الأحد، مايو 31، 2009

السيد حسن نصرالله: ميشال عون حالة إسرائيلية صدامية وتدميرية

الياس بجاني

(مقطع من كلمة للسيد حسن نصر الله ألقاها باسم المقاومة الإسلامية في احتفال تأبيني أقيم في حسينية الرمل في برج البراجنة في الذكرى الأولى للمقاوم عبد الله عطوي (الحر العاملي) سنة 1989 ، كما نشرتها حرفياً جريدة النهار بتاريخ 6/11/1989: "في خضم الأحداث في لبنان تبرز مشكلة اسمها اتفاق الطائف، ومشكلة اسمها ميشال عون وليس صحيحاً أن من يرفض اتفاق الطائف هو مع ميشال عون. إن اتفاق الطائف مشكلة لأنه يكرس النظام الطائفي ولا إصلاحات، بل زيادة في عدد النواب، وقد أعطيت صلاحيات لمجلس الوزراء وبقي رئيس الجمهورية القائد الأعلى. إن مشكلتنا في لبنان هي النظام الطائفي الذي سيبقى في ظله الحرمان، والبديل كما قال (مرشد الجمهورية الإسلامية أية الله علي خامنئي) إن النظام يجب أن يسقط والناس هم يحددون صيغة النظام الجديد. وما نتمناه أن يختار الناس والشعب في لبنان النظام الذي يريدونه بعيداً عن الضغوط ونحن مع حق الشعوب في تقرير مصيرها(...) أما أن ميشال عون مشكلة، فلأنه حالة إسرائيلية صدامية وتدميرية ولا يرى إلا مصالحه الشخصية ومصالح طائفته. فهو النهج الماروني العنصري في الشرقية".)

(إضغط هنا لمشاهدة صورة التصريح كما جاء في جريدة النهار) http://www.10452lccc.com/elias.arab06/annahar61189.jpg

نحن لا نتفق مع حزب الله، على أي شيء إطلاقاً، لا في السياسة، ولا في الثقافة، ولا في المعايير الوطنية والاجتماعية والمعيشية، ولا في الإيديولوجية، ولا في مفهومه لحرية الإنسان والمجتمع المدني والأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان، ولا في رؤيته لمستقبل لبنان لا من قريب ولا من بعيد، لكننا نعترف ونقر بأن هذا الحزب واضح جداً في طروحاته وأهدافه، وهو لا يخفي البتة مشروعه الإيراني، مشروع إقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، كما أنه يجاهر بفخر واعتزاز بتبعيته المطلقة للمرجعية الدينية الخمينية في إيران، وهو يقسّم طبقاً لمعاييره الأصولية والمذهبية القيادات اللبنانية والعربية إلى فئتين واحدة تواليه وتتقيد بمشروعه وتنفذ فتاويه، وهذه وطنية، وأخرى تعارضه وتقف في وجه مشروعه وهي عميلة وخائنة وإسرائيلية وأميركية.

هذا الحزب وعلى خلفية مفهومه المذهبي "لدار الإسلام ودار الحرب" هو على استعداد دائم للتحالف مع أي كان مرحلياً، إذا كان هذا التحالف يخدم مشروع أقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، وبالتالي كل اتفاقياته وتفاهماته وأحلافه مع الآخرين لا تغير أو تبدل أي شيء في روحية وعقيد مشروعه، ولا في نمط ممارساته، ولا في أطر إستراتجيته، ولا في ثقافته، والحقيقة أن كل الآخرين الذين تحالف معهم في لبنان هم تغيروا وتبدلوا وتلونوا وهو بقي كما هو. ولنا في هذا السياق التحالف الهجين الذي عقده مع العماد ميشال عون من خلال ما عُرف، "بورقة التفاهم".

بنتيجة ورقة التفاهم هذه فقد عون وجماعة تياره كل ما كانوا ينادون به من شعارات سيادة واستقلال وحرية وحقوق وشفافية ومصداقية وإصلاح ومؤسسات، وتنازلوا عن كل ما كانوا يناضلون من أجله طوال سنوات، وتحولوا إلى أتباع لحزب الله ليس إلا، وإلى مجرد غطاء مسيحي لمشروع هذا الحزب التدميري، وقد وصل ذوبان العماد عون وتماهيه في مشروع حزب الله إلى درجة أنه وهو العسكري المتمرس والأكاديمي والمؤسساتي إلى تبني مفاهيم حزب الله "الإلهية" للانتصارات والهزائم وإلى معاداة دول الغرب كافة والتهجم على القرارات الدولية وتشريع الغزوات والسلاح الميليشياوي.

السؤال هو ماذا يجمع النقيضين عون ونصرالله؟ خصوصاً وأن نصر الله طبقاً لمعاييره الأصولية والجهادية كان يعتبر عون حتى الأمس القريب، "مشكلة، وحالة إسرائيلية صدامية وتدميرية وشخص لا يرى إلا مصالحه الشخصية ومصالح طائفته،.وهو النهج الماروني العنصري في الشرقية.!!

والجواب هو لا شيء غير المصالح التي لا تمت للبنان وكيانه ودستوره ومستقبل أهله وسلامتهم وحقوقهم بشيء. في حين إن التحالف هو بالفعل "ورقي" لأنه غير متكافئ لا عسكريا ولا مادياً ولا مذهبياً ولا تنظيمياً ولا مشروعاً. عون يتوهم أن حزب الله سوف يوصله إلى رئاسة الجمهورية، وهو لا يزال يعيش هذا الوهم الكبير رغم كل المتغيرات التي أوصلت العماد ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة.

يبقى أنه وعندما تنتفي الحاجة إلى عون عند حزب الله سيعود في خطاب قادته إلى "الحالة الإسرائيلية"، وهم سيستعملونه "ويبخرون له" طالما هم بحاجة إليه، ومرة أخرى طبقاً لمفاهيمهم "لدار الحرب والإسلام".

من هنا يتحمل الناخب المسيحي تحديداً مسؤولية تاريخية في يوم 7 حزيران كون صوته هو الذي سيحدد حصول حزب الله أو عدم حصوله على الأكثرية النيابية. مسؤولية الناخب المسيحي المقدسة هي الحفاظ على لبنان الكيان والدولة والتعايش والحريات والهوية والرسالة والتاريخ. مسؤوليته ألا يخون دماء وتضحيات الشهداء وألا لا يقترع لمرشحي العماد عون حتى يمنع تحقيق مشروع قيام دولة ولاية الفقيه في وطن الأرز,

من كندا، من بلاد الانتشار نناشد أهلنا المسيحيين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويعلموا جيداً أن الاقتراع للعماد عون ولمرشحيه هو اقتراع لحزب الله ولمشروع هذا الحزب، وهنا نستعير من أقوال السيد حسن نصرالله الموثقة ما يبين بوضوح تام ما هو مشروع حزبه وما هي أهدافه وكيف يرى الوجود المسيحي في لبنان:

في أسفل مقتطفات من أقوال وتصاريح للسيد حسن نصرالله، وهي من مصادر مختلفة وموثقة تحكي مشروعه ورؤيته للبنان،

أيها الناخب المسيحي وأنت تدلي بصوتك: تذكرها ولا تدعها تغيب عن وجدانك وضميرك وعقلك !!

1- "لا نؤمن بوطن اسمه لبنان، بل بالوطن الإسلامي الكبير." (النهار/أيلول 1986).

2- "إن لبنان وهذه المنطقة هي للإسلام والمسلمين، ويجب أن يحكمها الإسلام والمسلمون." (السفير/12 تموز 1987).

3- "دعانا الإمام لإقامة الحكومة الإسلامية في أي بلد نعيش فيه وهذا ما يجب أن نعمل له وان نفهمه تكليفا شرعيا واضحا، وأن نعمل له في لبنان وفي غير لبنان، لأنه خطاب الله منذ أن خلق آدم." (العهد/23 حزيران 1989).

4- "الدنيا، في فكر الحزب فانية محدودة . نحن قوم ينمو ويكبر بالدمار، ودماؤنا نقدمها قربانا، وهدفنا تحرير القدس وإزالة إسرائيل من الوجود". (السفير/3 تموز/يوليو عام 1991).

5- "إن حزب الله أمة في لبنان لم تخرج من أجل سلطان ولا مال. هذه الأمة وجدت أن الحق لا يعمل به، فخرجت تصلح في هذه الأرض، كل الأرض، لتقيم فيها حاكمية العدل الإلهي التي تتواصل وتتكامل بظهور صاحب العمر والزمان (السفير/16 أيلول 1986 )

6- "قتال إسرائيل ليس هدفا بل وسيلة للوصول إلى الله، والأفق السياسي والمبدأ الاستراتيجي يقوم على إزالة إسرائيل من الوجود... لهذا علينا أن نبني مجتمع المقاومة ونهيئ أنفسنا للحرب الحقيقية وأن نبني الجيش العظيم الذي دعا إليه الإمام الخميني (النهار/6 أيار 1989).

7- "سيصل منهج ياسر عرفات السياسي إلى حائط مسدود، وسيأتي يوم يصبح فيه قتال إسرائيل وإبادتها الثابت الوحيد، وعلى أساس هذا التطور فإن المنطقة لا تسير نحو التسوية (مجلة "الوحدة الإسلامية/شباط 1989) ".

8- "نحن لا نطمح إلى تدمير المجتمع المسيحي بل إلى تدمير المؤسسات التي تحكمنا باسم أميركا وإسرائيل." (النهار/نيسان 1989 )

9- "سنستمر في المقاومة من أجل العزة والكرامة ومن أجل الإسلام." (الديار/شباط 1989).

10- "القتال تكليف شرعي في مقاومة إسرائيل" (السفير1987)

11- "وهو طريق الأمة، فلا يجوز أن يحسب حساب لعديد الشهداء، وبذلك نصنع المستقبل." (النهار/1987).

12- "كلنا في لبنان حاضرون للتضحية بأنفسنا وبمصالحنا وبأمننا وسلامتنا وبكل شيء لتبقى الثورة في إيران قوية متماسكة." (النهار/9 آذار 1987).

13- "نحن نعيش في كربلاء مستمرة". (النهار 14 تشرين الأول 1987).

14- "تعلمنا من شهدائنا أن لا ننتظر الحلول والاتفاقات بل أن نسعى للتحرك بحمل البندقية وأخذ القرار من قيادتنا الشرعية المتمثلة بالإمام الخميني."

الذي لولاه لما كان السادس من شباط (الانتفاضة على السلطة اللبنانية على عهد الرئيس الأسبق أمين الجميّل." (الحقيقة/10 شباط 1986)، و(السفير/9 شباط 1986).

15- "الأولوية في صراع حزب الله محكومة بأساسين: تحرير القدس وإزالة إسرائيل من الوجود، وحفظ الثورة الإسلامية في إيران." (السفير/16 حزيران 1986).

16- "إن من لا يعرف إمام عصره مات ميتة جاهلية... لأن الإمام الخميني جسّد في شخصه أمة واستطاع أن يجعل من كل رجل أمة وهذا ما لا يستطيعه إلا الأنبياء." (السفير/تموز 1986).

17- "إن الجمهورية الإسلامية في إيران مسؤوليتنا جميعا وليست مسؤولية الشعب الإيراني المسلم وحده، وعلى المسلمين أن يخدموها ويساعدوها لأنها قلب الإسلام النابض وقرآن الله الناطق." (العهد/ 23 حزيران 1989).

18- "القدس هي قضية كل مسلم، تحريرها واجب شرعي، ومن يتخلف عن هذا الخط ليس بمسلم. إنها واجب شرعي كالصلاة والصوم، تاركها تارك للصلاة والصوم." (النهار/ أيار1989).

19- "يجب أن نبقي جبهة الجنوب مفتوحة للمقاومة حتى لو سدّت كل الجبهات العربية." (السفير/آب 1987).

20- "مشروعنا هو إقامة مجتمع المقاومة والحرب في لبنان. (السفير/تشرين الثاني 1987).

21- "نحن لسنا قادرين الآن على إقامة حكم الإسلام، لكن هذا لا يعني تأجيل فكرنا ومشروعنا إلى المستقبل. نحن نطرح هذا الشعار لكي يخرج المسلمون من مرحلة الخجل ... ونحن لا نملك اليوم مقومات حكم في لبنان والمنطقة، لكن علينا أن نعمل لنحقق هذا. ومن أهم الوسائل تحويل لبنان مجتمع حرب." (السفير/نيسان 1986).
22- "على المسلمين أن يسعوا إلى إقامة الحكومات الإسلامية في بلدانهم، ولا عجب أن ندعو في لبنان إلى إقامة الدولة الإسلامية من أجل إقامة السلام العادل الذي يعمل من أجله الإمام المهدي." (النهار/ نيسان 1988)".
إن من يقترع دون مراجعة ضميره ووجدانه وفهم كل الحقائق وخلفيات المشاريع المطروحة، إنما يرتكب جرماً بحق ذاته وكرامته، وبحق لبنان الرسالة والحضارة والثقافة، ويقترف خطيئة مميتة بحق كل الشهداء ومن له أذنان سامعتان فليسمع


أوباما : هل يعتنق الإسلام ويتحدث العربية ؟

محمود الزهيري
أوباما الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية سيزور القاهرة قريباً ويلقي خطابه من جامعة القاهرة بديلاً عن الجامع الأزهر.

إرتعدت فرائص وحزنت مشاعر لمجرد وصول خبر إلقاء أوباما خطابه للعالم الإسلامي من الجامع الأزهر , واطمأنت تلك المشاعر وهدأت الفرائص لإلقاء الخطاب من جامعة القاهرة , وذلك حسب مشاعر بعض الفصائل الدينية .

العيون والأذان ترنو للنظر وترهف للسمع لما ينطق به أوباما في جامعة القاهرة , ليتم تحليل حروف النصب و الجر , والنظر بإمعان في نون النسوة , وجمع المذكرالسالم و المؤنث السالم , والغيرسالم , والأهم في موضوع خطاب أوباما هو جمع التكسير, حال كون أوباما وغيره من زعماء العالم الحر علي شبه ثقة في أنهم يتعاملون مع زعماء لايمثلون إلا جمع من الكسر سواء في الأعداد أو الصفات المنتسبة للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان !!

الغالبية من القوي السياسية والتيارات الدينية, تنتظر أن يبيض الديك بيضاً من ذهب .

معذرة علي تلك الكلمات , لأننا في حالة مرضية مزمنة من حالات الغياب العقلي منذ زمن بعيد , وأدت بنا إلي أن نستعين بأوباما لإصلاح أوضاعنا السياسية والإقتصادية الملتحمة بأوضاعنا الإجتماعية .

غالبية القوي السياسية تلعن أمريكا بتحالفها مع الدولة العبرية , وتطلب الموت لأمريكا والهلاك لإسرائيل , وأمريكا و إسرائيل حليفين مزمنين في التحالف والصداقة في وجوه عديدة أهمها العلمية والعسكرية والتي تسبقهما جملة من المصالح الإقتصادية بين الدولتين .

والملاحظات الأولي علي خطاب أوباما أنه فكر في بداية الأمر حسب خبرائه ومستشاريه الذين اختاروا القاهرة لتكون القبلة التي يؤذن فيها بخطابه , ليس للعرب بمسلميهم ومسيحييهم , وبمافيهم من أقليات دينية كالشيعة والقرآنيين , والبهائيين وغيرهم , من الأقليات العرقية والدينية , ولكن جاء الخطاب ليكون موجهاً للمسلمين فقط وكأنه يمثل حالة من حالات التمييز والعنصرية المبنية علي الدين .علي فرضية أن أوباما لو اختار ان يوجه خطابه للعالم المسيحي فهل كان سيختار الفاتيكان لتكون قبلته في إلقاء خطابه للمسيحيين , وهل كان ذلك سيرضي كافة الطوائف المسيحية في الشرق والغرب , ومعها الأقليات الدينية الإسلامية والبوذية والهندوسية وغيرهم من الأقليات الدينية الأخري ؟!!

الأزمة أن أوباما وكأنه قد وقع في حالة من حالات التمثل الغير طوعي في الإستبداد والطغيان القائم علي نفي الآخر في الدين في صورة من صور الخلط الذي كانت نتائجه علي الدوام سبب المآسي التي عاشتها الشعوب وأنتجت الفساد والطغيان والإستبداد .

ماذا يمكن أن يقول أوباما للزعماء العرب , الذين هم في أغلبهم فلاسفة الإستبداد وأعمدة القتل والطغيان , فهل ثمة خطاب هام يمكن أن يلقيه أوباما علي مسامع زعماء الفساد والإستبداد والطغيان , أم أن أوباما يري أن هذه الأنظمة العربية الحاكمة هي البديل الوحيد اللائق بشعوب هذه الأنظمة ؟!!

ثمت أسئلة من الممكن أن لاتغيب عن عقلية الرئيس الأمريكي أوباما وإدارته , وهذه الأسئلة مفادها في الإجابات عن أسئلة الإرهاب والعنصرية والتمييز والقتل في الدول العربية , تلك الدول التي تعتبر من أهم مصانع إنتاج الإرهاب وتوريده للعالم حتي لأمريكا ذاتها التي توجه خطابها للعالم الإسلامي , فالطغيان والإستبداد هما الرافدين الأساسيين لصناعة وإنتاج الإرهاب , وأمريكا هي من تعين زعماء الطغيان والإستبداد علي ذلك !!

فهل من تفسير لدي باراك أوباما وإدارته في مساعدة الأنظمة العربية ؟

أم أن الإجابة ستكون صادمة للشعوب والجماهير المغيب وعيها بأفعال وصنائع الإدارة الأمريكية علي الدوام , والتي تخاف ذاتها من تفعيل دور الحريات والوكلاء الإجتماعيين في الدول العربية , والتي من الممكن أن تكون بدايات طبيعية لتفعيل دور الديمقراطية وتداول الحكم والسلطة ؟

أم أن الخوف يرمي بظلاله الكئيبة علي الساحة مخافة صعود التيارات الدينية أو التيارات القومية العروبية علي مصاف الحكم والسلطة في دولة من الدول والتي كل شعوبها في الغالب تناصب أمريكا وإسرائيل العداء وتتمني من القلب زوال أمريكا وإبادة إسرائيل ؟!!

أظن أن الرئيس باراك أوباما وإدارته سيعجزان عن إيجاد حل للقضية الفلسطينية , لأن القضية الفلسطينية هي أهم وأخطر الدروع التي يحتمي بها الحكام العرب أرباب الطغيان والقتل والإستبداد , فإذا تم حل القضية الفلسطينية فبماذا تتاجر أنظمة الحكم العربية , وبماذا تنشغل الفصائل القومانية العروبية , أو فصائل وتيارات الإسلام السياسي أو تيارات السلفية الجهادية وباقي التيارات الدينية الأخري من تيارات الموت والعنف المقدس ؟!!

وبماذا تحافظ أمريكا وإسرائيل علي مواردهما إلا من خلال تطويع تلك الأنظمة للتخديم علي المصالح الأمريكية والإسرائيلية ؟!!

ماكان لباراك أوباما أن يوجه خطاباً للعالم الإسلامي , ولا حتي للعالم العربي , ولكن كان الأجدر به أن يوجه خطابه للزعماء العرب متحدياً إياهم بالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان , فهذا الثالوث هو الثالوث الخطر علي تلك الأنظمة , فماذا تصنع الشعوب , أو ماذا تقدر أن تفعل تجاه تلك الأنظمة المحتمية بالقتل والطغيان والفساد والإستبداد ؟

وكأن باراك أوباما لايعقل تلك الأزمة التي هي أزمة شعوب وجماهير توظفها تلك الأنظمة وتغذيها بالعداءات تجاه أمريكا وإسرائيل ودول العالم الحر , بعنصريتها الموازية لعنصرية الشعوب والجماهير التي تصنعها تلك الأنظمة العربية , والذي يختلف في الأمر بالنسبة للعنصرية لدي العرب وإسرائيل أن إسرائيل دولة إحتلال وهذا ما لاتقدر أن تعلنه أمريكا أو أي دولة من دول العالم الحر , سوي السير في مسيرة السلام التي بدأت ولم يعرف العالم لها محطة وصول أخيرة حتي الآن !!

وعلي هذا المنول تنسج الخيبات المتوالية للشعوب والجماهير ليسعد الحكام العرب وتهنأ أمريكا وإسرائيل بتلك الخيبات المتكررة للشعوب والجماهير التي تستخدمها الأنظمة بالتلويح بها في وجه أمريكا وإسرائيل ودول العالم الحر بإعتبار أن الشعوب والجماهير العربية تمثل بجدارة حسب مفهوم أنظمة الحكم العربية , الغوغاء والدهماء والسوقة , والذين يحملون العداء لأمريكا وإسرائيل ودول العالم الحر, بإعتبارهم البديل اللاحضاري في وجه تلك الدول .

أمريكا مازالت صورتها مرسومة في مخيال العديد من النخب السياسية , والتيارات الدينية , والممثلة بصورة الشيطان الأكبر, وهذه النخب السياسية والدينية لاتختلف في الإستبداد عن حكام الأنظمة العربية فهي نسخ مكررة من إستبداد وطغيان الإنظمة العربية لأنها ملتحفة بإيديولوجيا مؤمنة بنفس الإيمان الذي تؤمن به أنظمة الإستبداد والطغيان , سوي أن الأولي في منظومة الحكم والسلطة , والثانية خارج تلك المنظومة .

والغريب أن هذه الكاريزمات الآن تطالب أوباما بعدم مساعدة أنظمة الطغيان , وتفعيل الديمقراطية والحريات , وهي ذاتها المؤمنة بشعار الإستبداد والدولة المركزية الشمولية , في معادلة مختلة من الأساس , ولا أدري كيف يتحقق لها ذلك , مع أن هذه النخب غير قادرة علي تفعيل أي أسلوب أو السير في الطريق الذي يحرز التغيير , أو يجبر الأنظمة الإستبدادية علي الإصلاح أو الرحيل , وهذا علي المستوي الداخلي , أما علي المستوي الخارجي فإلعجز يتبدي عن إدارة صراع يتم إحراز النصر من خلاله , أو إدارة صراع يتم تحقيق التوافق من خلاله , ومابين العجزين تكمن الأزمة المستمرة , حيث لاخيار ثالث إلا خيار الصراخ والعويل من فسادات الداخل , وإهمالات الخارج ؟!!

الغريب في الأمر أن معظم الأحزاب السياسية المصرية وغالبية القوي السياسية الشعبية والتي تلعن أمريكا ليل نهار , والتي كانت تطالب بسقوط أمريكا وتطالب الموت لها , والتي رفضت قرار البرلمان الأوروبي بإدانة مصر في الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان بالرغم من كونه قراراً صادراً من مؤسسة شعوب , وليست مؤسسة حكم وسلطة .

وهذه النخب هي التي رفضت الحديث مع ممثلي العديد من الهيئات والمؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية العالمية في شدة توهج الحركات الشعبية الإحتجاجية الرافضة لنظام حكم مبارك الأب , وأفعال الإجرام السلطوي في حق المصريين , وهي ذاتها التي وقفت مع الزعماء العرب من أمثال صدام حسين , وأكلت وشربت وتمولت من تلك الأنظمة الإستبدادية , مثل سوريا واليمن وليبيا , ولا ننسي الجماعات الدينية الممولة التي ساعدتها ومولتها دول خليجية للتخديم علي مفاهيم سياسية أرادت لها أن تسود من خلال الترويج لمفاهيم دينية أريد لها أن ثوابت دينية تمثل عقيدة ثابتة .

الشعوب والجماهير العربية هي الوقود المحترق من أجل إستمرار الفساد والإستبداد ومنظومات الطغيان العربية , وأي حديث يبتعد عن تحويل الشعوب والجماهير إلي مجتمعات منظمة , هو حديث هراء وإستهلاك للمجهود العقلي والذهني , وإضاعة للوقت وتبديد للطاقات , حال كون الطريق الوحيد للخلاص من الإستبداد والطغيان والقتل والإرهاب هو الحريات وحقوق الإنسان , واللذين لنا يتحققا إلا بالديمقراطية وتداول الحكم والسلطة , وغير ذلك فلن يكون مجدياً , لأن الشعوب والجماهير العربية تنتظر من باراك أوباما أن يتحدث اللغة العربية و يعتنق الإسلام , وحتي لو فعل ذلك فسيتم تكفيره إذ سينظر إليه من الشيعة أو السنة علي أنه كافر إذا إنتمي لأياً من الفريقين ؟!!

mahmoudelzohery@yahoo.com

الدور الصيني في هزيمة تاميل سريلانكا

د. عبدالله المدني

فيما كانت باكستان تخوض حربا داخلية في إقليم وادي سوات ضد فلول القاعدة وحلفائها من الطالبانيين والمتشددين، وكانت النيبال تعيش مأزقا سياسيا داخليا بسبب التنافس على إدارة البلاد ما بين الماويين و خصومهم السياسيين على خلفية إقالة قائد الجيش، وكانت الهند تشهد عرسها الانتخابي الخامس عشر منذ الاستقلال وسط أجواء من الأمن والاستقرار والمشاركة الحضارية، كانت القوات المسلحة السريلانكية تسدد ضربات موجعة غير مسبوقة إلى قوات نمور التاميل الانفصالية. وهكذا لم يأت يوم التاسع عشر من مايو/ أيار الجاري إلا وكان الرئيس السريلانكي ماهيندا راجاباكسا يعلن رسميا خلال جلسة برلمانية إلحاق الهزيمة الساحقة بجماعة نمور التاميل والقضاء على زعيمها "فيلو بيلاي براباكاران" مع اثنين من أهم مساعديه ( بوتو أمان و سوساي) وتعهده بتوحيد الأمة مجددا دون تمييز عرقي أو ديني. وبهذا التطور السريع وغير المتوقع يكون الستار قد أسدل على واحدة من أطول الحروب الأهلية وأكثرها قسوة ودموية وشراسة في جنوب آسيا.

26 عاما من الحرب الأهلية

فعلى مدى 26 عاما متواصلا ابتداء من عام 1983 لجأت الأقلية التاميلية في سريلانكا بقيادة ميليشيات جبهة تحرير نمور تاميل إيلام التي كانت قد تأسست في عام 1972 كرد فعل غاضب على اعتماد كولومبو للديانة البوذية كديانة رسمية لسريلانكا انطلاقا من معاقلها في شبه جزيرة جفنة بشمال غرب البلاد - إلى توجيه ضربات عسكرية مؤلمة، والقيام بعمليات انتحارية وحشية بحق عناصر الجيش النظامي والبنى التحتية وبعض الأهداف المدنية كمحطات سكك الحديد والمطارات والأسواق ومكاتب الحكومة والمنتجعات السياحية، بل قيل أن هذه الجماعة تحديدا هي التي اخترعت عمليات التفجير الانتحارية و قتل خصومها بالأحزمة الناسفة، على نحو ما فعلته إحدى مجنداتها بحق رئيس الحكومة الهندية الأسبق راجيف غاندي في مطار مدراس بولاية تاميل نادو في عام 1991 ، بدعوى تحالف الأخير مع كولومبو ضد التاميل خوفا من انسلاخ ولاية تاميل نادو عن التراب الهندي.

إقامة وطن مستقل باسم تاميل ايلام

ولم تدخر هذه الميليشيات بقيادة براباكاران وزملائه أي وسيلة لتحقيق أهدافها المعلنة والمتمثلة في إقامة وطن مستقل ومنفصل عن سريلانكا في شبه جزيرة جفنة تحت اسم "دولة تاميل ايلام"، على الرغم من أن الأقلية التاميلية منتشرة في أماكن أخرى من البلاد ولا يمكن فصلهم بسهولة عن الأكثرية السنهالية إلا على طريقة التهجير القسري كما حدث وقت انفصال باكستان عن الهند البريطانية.


تجنيد الأطفال دون إرادتهم

وتضمنت الوسائل التي استخدمها نمور التاميل للوصول إلى أهدافهم – طبقا لما هو موثق في التقارير والمقابلات الإخبارية المحايدة – أشياء من قبيل تجنيد الأطفال ودفعهم إلى ساحات المعارك دون إرادتهم، بل خطفهم من أسرهم تحت جنح الظلام واقتيادهم إلى معسكرات بعيدة لإجراء عملية غسيل دماغ لهم يخرجون على أثرها وهم لا يعرفون سوى الطاعة العمياء للزعيم الأعلى براباكاران والولاء له، وبذل الغالي والنفيس من اجله، وعدم الكشف عن أي أسرار تتعلق به باعتباره الوالد والقائد والمحرر. ومن هنا كانت قيادة نمور التاميل تزود مقاتليها الصغار بالسموم كي يتناولوها عند إحساسهم بأخطار قرب وقوعهم في كمائن الجيش، وكان هؤلاء لا يترددون في هذا العمل البشع من اجل براباكاران. وهذا الأخير لم يكن، بسبب تفكيره الدموي وميوله التسلطية وغريزة عبادة الشخصية المتجذرة فيه، مسئولا فحسب عن مقتل مالا يقل عن 70 ألف بريء من أتباعه على مدى السنوات الست والعشرين الماضية، ولم يكن مسئولا عن الدمار والتشريد والخراب الذي لحق بفقراء التاميل خلال الأسابيع الماضية كنتيجة لتعنته ورفضه الاستسلام تحت وهم احتمالات مسارعة الغرب إلى التدخل لصالحه، وإنما كان أيضا مسئولا عما مورس بحق تاميل المهجر المنتشرين ما بين سنغافورة وكندا من عمليات ابتزاز وتهديد من اجل جمع المال لدعم المجهود الحربي لمقاتلي النمور.

عنجهية جاياواردينا

ويقول الذين راقبوا صعود وسقوط براباكاران، أن تاميل سريلانكا وقع اختيارهم عليه دون غيره كقائد في البداية، كونه كان يمثل الأمل القادر على الوقوف بانضباط وإرادة حديدية في وجه مخططات حكومة كولومبو بقيادة الرئيس ريتشارد جاياواردينا، وتمريغ سمعته في الوحل وتلقينه درسا لن ينساه، خصوصا وان الأخير على الرغم من تخرجه من جامعة أكسفورد البريطانية العريقة في تخصص التاريخ كان قارئا غير جيد للتاريخ ويتصرف بعنجهية من منطلق انه طالما أن الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل إلى جانبه فلا خوف على نظامه.

ملك غير متوج

وطبقا لهؤلاء أيضا، فان براباكاران كغيره من زعماء وقادة العالم الثالث تسربت إليه مع مضي الوقت نشوة العظمة والقوة فلم يعد يرى شيئا سوى نفسه وحاشيته المقربة. لذا لم يكن غريبا أن يتصرف في سنواته الأخيرة كطاغية أو كملك غير متوج لا يستمع إلا لنفسه، ويتصرف تصرفات هوجاء ضد مصالح شعبه. فهو الذي كان وراء الإطاحة باتفاقية سلام مع كولومبو برعاية هندية في يوليو 1987 كان بامكانها أن تحقق مكاسب للتاميل كالاعتراف بلغتهم القومية وتمتعهم بالحكم الذاتي. وهو الذي انسحب من اتفاقية سلام وتفاوض مع الحكومة السريلانكية برعاية نرويجية في عام 2002 كان بامكانها أن إقامة نظام اتحادي في سريلانكا مقابل تنازل النمور عن مطلب الانفصال، ناهيك أنه كان شخصيا وراء عمليتي التخطيط الناجحتين لاغتيال رئيس البلاد الأسبق بريماسادا في مايو 1993 ووزير الخارجية السابق قادر قمر في عام 2005 .

أسباب قدرة كولومبو على حسم المعركة

يتساءل الكثيرون، وقد انتهت اليوم حرب سريلانكا الطويلة وبات الأمل في تمتع هذه البلاد الجميلة بالسلام والأمان القادرين على جذب الاستثمارات الخارجية والسياحة الاجنبية، عن الأسباب التي ساعدت كولومبو هذه المرة في حسم المعركة مع الانفصاليين لصالحها؟

الدور الصيني

في تقرير منشور لهيئة الإذاعة البريطانية، يشير صاحبه إلى الصين تحديدا بصفتها عاملا مساعدا في هذا الأمر، وان بطريقة غير مباشرة. وهذا صحيح ولم يعد سرا من الأسرار. فبكين التي سعت منذ بدايات الألفية الثالثة إلى اقتناص أية فرصة للتواجد في أية بقعة من بقاع العالم سواء عن طريق التجارة أو الاستثمار أو الاستحواذ أو الشراكة أو بيع السلاح والذخائر والتقنيات، انتهزت فرصة تنامي الرغبة لدى قادة سريلانكا لوضع حد نهائي وسريع لمشاكلهم مع الانفصاليين التاميل الموجودين أصلا على القائمة الدولية للإرهاب منذ نوفمبر 2001 ، ووجود ميزانية هائلة بمقدار 6 بلايين دولار أمريكي في عام 2009 للإنفاق على التسلح، لمد كولومبو بما تحتاجه من أحدث ما هو موجود في ترسانة الأسلحة الصينية. ويقال – طبقا لبعض الروايات – أنه على حين وعدت بكين بأن يتجاوز دعمها لكولومبو الشق التسليحي إلى الشق السياسي في صورة تعطيل أي قرار أممي في مجلس الأمن تتبناه القوى الكبرى ضد سريلانكا – تحت ضغط الأكلاف البشرية والمعاناة الإنسانية - قبل تحقيق كولومبو لانتصار حاسم ضد الانفصاليين التاميل، فان كولومبو وعدت بالمقابل أن يتم لاحقا البحث في إمكانية حصول الصينيين على قواعد بحرية بحيث يمكنهم ليس فقط حماية خطوط ناقلات النفط المتجهة إلى بلادهم من الخليج، وإنما أيضا مراقبة تحركات البحريتين الأمريكية والهندية في المحيط الهندي وبحر العرب.

بكين كررت ما فعلته في بورما وباكستان

وبهذا تكون بكين قد فعلت ما فعلته سابقا حينما استغلت الحظر المفروض على بورما لتعزيز نفوذها في الأخيرة والحصول على قواعد عسكرية وتسهيلات لوجستية في الموانيء البورمية المواجهة للساحل الغربي للهند، ثم حينما ردت على التعاون الهندي – الإيراني في مجالات التكنولوجيا والنفط والغاز بتطوير الموانيء الباكستانية على بحر العرب، ولا سيما ميناء جوادر في بلوشستان مقابل منحها تسهيلات عسكرية في الأخير لمراقبة تحركات البحرية الأمريكية، و أخيرا حينما استغلت علاقات السودان السيئة مع الغرب للنفاذ إليها ومنها إلى عموم أقطار أفريقيا السوداء ولا سيما تلك الغنية بالنفط والغاز والمعادن.

تهديدات من الغرب وتعهدات من الصين

وبكلام آخر، فيما كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومعهما الهند أيضا يتحركون من اجل إيقاف المعارك في شمال وشمال شرق سريلانكا مدفوعين بعوامل إنسانية، ويهددون كولومبو بالتدخل لدى صندوق النقد الدولي لوقف مساعداتها لسريلانكا، كانت الصين تغدق الأسلحة على القوات النظامية السريلانكية، بل وتتعهد بتقديم القروض والمساعدات لحكومة كولومبو فور عودة السلام، ناهيك عن تعهداتها بإقامة مشاريع تنموية على شاكلة ميناء "هامبانتوتا" الذي أنجزته الصين في جنوب البلاد ، ومحطة الطاقة العاملة بالفحم في "نوروتش تشولا" في غرب البلاد.

دول أخرى نافست الصينيين في دعم كولومبو

ويمكن القول في السياق نفسه أن دولا أخرى – مثل باكستان وإيران وليبيا - نافست الصين في تقديم الدعم لكولومبو وان بصور اقل وضوحا، ولأسباب خاصة بها كاغاضة خصم إقليمي أو إثبات حضور على سواحل المحيط الهندي.

الأمر الذي خالف توقعات كل المراقبين

بقي أن نقول إن الأمر الذي خالف كل توقعات المراقبين هو تأثر الانتخابات الهندية العامة الأخيرة بتطورات الأوضاع في سريلانكا. إذ راهن الكثيرون أن يسارع الهنود، ولا سيما في ولاية "تاميل نادو" الجنوبية التي لا تبعد عن السواحل السريلانكية أكثر من 10 كيلومترات، و حيث يوجد حوالي 62 مليون نسمة من المواطنين المرتبطين عرقيا وثقافيا وعائليا بتاميل سريلانكا، إلى إحداث شغب من اجل الضغط على نيودلهي وحزب المؤتمر الحاكم كي يتدخلا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة وان أحزابا محلية صغيرة عديدة أعلنت من خلال مرشحيها التزامها بحماية ودعم الأقلية التاميلية في سريلانكا. غير أن شيئا من هذا لم يحدث على الإطلاق، بمعنى أن الانتخابات جرت في سياقها المرسوم، بل فاز حزب المؤتمر بعدد من المقاعد لم يكن يتوقعه.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية من البحرين
تاريخ المادة : مايو 2009
الايميل :

يريدون الانتقال بنا لمستنقع الفتنة والصراعات المذهبية و الطائفية لإحداث تمزقاَ في نسيج وحدة الشعوب العربية و الوطنية

خضر خلف
الأنظمة العربية أصبحت عدوانية لشعوبها وأوطانها , أصبحت عاملا فعالا في تجسيد قمع شعوبها من اجل إبعادهم عن التفكير في واجباتهم نحو قضاياهم الوطنية , وان هذا العداء جعلت منه الأنظمة قانون , في بعض الأوقات يوصف في قانون الطوارئ , إما اليوم تحول إلى تهمة وقضية , ألا وهي الإضرار في الأمن القومي للدولة .

قوانين , وتهم , وقضايا ملفقة , جميعها تهدف لتفريغ أدمغة وعقول وأفئدة الشعوب من التفكير أو بنية التفكير في قضيتهم أو السير نحو توجه يقود إلى الوطنية والقومية و الإنسانية , حتى لو كان هذا العمل منطلق من خلال عمل خير أنساني من جمعية خيرية وغيرها , فيوصف ذلك بدعم الإرهاب , والعمل ضد الأمن القومي للدولة.

إن توجهات هذه الأنظمة وطبيعتها جسدت واقع يتصف في الكارثة على المجتمع العربي والإسلامي , وأصبحت أداة قمع وقهر بحق الشعوب وإرادتها , أنظمة عربية مستبدة , لا تقبل بمطالب شعوبها في كيفية التعاطي في معالجة قضايا الأمة .

إن هذه الأنظمة طمست تاريخ الأمة العربية والإسلامية ومعالمها , ولم تقف عند هذا , بل استمرت في القضاء على حاضر الأمة ومستقبلها , وأصيبت الأمة بالفاجعة من واقع هذه الأنظمة المصابة بالمرض والمنهكة بداء التخاذل والاستسلام والتفريط والولاء , ومبتعدة عن مواجهة قضايا الأمة و الصراع العربي الإسرائيلي وقد أدت تلك الأنظمة إلى خلق واقع سياسي في الواقع العربي , يلتزمون بقرارات دولية تهدف إلى استعمار الدول العربية والإسلامية , ولا يطالبون بتنفيذ القرارات التي تدعوا لتحرير الأراضي العربية .

والأمر المبكي أن أصبحت توجهات هذه الأنظمة تتفق مع توجهات إسرائيل وتسير في مسلك واحد ضد إيران, ولم يسألوا أنفسهم من اجل من تتسلح إسرائيل بالسلاح النووي والذري , ولم يسألوا أنفسهم من أكثر خطورة على الدول العربية إسرائيل أم إيران , وبتوافق توجه هذه الأنظمة مع التوجهات الإسرائيلية فقد أصدرت لهم إسرائيل شهادة حسن سلوك بان صرحت بأنه ومنذ قيام الكيان لم يحصل هذا التوافق مع الأنظمة العربية ضد إيران.
ولا ننسى بروز ظاهرة التصارع بين قادة الأنظمة من هو الذي سوف يحتل الدرجة الرفيعة وصاحب القرار والمحاور للأنظمة العربية والمتحكم بها وبقراراتها, وهذا لمسناه في القمم العربية الأخيرة عندما دعت دولة قطر لعقد قمة من اجل محرقة غزة , وجميعنا ندرك ما حصل من سجال وخلاف , الكل يريد أن يكون صاحب نفوذ , ليس من اجل قضايا الأمة وإنما ليظهر بأنه صاحب قرار يرضي به الإدارة الأمريكية بأنه يفعل , ويضغط على الأمة بما ينسجم مع رغباتها في المنطقة .

وهذا بحد ذاته انعكس سلبا على حساب كل القضايا الأساسية للشعوب العربية , كل منهم يدعي الوطنية وحمل الراية من اجل الدفاع عن القضية وكل منهم يخون ويشكك بالآخر.‏
هذه الظواهر أصبحت مخزية ببعض الأنظمة العربية التي صنعتها الإدارة الأمريكية والتي اتخذت لنفسها صنع القرارات الانهزامية , واتخذت لنفسها الحق بفرض التغير في الفكر العربي والوطني وبان تجبر الآخرين على تبني هذا التغير , الذي هو بحد ذاته فكر فارغ و معدوم بمستواه , وبعيد كل البعد عن المصالح العربية والوطنية , ويقود بشعوب الأمة إلى الابتعاد عن قضايا الأمة وجوهرها .

أنظمة لا تريد من الإعلام أن يكشف حقائق ما تتعرض له الأمة والأوطان من مؤامرات , تريد تحويله إلى إعلام رسمي تابع للنظام , أو إعلام يتبنى المهرجانات الغنائية من اجل تغير الهدف و الاتجاه , وذلك في محاولات لبعض هذه الأنظمة لإبعاد الشعوب عن واقعها السياسي , وان لا تطالب أو تجتهد في البحث عن حلول ومخارج حقيقية تنسجم مع مفاهيم الواجبات الوطنية .
جاءت لنا بعض هذه الأنظمة بسياسات جديدة ومشبوهة لتغير وحدة الشعوب , سياسات تدعي من خلالها بعض الأنظمة بان هناك مشاريع تحاك وتهدف إلى نوع من السيطرة على بعض الأطر السياسية والتدخل من خلال التحريض ضد السيادة لبعض هذه الأنظمة , وهذه السياسات لفقتها وزيفتها وصنعتها وفق إرادتها ومتطلباتها , جعلتها تتزامن مع ما تتعرض له منطقتنا وواقعنا السياسي , ومن هنا نشا نوع من الفعل ورد الفعل لخلق جو مشحون في الخلافات الجديدة , من اجل تفكيك وحدة الشعوب و الروح الوطنية والانتقال بنا إلى مستنقع الفتنة والصراعات المذهبية و الطائفية لإحداث تمزقاَ في نسيج وحدة الشعوب العربية و الوطنية .‏
ومن هذا المنطلق وجب على شعوب الأمة تحمل المسؤوليات أمام هذه الظواهر والتغيرات التي تفرضها علينا بعض هذه الأنظمة , وعلى كل فرد من شعوب الأمة أن تكون لديه المعرفة , وفهمه لما يدور من حوله من قرارات وتوجهات وتصريحات , وان يعمل على تحليلها من منطلق حِرصه على تحقيق المصلحة و الفائدة لوطنه وعروبته ، وان يكون إنسان فعالاً يتصف بمشاعر الانسجام الوطني الحر , وان يؤمن في مبدأ المسؤولية الشاملة لشعوب الأمة.
قرارات , وتدخلات , وتصريحات , ومؤامرات تحاك ضد الأمة العربية , تدعوا الشعوب إلى تحمل المسؤولية الشاملة في المجتمع الوطني العربي وتحمل كل فرد فيه المسؤولية التي تتناسب وموقعه وقدراته , وها نحن نرتقب ما يريد أن يتوجه به الرئيس الأمريكي إلى الأمة الإسلامية , فهل يأتي لنا في مؤامرات جديدة ؟, ومطالب لتنازلات جديدة؟ .

ما بين حكومتهم وحكومتنا

د. صلاح عودة الله
بعد مرور شهرين على المجزرة الصهيونية الأخيرة في قطاع غزة بل المحرقة الصهيونية والتي راح ضحيتها أكثر من الف وخمسمئة من أبناء شعبنا أكثرهم من الأطفال والنساء والاف الجرحى والمعوقين وتدمير البنية التحتية جرت الانتخابات الصهيونية ..هذه الانتخابات أظهرت على الحلبة السياسية أحزابا صهيونية يمينية عنصرية متطرفة لها ثقلها ومؤيديها..أحزاب لعبت دورا كبيرا ومؤثرا في تركيبة الحكومة الصهيونية الحالية والتي تعتبر من أكبر وأكثر الحكومات تطرفا وعنصرية منذ انتصاب الكيان الصهيوني على أرضنا قبل واحد وستين عاما, ومن أبرز هذه الأحزاب حزب يسرائيل بيتينو"اسرائيل بيتنا" بزعامة الصهيوني العنصري الحاقد أفيغدور ليبرمان والذي يدعم فكرة الترحيل الجماعي للفلسطينيين"الترانزفير", ناهيك عن رئيس هذه الحكومة نتنياهو والذي يطالب بالاعتراف بيهودية الدولة والذي يعني دعم فكرة هذا التهجير والغاء حق العودة.
ومن الذين فازوا في هذه الانتخابات أيضا ارييه الداد وهو أخصائي في جراحة التجميل ويحمل ويدعم فكرة اعتبارالأردن كوطن بديل للفلسطينيين باعتبار أن غالبية المواطنين في الأردن هم من أصل فلسطيني.
لقد أطل علينا قبل أيام قليلة النائب العنصري الحاقد"أليكس ميلر" والذي ينتمي الى حزب"يسرائيل بيتينو" بطرح مشروع قانون يقضي بعدم السماح باحياء يوم النكبة الفلسطينية. وقد أقرت اللجنة الوزارية في حكومة بنيامين نتنياهو لقضايا التشريع مشروع هذا القانون والقاضي بمنع الفلسطينيين من إحياء ذكرى النكبة في اليوم الذي تحيي فيه"إسرائيل" ذكرى قيامها، وأن تصل عقوبة من يحيي هذه النكبة في يوم كهذا إلى السجن حتى ثلاث سنوات, وتعني المصادقة على مشروع القانون في اللجنة الوزارية ان الائتلاف الحكومي مؤيد للمشروع، مما يضمن مرور القانون في التصويت في الهيئة العامة "للكنيست الصهيوني".
وبعد أيام قليلة من اقرار هذا القانون أقرت"الكنيست" قانوناً بالقراءة التمهيدية يعاقب كل من يقوم بأي نشر يعارض وجود اسرائيل كدولة "يهودية وديموقراطية, وينص القانون على أن اي تعبير عن معارضة الدولة اليهودية من شأنه أن يؤدي الى كراهية أو تحقير أو حنث الولاء للدولة ومؤسساتها، يعتبر مخالفة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة سنة.ومقدم القانون هو النائب زبولون أورليف من حزب"البيت اليهودي", وخلال تقديمه لهذا القانون هاجم أورليف الدكتورعزمي بشارة قائلا بأن مواقفه المناهضة للدولة اليهودية قد أدت للمس بأمن الدولة.
هذا على الصعيد الصهيوني, وأما على الصعيد الفلسطيني والذي تعصف به حالة من الانقسام والتشرذم لم نعهدها من قبل, فقد قام السيد محمود عباس بتشكيل حكومة فلسطينية فاقدة الهوية برئاسة سلام فياض..كنا نتمنى أن يقوم السيد أبو مازن بمواجهة الحكومة الصهيونية وما تحمله من مخططات كل ما تهدف اليه هو تهميش أبسط الحقوق الفلسطينية..نعم كنا نتمنى من سيادته تبني سياسات وتحركات تقوم بتوحيد الشارع الفلسطيني أو على الأقل تجمد حالة الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس,هذه الخلافات التي ألقت بظلالها على الوضع الفلسطيني برمته, ولكن وللأسف فان ما حدث معاكس تماما لتمنياتنا, فقد تم الاعلان عن حكومة جديدة لا نعرف ما هي الحكمة من وراء تشكيلها..فهي حكومة تزيد وتوسع وتعمق هوة الخلافات مع حركة حماس وقد تؤدي الى نسف عملية الحوار معها, هذا الحوار المأزوم أصلا..وهي حكومة جاءت لتمزيق الصف الفتحاوي المتمزق بطبيعة حاله..وهي حكومة قد توتر العلاقات مع النظام المصري الذي يدعم وينحاز الى اقطاعية رام الله..وباختصار شديد, هي حكومة لا يمكنها تحقيق أي مكاسب وانجازات لأنها أتت تلبية لمطالب واملاءات أمريكية واستجابة وارضاء لرغبات صهيونية.
ان هذه الحكومة فاقدة الشرعية فعلا..فحماس ترفضها جملة وتفصيلا, وكتلة حركة فتح في المجلس التشريعي تدينها ادانة شديدة, والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تقاطعها وتعلن الطلاق منها, وأما حزب الشعب الفلسطيني فيعلن البراءة منها.
اننا نفهم أن تقوم حركة حماس بمقاطعة هذه الحكومة لأنها قامت بمقاطعة الحكومات التي سبقتها والتي ترأسها سلام فياض, لكن أن تقوم حركة فتح وهي حزب السلطة بادانتها فهذا أمر غاية في الخطورة وله دلالات واقعية وهي أن هذه الحكومة ليست وحدها فاقدة الشرعية وانما سلطة رام الله برمتها فاقدة الشرعية أيضا, ولم تعد هذه السلطة ممثلة لحركة فتح بل للشعب الفلسطيني كله.
ان الحكومات الفلسطينية المتعاقبة وبالتحديد تلك التي جاءت بعد الانقسام الفلسطيني والحسم العسكري في غزة لم تتمكن من القضاء على البطالة والفقر والبؤس بل أصبحت تعكس حالة الانقسام وتعرقل كل المحاولات التي تهدف الى تقريب وجهات النظر بين الاخوة الأعداء, وقد ترجمت هذا الوضع التركيبة الحالية لحكومة عباس وفياض, بل انها قد تدق المسمار الأخير في نعش الحوار بين حركتي فتح وحماس المتعثر أصلا.
ان منطقتنا العربية مقبلة على تطورات قد تكون الأخطر في تاريخها، فالادارة الامريكية تستعد لاطلاق مبادرة سلام جديدة، تلغي المبادرة العربية عمليا، من خلال اسقاط كل النقاط التي تحفظت عليها الحكومة الصهيونية مثل حق العودة للاجئين الفلسطينيين، مضافا الى ذلك بند بتوطينهم في الدول التي يقيمون فيها، وآخر يكرس الكيان الصهيوني كدولة يهودية.وقد رفع الكيان الصهيوني في الأيام الأخيرة ثلاثة لاءات أمام قيام دولة فلسطينية والعودة إلى حدود 1967 وتجميد حركة الاستيطان، رغم إبدائه إرادة في الانفتاح، بعد اللقاء الأخير بين رئيس وزرائه نتانياهو والرئيس باراك اوباما.
وابدي نتانياهو "تحفظاته" على قيام دولة فلسطينية مستقلة، معارضا أن يكون لهذه الدولة جيش وان تسيطر على حدودها.
وما زال نتانياهو مصرا على رفضه الحل المبني على دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب، وهو الحل الذي تنص عليه خارطة الطريق،وخطة السلام الدولية التي أعلنتها اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) في 2003 ووافقت عليها"إسرائيل".
وفي النهاية بامكاني القول ان حكومة نتنياهو جاءت لتوحيد الصف الصهيوني الموحد أصلا, بينما جاءت حكومة عباس وفياض لتكريس وتمزيق الصف الفلسطيني الممزق والمأزوم أصلا..وهذا هو الفرق ما بين حكومتهم وحكومتنا.
وبالامكان وصف الوضع الفلسطيني الحالي بالمثل العامي:"عورة بتكحل مجنونة وطرشة بتتنصت عالباب"..رحم الله قائل هذا المثل وأعانك الله على حكومتك يا شعب فلسطين..!.
-القدس المحتلة

راحلة

علي مسعاد
كاتب

- سأرحل..
قالتها ، بصوت يكاد لا يسمع ،بالنسبة لي ،على الأقل ، أنا الذي كنت إلى جانبها ، على طول شارع " شوفوني " ، بحي البرنوصي ، ودون أن تلتفت إلي، استمرت في كلامها ،بصوت ممزوج بالحزن والبكاء :" سأرحل ،لأنه لم يعد لي مكان بينكم ...مللت من الانتظار ..انتظار الذي يأتي وقد لا يأتي .." ، احتبست الكلمات ، بالدموع التي انهمرت ، فجأة ، كالشلال ، على خديها ، لحظتها ، أشاحت بوجهها ، عني ، لتكفكف دموعها ، التي فضحت حزنا عميقا يسكنها ، كبريائها حال دونها ودون ، أن تبكي أمامي بحرقة .
نادية ، تكلمت ، تلك الليلة ، كأنها ستفقد الكلام ، للأبد وهي التي تحب الخلود إلى الصمت ، لغير قليل من الوقت :" لقد مرت سنوات العمر سراعا ، دون أن يتحقق أي شيء ...كل الأحلام تبخرت ..ضاعت بين هموم الحياة الصغيرة ... إلى متى ، سنظل نعيش الوهم الخادع؟ا ..و الكثيرون ، في عمرنا ، أصبحت لهم المشاريع والأولاد والمستقبل ؟ا ..لم تجرفهم الأوهام مثلنا ..كانوا واقعين في أحلامهم ..كانوا بسطاء في تفكيرهم ..لم يحلموا ،مثلنا بالتمرد على الواقع .... وبالحياة غير الحياة ..والناس غير الناس ..فكان لهم ما أرادوا .. وأكثر " .
سكتت ،لبرهة ، تنتظر مني ، أن أقول شيئا ، أعرف في قرارة نفسي ، أنها كانت تود ، فقط ، أن تسمع صوتي ، لحظتها ، أن تعرف رأيي فيما قالته ، للتو ، لكن لساني ، خدعني ، ساعتها ، ضاعت الكلمات في جوفي ، تاهت الطرق وتباعدت المسافات ، أحسست بفراغ داخلي عميق ، لم ينتشلني ، منه إلا صوت ملائكي للمطربة اللبنانية ، فيروز وهي تغني " غاب نهار أخر .." ، ساعتها ، وجدتني أسير الصمت والضياع ، " لماذا يا نادية ، اخترت الرحيل ، مثلهم ..لماذا أصابك العياء ، في منتصف الطريق ؟ا .
أعرف أن " للصبر حدود " ، وأن كلامك عن الرحيل ، كان فوق طاقتك ..وأنك ناضلت ، لغير قليل من الوقت ، ومن حقك أن تعيشي ، كالآخرين ، أن تكون لك أسرة ، أولاد ، ومشاريع تشبه مشاريع الآخرين ، وأن مغادرة السفينة ، قبل الرسو ، سيؤلمك كثيرا.." .
وتستمر فيروز، في الغناء ، كالجبل الشامخ ، فيما نادية ، تتأمل المارة ، من النساء والرجال ، الشباب والشيوخ ، بحي طارق ، الذي يعرف حركية ، لا مثيل لها ، على الإطلاق ، قرب سوق "طارق ".
" إلى متى ، يا علي ، ستظل أحلامنا هاربة ، عصية على القبض ، وسنوات العمر ، لا ترحم ؟ا إلى متى ستظل ؟ا، هكذا و الآخرون ، التفتوا إلى ذواتهم وداسوا كل أحلامهم الجميلة ، وارتموا في الحياة ، هكذا ، كما اتفق ..، أنت تعرف ،يا على ، أكثر مني ، أننا كنا نموت بالتقسيط ، حتى دون أن نلتف إلى نفوسنا ، الشيب غزا رؤوسنا ، تقدم بنا العمر سنوات ، وما عادت للحياة نكهتها ، أصبحت بلا معنى ، بلا ذوق ..نعيش ، هكذا ، بلا لذة ." .
" من الصعب ، يا علي ، أن تعيش ، كما أنت وكما تريد أن تعيش ، من الصعب ، أن تكون ، أنت أنت وليس غيرك ...من الصعب ، من الصعب .." ، هل مازالت ، لديك القدرة ، على مواصلة الطريق ، والجري وراء السراب ؟ا ..هل مازال لديك نفس آخر ، للحياة خلف الأوهام ؟ا..." ،"أحسست بالعياء " ، قلت لها ، " أن نجلس بعض الوقت "، بمقهى " أوروبا " ، وافقت ، بعد أي ، فلا وقت لديها ، فالسفر ، يتطلب الكثير من الاستعدادات ، وهي بالكاد وجدت الوقت الكافي ، لتقول لي " إني راحلة " ، وأنه يجدر بي ، أن أفكر في نفسي ، بعض الوقت ، فالزمن لا يرحم ، والكثير من الأشياء فقدت بريقها ، مع توالي الأيام والسنين ، وأن الأحلام التي عشعشت بدواخلنا ، مع تقدمنا في العمر ، فقدت بريقها ، المقهى ،كانت مملوءة بالشباب المقبل على الحياة ، "لا سياسية ...لا مسرح ...لا ثقافة ...، لا فكر "... ولا هم يحزنون ، هم ،فقط " حمير وبخيير " ، هم اختاروا ، أن يعيشوا اللحظة ، والحياة الافتراضية على النت ، والإقبال على الحياة ، بكل عنفوانهم ، ونحن اخترنا الصعب والمستحيل .
ونادية حين ارتمت في حضن الهجرة ، لم تكن وحدها ، فقد سبقها ، إلى الضفة الأخرى ، أحمد ، يوسف ، عبد الغني ، خديجة ، سناء ولكبيرة ..وهاهي ، نادية تلتحق بالركب ، وبقيت وحيدا ، وحدها أغنية للشاب عقيل " الله يقدرني على نسيانك .. " ، من تؤنسي ، بعد مغادرة ،نادية للمقهى وهي تغالب دموعا سخينة ، على خديها ، ربما ، ستكون الدموع الأخيرة ، التي ستحتفظ بها ذاكرتي المتعبة .


أوراق من حياتي
" لا أريد أن أموت "

السبت، مايو 30، 2009

هل الاعتداء الإسرائيلي المرتقب سوف يكون خيبة أمل جديدة لإسرائيل؟

خضر خلف
لقد اطلعنا على ما نقلته صحيفة التايمز البريطانية عن مصادر إسرائيلية تقول فيه بأن الجيش الإسرائيلي يجري الاستعدادات والتحضيرات التي تمكنه من مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية خلال أيام أو ساعات من لحظة تلقيه الأمر من المستوى السياسي، وكذلك قول مسؤول إسرائيلي في مجال الدفاع إن إسرائيل تريد أن تكون واثقة من مهمتها ونجاحها.
وكذلك أوضح مصدر آخر في الاستخبارات أن تل أبيب لا تصدر تهديدات ضد إيران دون أن تكون لديها الوسائل لتنفيذها، لقد حدث في الآونة الأخيرة تقدم والكثير من عمليات التحضير التي تشير إلى رغبة إسرائيل في التحرك، وأضاف غير إن من غير المرجح أن تنفذ إسرائيل هذه الضربات دون الحصول على موافقة ضمنية على الأقل من قبل الإدارة الأميركية التي خففت لهجتها في الآونة الأخيرة تجاه إيران.
إن هذه التصريحات تبين لنا وبكل وضوح بالمعنى الذي يحمله التصريح، هو إعطاء إشارة واضحة لما سنجده أمامنا في الأيام أو الأسابيع أو الأشهر القادمة من تصعيد في المنطقة لأنه بات واضحا أن الضربة لإيران تم الإعداد لها والآن يتم إعداد كيفية نجاحها و متى سوف تنفذ هذه الضربة ,وحسب مفهومنا إن الآمر بانتظار إشارة الإدارة الأمريكية وضغطها على كبسة المفتاح"" "OK" وهل أكثر من هذه التصريحات من إشارة وتأكيد بان الإدارة الأمريكية هي التي تعد للقيام لمثل هذه العملية ؟
ومن خلال مقالي السابق قلت يرسخ هذا المفهوم بان أمريكا تسعي لتغير وجهها القبيح بأقبح منه وذلك من خلال التقرب للدول التي كانت تصنفها بمحور الشر وبالوقت نفسه تسعى لضربها من خلال طرف أخر .
وهذه الضربة سوف يكون لها أهدافها في تعميق الشرخ العربي لان هذه العملية العسكرية سوف تجر دول عربية للمشاركة بها لان هذه العملية بحاجة لقواعد أمريكية على أراضي دول عربية وبحاجة إلى أجواء عربية وهذا ما أكدته إسرائيل نفسها إلى أن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيتطلب تحليق الطائرات في المجال الجوي العراقي والأردني حيث للقوات الأميركية وجود قوي. وقال رونين برغمان صاحب كتاب الحرب السرية مع إيران إن السودان كانت تمريناً للقوات الإسرائيلية على الهجمات التي تشمل فترة تحليق طويلة. كانوا يريدون أن يختبروا قدرتهم على نقل المعلومات وضرب هدف متحرك.
إننا نعرف لكل فعل ردة فعل ولكن لا نعرف كيف سوف تكون ردة فعل إيران ونوعيتها ولم تصرح إيران كيف سوف يكون ردها , ولكن جميعنا ومنذ سنوات مطلعين على أن إسرائيل تهدد بضرب مشاريع ومنشات إيرانية وبالوقت نفسه نحن مطلعين انجازات إيران في التسلح العسكري ولكننا غير مطلعين على نوعية الرد .
أن كان الرد الإيراني معد له مسبقا اعتقد أن هذا الرد سوف يكون ردا عنيفا موجعا للمنطقة بأسرها وليس لإسرائيل وحدها لأنني اعتقد وحسب فهمي لما يدور من حولنا أن إيران تنتظر أن تكون إسرائيل البادئة في هذه الحرب وسوف تصف ردها بأنه دفاعا عن النفس وان هذا الرد سوف ينقل المنطقة بأسرها إلى دوامة حرب لا يستثني احد سوف يكون هناك تحالفات ولا نستبعد ان تكون دول عربية طرف في هذه التحالفات ونتائجها لا يعلمه إلا الله.
وحسب تحليلي بأن سوريا سوف تدخل هذه الحرب لأننا جميعنا ندرك أن إيران جعلت من سوريا ترسانة عسكرية بانتظار أي اعتداء من قبل إسرائيل على إيران ولا ننسى كذلك حزب الله الذي اثبت لإسرائيل من خلال حرب تموز 2006 انه قادر على ضرب عمق إسرائيل .
فهذا الاعتداء إذا رد عليه بعنف إيراني سوف يكون سلاح ذات حدين , الحد الأول إن فشلت إسرائيل كما فشلت في حرب تموز 2006 بعدم مقدرتها القضاء على قوة حزب الله العسكرية وبفشل حربها على غزه الذي تجسد بعدم مقدرتها إيقاف إطلاق الصواريخ فهذا بحد ذاته سوف يخلق جوا سياسيا في المنطقة يتميز في تحجيم الإرادة العسكرية الإسرائيلية ويضع إسرائيل في وضع لا تحسد عليه يقود ذلك إلى التعمق في البحث الجاد لحل النزاعات في المنطقة.
أما الحد الثاني أذا فشلت إيران في ردها ولم تتدخل حليفتها سوريا في إنجاح الرد الإيراني هنا سوف تسيطر إسرائيل على المنطقة ويكون هناك عجز عربي في اتخاذ القرارات في حل نزاعات المنطقة لان إسرائيل والإدارة الأمريكية لن يكون مقبولا لديهم إلا الأطروحات الإسرائيلية لأنها سوف تكون الطرف الأقوى في المنطقة , وكذلك علينا أن ندرك إن اشتعل فتيل هذه الحرب سوف يكون لها ضحايا بشرية كثيرة في المنطقة .
فهل هذا الاعتداء سوف يكون خيبة أمل جديدة لإسرائيل أم يكشف عن وهم إيراني بأنه يمتلك القدرة العسكرية في الرد وانه يجب إشراك إيران في حل الخلافات في المنطقة.

الجمعة، مايو 29، 2009

إحياء مبادرة جنيف

نقولا ناصر

إذا كانت الشروط الفلسطينية لاستئناف المفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي هي كما أوردها رئيس الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات الوضع النهائي ، أحمد قريع ، في مقابلته مع صحيفة هآرتس يوم الثلاثاء الماضي ، في السادس والعشرين من أيار / مايو ، وإذا كان هذا هو الموقف الفلسطيني الذي حمله محمود عباس إلى باراك أوباما في القمة الفلسطينية – الأميركية بواشنطن يوم الخميس الماضي ، فإن المفاوض الفلسطيني يكون قد نكص إلى "مبادرة جنيف" كمرجعية للتفاوض ، في تنازل جديد عن مرجعياته المعلنة السابقة للقبول ب"حل الدولتين" ، وفي تطويع للمرجعية الفلسطينية المعلنة لكي تعترف بالحقائق المادية التي خلقها الاحتلال فوق الأرض المحتلة عام 1967 والتي تعتبر مكاسب إقليمية غير شرعية حازها الاحتلال بالقوة المسلحة خلافا لميثاق الأمم المتحدة ، في غفلة من الرأي العام الفلسطيني والمؤسسات التمثيلية الفلسطينية ، سواء تلك التابعة لمنظمة التحرير أم لسلطة الحكم الذاتي أم للمؤسسات التمثيلية الفصائلية وبخاصة التابعة لحركة فتح .

والفارق بين الموقف الذي أبلغه قريع لهآرتس وبين مبادرة جنيف هو أن "المبادرة" تقر بضم المستعمرات الاستيطانية اليهودية الكبرى وبخاصة في القدس ومحيطها (غوش عتصيون ومعاليه أدوميم وجفعات زئيف) إلى دولة الاحتلال بينما رفض قريع هذا الضم لكنه اقترح بديلا له ضمها إلى "السيادة" الفلسطينية المأمولة على أن يتمتع مستوطنوها بازدواجية الجنسية الفلسطينية والإسرائيلية .

ويبدو أن الاستيطان الاستعماري الذي قام المشروع الصهيوني في فلسطين على أساسه قد ترسخ حتى غزا عقل المفاوض الفلسطيني فاستوطن فيه أيضا ، بحيث بات الاستعمار الاستيطاني بالنسبة إليه قدرا محتما لا يجد المفاوض رادا له إلا قبوله والاعتراف به والتعايش معه . وذلك أمر متوقع ممن اختار التفاوض خيارا أوحدا للنضال الوطني ، بحيث يتحول مستوطن الأرض المحتلة عام 1967 إلى مواطن "إسرائيلي" يعرض المفاوض الفلسطيني عليه اليوم جنسية دولته التي يتسولها منه ، وهذه نتيجة متوقعة ممن أسقط صفة "المستوطن" عن المستعمر الذي غزا فلسطين عام 1948 وحوله إلى "شريك في السلام" ، وممن بات يعتبر مقاومة المستوطن القديم والجديد معا "إرهابا" ينبغي اجتثاثه . لقد أصبح المفاوض الفلسطيني مهزوما في عقله منذ وافق على أن يخوض الصراع ضد القوة المحتلة بشروطها وفي ساحة الصراع التي اختارتها وحسب قواعد الصراع التي حددتها ، في تنازل استراتيجي مجاني حتى الآن عن الثوابت الفلسطينية التي فرضت على قوة الاحتلال أن تعترف به مفاوضا في المقام الأول .

إن رفض قريع لضم المستعمرات اليهودية الاستيطانية إلى دولة الاحتلال ، ورفضه استئناف التفاوض قبل الوقف الكامل للتوسع الاستيطاني بما في ذلك "النمو الطبيعي" ، وقبل إخلاء البؤر الاستيطانية ، التي توصف تضليلا ب"العشوائية" ، والتي أقامها المستوطنون منذ عام 2001 ، وقبل إزالة الحواجز العسكرية للاحتلال في الضفة الغربية ، ورفضه كذلك الاعتراف بدولة الاحتلال ك"دولة يهودية" ، إنما هو رفض فشل في أن يتحول إلى ساتر دخاني قادر على التغطية على القنبلة التي فجرها ب"الترحيب" بضم المستعمرات إلى الدولة الفلسطينية ، لكي يحتفظ العنصري المعادي للعرب الذي يشغل حاليا منصب وزير خارجية دولة الاحتلال ، أفيغدور ليبرمان ، ب"بيته" ومثله "المقيمون في معاليه أدوميم وآرييل" ، الذين عقد قريع مقارنة ظالمة لشعبه وقضيته عندما شبههم بأنهم "تماما مثل العرب الإسرائيليين الذين يعيشون بين ظهرانيكم" ، في سابقة ليس من المتوقع أن تغري المحتلين بالجنوح أكثر نحو السلام لكنها بالتأكيد قمينة بإثارة سخط وطني فلسطيني ينبغي أن يكون كافيا لإحالة الفريق التفاوضي المسؤول عن توفير غطاء فلسطيني للوضع الذي آلت إليه القضية الوطنية حاليا إلى التقاعد ، إن لم يكن إلى المساءلة الوطنية .

ولا يجد المراقب أي تفسير سياسي يسوغ هذه الواقعية المفرطة لرئيس الوفد الفلسطيني المفاوض الذي تدفعه للتبرع طوعا بمثل هذه الجائزة الكبرى للاحتلال سوى إصراره على وضع كل البيض الفلسطيني في سلة الرهان الوحيد المغامر على الوسيط الأميركي غير النزيه الذي سبق له أن قدم الجائزة نفسها لدولة الاحتلال في الرسالة الشهيرة التي بعثها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن إلى رئيس وزراء دولة الاحتلال الأسبق آرييل شارون في الرابع عشر من الشهر الرابع عام 2004 ، وهي الرسالة التي أدانها الشعب الفلسطيني في حينه باعتبارها "وعد بلفور الثاني" . فهل المفاوض الفلسطيني على وشك التعاطي بواقعيته المعهودة مع وعد بلفور الثاني كما تعاطى مع وعد بلفور الأول لكي يدشن اليوم مرحلة تقاسم الأرض المحتلة عام 1967 مثلما وافق على تقاسم الأرض المحتلة عام 1948 !

ولا يمكن إلا الاستنتاج هنا بان إدارة أوباما الجديدة التي تستعد لإطلاق ملهاة تفاوضية فلسطينية جديدة أساسها نفس مرجعيات الملهاة التي تبنتها إدارة بوش السابقة خلال ثماني سنوات من ولايتيها قد تبنت أيضا مضمون رسالة بوش إلى شارون ، بحيث لم يعد أمام المفاوض الفلسطيني سوى خيار التعاطي مع الملهاة الجديدة ، مما يعني الاستعداد لتقديم تنازلات جديدة ، عنوانها دولة فلسطينية بمستوطنات إسرائيلية ومستوطنين إسرائيليين ، أي منح عنوان فلسطيني للمكاسب الإقليمية التي حققها الاحتلال تحت مظلة "عملية السلام" الجارية منذ عشرين عاما .

في سنة 2002 كتب المؤرخ والصحفي الإسرائيلي أموس إيلون ، الذي توفي يوم الاثنين الماضي ، في النيويورك تايمز يقول إنه سمح لأعداد المستوطنين بأن "تتضاعف تقريبا منذ اتفاق أوسلو عام 1993 ... ويستمر مشروع الاستيطان في النمو حتى الآن . تصوروا الأثر في عملية السلام في إيرلندا الشمالية لو استمرت الحكومة البريطانية في نقل آلاف البروتستانت من سكوتلاندا إلى ألستر وتوطينهم فيها ، على حسابها ، وفوق أرض مصادرة من الكاثوليك الإيرلنديين" .

إن المصير الفاشل الذي توقعه إيلون لعملية السلام الإيرلندية لو استمر الاستيطان البريطاني يبدو منسجما مع المنطق السليم الذي ينطبق على كل حالة مماثلة ، إلا الحالة الفلسطينية كما يبدو ، حيث ما زال المفاوض الفلسطيني يلهث وراء نفخ الحياة في عملية سلام وأدها الاحتلال نفسه وهي في المهد ، خلافا لكل منطق سليم أو غير سليم !

والغريب حد الاستهجان أن يلجأ المفاوض الفلسطيني بدعوته إلى "تجنيس" المستعمرات اليهودية ومستوطنيها بالجنسية الفلسطينية إلى هدم أساس القانون الدولي وشرعية الأمم المتحدة التي يبني عليها قضيته العادلة في عملية السلام ، ليتحول رئيس التفاوض الفلسطيني إلى ثاني مسؤول فلسطيني بعد صاحب مبادرة جنيف ، ياسر عبد ربه ، يعترف بالمكاسب الإقليمية التي حققها الاحتلال على الأرض منذ عام 1967 ، والفارق بين الرجلين أن الأول يوافق الآن على ضمها إلى الدولة الفلسطينية الموعودة بينما وافق الثاني على ضمها إلى دولة الاحتلال ، وإذا كان كلاهما متفقين على مبدأ تبادل الأراضي مع دولة الاحتلال فإن اليوم الذي قد يوافقان فيه على مبدأ التبادل الديموغرافي قد لا يكون بعيدا ، كما تشير تصريحات قريع ، ليجد المفاوض الفلسطيني نفسه عمليا ، طائعا ام مكرها ، يقف على أرضية مشتركة مع أفيغدور ليبرمان الذي يدعو علنا إلى كلا المبدأين !

وفي هذا السياق تعود بي الذاكرة إلى صحفي إسباني كان مرافقا لوزير خارجية بلاده ، ميغويل موراتينوس ، أثناء زيارة له إلى رام الله قبل بضع سنوات عندما سأل وزير خارجية سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني آنذاك نبيل شعث عما إذا كانت القيادة الفلسطينية موافقة على مبادرة جنيف ، ليرد شعث بأنها كانت موافقة عليها من حيث المبدأ وان موافقتها الرسمية كانت بانتظار موافقة إسرائيلية على المبادرة ، التي تشير تصريحات قريع لهآرتس إلى أنها تتحول تدريجيا الآن إلى مرجعية للمفاوض الفلسطيني في عملية سلام يسعى جاهدا في الوقت الحاضر إلى استئنافها بأي ثمن ، لأنها أصبحت المسوغ الوحيد لوجوده .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*

بين عرفات"الإرهابي" وعباس الضعيف

راسم عبيدات

........هناك اسطوانة مشروخة دأبت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بمختلف ألوان طيفها السياسي على ترديدها في إطار تهربها وتملصها من دفع أية استحقاقات مترتبة على العملية السلمية والمفاوضات مع الفلسطينيين،وهي غياب وجود الشريك الفلسطيني القادر على صنع السلام،ولعل الجميع يذكر أن الرئيس الراحل الشهيد أبو عمار عندما وقع على اتفاق أوسلو واعترف باسرائيل وعدل الميثاق الوطني الفلسطيني،كان شريكاً ممتازاً في العملية السلمية،ولكن سرعان ما تحول الراحل عرفات،والذي تقاسم جائزة نوبل "للسلام" مع رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق رابين،من رجل سلام الى شخص غير مرغوب فيه،وبأنه "ارهابي"،وذلك عندما رفض في "كامب ديفيد" التنازل عن الثوابت الفلسطينية،ولكي تصفه الإدارة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها السابق"كولن باول"والجنرال"زيني" المبعوث الأمريكي للمنطقة،بأنه ليس بزعيم دولة،بل رجل أقرب الى زعامة "المافيا" والعصابات،ووجوده يشكل عقبة في "طريق السلام وضد مصالح الشعب الفلسطيني"،وأنه لا بد من وجود قيادة فلسطينية مؤمنة بالسلام وتعرف مصالح شعبها على حد وصفهم.

ومن هنا شنت الدوائر الأمريكية والاسرائيلية والأوروبية الغربية وبصمت عربي رسمي مريب ومشبوه حملة مسعورة على الرئيس الراحل الشهيد أبو عمار،بأنه رجل "لا يريد السلام، بل يشجع "الإرهاب" ويحضنه ويرعاه"،وأوعزت الى رئيس الوزراء الاسرائيلي أنذاك شارون بممارسة أقصى الضغوط على الرئيس الشهيد أبو عمار،من خلال محاصرته في المقاطعة في رام الله،والضغط عليه من أجل تفويض الكثير من صلاحياته للعديد من القيادات الفتحاوية من أمثال الدحلان وعباس وخصوصاً في الأجهزة الأمنية واستحداث منصب رئيس الوزراء،ورغم أن الرئيس الشهيد قدم الكثير من التنازلات في هذا الجانب،إلا أنه لم يعد مطلوباً لا أمريكياً ولا أوروبياً ولا حتى على المستوى العربي الرسمي ،بل وبعض الأطراف والقيادات الفلسطينية بما فيها المحيطة به،أصبحت تسعى للتخلص منه،بناء على أوهام ووعود اسرائيلية وأمريكية وأوروبية،بأنه بإزاحة الرئيس الشهيد والتخلص منه،فالشعب الفلسطيني سيأكل اللبن والعسل والدولة الفلسطينية ستقام والاحتلال سيزول،وستتحول فلسطين الى سنغافورة،ولكن يبدو أننا لم نستفد من المأثور الشعبي الذي يقول"اللي بيجرب المجرب عقله مخرب" فما أن تولى الرئيس الفلسطيني محمود عباس السلطة،والذي هو مؤمن بالسلام والمفاوضات كخيار استراتيجي،بل وأكثر من ذلك ذهب الى حد اعتبار صواريخ المقاومة بالعبثية،وأدان العمليات الاستشهادية،وزاد على ذلك بأن المقاومة التي تفني الشعوب على حد وصفه ليست مقاومة،وعقد عشرات اللقاءات العلنية وأكثر منها سرية هو وطاقمه التفاوضي مع القيادات الاسرائيلية في الحكومة السابقة،وحضر ما يسمى بمؤتمر أنابوليس للسلام،والنتيجة لم تكن صفراً،بل كانت انحداراً وتراجعاً عن الأوضاع السابقة،حيث التمدد والتوسع الإستيطاني تضاعف بأكثر من ستة أضعاف وكذلك حال الحواجز العسكرية الاسرائيلية،وعدد الأسرى في السجون الاسرائيلية إقترب من 11 ألف أسير....الخ.

وكل هذا الاعتدال وما دأب العرب على وصفه بالواقعية والعقلانية، لم يشفع للرئيس الفلسطيني عباس،لكي يكون شريكاً في المفاوضات،أو في التوصل لاتفاقية سلام وحل للصراع.

بل أن القيادة الاسرائيلية تتعمد إذلال السلطة الفلسطينية،والقول بأن رئيسها ضعيف،وهو غير قادر على ضبط الأوضاع وقيادة الشعب الفلسطيني،وهذا الضعف زاد الى حد كبير،بعد عملية الحسم العسكري التي قامت بها حماس في قطاع غزة،واسرائيل وحكومتها وأجهزتها الأمنية ،لم تكتفي بذلك بل أرادت أن تظهر تلك السلطة بالعاجزة والمدينة في وجودها،لما تقدمه لها أمريكا واسرائيل من دعم ومساندة في الجوانب العسكرية والمالية والأمنية،فرئيس الموساد السابق"هليفي" والحالي ،ديسكن" قالا بأن اسرائيل تساعد السلطة من خلال اجراء فحص أمني للمنتسبين الجدد للأجهزة الأمنية الفلسطينية،ويشرف على تدريبهم الجنرال"دايتون"،من أجل خلق الإنسان الفلسطيني الجديد،على رأي الكاتب زهير أندراوس،هذا الإنسان الذي ليس له علاقة بالمقاومة والكفاح والنضال،أو المنتمي لفصائل المقاومة الفلسطينية،وذهب رئيس هيئة الأركان الاسرائيلية "غابي إشكنازي" الى ما هو أبعد من ذلك عندما قال بأن السلطة الفلسطينية في الحرب العدوانية الأخيرة التي شنتها اسرائيل في كانون أول/ 2008 على شعبنا في قطاع غزة قاتلت جنب الى جنب مع القوات الاسرائيلية،ناهيك عن قيامها بتسليم اسرائيل كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر بما فيها قذائف هاون ضبطت مع عناصر فصائل المقاومة المختلفة.

ورغم كل هذه الخدمات التي قدمتها السلطة الفلسطينية،ورغم امتداح أجهزة أمنها للتعاون الأمني ما بين السلطة واسرائيل،فإن اسرائيل لا ترى في السلطة الفلسطينية ورئيسها شركاء في صنع السلام،بل ترى أن الفضل في وجوده واستمراره في الحكم يعود الى ما تقدمه اسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية من خدمات ومساعدات اقتصادية ومالية وتسليحية،حتى أن رئيس الموساد"ديسكن" يقول برغم أن اسرائيل تساعد السلطة في اعتقال الكثيرين من أعضاء حماس،فهناك تخوفات بأنه لو جرت انتخابات تشريعية فلسطينية أن تفوز بها حركة حماس.

ومن هنا علينا القول بأنه واهم من يعتقد بأنه بالمزيد من الاعتدال وتقديم التنازلات المجانية،فإن اسرائيل ستقوم بتقديم تنازلات جدية وحقيقية من أجل السلام،فاسرائيل أمام كل تنازل فلسطيني أو عربي تزداد تغولاً وتوحشاً واستباحة للأرض والحقوق الفلسطينية،وما يجري من عمليات تضيق للخناق على شعبنا الفلسطيني في مناطق 48 ،خير دليل وشاهد على ذلك ،حيث تتسابق أحزاب اليمين على تقديم مشاريع قرارات باسم الإئتلاف الحكومي،تضرب شعبنا في عمق ذاكرته وانتماءه ووجوده الوطني،حيث تمنع أية أنشطة أو فعاليات أحياء للنكبة،ومحاكمة من يقوم بأي نشاط ينكر فيه يهودية دولة اسرائيل الديمقراطية،بل جرت المصادقة بالقراءة الأولى على مشروع هذا القرار،وحددت عقوبة عام لكل من يقوم بأنشطة تحريضية على حد زعمهم في هذاالاطار،وكذلك مشروع قرار آخر بربط المواطنة بالولاء لدولة اسرائيل ورموزها،ناهيك عن العديد من مشاريع القرارات التي تحمل طابعاً عنصرياً والتي تستهدف المس ليس بحرية التعبير والرأي لأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل فقط،بل تطال وجودهم ومؤسساتهم وأحزابهم وقياداتهم السياسية والمجتمعية.

وأمام هذه السياسة الاسرائيلية الممنهجة والمستهدفة بالأساس الهبوط بسقف تطلعاتنا وحقوقنا الوطنية،فلا مناص أمامنا سوى التمسك بحقوقنا وثوابتنا،وليس التراجع والتنازل والتخلي المستمر عن هذه الحقوق والثوابت.

بطاقات سفَر واحتيال: تهديدات بالقتل والسحل في سيدني

شوقي مسلماني

المال، أصلاً، في فكر فلسفي، منكَر. ولكن مَن يرى إلى المال ماذا يفعل باللبنانيين المقيمين واللبنانيين المنتشرين في بلاد الله الواسعة، وخصوصاً في مواسم سوق نخاسة الإنتخابات النيابيّة، سيضع يديه على رأسه ويقول: "العوذة بالله من الشيطان الرجيم" فليس المال منكَر فقط بل هو عين المُنكَر ولا بل هو الشيطان.

أكثر من ثلاثة أشهر انقضتْ على خزعبلات طرف لبناني من الأطراف اللبنانيّة المتصارعة في لبنان وألاعيبه في أستراليا والتي منها افتتاح مكاتب ـ أسواق نخاسة حيث يتمّ شراء الأصوات ـ الضمائر ببطاقة سفر مجّانية ذهاباً وإياباً مع بقشيش كمصروف جيب و"يومين حلوين" في فندق لبناني وربّما تحديداً قريباً من الوسط التجاري والذي صار اسمه "داون تاون" ويدلّعونه أحياناً ويسمّونه:"دي تي" وقد وقّع عدد كبير من أبناء الجالية اللبنانيّة في أستراليا طلبات البيع والشراء ـ يا للمقت ـ إذن أكثر من ثلاثة أشهر انقضتْ، وقد حضر نوّاب ووزراء يحبّون الحياة حبّاً جمّاً ويعشقون الحريّة عشقاً جمّاً وتفتنهم السيادة افتناناً جمّاً ويسحرهم الإستقلال سحراً جمّاً ... حضروا إلى أستراليا متجشّمين عناء طيران عشرين ساعة ـ يا حرام ـ ولماذا؟ ليباركوا روّاد مكاتب أسواق نخاسة بيع وشراء الأصوات الإنتخابيّة ـ الضمائر ويختلوا بهم وبعموم الأنصار ويلقّنونهم دروساً في الكراهية الطائفيّة والمناطقيّة والشعوبيّة وغير ذلك من القرف. انقضت ثلاثة أشهر لكن أخيراً جاء "الفرج" ولكن ليس قبل شتائم نزلت بالأطنان على الشارين من قبل المنشَرين. فالمنشَرون ليس لديهم الوقت الكافي، فمتى سيرتّبون أوضاعهم في أستراليا؟ متى سينزلون إلى لبنان؟ وعلى متن أي طيران "ولم يعد يفصل عن يوم الإنتخاب النيابي إلاّ أيّام قليلة"؟. ليت العظيم داروين كتب لنا على متن السفينة "بيغل" عن الإنتخاب الصناعي لا الإنتخاب الطبيعي.

وأخيراً جاء الفرج، ومِن سيدني العاصمة الإقتصاديّة لأستراليا طارت أوّل "وجبة" على متن طيران "الماليزيّة" إلى لبنان وهي طوال الطريق تشتم الشارين فبطاقة السفر هي "وان واي تيكت" على ما نُقِل أي "روحة بلا رجعة" مع أنّ البيع والشراء تمّ على أساس يُعطَى الصوت ـ الضمير وتُؤخَذ بطاقة سفر إلى لبنان و"ما أحلى النزله على لبنان" والعودة منه. وأحد لم يعلم بالغشّ إلاّ في الساعات الأخيرة من إقلاع الطائرة، فكيف سيتدبّرون الرجعة؟. وقيل أنّ بعض المنشَرين قرّر مغادرة الطائرة في ماليزيا ومنها اشترى بطاقة سفر ورجع إلى سيدني فبطاقة السفر بالطائرة من ماليزيا إلى سيدني أرخص بكثير من ثمن البطاقة ذاتها من لبنان إلى سيدني. هذا ولم يعلم المُنشَرون والذين وصلوا إلى لبنان بعد ربّما أنّ البوليس الفيدرالي الأسترالي لديه أسئلة سيوجّهها إليهم عندما يرجعون، وسنعلم لماذا؟.

وأخيراً جاء الفرج أيضاً وطارت بعد يومين "وجبة" ثانية على متن طيران الإتّحاد. وهم في مطار سيدني وكلّ شيء عال العال رغم التذمّر من هذا التأخير غير المبرَّر والغير مفهوم وإذ بكلّ شيء ينقلب فجأة إلى أسوأ حال فيبدأ البوليس الفيدرالي الذي كان سبقهم إلى المطار بسحب اللبنانيين في المطار .. واللبناني غير المُنشَرى، أي بطاقة سفره مدفوع ثمنها من المال الخاصّ، يُسمَح له بدخول الطائرة .. واللبناني المُنشَرى يُردّ، ويسودّ وجهه، ويَردّ مكسوراً مقهوراً على أسئلة، ويرجع محتاراً إلى بيته يجرّ خلفه حقائبه المليئة بالمراسيل والهدايا والأدوية، وطبعاً ليس قبل هرج ومرج وصراخ وبهدلة، وأستراليّون من جنسيّات مختلفة ينظرون ويستهجنون ما ينظرون إليه.

ويكبس البوليس الفيدرالي على مكتب للشارين فيجده قد أُخلي على عجَل وفرّ المسؤولون لكن البوليس الفيدرالي ألقى القبض على واحد منهم واستنطقه حتى منتصف الليل ثمّ أخلى سبيله بكفالة على أمل لقاء قريب يقول فيه القانون كلمته الأخيرة وبعد أسئلة وأجوبة ستكون كثيرة ربّما من بينها ماذا وراء بطاقات السفر إلى لبنان؟ من هم الشركاء الذين في المناصب الأولى؟ منذ متى هذه المهنة؟ من أي طريق تمّ الإستحصال على بطاقات السفر؟ هل تمّ ابتياعها من طريق بطاقات إإتمان عليها علامة إستفهام؟ أم من طريق آخر شبيه؟. وفي مساء اليوم التالي تلقّى رئيس تحرير مدوّنة اتّصالاً هاتفيّاً هنا ما جاء فيه:

ـ أنتَ رئيس تحرير المدوّنة؟.

ـ نعم.

ـ ما هذا المنشور في مدوَّنتك؟.

ـ هل تنكره؟.

ـ إسمع، معك 15 دقيقة لتسحب المنشور وإلاّ سنأتي إليك ونقتلك ونسحبك "خلف سيّارة" في شوارع بانكستاون".

ويغلق المتّصلُ الخطّ لكن ليس قبل أن يسمع من رئيس تحرير المدوّنة أنّ المنشور "لا يسحبه إلاّ الله سبحانه وتعالى". ويتّصل رئيس تحرير المدوّنة بالبوليس المحلّي.

وليلاً يتلقّى مسؤول سابق في جماعة الشارين وجد نفسه في المكان الخطأ فقدّم استقالته ليس مِن موقعه وحسب بل من العضويّة أيضاً يتلقّى هاتفاً ويسمع وعيداً "بقطع لسانه وإحراقه هو وعائلته". وأغلب الظنّ أن الجماعة والعوذة بالله يظنّون أنّ هذا المسؤول السابق هو الذي زوّد رئيس تحرير المدوّنة بالمعلومات وهو في الواقع آخر الذين علموا ما الذي جرى في المطار. واتّصل المسؤول السابق بالبوليس المحلّي.

**

ألف مبروك للبنان بمقيميه وبمغتربيه، فشراء الأصوات ـ الضمائر كثير، وبيع الأصوات ـ الضمائر كثير، والغشّ والخداع والإحتيال كثير، والتراكم كالذباب على الجيَف كثير، والتسمين شهراً والذبح دهراً كثير .. والبهدلة كثير.

Shawki1@optusnet.com.au

ستر ما ستر الله ، هل هو فيلم تلفزيوني؟

علي مسعاد

".. رغم أنني شاهدت ما يقارب سبعين فيلما مغربيا ، لا أعرف شيئا عن الإنسان المغربي ..."
الناقد السينمائي إبراهيم العريس ، في حوار مع مجلة " سينما " عدد 3

كثيرة هي الأسئلة الفنية ، التي يطرحها ، نقاد السينما ببلادنا ، على هامش العروض الأولى ، لأفلامنا المغربية ، ولعل من أبرزها ، على الإطلاق ، والأكثر إلحاحا ، من وجهة نظري ، على الأقل :
- لماذا لا تنال أفلامنا جوائز المهرجانات العربية والعالمية ؟ا
- لماذا يهجر جمهور السينما ، القاعات السينمائية ببلادنا ؟ا
- لماذا تحمل أفلامنا ، أسباب موتها ، في ذاتها ؟ا
- لماذا أفلامنا تافهة ، لهذه الدرجة ؟ا
وغيرها ، من الأسئلة الحرجة المرتبطة ، بقطاع السينما ، الذي يعاني من عدة إختلالات ، لعدة سنوات ، إن على مستوى السيناريو ، أو الأداء التمثيلي أو الإخراج السينمائي ، وإن شئنا ، التحديد ، الرؤية الفنية الغائبة لدى مخرجينا .
هذا على الرغم ، من المحاولات ، التي سعت من خلالها ، مختلف القطاعات لدعم السينما المغربية والنهوض بها ، لتنتزع الجوائز الأولى ، من مختلف الملتقيات الفنية والمهرجانات السينمائية العربية والدولية ، التي تعرف مشاركة أفلام مغربية ، هنا وهناك ، لكنها ، أفلامنا ، تعود دائما خائبة وبخفي حنين ، حتى دون أن تحظى بالتفاتة إعلامية ولو بسيطة .
وتتكرر الأسئلة ، تلو الأسئلة عن السر في " رداءة " المستوى الفني والإبداعي ، وعن السبل للخروج من الأزمة الفنية ، الخانقة ، التي تكبل قطاع السينما بلادنا ، وتحول دونه ودون الرقي والتطور ؟ا
وعن السبب الحقيقي وراء تواري مخرجينا ، وراء لقطات الجنس والعري و غرف النوم و الكلام الفاحش ، لكسب قلوب الجماهير المغربية المتعطشة لرؤية ذاتها عبر الشاشة ؟ا
ولعل في الأفلام المغربية التي عرضت بلا جمهور ، في مختلف القاعات السينمائية الوطنية ، لخير إجابة عن خيبة المهتمين بقطاع السينما في مستوى السينما الوطنية التي تعاني العقم في الإبداع و ضيق الأفق الفني .
والفيلم التلفزيوني ، الذي برمج ، حتى آخر لحظة ، بالقناة القناة الثانية ، ليلة الجمعة 29 ماي ، على الساعة التاسعة والربع ، لخير دليل ،على ما قلته ، قبل حين .
فيلم تلفزيوني ، أحسن ما فيه هو عنوانه ، الذي يعكس مستواه البسيط جدا ، إن لم أقل دون المستوى ، فالمخرجة ، قد أحسنت اختيار، عنوان فيلمها التلفزيوني ، ف " "ستر ما ستر الله " ، يكاد تكون ، برأيي ، الميزة الوحيدة لهذا الفيلم / الصدمة .
فيلم شخوصه ، بالكاد ينطقون الكلمات ،حركاتهم آلية بلا عمق أو إحساس ، هو أقرب لأن يكون فيلما ولكنه ليس كذلك ، كيف وافقت عليه لجنة القراءة ؟ا كيف عرفه طريقه إلى الدعم ؟ا ا كيف أزاح من طريقه فيلم الليلة " رجل فوق الشبهات " ؟ا كيف عرف طريقه إلى البرمجة في آخر لحظة ؟ ا كيف تصرف ملايين الدراهم ، على ، هكذا ، إنتاجات فنية ، ميتة وبلا حياة ؟ا
كيف ...وكيف ..
خصوصا ،إذا كانت تصور لدينا ، أضخم الأفلام وأروعها على الإطلاق ، على المستوى العالمي ، فهل لا نستحق أن تكون لدينا ، أفلام سينمائية وتلفزيونية ، لها مكانتها على الساحة الفنية و تحظى بمتابعة إعلامية ضخمة من أبرز نقاد السينما وفي مختلف المنابر الإعلامية المعروفة ؟ا
فعلى الرغم ، من نقط الضوء ، التي تعانق سماء السينما المغربية ، بين الفينة والأخرى ، بأفلام حققت نجاحا جماهيريا وفنيا ، إن على المستوى المحلى أو العربي ، فإنها استثناءات قليلة ، تكاد لا تجد لها مكانا وسط العتمة الفنية ؟ا
فالمطلوب من مخرجينا ، الآن وليس بعد ، هو النظر في المرآة ، لمواجهة حقيقتهم الفنية ، عارية وبلا رتوش .
لأن واقعنا السينمائي المغربي ، يستحق ، أكثر من نقطة ضوء ، بالنظر إلى الإمكانيات الهائلة التي توفرها الدولة ، للعديدين ، دون أن تنعكس على القطاع ، وواهم من يقول ، أن السينما ببلادنا تعاني : من مشاكل "التوزيع "، "القرصنة "، "غياب الدعم "، "غياب القاعات "، و" الميزانية المخصصة للدعا ية" ..إلخ ، لأنه ، قد جانب الحقيقة والصواب ، لأن أفلامنا المغربية ، للأسف ، تعاني من أزمة إبداع وليست أزمة إمكانيات ، وهي الحقيقة التي يخجل منها ، الكثير من أدعياء الفن والسينما ببلادنا .

هامش :
" ستر ما ستر الله " فيلم تلفزيوني ، لفريدة بليزيد
يحكي قصصا متشابكة وطريفة للحياة اليومية،
تدور أحداثها داخل الأحياء العتيقة لمدينة طنجة .

دعوها فإنها منتنة

هشام البابا
"إلا رسول الله" .. "نفديك بالغالي والنفيس ، بأبي وأمي أنت يارسول الله".. ولكن، لاشأن لك في حياتنا اليومية التي أعرضنا فيها عنك وعما أمرتنا به.
هذا هو حال الأمة الإسلامية اليوم، وهذا هو لسان حالها. غضبنا من الذين شتموا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عدنا أدراجنا نقوم بأسوأ مما قاموا به هم. هم كفار أعداء لله ولرسوله. أما نحن فمسلمون ولكن!
لكن هذه هي الطامة الكبرى. لكن نريد أن نعيش ونسيّر حياتنا وأمورها على هوانا، بعيد عما أمرنا رسولنا الذي نحبه، به. فهذا اتحاد للمصريين، وذاك نادي للتونسيين، وهنا رابطة للسوريين وتلك جمعية للعراقيين...والسلسلة لاتنتهي إلا بغضب رسولنا علينا.
إذن فمامفهوم قول الرسول: دعوها فإنها منتنة؟ وما معنى قول الحبيب المصطفى، طب القلوب ودواءها وعافية الأبدان وشفائها: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه على هنّ أبيه ولاتكنوا!
ألم يأمرنا رب محمد أن نسلم وننقاد في كل شيء لله ولرسوله حين قال: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً
والطامة الأكبر أن تُسعر أوار نار دعاوى الجاهلية هذا بمجهود أهل "العلم" أمناء هذا الدين الذين حُمّلوا أمانة الصدع بالحق، تلك التي وصفها صحابة رسول الله بقولهم: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره .. إلى أن يقول: وأن نقوم بالحق أين ماكنا لانخاف في الله لومة لائم.
فنجد ندوة عنوانها : العلامة التونسي ابن خلدون، يهرول لها مَن الأصل فيه أن ينبذ الإقليمية والوطنية ويمجها كما أمر رسولنا الكريم. ونجد دعاوى اللقاءات والتجمعات الإقليمية والعرقية والطائفية والمذهبية قد اشتد عودها كما لم تكن من قبل. وكأن الكافر المستعمر الذي دس هذه الأفكار على الأمة الإسلامية كي يفصل عراها ويشتت قواها ويهز شجرة فكرها ويُسقط ثمار تقواها ، كأنه ينظر إلينا من بعيد مبتسما ضاحكا يقول : سبقتم كل تصوراتي وحققتم أكثر مما كان في مخيلاتي!
أأصبح ابن خلدون تونسيا وهارون الرشيد عراقيا وابن تيمية سوريا وصلاح الدين كرديا وطارق بن زياد بربرياً؟ فمذا تبقى بعد ذلك؟!!
ياأمة الإسلام، كيف رضيتم لأمتكم ولأنفسكم النزول عن صدارة العالم وتقهقرتم إلى وطنية حرمها الشرع وإلى جاهلية ماأنزل الله بها من سلطان؟ أبدعوى الجاهلية وقد وضعها رسولكم تحت قدميه! أين مقياسكم الشرعي الثابت الذي انبثق عن قول الله تعالى في معجزتكم الخالدة: هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون! قرآن يُتلى إلى يوم القيامة، وتسمعونه ويردده أهل الخطابة والفصاحة بينكم، ولكنه يخرج من اللسان ولايتجاوز الآذان.
أهي أمة واحدة اجتمعت على دين وقرآن ورسول واحد، أم أمم وأثنيات متعددة متشتتة متفاوتة متصارعة، ذاك يرفع علم مزركش وآخر يحمل خرقة ملونة وثالث ترفرف بين يديه أقمشة ترمز إلى التقسيم والذل والهوان.
منذ أن سقطت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، راية العقاب، وهي راية سوداء كُتب عليها بالخط الأبيض "لاإله إلا الله محمد رسول الله" مُزقت إلى نيف وخمسين راية وعلم، كل منها يرمز إلى الإنفلات من راية الإسلام وإلى جاهلية لامكان لها بين المسلمين. الم يشترط تعالى على المؤمنين الكفر أولا بالطاغوت كشرط للإيمان: ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها. أنريد الإيمان ونحن نرفع بأيدينا وألسنتنا رموز الطاغوت، رموز لايرضاها رب السماء والأرض لعباده الصالحين فكيف لنا أن نستمسك بالعروة الوثقى!!؟
للحق رب يُعرف به، فمن اتبعه بعد نبذ الباطل فقد اهتدى أما من اتبع اتحادات وروابط وجمعيات واسماء وشعارات فإن الله سيحشره معها لأنه اتخذها رباً من دون الله.
يقول عدي بن حاتم الطائي لرسول الله عنما سمعه يقرأ آية: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله: والله لم نعبدهم يارسول الله، فرد عليه صلى الله عليه وسلم: ألم يحلو لكم الحرام ويحرموا عليكم الحلال؟ فتلك عبادتهم.
لقد آن الآوان أن نري الله من انفسنا ما يرضى به عنا، فالعمر قصير والوقت قليل، ويوم الحشر يقترب، ونحن غافلون معرضون. اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ .
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى
آن الأوان أن نرد على محاربي الله وعلى شاتمي الرسول وعلى ممزقي هذه الأمة الرد الشرعي الذي يُرضي ساكن السماء والأرض بأن نرفض التجمعات الإقليمية والوطنية والقومية ونمزق رموزها من أعلام وشعارات ونداءات وان نجتمع على أمر واحد ارتضاه بل فرضه تعالى علينا وألزمنا به رسول الكريم.
إنما المؤمنون اخوة. هذه أمتكم أمة واحدة. دعوها فإنها منتنة. المسلم أخو المسلم. كونوا عباد الله إخوانا. المسلمون تتكافئ دماؤهم وأموالهم ويسعى بذمتهم أدناهم.
يقول خليفةالمسلمين وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره، أذلنا الله.
يقول تعالى: ولقد يسرنا القرأن للذكر فهل من مدكر.

رجاء..لا تجعلوا الناس ينتظرون كثيرا في الحصول على جرعة الموت او الذل

وجيهــة الحـويــدر

يُقال انه كان ثمة مجموعة من الطغاة احكَمَوا قبضتهم على شعب، فبطشوا به بطشا شديدا. عبثوا في البلاد، وعاثوا بالعباد، وسرقوا الثروات، وحكموا بالحديد والنار، ونشروا الرعب في قلوب الناس الى درجة انهم فقدوا القدرة على الكلام.

في يوم من الايام شعر كبير الطغاة بالملل من سلبية الناس، وخنوعهم له، وخضوعهم لكل قوانين الظلم والقهر التي يسنها عليهم، ففكر في افتراضية جديدة واراد ان يتأكد من صحتها. الافتراضية هي: هل ثمة شخص من بين الناس من لديه بقايا كرامة وبإمكانه ان يعترض بشجاعة؟

اتى بطريقة ليتأكد من فرضيته، فأمر رئيس جهاز الامن ان يبث حراسا أشاوس وشرسين في جميع الطرقات الرئيسية المؤدية الى الاسواق المركزية التي يتبضع منها الناس ليجنوا قوتهم. كانت مهمة هؤلاء الحراس اثارة غضب الناس وإهانتهم بشتى السبل.

في غضون ساعات نُفذت الاوامر، وباشر الحراس مضايقاتهم للمارة بالشتم واللعن والضرب وانزال الناس من على دوابهم وسرقة ما عندهم، واذا كان العابر بصحبة امرأة اعتدوا عليها وانتهكوا عرضها.

مرت عدة ايام حيث بدوا الناس انهم متعايشون بشكل جيد مع جميع اصناف القهر، ومازال كبير الطغاة ينتظر ان يجد اجابة لفرضيته، هل يا ترى سيجد فردا واحدا يعترض على هذا الظلم السافر؟

فجأة اتى اليه رئيس جهاز الامن ومعه عريضة وعليها توقيعات عديدة من الناس. انبهر كبير الطغاة، لأنه تصور انه قد قضى على كل المشاعر الانسانية لدى افراد الشعب، وانه حولهم الى خرفان مرعوبة تجري وراء لقمة عيشها فقط، مهما كلفتهم تلك اللقمة من مرارة وامتهان.

كان حدس رئيس الطغاة في محله، بالفعل العريضة كانت من مجموعة من الناس كتبوا فيها "افعلوا بنا ما شئتم لكن رجاء زيدوا من عدد حراس الأمن، كي لا تجعلونا ننتظر كثيرا في الحصول على جرعة الذل!"

السبب الذي برروا فيه طلبهم هو كي يتمكنوا الحراس من القيام بمهامهم بشكل اسهل واسرع، ومن ثم يتسنى للناس استكمال لهثهم وجريهم وراء عيشهم المنزوع الكرامة!

تلك الحكاية مجهولة المصدر، لكنها حقيقة تعكس الواقع العربي اليوم. كل دولة عربية لديها شعب يحمل من تلك السمات الشيء الكثير. العرب أحكموا قبضتهم على امم بأنظمة مجحفة وقاهرة. جماعات واسر حكمت شعوب المنطقة وصاروا يتوارثون الظلم أبا عن جد، وسلطوا على اعناق الناس اشرهم، كي يضمنوا جلوسهم على عروشهم أطول مدة ممكنة.

فعلى سبيل الذكر وليس الحصر، ثمة دولة عربية غيّرت بنود دستورها لكي تمدد سنين حكم الطاغية وتضمن استمرار جبروته، ولم تجد واحدا في شعبها من لديه الشجاعة ان يعترض!

واخرى بلا دستور ولا قوانين مدونة. شعبها يتخبط في الظلام..القضاة يحكمون الناس على حسب اهواءهم وأمزجتهم، ويدّعون انهم يطبقون شريعة الرب..! أُلغيت فيها الانتخابات اليتيمة في البلد والتي تُسمى بإنتخابات المجالس البلدية، وربما يُعاد النظر فيها بعد سنتين، ومر الخبر مرور الكرام على مسامع الناس وكأن شيء لم يكن!

دولة عربية اخرى حاكمها صار له اكثر من اربع عقود وهو رازح على صدور الناس، ويزعم ان حكمه هو اساس النظام الديموقراطي الحقيقي، ولا يجد بين الملايين من شعبه من يقول له انك مفتري وكاذب.

حاكم دولة عربية اخرى يُعد ابنه ليرث عرشه بكل السبل، بعد ان استولى على جميع مصادر الثروات في ذلك القطر العريق، ورغم انوف المعترضين سيأتي الابن ليكمل مسيرة النهب، مثلما فعل غيره في دول عربية اخرى مجاورة.

ودولة اخرى تدّعي الديموقراطية، رجالها الوراثين للسلطة بالسلاح أو من ابائهم يسعون لترشيح انفسهم ، ونظام الدولة فيها يقسّم مقاعد البرلمان المحافظ الوزارية الى حصص حسب الطوائف، وكل طائفة فيها مسلحة بقوى من الخارج، ومن يعترض يلقى حتفه في سلسلة من الاغتيالات او في نزاعات عسكرية.

بلدان حكمها حفنة من العرب بقوة السلاح، وحولوا شعبها الاصلي الى سكان من الدرجة الثانية. نشبت حروب طاحنة فيها لعقود، ومازال المسلسل الدموي من اغتصاب النساء وهدم المدن وقتل اهلها وتشريد الناس من قراها ومدنها مستمر...

اخرى حاكمها مثل جاراتها هو المتصرف الشرعي الوحيد في البلد، حين يُطالب اعضاء مجلس الامة بالتحقيق في فساد الحكومة ونهبها للثروات، يحل الحاكم المجلس ويقيل وزراء الحكومة ويأمر بانتخابات جديدة..ثلاث مرات متتالية في اقل من سنتين..ولم يتفوه احد بكلمة واحدة ضد ذاك الحاكم..مبدأ تلك الدولة وشقيقاتها "الشيوخ ابخص!"

في الجمهوريات العربية التي ارتدت عباءة الديموقراطية كذباً وبهتاناً ، تقوم بغش وتدليس في صناديق الاقتراع، ولا يتغير الحكام ابدا، وكأنهم الموت المقدر على جميع البشر، وتظهر نتائج الانتخابات مبينة ان الشعب انتخبهم بنسب لا يصدقها العقل.. ولا يعترض احد..

دولة اخرى تتستر على رجل سادي يتلذذ بتعذيب الناس حتى يشارفوا على الموت، ويصّور جلسات التعذيب في افلام فيديو، ولا احد يُحرك ساكنا..والسبب هو انه واحد من اخوان الحاكم..وهذه الدولة تُعد من اكثر الدول العربية تطورا وانفتاحا على العالم!

دولة بعد ان مكّـنت رجال الحسبة الاشاوس من السيطرة على جميع المؤسسات وكل مناحي الحياة، الآن ستعطي سلطة اكبر لهم بوضع كاميرات في المحلات والاسواق العامة من اجل مراقبة سلوكيات الناس واخلاقياتهم، ومطاردتهم حتى الموت، اذا اقترفوا "جريمة الخلوة غير الشرعية"، هذا الخبر نشر في الجرائد وعبر للأسف، ولم يؤثر ابدا على مسامع احد.

دولة اخرى اعتلت سلم الديموقراطية الصورية، ثم سلّطت محطة فضائية عتيدة تبحث عن عثرات جميع الانظمة في المنطقة وترّكز عليها في تقاريرها.. ولا تسمح لأحد ان يكتب اي تقرير عن الحكومة الحاضنة لتلك المحطة ولا عن انتهاكاتها..ومن يفعل يُعاقب...واذا كان اجنبيا يـُرحّل بهدوء تام...

اكثر الدول العربية ثراء بل في العالم، معظم مدنها شُيدت بعشوائية وبلا صرف صحي ولا خدمات اساسية، مدارسها بيوت مؤجرة، وشوارعها خَرِبة، وحققت اعلى نسبة القتلى على الطرقات... كل اسرة في البلد فقدت فردا في حادث مرور ..يسمونه قضاء وقدر...والحياة تمر.. ولا احد يتذمر...

دولة تفرض على النساء نزع الحجاب، وتضايق السافرات في عيشهن، وتدّعي انها تحترم الحريات الشخصية، وتزعم انها تتبنى اسس المفاهيم العلمانية!

عدة دول عربية تحرّم على المرء استخدام الانترنت في الكافيهات اذا لم يسجل جميع معلوماته الشخصية، ويظهر بطاقته الثبوتية.. قانون اُعتمد في تلك الدول بدون اي عناء او اعتراض من مرتادي تلك الاماكن..

جميع النساء والاقليات المذهبية والدينية والعرقية في البلدان التي يحكمها العرب تعاني من مرارة التمييز والقهر، وفي بعض تلك الدول المرأة تعيش حياة الامَة، يملكها رجل يـُدعى محرَم، صار ذلك امرا معتادا لدى الجميع ، بل على العكس ظهرت فرق متطرفة تُطالب بزيادة جرعات الظلم عليهم..

بلدان عربية افراد من شعبها يعيشون بين الحفر والمقابر، نسبة البطالة بين العرب واحدة من الاعلى في العالم، بالاضافة ان بينهم الاكثر عشوائية في الانجاب، الأمية متفشية تصل الى اكثر من 64 مليون، الثلثين منهم نساء، وكل عام يمر يُضاف عشرة ملايين طفل بلا مقاعد دراسية .. يهيمون على وجوههم في الشوارع، ولا احد يهتم!

جميع الدول العربية وبدون استثناء، من يعترض فيها على الحاكم، او يفكر في تشكيل اعتصام او تنظيم سلمي..يُعتقل ويـُرمى به في غياهب السجون..وربما القدر يرحمه ولا يموت من شدة التعذيب. فيخرج من زنزانات الحاكم بعاهات نفسية، او اعاقات جسدية مستديمة...حتى كتابة هذه المقالة ثمة الآلاف في المعتقلات، ربما يلقون حتفهم هذه اللحظة، وربما منهم من يُهان ويعذب الآن...وتمضي الايام وكأن ذلك لا يحدث...

مرة اخرى هنيئا لكم يا حكام العرب ... تمكنتم ان تحولوا شعوبكم الى كتل مخلوقات خائفة.. تفعلون بهم ما شئتم.. لكن رجاء زيدوا من حراس الامن، لا تجعلوا الناس ينتظرون كثيرا في الحصول على جرعة الموت او الذل.

انتخابات المجالس الطلابية في الجامعات: دلالات ومعاني

راسم عبيدات

.....جرت مؤخراً عملية الانتخابات السنوية لمجالس طلبة جامعات الضفة الغربية،وهذه الانتخابات تشكل إلى حد كبير وتعكس حجوم القوى السياسية في الضفة الغربية،مع مراعاة أن حالة الانقسام السياسي،والاستهداف لهذه الكتلة أو تلك من السلطة أو الاحتلال أو الاثنتين معاً،بالضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار عند التقييم، فعلى سبيل المثال لا الحصر الكتلة الإسلامية المحسوبة على حماس قاطعت الانتخابات في أكثر من جامعة،وهي لم تخض هذه الانتخابات سوى في جامعة بير زيت .

وعند النقد والتقييم والتحليل للواقع الملموس والخلوص إلى النتائج والاستخلاصات، يجب أن نقيس مدى تأثير مجموعة من هذه العوامل على نتائج هذه الانتخابات،فعلى سبيل المثال لا الحصر،الانقسام السياسي والانفصال الجغرافي،فرغم أن فتح وحماس مسؤولتان بشكل أساسي ومباشر عن حالة الانقسام والانفصال تلك،وكذلك ما تشهده أوضاع فتح الداخلية من تكتلات وانقسامات غير معلنة، فلماذا لم تنفض عنها الجماهير هي أو حماس؟،ولماذا لم تنجح القوى اليسارية والديمقراطية في أن تشكل حالة من الاستقطاب للجماهير؟ وكذلك علينا أن نرى دور المال السياسي والسلطة في تلك النتائج،ولماذا تراجع اهتمام الحركة الطلابية وعزفت عن الاهتمام بالشكل الأساس بالقضايا الوطنية والسياسية لصالح قضايا طلابية ومهنية وأكاديمية؟.

كل هذه الأسئلة المثارة وغيرها،يجب أن نطرقها بموضوعية وحيادية دون إقحام أو إسقاط للذات أو الموقف الشخصي،لكي نضفي على المقالة حالة من المصداقية العالية .

فالحركة الطلابية هي الفئة الأكثر وعياً،وهي الأكثر حيوية وحضورا وفعلاً في المجتمع،وبالتالي خياراتها تكون واعية إلى حد كبير،بعكس فئات اجتماعية أخرى ارتباطاتها وانتماءاتها تكون جهوية وعشائرية ومصلحية ووظيفية،ومن هنا نقول بأن ما تحصده القوى من أصوات ومقاعد انتخابية في المجالس الطلابية،يشكل الحد الأعلى لما يمكن أن تحصده تلك القوى من أصوات ومقاعد،في حالة حدوث انتخابات عامة في الوطن.

علينا أن نقر هنا بأن الهموم الاقتصادية والمال السياسي والسلطة وما تفرزه من توظيفات وعلاقات وشراء ذمم،هي من العوامل الهامة لمثل تلك النتائج،فالطالب على سبيل المثال في السابق،كان القسط الجامعي معفى منه نتيجة لمنح تتلقاها الجامعات من الخارج،أما الآن فلم يعد الأمر كما كان وبالتالي الأقدر على الدفع عن هؤلاء الطلبة وتأمين احتياجاتهم من أقساط وسكن وكتب وغيرها،هو من يملك المال والقرار والسلطة،فهناك الكثير من الأموال توظف من قبل السلطة وأجهزتها من أجل شراء ذمم طلبة أو تفريغهم على هذا الجهاز أو ذاك أو العمل لهذه الجهة أو تلك،وكذلك الجهة المالكة للسلطة والمال،هي الأكثر تأثيراً ورسماً للعلاقات مع الإدارات والهيئات التدريسية للجامعات،وهي تؤثر علها بقدر معين لصالح هذه الجهة او تلك،ومن هنا رأينا كيف عملت حماس، على أن تكون بديل لفتح في كل منحي وشؤون الحياة وعلى كل المستويات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً،وبنت شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية،كانت بمثابة الحاضنة والمفرخ لكل أنشطتها،وبذلك استطاعت أن تشكل منافس وبديل لفتح في السياسة والمجتمع.

أما قوى الحالة اليسارية الفلسطينية،ورغم كل أرثها وتراثها وتاريخيها النضالي والكفاحي،وما تقدمه من معانيات وتضحيات،فوجدنا أنها لم تستطع أن تحدث نقلة نوعية في أوضاعها،وأنها لم تنجح في قطف ثمار نضالاتها وتضحياتها،ولم تنجح في استثمار تضحياتها ونضالاتها وتحويلها الى مكتسبات لا سياسية ولا جماهيرية،وبقيت أحزاب في الإطار النخبوي والتضحوي والذي يعطي ولا يأخذ،وهل الخلل يعود هنا إلى أن هذه الأحزاب لم تغير وتبدل طرائق وأساليب العمل التي تتبعها،أو أنها تفتقد إلى الرؤى الجماهيرية والسياسية؟،أم أنها لم تستطع أن تنتج نظرية وهوية فكرية مستقلة؟،أم أن هيمنة الدين وعمق الروحانية في المجتمع،تجعل من الصعوبة تمدد وانتشار الفكر اليساري في المجتمع؟،أم أنها حاولت أن تقحم النظرية الاشتراكية كما هي على الواقع الفلسطيني قسراً ؟،أم أن حالة من الجمود والتكلس والوهن أصابت الكثير من قياداتها وجعلتها غير قادرة على مواكبة التطورات والتغيرات في المجتمع؟،أم أنها كانت تستثمر مالياً بطريقة اشتراكية في مجتمع استهلاكي تهيمن عليه أساليب إنتاج رأسمالية؟،أم أن ضعف الإنتاج النظري والفكري لم يجعلها تراكم وتبني وتخلق كادرات وقيادات مجتمعية وسياسية وحزبية وغيرها؟،أم أن شدة قمع الاحتلال ومطاردة لها لم يمكنها من التقاط أنفاسها وبالتالي بناء أوضاعها ؟،أم أن تبعثر قوى اليسار وعدم توحد تعبيراتها السياسية والتنظيمية،والنظرة الفئوية والنفعية الضيقة وعدم الوضوح في الموقف واستقلاليته والتذيل لهذا الطرف أو ذاك من العوامل الهامة في تراجعها وانفضاض الجماهير عنها؟،أم أن البحث عن العضوية "السوبر" أو على الفرازة،وكذلك عدم القدرة على توظيف واستيعاب الطاقات،كانت من العوامل الطاردة والانفضاض عن هذه الأحزاب؟.

علينا أن نقر بأن الاعتماد على النظرية وحده لا يكفي،وكذلك لا الإرث والتراث النضالي يشفع،بل ما يشفع هو مراجعة شاملة وجدية والوقوف على مكامن الخلل والقصور بشكل جدي وحقيقي،بعيداً عن لغة التشكي والتذمر والندب،واجترار نفس المقولات والشعارات حول الظروف المجافية،فمتى كانت الظروف غير مجافية،ففي ظل هذه الظروف غير المجافية صمد وانتصر حزب الله،وكذلك حققت الاشتراكية الكثير من الانتصارات في أمريكا اللاتينية،وأيضاً في ظل العولمة تعاظم دور المال في العمل السياسي،وأيضاً مع مجيء السلطة الفلسطينية ومع حدث في المجتمع الفلسطيني من ذبح للمشروع الوطني الفلسطيني وتعميم لسياسة الفساد والإفساد وشراء الذمم،كل ذلك ساهم إلى حد كبير في تراجع العمل الوطني والسياسي في المؤسسات التعليمية وغيرها،ولكن ما أصاب اليسار والقوى الديمقراطية هنا كان أعمق وأشمل،فالسلطة تحكمت بالمال والقرار وحتى الوظيفة العمومية،واليسار منقسم على نفسه،بل وحتى التنظيم الواحد على ذاته،ومن هنا وجدنا انه بدون أرضية صلبة تقف عليها هذه القوى،جذرها وأساسها الهوية الفكرية،وشق الطريق المستقل في السياسة والمجتمع،فحالة النزف سوف تستمر،ولعل ما حدث من إرهاصات على هذا الصعيد من تشكيل ائتلاف القوى النقابية العمالية اليسارية في الضفة،والموقف المشترك للجبهة الشعبية وحزب الشعب بعدم المشاركة في حكومة سلام فياض،وكموقف رافض لتعميق حالة الانقسام والانفصال فلسطينياً،تشكل بدايات جدية نحو إعادة الهيبة والاعتبار لقوى الحالة الديمقراطية ودورها في إعادة التوازن للسياسة والمجتمع فلسطينياً،وكل ذلك رهن أيضاً بابتداع كل أشكال وطرائق العمل التي تمكن هذه القوى من حل مشاكلها المادية،وبما يمكنها من تقديم خدمات ملموسة للجماهير في جوانب العمل المجتمعي بكافة تجلياته وأنواعه،والمهم هنا دوران العجلة على أسس راسخة وصلبة ،تجعل هذا التيار يفرض نفسه في عمق وجدان وذاكرة شعبنا الفلسطيني،بتقديم مقومات المعارضة الديمقراطية الحازمة الواضحة كل الوضوح السياسي والاجتماعي والكفاح الوطني الجسور والمقاومة التي تستجيب للواقع ومستجدياته .

عبد الله الإرهابي يدعوكم لفنجان قهوة

عطا مناع
اعتذر منكم، لأنني أزعجكم وأثقل عليكم وأقض مضاجعكم خاصة أصحاب الأحلام الوردية الذين لا وقت لهم لصغائر الأمور ومشاكل الفقراء المهمشين في المخيمات الفلسطينية، مرة أخرى أيها الناس أحاول أن أسلط الضوء على ألكارثة التي ألمت بمخيم الدهيشة، أنها كارثة اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، ومشكلة العجز الفاضح للمختصين الغير قادرين على تشخيص المشكلة التي تكاد تسحق ما تبقى من كرامة إنسانية لدينا نحن المسحوقين الذين تعاملوا معنا في يوم من الأيام حطبا لثورتهم ألتي إدارات ظهرها لنا.
خرجت عن الخط، لكنني أشعر بالقهر لشعوري بالظلم المركب ، أليس الشعور بالظلم هو بداية الثورة علية، لكن الظلم الذي يعانيه أطفال وسكان مخيم الدهيشة الملوث بمياه الصرف الصحي لا شبيه له أيها السادة،أنة الظلم المركب ألذي لا علاج له إلا بوقفة حقيقية باستنفار كل الطاقات لمعالجة مشكلة ستحصد ما ستحصد من الأرواح وفي رمشه عين، أنا لا أحرض كما وصفيني أصحاب الأبراج العاجية والأحلام الوردية والحسابات الشخصية، وأنا لا أنشر الإشاعات كما يحلو للبعض أن يقول، أنا هنا أحذر من الكارثة، أنا أدعوكم أدعوكم لتناول فنجان قهوة في مخيم الدهيشة وسنحاول أن تكون محتوياته نقية.
هي دعوة خاصة لكل منكم من عبد الله الإرهابي المعثر المغلوب على أمرة الملاحق من شياطين الأرض والسماء، ادعوك سيدي ألرئيس محمود عباس، ادعوك سيدي رئيس الوزراء سلام فياض، ادعوا الكتل النيابية بدون استثناء لتناول فنجان قهوة وليتنشقوا أجواء التلوث، ادعوا حركة فتح ,حركة حماس، ادعوا الجبهة الشعبية وكل الجبهات، ادعوا الصحفيين والأكاديميين والمهتمين بحقوق الإنسان،أدعوا أنصار اللاعنف وأنصار العنف أيضا ادعوا الشهداء والأسرى والجرحى والأموات الأحياء والأحياء الأموات لجولة في عالمنا الغريب، ادعوا ياسر عرفات الذي طلب من سكان المخيم أن ينجبوا عشرة أطفال هدية للمقاومة وفلسطين.
أنا عبد الله الإرهابي لقيط المرحلة، النبتة الشيطانية التي يتمنى البعض لو أنها لم تكن، أنا بضاعة القرن الواحد والعشرين المعروض في أسواق المنحرفين الذين باعوا كل ما وقعت أيديهم علية، وأنا المنسي حتى من الله حيث لا تنفع صلاة الاستسقاء لسد رمق العطاش في المخيم المنكوب.
تعالوا يا أصحاب الفكر وجهابذة السياسة لنضعكم في صورة الكارثة التي ألمت بنا، ولكن قبل ذلك أريد أن أقول لكم أنهم أعلنوا حالة الطوارئ في منطقتنا ووطننا بعد ظهور حالات من أنفلونزا الخنازير وراء المحيطات، عقدوا الاجتماعات واستدعوا أصحاب الاختصاص رغم خلوا وطننا من هذا المرض الذي قد لا نتعرض له، طلبنا منهم أن يعلنوا المخيم منطقة منكوبة، لكنهم لم يتجرؤوا، صحيح أنهم والمقصود وكالة والغوث وسلطة المياه الفلسطينية ممثلة بسلطة المياه والمجاري يتواجدوا عندنا كل يوم يأخذوا العينات ويفحصوا ما يرى بالعين المجردة وهذا جهد نشكرهم علية إلا أنهم عاجزون عن التشخيص وعاجزون عن الفعل، إنهم يتخبطون في خضم الكارثة دون أي فعل علاجي.
دخلنا الأسبوع الرابع والتلوث يقف على أبوابنا متحفزا للفتك بنا رغم الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الجهات المتابعة، نحن ألان بين سنديان التلوث ومطرقة العطش، أن خزانات المياه التي تمد المخيم بما توفر لن تقينا عطش الصيف، والمشكلة قطعا تتفاقم، والحديث يجري عن شبكة جديدة وهي حتى ألان بعيدة المنال، والموت قد يخطف احدنا أو بعضنا في كل لحظة، لا أضخم ألأمور لكنني أناقش الواقع كما هو بعيدا عن المساحيق التجميلية والنقاش البيزنطي، يا سادتي ندعوكم لتناول فنجان قهوة في مخيمنا المنكوب، ندعوكم لتتحملوا المسئولية تجاهنا لأننا بشر مثلكم.
سأذهب للنوم أنا عبد الله الذي ما كان يوما إرهابيا، وأترككم لعالمكم، وتذكروا أنني دعوتكم لفنجان قهوة، أحذركم أننا لا نريدكم أن تحتسوا في مخيمنا القهوة السادة وتترحموا على أرواح أطفالنا كما جريمة برك سليمان التي أخذت من اثنين من أطفالنا الأبرياء لعيون الاستثمار الأسود، أيامها قالت لي الوزيرة مريم أبو دقة بحضور محافظ بيت لحم القوا بابن مسئول في برك سليمان، كلماتها دغدغت مشاعر الحاضرين وخاصة أن هذه الكلمات صادرة عن وزيرة في السلطة الوطنية الفلسطينية، لحظتها تذكرت بعض الكلمات التي ضاعت في فوضى المرحلة والتي تقول.
سجل أنا عربي، ورقم بطاقتي خمسون ألف، وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف، أنا لا أكرة الناس ولا احقد على احد، ولكني أذ1 جعت آكل لحم مغتصبي، حذاري من جوعي ومن غضبي....... لا زالت دعوتنا لكم قائمة وهي شخصية ومباشرة وخاصة لرئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض.

كاتب صحفي يسكن في مخيم الدهيشة

الخميس، مايو 28، 2009

في الذكرى 45 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية

غسان المصري

في الذكرى 45 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية زادت وتيرة المطالبة بإعادة بناء وإصلاح المنظمة وسط اجواء الاحباط والتراجع في الموقف الفلسطيني، حيث أضاف انقلاب حماس في قطاع غزه وحالة الانقسام سببا اضافيا لاهمية اعادة منظمة التحرير الى مكانتها ودورها بعد ان كان موضوعها من القضايات اوالملفات شبه المنسيه ولا تحظى بأولويات العمل او المواضيع ذات الاهمية في اجنده العمل الفلسطيني لاعادة ترتيب النظام السياسي الفلسطيني .

منذ نشوء السلطه الوطنيه الفلسطينيه بدأ التداخل في صلاحيات وإختصاصات النظام السياسي ما بين السلطة والمنظمة مع أن السلطة جاءت نتاج أوسلو وحددت صلاحياتها وإختصاصاتها بنصوص الإتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأعتبرت المرجعية الأساسية للسلطة التي إقتصرت صلاحياتها على ادارة شؤون الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة عام 1967 وفي المناطق التي نُقلت إليها السيادة وسُميت بمناطق – أ- .

الجمع بين رئاسة السلطة والمنظمة وقيادة العمل في كلا المؤسستين من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات، واستمرار هذا النهج بعد تولي محمود عباس رئاسة السلطه والمنظمه معا، وكذلك استمرار الجمع بين عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة وبعض الوزارات من قبل بعض أعضاء اللجنة التنفيذية أدى إلى تلاشي حدود الصلاحيات والمسؤوليات، بين السلطة والمنظمة وغَلب ممارسة العمل السياسي بإسم السلطة، ودفع هذا النهج نحو مصادرة وإضعاف دور وصلاحيات دوائر منظمة التحرير أحياناً بشكل مقصود على أمل تقوية السلطة وصلاحياتها، وتجاوز حدود نصوص أوسلو لفرض واقع سياسي يوفر مقومات وإحتياجات الدولة، ولو كان ذلك على حساب قوة قيادة وتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، كما كان الحال عند إنشاء وزارة خارجية للسلطة وما رافق ذلك من خلافات بين رئيس الدائرة السياسية للمنظمة ورئيس السلطة محمود عباس الذي أصر على إستحداث قانون العمل الدبلوماسي ومصادرة صلاحية الإشراف وإدارة السفارات في الخارج وتحويلها لتصبح خاضعة للسلطة رغم تحذير رئيس الدائرة السياسية فاروق القدومي من سياسة إضعاف منظمة التحرير ومصادرة دورها ومرجعيتها .

كانت الصدمة قوية عند قيادة حركة فـتح بعد فوز حماس ليس فقط لخسارتها المجلس التشريعي والسلطة وخروجها من دائرة الفعل والتأثير في صياغة القرار السياسي الفلسطيني، وإنما لإدراكها بفداحة الخطأ الذي إرتكبته حينما صادرت دور منظمة التحرير وحصرته في السلطة التي أصبحت بعد سيطرة حركة حماس على المجلس التشريعي وحكومة السلطه ، وتبع ذلك الانقلاب العسكري الذي قامت به حماس في قطاع غزه وتصفيتها للاجهزه الامنيه وحجم الكارثة التي اصابت الشعب الفلسطيني وقضيته جراء التهميش وإضعاف تمثيل المنظمة وقيادتها على الصعيد الدولي، وما ترتب على ذلك من خسارة للإنجازات الكبيرة التي حققتها المنظمة عبر مسيرة 43 عام من النضال وخصوصاً شرعية النضال الوطني لإزالة الإحتلال وجميع القرارات الدولية التي تنص وتضمن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة ممثلاً 194 .

هنا برزت الأزمة الكبرى بين فـتح وحماس والتي كان اساسها وبدايتها في رفض حركة حماس الاعتراف بتمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، حيث تمسكت حركة فـتح ومعها فصائل منظمة التحرير بهذا الثابت خوفاً على انجازات وحقوق الشعب الفلسطيني من الضياع ، وبالمقابل رفضت حماس جميع الدعوات التي طالبتها الانضمام للمنظمه والمشاركة بقيادتها بحجة انها ترفض برنامجها السياسي في الوقت التي دخلت فيه الانتخابات التشريعيه التي كانت نتاج اتفاقيات اوسلو التي وقعتها منظمة التحرير ، واستمرت حماس برفضها الاعتراف بتمثيل منظمة التحرير وقيادتها للشعب الفلسطيني رغم اتفاق القاهره الذي نص على ذلك مع العمل على اعادة تفعيل واصلاح مؤسساتها ، وهذا بدوره زاد من تعقيد الأمور واضعف دور المنظمة على الصعيد الدولي والعربي، ويعود موقف حماس إلى تبرير اخر وهو إنها أنتخبت من الشعب الفلسطيني في الداخل وهي تتمتع بشرعية تمثيله من قبل الأكثرية وهي المسؤولة عن إدارة الشؤون الخارجية من خلال وزارة الخارجية التي أقرتها وكرستها سلطة فـتح السابقة، وكيف تكون المنظمة هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، وحماس صاحبة السلطة والشرعية لا تشارك في قيادتها .

رغم موافقة وتوقيع حماس على إتفاق القاهرة الذي ينص على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ( وكان ذلك قبل نجاحها في الإنتخابات )، إلا أنها ترفض لغاية الآن هذا الموقف وتطالب بإعادة بناء منظمة التحرير وفق أسس جديدة ليست محددة لغاية الآن، وبالمقابل تطالب أيضاً جميع فصائل المنظمة بإصلاح وإعادة تفعيل مؤسسات المنظمة لأهمية دورها في هذه المرحلة السياسية ، وقد حاولت العمل على انشاء جسم بديل للمنظمه ولكنها فشلت امام موقف فصائل وفوى المنظمه .

حركة فـتح ليست ضد هذا التوجه والإجماع لإعادة إصلاح وتفعيل المنظمة وتطالب حركة حماس والجهاد الإنضمام لها لكنها ترفض مبدأ نسف وإزالة تراث المنظمة النضالي ونظام عملها ومحو مؤسساتها والبدء ببناء منظمة تحرير جديدة وفق أسس ومعايير تفرضها موازين القوى لهذا الطرف أو ذاك، لأن منظمة التحرير هي هي الممثل الشرعي والوحيد لجميع ابناء الشعب الفلسطيني في العالم والمعترف بها عربيا ودوليا ، ولها حضورها كعضو وممثل لفلسطين في معظم المنظمات والمحافل الدوليه ، وهي المسؤوله عن جميع السفارات والممثليات الفلسطينيه في العالم وهذا ثمرة نضال الشعب الفلسطيني والتي ما زالت تتابع نضالها بمسؤوليتها عن ملف المفاوضات وتمثل مرجعية السلطه .

لذا اصبح من الواجب والضروره الوطنيه البدء فورا باعادة اصلاح المنظمه وتفعيل دوائرها ومؤسساتها لتستطيع اكمال مسيرتها النضاليه والحفاظ على انجازاتها التي اصبحت مهدده امام سياسات الحكومه الاسرائيليه المتطرفه والهادفه الى اختزال القضيه الوطنيه الفلسطينيه بالسلطه، وبمقترحات وحلول تخرجها من مرجعياتها الدوليه وشطب جميع القرارات الدوليه التي اقرت بالحقوق الوطنيه المشروعه للشعب الفلسطيني وشرعية نضاله من اجل التحرر والاستقلال

مدير مركز كنعان للاعلام والدراسات

لبنان وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة

صبحي غندور

لم تكن مصادفة زمنية أن تحصل جلسة انتخاب الرئيس اللبناني ميشال سليمان في يوم 25 أيار/مايو من العام الماضي. فهذا التاريخ كان الذكرى الثامنة لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. وفي الجمع بين المناسبتين كان هناك تأكيد جديد على التلازم المطلوب بين تحرير لبنان الذي قادته المقاومة، وبين وحدة شعبه، وبين استقراره الداخلي الذي يرعاه الجيش اللبناني. أيضاً، كان ذلك تعبيراً عن التنسيق الحاصل بين الجيش والمقاومة، وعن الدور الهام الذي قام به العماد ميشال سليمان حينما كان قائداً للجيش اللبناني في دعم مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

هذا العام تتزامن الذكرى التاسعة لتحرير لبنان مع اشتداد الحملات الإعلامية والسياسية في لبنان وفي المنطقة ضدّ "حزب الله" الذي قاد حركة المقاومة اللبنانية وحقّق نصر التحرير في العام 2000 ثم نصر الصمود والمواجهة ضدّ العدوان الإسرائيلي عام 2006.

ونتائج هذه الحملات واحدة وإن اختلفت الأطراف التي تقوم بها أو غاياتهم الخاصة منها. فإذا كانت إسرائيل تسعى كمبدأ للقضاء على ظاهرة المقاومة ضدّ احتلالها للأراضي العربية أينما وُجِدت، وإلى إشعال الفتن والصراعات داخل المجتمعات العربية، خاصة تلك التي تحتضن ظاهرة المقاومة، فإن أطرافاً أخرى (عربية ودولية) تعتقد للأسف أنّ حملاتها ستؤدّي إلى إضعاف حلفاء المقاومة (المحليين والإقليميين) ممّا قد يعزّز نفوذ هذه الأطراف أو ما تعتمده من نهجٍ سياسي. ومكمن الخطورة هنا أن هذه الأطراف تخدم عن قصد أو غير قصد الغايات الإسرائيلية التي لا تريد إلغاء "ظواهر المقاومة" فقط، بل تهدف أيضاً إلى هدم وحدة سائر الأوطان العربية، وإلى إضعاف كل الدول العربية وجيوشها الرسمية بما فيها تلك التي وقّعت مع إسرائيل على معاهدات صلح وسلام. ولعلّ الرؤية الإسرائيلية لمصر ولجيشها، وما في المعاهدة معها من قيود على حجم ونوعية وحركة القوات المصرية، ما يؤكّد هذ الأمر. أيضاً القيود والشروط الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية هي دليل على مخاطر التخلّي عن ظاهرة المقاومة لصالح القوة الإسرائيلية المهيمنة والتي مارست الحصار والعدوان على قيادة السلطة في الضفة الغربية بالعام 2002 رغم اتفاقيات أوسلو، ثمّ على غزة رغم الانسحاب الإسرائيلي منها.

إنّ إسرائيل تدرك أهمية ثلاثية: "الشعب والجيش والمقاومة" في أيِّ دولة عربية مجاورة لها، وهي تعتبر أنّ صمّام الأمان لإسرائيل يكمن في تغذية الصراعات العربية الداخلية وتحويلها إلى حروب أهلية ممّا يمنع من قيام جيش وطني واحد وقوي، ويُربك ويستنزف أي حركة مقاومة في الحاضر أو في المستقبل.

لقد كان 25 أيار/مايو عام 2000، يوم ذلٍّ ومهانة لإسرائيل ولجيشها ولعملائها في الشريط الحدودي مع لبنان. لكن كان هذا اليوم بلا أيِّ شك يوم كرامة واعتزاز لدى عموم اللبنانيين والعرب، في أوطانهم كما في أي بقعة من الأرض تواجدوا فيها.

ففي هذا التاريخ انهزم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان بعد مقاومة متواصلة بدأت مع احتلال إسرائيل لبيروت عام 1982، ثم تصاعدت هذه المقاومة وقويت حتى حرّرت الأراضي اللبنانية واستعادت ما احتلته إسرائيل منذ آذار/مارس 1978.

ولعلَّ قيمة هذا الإنجاز بالنسبة إلى العرب ككل، أنّ إسرائيل اضّطرت، وللمرّة الأولى في تاريخ الصراع العربي/الإسرائيلي، إلى الانسحاب الكامل من أرض عربية، دون تفاوض أو اتفاقيات… انسحبت فقط بسبب المقاومة لهذا الاحتلال، وما سبّبته هذه المقاومة على مدار سنوات من خسائر بشرية كبيرة في الجيش الإسرائيلي وضباطه وجنوده وعملائه، حيث فاقت هذه الخسائر حجم مجموع ما خسرته إسرائيل في حروبها المتعددة مع الجيوش العربية.

فالحقّ اللبناني بتنفيذ القرار رقم 425 كان عمره أكثر من 22 عاما، لكن إسرائيل لم تستجب إلى هذا "الحقّ اللبناني" المدعوم بالشرعية الدولية إلا حينما رافقت هذا الحق قوّة المقاومة للاحتلال، هذه المقاومة التي استندت أيضا إلى قوّة نهج العطاء والتضحية والبناء التنظيمي السليم، والى قوّة التضامن الوطني اللبناني الشامل معها وحولها على المستويين الشعبي والرسمي. كما استفادت هذه المقاومة من دعم أنصار هذا الحقّ عربياً وإقليمياً.

لكن الهزيمة العسكرية الإسرائيلية في لبنان لم تكن هزيمة كاملة للمشروع الصهيوني فيه، فإسرائيل لم تتراجع عن مشروعها الهادف إلى تقسيم لبنان وتشجيع الصراعات المحلية المسلحة فيه.

إنّ سلاح المقاومة لم يحرّر لبنان فقط من الاحتلال الإسرائيلي، بل كان له الفضل فيما يشير البعض إليه الآن من أهمّية السيادة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية. فإنهاء الاحتلال الإسرائيلي كان هو المدخل لسحب القوات السورية على مراحل ثم انسحابها الكامل من لبنان تنفيذاً لاتفاق الطائف. ثمّ هل كان ممكناً مطالبة المسلحين الفلسطينيين بعدم الانتشار المسلح خارج المخيمات لو أنّ هناك قوات إسرائيلية محتلة في مناطق هذه المخيمات؟

ولا أعلم كيف يمكن تفسير التصعيد بالتوتر السياسي الآن حول موضوع سلاح المقاومة، فمن هو الطرف الذي سيقوم بنزع هذا السلاح، لو سلّمنا جدلاً بضرورة ذلك؟! إنّ هذا المطلب الأميركي/الإسرائيلي كان مفهوماً خلال فترة وجود القوات السورية في لبنان، لكن من الجهة الممكن تكليفها بهذا العمل حالياً؟ هل هي إسرائيل التي كانت أصلاً تحتل لبنان وانهزمت فيه واضطرّت للانسحاب منه، ثم فشلت وهُزمت مرّةً أخرى في العام 2006؟ أم هي قوات أميركية ودولية تتعثّر وتفشل في العراق وأفغانستان وتبحث عن مخرج لائق لها؟ إنّ المراهنة ليست حتماً على قوى خارجية لتنفيذ هذه المهمة، بل على قوى لبنانية تقبل من جديد مسؤولية تفجير الوضع الداخلي اللبناني من أجل مصالح ومشاريع خارجية، وبطابع طائفي ومذهبي يحرق الأخضر واليابس في لبنان والمنطقة.

لقد انهزمت الغايات السياسية للعدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، لكنّها هزيمة في موقع محدّد وزمان معيَّن، تماماً كما حصل في العام 2000 حينما أجبرت المقاومة اللبنانية إسرائيل على الانسحاب من لبنان.

هي إذن حربٌ مستمرّة في ميادين مختلفة، ولن تُحسَم النتائج النهائية لهذه الحرب إلا بانتهاء الصراع العربي/الإسرائيلي وتحقيق تسوية عادلة وشاملة لكلّ الجبهات بما فيها القضية الفلسطينية.

الأوْلى عربياً وأد الفتنة في زمن حرب إسرائيل على العرب بعدما فشل السلام معها..

الأوْلى لبنانياً وفلسطينياً وعربيّاً الآن هو التضامن الوطني الشامل بدلاً من الانجرار إلى الفتن الداخلية. فالفتنة كانت مطلوبةً إسرائيلياً وأجنبياً قبل نشوء حركات المقاومة، والفتنة مطلوبة الآن أكثر بعد انتصار ظاهرة المقاومة وفشل المراهنة على التسويات الجزئية... الفتنة بين الفلسطينيين أنفسهم وبين اللبنانيين أنفسهم وبين العرب كلّهم.. فتنة تنهي أيّ مقاومة لأيّ احتلال وتجعل العدوّ هو المواطن العربي الآخر.

قادة الأنظمة العربية موضع الاتهام وتحمل المسؤولية

خضر خلف

إنه بات واضحا وجليلا من خلال ما تقوم به قوات الاحتلال من ترحيل وهدم لبيوت المقدسين وتهويد القدس جريمة بشعة في الاعتداء على المقدسين , وان فرض سياسة التهجير والاستيلاء على البيوت جعل الأراضي الفلسطينية المحتلة وكأنها منفصلة عن عالمنا الإسلامي والعربي وهذا ما لمسناه في الأيام المنصرمة حيث كانت حالة الأراضي الفلسطينية تسودها حالة من الترقب الشديد حيث شهدت القدس المحتلة نفيراً عاماً وغضباً عارماً في ظل مخطط الإرهابيين الصهاينة لاقتحام وتدنيس الحرم القدسي في يوم الخميس , وكذلك الكشف عن خمسون مخططاً استيطانياً وتهويد يا أعدها الصهاينة لشطب المدينة المقدسة من سجل التاريخ الإسلامي والعربي في الماضي والحاضر والمستقبل , ولقد أصبحوا المقدسين يتحملون الصعاب يوميا في حياتهم النفسية والمادية والمعنوية من أجل الصمود في المدينة المقدسة التي نشئوا فيها وعاش فيها من قبلهم أبائهم و أجدادهم، ولم نشهد أي غضب وانفعالا في الشارع العربي والإسلامي . وان دل هذا على شيء إنما يدل على أن الشعوب أصبحت تخاف من عصا حكام الأنظمة , لأنه بات جليا بان كل من يظهر غضبه لنصرة فلسطين أصبح يضر في الأمن القومي لدولته ونظام حكمها .
إن هذه الجرائم بحد ذاتها تضع قادتنا قادة الأنظمة العربية وجامعة الدول العربية موضع الاتهام وتحمل المسؤولية في المشاركة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من خلال تبنيها مبادرات السلام التي كانت مضيعة للوقت وكذلك وحملاتهم المعادية لكل معنى للمقاومة , إن المبادرات التي تم تبنيها كانت هي السبب فيما وصلنا له بفلسطين , فلقد نزعت هذه المبادرات حقوقنا التي كفلتها لنا القواعد الدولية لحقوق الإنسان و مبادئ القانون الدولي الذي يعتبر مقاومة الاحتلال حقا مشروعاً وهذه المبادئ لا يجوز إلغائها أو المساس بها مطلقاً في وقت السلم والحرب مادام هناك احتلال , ولقد أقرت الأمم المتحدة في ميثاقها الذي نص واقر احترام مبدأ التسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن تكون لكل منها الحق في تقرير المصير .
إن المبادرات العربية والدولية جعلت إسرائيل تمعن باستمرارية قضم الأراضي والاستيطان لان هذه المبادرات ألغت شرعية المقاومة التي أقرتها الأمم المتحدة والتي حولتها الأنظمة العربية قبل الغربية إلى تسمية جديدة إلا وهو الإرهاب .
لقد جاءوا لنا في مبادرات جديدة ليقولوا لحل النزاع العربي الإسرائيلي بدل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي , وذلك من منطلق السعي لإلغاء قرارات الأمم المتحدة بشان القضية الفلسطينية والتي تنكرت لها إسرائيل ولا سيما القرار رقم 242 لسنة 1967م الذي ينص على عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة و على وجوب الانسحاب من الأراضي المحتلة في نزاع 1967م , ومن هذا المنطلق إن الحل هو إنهاء الاحتلال وليس صراع وان الأراضي الفلسطينية ارض محتلة ومقاومة الاحتلال يبقى حقاً مشروعاَ وبأي وسيلة كانت .
وأنني أتسأل كيف تم إعداد وإنشاء محكمة دولية لقضية اغتيال الحريري , سريعة رحبت بها معظم الدول العربية بل عملت على السعي لإنشائها من اجل القضاء على المقاومة وليس الهدف للوصول للحقيقة, أتسأل أيضا" الم يكن بإمكان الأنظمة العربية تبني رفع وتقديم قضية أمام القضاء الدولي لإنشاء محكمة تنظر في جرائم الحرب التي ارتكبها قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي بفلسطين لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومحاكمتهم على جرائمهم التي ارتكبوها سواء في فلسطين أو لبنان . وكذلك بما يتعلق في القدس والضفة الغربية من تهويد واستيلاء على الأراضي وهد من البيوت منطلقين من قرارات الأمم المتحدة بشان القضية الفلسطينية على عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة وعلى وجوب الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967 .
للأسف إن القدس تتغير معالمها ويشرد أهلها يوما" بعد يوم ونحن نركض وراء سراب اسمه مبادرات سلام ورباعيات دولية وعربية , تضيع الأرض ويهجر أهلها ونحن نشهد انقساما عربيا واضحا وخاصة في موقف الدول الحليفة لأمريكا وهذا ليس من اجل القدس ولكن من اجل كسب الرضي الأمريكي والأوروبي , وكذلك نشهد انقساما فلسطينيا ليس من اجل القدس وإنما من اجل كيف تشكل الحكومة ومن يرأسها وكيف تكون تركيبة أجهزتها الأمنية . حتى أن تنتهي الانقسامات العربية العربية والفلسطينية الفلسطينية لن تبقى قدس وأقصى وقبة صخرة ولا ارض صالحة لقيام دولة.
من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بادروا، بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، ((بادروا، بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً)) هذا الأمر ومثل هذا الحديث يجعل الإنسان في خوف ووجل؛ لأن العواقب والخواتم أمرها بيد الله جل وعلا فعلينا أن نلهج دائما بسؤال الله جل وعلا أن يجمع الله بين الإخوة الفلسطينيون ولحسن الخاتمة والثبات على الدين والهدف وان يكون ديدنه ومعوله على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام