنا الحق أن نبدي رأينا فيه .. فالعالم اجمع على أن الانتخابات هناك كنت نزيهة والفارق بين المرشحين كان بارزا وملموسا ليس بفارق أصوات بل مئات ألاف الأصوات !وما نستغربه فعلا المظاهرات التي عمت الشارع الايراني احتجاجا على النتيجة !وما نستغربه أكثر تناغم موقف الاعلام العربي الرسمي مع موقف الولايات المتحدة واسرائيل !
امريكا تقول بان عاطفتها تقطر على ضحايا الشعب الايراني ! يا للعجب .. ولماذا لا تقطر عاطفتها على أبناء غزة المجَوعين من قبل العالم ؟!ولماذا لم تقطر عاطفتها على الاستبداد والقهر التي تمارسه الأنظمة الحليفة لها ولماذا لا تقطر عاطفتها على ضحايا النظام الرسمي العربي ؟!
ما يقلقنا في المشهد الايراني محاولة تدويل الأزمة الانتخابية هناك .. وهذا التدويل لن يكن في صالح الشعب الايراني بتاتا بل سيخدم مصالح الولايات المتحدة واسرائيل واللتان تجهدان في سبيل إسقاط النظام الايراني واستبداله بنظام يتماثل مع سياستها .
امريكا أرادت للمشهد الايراني الحالي أن يكون تكرارا لمشهد الثمانينات عندما انتصرت الثورة هناك بقيادة "الخميني" وأطيح "بمحمد رضا بهلوي" شاه ايران .. تريد لهذا المشهد ان يتكرر بنتائج عكسية لكنها نسيت ان الواقع الايراني تبدل وتغير وان الثورة الخمينية وجدت لتبقى وهي التي غيرت وجه آسيا والعالم .
مهما تكن دوافع المظاهرات في ايران إلا أن توقيتها لا يخدم المصالح الإستراتيجية الإيرانية ولا يخدم الأمن القومي الايراني بل يعزز الدور الامريكي الاسرائيلي وخططه لضرب ايران .
ومهما تكن دوافع النظام الرسمي العربي في تأييد التظاهرات هناك إلا ان هذا الموقف يتناغم وينسجم مع الموقف الاسرائيلي العدائي ويعززه.
كما يبدو فان الأنظمة العربية "قلعت شرش الحياء"تماما بانضمامها لجوقة التحريض الاسرائيلية تحت بدعة حقوق الانسان وحرية التعبير
وأين انتم من حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية ؟

تحيّة إلى مجلة ليلى اللبنانية

هلا مقصود
قد لا يهنأ للكثيرين ان يكون هناك صوت لبناني غير منحاز.

والاخطر من ذلك ان يكون هناك من لا يريدكم ان تكونوا لبنانيين فقط ...
اما ان تكونوا لبنانيين بالازرق أو الاحمر او الاخضر او البرتقالي .

لذا ستبقى مجلة ليلي عرضة لهجمات الحمقى الذين يعتقدون ان هذه الطريقة سوف تخرس صوت الحق والحيادية.

تحية إلى مجلة ليلى اللبنانية اللبنانية اللبنانية

الاثنين، يونيو 29، 2009

لماذا حذفنا التعليقات؟

لقد ظن بعض القراء أننا منعنا التعليقات وقت الانتخابات اللبنانية وأعدناها اليوم، ولهؤلاء الأعزاء نقول:
إننا لم نمنع التعليقات بسبب الانتخابات اللبنانية، ولا بسبب التعليقات الجارحة التي بإمكاننا أن نحذفها ساعة نشاء، ولكننا منعناها بسبب الفيروس الذي أرسل لنا من خلال التعليقات، رغم وجود (كود) لإرسال التعليق. وهذا ما حيّرنا فعلاً.
والغريب في ذلك الفيروس أنك إذا حذفته تكاثر بشكل مخيف على جميع الصفحات.. ومن خلال بريد المجلة الالكتروني، ويلزمنا الايام من أجل التخلص منه.
وهذه ليست المرة الأولى التي نضرب بمثل هذا الفيروس فلقد حصل ذلك عدة مرات في السابق قبل أن نضع (الكود).. أما أن يصيبنا و(الكود) موجود فهذا ما حيّرنا وأجبرنا على حجب التعليقات كي نتخلص منه.. وهذا ما حصل بالفعل.. والله يشهد على ذلك.
شربل بعيني

تكويعات النائب جنبلاط المقلقة

الياس بجاني

النائب وليد جنبلاط في 28/6/2008 طبقاً الوكالة الوطنية للإعلام: (أصبحنا اليوم في التزمت والتقوقع وشعارات الكيانية الضيقة. لبنان اولا؟ لا معنى للبنان دون عروبة. لا معنى للبنان دون فلسطين. لا معنى للبنان دون الوحدة العربية الكبرى. مع الأسف عدنا إلى الأحياء، إلى التعصب، إلى المذهبية. سنرى كيف سنستمر ونعلم الأجيال المقبلة، إننا لم نتعلم على أن لبنان اولا. تعلمنا على العروبة، الأفق الواسع الكبير، ولبنان جزء من هذا الأفق الواسع الكبير)

لا يمكن ترك كلام النائب وليد جنبلاط المستغرب والشاذ والعدائي والمستفز هذا أن يمر مرور الكرام واعتباره مجرد زلة لسان على قاعدة أن كلام الليل يمحوه النهار، كما نعتقد صادقين بأن الوفاء لشهداء ثورة الأرز الأحياء والأموات منهم على حد سواء، وفي مقدمهم النائب مروان حماده، يستوجب صدور توضيح شافي وكافي عن السيد جنبلاط نفسه، ومن الحزب الذي يرأسه، وأيضاً من كتلته النيابية المكونة من نواب ينتمون إلى مذاهب متعددة.

هذا ونتمنى من القلب أن يكون الجنوح والشرود الجنبلاطي هو آني وعابر ومزاجي ولفظي فقط، وليس عنواناً لتوجه سياسي ووطني جديد ينوي البيك السير في ركابه بعد احتضانه عودة الرئيس بري المستنكرة إلى رئاسة مجلس النواب، وانفتاحه اللامشروط على حزب الله، واجتماعه المطول مع أمينه العام، ونعته القرار الدولي 1559 "باللعنة"، وقوله إن "لعبة ومصالح الأمم" كانا وراء إصداره.

في حال أن كلام جنبلاط "العروبي" الجديد القديم لم يأتِ في سياق "النتعة" أو المزاجية، وفي حال غابت النوايا الطيبة والتبريرية للمراقب، فعندها لا بد من ربط هذا الكلام الشارد بمسار جديد تأتي في سياقه "التكويعي" الرسالة "العكاظية" التي وجهها جنبلاط قبل أيام إلى عرب الـ 48 في إسرائيل، وقوله انه يتفهم موقف "حزب الله" الذي يملك هواجس معروفة ويجب مراعاتها في البيان الوزاري، مثلما يجب مراعاة هواجس الآخرين، ومطالبته في نفس التاريخ الحكومة اللبنانية، "التنازل عن احتلال المقعد العربي في مجلس الأمن في العام 2010، لأن لبنان يكون أمام مهمة مستحيلة وأمام فخ كبير". (نهارنت 27 حزيران/09)

الغيارى على كيان ورسالة ومستقبل وطن الأرز من كل التلاوين الإثنية والحضارية التي يتكون منها المجتمع اللبناني، والضنينين في نفس الوقت على كينونة ولبنانية ودور ومصير وحرية الشريحة اللبنانية الكريمة التي يمثلها جنبلاط في وطن التعايش، لا يحق لهم في هذا الظرف العصيب أن يتغاضوا عن "نتعة" البيك التي قد تكون جاءت في ساعة غضب أو تجلي أو إيحائي لا فرق، لأن محتواها خطير جداً وهو يتناقض مع كل ثوابت ومرتكزات ونضال وتضحيات وتوجهات ثورة الأرز التي تحمل 14 آذار لوائها، وجنبلاط هو من أهم أركانها، وكان له الفضل الكبير في ثباتها، وفي رص صفوف قادتها، وفي تحقيق العديد من أهدافها.

السيد جنبلاط ويالتأكيد الجازم يعلم أن أية تطمينات ووعود وعهود يعطيها له حزب الله هي آنية وغير ملزمة لا عملانياً ولا عقائدياً لقادته المحليين، ولا لمرجعيتيه الإيرانية والسورية، وهي وتأتي على خلفية تفسير "ولاية الفقيه" المذهبية لهذا الحزب لمفهوم، " دار الحرب ودار السلم". كما أننا لا نعتقد أن جنبلاط قد نسي "غزوة مجاهدي" حزب الله للجبل السنة الماضية والمخطط الذي كان يقضي باحتلال قصر المختارة وتولي وئام وهاب إذاعة البيان "التحريري والمقاوماتي" رقم واحد منه.

المطلوب من السيد جنبلاط أن يقرأ جيداً في ما جرى من أحداث إجرامية مؤلمة أول من أمس في منطقة عائشة بكار حيث نفذت ميليشيا حركة أمل التي يرأسها الرئيس بري "غزوة" تحذيرية مصغرة، كانت عبارة عن رسالة نارية وجاهلية للرئيس المكلف، سعد الحريري من سوريا وإيران.

إن إعادة بري لرئاسة مجلس النواب خلافاً لكل وعود وعهود وثوابت وتفاهمات أركان 14 آذار، والتي كان الفضل الأول فيها "لتكويعة" جنبلاط، لم تثني "الإستيذ" بري عن إرسال "زعرانه" الملثمين إلى منطقة عائشة بكار للانتشار الهمجي في شوارعها وترويع سكانها وإرهابهم والاعتداء عليهم وقتل السيدة زينة ميري (30 سنة ولديها 5 أولاد)

تحت عنوان، "لبنان أولاً وأولاً وأولاً يا وليد بك"، كتب سلمان العنداري على موقع ذ4 آذار أمس يقول: "الكلام الأخير لزعيم التقدمي، واحد أهم أقطاب 14 آذار وانتفاضة الاستقلال، مرفوض كلياً من جماهير وشعب ثورة الأرز، فلبنان بلد عربي الهوية والانتماء وهذا أمر واضح من خلال التضحيات الكبيرة التي يقدمها هذا البلد في سبيل العروبة وخدمة هذه القضية، إلا أن لبنان لا يمكن أن "يهب" حياته ومستقبله ويرهن كل قدراته من اجل انتصار هذه القضية المتأرجحة والضائعة والمنفصمة في شعاراتها وافرقائها وفرقائها، ولهذا لا يمكن تقديم العروبة على شعار "لبنان اولاً" لأننا مللنا من أن نكون مجرد أحجار دومينو تتحرك على الرمال المتحركة الإقليمية والعربية، ونعتقد أن الوقت قد حان لتأكيد هذا الخيار وتثبيته في الثقافة الوطنية".

وتحت عنوان "وليد جنبلاط و"دَبْش العروبة" كتبت أمس ميرفت سيوفي في جريدة الشرق تقول: إما أنّ وليد بك جنبلاط "كبَّـر الحجر" وإمّا أن الرجل "حجرو طاش"، لم يستطع اللبنانيون عموماً وتحديداً جمهور 14 آذار الذي تظل يده على قلبه من "قلبات" وليد بك فهمه، فالرجل يقلب في السياسة أكثر مما قلبت بيروت بالزلازل!! ولا نعرف إن كان تكريم موظف متقاعد من أبناء الطائفة الكريمة، التي تدلّ كلّ الأحاديث المسرّبة لوليد بك أن شعاره "الطائفة أولاً" فيما هو يتهم الآخرين بالـ "كيانية" و "الأحيائية" و"التعصّب" والأفق الضيق، لأنهم وضعوا وطنهم أولاً!! نعم، لبنان أولاً وأخيراً، أما العروبة التي استيقظ عليها فجأة وليد بك، كأنه كان "آخد سهوة" عن ذكرها، وفلسطين، و"الوحدة العربية الكبرى" ـ شو قديمة هالخبريّة ـ فلا نقول لك إلا "أنظر حولك" لترى أن ما قلته ليس أكثر من شعارات "بعثية" أكل الدهر عليها وشرب!! للحظة وأنا أستمع إليك، ظننتُ أن وئام وهاب "يفقعنا" واحدة من خطبه العصماء "الخرندعية"!! هل يستحق اللبنانيون منك هذا الرشق بـ"دبشٍ" استقربت وتناولته من مقالع العروبة المُبادة والتي لم يبقَ منها إلا "رَسْمٌ دَرَس" وأشباح أنظمة قمعيّة تزايد بها على دماء الشعوب وتفكّر في نفس الوقت كيف "بدها تدبّر راسها"!!).

من المسف جداً أن البيك قد "جرب المُجرب" مع "الإستيذ"، وهذا منحى إن استمر لن يساعد البتة في استعادة الاستقلال وصيانة الكيان وتغليب مفهوم الدولة على هرطقة الدويلة.

**اضغط هنا لقراء مقالتي سلمان العنداري وميرفت سيوفي http://www.10452lccc.com/arabic09/walid.tw029.6.09.htm

الفكر العربي : الهروب للآخر والابتعاد عن الذات

مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
wonpalestine@yahoo.com
خاض العرب في فترة ما قبل وبعد الحربين العالميتين الاولى والثانية وما بينهما صراعا فكريا من اجل اصلاح المنطقة العربية للنهوض بها الى ما هو احسن وفق فكرٍ جماعي خاضته الحركات الاشتراكية، والشيوعية، والثورية، والعسكرية، والعقائدية وغيرها ضمن اختلاف ايديولوجي، وليس نحو السير في خط واحد يتفق عليه الجميع ضمن اطار محدد في ظل تبني افكار لا تتناسب مع واقع و خصوصية المنطقة العربية .
ففي ظل تلك الصراعات الايديولوجية، والاعتراف بيانيا ان المنطقة العربية غير مهيأة لتقبل تلك الافكار، حيث يعود الى التغييب الذي شهدته المنطقة بجمودها الفكري انذاك .... حاولت تلك الحركات اصلاح الوضع، لكنها فشلت في ذلك ( مع قليل من الانجازات على الساحة المصرية بعد ثورة يوليو ) لان المجتمع العربي جمعاني في اطاره العام، وصعب ان يتقبل تلك الافكار الفردانية، لان تلك الافكار تحتاج الى عملية تطبيق جذري من اسفل الهرم، وليس من الرأس وفق عملية تصحيح حقيقية للموافقة ما بين النظرية والتطبيق ، فان تلك الحركات كانت تحمل افكارا نظرية وتخوض الصراعات ضمن تلك النظريات بعيدة عن عملية تطبيقية تراعي المجال الاجتماعي لانجاح المجال التحرري، ومن الظاهر ان الحركات الاصلاحية التي تغلفت بايديولوجية ديماغوجية وفق المصالح الشخصية ( وهذا من خصائص المجتمع الجمعاني ) مواجهة بعضها بعضا ، كل يريد اقصاء الاخر، تمثل ذلك على الساحة المصرية في صراعها الدائر ما بين الاشتراكيين والبرجوازيين- انذاك - لاقصاء الاشتراكيين الداعين الى المساواة الاجتماعية والتي تتعارض مع الطبقة البرجوازية، وان الصراع الايديولوجي بين الاشتراكيين والشيوعيين والاسلاميين بشأن القومية العربية التي نادت بها الساحة العربية، والذي مثل اختلاف بينهما، حيث ان الاشتراكية العربية التي تنادي بالقومية العربية تتناقض ايديولوجيا مع الشيوعية التي تنادي بالقضاء على الطبقات لاحلال الشيوعية في الوقت الذي عارض فيه الاسلاميون الجهتين لبناء امة اسلامية واحدة، مما يعني ان الصراع الفكري لم يبشر بولادة دولة عربية واحدة كما نادى بها القوميون والاشتراكيون مع العلم ان تلك الدولة ( تسيمة ) مجزئة وفسيفسائية منذ الف عام تحت مسمى ( الدولة القطرية ) ضمن تغييب عربي، فخاضت الامة معركتها التحررية من الاستعمار منادين بالوحدة للقضاء عليه وعلى مخلفاته مبتعدين عن الجانب الاجتماعي والاقتصادي، وهذا يتبين من خلال الوحدة العربية ما بين مصر وسوريا، التي لم تنجح بسبب الفروقات الاجتماعية والايديولوجية بين القطرين، صحيح ان عبد الناصر ابدع في التصميم من اجل الوحدة ولكنه اخطأ في القياس الاجتماعي والاقتصادي ما بين القطرين ( الاقطاعية و البرجوازية الصغيرة )، الذي ادى الى سقوط الجمهورية العربية المتحدة ملتفتين بعد ذلك الى ان الجانب الاجتماعي والاقتصادي مهم في بناء الدولة العربية.
ان الحركات الاصلاحية التي كانت تحمل ايديولوجية خارجية وبدعم من الدول الخارجية، التي لها مصلحة توسعية احلالية في تلك المنطقة العربية، يتبين ذلك من خلال الاعتراف السوفيتي في الكيان الصهيوني على ارض فلسطين، حينما ادرك السوفيت ان الافكار الشيوعية تنتشر بكثرة بين اوساط الاسرائيليين، حيث وجد السوفييت مصلحتهم هناك، مع العلم انهم كانوا ينادون بتحرير الشعوب المقهورة والمستعمرة، ليتضح ان الايديولوجية المستوردة انما تمثل ايديولوجية المصالح في المنطقة، مصالحها الذاتية وليس مناصرة القطر المستهدف، ليظهر ان الفكر العربي فكرا بسيطا ذو جذور سطحية، والدليل على ذلك هو وقوف اكثر الحركات الاصلاحية بجانب النازية عندما اعلنت عداءها لليهودية متناسين ان النازية تحمل فكرا استعماريا مثلها مثل البريطانيين والفرنسيين انذاك , فامتزج الفكر التحرري المناهض للاستعمار مع الفكر الاري التوسعي الاستعماري، لتخرج معادلة فكرية نتاجها ان الفكر العربي فكرا هلاميا لايثبت على نقطة ارتكاز معينة وليس له جذور عميقة ، ولو ان النازية استغلت هذا التأييد العربي وقامت بنشر مبادئها في الوسط العربي لاعتنق العرب تلك المبادئ، مثلها مثل باقي الايديولوجيات المستوردة، ذلك لان العرب اصبحوا يتلقفون الافكار والايديولوجيات مهما كانت اهدافها، بحجة مقاومة الاستعمار لا غير .
من الواضح ان المنطقة العربية هي عبارة عن لعبة لتقمص الادوار، بحيث اصبحت منطقة للصراعات الدولية، وتصفية الحسابات والاوراق في خضم خوض المفكريين العرب عدة نماذج من تلك الدول المتصارعة من اجل التحرر من الاستعمار، وتنمية البلاد وفق مقولة ( كمن يخض الماء ليصنع لبنا ) لتعميق الصراع بين الاجيال العربية، ما بين جيل قديم ( تقليدي ) وجيل جديد ( تغييري ) ادى الى انقلابات عسكرية ازاحت الجيل القديم واتت بجيل جديد وباستعمار جديد، حيث سادت فيه لغة الانقلابات المتعددة بين الحركات الاصلاحية، وهذا كان واضحا على الساحة السورية لتبقى المنطقة العربية في مخاض صعب لبناء المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي ، ذلك لان من أساسيات المجال السياسي انه يتطلب مجالا إجتماعيا ذو مسؤولية فردية مبنية على الواجب، وان تحقيق المجال الإقتصادي والمجال الاجتماعي ضمن المجال السياسي ( التحرري ) يتطلب اطلاق الحريات التي تمثل المصلحة ما بين الأفراد. وإن نشاط الحركات الاصلاحية ما بين النظرية والتطبيق، كان من الواجب أن تراعي أن المجال الثقافي هو مجال يؤدلج المجال السياسي، والإقتصادي والإجتماعي، يؤثر ويتأثر بها من خلال إنتاجها الفكري ( ينتجها ويمنتجها )، وإن جميع المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، تتجلى في الإطار الثقافي لبيئة المجتمعات، الذي يتمثل من خلال صراع الزمن مع الجغرافيا، في تغيير المستوى الثقافي( الفلسفة والفكر) من مرحلة معينة إلى آخرى، فهنالك فرقا واضحا ما بين النظرية والتطبيق في نهضة المجتمع مما ادى الى خسارة العامل الزمني، وضياع العامل الجغرافي للمنطقة العربية .

الأحد، يونيو 28، 2009

اتحاد الكتاب الفلسطينيين بين الماضي والحاضر

عبـد الكــريم عليـان

آن لي أن أصرخ الآنَ

وأن أسقط عن صوتي قناع الكلمة؛

هذه زنزانة يا سيدي، لا محكمة

وأنا الشاهد والقاضي، وأنت الهيئة المتهمة

فاترك المقعدَ، واذهب: أنت حرٌّ أنت حرٌّ.... (محمود درويش)

في البدء يجب الإشارة إلى النقابات كعنوان للنضال ضد الاستغلال من جهة، وخلق حالة من التوازن بين المنتج والمستهلك من جهة أخرى.. وخاضت النقابات منذ عشرينات القرن الماضي نضالات بطولية كثيرة في كثير من البلدان العربية وغير العربية، وحققت انجازات كبيرة أحيانا.. وأخفقت أحيانا في أمور كثيرة أيضا.. لكنها بقيت العنوان الذي يمكن من خلاله تحقيق مكتسبات لأعضائها كل في نقابته..! وحالة النقابات الفلسطينية اكتسبت طبيعة مختلفة خاصة في عهد الاحتلال إذ كتب عليها النضال من جانبين جانب مهني، وجانب يرفض الاحتلال ويقاومه.. وفي تلك المرحلة اكتسبت النقابات وما زالت طابعا سياسيا على الأغلب، من بين هذه النقابات كانت نقابة اتحاد الكتاب الفلسطينيين ونخص مقالتنا هذه فرع الاتحاد في غزة فقط ! بحكم التجربة المعاشة لي فترة ليست بقليلة سكرتيرا له قبل السلطة وبعدها..

إذا ما أردنا الحكم على أية نقابة مهنية؛ فعلينا أن نحدد العلاقة بين أعضاء النقابة ذات المهنة الواحدة والمشغّل لهذه المهنة وظروف عملها في ظل حالة الاقتصاد السائدة .. وفي حالة الكتاب الذين يمتهنون الكتابة، وحالة اتحادنا الذي خُصص لمن يملكون الإبداع الأدبي فقط ! كما يحلو للقائمين عليه تسمية ذلك.. وهنا في غزة لم نعلم عن شاعر، أو قاص يعمل عند رب عمل بشعره أو بقصصه..! فكيف إذن نصنف اتحاد الكتاب إذا ما كان نقابة، أم غير ذلك..؟ ولو فحصنا أعضاء اتحاد الكتاب في غزة واللذين لا يتجاوز عددهم عن سبعين عضوا، وما يقارب العشرين منهم يعملون أساتذة جامعات وينتمون إلى نقابات مهنية أخرى غير اتحاد الكتاب، ولا نعرف إن كان لهم حضورا ثقافيا، سوى عملهم الأكاديمي.. ومن الطبيعي أن يقوم بعضهم بحكم وظيفته بإنتاج دراسة، أو نقدا أدبيا لا يتسم بأي طابع إبداعي.. وأعتقد أن هؤلاء الأساتذة تجيشوا لحسابات فئوية في مرحلة ما قبل السلطة وبعدها.. كذلك لو دققنا في حال الأعضاء الآخرين لوجدنا من بينهم عددا من المؤسسين للاتحاد هم ليسوا بكتاب وليس لهم أي إنتاج أدبي، بل كانوا من مثقفي اليسار الذين اهتموا بالشأن العام ويحسب لهم هذا الإنجاز في تأسيس الاتحاد، وساهموا في بداياته في تطور الحركة الثقافية في قطاع غزة.. وعدد آخر من الأعضاء لم يعد لهم أي نشاط أو إنتاج ثقافي منذ زمن بعيد.. وبقي عدد قليل منهم يمارس الكتابة ولم يستطع نشرها لسبب أو لآخر..! وما بين أربعة أو خمسة أعضاء لهم حضورهم المستمر في الكتابة عبر الشبكة العنكبوتية التي أصبحت وسيلة النشر الأولى والوحيدة في غزة لتوصيل إنتاجهم للمتلقي، في وقت تعج به الشبكة بكتاب ومبدعين لم يحصلوا بعد على عضوية اتحاد الكتاب..!

إذن لا يوجد أديب يعمل في أدبه عند رب عمل، فيما لو استثنينا بعض من كتاب الرأي الذين يحتكرون أعمدة في الصحف المحلية التي لا يزيد عددها عن أربعة صحف، وأغلبهم موظفين كبار في مؤسسات السلطة الفلسطينية.. ويتقاضون من هذه الصحف رواتبا إضافية على رواتبهم المرتفعة، ولا يحتاجون لنقابة تدافع عن حقوقهم.. وبقي كثر من المبدعين والكتاب لم يجدوا عملا، أو ما يقيتهم ويقيت عوائلهم.. وإذا ما افترضنا أن هؤلاء الأدباء والكتاب يحتاجون إلى نقابة كاتحاد الكتاب كي يحسنوا من ظروفهم ومعيشتهم فإن نقيضهم الأساسي الذي يجب مواجهته هو: السلطة أو الدولة..! التي يجب أن توفر لهؤلاء عيشة كريمة، ولكن بحكم طموح هؤلاء وخيالهم الواسع سوف يبقيهم على نقيض مع السلطة خاصة في عالمنا الثالثي.. وليس خافيا على أحد أن رئيس اتحاد الكتاب هو موظف بدرجة وكيل وزارة، ونائبه في غزة مدير عام.. فكيف إذن يكون اهتمام هذان النقابيان بالهم الثقافي أو النقابي؟؟

قبل عهد السلطة كان يقيم الاتحاد ندوة شبه أسبوعية يناقش من خلالها عملا أدبيا، وشاع هذا التقليد تحت عنوان "فنجان قهوة" وتزايد حضوره وتنوعه بحيث لاقى استحسانا ورضا من جلّ المهتمين بالعمل الثقافي خاصة عندما نحت هذه الندوات لأعمال فنية أخرى كالمسرح والسينما والغناء أيضا.. وبالطبع كان يقوم الاتحاد بطباعة كتاب كلما توفرت الأموال اللازمة لذلك.. وشارك الاتحاد في العديد من الأنشطة المختلفة للعديد من المؤسسات المحلية في أنحاء مختلفة من قطاع غزة.. في شباط من العام 1995 دخل شاب لمقر اتحاد الكتاب في غزة حيث كنت أعمل سكرتيرا له، وطلب مني مجموعة من الكتب ليقرأها السيد الأخ أحمد عبد الرحمن ـ الأمين العام لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين ـ الذي كان عائدا لتوه لأرض الوطن، ومقيما في فندق آدم بغزة.. أعطيته بعض الكتب واتصلت في اليوم التالي مرحبا بالأخ الأمين العام وحددت موعدا معه لمقابلته بالهيئة الإدارية للاتحاد، ثم أبلغت أعضاء الهيئة، فتجمعنا مساء وتم اللقاء بالفندق حيث استقبلنا بحرارة كبيرة، واقترحت توسيع اللقاء في حفل إفطار جماعي، حيث تزامن ذلك في شهر الصيام الفضيل، وبالفعل كانت أمسية جميلة حضرها ما يقارب خمسون كاتبا وضيفا.. بعدها تم تعيين رئيس الفرع في إحدى الوزارات وتم تعيين عددا من الكتاب كذلك.. ومن قبل كان خصص الرئيس "أبو عمار ـ رحمه الله" للاتحاد ميزانية متواضعة بجهود رئيسه ـ المرحوم الكاتب الدكتور الروائي عزت الغزاوي، تمكن من خلالها طباعة مجموعة من الكتب، أو شراء كمية من الكتب إذا ما طبعها الكاتب من حسابه الخاص أو بطريقته هو بشرط أن يكون عضوا من أعضاء الاتحاد، بالإضافة للمصاريف الجارية، ولا نعرف إن بقيت هذه الميزانية مستمرة، أو في أي وقت توقفت..؟

نستطيع القول أن الاتحاد لم يرتق بعد إلى درجة الرضا لا جماهيريا ولا نقابيا، ولم يخلق حالة مؤثرة في الرأي العام حتى يكون له دوره الريادي كما يرومه كل كاتب، أو مثقف..! وحتى يتحقق الحد الأدنى من ذلك؛ فهو أمام إشكاليات عدة عليه مواجهتها وليس الهروب منها، أو انتظار الظروف والتماهي معها كي يبق القائمون على الاتحاد أكبر فترة ممكنة كأي حزب حاكم يتربع على الحكم لوحده..! ولا نفهم لماذا باب العضوية مغلق في وجه الكتاب؟ وما هي المعايير التي يستندون عليها في منح العضوية؟ خاصة أن عددا كبيرا من كتاب الرأي والمقالة لم يجدوا ضالتهم في اتحاد الكتاب ولا في رابطة الصحفيين، وحتى نكون منصفين فإن اتحاد الكتاب الذي لا يزيد أعضاؤه عن السبعين عليه أن يقبل كتاب المقالة كأعضاء أيضا، ولأن غالبية الأدباء يكتبون المقالة عندما لا يأتيهم إلهام الشعر، أو الأدب فيعبرون عما يجول بخاطرهم بالمقالة.. أو أن ما لا يمكن التعبير عنه بالشعر أو القصة فيمكن التعبير عنه بالمقالة التي تعتبر فرع من فروع الأدب! والكتاب جميعا أمام معضلة حقيقية في عصر الإنترنت واكتظاظه بالمواقع والصحف المختلفة وتهافت الكتاب على توصيل إنتاجهم للمتلقي بسرعة كبيرة بدون ضوابط، وبدون تمييز الغث من السمين منها.. وأخيرا لماذا باب الاتحاد مغلق دائما..؟ فالبيوت تموت إذا غاب سكانها... فهل وصلت الرسالة أيها الرئيس؟؟

إعادة نشر قوات الاحتلال بين فلسطين والعراق

نقولا ناصر
(أي انسحاب فعلي لقوات الاحتلال لن يتم قبل ضمان وجود نظام موال تماما للولايات المتحدة في بغداد بتكبيله بما سماه السفير الأميركي هيل "اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي")

مثلما وصف المحتلون الإسرائيليون إعادة نشر قوات احتلالهم من داخل المدن الفلسطينية إلى أطرافها بأنه "انسحاب" بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، ومثلما هلل النظام السياسي الفلسطيني المنبثق عن هذا الاتفاق لعملية إعادة الانتشار تلك باعتبارها "تحريرا" ولذلك وصف سلطة الحكم الذاتي المنبثقة عنها ب"السلطة الوطنية"، ليتكرر المشهد المسرحي نفسه بعد إعادة انتشار قوات الاحتلال من داخل قطاع غزة إلى أطرافه عام 2005، لكن من جانب واحد ودون اتفاق هذه المرة، لترافقه عملية تضليل إعلامي كبرى للرأي العام العالمي الداعي للسلم والمعارض للحرب والاحتلال لمعت صورة القوة القائمة بالاحتلال كقوة جانحة إلى السلام، فإن المحتلين الأميركيين في العراق والنظام المنبثق عن احتلالهم في بغداد يستعدون منذ توقيع "الاتفاقية الأمنية" بينهما أواخر العام الماضي لتكرار المسرحية الإسرائيلية – الفلسطينية كسابقة ناجحة عندما تقوم قوات الاحتلال الأميركي -- المسماة قوات "متعددة الجنسيات" حتى الآن بالرغم من انسحاب معظم "الجنسيات" التي شاركت في غزو العراق عام 2003 -- بإعادة نشر قواتها خارج المدن العراقية يوم غد الثلاثاء.

ومثلما استهدفت عملية إعادة نشر قوات الاحتلال الإسرائيلي إعفاء هذه القوات من مهمة القيام بدور الشرطة وسط تجمعات الكثافة السكانية للشعب الخاضع للاحتلال، وتقليل خسائرها في الأرواح والمعدات الناجمة عن المقاومة الوطنية المحتمية بحاضنتها الشعبية داخل هذه التجمعات، واستهدفت إعفاء ميزانية الدولة المحتلة من الأعباء المالية الملزمة بها تجاه المدنيين كقوة قائمة بالاحتلال بموجب القانون الدولي بنقل جزء منها إلى جيوب هؤلاء المدنيين أنفسهم وجزء آخر إلى جيوب دافعي الضرائب في الدول "المانحة"، بنقل صلاحيات "الإدارة المدنية" للحاكم العسكري إلى إدارة حكم ذاتي أطلق عليها في الاتفاقيات الموقعة بهذا الشأن اسم "السلطة الفلسطينية" التي أضافت من جانب واحد صفة "الوطنية" إلى هذا الاسم، دون أن يحل الاحتلال إدارته المدنية أو يعفي حاكمه العسكري من مهامه لتتحول "السلطة" الجديدة إلى مجرد "وسيط" بينهما وبين شعبها من خلال ما يسمى ب"مكاتب" الارتباط والتنسيق الأمني، فإن أهداف عملية إعادة نشر قوات الاحتلال الأميركي في العراق لا تختلف كثيرا في الجوهر وإن كانت لها في الشكل مسميات أخرى.

فعلى سبيل المثال نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية محمد العسكري قوله إن "العراق" أنشأ "اللجنة المشتركة لتنسيق العمليات العسكرية" مع القوات الأميركية يكون مقرها في الوزارة نفسها داخل المنطقة الخضراء ببغداد "للتنسيق" معها بعد إعادة نشرها خارج المدن، بينما يبعد مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي وإدارته المدنية في مستعمرة "بيت إيل" حوالي كيلومتر عن "المقاطعة" مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، أما قائد قوات الاحتلال في العراق الجنرال ريموند أوديرنو فقد أطلق اسم "خلايا الاتصال" على اللجان الميدانية التي ستقوم بمثل هذا التنسيق، وهو نفسه الذي قال مؤخرا إن إعادة الانتشار قد لا تشمل مدنا رئيسية مثل الموصل وبعقوبة حيث المقاومة ساخنة للاحتلال.

إن من يراجع الجزء الخاص بالعراق من الخطاب الشهير الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالقاهرة في الرابع من حزيران / يونيو، والذي حاول فيه تحويل الأنظار إلى الصراع العربي الإسرائيلي وإيران بعيدا عن احتلال العراق حيث يتقرر فعلا مصير المنطقة، وبخاصة عندما قال إن "الشعب العراقي في نهاية المطاف في حال أفضل" مما كان عليه قبل الغزو الأميركي، لا يساوره أي شك في أنه يتفق مع سلفه جورج بوش الابن في الهدف الأول لما وصفه ب"حرب الاختيار" التي اختارتها بلاده وقادت إلى احتلال العراق، وهو تغيير النظام السياسي فيه إلى نظام "شريك" لبلاده في حماية مصالحها المختلفة في المنطقة.

ولو تساءل أي مراقب عما إذا كان أوباما سوف يستمر في خطته المعلنة لسحب قوات الاحتلال الأميركي من العراق لو انهار النظام السياسي للعراق "الجديد" الذي انبثق عن الاحتلال فإن الجواب شبه المؤكد سيكون بالنفي، ومن شبه المؤكد أيضا أن مشروع القانون الذي وقعه أوباما يوم الأربعاء الماضي لإنفاق (106) بلايين دولار إضافية على الحرب في العراق وأفغانستان لن يكون آخر تمويل طوارئ إضافي خارج الميزانية المعتادة يضطر إلى الطلب من الكونغرس اعتماده كما وعد، مما يؤكد بأن القاسم المشترك الأهم في عملية إعادة نشر قوات الاحتلال في الحالتين الفلسطينية والعراقية هو تسهيل قيام نظام سياسي "محلي" بموافقة القوتين المحتلتين ومباركتهما ودعمهما اللتين ستكونان بالتأكيد في طليعة الجاهدين دوليا لانتزاع اعتراف عالمي بشرعيته واستقلاله وسيادته، "فالرئيس أوباما لا يستطيع خسارة العراق" لنظام آخر كما قال كينيث بولاك الخبير بمعهد بروكينغز في واشنطن ( الكريستيان ساينس مونيتور، 23/6/2009).

وكما هو متوقع، وتكرارا لسيناريو إعادة انتشار قوات الاحتلال في فلسطين، فإن رئيس وزراء النظام السياسي المنبثق عن الاحتلال في العراق نوري المالكي، الذي سبق له أن اعتبر تاريخ 27/11/2008 يوم توقيع الاتفاقية الأمنية التي نصت على إعادة الانتشار العسكري الأميركي خارج المدن العراقية في الثلاثين من الشهر الجاري "يوما تاريخيا مجيدا"، قد أعلن يوم غد الثلاثاء يوم عطلة رسمية، واعتبره في تصريح له خلال الأسبوع الماضي يوم "انتصار عظيم"، بينما أعلن الناطق باسم حكومته علي الدباغ عن احتفالات بهذه المناسبة اليوم الاثنين.

غير أن مجموعة من الحقائق الدامغة على الأرض -- وأولها عدم تبييض سجون الاحتلال من حوالي (12) معتقل عراقي يعترف الاحتلال نفسه بوجودهم فيها وعدم إغلاق هذه السجون ولا سجون النظام الذي أقامه الاحتلال "احتفالا" بالمناسبة وهو الأمر الطبيعي المتوقع لو كانت المناسبة "تحريرا وانتصارا" حقا -- لا تترك أي شك في أن يوم الثلاثين من حزيران / يونيو الجاري في العراق هو مجرد يوم آخر عادي من أيام الاحتلال الأميركي، مجردا من أي مجد أو عظمة أو انتصار، اللهم إلا إذا حوله المصطرعون على فتات الاحتلال ومغانم سلطته إلى يوم أسود آخر في سلسلة الجرائم والمجازر البشرية التي يرتكبونها ضد المدنيين من الشعب المنكوب بهم في محاولتهم إطالة وجود الاحتلال إلى أطول مدى ممكن لأنهم يدركون بأن رحيله في أي يوم ستعقبه نهايتهم في اليوم التالي، وربما يكون محافظ ديالى عبد الناصر المنتصر بالله نموذجا لهؤلاء عندما نقل القائد الأميركي للمحافظة الكولونيل بيرت ثومبسون عنه قوله له: "أريدكم أن تؤمنوا الحماية لي، لا أريدكم أن ترحلوا"، أو إذا حولت المقاومة الوطنية هذا اليوم إلى مناسبة يلعن فيها الاحتلال اليوم الذي غزا فيه العراق ويلعن فيه المؤتلفون في نظام الحكم الذي أقامه الاحتلال اليوم الذي حملتهم فيه دباباته إلى بغداد.

فعملية إعادة الانتشار أولا لن يترتب عليها نقص ولو جندي واحد من عديد قوات الاحتلال الأميركي في العراق البالغ أكثر من (133) ألفا، منها (12) لواء مقاتلا، وبما أن أوباما أعلن في 27 شباط / فبراير الماضي بأن "المهمة الحربية" لهذه القوات ستنتهي بنهاية الشهر الثامن من العام المقبل فإنه سوغ بقاءها حتى ذلك التاريخ بتغيير في مسمى وظيفتها فقط إلى قوات "تدريب ومشورة ودعم" تتحرك قوافلها فوق التراب العراقي "تحت جنح الظلام" فقط ولا تتدخل في القتال ضد المقاومة الوطنية إلا بناء على طلب حكومة المنطقة الخضراء ببغداد حسب "الاتفاقية الأمنية". وربما تكون هنا دلالة هامة للتذكير بأن أوباما لم يأت بجديد نوعي يضيفه إلى ما كان سلفه جورج بوش الابن قد قرره ورسمه ونفذه في العراق بما في ذلك "الاتفاقية الأمنية" وخطة "الانسحاب" والاحتفاظ بقوة قوامها يتراوح بين (35) و (50) ألفا "للتدريب والمشورة" بعد انتهاء الاتفاقية الأمنية عام 2011. وكان رئيس أركان الجيش الأميركي جورج كيسي قال في 27 أيار / مايو الماضي إن واشنطن قد تحتفظ ب"قوات مقاتلة" للتدخل في العراق لمدة عشر سنوات بعد انتهاء الاتفاقية الأمنية (الأسوشيتدبرس).

وثانيا، بينما يرفض المسؤولون الأميركيون و"شركاؤهم" العراقيون في حكومة المنطقة الخضراء ببغداد الإفصاح عن عدد القواعد الأميركية التي ستبقى في العراق بعد الثلاثين من هذا الشهر، باعتبار ذلك من الأسرار العسكرية، نسب مراسلان (ستيفن مايرز و مارك سانتورا) للنيويورك تايمز في تقرير لهما مؤخرا إلى "مسؤول عراقي" قوله إن (150) قاعدة أميركية أغلقت هذا العام تمثل (85%) من مجموع هذه القواعد، لكن الجنرال ريموند أوديرنو قال في مؤتمر صحفي له قبل حوالي أسبوعين إن ما يزيد على (300) قاعدة كانت ما زالت موجودة في العراق. وحسب تقرير مكتب المحاسبة الأميركي العام الماضي كانت وزارة الدفاع الأميركية عازمة على إغلاق (283) قاعدة بحلول آخر حزيران / يونيو من العام الحالي.

وربما يكون خير مثال على التضليل الإعلامي بالخلط بين إعادة الانتشار وبين الانسحاب هو اتفاق الجانبين الأميركي و"العراقي" على بقاء قوات الاحتلال في "كامب فيكتوري" (معسكر النصر) الذي يضم خمسة قواعد وعشرين أف جندي أميركي على بعد خمسة عشرة دقيقة من بغداد بحجة أنه "من الناحية الفنية يقع خارج المدينة" ومثله "قواعد المارينز الكبيرة في محافظة الأنبار الغربية بضواحي الرمادي والتقدم" وقاعدة "ميريز" للجيش الأميركي بضواحي الموصل، إلخ. (النيويورك تايمز، 27/4/2009).

وبغض النظر عن عدد القواعد العسكرية الضخمة التي سوف تنسحب قوات الاحتلال إليها خارج المدن من قواعدها داخلها، فإن بعض هذه القواعد هي في الواقع "مدن عسكرية" مثل قاعدة السفارة الأميركية في بغداد وهي بحجم الفاتيكان والأكبر من نوعها في العالم ومثل قواعد الأسد الجوية وقاعدة البلد الجوية ومعسكر تاجي وقاعدة طليل الجوية، وحسب "الاتفاقية الأمنية" فإنها لا تخضع لأي إشراف عراقي على حركة القوات منها وإليها ولا على نوع الأسلحة المخزنة فيها ولا على حدود الحرب التي سمحت الاتفاقية للقوات فيها بشنها ضد "الإرهاب" انطلاقا منها سواء داخل العراق أم خارجه كما حدث في الهجوم الأميركي بالمروحيات على قرية السكرية السورية أواخر الشهر العاشر من العام الماضي.

وهذا الهجوم الأميركي الذي أوقع تسعة شهداء من المدنيين السورين يذكر ثالثا بتقارير عديدة، منها تقرير للقدس برس في الرابع والعشرين من حزيران / يونيو العام الماضي، عن إقامة أربع قواعد أميركية متطورة على الجانب العراقي من الحدود مع إيران على مقربة من بلدات بدرة وزرباطية وجصان وتقع إحداها على بعد ثلاثين كيلومترا عن خط الحدود المشتركة "لا علاقة لها بعمليات الجيش الأميركي بالعراق ... ولا يرتبط العاملون بها بأي عمل قتالي في العراق"، على ذمة قدس برس نقلا عن ضابط عراقي كبير في مديرية المخابرات العراقية التي أنشأها الاحتلال.

أي أن هذه القواعد غير مشمولة ب"الاتفاقية الأمنية" من ناحية، ويمكن الاستنتاج بأنها ليست مرشحة لأي انسحاب في أي مدى منظور، وبأنها ما زالت بانتظار "اتفاقية أمنية" جديدة تنظم وجودها، كما أنها وسابقة العدوان الأميركي على سوريا من الأراضي العراقية تهدد من ناحية ثانية بتحويل العراق إلى قاعدة للعدوان على الدول المجاورة وإلى قاعدة متقدمة للتصدي لأي رد فعل إيراني صاروخي على أي هجوم إسرائيلي أو أميركي على المنشآت النووية الإيرانية.

ورابعا، فإنه بينما يجري التطبيل والتزمير لموعد الثلاثين من الشهر الحالي باعتباره "انتصار عظيم" فإن حكومة المالكي قد أصدرت بيانا ألمحت فيه إلى احتمال تأجيل الموعد المقرر لإجراء استفتاء على الاتفاقية الأمنية في الثلاثين من شهر تموز / يوليو المقبل وهو الموعد الذي يمكنه فعلا أن يحول الموعد الأول إلى بداية انتصار حقيقي، وبما أن الاحتلال الأميركي ومؤسسات الحكم المنبثقة عنه ومنها "البرلمان" اضطروا لتضمين "الاتفاقية الأمنية" النص على هذا الاستفتاء من أجل إنقاذ ماء وجه البرلمانيين أمام الشعب العراقي الرافض لها عندما وافقوا عليها فقد كان من المتوقع أن لا يتم الالتزام بموعد الاستفتاء الذي اعتمدت حكومة المالكي مع ذلك مبلغ (99) مليون دولار لإجرائه قبل أن تقترح تأجيله لمدة ستة أشهر ليتزامن مع الانتخابات البرلمانية في نهاية العام. وقد كشف الدباغ السبب الحقيقي لتوقع حكومته عدم إجراء الاستفتاء في موعده لأن هذه الحكومة تتوقع أن يخف العداء العراقي لأميركا بعد إعادة نشر قواتها خارج المدن العراقية مما يزيد فرص الموافقة على الاتفاقية الأمنية في الاستفتاء المؤجل. وقد ذكرت النيويورك تايمز في تقرير لها الأربعاء الماضي أن إدارة أوباما تمارس الضغط لعدم الالتزام بموعد الاستفتاء المقرر أصلا.

وهذا السبب يقود إلى الحقيقة الخامسة والأهم التي تؤكد بأن إعادة الانتشار الأميركي يوم غد لن تكون إيذانا بإنهاء الاحتلال، بل جزءا من التحضيرات لتأطيره في "اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي" التي قال السفير الأميركي في بغداد كريستوفر آر. هيل في الثامن عشر من الشهر الجاري إنها "اتفاقية سوف تحكم في الواقع علاقتنا، كما نأمل، لعقود قادمة من الزمن"، فهذه الاتفاقية كما أضاف هي التي ستحدد "جوهر" العلاقات العراقية الأميركية في المستقبل، ولذلك فإن أي انسحاب فعلي لقوات الاحتلال لن يتم قبل ضمان وجود نظام موال تماما للولايات المتحدة في بغداد بتكبيله باتفاقية كهذه.

ومن أجل تحقيق ذلك سوف تستمر واشنطن في الاحتفاظ بأوراقها في العراق وأولها طبعا بقاء قوات الاحتلال، ومنها كذلك على سبيل المثال السماح للكويت بأن تكون قوة أعظم من القوة العظمى الأميركية في منع خروج العراق من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وهو ما تعهدت واشنطن بمساعدة العراق فيه طبقا للمادة 25 من الاتفاقية الأمنية التي تجري عملية إعادة الانتشار بموجبها، ناهيك عن ضرورة بقاء قوات الاحتلال حتى وفاء العراق باستحقاقات أميركية هامة قبل الاتفاق الاستراتيجي مثل إقرار قانون جديد للنفط يحوله من ثروة وطنية استراتيجية خاضعة للقرار الوطني إلى ثروة مشاع لاحتكارات وامتيازات الشركات الأميركية العابرة للقارات، وإقرار "النظام الفدرالي" لضمان عدم قيام سلطة وطنية مركزية قوية إلى أمد غير منظور، إضافة إلى نصف 18 "استحقاقا" اعتمدها الكونغرس في عهد إدارة بوش ولم يتخل عنها لا الرئيس الجديد أوباما ولا الكونغرس وما زال على العراق أن يفي بها قبل انسحاب قوات الاحتلال.

والخشية المتوقعة الآن هي أن تقود عملية إعادة نشر قوات الاحتلال الأميركي خارج المدن العراقية إلى ما قادت إليه مثيلتها الإسرائيلية في فلسطين من إطالة أمد الاحتلال، وتشديد الحصار، وتحويل المدن العراقية إلى كانتونات معزولة كمثيلاتها الفلسطينية لكنها أكثر خطورة لأنها تهدد بصراعات عرقية وطائفية وقبلية وحزبية بينها تفاقمها عوامل الثروة والديموغرافيا والجغرافيا الأكثر تعقيدا من الحالة الفلسطينية، ثم الانقسام الوطني الذي يحرص عليه المحتلون كافة، اللهم إلا إذا تمكنت المقاومة العراقية مما استطاعته نظيرتها الفلسطينية من اعتراض خطط الاحتلال وتعطيلها بانتظار كنسها هي والاحتلال إلى مزبلة التاريخ.

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*

هل تصبح الزعامات التي حاربت التقليديين أكثر من تقليدية؟

الكولونيل شربل بركات

الرئيس بري هو من الرعيل الذي حارب الزعامات التقليدية يوم كان شابا ككل شباب لبنان كونها لا تمثل رغبات الشعب تمثيلا صحيحا، بحسب قولهم، وتسعى فقط إلى تنفيذ طموحاتها الشخصية من خلال تمسكها بالسلطة وتمرير كل حاجات الناس عبرها.

الرئيس بري كان تقدميا بالمعنى المتعارف عليه، خاصة بين الشباب الشيعي في الجنوب، قبل أن يبرز نجم الإمام الصدر والذي أصبح بعدها مثالا يحتذى في نظرته للأمور وفي مطالبته أبناء الطائفة بالعمل على نشر الوعي الثقافي والاجتماعي والدفع نحو إنصاف الفئات المحرومة من الشعب اللبناني والتي تشكل الطائفة الشيعية الجزء الأكبر منها.

الرئيس بري ناضل بجانب الكثيرين من أقرانه في سبيل تحقيق الحلم بالعدالة الاجتماعية وتأمين الفرص للشباب اللبناني وخفض النزف وتحسين الإنتاجية التي تؤمن استقرار المجتمع خاصة في قرى الجنوب التي، بسبب موقعها القريب من الحدود مع إسرائيل، عانت الكثير من المشاكل الأمنية، وبسبب قلة المجاري المائية السطحية فيها عانت من قلة التنويع في الإنتاج الزراعي فتشبثت بشتلة التبغ موردا أساسيا مع كل المشاكل التي ترافقها.

ولكن الحرب وتقلباتها وتغيّير التحالفات والتطلعات، ربما، جعلت من الرئيس بري شخصا آخر، فهو الآن يرئس المجلس النيابي منذ 1992 بدون انقطاع، بعد أن حسب من أمراء الحرب الفعليين ردحا غير قصير من الزمن، ويكاد أن يدخل موسوعة "جينيس" كأطول رئيس مجلس نواب في تاريخ الدول الديمقراطية المعروفة. فهل إن لبنان في اتفاق الطائف قلل من شأن الرئاسة الثانية لدرجة أنه لم يلحظ مادة تمنع التمديد ولو لأكثر من مرتين متتاليتين مثلا؟ أم أن اللبنانيين راهنوا على دينامية الطائفة الشيعية والتنافس الممكن بين المناطق والزعامات ولم يدركوا أن شيئا مما يحصل الآن قد يصبح واقعا على الأرض؟

نحن لسنا في مجال الغمز من قناة الرئيس بري الشخصية ليس لأنه غير قابل للغمز ولا لأنه الرجل المناسب في المكان المناسب ولكن موضوعنا اليوم هو النظام الديمقراطي الذي يُلزم التغيير ولا يجوز فيه أبدا التمسك بالمناصب والمواقع وإلا فإن أسسه تختل كما يحصل اليوم.

إن المناسبة هي إعادة انتخاب الرئيس بري بدون أن يكون هناك مجال للمنافسة فحتى من ترشح ضده سحب الترشيح قبل الانتخاب خوفا، ربما، من أن يسارع بعض النواب "الأحرار" فينتخبوه، ما يجعلنا نخشى بأن يمتد هذا النمط نحو الرئاسات الأخرى فنضطر إلى المطالبة بتغيير الدستور للتمديد لرئيس الجمهورية مثلا، كما عودنا السوريون، أو أن يصبح الرئيس الحريري العتيد رئيسا مدى الحياة، كما هي الحال في كثير من الأنظمة العربية وما نراه يحصل في إيران الآن؛ وهو عدوى التشبث بالسلطة وعدم التخلي عن المنصب إلا بالثورة الدموية، هذا مع احترامنا للجميع ولكل ما يمثلون. فهل إن اتفاقا ما وضع أسس النظام اللبناني الجديد حيث تكرّس فيه مناصب ومراكز لزعامات هذه الطوائف بينما يترك الوضع في الساحة المسيحية فقط حيث التنافس لا يزال مقبولا حتى الآن إلى أن تنقلب التحالفات ليفرض عنصرا مسيحيا نفسه "بالقوة" ويتشبث بمناصب هذه الطائفة فلا يعود هناك من يقلق هذا الوضع "الديمقراطي" المستقر كأمثاله في دول المنطقة؟

إن التدخل في شؤون لبنان وخاصة شكل ونظام الحكم فيه لا يقتصر على سوريا وإيران ورؤيتهما التوتاليتارية فقط إنما قد يكون هناك أنظمة عربية أخرى وربما غير عربية تسعى لدفع لبنان إلى هذا النمط من الترويكا التي لا تسمح بالممارسة الديمقراطية الصحيحة وتضع الناس بين منطق التطرف الأعمى الذي يهدد بعدم الاستقرار أو منطق الزعامات التقليدية التي تتقاسم المناصب وتتوارثها والتي يحميها الخوف من الآخر والتهيّب من أي تغيير قد يؤدي إلى المجهول.

فهل إن لبنان الذي كاد أن يكون السباق إلى فرض رأي الشعب على الزعامات وتعميم مبدأ التناوب في السلطات الذي يعتبر ركيزة الديمقراطية الأولى قد انحدر إلى مستوى الإمارة لا بل الولاية التي يحكمها واحد من اثنين: من يدفع أكثر أو من يجند أكثر، والاثنان لا يهتمان بأمر الرعية إنما بما يهم "الباب العالي" أيا كان هذا الباب؟

استحقاق السابع من تموز... الحوار الوطني

حسام الدجني

سوف تشهد العاصمة المصرية القاهرة في الساعات المقبلة جولة من الحوارات الثنائية بين حركتي فتح وحماس, والتي من المفترض أن تتوج بمصالحة شاملة يتم التوقيع عليها يوم السابع من تموز بحضور عربي ودولي.

تقف مجموعة من العقبات حائلاً أمام توقيع اتفاق مصالحة ينهي الانقسام, ويعالج تداعياته, أبرزها ملفات الاعتقالات السياسية والانتخابات, والأمن, وملف الحكومة.

هذا ما يعلن في وسائل الإعلام, ويطرح في الغرف المغلقة, وعلى طاولة الحوار, ولكن الملف العالق الأبرز والكبير, والذي في حال تم انجازه ستتحقق مصالحة إستراتيجية تطوي ملف الانقسام إلى الأبد وبلا رجعة, ألا وهو ملف أزمة الثقة بين الأطراف الفلسطينية.

حيث تشكل أزمة الثقة وغياب الثقافة السياسية التي تدعو إلى قبول الآخر, وحب الآخر, والشراكة السياسية مع الآخر, والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة, تشكل عقبة رئيسية أمام نجاح أي حوار وطني فلسطيني حتى لو رعته دول العالم فلن يكتب له النجاح, وسنبقى نسير في حلقة مفرغة, فما يحدث لن يخرج عن كونه مجاملات سياسية, وحوار حول من سيفشل الحوار, ولن أقول ذلك تجني على أحد, فكلا الحركتين لهما باع كبير في خدمة القضية الفلسطينية وفي خدمة الشعب العربي الفلسطيني, ولكن ذلك يندرج ضمن سمة رئيسية تميز النظام السياسي الفلسطيني, وتميز المؤسساتية السياسية الفلسطينية, منذ نشأة الحركة الوطنية الفلسطينية عام 1918م بعد وعد بلفور المشئوم.
حيث هيمنة الزعامات الفردية العائلية أو الثورية, واعتمدت المعايير الذاتية والشخصانية والتنظيمية, بدلاً من المعايير الموضوعية والمهنية, فنشأ نظام سياسي, وحركة وطنية, ومؤسساتية سياسية ضعيفة, فغياب المؤسسة, والعمل الجماعي, خلف ضعف الأداء السياسي الفلسطيني, وخلف تأخر تحقيق الطموح الفلسطيني عبر انجاز مشروعه الوطني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

لذلك ينبغي على راعي الحوار الوطني الفلسطيني ومن خلفه كل الحريصين على القضية الفلسطينية, وعلى تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني, عليهم ما يلي من أجل تتويج استحقاق السابع من تموز:
1- العمل فوراً مع جميع الأطراف لوقف والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين من أجل سحب الذرائع أمام أي طرف لا يرغب بالمصالحة الوطنية.
2- يجب أن يأخذ الحوار الوطني مساره الحقيقي والمتمثل في التوافق على المشروع الوطني الفلسطيني وآليات تحقيقه, عبر تبني إستراتيجية عربية إسلامية موحدة يلتزم ويسير عليها الجميع.
3- مخطئ من يظن أن الخلاف بين حركتي فتح وحماس هو خلاف حول الحكم, أو المحاصصة, وإنما الخلاف ناتج عن أزمة الثقة بين الجانبين, وغياب الثقافة السياسية التي تدعو الى التسامح والحب والعمل الموحد والشراكة السياسية.
4- تعزيز ثقافة الديمقراطية عبر تطوير التعليم والمناهج بما يتناسب مع بناء جيل وطني قادر على تحقيق الانجازات الوطنية.
5- إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من جديد بما يستوعب الكل الفلسطيني, واعتماد الآليات المهنية والموضوعية في التعيين بدلاً من الآليات الحزبية والجهوية والعائلية, وهذا ينطبق على القطاع العام بشقيه المدني والعسكري.
6- بناء اقتصاد وطني حر يستطيع التغلب على مشكلة البطالة المستشرية في الشارع الفلسطيني.
7- تبني إستراتيجية إعلامية وطنية وعربية لمواجهة المشروع الصهيوني بزعامة نتانياهو وليبرمان.
8- إعادة بناء وهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بعد التوافق على المشروع الوطني والإستراتيجية الموحدة وتفعيلها وضم جميع القوى داخل مؤسساتها.
9- تبني جامعة الدول العربية عقد مصالحة عربية بين جميع الأطراف.
10- إنشاء صندوق عربي إسلامي يكون هدفه الأول والأخير محاربة المال السياسي الموجه من الغرب, حتى نصل إلى القرار الفلسطيني المستقل.

هكذا نستطيع تحقيق مصالحة إستراتيجية تخدم المشروع الوطني وتوحد الجهود العربية والإسلامية في مواجهة المشروع الصهيوني, وعبر تبني خطاب إعلامي موحد, نستطيع اختراق جبهة الغرب, وتشكيل لوبي داعم لحقوقنا وثوابتنا الوطنية.
نتمنى على القاهرة أن تنجح في جهودها فهي دولة إقليمية كبرى, ولها وزنها في المنطقة, لذا نتمنى على الجميع التعاون في تتويج استحقاق السابع من تموز ليكون عرساً لكل العرب والمسلمين.

كاتب وباحث فلسطيني
Hossam5555@hotmail.com

التنمية كحل للتوتر في باكستان وأفغانستان

د. عبدالله المدني

في الوقت التي تتصاعد فيه أعمال القتل والتدمير والإرهاب في كل من أفغانستان وباكستان ما بين القوات النظامية المدعومة من الغرب من جهة والجماعات الميليشاوية المتشددة المدعومة من تنظيمي القاعدة وطالبان وقوى أصولية أخرى في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من جهة أخرى، هناك من لا يزال يراهن على إمكانية تحقيق الاستقرار والسلام في هذه البؤرة المتوترة من العالم منذ نحو ثلاثة عقود. ولعل في مقدمة هؤلاء الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الذي حينما جاء كرئيس انتقالي لأفغانستان في عام 2001 كان يحمل معه فكرة تحويل بلاده المغلقة إلى جسر للتجارة الإقليمية. وكان مضمون الفكرة ببساطة هو تحويل جبال "الهندوكوش" من منطقة نزاع إلى حوض للتبادل التجاري الحر ما بين دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب آسيا، خصوصا وأن هذه الدول في مجملها تحتضن ثلث سكان العالم.

لقد وجد كرزاي ورفاقه والكثيرون من الأفغان المتنورين أنه بالامكان تحقيق السلام من خلال التنمية، وأن بلدهم الفقير يمكن أن يصبح غنيا بطريقة أسرع مما لو اعتمد على المساعدات الخارجية. غير أنهم سرعان ما اكتشفوا أن تحويل الفكرة من مجرد حلم إلى واقع أمرا صعبا بسبب قوى التخلف والإرهاب التي كانت ولا تزال تستهدف حركة التجارة و قوافلها ومعابرها بالرصاص والمتفجرات والألغام. ولعل أبرز دليل على صحة ما نقول هو إقليم بادغيس الفقير في شمال أفغانستان، الذي يمكن أن يتحول إلى أحد أهم نقاط الاستراحة والتزود بالمياه والطعام للقافلات التجارية القادمة من غرب الصين ودول آسيا الوسطى، لولا حماقات الطالبانيين وأتباعهم التي دمرت شبكات المياه والإنارة المتواضعة في هذا الإقليم وزرعت أرضه رعبا وخوفا. بل والتي لا تزال تستهدف حركة تعليم النساء وتثقيفهن باعتبارها العنصر الرئيسي في التنمية بحسب ما قالته رئيسة دائرة الشئون النسوية في الإقليم "حليمة راليبيما" والتي أضافت أنها لم تستطع مبارحة إقليمها لمدة عامين وتحول كل ما فعلته من اجل بنات جنسها منذ عام 2001 إلى هباء بسبب تهديدات الطالبانيين لها ولمن يعملون معها.

وهذا تحديدا ما اشتكى منه كرزاي وأوضحه لمضيفيه الباكستانيين في 13 مايو المنصرم، ولاحقا في القمة التي جمعته مع نظيريه الإيراني والباكستاني في طهران. حيث اشتكى من عنف متصاعد يستهدف مشاريع التنمية الاقتصادية في صورة حرق الآليات ومنشآت البناء وقتل العاملين فيها ونهب ما تطاله الأيدي من بضائع وأدوات. وهذا أيضا ما اكتشفه الصينيون قبل وقت طويل جدا، فلجأوا إلى تأجيل الكثير من مشاريعهم في أفغانستان لسنوات طويلة خوفا من القتل والخطف والخسارة المادية.

وبطبيعة الحال لم يحصر الرئيس الأفغاني مشاكل التنمية في بلاده في تصاعد العنف والإرهاب وحده، لكنه اعتبر العنف و الإرهاب هو التحدي الأكبر وربما الأثقل وطأة من عوامل أخرى مثل ضعف البنية التحتية وانعدام الكفاءات المطلوبة.

ويبدو اليوم أن ما تخوف منه كرزاي ورفاقه قد تحول إلى مأزق كبير في ظل اضطرار مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى هجر منازلهم ومدنهم في المناطق الحدودية ما بين أفغانستان وباكستان بسبب استمرار الأعمال الحربية والقتالية. وهذا المشهد الذي يذكرنا بما كان يجري زمن الاحتلال السوفياتي لأفغانستان – مع اختلاف اتجاه الهجرة ونمط العلاقة ما بين كابول وإسلام آباد – لاشك انه يفرض تكاليف إضافية للتنمية، كي لا نقول باستحالة القيام بالتنمية المطلوبة الحائلة دون المنازعات والحروب.

صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية الحليفة لها وبنك التنمية الآسيوي وحلف الناتو قد طورت وزادت مساعداتها التنموية خلال الأعوام الثمانية الماضية لأفغانستان كوسيلة من وسائل القضاء على التشدد والتطرف والأعمال الإرهابية. وصحيح أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة باراك أوباما وضعت لنفسها استراتيجية مختلفة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الشأن الأفغاني الشائك، قوامها مقاومة الحركات المتشددة في باكستان وأفغانستان عبر إرسال المزيد من القوات للقتال على الجبهة الأفغانية، وفي الوقت نفسه عبر زيادة حجم المساعدات المالية ودعم خطط التنمية الاجتماعية. غير أن الهدف النهائي المطلوب – وهو أن تضع دول جنوب آسيا وآسيا الوسطى معا يدها مع المجتمع الدولي و الولايات المتحدة وحليفاتها من اجل كسب معركة الرخاء والتنمية المستدامة والسلام المشترك - أمر تظلله الشكوك بسبب عقد موروثة من الماضي أو بسبب خلافات حول الحدود الجغرافية أو بسبب تنافس إقليمي لا معنى له إطلاقا.

وطبقا لمساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون جنوب ووسط آسيا "ريتشارد بوتشير"، فانه "سيكون أمرا عظيما لو نجحنا في إفهام دول المنطقة أن أفغانستان لم تعد مشكلة وإنما صارت اليوم فرصة يمكن استغلالها لجهة التبادل التجاري والربط الكهربائي والاستثمار في شبكات الاتصالات". وفي هذا السياق ضرب المسئول الأمريكي مثلا حول الطريق السريع القائم حاليا والذي يربط ما بين "ألماتي" عاصمة كازاخستان وكراتشي، الميناء التجاري لباكستان على بحر العرب، إذ اعتبره نموذجا لما يمكن القيام به – بالتعاون مع الأمم المتحدة والدول والمنظمات المانحة - لإعطاء أفغانستان منفذا بحريا، يسهل عليها الاتجار مع العالم الخارجي، ويخرج أبناءها من العزلة الجغرافية الخانقة.

وجملة القول أنه لئن كان الوضع سوداويا ويسير من سيء إلى أسوأ في ظل تصاعد العنف وتزايد الانقسامات في أفغانستان، فانه في المقابل حدثت بعض التطورات الايجابية الطفيفة. أحد الأمثلة على هذه التطورات هو أنه في عام 2003 أقدمت طهران على إبرام عدة اتفاقيات مع كابول محرضة إياها على التغلب على وضعها الجغرافي كدولة مغلقة – غير مطلة على البحار- باستخدام ميناء "تشابهار" الإيراني المطل على الخليج، وذلك كبديل لميناء كراتشي الباكستاني الذي ظل تقليديا يخدم تجارة أفغانستان. وبسبب المنافسة والعداء ما بين الهند وباكستان، رأينا نيودلهي تضع كل ثقلها خلف الفكرة الإيرانية. فهي لم تكتف مثلا ببناء ميناء "تشابهار" وإنما قامت أيضا ببناء شبكة الطرق والأنفاق الضرورية لربط أفغانستان به. وكرد على الخطوة الهندية، قامت إسلام آباد، ومن ورائها حليفتها الصينية، بتطوير ميناء "جوادر" البلوشي المطل على بحر العرب، ليكون حوضا للتبادل التجاري الحر، ومركزا لخدمة النمو التجاري والصناعي الهائل في الصين، ولا سيما في الأجزاء الحدودية المتاخمة لباكستان.

ومن جهة ثانية، فانه نظرا لأهمية الموانيء الباكستانية فيما يتعلق بالجهد الحربي والقتالي لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان، استأثرت هذه الموانيء باهتمام الأمريكيين الذين لم يدخروا وسعا من اجل تطوير منشآتها وتحصينها ضد الأعمال التخريبية.

ومن الأمثلة الأخرى على التطورات الايجابية آنفة الذكر، ظهور نوع من الثقة والإحساس بضرورة الشراكة ما بين كابول وإسلام آباد لأول مرة منذ عقود من العلاقات البينية المتوترة أو المتوجسة. وهذا الذي ظهرت تجلياته في مذكرة تفاهم وقعت في السادس من مايو المنصرم حول انتقال البضائع والأشخاص، أنهى نصف قرن من الجدل والمراوحة وأرسى عهدا جديدا بحسب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي شهدت الحدث وأشادت به كخطوة ضرورية نحو السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.

مثال أخير في السياق نفسه، هو أن ما كانت تروجه حركة طالبان وأعوانها بأن الغرب لم يعد يكترث لأحوال الأفغان وتحسين معيشتهم والاهتمام بتنمية أقاليمهم، صار كلاما لا ينطلي بسهولة على الأفغان، في ظل ثورة الاتصالات الراهنة التي فتحت أعين وآذان الكثيرين من الشعب الأفغاني على ما يجري حولهم. غير أن هناك من يحذر من استمرار تأخير مشروعات التنمية الهادفة إلى تحسين أحوال جموع الشعب الأفغاني، بمعنى أن أي تأجيل جديد في مد شبكات الطرق والإنارة والمياه الضرورية لتنشيط حركة التجارة وانتقال الأفراد والبضائع عبر الإقليم النائية مثل بادغيس، سوف يصب في مصلحة الطالبانيين، بل و يدفع بعض الموالين لحكومة كرزاي إلى التمرد والالتحاق بالمتمردين على السلطة المركزية في كابول.

ويقول قائد العمليات في قيادة حلف الناتو في أفغانستان الجنرال مايكل توكير: أن أحد أسباب عدم تحقيق قواته لنجاحات حاسمة على الأرض الأفغانية هو غياب تأمين طرق الحركة والمرور والإمداد ضد الهجمات الفجائية من قبل المتمردين، وبما استطاع معه هؤلاء السيطرة على الطرق السريعة الحيوية. ويضيف الجنرال الذي سيترك أفغانستان هذا الصيف ليقود قوات بلاده المرابطة في كوريا الجنوبية قائلا: أن ذلك لم يكن فقط بسبب عدم وجود العدد الكافي من المروحات القتالية التي يمكن أن تقوم بعمل رائع في هكذا وضع، وإنما أيضا بسبب انتفاء وجود قواعد صغيرة محصنة على جانبي الطرقات السريعة كي تهبط فيها تلك المروحيات من اجل التزود بالوقود والذخائر، ناهيك عن تحول قاعدة قندهار إلى مكان للراحة والاستجمام والتشمس بدلا من أن يكون مركزا للاستجابة السريعة لما يطلبه العاملون على جبهات القتال. ويرى الجنرال الأمريكي أن ما يجب أن تقوم به قوات الناتو المكونة في غالبيتها العظمى من الجنود الأسبان الآن هو الصراع من اجل استعادة السيطرة على الطرق السريعة، لأنها – بحسبه – هي مفتاح السلام والتنمية، ولا سيما الطريق الذي يربط العاصمة كابول بمدينة قندهار الجنوبية، حيث أظهرت الإحصاءات التي جمعتها منظمة الناتو أنه كلما زادت سيطرة القوات النظامية وقوات التحالف على الطرق السريعة وبالتالي قلت هجمات المتمردين عليها، كلما ارتفع حجم استخدام الشاحنات لها، والعكس بالعكس.

د. عبدالله المدني
* باحث ومحاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية من البحرين
تاريخ المادة: يونيو 2009
البريد الالكتروني :

التعذيب في السجون الإسرائيلية

راسم عبيدات

....اليوم العالمي للتعذيب،هو يوم أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني عشر من كانون أول/ 1997،كيوم عالمي لمناهضة التعذيب،وأيضاً اعتباره مناسبة لحشد الجهود كافة لتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة.

وتعرف تلك الاتفاقية الدولية التعذيب بأنه"أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً،يلحق عمداً بشخص ما،بقصد الحصول من هذا الشخص،أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف،أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه انه ارتكبه،هو أو شخص ثالث،أو تخويفه أو إرغامه هو أو شخص ثالث".

هذا هو موقف الجمعية العامة للأمم المتحدة من التعذيب،هذا الموقف الذي الكثير من دول العالم لا تحترمه أو تلتزم به،ولكن ما هو أخطر من ذلك أن هناك من يشرع التعذيب ويتصرف كدولة فوق القانون،فإسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تشرع التعذيب وتتحدى وتضرب بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية ،ليس المتعلقة بمناهضة التعذيب وحدها،بل كل القوانين الدولية المتعلقة بالشعب الفلسطيني،وحقه في العيش بحرية وكرامة والتحرر من الاحتلال.

والتعذيب في السجون الإسرائيلية،بأشكاله المتعددة والمختلفة،الجسدية والنفسية، ليس بالحالة النادرة أو الاستثنائية أو غير المألوفة ممارسة في أقبية التحقيق والسجون الإسرائيلية،بل هو سلوك ثابت انتهج من بعد الاحتلال مباشرة،وهذا السلوك عملت الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية على تطويره وبشكل متدرج بحيث أصبح نهج ثابت وجزء أساسي في العلاقة ما بين المعتقلين الفلسطينيين والجهة التي تمارس التعذيب(أجهزة أمنية وشرطية إسرائيلية )بمختلف تسمياتها.

ورغم أن من يمارس التعذيب ويعمل على تطبيقه،هو المؤسسة الأمنية الإسرائيلية،ولكن تلقى تلك السياسة دعم ومباركة بل ومشاركة الجهات السياسية والقضائية الإسرائيلية.

والتعذيب الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين،لا يجري فقط قي المعتقلات ومراكز وأقبية التحقيق،بل رحلة التعذيب والعذاب،تبدأ من لحظة الاعتقال،حيث في الكثير من الحالات التي جرى فيها اعتقال مناضلين فلسطينيين،ما تعرض المعتقل إلى الضرب العنيف أمام أفراد أسرته ناهيك عن ضرب واهانة أفراد العائلة،وإتلاف وتدمير محتويات المنزل،وحشر الأطفال والنساء في غرفة من غرف البيت،وكذلك القيام بإهانتهم وتحقيرهم وتفتيشهم وتعريتهم من ملابسهم،وفي الطريق إلى مركز التحقيق يمارس الجنود ساديتهم على المعتقل بالضرب والسب والشتم والتحقير.

وتبرر إسرائيل بالعادة استخدامها للتعذيب بحق الأسرى الفلسطينيين،من أجل الحصول على المعلومات والحفاظ على أمنها وحماية أرواح مواطنيها،وفي الغالب يكون هناك أهداف أخرى من التحقيق،ألا وهي تحقير الأسير وأهانته،والسخرية من قيمه ومبادئه وقضيته وشعبه،وأيضاً استهداف تدمير شخصية الأسير نفسياً وجسدياً.

والمؤسسات الحقوقية والإنسانية التي تعنى بشؤون الأسرى الفلسطينيين،تشير إلى أن إسرائيل تستخدم أكثر من مائتي شكل وأسلوب تحقيق مع الأسرى الفلسطينيين منها النفسية ومنها الجسدية،ومن هذه الأساليب ( الشبح على كراسي صغيرة وعلى الجدران لفترات طويلة ودون انقطاع،والهز العنيف،والحرمان من النوم لساعات طويلة تمتد إلى عدة أيام والضرب المبرح،والذي قد بصل ببعض الحالات إلى الإغماء ومن ثم مفارقة الحياة،والتحقيق الدوار،أي تناوب عدد من أطقم التحقيق على المعتقل بشكل مستمر،أو نقله بين مراكز التحقيق المختلفة وممارسة التحقيق بشكل متواصل معه،من أجل إيصاله إلى مرحلة الانهيار وتقديم المعلومات أو تقديم اعتراف كاذب للخلاص من شدة العذاب،ووضع الأسير في غرف وأقسام العار"العصافير" بهدف طمأنته من أن التحقيق معه قد انتهى،وهو ألان موجود بين المناضلين،والذي قد تدفعه قلة تجربته وتجربته ووعيه إلى تقديم معلومات لهم على أساس أنهم مناضلين،وفي حال رفضه التجاوب معهم يتم تهديده أو اتهامه بالعمالة وأحياناً الاعتداء الجسدي عليه،والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب،والعزل في الزنازين لفترات طويلة لضرب الحالة المعنوية والنفسية للأسير والصعق بالكهرباء،والحرمان من قضاء الحاجة وتغير الملابس الداخلية،ووضع الأسير في خزانة 50 سم × 50 سم وتسليط تيار من الهواء البارد عليه وغيرها من عشرات أشكال التعذيب الأخرى.

ولعله من الهام جداً قوله أن إسرائيل بعد بدء الانتفاضة الأولى- انتفاضة الحجر1987،لجأت إلى ممارسة أسلوب تحقيق وحشي مع الأسرى الفلسطينيين،وهو المسمى بالتحقيق (العسكري)،والذي تستخدم فيه كل وسائل التعذيب الجسدية والنفسية الشديدة لحمل المعتقل على الاعتراف وتقديم معلومات،حيث يجري التعامل مع المعتقل على أساس أن قنبلة موقوتة،وهذا الأسلوب يلقى التغطية والتشريع من المستشار القضائي للحكومة ومحكمة العدل العليا الإسرائيلية.

والمؤسسات الحقوقية والإنسانية الفلسطينية الخاصة بشؤون الأسرى،تشير في تقاريرها وبياناتها إلى أن أكثر من 750000 فلسطيني دخلوا السجون الإسرائيلية منذ بداية الاحتلال،وأن 98% من الذين دخلوا السجون تعرضوا للتعذيب،و88% منهم تعرضوا للتعذيب بطريقة الشبح،و68% تعرضوا للتعذيب بطرقة وضع المعتقل في الثلاجة،وهو عبارة عن مكان ضيق جداً مساحته 50 سم × 50 ٍسم فقط،يوضع الأسير فيه وهو مكبل اليدين واليدين،ويتم ضخ هواء بارد جداً من فتحة أعلى هذا المكان بحيث تكون درجة الحرارة في الداخل صفر مئوي مما يؤدي إلى تجمد المعتقل داخل الثلاجة.

وأيضاً من الضروري القول بأن إسرائيل كانت تركز على التحقيق الجسدي أكثر من النفسي من عام 67 ولغاية 87 ،أي بعد فضيحة رجال المخابرات الإسرائيليين،والذين أدلوا بشهادات كاذبة في المحاكم الإسرائيلية عن عدم ممارستهم التعذيب مع الأسرى الفلسطينيين،وأنهم أي الأسرى الفلسطينيين يعترفون ويقدمون إفاداتهم طواعية،دون استخدام أي شكل من أشكال التعذيب معهم،وقد أثبتت لجنة لنداو الإسرائيلية أن رجال المخابرات الإسرائيلية يكذبون ولا يقولون الحقيقية،واللجنة بدلاً من أن تمنع التعذيب،وضعته في قالب الشرعنة،حيث دعت المحققين إلى استخدام ضغط نفسي وجسدي معقول مع المعتقلين من أجل انتزاع اعترافات ومعلومات منهم،وكذلك كشف لاحقاً عن وثيقة سرية "للشاباك" تشرع التعذيب.

والمهم هنا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية بعد تقرير لندوا طورت أساليب وأشكال تحقيقها،وأخذت تركز على الجوانب والأساليب النفسية أكثر من الجسدية،أي بعد عام 87 ،ومن الملاحظ أنه مع تطوير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لطرائق ووسائل وأشكال التعذيب،لم تستطع الحركة الوطنية الفلسطينية من مواكبة تلك التطورات ولم تضع أشكال ووسائل مواجهة لها،بل شهدنا حالة من التراجع في التثقيف والجلسات الأمنية حول تلك الأساليب،في الوقت الذي كانت فيه الحركة الأسيرة والوطنية الفلسطينية ما قبل مرحلة أوسلو تهتم بشكل عالي بتثقيف عناصرها أمنياً وبأشكال والأساليب التحقيق الإسرائيلية وكيفية مواجهتها،وشكلت العشرات بل المئات من الحالات الاعتقالية حالة صمود في أقبية التحقيق الإسرائيلية،ولعل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت رائدة في هذا المجال على صعيد التوعية والتثقيف والصمود.

واليوم وفي ذكرى اليوم العالمي لمناهضة التعذيب،والذي تضرب فيه إسرائيل عرض الحائط وتشرع التعذيب،لا بد من مواجهة فلسطينية لذلك،مواجهة لا تقوم فقط على تقديم شهادات حية عن ممارسة إسرائيل لهذا التعذيب أمام الهيئات والمؤسسات الحقوقية المحلية،بل لا بد من محاكمة لمن يمارسون هذا التعذيب ويشرعونه،من خلال عقد مؤتمر دولي في فلسطين تقدم فيه الشهادات والوثائق والإثباتات من أجل رفع قضايا أمام المحاكم الدولية،ضد من يمارسون التعذيب بحق أسرانا في أكثر من ثلاثين مركز تحقيق وسجن إسرائيلي،ناهيك عن شن أوسع حملة دولية تفضح وتعري إسرائيل وشرعنتها للتعذيب بحق أسرانا وشعبنا الفلسطيني،والمعطيات تقول أنه مع بدء الاحتلال وحتى الآن استشهد في أقبية التحقيق والسجون الإسرائيلية 197 أسير فلسطيني 148 جراء التحقيق و 49 جراء الإهمال الطبي.

Quds.45@gmail.com

رسالة من على حواجز الاحتلال الى الضمير العالم

مأمون شحادة
دراسات اقليمية
الخضر – بيت لحم – فلسطين
wonpalestine@yahoo.com
مضايقات، واعتقالات، وتفنن في ادارة القهر والاذلال ، حواجز قهرية تتصف بكل لغات العنصرية بما تحملها تلك اللغات من قهر ومعاناة، ومضايقات بحق الشعب الفلسطيني، نعم، هذه هي حواجز قوات الاحتلال الاسرائيلي ، المنتشرة بين كل اوصال الارض الفلسطينية ممزقتة اياها ما بين هنا وهناك، حيث يحجز المواطن الفلسطيني عليها لعدة ساعات وتحت اشعة الشمس متسائلا : الا يحق لي ان اعيش كما يعيش الاخرون..؟ .. اليس من حقي ان اكون طليقا وبلا قيود، حينها يصحو ذلك المواطن من حلمه للحقيقة، ليتذكر انه موقوف "محجوز !! " على ارضه تحت ما يسمى جواجز عسكرية، ممنوع الاقتراب منها الا بلغة التفتيش والاذلال والقهر للمرور الى الاتجاه الاخر من الطريق .
ايها الضمير العالمي،... ان حواجز الاحتلال الاسرائيلي اصبحت تشكل كابوسا يوميا على المواطن الفلسطيني اثناء تنقله بين المدن الفلسطينية, حيث يعاني المواطنون بشكل يومي اجراءات تعسفية، من توقيف للسيارات والحافلات لعدة ساعات في طوابير طويلة، و انزال المواطنين منها واخذ هوياتهم وايقافهم تحت اشعة الشمس، بالاضافة الى الاعتقالات الاستفزازية لبعض المواطنين و اعطائهم تبليغات لمقابلة الحاكم العسكري الاسرائيلي ، كل هذه الاجراءات اخذت تشكل حالة من الاستفزاز تطال الجميع، وخصوصا الطلبة الجامعيين مسببا لهم حالة من الاستفزاز مرورا بتلك الحواجز ، حتى اصبح الطلبة مستاؤون من هذا الوضع المزري الذي اخذ يوثر على تحصيلهم العلمي .
ايها الضمير، ان هذه الحواجز اصبحت بؤرة تنغيص للحياة الفلسطينية، وكابوسا يلاحقهم اينما ذهبوا، مما يعني ان المواطن الفلسطيني مستهدف اينما كان، في الجامعة، وفي البيت، وفي الشارع،... في كل شيئ ، وما هي التهمة؟... حب الوطن!!!....
ان على هذه الارض مسميات كثيرة، لكن اكثرها ... كلمة تسمى "حضارة"، ومن خصائصها الديمقراطية واطلاق الحريات وانصاف البشرية. السؤال هنا ؟؟... اين الديمقراطية واطلاق الحريات وانصاف البشرية مما يحدث في فلسطين من قهر واذلال ؟، والحواجز العسكرية مثال على ذلك.

الجمعة، يونيو 26، 2009

أبجدية الصلف

عـادل عطيـة
adelattiaeg@yahoo.com

من القرآن ، من سورة آل عمران ، من الآية العاشرة بعد المئة ، تعلّم المسلمون أبجدية الصلف !
ـ مع أن النص كتب بصيغة الماضي : " كنتم " ـ !
أبجدية ،
حروفها حادة كالنصل !
قاسية بقسوة قلب عرف ما هو الكبرياء ، وماهي الغطرسة !
وعمياء لا تري سوى مساوئ الآخر !
ولنقرأ في كتابهم ـ الذي لا تنتهي صفحاته ـ : " أنتم الأعلون "..
هذه المختارات النرجسية :
في المؤتمر الرابع عشر للدراسات الموريسكية ،
الذي ألتئم مؤخراً في تونس ،
طالب المشاركون فيه :
أن تقدم إسبانيا اعتذاراً رسمياً للعالم الإسلامي ؛
عما أقترفته أيديهم من جرائم في حقهم في القرن السادس عشر للميلاد !
ولأنهم فوق البشر .
وكل ما عداهم تحت مواطيء أقدامهم .
لم يسألوا أنفسهم : من الذي يجب عليه أن يعتذر للآخر ؟ ..
فهم الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط ،
وغزوا إسبانيا ..
ـ رغم أنها لم تفعل شيئاً ضدهم ـ !
فمنذ أن وقف القائد عقبة بن نافع على حصانه
بالقرب من مدينة أغادير المغربية على شاطئ المحيط الأطلسي ،
ورفع سيفه نحو إسبانيا ، صائحا : " الله أكبر" ،
ذاق الإسبان الأمرين من جيوش وخلفاء المسلمين ،
حتى أنتصر الملك فيردناند على ممالكهم المتصارعة .
فهل يعتذر الإسبان عن طردهم للغزاة العرب من أرضهم ؟!..
هذه صفحة .
وفي صفحة أخرى :
ينتظر المسلمون بفارغ الصبر ،
أن تعلن إسرائيل إعتذارها على مجازرها في :
بحر البقر ، وصبرا وشاتيلا ، وقانا ، وغزة ...
ومع أن إسرائيل ـ على خطئها ـ دفعت دفعاً إلى ذلك :
دفاعاً عن نفسها .
وحفاظاً على كيانها .
فهل يعتذرون هم أيضاً عما ارتكبوه في حق اليهود ؟! ..
ألم يقتلوا اعداداً غفيرة منهم بالقرب من مدينة قرطبة في عام 1010م !
كما قتلوا منهم ستة آلاف في مدينة القيران في عام 1033م !

وألم يرتكبوا مجزرة في حيّهم بمراكش في عام 1232م !
و طردوهم من مدينة جدة إلى اليمن في عام 1786م !
وماذا عن المجزرة التي ارتكبوها بحقهم في بغداد في عام 1828 م !
وعن مئات القتلى منهم في مدينة مشهد بإيران عام 1839 م !
وفي صفحة كتبت حديثاً ، بيد الرئيس المصري ..
أعلن فيها :
رفضه لخطة نتنياهو بوجوب الإعتراف بإسرائيل دولة يهوديه.
ويكاد يطلب منه إعتذاراً رسمياً عن خطته .
فهل يعلن حسني مبارك ،
قبله ،
أو : بالتبعية :
رفضه واعتذاره عن تعديله الدستوري في المادة الأولى منه .
وتمسكه المريب بالمادة الثانية العنصرية التي وضعها سلفه ،
وجعل مصر دولة إسلامية ،
وأن الإسلام دين رسمي للدولة ،
والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ،
واللغة العربية لغة رسمية ؟!
بل وهل يأتي اليوم الذي نسمع فيه عن إعتذاره
ـ نيابة عن أجداده الغزاة ـ
للاقباط ..
الذين ذاقوا الهوان والذل والموت ،
على ايدي الجيوش والقبائل العربية التي استوطنت بلادهم واضطهدتهم..
.. ولا تزال ؟!
وألا تزال القنوات العربية والإسلامية ،
لا تكف عن استضافة بعض الشخصيات الذين يجمّدون العلاقات مع الفاتيكان ،
مطالبين بهستيريا جماعية بإعتذار البابا بندكتس السادس عشر ،
عن محاضرته الشهيرة في جامعة ريجيسبورج ،
والتي اثارت ردّات فعل حادة لدى جموعهم ..
مع أن حديثه كان موجهاً لعلماء أوروبيين ،
وكان يعالج مشكلة فكرية في اوروبا ،
تتعلق بنقد المنطق الحديث .
وأنه في معرض حديثه ،
أراد أن يستشهد بحوار من القرن الرابع عشر ..
دون أن يتّفق مع العبارات التي استخدمها .
ودون أن يقصد توجيه إتهام لفئة معينة .
وانه وإن قام بالنقد فقد قام به ضد تيار لاهوتّي مسيحي وليس ضد الإسلام .
بينما في المقابل ،
نجد الزعيم الليبي معمر القذافي ،
والذي يطلق على نفسه :
ملك الملوك الإفريقي
وأمير مؤمنين القارة السوداء .
ينتهز كل فرصة في كل إحتفالية إسلامية ويسخر من المسيحية ،
بل ويتطاول ـ بجرأة شريرة ـ على شخصية السيد المسيح .
فمن يطالبه بالاعتذار ؟!..
،...،...،...
في العقود القليلة الماضية اعتذرت الدول المتحضرة عن ماضيها الأسود !
فهل يترك المسلمون صلفهم وعنجهيتهم الفارغة ،
التي يستمدونها من : " كنتم خير أمة أخرجت للناس " ..
ويعتذرون عن ماضيهم الأحمر والأسود ؟!...

عقلية العنف.. عقلية يجب قمعها.. حتى لا يضيع شعبنا في غابة المخططات الإسرائيلية

مرشد ميعاري

m.meaari@gmail.com

حاول بعض الزملاء تفسير ظواهر العنف في مجتمعنا العربي في إسرائيل، بقشور سطحية،ولكن بلغة تبدو كبحث فلسفي أكاديمي.. قد يبدو لها أهمية، أما تحتها فمجرد قشور...متجاهلين أن الظواهر التي أكدوا على خطورتها، وإنها تشكل العنصر الدافع للاحتراب الطائفي ( اقرأ: الاعتداء على طوائف أخرى )، هي ظواهر عامة شاملة تخضع لها كل الجماهير العربية بنسب متفاوتة، ولكنها تشكل ضغطا مدنيا اجتماعيا يصيب جميع العرب داخل الخط الأخضر بالقهر والغضب ، فهل من المنطق أن يجري تنفيس هذا الغضب ضد بعضنا البعض ؟ وهل ما جرى في الناصرة والمغار وطرعان وكفرياسيف وعيلبون والرامة وأماكن أخرى .. وأخيرا في شفاعمرو .. هل هو مجرد "تنفيس للضغط "أم تقف في خلفيته عقلية أخلاقية تخطط وتنفذ بدم بارد ، وربما مع سبق الترصد والإصرار؟! فكيف يمكن أن تتحول مشاكسة كلامية بين طرفين إلى هجوم مسلح ، بالأسلحة النارية أيضا ، يشارك فيها من الطرف المهاجم عشرات أو المئات من شفا عمرو ومن خارجها ( كيف وصلوا خلال دقائق من مسافات يزيد بعضها عن 30 كيلومتر ؟!) ؟!... كيف جُمعوا وجُهزوا خلال دقائق ؟! وأين أصحاب العقل للجم الاعتداء في مهده ؟ّ ألا يُقرأ المكتوب من عنوانه ؟! هل أصيبوا بصمم وفقدان نظر مؤقتين ونادرين ؟! وما هو تفسير "تنفيس الضغط" على حساب مجموعات سكانية .. اختيارها بسبب ضعفها ، وضعفها في مفاهيم "حضارتنا الصحراوية " تعني عدم امتلاكها لوسائل مشابهة لرد الاعتداء عليها ، مما يجعل الاعتداء مكلفا ، ربما للطرفين ، وثانيا ،وهنا يجب ان نحني رأسنا احتراما لها ... ترفض أخلاقيا الرد بنفس الأسلوب ، والويل من الظن ان هذه نقطة ضعف .. إنما هي الأصالة وقوة العقل والإرادة !!

وليعرف الجميع انه لا شيء مستحيل .. لا شيء يعجز عنه الإنسان إذا بولغ في امتهانه ، وقد بلغ السيل الزبى ، فلنكن جميعنا على حذر !!

أوافق أن الأقليات داخل الأقلية، معرضة أكثر من غيرها لهذه الظواهر السلبية، أي إن المسيحيين والدروز، داخل هذا الجسم العربي المضطهد والمحصور الذي يشكل ضلعه الثالث ، المسلمين .. كلهم يعانون من الحصار والاضطهاد والتوتر من واقعهم ، ومن أي تطاول على حقوقهم وكرامتهم الوطنية والإنسانية ،فهل هذا مبرر لنقوم بحملات عنف ضد أبناء شعبنا من طوائف أخرى؟! وإذا بحثنا عن مصدر الضغط والضيق .. للتخفيف عن أنفسنا ، إذن الأولى بنا أن نهاجم مضطهدي شعبنا وسالبي حقوق كل طوائفه. ومطلقي الأوصاف المهينة علينا ، كما فعل وزير الأمن الداخلي عندما قال ليهودي (مبربش)بأنه يشبه العربوش .. ولم يقصد المسلمين فقط ، أو المسيحيين فقط ولم يستثن الدروز من "عربوشه " . بربكم أي اهانة أكبر لطوائفنا ولكوننا بشرا .. هل تلاسن بين مسيحي ودرزي في شفاعمرو .. أم توجيه اهانة لكل عربي من وزير عنصري ؟!

التبريرات التي طرحها الزملاء، ومعظمهم من أبناء الطائفة العربية الدرزية، هي تبريرات مثقفين يؤذيهم أن يقوم أبناء طائفتهم بمثل هذه الاعتداءات، ولكنهم لم يصلوا بعد لجرأة قول كلمة "كفى" . العنوان ليس المسيحيون العرب، الذين لا يقل حصارهم وضغطهم الداخلي والتمييز ضدهم، واضطهادهم، عن سائر أبناء الطوائف الأخرى.وبشكل عام ، كل الحركات السياسية التي جعلت الدين تنظيما سياسيا ، وكل من قبل جعل هويته الرئيسية هوية دينية ، ساهم ، بارادته أو بإستلاب ارادته ، على شرذمتنا واضعافنا سياسيا في مواجهة التحديات والسياسات العنصرية التمييزية ضد كل مركبات الجماهير العربية ، وأقول إني أتحدى أي عربي ومن أي انتماء طائفي أن يثبت أن فصله عن هويته القومية ، فتح له أبواب المساواة ولم يعد "عربوشا " وجوده في وطنه مؤذ للعنصريين ، حتى لو كانوا ذوي مناصب تمثيلية رفيعة ؟! أنا لا أرى فرقا بين إطلاق صفة "العربوش" على العرب والصفات التي أطلقها ويطلقها العنصريون والفاشست من أي لون كان على أقليات أخرى ، كما كان الحال في اوروبا مثلا .

حركات سياسية دينية .. ربما قابلة للنقاش في العالم العربي ، ولكنها بالغة الخطورة داخل إسرائيل لأن المعركة الأساسية ليست الاعتراف بانتمائنا الديني ، بل كسر التنكر لانتمائنا القومي وطرح أنفسنا كأبناء قومية نرفض إن تضع السلطة حواجز الدين المصطنعة بيننا .. ربما هنا نجحت إسرائيل بسلخ هويتنا القومية وجعلتنا نتحدث عن شعبنا بصيغة الطوائف ، فقط المسيحيون العرب لم ينتظموا سياسيا تحت إطار طائفي ، وكان باستطاعتهم فعل ذلك ، وربما يعطيهم مثل هذا التنظيم القوة في مواجهة التحديات على المستوى الطائفي ... موقفهم يستحق أن يكون معلما لنا جميعا. للأسف أقول أنهم الطائفة الوحيدة التي تصر على هويتها الوطنية قبل أي هوية أخرى، هذا لم يجعلهم اقل وعيا.. أو علما .. العكس هو الصحيح ، أنهم الأبرز تعليما ووعيا ومعرفة ونضالا وطنيا في مجتمعنا !!.. ربما لذلك يستحقون العقاب في إسرائيل ؟!

حسنا ، رؤيتي تتجاوز بشكل مطلق حدود فهم الاعتداء على المسيحيين بإطار طوشة عمومية ، أو بإطار تطور الطوشة إلى احتراب طائفي .. والموضوع ليس أيدي سلطوية تلعب بنا .. بل سياسة تجعلنا نفتقد للإدراك ونفتقد لحسنا الإنساني ولقدراتنا العقلية السوية . إن من يفقد انتمائه لمجتمع مدني ولثقافة وطنية ولهويته القومية تسهل سياسته ، وبدل أن نرى العنوان الأساسي الذي يجب أن نوجه إليه كل حرابنا وعزمنا المشترك ، نختلق عناوين جديدة لتفريغ " ضغوطاتنا الداخلية " تزيد تفسخنا وتعمق ضياعنا وانحطاطنا إلى مستويات لا تليق بالبشر... مثل هذا المجتمع لا يطيب لأحد العيش فيه ، حتى لأولئك الواهمين أنهم الأقوى والمميزين عن الآخرين ، وبغض النظر لأي طائفة ينتمون !!

صحيح اني أتحدث وانا بعيد عن النار .. ما رأيته من صور الدمار التي بثتها الفضائيات أذهلتني وجعلتني افهم الفرق النوعي للطائفة المسيحية عن سائر طوائف العرب . الويل لمن يفسر قدرتهم على ضبط النفس بغير مسارها الصحيح . لو جرى مثل هذا الاعتداء على المسلمين لهجُر المعتدين من منازلهم ولدُمرت كل أملاكهم ولما نفعهم سلاحهم وحكومتهم الراعية ، وأظن انهم يدركون ذلك . . الاعتداءات على المسيحيين لم تتوقف على الدروز لوحدهم. وكل محاولات تصوير هذه الظاهرة كطوشة عمومية، هي محاولات عقيمة وغير أخلاقية ، لأنها تقود إلى تكرار الاعتداءات. وأقول بوضوح آمل أن يفهم بعقل وان لا يقود إلى رد غرائزي ،لا تحولوا المسيحيين العرب إلى " كيس رمل " لتمرنوا عليه قبضاتكم وعضلاتكم..

حدثت صديق بلجيكي ، عن أحداث شفاعمرو وقبلها المغار ،وما سبق المغار في الناصرة ( ربما يتكرر ما دامت العقلية التي سببت المشكلة في الناصرة قائمة ) وقرى عربية أخرى فأصيب بذهول .. قال إن بلجيكا مليئة بالأقليات الإثنية والدينية ، وأن القانون يساوي بينهم كمواطنين في الدولة ،ولا يميز بين حقوقهم الثقافية واللغوية والتعليمية والدينية والسياسية ، والويل لمن يجرؤ على تنفيذ اعتداء أو اهانة لمواطن على قاعدة اثنية أو دينية ... إن ارتكاب جريمة قتل لا تقل خطورة بنظر القانون البلجيكي عن التعرض لمواطن من مواطن آخر بسبب انتمائه المختلف . ثم أضاف ، كيف ستبنون دولة فلسطينية ومجتمع فلسطيني ديمقراطي مدني وأنتم أعداء لبعضكم البعض ( بالطبع لم يكن يعني الخلاف الفتحاوي الحمساوي المخجل )؟!

لا يمكن تغطية الضغط الذي تتعرض له مجموعة اجتماعية من السكان، بخلاف بين أفراد. الخلاف بين أفراد يبقى خلافاً بين أفراد، أما عندما تندفع مجموعة من عشرات أو مئات، مسلحين بكل أنواع الأسلحة، للاعتداء على مجموعة سكانية، لا علاقة لها بخلاف ، حتى لو حدث .. بين فرد منها مع فرد من مجموعة سكانية أخرى، فهذا ببساطة بروغروم إجرامي مدبر ومخطط سلفا.

بوس اللحى لن يحل الإشكال ، والادعاءات المتناقضة حول حالة الحصار أو الضغط، مرفوضة كتبرير ، لأنها تجعلنا مجموعات بلا هوية وطنية وبلا انتماء لمجتمع إنساني !!

يقولون "لا نعتدي على احد، ولكن الويل لمن يعتدي علينا". هذا عذر أقبح من ذنب.

أحداث المغار تبين أن لا ضلع للمسيحيين في السبب التافه الذي كان دافعا للتدمير والحرق للأملاك المسيحية ، وللإفراد المسيحيين ، وبالصدفة لم يسقط قتلى ، ثم تبين أن الحجة التي حركت الاعتداء هي نزوة شاب درزي مراهق ... فهل جرى اعتذار وإعادة تفكير وتعويض المتضررين وعقاب المعتدين؟! وهل أبناء مجموعة سكانية كاملة، بحالة خطأ فردي،أو لأي سبب كان ... يجب أن يتحملوا العقاب الجماعي ؟! ومع احترامي لكل التبريرات ، إلا أني أرى بها رفضا خجولا مغلفا لظاهرة العنف والاعتداء على طوائف أخرى ، وهنا ايجابيتها النسبية . لقد هوجمت كنيسة ومنزل فارغ لشخصية شفاعمرية مشهورة ،كما علمت .. ولم يكن في الكنيسة أو في المنزل أي إنسان يمكن أن توجه له تهمة اهانة أي درزي ، فهل اختيار هذه الأهداف ، الذي يتكرر بنفس النمط في كل اعتداء ، كان بمحض الصدفة؟! بسبب حالة الضغط مثلا التي تعاني منها الأقليات ؟! هل من تعاليم الديانات الإعتداء على مقدسات الآخرين اذا وقع خلاف ؟! الدين الذي يسمح بذلك ، أي دين كان ، ولا تصدر عن رجالاته ادانة رسمية بقوة ، ويعاقب مرتكبي الاعتداء على مقدسات الآخرين ، على الأقل على المستوى الأخلاقي ، ببساطة يفقد رجالاته اهليتهم التمثيلية !!

كفى ضياعا وتشرذما وفقدانا للهوية !!

كفى تبريرات ملطفة .. السيارات المحطمة والمحروقة ، والبيوت المعتدى عليها ، وكل فرد طاله الضرب الشرس ، يعرف كم كان الهجوم لطيفا ومثل نسمات الصيف في يوم قائظ ، و "مجرد طوشة عابرة لا تعكر أجواء المحبة والجيرة الحسنة " كما ثرثر بلا شرف شاعر كبير عبر أثير احدى الإذاعات كما وصلني من قارئ درزي قال انه يخجل بما ارتكبة ابناء قومه ...

هل ستنفع هذه التلطيفات والكلام المائع ، بمنع البروغوم القادم ، وليس شرطا بتنفيذ درزي .. وربما تقع فيه أحداث قتل .. هل سنبررها بأنها مشيئة الله ، وهو المكتوب للقتيل ولا يمكن تغييره ؟!

أشغلتني أسئلة كثيرة .. ربما المسافة التي تبعدني عن وطني ، الذي غادرته قبل عقدين ونصف العقد ، ولا أعرفه إلا بما ينشر عنه ، جعلتني أكثر قلقا.. بحثت في الانترنت وأكتشفت الكثير من المعلومات التي أذهلتني عن واقع الدروز المؤلم في إسرائيل رغم خدمتهم العسكرية ودفعهم ضريبة الدم لغير حقوق شعبهم أو حتى حقوق طائفتهم .

هل المسيحيون العرب هم العنوان لعدم مساواة الدروز مع اليهود على قاعدة خدمتهم للعلم، وتنفيذهم للأعمال القتالية بلا تردد ضد أبناء قومهم العرب، حتى لو كانوا دروزاً من لبنان أو سوريا، وليسوا مسيحيين ومسلمين عرب فقط..؟!

هل المسيحيون العرب هم المانع الأساسي لعدم المساواة المواطنين الدروز، وعدم إنصافهم بالاستثمارات والهبات والمنح لتطوير بلداتهم؟!

هل المسيحيون العرب هم وراء سياسة الإجحاف بقضايا الأرض، وسياسة التخطيط والتنظيم والتوزيع العادل لأراضي الدولة؟

هل المسيحيون العرب وراء غياب خرائط هيكلية تستجيب لتطور البلدات الدرزية، وبقاء خرائط قديمة من العام 1968 بينما قرى التطوير اليهودية لا تنقصها مثل تلك الخرائط الحديثة.

هل المسيحيون العرب، وراء سياسة السلطة بإهمال النمو الطبيعي للدروز، وإبقاء مسطحات بلداتهم في حدود عام 1968 أو ما دون ذلك سوءاً؟

المواطن الدرزي، هو مواطن في إسرائيل ويخضع لمخططات السلطة العنصرية ، ويعتبر مواطناً مع وقف التنفيذ مثل سائر المواطنين العرب، مسيحيين ومسلمين، أم انه مميز بقيراط واحد ضمن سياستها العنصرية؟ وماذا أعطته الدولة أكثر مما أعطت للمسلمين والمسيحيين ، اذا تجاهنا انها أعدت للشباب الدروز مقابر عسكرية ، عافاها الله وكتر خيرها ؟!اليس بناء مدرسة عصرية أهم من بناء مقبرة عسكرية ؟!

ربما يعتبر البعض حمل السلاح هبة من الدولة ترفع قيمة الطائفة بين الجماهير العربية؟!

هل المسيحيون العرب مسئولون عن سمعة الجنود الذين يرتكبون، حماقات مخجلة لكل إنسان عاقل، وعلى الأغلب لا يرتكبها جندي يهودي، في التعامل مع الشعب الفلسطيني ( شعبهم رغم أنفهم ) في المناطق المحتلة؟

هل المسيحيون العرب مسئولون عن نهب الأرض الدرزية. مثلاً عما يسمى "الحديقة الوطنية" التي أقيمت حسب قانون سلطة الحدائق الذي اقر عام 1966، لتحويل ما يقارب 30 ألف دونم من أراضي الدروز ، من عسفيا والدالية، إلى سلطة الحدائق، دون إعطاء فرصة للمواطنين حتى للاعتراض؟

هل المسيحيون العرب مسئولون عن أن "الكيرن كاييمت" في قانونها الأساسي تخصص الأراضي لليهود فقط، وهناك مئات الظواهر التي تستحق غضباً درزياً وغضباً لكل الجماهير العربية...وليس ضد بعضنا البعض. ليس ضد طائفة صغيرة تعاني من نفس السياسة ولا تملك من وسائل الدفاع عن نفسها ما يمكن المعتدين عليها من البطش الهولاكي بها...

لا تعزلوا نفسكم عن أبناء شعبكم، انتم في النهاية جزء من الهم الوطني لنا جميعاً. تتعرضون لتهويد الأرض، تتعرضون للإفقار النسبي الدائم. تتعرضون لتشويه هويتكم الوطنية وتتعرضون لتشويه هويتكم الإنسانية، وهذا الخطر الأكبر، ليس على المسيحيين وإنما عليكم بالأساس ، ثم على سائر جماهير شعبنا في داخل الخط الأخضر وفي المناطق المحتلة .

إن ما يجمع الدرزي مع الجماهير العربية، المسيحيين والمسلمين اكبر ألف مرة مما يجمعه مع مضطهدي شعبه ومصادري حقوقه وأرضه وحقه في الحياة الحرة الكريمة.

( مرشد ميعاري – لاجئ فلسطيني ، ومواطن متساوي الحقوق في بلجيكا )

قلب الهرم الفلسطيني على رأسه

نقولا ناصر
عندما تمنح الجائزة الفرنسية الشهيرة "أجوردوي" لهذا العام لكتاب ألفه الأكاديمي الإسرائيلي شلومو ساند بعنوان "اختراع الشعب اليهودي" الذي يخلص فيه إلى أن صلة هذا الشعب الذي "اخترعته" الحركة الصهيونية حديثا بفلسطين هي علاقة "خيالية"، وعندما تحول حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي مقولة "الدولة اليهودية" التي ينقضها ساند من أجندة سرية للتطهير العرقي ضد عرب فلسطين إلى سياسة دولة رسمية معلنة تطلب اعترافا عالميا بها ثم تحول انتزاع اعتراف عربي وفلسطيني بها إلى شرط سياسي مسبق للتفاوض على اعترافها بدولة فلسطينية، عندما يحدث ذلك ويخلو خطاب فلسطيني أريد له أن يكون ردا على هذا الخطاب الإسرائيلي الخطير من أي رد على هذه المقولة – الشرط المسبق، مثل خطاب د. سلام فياض رئيس حكومة سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني في رام الله الذي ألقاه بجامعة القدس في أبو ديس يوم الاثنين الماضي، فإن الأمر لا ينبغي أن يمر مرور الكرام. ولأن الله وحده هو العالم بالنوايا، فإن افتراض حسن النية هو أفضل ما يمكن التعليق به على خطاب فياض، لكن الطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة كما يقول مثل غربي.

ومن الواضح أن فياض أراد لخطابه أن يكون "تاريخيا"، بمستوى رد فلسطيني على خطابي الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة في الرابع من حزيران / يونيو ورئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الرابع عشر من الشهر نفسه، ومثلما عرض الرجلان في خطابيهما استراتيجية حكومتيهما تجاه الصراع العربي والفلسطيني - الإسرائيلي، أراد فياض أن يعرض استراتيجية فلسطينية أيضا .

وهنا يفرض سؤالان نفسيهما وهما أولا: إذا كان المقصود فعلا من خطاب فياض أن يكون ردا وطنيا فلسطينيا على خطابي أوباما ونتنياهو، لماذا نأت الرئاسة الفلسطينية بنفسها عن تحمل مثل هذه المسؤولية بنقلها إلى المستوى المؤسساتي الأرفع، وثانيا: لماذا أوكلت الرئاسة هذه المهمة السياسية الاستراتيجية إلى حكومة طالما أصرت الرئاسة على الصفة "التنفيذية" غير السياسية لها عندما كانت رئاستها لحركة حماس المنتخبة سواء عندما انفردت الحركة برئاستها مباشرة بعد الانتخابات التشريعية عام 2006 أم عندما تحولت إلى حكومة وحدة وطنية برئاسة الحركة بعد اتفاق مكة المكرمة في العام التالي؟

وسؤال ثالث يفرض نفسه أيضا هو: هل حكومة فياض "التنفيذية" ورئيسها مؤهلان من الناحيتين التمثيلية والشرعية لصياغة استراتيجية وطنية بمستوى الرد على رؤية استراتيجية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ولضامن أمنها الأميركي، حد المغامرة بتقديم "وعد" غير واقعي للشعب الفلسطيني بالحصول على دولته المأمولة "بحلول نهاية العام القادم، وكحد أقصى خلال عامين"، والإفراط في هذا الوهم حد البناء عليه باعتباره حقيقة واقعة لا محالة لعرض ما وصفته وكالة أنباء "وفا" بأنه "أجندة وطنية" لأن "هناك فرصة لإنجاز برنامج الدولة كعنوان مركزي للتحرك الفلسطيني"؟

إن المراقب لا يسعه إلا التساؤل عن المعلومات التي يملكها فياض ولا يملكها غيره وعن مصادر القوة المتوفرة له ولا تتوفر لسواه لكي يملك الجرأة على تحديد سقف زمني لوعده بأن تكون الدولة الفلسطينية "حقيقة قائمة وراسخة" خلا ل عامين، وهي جرأة نأى رئيس القوة الأميركية الأعظم في التاريخ أوباما بنفسه عنها عندما رفض الالتزام بجدول زمني وصفه ب"المصطنع" لإقامتها، ولكي يملك الجرأة على انتزاع صلاحيات مرجعيات مؤسساتية مثل منظمة التحرير ومؤسساتها وفصائلها، ناهيك عن مرجعيات الفصائل الوطنية غير الأعضاء فيها، ليرسم استراتيجية فلسطينية ويضع أجندة وطنية لتنفيذها بينما ما زالت الرئاسة الفلسطينية نفسها التي يستمد شرعية حكومته منها حريصة على التذكير ليل نهار بالتزامها بهذه المرجعيات لرد النقد الواسع لها بأنها منفردة بصنع القرار الوطني!

ولم تستطع إشارة فياض إلى أن حكومته هي "حكومة الرئيس"، ولا اقتراحه بدعوة المجلس المركزي لمنظمة التحرير إلى الانعقاد لمنح الشرعية لبرنامجه، ولا الحرص الذي أبداه على "التواصل" مع "مختلف فعاليات المجتمع ومؤسساته" كمرجعية هلامية عائمة تكون بديلا للمرجعيات المؤسسية المغيبة أو المهمشة، لم تستطع هذه وغيرها إخفاء حقيقة أن فياض كان يحاول إخفاء نقطة الضعف الأساسية لحكومته، وأن حكومته التي سعى إلى "التفاف" الشعب حول برنامجها باعتباره "أجندة وطنية" هي حكومة "مؤقتة" ، بدأت وسوف تنتهي دون أن تحظى لا بشرعية مؤسسات سلطة الحكم الذاتي ولا بشرعية منظمة التحرير كحكومة طوارئ مؤقتة استقالت وهي منتهية وأعيد تكليفها ثم أعيد تشكيلها ل"تسيير الأعمال" بولاية مؤقتة مرتهنة لنجاح حوار القاهرة في التوصل إلى وفاق وطني.

إن الجهة أو الجهات الوحيدة التي يمكن أن تتمتع بها أي حكومة كهذه بالمصداقية لديها هي فقط تلك التي تفرض على الرئاسة الفلسطينية الاختيار بين اعتماد حكومة فياض ك"شريك" في التفاوض يحظى بثقة المانحين وبين إعادة فرض الحصار الشامل على الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ليمتد من قطاع غزة إلى الضفة الغربية.

وهذا ينتقل بنا من الشكل في خطاب فياض إلى مضمونه الذي قلب هرم البرنامج الوطني الفلسطيني المعلن على رأسه بدل قاعدته، فالدولة الفلسطينية التي "يعد" بها تسبق إنهاء الاحتلال وتقوم في ظله وبموافقته، ولا تنشأ كنتيجة طبيعية لإنهائه أولا، مما يضع العربة أمام الحصان فيشل حصان السيادة الفلسطينية عن الحركة تماما، وحكومة الأقلية غير المنتخبة و"المؤقتة" المشكلة في ظل حالة طوارئ تأخذ دور حكومة الأكثرية المنتخبة التي غيبتها حالة الطوارئ، والأقلية الهامشية في النضال الوطني تأخذ دور الأغلبية في الحكم ورسم الاستراتيجية الوطنية، وتستمد شرعيتها من الدعم الخارجي أكثر مما تستمدها من الإجماع الوطني، والحكومة "المؤقتة" التي تنتهج سياسة الاستمرار في تهميش وتجميد المرجعيات الوطنية الدائمة ثم تتذرع بحجة أنها معطلة تأخذ لنفسها دور هذه المرجعيات ثم تتوسل انتقائيا منح الشرعية لها منها باستدعاء بعض مؤسساتها "حسب الحاجة"، كما فعل فياض في اقتراحه دعوة المجلس المركزي للانعقاد، إلخ.

وبينما يقول أوباما ونتنياهو إن الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 "غير قابل للاستمرار"، ويحذر قادة عرب مثل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من أن استمراره ينذر بانفجار عنف له مضاعفات إقليمية، وتصف شخصيات سياسية عالمية مثل كيث إليسون، وهو أول مسلم عضو في مجلس النواب الأميركي، الأوضاع التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال بأنها "لا تطاق" ولا يمكن العيش فيها، فإن فياض يعتبر هذا الوضع الراهن نفسه حاضنة "انجازات" لحكومته منذ عامين تؤسس ل"أجندة وطنية" يقترحها ل"الولوج في المراحل الأخيرة لإنجاز بنيان الدولة الفلسطينية" في ظل الاحتلال، مكابرا بالضد من كل الحقائق التي تطعن الكبرياء الوطنية والسيادة المأمولة في الصميم يوميا "بأن الواقع على الأرض هو واقع دولة كاملة بالرغم من الاحتلال".

وبينما يدعو رئيس السلطة والناطقون باسم الرئاسة ومفاوضوها، مثلهم مثل المعارضين لهم في الانقسام الفلسطيني، المجتمع الدولي إلى عزل رئيس وزراء دولة الاحتلال وحكومته يدعو فياض إلى "إنجاز عملية التفاوض" مع دولة الاحتلال، ويسعى "لمد الجسور" معها، "بما يؤسس لعلاقات طبيعية" و "التعايش المشترك" معها، ليعلن بأن "أيدينا ممدودة لصنع السلام الحقيقي"، دون أن يتطرق ولو بإشارة إلى رفض الشروط الإضافية والرؤية الجديدة التي عرضها نتنياهو في خطابه بديلا للاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير، باستثناء الإشارة إلى خلو هذا الخطاب من أي إشارة إلى "خريطة الطريق" التي ما زالت حكومة فياض والرئاسة والمفاوض الفلسطيني يعتمدونها أساسا لاستئناف عملية التفاوض.

إن فياض وهو يكرر الإشارة في خطابه إلى "برنامج بناء مؤسسات الدولة ... كعنوان مركزي للتحرك الفلسطيني" الذي وضع أجندته بعيدا عن كل المؤسسات الفلسطينية، وتأكيده على الأهمية السياسية لإنهاء الانقسام الفلسطيني في إنجاح هذه الأجندة وعلى "دولة الأمن والأمان والقانون" التي يطمح إليها، قد فاته الترحيب بالإفراج عن رئيس المجلس التشريعي المنتخب للسلطة د. عزيز الدويك من سجون الاحتلال في اليوم التالي لخطابه وفاته المطالبة بضرورة تحرير بقية أعضاء المجلس المختطفين في سجون الاحتلال بالرغم مما لأي إشارة كهذه من أهمية في منح مصداقية للبنود الخاصة بالمؤسسات والانقسام وسيادة القانون في أجندته المقترحة، بينما بدا الدويك نفسه أكثر حرصا على المؤسسات والقانون عندما رفض الإدلاء بتصريحات في طولكرم فور إطلاق سراحه قائلا إنه كان سيدلي ببيان من مقر المجلس التشريعي في رام الله نفسها، قبل أن يعرف بأن حكومة فياض ستغلق أبواب المجلس التشريعي في وجهه.

لكن فياض لم يفته الإشارة إلى أن "مشروع الاستيطان الإسرائيلي قد استفاد من حالة الانقسام الفلسطيني خلال العامين الماضيين" دون أن يوضح "كيف"، متجاهلا بأن منح الأولوية في برنامج حكومته المؤقتة لاجتثاث الطرف الآخر في الانقسام الوطني اعتمادا على إمكانيات خارجية قد هدر أي طاقات تمتلكها حكومته بعيدا عن التصدي للاستيطان ومشاريعه بمقاومة سياسية أو غير سياسية.

ولا تنتهي هنا سلسلة التناقضات في خطاب فياض، فالحرص الذي أبداه على ما سماه "الاصطفاف الدولي" وراء حكومته وبرنامجها لم يكن ثمرة "انجازات" هذه الحكومة، لا بل إن العكس هو الصحيح، فهذه الحكومة "الاستثنائية" ما كان لها أن تقوم وتستمر كحالة استثنائية إلا كثمرة للاصطفاف الدولي الذي تبنى شروط دولة الاحتلال كشروط مسبقة للجنة الرباعية الدولية للاعتراف بأي حكومة فلسطينية تتبناها وتفرضها.

وفي هذا السياق ربما كانت إشارة فياض إلى رفض "الازدواجية الأمنية" هي الإشارة الأوضح للتناقض في خطابه بين نواياه في أن تكون السلطة "هي وحدها صاحبة الولاية في المجال الأمني" وبين واقع ازدواجية الولاية الأمنية مع قوات الاحتلال في إطار التنسيق الأمني بين الجانبين، لا بل وثلاثية الولاية الأمنية في ضوء الإشراف الأميركي على أجهزته الأمنية وعلى مراقبة التزام الجانبين بالتنسيق الأمني. وبافتراض حسن النية، فإن نوايا فياض الحسنة ما زالت هي التي تعبد الطريق الذي لا نهاية له في الأفق إلى جهنم الوضع الفلسطيني الراهن.

فتح... الصهاينة الجدد

ممدوح أبو السعيد

حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح, الرصاصة الأولى, والسواد الأعظم, والعنفوان الثوري, المشروع الوطني, حامية الوطن وحامية المشروع, تأسست عام 1965, وقادت المشروع الوطني حتى الانتخابات التشريعية الثانية, والتي تبوأت حركة حماس قيادة المشروع الوطني بعد فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006.

بعد قدوم حماس للسلطة عبر الانتخابات أصيبت حركة فتح بصدمة لن تحسن التعامل معها, حيث قاد تنظيم فتح مجموعة من القادة المراهقين الذين يطمحون في الوصول إلى الزعامة وأبرزهم السيد محمد دحلان, حيث أسس دحلان قوة أمنية سماها بتنفيذية فتح, وصالت وجالت هذه التنفيذية من أجل إفشال حكم حماس, ولن تقتصر محاولات الدحلان عند حد استخدام عناصر فتح في تقويض حكم حماس, بل وصل الأمر الى عقد تحالفات أمنية مع أعداء الله وأعداء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية, حيث تحالف مع السيد كيلث دايتون الجنرال الأمني الأمريكي, وتحالف مع الاحتلال والذي زوده بالعشرات من الأسلحة الثقيلة وما يلزم للانقلاب على الشرعية السياسية الفلسطينية.

لم تفلح مخططات الصهاينة الجدد في النيل من حركة حماس, وهذا ناتج عن التفاف الشعب الفلسطيني حول خياره الديمقراطي والمتمثل في حماس, فانقلب السحر على الساحر, وحسمت حماس بالقوة العسكرية الأمور في قطاع غزة, وأحكمت السيطرة عليه, فما كان من الصهاينة الجدد إلا وأن اتخذوا من أرض الضفة الغربية مقراً لهم, فزادوا من تحالفاتهم مع الاحتلال, ونسقوا امنيا من اجل استئصال المقاومة, فقاد دايتون الأجهزة الأمنية, وعاث بها فسادا, ولكن أين تكمن الخطورة؟
تكمن الخطورة في شرعنة الصهاينة الجدد لأنفسهم من خلال عقد المؤتمر السادس في بيت لحم, والتآمر على قيادات فتح الشرفاء لاخراجهم من الحركة عبر البوابة الديمقراطية, لذا ينبغي على كل الشرفاء والغيورين على فتح أن يتحملوا مسئولياتهم وأن يعملوا على افشال عقد مؤتمر الخيانة والعمالة في بيت لحم على النحو التالي:
الدول العربية:
ينبغي على الدول العربية إفشال عقد المؤتمر عبر ممارسة ضغوط على فتح وعلى قيادات فتح بعدم المشاركة وتعطيل عقد المؤتمر بالداخل.
فتح:
على الغيورين من فتح أن يبذلوا كل الجهود على تعرية الفريق المتصهين داخل حركة فتح, وأن يحموا الحركة عبر تحالفات إستراتيجية مع الكل الوطني والإسلامي الفلسطيني.
حماس:
يقع على عاتق حركة حماس مسئوليات كبرى في إفشال المؤتمر, حيث تمتلك الحركة قوة منع قيادات فتح من المشاركة في المؤتمر, وعليها أن تحمي فتح ومشروعها عبر مثل هكذا قرارات.

لم يبقى سوى توجيه نصيحة للشعب الفلسطيني مفادها أن دايتون أطلق مصطلح الفلسطينيون الجدد, وأنا أطلق مصطلح الصهاينة الجدد, نتمنى أن تعود فتح إلى رشدها وان تنقلب على الخونة.

الخميس، يونيو 25، 2009

الجمر تحت الرّماد وحكماء ما بعد

فوزي ناصر
بعد أحداث شفاعمرو المؤلمة الأخيرة حيث قامت فئة تنتمي لطائفة من طوائف شعبنا ضد طائفة أخرى قامت قيامة رجال الدين والمجتمع والسياسة قائلين ان هذا الحدث بعيد عن تعاليم ديننا وتقاليد مجتمعنا وشعبنا، وتكثر الخطب واتهام الأغراب وكأن القادم من خارج شفاعمرو لا ينتمي لشعبنا وذنبه في الهجوم على طائفة أخرى مغفور أو أن المحليين الذين استنجدوا به معفيون من المسؤولية..
قبل شفاعمرو كانت الناصرة وكانت البقيعة وكانت طرعان وكانت أبو سنان وكانت المغار، وانتفخ بعد كل حدث عدد من الزعماء وألقوا من الكلمات معسولها وتكاد لا تجد فرقاً بين خطبة وخطبة، بين شعار وشعار.. ويعيد نفر من أبنائنا الاعتداء نفسه في مكان آخر ليبرر الحكماء مَرّة أخرى بعد فوات الأوان.. وسرعان ما ينسى هؤلاء أن هناك أمراً غير سوي في مجتمعنا، في تربيتنا، في ممارساتنا الحياتية الثقافية والاجتماعية..
إني لا أرى عملاً جدّياً بعد انخماد النار وكأن الرّماد الساخن والجمر المدفون فيه غير موجود لأنه لا يري لهيباً ولا يُسمع صوتاً..
أقول، وأنا مسؤول عن قولي هذا الذي ربّما يثير أناساً كثيرين، إن في وجود مدارس أحادية الطائفة ونوادٍ أحادية الطائفة وحارات أحادية الطائفة ودروس أحادية الطائفة، دفيئة لما حدث في شفاعمرو وما حدث في أماكن أخرى قبلها وسيحدث في أخرى بعدها، وأكثر من ذلك هناك في مجتمعنا من رجال التربية ورجال الدّين ورجال المجتمع من يزرعون الحقد والكراهية والفرقة والفتنة بين أبناء شعبنا غير المنتمين لطائفتهم.. سمعنا ونسمع ولا نحرّك ساكناً وكأن تلك المحاضرات والدروب والخطب لا تخصنا بشيء أو أن شعبنا محصّن ضد ما يزرعه هؤلاء في نفوس الصغار الذين يعتبر تعليمهم كالنقش في الحجر.
هذه هي آفة شعبنا، وهذا ما يستحق من قياداتنا الدينية والسياسية والاجتماعية الاهتمام بالدرجة الأولى لأنها الآفة العظمى.
حين كتبت عن أحداث المغار، أشرت إلى أن الاعتداء القادم لن يتأخّر وسيبدّل المكان فقط، وها نحن نشهد أحداثاً لا تقل خطورة عن المغار وسنشهد مثل هذا لاحقاً إن بقينا كما نحن، نداوي السرطان ببعض المرهم..
سأُتّهم بالسوداوية والتشاؤم.. وأعترف بالتهمة، وربّما يتهمني بعض عسيري القراءة والفهم بتهمة أخرى لأنه لا يعرف أن المسلمين أهلي والمعروفيين عشيرتي والمسيحيين طائفتي ولن أخرج من أهلي ولا من عشيرتي ولا من طائفتي، عملت في كل المواقع التي أتيح لي العمل فيها على زيادة الوعي الوطني والانتماء للشعب الواحد واللغة الواحدة والتاريخ الواحد والحضارة الواحدة والألم الواحد والأمل الواحد..
أنتظر عملكم أيها السادة المسؤولون ولا تحاولوا تغطية الشمس بعباءتكم وتعلنوا غيابها!