نقولا ناصر
عندما يتوج الرئيس الاميركي جورج دبليو. بوش ما يقارب العقدين من الزمن من رهان منظمة التحرير الفلسطينية على واشنطن بقرار مشاركته في احتفالية دولة الاحتلال الاسرائيلي بمرور ستين عاما على انشائها واربعين عاما على احتلالها للقدس واراضي ثلاث دول عربية ، في تحد صارخ للنكبة العربية في فلسطين ، ويدعي ان هذه المشاركة انما هي لخدمة "رؤيته" لاقامة دولة فلسطينية ، بعد ان اعاد نظيره الفلسطيني محمود عباس من واشنطن يوم الخميس الماضي بخفي حنين ، وعندما يتجرا اركان الرهان الفلسطيني علنا على التشكيك في جدوى هذا الرهان ، فان المراقب لا يسعه الا الشك في الاسباب الحقيقية التي ما زالت تحول دون هؤلاء المراهنين واعلان فشل رهانهم على اميركا .
ويلفت النظر في هذا السياق ما قاله ركنان اساسيان من اركان الرهان الفلسطيني على اميركا . فياسر عبد ربه خاطب معهد بروكينغز في 25 الجاري قائلا ان ما يجري على الارض وما يقال يجعل المرء "يشعر بالانفصام" لانه يتعارض مع هدف اقامة دولة فلسطينية ولان اسرائيل تسعى الى "تقسيم الضفة الغربية" وهو يجد "صعوبة في معرفة "ما اذا كانت الامور تتجه نحو تسوية ام نحو كارثة" . اما نبيل شعث فانه في مقابلة مطولة مع وكالة الأنباء الألمانية في مكتبه بالقاهرة يوم الاحد حمل واشنطن المسؤولية عن "تفجير" الاوضاع في المنطقة بتفجير تناقضاتها وباستخدام القوة العسكرية المفرطة ليخلص الى ان "اكثر دولة تعرضت للتفجير هي فلسطين" والى ان فشل عملية السلام كان من اسباب فشل فتح في الانتخابات التشريعية الاخيرة .
وبالرغم من مسارعة رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الى نفي ما نسبته الاسوشيتدبرس لعباس من وصفه لقمته الاخيرة مع بوش ب"الفشل" فان عريقات لم ينف ما اقتبسته الوكالة من اقوال الرئيس التي اكدت الفشل وان لم تقله نصا بحيث كانت في اطارها وفي نصوصها وفي لهجتها منسجمة تماما ايضا مع السياق العام لكل ما تعنيه زيارة بوش المقررة اواسط ايار / مايو المقبل لدولة الاحتلال ، وهي زيارة ينبغي الا تبقي اية اوهام ما زالت تعشش في رؤوس البعض حول أي نجاح يمكن ان يحققه "المشروع الوطني" للمنظمة من استمرار رهانها على الولايات المتحدة .
ان نتائج قمة واشنطن ، او بصورة ادق عدم وجود اية نتائج لها ، ودلالات زيارة بوش المقبلة واهدافها ينبغي ان تقود الى استنتاج لم يعد منه مهرب بان الرهان الفلسطيني على واشنطن قد اثبت فشله وبان عملية السلام الاميركية المزعومة ليست اكثر من حرث فلسطيني في البحر وبان استمرار أي شريك فلسطيني فيها قد بدا يحوله تدريجيا ، سواء باختياره ام رغما عنه ، الى غطاء لمشروع دويلة كانتونات فلسطينية طويلة الامد يجري تحت مظلتها اقتسام الضفة الغربية بينها وبين الاحتلال .
قال عباس: "بصراحة ، حتى الان لم يتحقق شيء" ، واعرب عن "خيبة امله" لان الولايات المتحدة لا تمارس أي ضغط على اسرائيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية ، ونقلت الوكالة عن مساعديه انه خرج "مستاء" من لقائه مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس يوم الخميس ، ليقول للاسوشيتدبرس في ختام زيارته لواشنطن الاسبوع الماضي ان الاميركان لم يقدموا أي مقترحات جديدة ، وانه لم يتم احراز أي تقدم في أي من القضايا الجوهرية وان "كل الملفات ما زالت مفتوحة ولم يتم الانتهاء من اي واحد منها" ، ليضيف فيما وصفته الوكالة ب"ومضة غضب نادرة" قائلا: "لقد طالبناهم ان يتحدثوا عن حدود عام 1967 (لكن) ايا منهم (أي المسؤولون الاميركان الذين قابلهم) لا يتحدث عن حدود 1967" .
ولم يسبق لبوش او لاي من اركان ادارتيه منذ عام 2000 ان تحدثوا بلغة حاسمة قاطعة عن عودة قوات الاحتلال الى حدود 1967 او عن تفكيك المستعمرات الاستيطانية اليهودية وسحبها الى ما وراء هذه الحدود ، لا بل على العكس فانهم اعتبروا كل ذلك امورا "غير واقعية" وقد كشفت الواشنطن بوست في الرابع والعشرين من نيسان / ابريل ان رايس ابرمت "اتفاقا سريا" مع دولة الاحتلال عام 2005 اكد على الضمانات التي قدمها بوش في رسالة "سلمها الرئيس بوش شخصيا" في 14 نيسان / ابريل عام 2004 الى رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون بعدم حدوث أي من ذلك ، وبعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين . ولم يحدث مرة واحدة ان وردت عبارة "الاحتلال الاسرائيلي" على السنتهم اذ لم تكن ابدا في قاموسهم .
لماذا اذن دعا بوش نظيره الفلسطيني الى واشنطن اذا كانت دعوته سوف تتمخض فقط عن تجديد "رؤيته" الغامضة بالتوصل الى مجرد اتفاق او مسودة اتفاق فلسطيني – اسرائيلي على ما اسماه "تعريفا" بدولة فلسطينية دون أي "تدخل" اميركي ودون ان تسمح واشنطن باي تدخل غير اميركي في صياغة "التعريف" المامول او تسمح باعتماد شرعية القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة مرجعية لاستخلاص تعريف للدولة المرجوة !
ان "المحددات" المعلنة للرئيس الاميركي ل"تعريف" الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية تنطوي على قدر صارخ من التناقضات ينسف أي مصداقية اميركية في الالتزام حقا ب"رؤيته" لاقامة دولة فلسطينية وتكاد زيارته المقررة المقبلة للقدس المحتلة تلخص هذه المحددات مما يثير الكثير من التساؤلات عن الاهداف الحقيقية لدعوته لنظيره الفلسطيني الى واشنطن قبل ثلاثة اسابيع من هذه الزيارة ويدحض تماما اعلانه ان الهدف من دعوته لعباس ولزيارته للقدس ولقمة شرم الشيخ المتزامنة معها هو دفع عملية السلام على اساس ما يعرف ب"حل الدولتين" .
ان بوش وادارته ما زالوا يتعاملون مع الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 باعتبارها مناطق "متنازعا عليها" بين الاسرئيليين وبين الفلسطينيين يتم تسوية النزاع حولها بالطرق السلمية عبر مفاوضات "ثنائية" فقط ، بينما الاتفاق على ان هذه المناطق الفلسطينية الخاضعة للحكم العسكري الاسرائيلي منذ عام 1967 هي مناطق واقعة تحت الاحتلال هو شرط مسبق للتوصل الى أي "تعريف" ذي مصداقية لاي دولة فلسطينية موعودة .
والمفارقة المفجعة ان بوش الذي يعتبر التوصل الفلسطيني الاسرائيلي الثنائي الى تعريف للدولة الفلسطينية قبل ان "يتدخل" عمليا لاقامة هذه الدولة انجازا سلميا تاريخيا لرئاسته وادارته لا يرى أي ضير او تناقض في ان ينتقل الى القدس المحتلة للاحتفال بستينية دولة الاحتلال التي ما زالت دون أي تعريف لاقليمها وحدودها والتي ما زالت بلا دستور لهذا السبب بالذات ، أي لكي لا تضطر الى تعريف اين تقف حدودها وهو الامر الذي تنص عليه كل دساتير الدول في العالم .
فلماذا يشترط بوش "تعريفا" للدولة الفلسطينية التي يعترف بها عدد من الدول ربما يفوق عدد تلك التي تعترف باسرائيل كي تعترف بلاده بها بينما الولايات المتحدة تعترف بدولة ما زال كل ما فيها بحاجة الى "تعريف" !
وبوش الذي يرفض التدخل الاميركي في تعريف للدولة الفلسطينية ينسجم مع التعريف الفلسطيني لها ، وهو في جوهره تعريف يستند الى الشرعية الدولية اكثر مما يستند حتى للثوابت والمواثيق الوطنية ، لان ذلك قد يتعارض مع التعريف الاسرئيلي لهذه الدولة ، ان هذا الرجل لا يجد أي حرج في تبني تعريف اسرائيل لنفسها ك"دولة يهودية" لا بل يبذل قصارى جهده لاملاء هذا التعريف على الجانب الفلسطيني كشرط مسبق لتعريف الدولة الفلسطينية نفسها وللاعتراف بها في تعريف "ديني" لدولة الاحتلال ينكر مثله على الفلسطينيين ، كما على ايران وطالبان على سبيل المثال ، في تحد صارخ ل"علمانية" الدولة الاميركية نفسها التي يراسها .
بالرغم من ذلك اعلن عباس انه سوف يواصل لقاءاته الدورية مع رئيس وزراء دولة الاحتلال ايهود اولمرت وسوف يلتقي بوش ثانية في شرم الشيخ ، مما يدفع الكثير من المحللين الفلسطينيين والعرب الى التساؤل عن السر الكامن وراء اصرار عباس على مواصلة هذا النهج بالرغم من حقائق الموقف الاميركي التي تصفع دون رحمة أي حد ادنى بقي لاي امل فلسطيني في هذا الموقف .
ان زيارة بوش المقبلة لا علاقة لها بعملية السلام الا من حيث تاكيدها على المحددات الاميركية – الاسرائيلية لتعريف الدويلة الفلسطينية التي يعدون بها الرئاسة الفلسطينية التي لم يبق امامها عمليا الا اعلان فشل عملية السلام ، واعلان فشل الرهان على اميركا ، ورفض اللقاء مع بوش مجددا لا في شرم الشيخ ولا في غيرها وادانة زيارته المقبلة لانها مشاركة اميركية في احتفالات اسرائيلية بالنكبة العربية – الاسلامية في فلسطين ولانها مشاركة تمنح شرعية للاحتلال ودولته .
*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*
عندما يتوج الرئيس الاميركي جورج دبليو. بوش ما يقارب العقدين من الزمن من رهان منظمة التحرير الفلسطينية على واشنطن بقرار مشاركته في احتفالية دولة الاحتلال الاسرائيلي بمرور ستين عاما على انشائها واربعين عاما على احتلالها للقدس واراضي ثلاث دول عربية ، في تحد صارخ للنكبة العربية في فلسطين ، ويدعي ان هذه المشاركة انما هي لخدمة "رؤيته" لاقامة دولة فلسطينية ، بعد ان اعاد نظيره الفلسطيني محمود عباس من واشنطن يوم الخميس الماضي بخفي حنين ، وعندما يتجرا اركان الرهان الفلسطيني علنا على التشكيك في جدوى هذا الرهان ، فان المراقب لا يسعه الا الشك في الاسباب الحقيقية التي ما زالت تحول دون هؤلاء المراهنين واعلان فشل رهانهم على اميركا .
ويلفت النظر في هذا السياق ما قاله ركنان اساسيان من اركان الرهان الفلسطيني على اميركا . فياسر عبد ربه خاطب معهد بروكينغز في 25 الجاري قائلا ان ما يجري على الارض وما يقال يجعل المرء "يشعر بالانفصام" لانه يتعارض مع هدف اقامة دولة فلسطينية ولان اسرائيل تسعى الى "تقسيم الضفة الغربية" وهو يجد "صعوبة في معرفة "ما اذا كانت الامور تتجه نحو تسوية ام نحو كارثة" . اما نبيل شعث فانه في مقابلة مطولة مع وكالة الأنباء الألمانية في مكتبه بالقاهرة يوم الاحد حمل واشنطن المسؤولية عن "تفجير" الاوضاع في المنطقة بتفجير تناقضاتها وباستخدام القوة العسكرية المفرطة ليخلص الى ان "اكثر دولة تعرضت للتفجير هي فلسطين" والى ان فشل عملية السلام كان من اسباب فشل فتح في الانتخابات التشريعية الاخيرة .
وبالرغم من مسارعة رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الى نفي ما نسبته الاسوشيتدبرس لعباس من وصفه لقمته الاخيرة مع بوش ب"الفشل" فان عريقات لم ينف ما اقتبسته الوكالة من اقوال الرئيس التي اكدت الفشل وان لم تقله نصا بحيث كانت في اطارها وفي نصوصها وفي لهجتها منسجمة تماما ايضا مع السياق العام لكل ما تعنيه زيارة بوش المقررة اواسط ايار / مايو المقبل لدولة الاحتلال ، وهي زيارة ينبغي الا تبقي اية اوهام ما زالت تعشش في رؤوس البعض حول أي نجاح يمكن ان يحققه "المشروع الوطني" للمنظمة من استمرار رهانها على الولايات المتحدة .
ان نتائج قمة واشنطن ، او بصورة ادق عدم وجود اية نتائج لها ، ودلالات زيارة بوش المقبلة واهدافها ينبغي ان تقود الى استنتاج لم يعد منه مهرب بان الرهان الفلسطيني على واشنطن قد اثبت فشله وبان عملية السلام الاميركية المزعومة ليست اكثر من حرث فلسطيني في البحر وبان استمرار أي شريك فلسطيني فيها قد بدا يحوله تدريجيا ، سواء باختياره ام رغما عنه ، الى غطاء لمشروع دويلة كانتونات فلسطينية طويلة الامد يجري تحت مظلتها اقتسام الضفة الغربية بينها وبين الاحتلال .
قال عباس: "بصراحة ، حتى الان لم يتحقق شيء" ، واعرب عن "خيبة امله" لان الولايات المتحدة لا تمارس أي ضغط على اسرائيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية ، ونقلت الوكالة عن مساعديه انه خرج "مستاء" من لقائه مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس يوم الخميس ، ليقول للاسوشيتدبرس في ختام زيارته لواشنطن الاسبوع الماضي ان الاميركان لم يقدموا أي مقترحات جديدة ، وانه لم يتم احراز أي تقدم في أي من القضايا الجوهرية وان "كل الملفات ما زالت مفتوحة ولم يتم الانتهاء من اي واحد منها" ، ليضيف فيما وصفته الوكالة ب"ومضة غضب نادرة" قائلا: "لقد طالبناهم ان يتحدثوا عن حدود عام 1967 (لكن) ايا منهم (أي المسؤولون الاميركان الذين قابلهم) لا يتحدث عن حدود 1967" .
ولم يسبق لبوش او لاي من اركان ادارتيه منذ عام 2000 ان تحدثوا بلغة حاسمة قاطعة عن عودة قوات الاحتلال الى حدود 1967 او عن تفكيك المستعمرات الاستيطانية اليهودية وسحبها الى ما وراء هذه الحدود ، لا بل على العكس فانهم اعتبروا كل ذلك امورا "غير واقعية" وقد كشفت الواشنطن بوست في الرابع والعشرين من نيسان / ابريل ان رايس ابرمت "اتفاقا سريا" مع دولة الاحتلال عام 2005 اكد على الضمانات التي قدمها بوش في رسالة "سلمها الرئيس بوش شخصيا" في 14 نيسان / ابريل عام 2004 الى رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون بعدم حدوث أي من ذلك ، وبعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين . ولم يحدث مرة واحدة ان وردت عبارة "الاحتلال الاسرائيلي" على السنتهم اذ لم تكن ابدا في قاموسهم .
لماذا اذن دعا بوش نظيره الفلسطيني الى واشنطن اذا كانت دعوته سوف تتمخض فقط عن تجديد "رؤيته" الغامضة بالتوصل الى مجرد اتفاق او مسودة اتفاق فلسطيني – اسرائيلي على ما اسماه "تعريفا" بدولة فلسطينية دون أي "تدخل" اميركي ودون ان تسمح واشنطن باي تدخل غير اميركي في صياغة "التعريف" المامول او تسمح باعتماد شرعية القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة مرجعية لاستخلاص تعريف للدولة المرجوة !
ان "المحددات" المعلنة للرئيس الاميركي ل"تعريف" الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية تنطوي على قدر صارخ من التناقضات ينسف أي مصداقية اميركية في الالتزام حقا ب"رؤيته" لاقامة دولة فلسطينية وتكاد زيارته المقررة المقبلة للقدس المحتلة تلخص هذه المحددات مما يثير الكثير من التساؤلات عن الاهداف الحقيقية لدعوته لنظيره الفلسطيني الى واشنطن قبل ثلاثة اسابيع من هذه الزيارة ويدحض تماما اعلانه ان الهدف من دعوته لعباس ولزيارته للقدس ولقمة شرم الشيخ المتزامنة معها هو دفع عملية السلام على اساس ما يعرف ب"حل الدولتين" .
ان بوش وادارته ما زالوا يتعاملون مع الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 باعتبارها مناطق "متنازعا عليها" بين الاسرئيليين وبين الفلسطينيين يتم تسوية النزاع حولها بالطرق السلمية عبر مفاوضات "ثنائية" فقط ، بينما الاتفاق على ان هذه المناطق الفلسطينية الخاضعة للحكم العسكري الاسرائيلي منذ عام 1967 هي مناطق واقعة تحت الاحتلال هو شرط مسبق للتوصل الى أي "تعريف" ذي مصداقية لاي دولة فلسطينية موعودة .
والمفارقة المفجعة ان بوش الذي يعتبر التوصل الفلسطيني الاسرائيلي الثنائي الى تعريف للدولة الفلسطينية قبل ان "يتدخل" عمليا لاقامة هذه الدولة انجازا سلميا تاريخيا لرئاسته وادارته لا يرى أي ضير او تناقض في ان ينتقل الى القدس المحتلة للاحتفال بستينية دولة الاحتلال التي ما زالت دون أي تعريف لاقليمها وحدودها والتي ما زالت بلا دستور لهذا السبب بالذات ، أي لكي لا تضطر الى تعريف اين تقف حدودها وهو الامر الذي تنص عليه كل دساتير الدول في العالم .
فلماذا يشترط بوش "تعريفا" للدولة الفلسطينية التي يعترف بها عدد من الدول ربما يفوق عدد تلك التي تعترف باسرائيل كي تعترف بلاده بها بينما الولايات المتحدة تعترف بدولة ما زال كل ما فيها بحاجة الى "تعريف" !
وبوش الذي يرفض التدخل الاميركي في تعريف للدولة الفلسطينية ينسجم مع التعريف الفلسطيني لها ، وهو في جوهره تعريف يستند الى الشرعية الدولية اكثر مما يستند حتى للثوابت والمواثيق الوطنية ، لان ذلك قد يتعارض مع التعريف الاسرئيلي لهذه الدولة ، ان هذا الرجل لا يجد أي حرج في تبني تعريف اسرائيل لنفسها ك"دولة يهودية" لا بل يبذل قصارى جهده لاملاء هذا التعريف على الجانب الفلسطيني كشرط مسبق لتعريف الدولة الفلسطينية نفسها وللاعتراف بها في تعريف "ديني" لدولة الاحتلال ينكر مثله على الفلسطينيين ، كما على ايران وطالبان على سبيل المثال ، في تحد صارخ ل"علمانية" الدولة الاميركية نفسها التي يراسها .
بالرغم من ذلك اعلن عباس انه سوف يواصل لقاءاته الدورية مع رئيس وزراء دولة الاحتلال ايهود اولمرت وسوف يلتقي بوش ثانية في شرم الشيخ ، مما يدفع الكثير من المحللين الفلسطينيين والعرب الى التساؤل عن السر الكامن وراء اصرار عباس على مواصلة هذا النهج بالرغم من حقائق الموقف الاميركي التي تصفع دون رحمة أي حد ادنى بقي لاي امل فلسطيني في هذا الموقف .
ان زيارة بوش المقبلة لا علاقة لها بعملية السلام الا من حيث تاكيدها على المحددات الاميركية – الاسرائيلية لتعريف الدويلة الفلسطينية التي يعدون بها الرئاسة الفلسطينية التي لم يبق امامها عمليا الا اعلان فشل عملية السلام ، واعلان فشل الرهان على اميركا ، ورفض اللقاء مع بوش مجددا لا في شرم الشيخ ولا في غيرها وادانة زيارته المقبلة لانها مشاركة اميركية في احتفالات اسرائيلية بالنكبة العربية – الاسلامية في فلسطين ولانها مشاركة تمنح شرعية للاحتلال ودولته .
*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*
هناك تعليق واحد:
العلاقةبين الادارة الامريكيةوالسلطة الفلسطينيةأقرب ماتكون الى العلاقة بين توم جيري الشهيرين في كرتون الاطفال.
الكر والفر والركل أحيانا هي السمة العامةللتعامل الامريكي مع عرفات ومن ورثه في السلطة؛ فالادارة الامريكية تسعى وبكل اصرار وتصميم على الغاء دور قتح والسلطة الا اذا تغيرت الوجوه الرئيسة في تنظيم قتح.
الاسباب والدوافع:
1)سيطرة تنظيم فتح على منظمة التحرير وتغيير مسارها.
2)اقشال المشروع الامريكي(مؤتمر مدريد)باتفاقية اوسلو.
3)رفض العروض الامريكية في كامب ديفد؛و شرم الشيخ وغيرها......
4)وجود حماس وهي البديل والاكثر استعدادا للسير وفق المشروع الامريكي ؛ والدليل النوطئة بلقاء كارتر-مشعل و الدعم السوري الايراني لحماس.
إرسال تعليق