الاثنين، أبريل 07، 2008

الأقلام المأجورة... طابور خامس!!

د. عدنان بكريه
فلسطين الداخل

لعب الإعلام وعلى مر التاريخ دورا مركزيا ومفصليا في تثقيف المجتمع وتعريفه على قضاياه وتاريخه..وكان دوره متفاوتا في الطرح والخطاب ، مرتبطا بالبيئة السياسية السلطوية التي يعيش داخلها ويتغذى من مشاربها ..مرتبطا بالعديد من العوامل الخارجية والداخلية وبرزت العديد من الأقلام المأجورة التي تم هيكلتها وتعبئتها بمداد خارجي.. مداد شكل سما قاتلا للقضايا العربية وشكل خطرا على وعي الانسان العربي وقضاياه.
يتوجب على صاحب القلم أن يكون مداد قلمه نابعا من الضمير والحس بالمسؤولية تجاه قضاياه وتقع على عاتقه مسؤولية عظمى ، في تغيير واقع مجتمعه ، إلى الأفضل والأحسن والسير به قدماً والعمل على الارتقاء بفكر أبنائه وأجياله ، ولكن عندما ينحرف هذا القلم ، وعندما يتحول إلى أداة لخدمة أسياده يتكلم بلغة الضاد ويتوجه بتوجهٍ خارجي، فإن هذا القلم المأجور يتحول إلى أداة طيعة لخدمة الأعداء ويثير الفتن والصراعات الداخلية ويدمر كيان المجتمع ويجعله في ذيل المجتمعات والشعوب!! يسيء إلى عدالة القضايا العربية !
نمر اليوم في مرحلة دقيقة من مراحل حياتنا كشعب فلسطيني وأمة عربية إسلامية حيث الهجمة الشرسة تطول كل من ينتمي إلى هذه المسميات..فما أحوجنا إلى الأقلام الطاهرة النبيلة التي تعبر عن مأساتنا وآلامنا وتعمل على تضميد جراحنا والدفاع عن حقوقنا، وتعمل على الحفاظ على هويتنا الفلسطينية العربية من الضياع والاندثار... من التمزيق والضياع !! ما أحوجنا للأقلام التي تشكل درعا للدفاع عن قضايانا وتحمي الوعي العربي من التشتت والانحراف ! تحفز الانسان العربي على النهوض بوجه التحديات المحيطة به .
إن الهزائم التي لحقت بالأمة العربية واتساع مساحة الإحباط على الساحة وانكشاف الأهداف الأمريكية من وراء احتلال بلد عربي مثل العراق والاعتداء على بلدان عربية أخرى، انكشاف اللعبة الأمريكية في المنطقة... جعل المحتل الأمريكي يستنفر (المارينزالاعلامي) وطابوره الخامس من الإعلاميين العرب لتبييض صورته السوداء القاتمة والدعوة إلى القبول بالاستسلام للأمر الواقع !القبول بالسير على مسار الخنوع والذل والهوان ... القبول بأمركة المنطقة وعولمتها والتخلي عن حضارة عربية إسلامية عريقة !
أمريكا تحاربنا على عدة جبهات ومحاور سياسية عسكرية وإعلامية وتبذل الجهود الحثيثة في سبيل بناء إمبراطورية إعلامية ناطقة باللغة العربية يكون في مركزها كتاب يسوقون بضاعتها وخطابها..ووجدت العديد من ضعفاء النفوس ممن يقومون بهذه المهمة الرخيصة حتى لو كانت على حساب الحق العربي وثوابته !
إن الخطر الكبير الذي يهدد الأمة وثقافتها وحضارتها وتاريخها يأتي من الأقلام المأجورة التي تضم الشعراء والأدباء والإعلاميين.. إذ أن هذه المجموعة على درجة كبيرة من الخطورة لتأثيرها في ثقافة ووعي الأمم كونها قادرة على تسويق خطاب العدو وصياغته في قوالب شعرية وأدبية وحتى سياسية !هؤلاء من امتهنوا طريق العمالة الفكرية متخلين عن ضمائرهم شاهرين سم أقلامهم بوجه شعوبهم .
الوعي العربي تعرض لضربات قوية من وسائل إعلام وصحافة عربية مأجورة صورت الاحتلال بأنه (رحلة الغرب الحضاري من اجل نشر الديمقراطية في البلدان العربية). "صورت القتل الجماعي بأنه عملية جراحية لا بد منها للنهوض بالأمة", كما إنهم شوهوا المواقف التي تتصدى وتنتقد الحرب... زاعمين بان العرب أسرى عقلية المؤامرة مقيدين في زنازين التخلف وللامبالاة !!
لقد باع هؤلاء انتماءهم القومي وكرامتهم وإنسانيتهم ببخس الأثمان!! وتمادوا في بهتانهم إلى حدود الدفاع عن الهجمة الغربية الممنهجة والمبرمجة على الأمة العربية والإسلامية ..تحولوا إلى طابور خامس يؤازر كل من يعادي أبناء جلدتهم ويحاول أن يخلق المبررات لهذا العداء !! لم يسجل التاريخ القديم والحديث أخطر من هذه الفئة على وعي الانسان إذا لم يتم التصدي لها وكشف بهتانها وفضح مآربها !
لقد باتت أسهل الطرق للشهرة وكسب المال هو التعدي على الإسلام والعرب والجلوس في أحضان الغرب ..فعندما تخرج علينا السورية المتأمركة (وفاء سلطان ) لتقول " إن صراع الحضارات هو بين الحضارة الغربية المتقدمة والهمجية الإسلامية المتخلفة "!!فإنها تطعن وتجرح مليار ونصف المليار مسلم في العالم ..أنا أفهم الفكر والعلمانية بأنها وجهة نظر وليس تعدي على امة بأكملها ! فهل تجرؤ (وفاء سلطان) على وصف ما يجري في غوانتنامو والعراق بالهمجية ؟! وهل تجرؤ على وصف ما جرى في فيتنام بالهمجية ؟!وهل هي قادرة على وصف ما يجري في غزة بعباراتها المألوفة ؟!
إذا كان من حق هؤلاء أن يفكروا وينتقدوا عملا بالروح الديمقراطية كما يقولون ! إلا انه ليس من حقهم التعدي على كرامة امة كاملة لها كيانها الراسخ وتعاليمها التي أَثرت الإنسانية وشكلت نورا للشعوب الأوروبية التي كانت تعيش في الظلمات ...ليس من حقهم التمادي والتطاول على أمة كاملة إرضاء لأسيادهم وتعبئة لجيوبهم.
لقد أصبح الولاء للأجنبي يحكم العديد من الأقلام ولم تعد تحترم الانتماء والارتباط بالقومية والوطن والدين..بل تحول القلم إلى أداة لخدمة الغرب يتقنع بالانفتاح والحضارة ..لكنها في النهاية تبقى أقلام ضعيفة هابطة لأنها آثرت الابتعاد عن وجع الشعب وهمومه فانكشف حالها وبسرعة مذهلة ..لأن الشعوب أذكى من عملية الخداع والمراوغة والتظليل واقوي من أن تقبل بالمؤامرة !

ليست هناك تعليقات: