الأحد، أبريل 20، 2008

رأينا حول توسعة الحرم المكي بين الصفا والمروة

الأمين العام للمجلس الإسلاميّ العربيّ في لبنان
العلامة السيّد محمّد عليّ الحسينيّ
وبعد:
فنحن – المسلمين – نعيش في هذه الأيام أسوأ أيام الزمن الرديء , تثار حولنا ضجات مفتعلة يبعثها المغرضون ليحمِّلوا جهة من الجهات مسؤوليات لم يأمر بها الله و لارسوله صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم بل هي مخالفة لآيات القرآن الكريم,والحديث النبوي الشريف, والسيرة النبوية..والغريب أن الإعلام يتلقف هذه الآراء والضجّات فيصبّ النار على زيتها فتتأجج النار التي تأتي على الأخضر واليابس إن استطاعت.وإذا بحثنا بعض هذه الآراء المثارة ووضعناها تحت منظار العقل والدين تبين خطرها والنتائج المضرّة التي تؤدي إليها.
ومن هذه الضجات المفتعلة في هذه الأيام اعتراض كثير من فئات ِعلى توسعة الحرم المكي بين الصفا والمروة .وما من شك أن هذه الضجة الكبرى نبعت كم اختلافات سياسية بين بلد وبلد , وحاكم وآخر ’ لاترتكز على أسس الدين ولا تعاليمه.
وقبل البدء بهذه الضجة الأخيرة وعنوانها : توسعة الحرم المكي الشريف بين الصفا والمروة, وهو المشروع الكبير الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بأمر مليكها خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
نبدأ بنقطة أساسية في كل بحث تشريعيّ ونرجغ إلى القرآن الكريم ونتبعه بالحديث الشريف,ثم نرجع إلى رأي علماء المسلمين من مفسرين وفقهاء ونبني رأيناء بناء على ماجاء في هذه الأصول.أن القرآن الكريم فقد أمر الله في آياته الكريمة الكثيرة باليسر والابتعاد عن العسر,ومن هذه الآيات الآمرة باليسر قوله تعالى:{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}البقرة (185)وقوله تعالى:{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } البقرة 158وقوله تعالى:الليل 7وقوله تعالى:{فَقُل لهٌم قَولاً ميسرواً}الاسراء 28قوله تعالى:{ فَإن َّ مَعَ العُسرِ يُسراً}الشرح 5وقوله تعالى:{ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } البقرة 196وغير هذه الآيات كثيرة تأمر باليسر والابتعاد عن العسر في كل شيء, ويأمر الله فيها رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم التمسك باليسر والابتعاد عن العسر في كل أمر من الأمور صغيراً كان أو كبيراً.
فأمر المسلمين باليسر في كل ماييسر على المسلمين أمورهم,وسهّل عليهم في تأمين حوائجهم ولم يحرجهم في أمر من الأمور إلا إذا كان يخالف ما أمر الله به,وعندها يأمر المؤمنين بشكل صارم أن يتبعوا أمر الله سبحانه ومن حاد أوامر الله لقي العقوبة التي يستحقها.وقد جاء في السيرة أن رسول الله سأله المسلمون اسئلة كثيرة فأجبهم النبي:أفعل ولاحرج فما سأله واحد في ذلك الموقف إلا أجابه النبيّ افعل ولاحرج.
وركز رسول الله على السير في تأمين المسلمين والتيسير عليهم حين يضطرون إلى شيئ ما لايخالفون فيه أمور الدين ويدلهم على الطريق اليسرى,ويبعدهم عن اليسرى.ووسَّع عليهم حتى في الأمور البسيطة,مركزة على قاعدة الاضطرار التي أساسها الآية القرائية القائلة {إلا من اضطر غير باع ولاعادٍ فلا إثم عليه}.ونحن الآن نسير في رأينا على ماجاء في القرآن الكريم وتبعاً لأوامر الرسول الكريم ونواهيه,حيث لايمكننا الابتعاد شعرة واحدة عن القرآن والسنة.
والموضوع الذي ثارت الضجة حوله لغرض في نفس صاحبها بل أصحابها لايستأهل ضجتهم ولايستحقّ صخبهم..فالسعي بين الصفا والمروة ليس حكماً توقيفياً لايمكن الحياد عنه ,ولا النظر فيه , بل هو أمر قابل للدراسة والاجتهاد والتوسعة بحسب الزمان والمكان.وقد ضاق المسجد الحرام بالحجيج من قبل وتمت توسعته والرخصة الشرعية في الطواف خارج عن مقام إبراهيم عليه السلام, وكذلك الرخصة بالنسبة لصلاة الركعتين خلف مقام إبراهيم فجاءت فتوى العلماء بجواز الصلاة في أي بقعة من المسجد من باب الإضطرار والتوسعة والتيسير,وكذلك الحال بالنسبة لرمي الجمرات فتم توسعتها تسهيلا وتيسيراً وحفاظاً على سلامة وحياة الحجيج , وفي هذا العام الذي بلغ عدد الحجيج أكثر من مليوني نسمة بينما لم يتعدّ عددهم في زمن الرسول ومن بعده عدد الأصابع في اليد الواحدة من الألوف.
فإذا لم يفكر المسلمون بطريقة لتأمين حجّاج بيت الله الحرام وعدم تعريضهم للموت اختناقاً أو دوساً بالأرجل في ازدحام شديد وسرعة هائلة يضعف بها الشباب أولو العزم فكيف بالشيوخ الذين بلغ الكثير منهم من العمر عتيّاً واشتعل رأسهم شيباً وكلت عزيمتهم وأنهكت قواهم فعل الزمن.فلابد من العمل باليسر الكبير لتأمين هذه الأعداد التي يخشى على كثير منها الموت من الازدحام.ولابد من القول بأن رأي القائلين بالتوسعة في المملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وفقه الله لكل خير..لابد من القول بأنه الرأي الصائب والحق وتركه إضرار بالمسلمين.
والدين أمر أولي الأمر بالتوسعة على كل مسلم والتيسير عليه وبذلك ميزة يسر الإسلام وأنه الدين الصالح لكل زمان ومكان , ولايجوز التقصير في تأمين أمور الحجيج والحفاظ على حياتهم إلا إذا جاء أمرٌ جازم .بعد كل الآيات الواردة في القرآن الكريم والأحاديث الكثيرة التي أمرت باليسر لايسعنا إلا القول بأن الخطوة التي تقوم بها المملكة خطوة حكيمة ومدروسة ومن صلب الشرع الشريف,فليعد المعترضون إلى رشدهم فسير المملكة السعودية في توسعة الحرم بين الصفا والمروة هو الطريق الأقوم والأفضل والأسلم بل هو المطلوب والمطالب به ,والذي سيدعو الحجاجأن يتوجهوا إلى الله بالدعاء أن يعين المملكة ومسؤوليها على السير بخطىً سريعة في سبيل خدمة الحجيج.
ولايسعنا ولايسع المسلمين أ يشكروا القائمين على هذا المشروع الكبير لاسيما حين نقدّر الكلفة الكبيرة التي ستدفعها المملكة في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين في هذا المشروع الذي يؤمن مصالح المسلمين .
والحمد لله ربّ العالمين

ليست هناك تعليقات: