السبت، فبراير 28، 2009

مرة اخرى د.أيمن نور ظاهرة غريبة ونادرة

انطوني ولسن

في يوم الاربعاء 18 فبراير 2009 فوجئت السيدة جميلة اسماعيل زوجة الدكتور ايمن نور رئيس حزب الغد سابقا باتصال هاتفي من السايس الخاص بجراج العمارة يخبرها ان زوجها يريد ان يتحدث اليها.
تعجبت الزوجة.. لان زوجها ما زال في السجن يقضي بقية المدة المحكوم بها عليه. وقد فشلت كل المحاولات لاخراجه لاسباب صحية.
لم تستكمل السيدة جميلة شريط احداث سجن زوجها لان السايس قال لها.. سعادة الدكتور معاكي عايز يكلمك..
يا لها من مفاجئة ليست فقط لحرم الدكتور نور.. ولكن للعالم كله.
تضاربت الانباء حول خبر الافراج عن د. أيمن نور بعضها قال ان المستشار عبد المجيد محمود النائب العام أمر بالافراج عن د.أيمن نور الذي كان قد قضي في السجن 3 سنوات و3 أشهر و13 يوما من الحكم المشدد الذي صدر ضده في قضية تزوير في اوراق تأسيس الحزب، وكانت مدة السجن 5 سنوات.
وانباء اخرى تدعي ان الافراج جاء نتيجة الضغط الاميركي على الادارة المصرية كما جاء في صحيفة «الواشنطن بوست» ان الترحيب في واشنطن بالرئيس مبارك مرتبط باسقاط الاتهامات الموجه للدكتور ايمن نور والافراج عنه.
الغريب في هذا النبأ انه يشدد على اسقاط الاتهامات الموجهة للدكتور ايمن نور والافراج عنه.
الاتهامات التي وجهت اليه اتهامات جنائية. والاتهام الجنائي له تبعيات بعد اتمام فترة الحكم او في حالة الدكتور ايمن بعد الافراج عنه.
أهم هذه التبعيات ان المحكوم عليه يظل تحت مراقبة الشرطة لمدة لا تزيد عن 5 سنوات كما صرح بذلك الدكتور شوقي السيد عضو مجلس الشورى في اللقاء الذي اجراه برنامج «القاهرة اليوم» الذي تم بثه مساء يوم الاحد 22 فبراير 2009 عبر قناة «اليوم» الفضائية. وقد اضاف سيادته التوضيحات حول موضوع الافراج بقوله.
- يجوز له رد الاعتبار بعد مرور 6 سنوات بعد انتهاء مراقبة البوليس.. يعني بعد مرور 11 سنة من خروجه من السجن لانها جناية.. والعقوبات التبعية الاخرى:
1- الحرمان من الحقوق السياسية.. مثل حق الانتخاب والترشيح او المجالس المحلية.
2- لا تقبل شهادته. 3- محروم من الأوسمة والنياشين لان الجناية خطيرة والعقوبة بالسجن المشدد اكثر خطورة.
عند سماعي لهذا الرأي.. وهو رأي قانوني دستوري لا يمكن التحايل عليه، تعجبت من رد الدكتور ايمن نور عن عودته لممارسة العمل السياسي بان لا شيء يمنعني «على حد قوله» من ممارسة العمل السياسي ولو لمدة 3 ثوان، فانا مواطن مصري، ولم تنتزع مني مصريتي.
بينما يصر الدكتور شوقي السيد على قوله القانوني.
وجدت نفسي أعود الى ما جاء في «الواشنطن بوست» بان الترحيب بالرئيس مبارك في البيت الابيض (واشنطن) مرتبط باسقاط الاتهامات الموجهة للدكتور أيمن نور والافراج عنه.
وهنا وضحت الرؤيا.. الدكتور ايمن نور لا يتحدث من فراغ عن عودته لممارسة العمل السياسي ولا شيء يمنعه ولو لمدة 3 ثوان، لأنه مواطن مصري،ولم تنتزع منه مصريته.
يا لهول المفاجئة.. القانون الذي تحدث عنه الدكتور شوقي السيد قانونا مصريا يطبق على كل خارج على القانون من المصريين. والدكتور أيمن نور كما صرح بلسانه انه مواطن مصري ولم تنتزع منه مصريته فلماذا يؤكد وبكل ثقة ان لا شيء يمنعه ولو لمدة 3 ثوان من ممارسة العمل السياسي؟!!
الذي عرفناه وعرفه الشارع المصري ومن سمع الخبر انه قد تم الافراج عن الدكتور ايمن نور لتدهور صحته (على الرغم انه ظهر على شاشات التلفزيون وكله صحة وعافية).
لكن تصريحات الدكتور نور اثبتت ما قيل عن ما نشر في «الواشنطن بوست» انه حقيقي مائة بالمائة.. لان الخبر يورد ايضا «كذلك الأمر بالنسبة للناشط الحقوقي المصري سعد الدين ابراهيم باسقاط التهم الموجهة اليه...»
وقد تم كل ذلك وافرج عن الدكتور أيمن نور والحقوقي سعد الدين ابراهيم الذي نشرت جريدة «الشروق» التي تصدر في مصر في يوم الاثنين 23 فبراير 2009 هذا الخبر:
.الداخلية تعرض قائمة افراج صحي جديدة تضم سياسيين وانباء عن رفع اسم سعد الدين ابراهيم من قوائم ترقب الوصول».
سبق وكتبت عن الدكتور أيمن نور مقالا يحمل هذا العنوان: «د. أيمن نور ظاهرة غريبة ونادرة وتستحق التوقف عندها» ونشر في شهر مارس عام 2005 وايضا ضمن المقالات التي يضمها كتاب «المغترب» الجزء السادس الذي اصدرته عام 2006.
انقل اليكم بعضا مما جاء في المقال في محاولة لربط الاحداث بعضها ببعض...
«المظاهرات اللي تخرج كل يوم امام نيابة أمن الدولة العليا وامام النائب العام واصواتكو اللي كانت بتصلني وأنا في زنزانة السجن. هذه الاصوات زلزلت الأرض من تحت اقدامهم. هذه الاصوات حوّلت سجني الى حرية وحوّلت حريتهم الى سجن. وانا أعلنت يوم الأربعاء الماضي اعلان هام جدا اني سأخوض انتخابات رئاسة الجمهورية...»
هذه بعض من الكلمات التي القاها الدكتور ايمن نور رئيس حزب الغد يوم السبت 12 مارس/آذار 2005 عقب خروجه من السجن بكفالة مالية لاتهامه في قضايا تزوير...
... حزب الغد عمره يوم ان تم القبض عليه 89 يوما فقط ومع ذلك بعد ان حاولوا عدم الموافقة على انهاء الحزب كحزب رسمي في مصر... وقبل مرور 3 أشهر على تسجيل الحزب والاعتراف به اذ برئيس الحزب الدكتور أيمن نور يتم القبض عليه بتهمة تزوير اوراق خاصة بالحزب وتأسيسه. والغريب في هذا الموضوع الاهتمام الاميركي بالدكتور أيمن نور وكان هذا الاهتمام واضحا على لسان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت وايضا وزيرة الخارجية الحالية كونداليزا رايس. وقد طرح المذيع عمرو على الدكتور أيمن سؤالا بهذا الخصوص، فجاء رده في صورة تهكمية عندما قال له:
- كونداليزا رايس كانت معايا في الجامعة اما مادلين فكانت زميلتي في ثانوي.
وانقل لكم ما جاء في نهاية المقال على لسان الدكتور أيمن نور: «... الحقيقة انا مش مرشح ضد اي شخص.. انا مرشح حزب الغد لخوض الانتخابات ضد مرشح الحزب الوطني، انا مرشح جيل مش مرشح حزب.. أنا مرشح لأسباب مش من بينها عدم تقديرنا لدور الرئيس مبارك، مش من بينها انه أنجز ما استطاع ان ينجز فيه في ربع قرن استمر فيه رئيسا للجمهورية. لكن من بينها احترام لقيمة الحياة في هذه الأمة وان الأمم الحية أمم تستطيع ان تقدم ابناء جديرة تستطيع ان تتواصل خبراتها.. تستطيع ان تتواصل العطاء.. انا في الحقيقة مندهش ان البعض يتصور ان امة بحجم الأمة المصرية فيها 70 مليون مصري (عام 2005) وعندنا حضارة وثقافة وكان عندنا في يوم من الأيام تداول للسلطة.. نجد اننا امام اختيار وحيد بسبب عقبة دستورية».
وما اشبه اليوم بالبارحة.. ما قرأتموه كتب في عام 2005.. عام انتخابات الرئاسة في مصر، الرئيس مبارك خرج عن المألوف في الانتخابات باعطائه مساحة اكبر من الديمقراطية ظانا ان الديمقراطية في السماح للاحزاب بترشيح احد اعضاء الحزب لخوض معترك انتخابات الرئاسة، وفي نفس الوقت هو واثق تمام الثقة انه لا يوجد من له اهلية استقطاب اصوات الناخبين وبالتأكيد لا يوجد منافس امام سيادته إلا من القوة التي اصبحت لها اليد العليا على الشارع المصري، وأعني بها قوة جماعة الاخوان المحظورة.
سيادته يعلم ذلك.. المجالس النيابية تعلم ذلك القضاء المنزه والذي مفروض فيه ان يتبع القانون يعرف ذلك بل ويساهم مساهمة فعالة وواضحة وضوح ضوء الشمس في الظهيرة في الكثير من الاحكام التي يحكم فيها القضاء متضامنا مع فكر هذه الجماعة.. جماعة الاخوان المحظورة. المنافس الوحيد لهذه الجماعة ليس من اي حزب في مصر بما فيهم الحزب الوطني الديمقراطي.. الحزب الحاكم، اقول ان المنافس الوحيد لهذه الجماعة هو الفكر الوهابي الذي انتشر بطريقة لا الدولة المصرية بكل قوانينها وسيطرتها قادرة على الوقوف امام هذا المد الوهابي الذي غير الكثير من عادات وتقاليد الشعب المصري السمحة، الى عادات وتقاليد رافضة للغير ولاي قوة اخرى.
هذه المنافسة بين التيارين الاسلاميين في مصر يلتقيان ويتباعدان حسب المنفعة المشتركة بينهما أو تضارب المصالح.
لذلك لم يضع الرئيس مبارك هاتين القوتين الاسلاميتين المتنافستين على السيطرة والهيمنة على الشارع المصري في الحسبان، لانه وبكل بساطة لا تستطيع اي منهما تقديم مرشحا للرئاسة لانهما ليستا باحزاب رسمية معترف بها من الدولة.
اذن من المنافس الحقيقي في تلك الانتخابات للرئاسة عام 2005!!
من سرد الاحداث ومحاولة الربط بينهما نجد ان الدكتور أيمن نور المدلل من الحزب الوطني.. الحزب الحاكم بدأ يشكل خطرا حقيقيا في المنافسة الانتخابية.
نعرف ان مصر بعد انقلاب العسكر 1952 لم تعرف يوما ما يمكن ان نسميه بالديمقراطية الانتخابية لان نتائج الانتخابات الرئاسية في كل مرة 99,99 بالمئة. ولم يكن هناك يوما مرشحا منافسا امام الرؤساء. واراد الرئيس مبارك ان يلبس رداء الديمقراطية لانتخابات الرئاسة عام 2005 لغرض في نفس يعقوب، والكل يعلم ما في نفس يعقوب.. وعن نفسي شخصيا اتمنى ان يتحقق ليعقوب ما بنفسه.. بمعني ان يتولى حكم مصر السيد جمال مبارك الذي يتم اعداده لهذا الشأن بنفس الاعداد الملكي الذي تتبعه الدول الملكية ليتولى الملك الجديد سدة الحكم وهو عارف بكل اسرارها ومخارجها ومداخلها. وهذا الاجراء وقائي جدا بالنسبة لمصر في انتقال الحكم للسيد جمال مبارك سواء الرئيس مبارك على قيد الحياة او غير ذلك بعد عمر طويل.
كذلك مصر ستشرق شمس الحرية عليها وتضيء قلوب وافئدة كل المصريين وستخرج إن آجلا او عاجلا من هيمنة الافكار والاراء المظلمة التي تريد لمصر الرجوع الى عصور التخلف والهمجية والفوضى التي اصبحت هي العامل المشترك الاعظم في كل مناحي الحياة في مصر.
اعود الى الدكتور أيمن نور محاولا الربط بين ما حدث عام 2005 وما يمكن ان يحدث عام 2010.
حصل الدكتور أيمن نور على اعلى اصوات انتخابية بعد الرئيس مبارك، وكان يحق له ان يتولى رئاسة الوزراء او اي منصب اداري رئاسي في الدولة.
لكن الخوف الذي اصاب حيتان الحكم في مصر جعل منه كبش الفداء، ويبدو ان الولايات المتحدة الامريكية كانت على علم بذلك.
اما بالنسبة لانتخابات عام 2010 باذن الله فالأمر اصبح واضحا وتعلمت الادارة المصرية الدرس ووعته تماما فأمرت بالافراج عن الدكتور أيمن نور فجأة وبدون سابق انذار.. لان له دور كبير في الانتخابات القادمة.
ألم اقل لكم سواء في عام 2005 أو اليوم ان الدكتور أيمن نور ظاهرة غريبة ونادرة وتستحق التوقف عندها!!

رأي حر



فادي الحاج

ضيفنا الكريم... وزير الشباب والرياضة ووزير الداخليه بالوكاله السابق، والنائب اللبناني الدكتور أحمد فتفت المحترم

نزل في بعض الصحف العربيه المحليه كلاماً من ممثلي حركه امل استراليا، نأسف كثيراً لسماع ما قيل بحق ضيف استراليا الوزير السابق، و النائب اللبناني الدكتور احمد فتفت، هكذا كلام مرفوض وهو بعيد كل البعد عن الاداب و الذوق ويشجع الى الفتنه بين المواطنين، وأظن الرائ العام والعقلاء والمثقفين اللبنانين ينظرون الى الدكتور احمد فتفت بإكبار وتقدير للمكانه الرفيعه والسمعه الطيبه التي خطت له مكانا متميزاً في قلوب اللبنانيين وكل من عرفه. رجل وطني من الطراز الاول، لمسنا فيه الحنقه السياسيه والخطيب الجريء والغيره على هموم المواطن اللبناني. فهو لصيق بحاجات الناس ومعاناتهم، متابع لإهتماماتهم، ممتلئ بحب الوطن حتى الثماله، حازم في رأيه، حاسم في موقفه، متواضع حتى الوداعه، حاز على ثقه الناس منذ طلعته الاولى وتوج نائباً على منطقه الضنيه-المنيه منذ العام ١٩٩٦. وفى وصديق لبيت عزيز كريم عبق فيه عطر الوطنيه والإلتزام، امن على الرساله الوطنيه المتمثله بدوله الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ووفاؤه ابقاه الى جانب الشيخ سعدالدين الحريري املا وعزة ووفاء وإلتزاماً ونهجاً وقولاً وفعلاً وممارسه.

منذ اربع سنوات ونحن نحارب، نكافح ونضحي وأخيراً جاء اليوم الذي تأخذ العداله مجراها، ونحن عندنا كل الثقه ان المحكمه الدوليه ستقوم بعملها وستتوصل الى الحقائق وستعاقب المجرمون الذين اغتالوا الشهيد رفيق الحريري.

سيدي رفيق الحريري اربع سنوات ونحن نعد الساعات والثواني حتى تنجلي الحقيقه ونعرف جيدا من هم هؤلاء المجرمون الذين اغتالوك في وضع النهار لأنهم ارادوا اغتيالا يودي بالوطن. اربع سنوات...والغياب المؤثر والحزين يلقي بظلاله على ساحتنا الوطنيه... والوطن يعيش في مهب الريح...ورياح الفتنه تتعالى فوق سمائنا والإيادي السوداء تأبى الا ان تكمل المؤامرة بنحر الوطن بعدما نحروك غيلة وحقداً.

اربع سنوات... فترة كانت حبلى بالأحداث المؤلمة...فلقد سقط الشهداء واحدا تلو الأخر فداء للوطن وكأنهم كانوا يريدون بأفعالهم الشنيعه واصطيادهم الرجال العودة بعقارب الساعه الى الوراء لكن ارادة هذا الشعب الذي آمن بثوره الارز وبمسيره ١٤ آذار التي جمعت الساحات والمواقف. هذه الاراده وقفت سداً منيعاً امام مخططاتهم.

ها هي المحكمه الدوليه الخاصه للبنان تطل علينا في يومها الاول التي بداءت اعمالها في مدينه لايدسندام بهولاندا. وانتهت في الوقت عينه صلاحيه لجنه التحقيق الدوليه وكذلك صلاحيه قاضي التحقيق العدلي صقر صقر، على ان يكون النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا صله الوصل بين المدعي العام الدولي بلمار والقضاء اللبناني على صعيد المساعده اعتبارً من الاول من آذار.

اما نحن فسنبقى على العهد دائماً ...نناضل وصولاً الى حقيقه لن نرضاها الا كاملة...نبني وطناً...نبني وطناً كما كنت ترغب...نرفض الفتنه ...كما نرفض الابتزاز.

وأختم مذكراً أنّ الدكتاتوريات قد انهارت أمام الدمقراطيّه وقد انتهوا الى مزبلة التاريخ . امَا الأحرار الذين أمنوا بالحريه والديمقراطيّه هم الذين نجحوا وأنا واثق من الانتصار آت لا محالة.

حزب الله وجرم استغباء اللبنانيين

الياس بجاني

تكمن معضلة قادة حزب الله الأساسية مع اللبنانيين غير المنطوين تحت مظلتهم، والذين ليسوا تحت إمرتهم العسكرية، وخارج سلطتهم العقائدية والميليشياوية، أنهم لا يحترمون ذكاء هؤلاء المواطنين، ولا يُعيرون بصيرتهم وحريتهم وخياراتهم أي اهتمام أو اعتبار، ويتوقعون منهم وخلافاً لكل مآسي وظلم الواقع المعاش الذي يفرضونه عليهم بالقوة المسلحة والإرهاب، أن يكونوا أغناماً وأن يلتزموا كلياً بالمثل الصيني المعروف الذي يقول: أنا لا أسمع، أنا لا أرى، أنا لا أتكلم".

من يسمع ويقرأ تصريحات قادة الحزب الإستكبارية والاستفزازية، لا بد وأنه سيهز رأسه أسفاً وحسرة، ويقول لنفسه: "معقولي، ألهذا الحد يستغبوننا ويسخرون من ذكائنا؟".

يتكلمون عن المال الآتي من خارج الحدود لشراء ضمائر وولاءات الناس، وهم الغارقين بالمال الإيراني الحلال.

يبشرون بضرورة عدم التبعية والإستزلام، وهم جيش إيراني كامل الأوصاف في لبنان، تمويلاً وقراراً، وثقافة، وقيادة، ومشروعاً.

ينادون بالدولة والقانون وهم الممانعين والمانعين قيامتها واسترداد سيادتها وهيبتها، والضاربين عرض الحائط بقضائها وقضاتها وقوانينها والدستور.

يأخذون على القوى الأمنية الشرعية عدم قدرتها على ضبط الأمن، وهم الذين يعتدون على هذه القوى بشكل يومي ويمنعونها بالقوة والإرهاب من ممارسة واجباتها، ويكاد لا يمر يوم دون تعرضهم لأفرادها أكان داخل دويلتهم في الضاحية الجنوبية من بيروت، أو في باقي متفرعاتها في الجنوب والبقاع.

وتطول قائمة ممارساتهم الميليشياوية.

أما قمة استغباء اللبنانيين فجاءت من خلال تصريح لمسؤول في حزب الله نشره موقع "لبنان الآن" الألكتروني بتاريخ 23 شباط/2009 تحت عنوان: "لا علاقة للحزب بحادثة التعرض للضابط الزين التي تركت انطباعاً سيئاً، وعلى أجهزة الدولة القيام بواجباتها سيما في الضاحية التي تعيش حالة من الفوضى" ، وهذا نصه الحرفي: (أوضح مصدر مسؤول في "حزب الله" ان "لا علاقة للحزب بكل من يخل بالأمن العام ويعرض حياة الناس ولا سيما عناصر الأجهزة الأمنية للخطر"، وقال تعليقاً على حادثة التعرض للضابط في قوى الأمن طارق الزين الذي تعرض للخطف في محلة عين الدلبة في برج البراجنة أمس، ان "هذه الحادثة تركت انطباعاً سيئاً واستياءً عارماً في أوساط الحزب الذي عمل مباشرة وبجهد كبير لإطلاق سراح الزين"، داعيًا "القوى الأمنية على اختلافها للقيام بواجباتها في حفظ أمن الناس والسهر على راحتهم في كافة المناطق اللبنانية ولا سيما في الضاحية الجنوبية التي تعيش حالة من الفوضى". المصدر المسؤول في "حزب الله" أكّد أن "الحزب لا يقوم بمهام الأمن في هذه المنطقة، والتي تبقى حصرياً من مهمة القوى الأمنية الرسمية المدعوة لتفعيل دورها والقيام بواجباتها كاملة في هذه المنطقة"، مذكّرًا في هذا السياق بما "سبق وأعلنه السيد حسن نصرالله بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام ألفين، عندما قال ان الحزب ليس بديلاً من الدولة اللبنانية وأجهزتها التي دعاها للقيام بواجباتها في حفظ الأمن بشكل كامل ودون تجزئة أو تفرقة"، وختم بالقول: "ان هذا الموقف أصبح اليوم صالحاً أكثر من أي وقت مضى".)

جريدة النهار ذكرت أن شقيق مسؤول اللجنة الأمنية لحزب الله كان وراء الاعتداء على الضابط الزين وسائقه في الضاحية، وأوضحت: "إن حادثة خطف وتوقيف الملازم أول طارق الزين وسائقه في عين الدلبة في برج البراجنة، ومصادرة سلاحهما وهاتفيهما الخلويين وسيارتهما العسكرية وإطلاق النار عليها، جاء نتيجة تداعيات مشكلة إزالة مخالفة بناء في معرض للسيارات في منطقة صفير بالضاحية الجنوبية يعود إلى محمد كساب شقيق مسؤول اللجنة الأمنية لحزب الله في منطقة برج البراجنة (النهار 24/2/2009)"

ما هذا التناقض القاتل بين ما يقال، وبين ما هو واقع مذري مفروض على الأرض؟

وهل اللبناني بهذه السذاجة ليصدق ما جاء في تصريح مسؤول حزب الله؟

أليس هو نفسه الحزب الذي برر غزوة بيروت الجاهلية ومحاولة احتلال الجبل في 7 أيار/08 بحجة أن "السلاح يحمي السلاح"؟

وأليس هو نفسه الحزب الذي ربط مصير سلاحه بالقرآن والإنجيل، وهدد بقطع عنق، وبتر يد، وفقر بطن كل من يقترب من هذا السلاح؟

أليس هو نفس الحزب الذي اعتدى على الجيش وقوى الأمن في مسرحية أحداث مار مخايل؟

أليس هو نفس الحزب الذي أعلن أمينه العام وملالي إيران أنهم سيهزمون أميركا في لبنان؟

معقولي! ألهذا الحد يتوقع المسؤول "الإلهي"، المنسوب له التصريح أن يتعامى المواطن اللبناني عن واقع دويلة الحزب، ويستغبي ويُحقر نفسه، ويشكك بفاعلية حواسه الخمسة، وبقدراته العقلية، ويصدق أن كلام المسؤول هو الحقيقة المطلقة والمنزلة، وإن المأساة المعاشة على الأرض، وكل ممارسات عسكر ومسؤولي الحزب من خطف وقتل وانتهاكات، وتعديات، وترهيب منظم، وهرطقات، هي كلها أوهام لا وجود لها إلا في مخيلة هذا المواطن الصابر صبر أيوب!!

ترى هل من مرة دخلت دورية لقوى الأمن إلى الضاحية الجنوبية، إلا وجردت من سلاحها، وأهين أفرادها واعتقلوا وتم التحقيق معهم؟ ومن ثم تتكرم وتتعطف قيادة الحزب وتغفر وتسامح وتتنازل وتطلق سراحهم بعد أن تعيد لهم ما أخذ منهم، وكل هذا يتم عن طريق ما يسمى: "لجان تنسيق أمنية"!!

والمحزن المبكي أنه ما من مرة واحدة طاول القانون والعدل أي من المعتدين لأنهم عسكر دويلة ولاية الفقيه، وبالتالي لا يحق لسلطات الدولة تحت أي ظرف أن ترميهم ولو بوردة، فهؤلاء فوق القانون ويخضعون فقط لأنظمة وقوانين الدويلة!!

نسأل صاحب التصريح من خطف المهندس جوزيف صادر، وأين هو الآن، ولماذا لا يُسمح لقوى الأمن بتحريره، وهي التي تعرف مكانه وهوية خاطفيه، كما ذكرت عشرات المواقع الألكترونية. هذا وأفادت تقارير غير مؤكدة أن قوى الأمن التي طاردت الخاطفين توقفت عن ملاحقتهم عندما دخلوا حدود دويلة الضاحية، وبررت عدم إكمال مهمتها بزحمة السير.

ونسال نفس المسؤول من هي القوى المسلحة التي قامت في 14 من الشهر الجاري بتحويل سير حافلة في منطقة مار مخايل إلى إحدى الأحياء الداخلية، وهي كانت تقل مواطنين بقاعيين من بلدة الفاعور عائدين من الاحتفال بذكرى اغتيال الرئيس الحريري الذي أقيم في ساحة الشهداء؟ ومن الذي اعتدى على ركاب الحافلة بالسكاكين والآلات الحادة والعصي مما تسبب بوفاة أحد ركابها الشاب خالد حمود الطعيمي (20 عاما) في 24/2/2009 متأثراً بجراحه؟

مشكلة المسؤول إياه ومعه كل قادة الحزب أنهم يتعامون عمداً عن الحقيقة التي يعرفها كل لبناني، وهي أنه ممنوع على القوى الأمنية الشرعية دخول دويلة الحزب إلا بإذن مسبق من حكامها وقادتها وعسكرها "الإلهيين".!!

لسان حال اللبنانيين يقول للمسؤولين في حزب ولاية الفقيه: ولو شو صار بالدني، "الشمس شارقة والناس قاشعة"، قليلاً من التواضع يا سادة، كفاكم استخفاف بعقولنا، ولا تتعاملوا معنا بهذا المنطق الإستغبائي والفوقي، وتذكروا أن لا شيء في النهاية يدوم إلا وجه الله.

نختم بقول الإمام علي: "خير المُقال ما صدقَتْه الفِعال".

لماذا فشل الانقلاب في انتخابات الكنيست الإسرائيلي ..؟

محمد داود

من المؤكد والظاهر تماماً أن المجتمع الإسرائيلي يتجه نحو التطرف، وهذا انكشف من خلال الهجوم الذي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في الآونة الأخيرة، سقط خلالها الآلف الأبرياء بين شهيدٍ وجريح وتدمير واسع للبنية التحتية في قطاع غزة، بل إن إرهاب الدولة المنظم ترك العنان أمام إرهاب مستوطنيها لممارسة جرائمهم في مدن الضفة الغربية، لاسيما في القدس والخليل وانتهاكهم للمقدسات الإسلامية، فلمسنا تجاه ذلك التأييد الشعبي الكاسح لها ولاستمرارها؛ والتي استثمرت لاحقاً كورقة رابحة لترجيح كفة المنتخبين لتولي زمام السلطة في إسرائيل، وقد جرى تنافس فيما بين المرشحين؛ أي بين "اليمين المتطرف – واليمين – واليمن اليسار - واليسار" وجميعهم متحدين على مبدأ واحد؛ هو كيفية إراقة المزيد من الدماء الفلسطينية ومواصلة الاستيطان، وقضم الأراضي الفلسطينية؛ وتهجير الشعب الفلسطيني عن أرضه، وكلاً له طريقته التي يراها مناسبة في التعامل مع المسار السياسي و العسكري؛ وفي ترويض المجتمع الدولي.

فكما في كل انتخابات نجد العالم يولي اهتماماً كبيراً بالشأن الإسرائيلي ونتائجها، باعتبار ذلك عنصر هام في إرساء وتدعيم السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهذه اللعبة ساهمت دول إقليمية ودولية في وقت سابق بترجيح كفة قوى اليسار والسلام في إسرائيل، أي إحداث "انقلاب" في نظام الحكم في إسرائيل تماشياً مع المصلحة السياسية للمنطقة، وبما يخدم مصالح القوى العظمى في إقليم الشرق الأوسط.

هذا النموذج السياسي شارك فيه الفلسطينيون بشكل مباشر وبخطوات مدروسة لإيقاع قوى السلام في إسرائيل واستدراجهم إلى فخ الجلوس على مائدة المفاوضات، والاعتراف "بمنظمة التحرير الفلسطينية" كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، و تسليم الفلسطينيون جزءاً من حقوقهم الوطنية، والتي تعرف فيما بعد باتفاق أوسلو أو "الحكم الذاتي الفلسطيني" .

وبالعودة إلى حيثيات هذا السيناريو والتحكم في الشأن الداخلي "وحرف مسار المنتخب الإسرائيلي"، فبعد قناعة الأطراف في الإدارة الأمريكية ومنظمة التحرير عام 1992م بأن لا إمكانية لتحقيق تقدم ملموس وحقيقي في المفاوضات قبل انتهاء إسرائيل من الانتخابات، باعتبار هذا المسار يلحق الضرر بسمعة شامير وحزبه اليميني الرافض للحل السلمي، في المقابل كانت أصوات جديدة تدعو إلى السلام الحقيقي مع الفلسطينيين؛ وإلى فتح حوار مباشر مع المنظمة، وقد كان لحزب ميرتس دور بارز في مسألة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وفي إقامة دولة فلسطين تعيش بجانب إسرائيل، وجرى بالفعل تأثير في مواقف حزب العمل ورابين الذي قسم الاستيطان إلى "أمني وأخر سياسي" وخلال فترة الانتخابات ساهمت الإدارة الأمريكية في دعم رابين، والضغط على ورقة العلاقات والمساعدات بين أمريكا وإسرائيل، بينما ذهبت منظمة التحرير إلى إنجاح أكبر عدد ممكن من مرشحي القوائم العربية ومن مرشحي الحزب الشيوعي الإسرائيلي. بل إن المنظمة كلفت الرئيس عباس بعقد لقاء مع الأحزاب الثلاثة "راكاح والعربي الديمقراطي والتقدمي" بهدف توحيد مواقفهم وضمان عدم مضاربة بعضهم أو التنافس فيما بينهم أثناء الانتخابات، لتساهم في فوز رابين "حزب العمل". كانت هناك عدة مسارات ومواقف وتصريحات جرى تداول بعضها : حزبي العمل وميرتس مثل بيريز والطيبي وفيصل الحسيني وعشراوي، لحث الرأي العام الإسرائيلي ودفعه لانتخاب مرشحي صانعي السلام، وأختتم الانقلاب الرئيس عرفات عبر خطواته الإعلامية أثناء تواجده في العاصمة الأردنية عمان ونقلت على الهواء مباشرة، حيث سلطت الأضواء على كل أركان الشرعية الفلسطينية، وبالفعل حققت صدى إعلامي ومعركة سياسية اشتركت فيها الإدارة الأمريكية ومنظمة التحرير وكل الأحزاب المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية، وكانت النتيجة خسارة شامير وفوز رابين ومرشحو اليسار ووصفت تلك النتيجة بالانقلاب في إسرائيل.

كان بإمكان هذا النموذج أن يتكرر، لاسيما بعد المجزرة الأخيرة في قطاع غزة والتي استهدفت في الغالب الأطفال والنساء العزل، بالتالي تخدم أي حملة إعلامية توظف لتأليب الجمهور الإسرائيلي ضد صعود اليمين المتطرف وكل من سفك الدم الفلسطيني أو ينادي بهدره، في ظل عدم التزام إسرائيل باستحقاق السلام ورؤية بوش، لاسيما وأن العرب متمسكين بالمبادرة العربية والتطبيع، باعتبار أن الكرة في الملعب الإسرائيلي، والجديد في ذلك تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما مقاليد الحكم وتعيينه ميتشل مبعوثاً له في الشرق الأوسط. لكن هذه البوادر أيضاً اصطدمت بعوامل أخرى دفعت الناخب الإسرائيلي لأن يهرول لاختيار مرشحي التطرف والإرهاب، والدليل حصول حزب إسرائيل بيتنا الذي يقوده افيغدور ليبرمان على "15 مقعد" بمعنى تقدمه بمقعدين عن حزب العمل الذي أبرم اتفاق سلام مع منظمة التحرير. وتراجع أحزاب اليسار الأخرى، لصالح اليمين المتطرف، ويرجع سبب هذا التطور الخطير إلى:

1- تصاعد حدة إطلاق الصواريخ المحلية الصنع من قطاع غزة على البلدات الإسرائيلية، منذ زمن؛ دون توقف بل أثناء وبعد الهجوم على غزة.

2- الانقسام السياسي الفلسطيني، وضعف السلطة الفلسطينية، أي الشريك السياسي، ومن خلفها الانقسام العربي "تراجع القضية الفلسطينية".

3- فشل التهدئة وجهود إطلاق سراح الجندي شاليط من أيدي الفصائل الفلسطينية.

4- انعكاسات نتائج حرب تموز، والوعي الإسرائيلي بمحاربة أي قوة معادية قد تتشكل، والقضاء عليها في المهد.

5- الحملة الإعلامية التي قامت بها حكومة تل أبيب على كافة الصعد "محلياً وإقليمياً ودولياً، ضد المقاومة الفلسطينية والعنف الفلسطيني.

رغم ذلك يبقى السؤال : هل ينجح اليمين المتطرف في تشكيل حكومة ائتلافية؟ وإن نجح فإلى أي مدى سيصمد، وما هي محدداته؟ .

كاتب وباحث

Mhsd_20100@hotmail.com


حول الأقلام الملطخة بالدماء

عطا مناع

الأيادي الملطخة بالدماء واحد من عشرات المصطلحات الإسرائيلية التي ترددها بعض وسائل الإعلام الفلسطيني التي تبرر لنفسها بوضع وصف عنصري تجاه الفلسطينيين بين هلاليين معتقدة أنها بهذا النهج ألتبريري تنأى بنفسها عن الوقوع في الخطيئة الوطنية والأخلاقية أمام شعبها.

إنها مصطلحات مهينة لنضالنا من اجل حقوقنا وحريتنا، وخاصة تلك التي تصف نخبة الشعب وراس حربته وهم الأسرى بأوصاف أصبحنا نرددها بشكل ببغاوي بعد عملية مسح الأدمغة المكثفة والمستمرة التي تقوم بها بعض النخب الإعلامية والسياسية مستفيدة من الحالة الفلسطينية المنقسمة على نفسها.

إن وصف رجال المقاومة الفلسطينية الأوائل الذين نفذوا عمليات فدائية بتعليمات من قيادات انتقلت للضفة الأخرى مقبول من الإسرائيليين، والغير مقبول أن نردد ما يطرح في الصحافة الإسرائيلية كما هو واقصد الخطاب والصياغة الخبرية، لأننا بكل بساطة يفترض أن نحترم ثقافتنا ولغتنا الوطنية التي لا تسقطها الاتفاقيات السياسية ولا اللقاءان المكوكية بين القيادة الفلسطينية ورموز دولة الاحتلال.

ويعرف البعض المتابع والمدقق أن دولة الاحتلال وبالتعاون مع مؤسسات أمريكية مثل وكالة التنمية الأمريكية يو أس أيد تنشط في تجنيد مثقفين وإعلاميين وسياسيين لقيادة حربها الثقافية على الشعب الفلسطيني، وبالعادة كان هؤلاء يضعون بعض السم في الدسم، وقد ساعدت حالة التشرذم والانقسام الفلسطيني في اتساع نشاطاتهم وحربهم على العقل الفلسطيني، وأصبحنا نألف كلمات وجمل مثل مسلحين فلسطينيين بدل مقاومين فلسطينيين... جنوب إسرائيل بدل جنوب فلسطين المحتلة... وزير الدفاع الإسرائيلي بدل وزير الحرب... الأراضي الإسرائيلية بدل الأراضي المحتلة عام 48...... الخ من الإسقاطات الإسرائيلية التي تدفع بالمستمع وباعتماد التكرار للتعاطي بعادية مع هذا الخطاب الخطير.

وعودة إلى درة تاج المقاومة الفلسطينية الأسرى الذي يقولون أن أياديهم ملطخة بالدماء، فقد لفت نظري أن إحدى الوكالات الإخبارية الفلسطينية نقلت خبرا عن صحيفة هآرتس يقول...هآرتس: قائمة الأسرى تتضمن الموافقة على 220 أسيرا"تلطخت أياديهم بالدماء"، تلك صياغة إسرائيلية صاغها صحفي إسرائيلي قد تكون يديه ملطخة بدماء الفلسطينيين، أتساءل ما الداعي لهذه الحرفية الملفتة؟؟؟؟؟ ألا يجوز أن نصفهم بعمداء الأسرى في سجون الاحتلال على سبيل المثال أو الأسرى ذوي الأحكام العالية في سجون الاحتلال، وهذا ينطبق على مجمل الخطاب الإعلامي الفلسطيني الذي يفترض أن يتمسك بأبجدياته وتراثه الإعلامي لما له من أهمية في ترسيخ الروح الوطنية لدى الشعب الذي يقف وحيدا في وجه ثقافة الاحتلال، وخاصة أن نخبته منقسمة على نفسها وبعضها يفتش عن الخلاص الذاتي والنجاة بجلدة الرأس بأبخس ألاثمان حتى ولو عظمة من أعداء الأمس.

انطلاقا من قاعدة أن الساكت عن الحق شيطان اخرس، وفي ظل اتساع نطاق الهرطقة واللعب بالبيضة والحجر من البعض الإعلامي الذي يمس العصب الحساس للأبجدية الوطنية الفلسطينية، يحق لنا التساؤل عن أسباب حالة الصمت المسيطرة على الأجسام النقابية والوطنية التي يفترض أن تشكل خط الدفاع الأول عن ما راكمتة حركة الشعب الفلسطيني من إنجازات منذ الاستعمار البريطاني، غير أن هذه الأجسام وعلى رأسها نقابة الصحفيين الفلسطينيين تنام في العسل وتضع على صدرها كفى اللة المؤمنين شر القتال.

هناك أقلام عربية وفلسطينية ملطخة بدم الفلسطينيين، وعلى رأسها تلك القائمة من الكتاب العرب التي كرمتها تسيفي لفني على خدماتها المباشرة لدولة الاحتلال خلال عدوانها على قطاع غزة، حيث وصلت الوقاحة ببعضهم الطلب من إسرائيل ضرب الشعب الفلسطيني بالكيماوي والخلاص من قطاع غزة إلى الأبد، هؤلاء الذين رقصوا طربا على أصوات الطائرات والمدافع الإسرائيلية هم جسم مريض ينشر الشعوذة الإسرائيلية في أوساط الفلسطينيين والعرب، شعوذة تستهدف احتلال العقول وتفريغها من أسباب وجودها.

في زمن الانقسام والجري وراء سراب التسوية تباح المحظورات ويصبح كل ما يلمع ذهبا ويسود الرويبضة، وخاصة في غياب المسائلة واضمحلال المؤسسة الفكر والانتماء، في هذا الزمن تعرض الأقلام في أسواق الأمريكان والإسرائيليين ببلاش، وفي زمن الأقلام الملطخة بدماء شعبنا علينا أن نعي أن خلف طبقة المساحيق التجميلية التي يستخدمونها لإخفاء حقيقتهم صورة مغايرة تماما، صورة تستحضر العبودية الفكرية بكل ما تعنيه، صورة تفسر حالة الانحدار التي وصلنا إليها.

الا يخدم حزب الله اسرائيل؟

سعيد علم الدين

أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان 09.02.26 أمام الوفود التي زارته في قصر بعبدا أن "نجاح التجربة اللبنانية في تنوعها وتعدديتها هو أبلغ تعبير عن الديمقراطية وممارسة الحرية"، ملاحظًا ان "النموذج اللبناني هو النقيض التام للنموذج الاسرائيلي القائم على التعصب والانعزال".
ثم قال بدبلوماسية منتقدا ممارسات البعض اللاديمقراطية في لبنان أن "الاختلاف في الرأي والموقف حق مشروع وهو من صلب الحريات والعمل الديمقراطي، ولكن التعبير عنه يفترض ان يبقى ضمن لغة بعيدة من الاساءة والتحدي وارتداء الطابع الشخصي".
كلام الرئيس سليمان الديمقراطي الصحيح رمز الدولة وحامي النظام الديمقراطي والدستور والحريات يطرح التساؤل التالي:
هل قتل وضرب وجرح وشتم وإهانة وإرهاب المواطنين المسالمين العزل المشاركين من كل انحاء لبنان بذكرى 14 شباط، عن سابق تصور وتصميم وتوجيه وتنظيم من زعماء ميليشيات حزب الله وتوابعه من زعران 8 آذار يبقى ضمن لغة التعبير الحضاري البعيدة عن الاساءة والتحدي وارتداء الطابع الشخصي؟ بالطبع لا!
هذا إجرام بشع وحشي منظم لقمع الحرية وضرب العمل الديمقراطي ولا يرتدي ابدا طابعا شخصيا أو مشاكل فردية بقدر ما هو وكما قلنا عن سابق تصور وتصميم بعد ان هالهم رؤية الملايين يهتفون للبنان الواحد الموحد السيد الحر الديمقراطي المستقل.
ان قمع حرية الناس في التعبير وضرب أسس العمل الديمقراطي ونسفها من أساسها يمارسها حزب الله وتوابعه ومنذ نجاح قوى 14 اذار في انتخابات عام 05.
الا يخدم حزب الله بذلك اسرائيل من خلال ضرب التجربة الديمقراطية اللبنانية؟
للتذكير اثر فشل سليمان فرنجية حليف حزب الله في مقعده الانتخابي قام أحد أقاربه بقتل شابين من شباب "القوات اللبنانية".
وإذا عدنا الى مسلسل التفجيرات والاغتيالات والتعديات المتكررة والاحتلالات لوسط بيروت واجتياحها وقطع الطرق وقتل العزل المستمر منذ عام 05 نرى أن مجموعات المحور الإيراني السوري وعلى رأسها حزب الله وتوابعه يشنون حربا سرية وعلنية لا هوادة فيها على الديمقراطية والديمقراطيين في لبنان، لتقويض التجربة اللبنانية وبالتالي خدمة للنموذج الاسرائيلي.
سِلْمِيَّةِ القوى الديمقراطية المتحضرة في لبنان هي المنتصرة على الاشرار في النهاية. ولكل شيء نهاية والمحكمة الدولية هي بداية النهاية!
وماذا عن الانتخابات في 7 حزيران التي يجب ان يمارسها المواطن بحرية وسرية ودون خوف وتهديد وارهاب من قبل قوى اعلنت الحرب على الديمقراطية والديمقراطيين. واذا جاءت نتيجة الانتخابات رغم كل الظروف الصعبة لمصلحة الأكثرية من جديد وهذا متوقع، فسيعطل حزب الله البلد والعملية الديمقراطية كما فعل ويفعل منذ اربع سنوات. ودليلنا ما يقوله نصر الله وبري ونعيم قاسم وكل شلة حسب الله على انهم سيشاركون في الحكم في حال الربح او الخسارة!
هذا كلام بلطجي استبدادي لا علاقة له بفكرة الديمقراطية اصلا، ولا يبشر ايضا بالخير ويؤكد على نياتهم المبيتة لتعطيل إرادة الناخب اللبناني الحرة. الذي يريد اكثرية تحكم البلد لحل مشاكله ومعارضة تعارضها وتنتقد.
ألا يخدم حزب الله بكل ما اسلفنا إسرائيل ويعمل على تقويض النظام الديمقراطي الذي هو النقيض للنموذج الإسرائيلي؟
لقد قُتل شهيدين مدنيين ابرياء بواسطة ميليشيات حزب الله وتوابعه هما: لطفي زين الدين وخالد الطعيمي، وجرح أكثر من 100 شخص، وما زالت عشرات الجرحى تعالج في المستشفيات، وربما منهم من سيفقد حياته لا سمح الله او سيصاب بإعاقات وعاهات دائمة، عدا الخراب وتكسير وتحطيم السيارات القادمة من جميع أنحاء لبنان للمشاركة حضاريا في ذكرى 14 شباط المأساوية الأليمة والتي حولتها جماهير الشعب اللبناني الحرة النابضة بثقافة الحياة والأمل من لحظة حزن ودموع وألم إلى لحظة انطلاق ديمقراطي وإشراق حضاري معمداً بدماء أرواح الشهداء والمبادئ الوطنية والقيم الأخلاقية، لاستعادة وطن كان مخططا له إيرانيا وسوريا أن لا يخرج نهائيا من دوامة المحن، وأن يدفع وحده الثمن خدمة لمشاريعهم.
هذا الشعب العريق بديمقراطيته انتفض عليهم محوِّلا مآسيه الدامية المتواصلة التي أرادوا من خلالها تحطيم معنوياته وكسر إرادته وإذلاله ليخنع لهم إلى عيد ديمقراطي بهيج تجتمع به في كل سنة وللمرة الرابعة على التوالي مئات الآلاف من اللبنانيين في حلة وطنية وحدوية متنوعة تعددية بديعة التكوين، ملؤها الأمل والطموح والتحضر والرقي، تعيد إلى ثورة الأرز، وهي النقيض للنموذج الصهيوني، بهائها وتوهجها وتجددها في ظاهرة تاريخية فذة قل نظيرها في الشرق العربي المنكوب بأنظمة الاستبداد والقهر وعقلية الاستعباد والزجر.
لقد عبر هذا الشعب ديمقراطيا بكافة فئاته ومن مختلف مناطقه في مظاهرته الرائعة والعفوية والحضارية في ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن مشاعره التواقة لقيام دولته السيدة الحرة الديمقراطية المستقلة.
في الوقت نفسه عبر إرهابيي حزب الله وأمل والقومي السوري الحرداني وأمثالهما من جماعة شكرا بشار عن حقدهم الرهيب على انتفاضة هذا الشعب.
ولا عجب أن يتحول حقدهم الأسود على تعديات بالجملة على المواطنين المشاركين بفرح اللقاء ويلطخوا هذه المناسبة الوطنية الجامعة بدماء الأبرياء.
وبقدر حضارة وسِلْمية جماهير 14 اذار نرى بشاعة ودموية عصابات 8 اذار في الاعتداء على المواطنين الآمنين دون سبب سوى حقد في القلب ومرض وحسد.
ذكرى 14 شباط أصبحت في ضمير الشعب اللبناني وفي ضمير العالم أجمع إلا عند هؤلاء خريجي أقبية المخابرات السورية.
ومن يتخرج من المخابرات السورية او الايرانية يصبح فاقدَ الإحساس والضمير.
وهذا لن يؤدي إلا الى نبذ الشعب اللبناني الحضاري لهم واحتقاره لتصرفاتهم الإرهابية.
على الدولة اللبنانية بقواها الامنية ان تاخذ المبادرة وان لا تبقى عاجزة ومشلولة امام هؤلاء الهمج.

متى ستنهض الدولة يا فخامة الرئيس وتقوم بواجبها في حفظ أرواح وممتلكات المواطنين المسالمين من تعديات هؤلاء المجرمين وتعيد العمل الديمقراطي إلى نصابه الصحيح، وتحافظ أيضا على النموذج اللبناني الديمقراطي من الضياع والاندثار خدمة للعدو الإسرائيلي؟
وشدد الرئيس سليمان في كلمته على "وجوب إعتماد لغة هادئة بين القوى السياسية"، مؤكداً أن "التخلص من المشكلات القائمة لا يكون إلا بالمزيد من الديمقراطية بمعناها الحقيقي الذي يتمحور أساسًا حول القبول بالآخر وبمعتقداته وتقاليده وعاداته".
كيف سيتحقق ذلك في لبنان يا فخامة الرئيس في ظل ولاية الفقيه التي يفتخر حسن نصر الله بأن يكون فردا فيها ويحاول من خلال سلاحه وأمواله الهيمنة على لبنان وفرضها عليه. وما هدف احتلال بيروت ومحاولة احتلال الجبل في 7 أيار إلا لإلغاء تيار المستقبل وحليفه الحزب التقدمي الاشتراكي كقوى ديمقراطية مسالمة حضارية في لبنان وبالتالي إجهاض ثورة الأرز وكسر إرادة الشعب الحر وإلغاء النظام الديمقراطي التعددي اللبناني خدمة للنموذج الإسرائيلي.
دليلنا على ذلك ما نقلته صحيفة" كيهان" المتشددة والمقربة من خامنئي عن رئيس مجلس صيانة الدستور الايراني آية الله احمد جنتي، قوله: "ايران لا تحتاج الى الديموقراطية طالما أنها تتمسك بولاية الفقيه".

وفي رفضه لترشيح الرئيس خاتمي يقول:" نحن نستغفر الله عن الماضي الذي سمحنا فيه للرئيس السابق محمد خاتمي إجراء إصلاحات لاقت في حينها رضى وإستحسان الاعداء ". ويرى ان "الجمهورية الاسلامية لا تحتاج الى الاصلاح لأنها تتمسك بولاية الفقيه، والاصلاحيون هم الذين يحتاجون الى اصلاح انفسهم ".

والخطورة في تصريحات هذا المسؤول الكبير جنتي هو ليس رفضه ترشيح خاتمي بل وإلغائه له جسديا بعملية اغتيال.
حيث يتمنى وكما نقلت الصحيفة عنه: "بأن يلاقي خاتمي مصيرا مماثلا لمصير زعيمة" حزب الشعب الباكستاني" بنازير بوتو، التي تعرضت لعملية إغتيال في باكستان.

حتى ولو نجح خاتمي فسيبقى رئيسا مشلول القرار لا حول له ولا، حيث القرار الاخير هو للولي الفقيه خامنئي.
ويتساءل الإنسان كيف يستطيع حزب الله بناء دويلة في لبنان أقوى من الدولة اللبنانية وميزانيتها السنوية بمليارات الدولار النظيف وشراء زعيم كان وطنيا كميشال عون وتنظيفه من وطنيته فأصبح مخربا لثورة الأرز ولآمال الشعب اللبناني وأداة بيد سوريا وإيران؟
الجواب يأتي من المتحدث السابق باسم الحكومة الإيرانية في عهد خاتمي، عبد الله رمضان زاده، حيث بيَّنَ أن الرئيس نجاد "بدد نحو 150 مليار دولار" هي عائدات النفط التي لم تتحول إلى مشاريع إستراتيجية، وأنفقت بطريقة غامضة".
أي إلى جيوب حزب الله وميشال عون وحماس وجيش المهدي وغيرها من القوى المخربة والغير ديمقراطية لزعزعة استقرار وامن المنطقة العربية.

في القدس تولد الدولة الفلسطينية أو تدفن

نقولا ناصر

القدس ، كل القدس ، كانت عبر التاريخ هي المفتاح للحرب والسلام ، ليس في فلسطين وحدها بل وفي عمقها العربي والإسلامي ، لكنها لم تعد كذلك اليوم حسب الواقع المعاش ، لا بالنسبة لمن يقودون أهلها ، ولا لمن يقودون أشقاءهم من العرب والمسلمين ، ولا حتى بالنسبة لمن يقودون إخوانهم في التوحيد بالله من المسيحيين بعد أن "علمنت" الحركة الصهيونية أفكارهم وأنظمة حكمهم في الغرب قبل أن ترث أطماعهم في الوطن العربي الكبير وتستبدل الدين المسيحي بالديانة اليهودية غلافا خادعا لهذه الأطماع التي وجدت في دولة المشروع الصهيوني نسخة معاصرة للإمارات الصليبية التي أقامتها فتوحات الفرنجة في المنطقة قبل ألف عام .

وقد أدرك الصهاينة والدول الغربية الراعية لمشروعهم منذ بداياته الأولى هذا الدرس التاريخي وهو أن من يسيطر على القدس يسيطر على فلسطين ويهيمن على محيطها الجغرافي – السياسي ، وقد تأكد هذا الدرس منذ حرر صلاح الدين الأيوبي القدس في الثاني من تشرين الأول / أكتوبر عام 1187 قبل أن يعيد الجنرال البريطاني إدموند اللنبي احتلالها في التاسع من كانون الأول / ديسمبر 1917 بعد سبعة وثلاثين يوما من إصدار حكومته لوعد بلفور ، ليتبجح الجنرال الفرنسي هنري غورو عند دخوله دمشق بعد معركة ميسلون عام 1920 قائلا وهو يقف على قبر محرر القدس: "ها قد عدنا يا صلاح الدين" ، ولذلك كانت القدس ، وما زالت ، هي رأس رمح الغزو الاستيطاني اليهودي لفلسطين التي لا تقوم قائمة لدولة المشروع الصهيوني بدونها .

وبقدر ما تحوٌل حفظ هذا الدرس التاريخي إلى خطط عسكرية ومخططات للاستعمار الاستيطاني وبرامج سياسية يتنافس قادة المشروع الصهيوني على من هو الأفضل والأكفأ لقيادتها بقدر ما يبدو هذا الدرس غائبا تماما عن القيادات الفلسطينية والعربية والإسلامية في مواجهتها لهذا المشروع . أما القيادات المسيحية ، الغربية بخاصة ، فإنها لا تبدو معنية بأي مواجهة كهذه بحيث أصبح كل همها هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه من "أملاك" الفاتيكان والكنيستين الاورثوذكسيتين الروسية واليونانية وغيرهما من كنائس الطوائف المسيحية من براثن الاحتلال الإسرائيلي لمهد المسيح وقبره ، عبر "حوارات" للأديان" مع الواجهات "اليهودية" للحركة الصهيونية "العلمانية" .

وفي هذا السياق لا يمكن سياسيا الترحيب بزيارة بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر في أيار / مايو المقبل للقدس ، وهي الزيارة التي تستعد بلدية الاحتلال لها بمشاريع للقيام بعملية "تنظيف" وإصلاح واسعة للطريق التي سيسلكها الزائر من بيت سفير الفاتيكان على جبل الزيتون إلى كنيسة القيامة ، ومن المتوقع أن تشمل هذه العملية اعتداءات على المقدسيين ومزيدا من المضايقات لهم باسم إكرام البابا .

كما يلفت النظر هنا أن "البيان حول حرب غزة" الذي أصدرته اللجنة التنفيذية لمجلس الكنائس العالمي بعد دورة اجتماعاتها بسويسرا من 17 – 20 من شباط / فبراير الجاري قد خلا من أي إشارة إلى زيارة البابا المرتقبة ، لا نقدا ولا ترحيبا ، وكان الأجدى تقديم النصح للبابا بإلغاء زيارته حتى يثبت الاحتلال حسن نية "في الأقل" للتوقف عن تضييق الخناق على المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس وعلى المؤمنين بها الذين لن يتمكنوا بالتأكيد من استقباله هناك بسبب القيود الصارمة المفروضة على حرية وصولهم إلى القدس والتي سوف تزداد صرامة بحجة الحفاظ على أمن زيارته نفسها هذه المرة ، أو ب"التمني" عليه أن يعرٌج على غزة طالما صدر البيان باسمها خلال جولته في "الأراضي المقدسة" التي بالكاد يبقي الاحتلال أي قداسة لها .

أما قادة العرب والمسلمين فيبدو أنهم قد نفضوا أياديهم من المسؤولية عن بيت المقدس ، مستكينين للأمر الواقع ، ومفوضين مصير أولى القبلتين وثالث الحرمين للقرار "المستقل" الفلسطيني احتراما منهم لاستقلال فلسطيني يعرفون قبل غيرهم أنه ما زال أملا وطنيا في أحسن الأحوال أو سرابا خادعا في أسوئها ، أو تاركيه "عهدة" أردنية احتراما منهم لمعاهدة صلح ثنائية من المفترض أنها غير ملزمة لهم وما كان لها أصلا أن تبرم لو كان لهم موقف مختلف ، ومدركين تماما في الحالتين أن إنقاذ بيت المقدس هو مهمة تاريخية جسيمة أضخم كثيرا جدا من أن يحمل أعباءها عرب فلسطين والأردن وحدهم منفردين أو مجتمعين .

ومناسبة نكأ هذه الجراح العربية والإسلامية هو الدعوة التي وجهتها قيادة سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية في رام الله ، باسم منظمة التحرير ، إلى إضراب شامل يوم السبت الثامن والعشرين من شباط / فبراير احتجاجا على خطط الاحتلال لهدم ثمانين منزلا فلسطينيا في حي البستان ببلدة سلوان ، الحارس الديموغرافي للمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة من الجهة الجنوبية الشرقية ، مما يهدد بتشريد حوالي ألفي نسمة ، وهدم هذا الحي يكمل الطوق الاستيطاني اليهودي الذي يحاصر الحرم الشريف نفسه من الجهات الثلاث الأخرى ويهدد بعزل البلدة القديمة تماما عن القدس الكبرى ، ناهيك عن التهديد الذي تمثله الحفريات "الأثرية" التي ستسبق تحويل البستان الفلسطيني إلى حديقة عامة يهودية لأساسات السور الجنوبي الشرقي للحرم . والجدير بالذكر أن هذا التهديد الديموغرافي الجديد تزامن مع إغلاق "البوابة" الوحيدة التي كانت تصل بين أكثر من ستين ألفا من سكان الرام وبين ضاحية البريد في القدس ، ومع مخططات الاحتلال المعلنة للبناء في المنطقة التي أصبحت تعرف باسم "إي 1" لإغلاق الثغرة العربية الوحيدة الباقية للتواصل الجغرافي بين القدس وبين محيطها الفلسطيني بالضفة الغربية ، ومع مصادرة حوالي (1700) دونم لتوسيع مستعمرة "إفرات" لزيادة عدد مستوطنيها اليهود من تسعة آلاف إلى ثلاثين ألفا للتواصل مع مجمع مستعمرات "غوش عتصيون" التي تحاصر القدس من الجنوب والجنوب الغربي لكي يكتمل طوق المستعمرات حول القدس الكبرى لتوسيع مساحتها إلى مائة ميل مربع تمهيدا لإحاطتها بالجدار الفاصل ، مما سيعزلها تماما عن الضفة الغربية ويقضي عمليا على أي إمكانية واقعية على الأرض لإقامة دويلة فلسطينية عاصمتها القدس أو غير القدس بالفصل بين جنوب الضفة وبين شمالها ، مما يحول القدس في النتيجة إلى مقبرة يهودية لأي دولة فلسطينية مأمولة أو موعودة .

وبينما يجري هكذا على قدم وساق دفن "المشروع الوطني" لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس قزٌمت قيادة السلطة – المنظمة دورها إلى دور حزب سياسي أو نقابة تدعو إلى إضراب عام احتجاجا على حلقة من مسلسل تهويد طويل يكاد يكتمل ، كان يمكن للفصائل المؤتلفة في إطارها أو المطالبة بالشراكة في هذا الإطار أن تدعو إليه ، وربما وجدت هذه القيادة أن عليها أن تقوم بدور هذه الفصائل كونها تعيش بياتا سنويا بالنسبة للقدس لا تخرج منه إلا للاصطراع على السلطة أو للحوار حول تقاسمها أو للاحتفال بالذكرى السنوية لتأسيس كل منها كما فعلت معظمها خلال الأشهر القليلة الماضية في صحوة شتوية لبياتها المقدسي طوال العام .

إن المطلوب مقدسيا ووطنيا من أي قيادة فلسطينية بشأن القدس ، حيث تولد الدولة الفلسطينية أو تدفن ، هو قرار سياسي لا دعوة للإضراب "السلمي" ، وأن تتصرف كقيادة وطنية لا كقيادة حزبية أو نقابية ، وبما أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها فلا أحد يطالب "هذه" القيادة بإعلان العودة إلى الكفاح المسلح والمقاومة ، فهي حتى لو رغبت في ذلك فإنها لم تعد مؤهلة له بعد أن أنهكت "معركة" السلام وثقافته غير المتبادلة كل قدرة لها على ذلك ، لكن اضعف الإيمان أن تقرر هذه القيادة أن عاصمتها المنشودة في القدس هي خط أحمر لكي تواصل التفاوض أو توقفه ، أو لتعيد توزيع موازنتها المتواضعة ليذهب إلى القدس ما هو مخصص منها "للأمن" لأن عدم تهويد القدس هو الضمانة الأمنية الأهم والأكثر حسما لصمود القدس ولتسويغ بقاء السلطة معا ، أو أن تقرر في أسوأ الحالات وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال في محافظة القدس لتتدبر قوات الاحتلال أمرها مع أهلها دون مساعدة فلسطينية مجانية ، أو أن ترفض استقبال البابا أو وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أو مبعوث أوباما الرئاسي جورج ميتشل أو غيرهم من كبار الزوار إلا إذا تعهدوا بممارسة الضغط على الاحتلال لكي تظل القدس قضية وضع نهائي "قابلة للتفاوض" ، أو أن تتحمل هذه القيادة المسؤولية التاريخية عن استمرار الوضع الراهن بالطريقة التي يراها شعبها مناسبة !

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*

الجمعة، فبراير 27، 2009

حين لا نحمل ما يكفي من الحب

وجيهة الحويــدر

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نتحول بسهولة الى سلعة رخيصة لزبائن العشق العابر.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نجيز لانفسنا امورا قد لا نجيزها لأحد.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب تصير عقولنا مغلقة بأقفال من الماضي السحيق، وقلوبنا مرتعا للضغينة والغضب.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نفشل في ان نستدل على طريق النسامح ولا نحسن ان نغفر.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نصبح ابواقا لمفاهيم تثير كثير من الكره وكثير من الشر.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نجيز التنكيل بالمثليين واللادينيين والأقليات ونحبب اعدامهم فقط لانهم من تلك الفئة.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نتعامل مع الآخرين على اننا وحدنا اصحاب حق.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب الألم موجع فقط حين يصيب من نحب او من نناصر.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نعتقد ان نهجنا وفكرنا وعرقنا وديننا هو الأفضل في العالم.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نستخدم كل السبل ونبررها لاقصاء الآخر.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نفهم ان الحب يخصنا نحن وانه فعل اناني بحت.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نحرض على القتل ومرات نقتل بدم بارد.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نبني مجدنا وعظتمنا وقوتنا عن طريق انتهاك حقوق الناس واستضعافهم.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نتعامل مع الآخر بلطف اذا راق لنا دينه او فكره أو لقبه.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نعد المرأة اقل شأنا منا، لذلك لا تستحق ان تعامل كإنسان مكتمل العقل.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نستبدل رفقاء الدرب بدون ان نكترث، فقط لتلبية رغبات الذات ونزوة الزهو.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نريد ان نزدد ثراء من غير ان نعير اهتماما كيف؟ ومن اين؟ يأتي هذا الثراء.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب تصبح كل خدمة نقدمها للآخرين بثمن.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نؤمن انه حين تقتل "الآخرالمختلف" تفوز بحور عين في جنة الخلد.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب نرى ان جميع فرق الموت مقاومة شريفة، وان كل انتحاري يفتك بأرواح الابرياء شهيد مبجل.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب لا نحسن ابدا التحاور بلغة السلام ولا نجيد صياغة مفرداته.

حين لا نحمل ما يكفي من الحب الحياة تتحول الى صراع دائم بين ذئاب وثعالب.

رؤية متشائمة لمكانة المرأة في واقع عربي متهاوي

نبيل عودة
8 آذار يوم المرأة العالمي

لن نتردد في اعلان موقفنا الداعم لحقوق المرأة ، ونطرح شعارا او اثنين يعبران عن أصالة موقفنا .. وان حقوق النساء ضمن منهجنا ورؤيتنا . أجل ، نحن من أجل حرية المرأة ومساواتها . نحن من أجل الاعتراف بأنها انسان مساو لنا تماما . ولكن عندما يقترب الموضوع من " نسائنا" فهذا هو الحد الذي لن نسمح به .
***
يؤسفني ان أقول ان ما كتبته أعلاه ، ليس نزوة طارئة ، بل هي حقيقة يمارسها الكثيرين من دعاة ومؤيدي حقوق المرأة العربية تحديدا ، والمعبرين عن دعمهم لمساواة ألمرأة في حقوقها الاجتماعية والقانونية كمواطن وانسان.
بالطبع موقف القيمين ( من أوكلهم ؟ ) على " قيمنا "و " أخلاقنا " و" عاداتنا " و " تقاليدنا " و " ديننا " .. لن أورده ، لأنه نوع من الطرح العبثي الممل ..
ما اراه ان واقع المرأة في تراجع نسبي كبير ، يمثل مجمل التراجع في تقدم المجتمع المدني العربي . اذ لا يمكن تحقيق تقدم في قضية المرأة طالما ظل مجتمعها قبليا في مبناه وعلاقاته ، ويحرمها من الحقوق السياسية المتساوية ومن فرص النمو والتعليم والتقدم في تطوير قدراتها الخاصة ووعيها ، ومشاركتها في عملية التنمية الانسانية والاقتصادية لمجتمعها .
فهل نتوقع ، في اطار واقع متعثر مدنيا ، ان نحرز تقدما في مجال انجاز نهضة نسائية واجتماعية تغير واقع المرأة ، ويفتح امامها وأمام مجتمعاتنا آفاقا جديدة ، وامكانيات أخرى تعمق دورها ومسؤوليتها ؟ هل انتهت الظاهرة القبلية لقتل النساء بحجة شرف العائلة..؟ هل تقلص العنف المنزلي ضد النساء ؟ هل انتهت الظاهرة من القرون الحجرية بتشوية الأعضاء التناسلية للإناث؟
هل تغير واقع المرأة في الدول العربية ال 17 من بين ال 21 دولة عربية التي وقعت على اتفاق القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، ولكنها قيدته بتحفظات تشريعية "وطنية " او بنسف بعض بنوده التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية. هل واقع المرأة بظل التمييز والقمع والقتل يتمشى مع الشريعة ، ومع التشريع الوطني ؟؟ الا تكتمل وطنيتنا الا قمع المرأة؟ ولا ندخل الجنة الا اذا كنا مميزين عن النساء ؟
الواقع تغير نصا ، ولكنة نفس الواقع السائد في الدول التي لم توقع على الاتفاق .

تساهم المرأة في الدول المتقدمة بحصة تكاد تكون مساوية لحصة الرجل في جميع نواحي الحياة. . في عالمنا العربي أرى ان المرأة ، حتى الأكاديمية ، تخضع لقيود مستهجنة ، يفرضها مجتمعها ونظامها ، يقررالى مدى بعيد تحركها وحجم قيودها، حتى في المجتمع الأكثر تنورا، على صعيد الدول العربية ، نجد ان واقع المرأة لا يختلف بمجمل مضمونه، وليس سرا ان مستوى دخل المرأة من نفس العمل هو ما دون مستوى دخل الرجل . ولكن هذه الظاهرة تخفي واقعا أشد مرارة . واقع اتساع البطالة في صفوف النساء بالمقارنة مع الرجال.
ولكن الظاهرة المقلقة حقا تقع في مجال آخر كليا.
دأبت تقارير الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية ،على وضع اليد على واقع مذهل من التخلف في المجتمعات العربية ،يطول النساء والرجال ، وغني عن القول ان واقع المراة هو الواقع الأكثر سوءا والأكثر مرارة.. خاصة في موضوعين أساسيين .
اولا البطالة التي تطول نسبة عظيمة من النساء، ومنهن جامعيات .
بالطبع وضع الرجل لا يقل سوءا ، والمعروف ان غياب تخطيط حقيقي للتنمية ، وغياب أبحاث أكاديمية حول التنمية وآفاقها واحتياجات الأسواق العربية ، والربط بين الأقتصاد ومعاهد الأبحاث ( الغائبة ) في الجامعات ، يقود الى فوضى ، او تنمية ارتجالية لا تستجيب مع المتطلبات الملحة للمجتمعات العربية ، ولا مع توفير أماكن عمل حسب احتياجات النمو السكاني. ان فرص خلق أعمال جديدة يسير ببطئ شديد ويقود الى تعميق استغلال عمل النساء ، وهذا يبرز بالأجور المتدنية جدا . وبات ايجاد مكان عمل ، صدفة سعيدة تتمسك بها المراة وتصمت عن واقع املاقها وسحقها كانسان.
الصدفة ليست تخطيطا. واذا وجد التخطيط نجده مشوها ويخدم " قططا سمان " حسب التعبير المصري لأصحاب النعمة ، المسيطرين على حصة الأسد من الانتاج القومي لدولهم . حقا هناك منظمات نسائية عديدة تنشط من أجل حقوق المرأة ، ولكني لآ أكاد ألمس نشاطها وما تثيره في طروحاتها ، ويبدو ان هناك نهج تعتيم على نشاط تلك المنظمات.
تقارير البطالة في العالم العربي تتحدث عن أرقام رهيبة تصل الى 25 – 30 مليون عاطل عن العمل ، ولا أعرف هل تشمل هذه الأرقام مجمل الراغبين بالعمل ، ام فقط المسجلين رسميا ؟ وهل تشمل مجمل نساء الوطن العربي القادرات على العمل ؟
حين نجد ان المرأة في المجتمعات الصناعية المتطورة تشكل ما يقارب نصف عدد العاملين ، نجد انها في المجتمعات المتخلفة لا تشكل أكثر من 15% وربما أقل كثيرا - ( وأعني بتعبير المتخلفة ، التخلف الاجتماعي والصناعي والتقني والعلمي والثقافي والتعليمي واسلوب ادارة الحكم ، والتخلف بالضمانات الاجتماعية والصحية والبني التحتية وغيرها )
ان خروج المرأة للعمل هو جزء من مساواتها وحريتها في القرار بما يتعلق بمصيرها أسوة بالرجل.
المرأة التي تفتقد للدخل لن تكون حرة ولن تصل الى المساواة حتى لو كانت تحمل عشرة شهادات دكتوراة.
ثانيا: المؤشر الأخر المرتبط ارتباطا وثيقا بهذا الواقع ، هي نسبة الأمية المرتفعة جدا بين المواطنين من الجنسين ، وخاصة بين النساء.
هل يتوقع أحد ان ينشا جيل مثقف متعلم في أحضان نساء جاهلات؟
لا ليس تهجما على المرأة ، هذا الواقع ليس بمسؤوليتها . لأنها تخضع لتحكم الجاهلين حتى لو كانوا أكاديميين بتحصيلهم .
ما الذي يعطي المجتمعات العربية قوة الاستمرار ، عكس التيار العالمي ، من موضوع حقوق المرأة ، وحقوق الانسان بالتحديد؟
دولا عدة كانت أكثر تخلفا وعصبية تجاوزت واقعها الى مجتمع مفتوح ، دمقراطي ، تشكل فيه العلوم والاقتصاد قاعدة تطور تضعه في مقدمة دول العالم .. وجعلت للمرأة مكانة متقدمة في وظائفها الاجتماعية والاقتصادية ، وهل من نموذج أفضل من المجتمع الياباني؟
هل تدهور وضع المرأة ، من ناحية الأخلاق مثلا ... في اليابان نتيجة الانفتاح على الحضارة العالمية والمساهمة بنشاط في انجاز خيرات مادية وثقافية وجعلت من اليابان نموذجا دوليا للتقدم ؟
هل واقع المرأة الجاهلة في مجتمعنا العربي ، والحديث عن عشرات ملايين النساء ( ربما أكثر من 70 مليون امرأة أمية عدا المحرومات من حرية القرار والعمل ) أفضل وأكثر احتراما وأخلاقا من واقع المرأة اليابانية ؟
المرأة في الصين .. لم يكن وضعها أفضل من حال المرأة العربية.. ولكنها اليوم تشكل قوة علمية انتاجية في اطار المجتمع والاقتصاد في جمهورية الصين .. بعد ان أعطيت الحقوق الكاملة المساوية للرجل .
وهناك العديد من النماذج في مختلف دول العالم ..
في الواقع انا لا أرى فصلا بين واقع المرأة وواقع الرجل في مجتمعاتنا العربية..أو غيرها من المجتمعات.. حيث التخلف والفقر من نصيب الرجل أيضا ، مما يعني ان واقع المرأة في الحضيض.
لن يكون أي تغيير مأمول مع استمرار هذا الواقع العربي المتهاوي. ما أراه ، ويراه العديد من المختصين والباحثين العرب ، ان عالمنا العربي يعيش بوهم قاتل بأن طفرة النفط دائمة أبدا. وارى علاقة شرطية بين الحفاظ على تخلف المرأة ، وحقبة النفط التي أطلقت تشويها نفطيا للفكر الاجتماعي والديني ايضا.
حتى اليوم لا أرى ان الأنظمة النفطية ، طرحت بدائل لما بعد حقبة النفط ، الذي ظهر في أرضنا القاحلة .
العكس هو الصحيح . هناك انفلات في الصرف وتبذير قبلي للأموال ، والعجز عن رؤية الواقع بعد عدة عقود ، حين ينضب النفط ، أو تبدأ دول العالم انتاج طاقة جديدة.. وقد بدأت هذه المرحلة بالفعل ، ومع ذلك ما زالت أنظمتنا تعيش بخمول عقلي ، مطمأنة ان جيلها على الأقل لن يواجه المشكلة التي من المتوقع ان تواجه ورثائهم... ومن بعدي لتخرب الدنيا..
اني أدعي ان بدء مرحلة انشاء اقتصاد بديل للإقتصاد النفطي ، سيقود الى تغييرات اجتماعية عميقة ، تنعكس أيضا على واقع المرأة العربية.ان أي نهضة اقتصادية ، حتما ستفرض تغييرات عميقة في المجتمع ، لا بد ان يكون أبرزها خروج المراة للعمل ، والاحتياجات العلمية والتقنية لمتخصصين ومتخصصات في برامج الانتاج الجديد .
والسؤال ، رغم ذلك يعيدنا الى الواقع المر: ماذا يعد العرب للمستقبل؟
ماذا يعدون لمرحلة ما بعد النفط ؟
هل يظنون ان ايرادات النفط الخيالية في العقود الأخيرة ـ لن تتوقف الا باذنه تعالى .
ان الانفلات في ضبط مسألة الزيادة السكانية يطرح قضية أكثر خطورة على واقع المجتمعات العربية ، وعلى الفرص امام تغيير واقع المرأة خاصة والواقع الاجتماعي عامة.
هناك انفلات سكاني .. تسيب بعدد الزيجات.. أطفال بلا مستقبل يفدون دون تخيطيط لهذه الحياة . هل نكشف أمرا جديدا بأن نقول ان الدول النفطية الغنية تشمل سكانا في فقر مدقع يزدادون وسيشكلون مستقبلا مشكلة اجتماعية وأمنية لأي نظام كان ؟
بلا شك ان اخطرما ستواجهه المجتمعات العربية ، هو غياب ألفكر التنويري من مؤسسة صناعة القرار ، الأمر الذي يعرقل طرح بدائل اجتماعية واقتصادية للمستقبل القادم بعاصفة من التغييرات في التفكير ونوعية الانتاج الاقتصادي والعلوم والتقنيات ومبنى المجتمع البشري ومبنى الأنظمة..
اذن كيف سنواجه المستقبل ؟ ماذا أعددنا لما بعد حقبة النفط ؟
لماذا لا تستغل الأموال الفائضة في البنوك (وتقدر بعدد كبير من ترليونات الولارات) لإحداث نهضة اقتصادية تعتمد على الصناعات غير النفطية .
لا أظن ان أحدا من المتحكمين بالقرار العربي يعرف الآجابة. ربما يعرف كم يوجد في حسابه المصرفي ليس الا ، ومشروعه لضم الزوجة الجديدة .
اليوم يضحكون في واشنطن ولندن وباريس وون وبكين وطوكيو بوجوهنا .. ما زال النفط طاقة أساسية. غدا لن نجد حتى وقودا لسياراتنا ، وسنجر سياراتنا بالجمال . هل سنعود الى أيام الجاهلية قبائل مشرذمة تغزو بعضها بعضا طلبا للطعام والمشرب؟
هل من الممكن أن نواصل الحياة بشعارات براقة أشبعتنا لغوا ، ولم تقدم لنا الا المزيد من التخلف ؟
حان الوقت لمراجعة فترة الثورات ( الانقلابات ) العربية ، وما أنجزته ( بالمفهوم السلبي) للواقع العربي.. وبدء تحرك اصلاحي شامل.
حان الوقت لإعادة برمجة كل حياتنا ..من الفها الى تائها.
حان الوقت لنفهم ان مجتمعا متنورا متقدما اجتماعيا واقتصاديا وعلميا ، لن يكون دون مشاركة كاملة للمراة في التخطيط والانتاج والبرمجة المستقبلية. واقرار القوانين وشكل نظام الحكم.
ويؤسفني اني لا ارى مستقبلا بمثل ما أحلم به.
ما اراه استمرار في السقوط الى الحضيض!!
ما أراه المزيد من الاضطهاد الشوفيني الذكوري للمرأة العربية.
ما أراه بقاء العالم العربي خارج التاريخ الانساني.
وما أراه مزيد من التمرد للمرأة العربية ، ومزيد من الهرب من مجتمعها لآفاق رحبة خارج مجتمعها ..
لا أرى التغيير في المستقبل القريب. . أو الأكثر بعدا ،في ظل الفكر الذكوري القمعي السائد.

نبيل عودة- كاتب ، ناقد واعلامي فلسطيني
nabiloudeh@gmail.com

الحوار الوطني هل هو عملية تجميلية ؟

د. عدنان بكرية

الوحدة الفلسطينية ليست عملية تجميلية كما تبدو اليوم بل هي برنامج وثوابت وأجندة فأين يقف الحوار من هذه القضايا ؟

لا شك ان شعبنا وعلى اختلاف توجهاته الفصائلية والسياسية يتوق لاستعادة لحمته ووحدته خاصة في الظروف العصيبة التي تمر بها قضيتة ،فالقضية الفلسطينية لم تعد تحتمل المزيد من الانقسامات والخلافات التي من شأنها أن تبعثر أوراقها وتقضي على ما تبقى من ثوابتتها .
الوحدة باتت مطلبا ملحا وضرورة حيوية لبقاء القضية... لكن الأهم من كلمة الوحدة بمفهومها المجرد وقبل الشروع في تنفيذ شكلياتها،الأهم وجوب توضيح الأسس التي ستبنى عليها هذه الوحدة ! من حق شعبنا ان يعرف كل صغيرة وكبيره وما يدور خلف الكواليس لأنه هو الذي يدفع ثمن الانقسام الحاصل وهو الذي سيدفع ثمن أي فشل مستقبلي !
أسئلة كثيرة تطفو على السطح بعد لقاء القاهرة والإعلان عن اتفاق حول تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية.. توافق حول ماذا .. حول تشكيل الحكومة وتقاسم الوزارات وتجميل الصورة ؟
إن اغرب ما سمعناه أن الفصائل الفلسطينية اتفقت على تشكيل حكومة وحدة وسيُبت في شكلها وبرنامجها لاحقا !وكأن الخلاف القائم هو خلاف شكلي إداري حيث لم يتم التطرق للأجندة القادمة ولم يتم تناول أسباب الخلاف التي أدت إلى الانقسام الحالي ومحاولة ايجاد صيغة مقبولة لمعالجة اسباب الخلاف !
كنت أتمنى على المجتمعين في القاهرة أن يتناول بيانهم الأول أسس الوحدة والأجندة القادمة وكيفية التعامل والتعاطي مع التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني ووفق أي خيارات ! كنت أتمنى على المجتمعين في القاهرة وقبل الاتفاق على تشكيل الحكومة، الاتفاق على الأسس السياسية والبنود الوطنية التي ستسير عليها الحكومة... كنت أتمنى أن يتم هذا وقبل الإعلان عن اتفاقهم بشأن تشكيل الحكومة.. لأن أي حكومة وحدوية قادمة لا يمكنها ان تدوم اذا لم يتم تحديد الخيارات والبرامج والأجندة مسبقا !
إن أي حكومة لا تبنى على أسس نضالية سليمة وواضحة لن تدوم ولن تستمر وإذا عالجنا الأمر من منظور التقاسم الوزاري وجسدنا الوحدة على أساس أن الخلاف القائم لا يتعدى تشكيلة وزارية ومحاصصة إدارية فهنا ستكون الكارثة، لأن الوحدة القائمة على هذا الأساس ماهي إلا عملية (ذر رماد في العيون) وعملية خداع ترتكب بحق الشعب والوطن .. فالخلاف القائم هو خلاف سياسي فكري من الدرجة الأولى.. خلاف بين محورين متناقضين سياسيا وفكريا ولا يمكن حسره في إطار التراضي والتوافق حول تشكيل حكومة وحدة وتقاسم وزاري وإنهاء مظاهر الخلاف الإعلامية والميدانية.
كنا نتمنى على المجتمعين معالجة أسباب الخلاف إذ ليس من المعقول معالجة عوارض الحالة المرضية دون تشخيص أسباب المرض ومعالجتها، فأسباب المرض في الحالة الفلسطينية اعقد مما نتصور... انه خلاف بين تيارين متناقضين لكل منهما نهجه وطريقه وتصوره الخاص في كيفية التعاطي مع التحديات فحماس ترى بان المفاوضات السلمية هي وهم ولا يمكنها الاستجابة لمتطلبات الشعب وترى بأن خيار المقاومة هو الخيار المجدي في حين ان حركة فتح لم تتنازل نهائيا عن الخيار التفاوضي الهش!
مسئول مصري رفيع المستوى يأمل في ان "يتم التوافق على برنامج مقبول فلسطينيا ودوليا لهذه الحكومة على ان تترأسها شخصية مستقلة مدعومة من جميع التنظيمات وتضم عناصر من حماس وفتح وكل التنظيمات ومستقلين وتكنوقراط مع اسناد رئاسة الوزراء ووزارات السيادة لمستقلين حتى لانعطى أى فرصه لمقاطعتها من بعض الجهات الدولية".
والسؤال هل الحوار الجاري يأتي كاستجابة لضغوطات خارجية قبل بدء عمل المؤتمر الدولي لاعمار غزة ام انه جاء استجابة لمطلب الشارع الفلسطيني ولان الحالة الفلسطينية لم تعد تحتمل الانقسام !
انني متخوف جدا من ان لا يدوم هذ الاتفاق طويلا خاصة وانه لم يتناول اسباب الخلاف الرئيسية ولم يتطرق الى كيفية مواجهة التحديات في ظل العدوان الاسرائيلي على غزة وفي ظل اعتلاء اليمين الفاشي سدة الحكم في اسرائيل !
لم يتطرق الى مستقبل العملية السلمية وهل ستواصل الرئاسة في السير على هذا المسار .. لم يتطرق الى التنسيق الامني مع اسرائيل ..لم يتطرق الى خيار المقاومة وفيما اذا كان هذا الخيار هو الخيار المستقبلي للقيادة الفلسطينية !نقاط جوهرية عديدة غابت أو غُيّبت عن الحوار أو انه جرى تداولها خلف الأبواب المقفلة !
إننا نضع أيادينا على قلوبنا من أن تفشل هذه الوحدة أمام أي امتحان بسيط لأنها لم تبنى على أسس واضحة بل انها تناولت الشكليات والتجميلات !
كلنا يتوق للتلاحم والوحدة لكن الخوف يلازمنا من أن لا تنجح الوحدة بصياغاتها المتعددة .. فالوحدة ليست عملية تجميلية كما تبدو اليوم بل هي برنامج وثوابت وأجندة فأين يقف الحوار من هذه القضايا ؟

رسالة غير خاصّة للشاعر يوسف بزّي

شوقي مسلماني

بعد مقالتي في الفساد وشراء ذمم الأستراليين اللبنانيين ببطاقة سفر مجّانية وبخشيش كمصروف جيب وقضاء "يومين" في ربوع الوطن لبنان بعث لي الشاعر اللبناني يوسف بزّي رسالة ألكترونيّة فيها إجحاف أنا أغفره له لأنّه شاعر وسبق أن قرأتُ له مجموعتين شعريتين أجاد فيهما ومن يومها وأنا أذكره بالخير وبعثتُ له رسالة ألكترونيّة مدافعاً عن نفسي وضمّنتُها إشارات تلمّح ولا تصرِّح وفي اليوم التالي خطر لي أن أُفصح عن رسالتي لاعتقادي أنّي لا أزال في الجوّ وهو جوّ تسليط ضوء على عفن وبالذات عفن بيع وشراء ذمم اللبنانيين المهاجرين في أربع أصقاع الأرض في سوق نخاسة الإنتخابات النيابيّة اللبنانيّة:

العزيز الشاعر يوسف بزّي

كلّ مرتشٍ هو "منباع" وهذه بديهة، والبديهة كانت في البدء. وأنا معك "فلا يجوز القول أن لبنانيي أستراليا الذين سيشاركون في الإنتخابات اللبنانيّة هم "منباعين" وظنّي بك أنّك لا تعتقد بأنّي يمكن أن أقبل بذلك، وعلى العكس فأنا أشجّع لبنانيي أستراليا أن يشاركوا في الإنتخابات اللبنانيّة إنّما بضميرهم وليس ببطاقة سفر.

وعدم المؤاخذة، فأنت لا تعلم أنّي أحببتُ شِعرَك ولا أزال، وشعرك بالذات جعلك عزيزاً عليّ، وأرجو ألاّ تكون قد تجنّيتَ عليّ بتقويلي ما لم أقلْ. عينك تشوف المسخرات والهرج والمرج ... والتكالب ... إنّ كرامة الجالية اللبنانيّة في أستراليا صارت في الحضيض أكثر فأكثر ... إنّهم يحتكّون بالناس هنا بالرموز والإشارات كعمل العصابات ... وليتك تسمع اللغة ... أكثر الأستراليين من أصل لبناني أبرياء، وشويّة كلام معسول مع شويّة كلام مسموم، و"حلوه النزله على لبنان" ... أنا أسمع بالفساد في لبنان، وخصوصاً في مواسم الإنتخابات، وأقرأ، إنّما حريّتي وسيادتي الحقيقيّة لا المزيّفة، وأنت تعلم أيّها العزيز أن التزييف ليس حكراً على المال، تحتّمان علي أن أنبذ الفساد والرشوة ولا أبرّرهما لمخلوق لا في 14 ولا في 8 ولا في 11 وكلّي ثقة أنّك أيضاً لا تبرّرهما لمخلوق لا في 14 ولا في 8 ولا في 11.

أمّا بخصوص الداون تاون فالمسألة بسيطة أيّها العزيز، فقط لقد "حَبَكتْ" كما يُقال، ولكن ليس من فراغ، فأنا قبل الحرب الأهليّة كنتُ، وأنا أمرّ خارجاً من سوق السمك القديم لجهة الشهداء، ألتفتُ فتخالطني مشاعر غريبة لرؤية تمثال الشهداء، إنّهم قوم غرباء ليسوا من لبنان، بدليلي أنا، فوجوههم غير وجهي وشُعورهم غير شَعري. وهذا شأن الداون تاون، فأنا لا أحبّ هذا الإسم، كنتُ سأشعر بإلفة أكثر لو كان الإسم هو "أشعب والكندي" أو "كليلة ودمنة". لا أعرف لماذا كلّما أذكر الداون تاون أذكر أفلام رعاة البقر؟ أو كلّما أقول دي تي يُخيّل إلي أنّي أقول تي أن تي؟ وشعوري هذا واحد، وأنا أحببتك أيّها العزيز يوسف عندما قرأتُ عن "الرجل السمين" و"الكرش" و"الجرّافات" و"الحفّارات"، وقد كتبتُ عن ذلك في حينه، وأنا لم أوجّه اللوم بل اعتبرتُ أنّها "حَبَكتْ" فلماذا هذه الحساسيّة أيّها العزيز إذا حَبَكتْ معي؟.

وإذا وافقتُ معك "إنّ مآل الإستهزاء من الحريّة والسيادة حتى ولو النوايا حسنة هو اللاسيادة واللاحريّة" فهل توافق معي أنّ مآل من يبيع صوته ببطاقة سفر حقيرة أن ينقلب إلى منباع؟.

وقد تكون مقالتي "غير صحافيّة" وقد "لا تليق بشاعر" ولكن صدّقني فإنّ أغلب ما يُكتب في صحافة لبنان هو "شُبّه لكم"، إنّه تعصّب أعمى وسيف يضرب، ويا عيب الشوم، بيد الأسخى والأكرم، وأنت تعرف ماذا أقصد، فيما أنا فأكتب من موقع الغضب لك لا عليك والأسف لك لا عليك وحبّاً لأبناء جلدتي وغيرة لهم وحمية من أجل سمعتهم وكرامتهم وعزّتهم وسيادتهم وحريّتهم. "ولا تليق بشاعر"؟ هذا موضوع طويل.

وعلى رغم ما سبق منك بحقّي فليس لك منّي إلاّ المودّة".

حبيس الغربة الطويلة:

شوقي.

الحرم الكنسي يا سيادة المطران عقاب أم وسام

وليد قاطرجي
أي زمن هذا الذي يعيشه اللبنانيون في ظل المغالطات والتحولات المتسارعة من قبل رجال الدين والسياسة، هل يتحمل الوطن المزيد من التفكك والانقسام، وما مغزى المواقف الغامضة لسيد بكركي ضد مسيحي المعارضة؟ وماذا عن اصطفافه الفاضح مع القوى المسيحية الملحقة بقريطم؟ أسئلة لا بد من طرحها بعد كل ما تفوه به سيادة المطران بشارة الراعي في مؤتمره الصحفي المشبوه الذي عقده في هذا الوقت الدقيق مهددا فيه بالحرم الكنسي لمن يتجرءا على انتقاد مواقف البطريرك السياسية.

أين كان عقابكم وحرمكم الكنسي الذي تهدد به اليوم يا سيادة المطران عندما ارتكبت ميليشيات الكتائب والقوات اللبنانية أفظع المجازر ضد المسيحيين في المناطق المسيحية كافة من الشمال مرورا بالجبل وصولا إلى الجنوب؟ هل لنا أن نذكركم بالتفاصيل علكم تبررون لنا لماذا لم يطبق في الماضي على هؤلاء المجرمين والقتلة وقطاع الطرق، بينما اليوم تهددون به الذين ينتقدون مواقفكم السياسية فقط لمجرد الانتقاد، هل تعلم يا سيادة المطران بأنكم لو طبقتموه منذ اندلاع الشرارة الأولى لجنبتم البلاد والعباد سنوات من القتل والدمار والاستعباد.
عجيب أمرك يا سيادة المطران إلى أين تريد أن تأخذ الناس بعد أن تحررت من الوصايات القريبة والبعيدة؟ هل من المفيد اليوم للمسيحيين إعادتهم إلى الوراء عقود وحتى قرون؟ بينما نحن في بداية القرن الواحد والعشرين, ألا يكفي وصايات وتبعية؟ هل يسرك ما يقوم به بعض المسيحيين داخل هذا القصر أو ذاك؟ نحسبهم خدام وحراس ورجال استقبال لهذا السائل أو تلك العاهرة. فهل تحسبهم بكركي بذلك زعماء أيها المطران.

بالله عليك يا سيادة المطران، هل ترضى بالممارسات التي يقوم بها بعض مسيحيي القصور المشبوهة والبيوت السياسية التي جلبت معظم الوصايات من كل حدب وصوب وبنت أمجادها من أموال هذا الشعب المقهور، وهي التي ساهمت وما تزال وبعلمكم في تحجيم الدور المسيحي الرائد والتاريخي في بناء الوطن ومؤسساته؟ ألا يحق للمسيحيين اختيار زعمائهم دون منة أحد أيها المطران؟ هل يعجبكم أيها المطران بان يكون المسيحي تكملة عدد في مسيرات الاستغلال السياسي لدماء الأبرياء هنا وهناك؟

نريد أن نسمع آراؤك السديدة أبها المطران كما عاهدناك دون مؤثرات ومغريات من هذا الحاقد وذاك الناقم، ليتك تعلم ما في قلوبهم لوقفت جنبا إلى جنب أمام الذين يجتهدون دون ملل أو كلل لاستعادة أمجاد وطن الأرز الحقيقية، وطن الأجداد الأحرار، وطن المسيحيين والمسلمين، وطن العيش المشترك، وطن الشراكة الحقيقية بين أبناءه، وطن العدل والمساواة، وطن العزة والكرامة، وطن الزعامة والريادة. وطن السيادة الحقيقية، وطن الجيش اللبناني البطل، فهل الذي يعمل من اجل ذلك يهدد بالحرم الكنسي أبها المطران؟

تأكد أيها المطران بان حرمكم الكنسي سيكون وساما غاليا على صدر من آمن بنهائية الكيان اللبناني المبني على الشراكة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين، وليس على الخداع والتبعية والاستعباد.
فالمسيحيون هم أبناء هذه الأرض ولدوا أحرارا ولهم فيها صولات وجولات من الأمجاد والبطولات. فإذا كان لدى غيرهم شهيد لا يساويه الآلاف من الشهداء. فللمسيحيين شهداء وشهداء.

كفى اجتهادات وتأويلات أيها المطران في القضايا السياسية التي لا تفقهونها وغالبا ما تكون معبرا للتطاول على المرجعيات السياسية التي اختارها المسيحيون وعلى رأسها دولة الرئيس العماد ميشال عون. واعلم بأنكم لو توقفتم توقفنا وان تابعتم تابعنا.

عن الأسرى والحوار الوطني وحكومة الوفاق الوطني

راسم عبيدات

......... ما وصلت إليه أوضاع الحركة الأسيرة الفلسطينية من حالة كارثية بحاجة إلى وفقه جادة ومعمقة،ليس من كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني والإسلامي في الخارج،بل من كل أبناء وقيادات الحركة الأسيرة في السجون والمعتقلات الإسرائيلية،وصحيح أن الحركة الأسيرة الفلسطينية تتعرض إلى حملة وهجمة واسعتين من القمع الممنهج والمتواصل من قبل إدارات السجون الإسرائيلية،من أجل تفريغها من محتواها الوطني والنضالي ودفعها إلى خانة الخيارات الفردية والهم الذاتي على حساب الهموم العامة والاعتقالية،فحتى اللحظة الراهنة تستمر معركة الأسرى مع إدارات السجون على جبهات الحقوق ومنجزات ومكتسبات الحركة الأسيرة،والمعركة الآن تتركز وتتمحور حول مسألة الزي البرتقالي،حيث تواصل إدارات السجون الإسرائيلية التنكيل بالأسرى الفلسطينيون،من أجل إجبارهم على ارتداء هذا الزي الخاص بالأسرى المدنيين والمجرمين،وذلك لكي تنزع عنهم صفة النضال والمقاومة،وأيضاً لكي تمعن في إذلالهم وأهانتهم وإظهارهم كمجموعة من القتلة والمجرمين واللصوص.

،وصحيح أيضاً أن الحركة الأسيرة الفلسطينية مستمرة في رفض هذا المطلب،وقد حددت الحركة الأسيرة في مختلف السجون الإسرائيلية،إن التفاوض مع إدارات السجون الإسرائيلية بهذا الخصوص ،يجري فقط من خلال القيادة الاعتقالية في سجن "ريمون" في منطقة النقب،ولكن هناك أشياء وممارسات وسلوكيات اعتقالية غير مقبولة وتثير الاستغراب والاستهجان،وبحاجة إلى وقفة جادة من قيادات الحركة الاعتقالية بمختلف ألوان طيفها السياسي،لما لها تأثيرات سلبية ومدمرة على واقع الحركة الأسيرة الفلسطينية وهيبتها وسمعتها ودورها في النضال الوطني الفلسطيني،فهناك الكثير من المعطيات والمعلومات الواردة من السجون والمعتقلات،تشير إلى حالة واسعة من الإحباط والشعور باليأس، من ما آلت اليه الأوضاع الفلسطينية الداخلية وما فعله أوسلو من ذبح جدي للحركة الأسيرة الفلسطينية،من خلال شعور بأن أوسلو أعاد أوضاع الحركة الأسيرة عشرات من السنيين إلى الوراء، وتأثيراته السلبية وأمراضه طالت الحركة الأسيرة الفلسطينية،فعلى سبيل المثال في الوقت الذي نجحت فيه الحركة الأسيرة وبالكثير من الجهود والطرق الملتوية من إدخال الهواتف النقالة إلى العديد من السجون الإسرائيلية،من أجل التغلب على مشكلة العزل وعدم التواصل التي تفرضها عليها إدارات السجون مع العالم الخارجي،واستخدام تلك الخدمة من أجل الاطمئنان على الأهل والتواصل معهم،ناهيك عن التواصل مع الهموم والقضايا السياسية والوطنية والمجتمعية،وجدنا أن البعض،استخدم تلك الخدمة وبدون أية ضوابط وطرائق تنظيمية،من أجل تعزيز حضوره ودوره الشخصي والجهوي في المعتقل،وكذلك استغلال حاجة المعتقلين وخصوصاً المحرومين والممنوعين من الزيارة لفترات طويلة،لتلك الخدمة وبيعهم تلك الأجهزة بأسعار خيالية،حيث أفاد عدد من الأسرى المحررين من الأسر حديثاً،بأن سعر الهاتف الجوال الواحد وصل إلى 8700 دولار،وهو ما يعادل عشرات أضعاف سعره الحقيقي،وهذا التصرف وهذه الممارسات،تنذر بمخاطر جدية تحيط بالحركة الأسيرة الفلسطينية،وما حدث من دمار قيمي وأخلاقي ووطني في الخارج بفعل أوسلو،نتلمس نتائجه في السجون والمعتقلات،وهذا ليس بالمرض الوحيد الذي يعصف بالحركة الأسيرة الفلسطينية،بل ما يرشح من معلومات تشير إلى إحلال العلاقات الجهوية والبلدية والعشائرية محل العلاقات الحزبية والتنظيمية،وكذلك حالة واسعة من من هجران الثقافة والمطالعة،وحجم هذا الدمار والتراجع في أوضاع الحركة الأسيرة،قادر أن أتلمسه من خلال معايشتي له في الأسر،وهذا الواقع هو الذي دفع بالأسير القائد المحرر حسام خضر،للقول أتمنى أن يستشهد ابني على أن لا يسجن في هذه المرحلة،مرحلة لم تعد فيها الغلبة والحكم والقرار إلى المفاهيم والمبادئ والقيم الاعتقالية،بل إلى المعايير الجهوية والعشائرية والبلدية ودعاة"الفهلوية" والاستعراضية ....ألخ.

أما الحوار الوطني الفلسطيني والذي يتواصل في القاهرة،فالمؤشرات والمعلومات الواردة من هناك تشير إلى حصول تقدم كبير وإزالة للعثرات والعقبات في طريق الحوار الوطني الفلسطيني على طريق استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء ملفات الانقسام السياسي والجغرافي والاعتقال السياسي، والاتفاق على تشكيل خمسة لجان لمعالجة القضايا الخلافية،ورغم ذلك ما زال هناك خشية كبيرة من أن هذا الحوار قد يعاود الانتكاسة من جديد وعلى نحو أعمق وأشد،إذا لم يلامس الحوار المسائل الجوهرية لجهة الأساس السياسي الذي ستقوم عليه الوحدة وحكومة الوفاق الوطني والبرنامج والإستراتيجية والأجندة للمرحلة القادمة،وخصوصاً في ظل اتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني سابقة لهذه القضايا الجوهرية،ومظهرة وكأن الخلاف فقط في الإطار الإداري والمحاصصة حول السلطة والوزارات والمناصب والمراكز وغيرها،وهذا الخيار والطريقة لمعالجة القضايا والأمور الجوهرية، اختبرت سابقاً وثبت فشلها وعدم جدواها في اتفاق مكة،ورغم أن هناك معلومات تقول برفع "الفيتو" الأمريكي- الأوروبي الغربي عن تشكيل حكومة وفاق أو وحدة وطنية فلسطينية، فهذا لا يبرر أن تتحول الوحدة أو الحكومة إلى شيء تجميلي وديكوري،وتغلق الجرح على الصديد لكي ينفجر على نحو أعمق وأشد مستقبلاً،فكيف ستكون هناك حكومة وحدة أو وفاق بدون أساس وبرنامج سياسي تقوم عليه؟،وما هو سقف هذا البرنامج السياسي؟،وما هي الخيارات والأجندات الموضوعة لمواجهة المرحلة القادمة وخصوصاً في ظل قيام حكومة إسرائيلية يمينية مسعورة قائمة على إقصاء الآخر وعدم الاعتراف ليس بحقوقه بل بوجوده،والبوادر والمؤشرات تنذر بكوارث حقيقية،حيث بدأت عمليات التطهير والترحيل العرقي من مدينة القدس،حيث تعتزم الحكومة الإسرائيلية هدم 88 بيت فلسطيني تأوي أكثر من 1500 فلسطيني،وعدم الأعتراف بعرب الداخل- 48 كأقلية قومية وربط مواطنتهم بما يسمى بالولاء للدولة.

ومن هنا لا نريد للأمور أن تعود إلى المربع الأول،بل ما نريده حوار جدي يلامس كل القضايا الجوهرية،فالجميع يدرك ويعرف جيداً بأنه بدون اتفاق على برنامج سياسي موحد،وإستراتيجية موحدة،فإن الانقسام سيبقى قائماً،بل سيتعمق ويأخذ أبعاداً خطيرة جداً،وكذلك بدون إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية،وشمولها لكل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،فإننا سنبقى ندور في نفس الحلقة المفرغة،وستستمر أوضاعنا الداخلية في التآكل والضعف،وسننتحر ذاتياً ونخسر قضيتنا وشعبنا ومشروعنا الوطني.

الخميس، فبراير 26، 2009

التأثيرات المتبادلة ما بين اللغة العربية واللغة الهندية ولغات اخرى

محاضرة للدكتور عبدالله المدني

– الباحث والمحاضر الاكاديمي المتخصص في الشئون الآسيوية
جمعية المنتدى – المنامة
التاريخ : 24 فبراير / شباط 2009
المكان : مقر جمعية المنتدى – العدلية/ المنامة

امتدت الدولة العربية/ الاسلامية في عز مجدها الى بلاد فارس والهند والسند، بل تجاوزت تلك الاصقاع الى اندونيسيا والملايو شرقا، أما في الغرب فقد تجاوزت قبرص واليونان وصقليا ومالطا الى اسبانيا والبرتغال كما هو معروف.

وكانت النتيجة الطبيعية لهذه التطورات حدوث هجرات في الاتجاهين ونشؤ علاقات وروابط متشابكة ما بين شعوب تلك الامم والعرب المسلمين، الأمر الذي ظهرت تجلياته في الشأن السوسيولوجي والثقافي شاملا الطعام واللباس وبعض العادات والتقاليد. غير ان اللغة شكلت على الدوام العنصر الاكثر حضورا وبروزا. وكان هذا طبيعي بسبب ارتباط اللغة العربية بالدين كمكون رئيسي للعقيدة التي اراد العرب نشرها في تلك الاصقاع الاجنبية.

لكن قبل الحديث عن التأثيرات المتبادلة ما بين اللغتين العربية والهندية، اود أن اتحدث قليلا عن تأثير العربية على لغات شعوب اخرى في الشرق والغرب، وتأثرها هي ببعض اللغات الاجنبية.

واللغة العربية التي لم تكن تعرف بهذا الاسم قبل ظهور الاسلام حيث كان يطلق عليها لغة مضر نسبة الى قبيلة مضر في شمال الجزيرة العربية او لغة حمير نسبة الى قبيلة حمير في اليمن تطورت عبر مئات السنين ودخلت فيها مفردات اجنبية كثيرة لكنها حافظت على تماسكها وتوهجها وبنيتها على خلاف شبيهاتها من اللغات السامية الاخرى التي اندثرت كالآرامية او تلك التي انحسر نطاق استخدامها كاللغتين العبرية والامهرية. و السبب كما قلنا هو ارتباط العربية بالقرآن والاحاديث النبوية والطقوس الدينية.

وطبقا لدراسة اعدها باحث لسانيات ماليزي: فان هناك نحو 3300 كلمة عربية دخلت لغة الملايو المستخدمة في اتحاد ماليزيا وبروناي وسنغافورة و اندونيسيا وجنوب تايلاند المسلم، وأكثر من 7500 كلمة عربية دخلت اللغة الاوردية المستخدمة في الهند وباكستان ودول المهجر الحاضنة لشعوب شبه القارة الهندية، و مايزيد على 160 كلمة عربية دخلت الانجليزية من بينها coffin من كفن و cave من كهف و hurry من هرع و body من بدن و lion من ليث و cat من قط وgazelle من غزال وcamel من جمل وmirror من مرآة و noble من نبيل و able من قابل وrice من الرز و sesame من سمسم وalgebra من الجبر وchemistry من الكيمياء و physics من الفيزياء وغيرها كثير. وطبقا للدراسة المذكورة ايضا فان ما استعارته اللغة العربية من اللغات الأخرى يعد قليلا بالمقارنة، ولا يتجاوز مجموعه 521 كلمة فقط موزعة كما يلي: 220 كلمة من الفارسية، و130 كلمة من اليونانية، و25 من التركية، و24 من الايطالية، و16 من الفرنسية و13 من اللاتينية و8 من لغات اخرى.

و أنا شخصيا أشك في صحة هذا الكلام واعتبر الارقام المذكورة متواضعة جدا، لاسيما اذا ما تأملنا ما دخل اللغة العربية من المفردات الانجليزية والفرنسية والايطالية الخاصة بالتقنيات الحديثة وغيرها:

فمن الانجليزية استعارت العربية مفردات كثيرة مثل: باص وراديو وتليفون وتلفزيون وتلغراف وتلكس وكمبوتر وانترنت ورادار و اسمنت واليكترونيك واير كونديشن و سيكل وموتو سيكل وهليكوبتر وميكرفون وونش وسوبر ماركت وموبايل وساندويش ودش وبنك وكاسيت وفيديو. وطبعا ستقولون ان مجمعات اللغة العربية عربت كل هذه المفردات، لكن كم ياترى عدد من يقول عند طلبه للساندويش " اعطنى شاطرا ومشطورا وبينهما كامخ"

ومن الفرنسية استعارت العربية مفردات مثل: موديل و ديكور وشاسي و دينمو وديناميت واتوماتيك و بسترة بمعنى تعقيم و بوجي و فيش بمعنى الموصل وأمبير وترمومتر و بروفة وريبورتاج و كاريكاتور وتواليت و كافاتيريا وبوفيه

ومن الايطالية استعارت العربية ألفاظا مثل: مكينة أي محرك و بنزين و طرمبة من تولومبا أي المضخة وكفر من كابارتورا اي اطار السيارة .

ومن اليونانية دخلت الى العربية بعض المفردات الدالة على اشياء لم يعرفها العرب في بيئتهم من مأكولات ومحاصيل مثل بطاطس وطماطم وباميا وفاصوليا من فاصولاذا وبادنجان من ماذنجانا. فيما اخذ اليونانيون من العرب مفردات مثل طاسة أي الوعاء والتي اذا ما صغرت طبقا لقواعدهم اي باضافة الالف والكاف والياء فأصبحت طاساكي دلت على منفضة السجائر، ومنديلي أي المنديل، ويوغورتي من اليقط.

ثم يجب الا ننسى في هذا السياق ما دخل على العربية من اللاتينية من مفردات فنية كرومانسيا ومصطلحات فلسفية و سياسية مثل: الامبريالية والايديولوجيا، والبيروقراطية والديمقراطية والثيوقراطية، واخيرا ما نفذ الى العربية من مفردات تركية اثناء الحكم العثماني مثل: قندرجي و بيرق ودفتردار وكتابخانة وتفكجي وقبقاب وماسورة بمعنى انبوبة وصنفرة من زيمبره أي الورق المستخدم لصقل المعدن او الخشب وشاكوش من جيكج أي المطرقة وبلوك أي اللبنة وكوبري من كوبرو اي الجسر.

علاوة على ما سبق دخلت على العربية مفردات كثيرة بل كثيرة جدا من الفارسية البهلوية المعروفة أيضا بالفارسية الدرية المتأثرة بالرومية مثل: زئبق ونرجس وبستان وجوهر وطربوش ومهرجان وورق وآجر وتوت وطازة (طازج) وقناة وفيروز وياقوت واستبرق وبنفسج و مفردة سجنجل ومعناه المرآة بالرومية ونجدها واضحة في شعر امرؤ القيس:

مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل،

ثم مفردة جمانة وهي تعني الدرة المصوغة من الفضة وقد اوردها لبيد بن ربيعة في معلقته حينما قال:

وتضيء في وجه الظلام منيرة كجمانة البحري سل نظامها.

أعود الى النقطة التي بدأت منها وهي ان العربية لئن تأثرت بلغات الآخرين كنتيجة للفتوحات والهجرات والاحتكاكات فانها ايضا أثرت بقدر كبير وبقوة وسلاسة في اللغات الأخرى. بل تعد من اكثر لغات العالم تأثيرا في غيرها من اللغات.

فاذا ما فتشنا في لغة الملايو مثلا، لوجدنا بها مفردات عربية واضحة مثل:

حاضرين وحاضرات = وتفيد نفس معناها بالعربي
سلامات تينغال = ومعناها رافقتك السلامة
ماكانان ايتو لذت = ومعناها الطعام كان لذيذا
تاريخ = وتفيد نفس معناها بالعربي ويقابلها بالانجليزية Date
عدالت أي عدالة
أحادي = يوم الاحد
اسناني = يوم الاثنين
سيلاسا = يوم الثلاثاء
رابوع = يوم الاربعاء
خاميس = يوم الخميس
جومعات = يوم الجمعة
سابتو = يوم السبت

أما الفارسية فتزخر بما لا حصر له من الالفاظ والعبارات العربية منذ القدم ، لكن هذه الالفاظ والعبارات زادت في الحقبة الخمينية الى الحد الذي فقدت معها الفارسية هويتها واستقلاليتها كنتجة لسياسات النظام الخميني الذي رأى في ذلك احد الوسائل الناجعة لتصدير الثورة الاسلامية ومفاهيمهاالفارسية الى الجوار العربي. من امثلة الالفاظ والعبارات العربية في الفارسية:

نفط (أي النفط)

نظريات (أي آراء) مثل قولهم : نظريات هيئت صلح أي آراء وفد السلام

شديد (أي مبرحة) مثل قولهم مردهاي شديد أي آلام مبرحة.

تحرير (أي كتابة) مثل قولهم : ماشين تحرير أي الآلة الكاتبة

مستحكم (أي متينة) مثل قولهم باي هاي مستحكم أي اسس متينة

اجازة (أي اذن) مثل قولهم: اجازت خروج أي اذن الخروج

خرابي (أي عطب) مثل قولهم هوابيما، خرابي شد أي اصيبت الطائرة بعطب

بوقهاي تبليغاتي (أي الابواق الاعلامية )

احساسات أي (المشاعر) مثل قولهم: احساسات برانكيخت أي أثار المشاعر

طي جلست (أي اثناء الجلسة)

نسل (أي جيل) كما في قولهم: نسلهاي آيندة أي الاجيال المقبلة

مقررات (أي احكام)

زمام امور (أي مقاليد الامور)

تعادل را مختل ساخت (أي أخل بالتوازن)

به مواد مخدر معتاد شد (أي أدمن على المواد المخدرة)

صاحبان حل وفصل (أي أرباب الحلول)

صاحبان منافع (أي ارباب المصالح)

دولت را، نا راحت كرد ( أي ازعج الحكومة)

يك شركتي تأسيس كرد (أي اسس شركة)

وضعيت (أي حالة)

مانع شد (أي أصبح عائقا)

روابط تضعيف كرد (أي أضعف الروابط)

اكثريت مطلق (أي الاغلبية الساحقة)

ذخيرت أي (احتياطي) مثل قولهم: ذخيرت نفطي أي احتياطات النفط

سهميت (أي حصة)

مأموريت (أي مهمة) كما في قولهم: مأموريت، رابه بايان رساند أي اكمل المهمة

مناطق حياتي (أي المناطق الحيوية)

مستغلات عمومي (أي الاملاك العامة)

سيل توفنده (أي السيل العارم)

صندوق دار (أي امين الصندوق)

خزانت دار (أي امين المخزن)

فرهنك لغت را تأليف كرد (أي ألف معجما لغويا)

اوضاع بحراني (أي اوضاع متأزمة)

تماس مستقيم (أي اتصال مباشر)

موافقتنامة هوائي (أي اتفاقية جوية)

موافقتنامة عدم تجاوز (أي اتفاقية عدم اعتداء)

مرخص استراحتي (أي اجازة استجمام)

مرخص استعلاجي (أي اجازة علاج)

جلسه فوري (أي اجتماع عاجل)
جنايت بمعنى الاجرام)

انحصار بمعنى الاحتكار كقولهم: انحصار تمباكو أي احتكار التبغ

شكايتي تقديم كن (أي تقدم بشكوى)

شايعات مغرضانه (أي اشاعات مغرضة)

ابراز محبت (أي اظهار المحبة)

هدربردن امكانات (أي هدر الطاقات)

عقيدت متين (أي ايمان راسخ)

دقيقا (أي بالضبط)

عليرغم (أي على الرغم)

به اتفاق آرا (أي بالاجماع)

مراسم مذهبي (أي شعائر دينية)

تقاضاي عفو (أي طلب العفو)
حسن نيت (أي صدق النية)

دور كعبة طواف كرد (أي دار حول الكعبة)

تضمين امنيت (أي ضمان الامن)

ايثار بمعنى التضحية

شدت أي الشدة)

افكار را منحرف كرد (أي صرف الانظار)

أوضاع را متشنج كرد (أي صعد الموقف)

قاطع وعادل (أي صارم وعادل)

عالي حضرت (أي صاحب السمو)

سياست تحريم (أي سياسة المقاطعة)

سياست حسن همجواري (أي سيساسة حسن الجوار)!!!!!!!!!!!!!!!!!!

توبا (أي الطابة او الكرة)

سرعت زياد (أي سرعة كبيرة)

سلب اعتماد (أي سحب الثقة)

دفتر تشريفات (أي سجل المراسم)

هرج ومرج فراكيرشد (أي ساد الهرج والمرج)

دعايت بمعنى الشائعة

انقلاب اسلامي (أي الثورة الاسلامية)

سكوت را اختيار كرد (أي اختار الصمت)

شيتون (أي شيطان) كما في قولهم: شيتون بزرك أي الشيطان الاكبر

واذا ما اردنا ان نتعرف على مدى تأثير اللغة العربية على اللغات الاوروبية، فلن نتحدث عن الفرنسية التي يقول المستشرق لامانس ان بها 700 مفردة من اصل عربي، ولن نتحدث عن الاسبانية التي ربع اجمالي مفرداتها او 6000 كلمة من كلماتها مستعارة من العربية مثل : الزيت والزيتون والرز والساقية والطوب والديوان والشطرنج والدر والعفو والعمود والقطن والخزانة والبركة والقلعة والكرز والقبة والكحول والضيعة والفيل والقطران والزعفران)، ولن نتحدث عن البرتغالية التي يذكر المستشرقان انجلمان و دوزي انها تحتوي على ما يربو على 3000 كلمة عربية، لكننا سنتحدث عن اللغة المحكية في مالطا. هذا البلد الذي عجز المسلمون في اقناع شعبها في دخول الاسلام رغم محاولاتهم الدؤوبة على مدى سبعة قرون حتى صار ما فعلوه مضربا للامثال فيقال " فلان يؤذن في مالطة " كناية عن عدم جدوى ما يفعله.

والحقيقة ان المالطية لغة هجينة مكونة من الانجليزية والايطالية والعربية التي تتراوح ما بين اللهجة الشامية واللهجة المغاربية، الامر الذي تجسده في اوضح الصور العبارة المطبوعة على اوراق عملتها المتداولة: " بانكو ناسيونالي متاع (بتاع) مالطا.

ولعل اغرب ما سيجده الدارس لهذه اللغة العجيبة هو ما يختص منها بالتحية. ففي الصباح يقتفي المالطي اثر جيرانه الايطاليين ويقول " بون جورنو "، وفي المساء يفعل الشيء ذاته فيقول " بونا سيرا "، لكنه حينما يتوجه الى النوم يتذكر فجأة العرب فيودع زملائه بعبارة " ليلة طيبة ".

ومن امثلة الجمل العربية الواضحة التي تزخر بها المالطية قولهم :

اينريد انقصر ايل لحية

نشتاق نرى ايل مدينا = اتطلع الى رؤية المدينة

شاندنا نعطيك = كم يجب علينا ان نعطيك

ايل مرا تاعتي قالتلي= أي زوجتي اخبرتي

مين قالك

اندي اخبار تعجبك

مري افتحي الباب = اذهب وافتح الباب

متى يكون هون= متى يكون هنا

لول دربا لي جيت مالطا = هذه اول مرة آتي فيها الى مالطا

اندي بوزون ( من جيه بوزوان الفرنسية) نعملو تليفون = انا في حاجة لأتلفن

كييف انت ايسا (هسا) = كيف انت الآن


أما المفردات العربية في المالطية فلا حصر لها: واستطعت أن اجمع لكم على سبيل المثال ما يلي:
اهير بمعنى أفضل
ايكتر أي أكثر
حفنة أي كثير
طبيب أي الطبيب
ايعما (اعمى)
طورش أي أطرش
حديد وذهب وفضة وجلد وجيبس
فهمة بمعنى داكن اللون
ايسواد (اسود)
احمر (احمر)
روزا (وردي)
أهدار (اخضر)
ليلا (ليلاك)
ايقرار (اعتراف)
ايسقوف (الاسقف)
نصراني (مسيحي)
طلبة بمعنى الدعاء او الصلاة
شيطان
موت
ثقبة بمعنى فتحة
ايلاق (يتألق)
ايرهيس (رخيص)
مدليم (مظلم )
ميت بمعنى متوفي
هفيف (خفيف)
ابليه (ابلع)
تقيل (ثقيل)
هنين (حنين)
ميجنون (مجنون)
ميفتوح (مفتوح)
هيللو (حلو)
ميبلول (مبلول)
مرصوص (ضيق)
بووسا أي قبلة وتلفظ بالطريقة اللبنانية تماما
تفيحة (تفاحة،
ادجيجا (دجاجة)

نأتي الأن الى الموضوع الرئيسي لمحاضرة هذه الليلة وهي التأثيرات المتبادلة ما بين العربية والهندية. والهندية كما تعلمون هي اللغة الرسمية الاولى المعترف بها في الهند ضمن اكثر من 18 لغة ، كما أن الهندية هي الأكبر لجهة المتحدثين بها حيث يتحدث بها نحو 338 مليون نسمة.

والحقيقة ان تركيزي سيكون الليلة بصفة رئيسية على التأثيرات المتبادلة ما بين العربية والاوردية، والأخيرة يصعب على الكثيرين التفريق بينها وبين الهندية الا من ناحية ابجدياتهما. فعلى حين تستخدم الهندية الابجدية السنسكريتية القديمة، تستخدم الاوردية الابجدية العربية مع بعض الاضافات.و يقول احد المصادر التاريخية أنه الى ما قبل احتلال الانجليز لشبه القارة الهندية لم يكن هناك شيء اسمه اللغة الهندية، بمعنى أن اللغة الاوردية هي التي كانت متداولة ومعتمدة في المحاكم وسلك الجيش حيث كان يطلق عليها لا كرشي زبان. ويضيف المصدر ذاته ان اصل اللغة الاوردية يعود الى لغة " كهري بولي " او اللغة العامية التي كانت مستخدمة الى جانب 3 لغات اخرى هي الميواتية والهريانية ولغة برج بهاشا، وذلك حينما فتح المسلمون المغول دلهي عام 1192 ميلادي. وقتها حدث اختلاط بين هذه اللغات ولغات الفاتحين من عرب وفرس واتراك وبالتالي دخلت فيها ثروة لفظية كبيرة وان بقيت القواعد والهياكل العامة للاوردية هي الهيكل الاساسي للغة " كهري بولي ".
بعد ذلك حدث تطورات اخرى للاوردية مع انتقالها من مكان الى آخر مع الفاتحين فسميت باسم الدكنية نسبة الى هضبة الدكن وسميت الكوجراتية نسبة الى ولاية كوجرات وسميت الهندوستانية حينما انشأت شركة الهند الشرقية البريطانية كلية لتعليم اللغات الشرقية وآدابها في عام 1800 ميلادي.

ولعل ما ساهم على رواج الاوردية ضمن مكونات الشعب الهندي حتى بعد انفصال باكستان في دولة مستقلة واتخاذها من الاوردية لغة قومية هو صعوبة كتابة ابجدية اللغة السنسكريتية القديمة، واتخاذ صناعة السينما الهندية من الاوردية لغة لمعظم افلامها.

قلت في محاضرات سابقة أن الروابط والعلاقات ما بين الهند و سواحل الخليج العربي يعود نشؤها- طبقا للحفريات والدراسات الاركيولوجية الى الالف الثالث قبل الميلاد، حينما قامت روابط تجارية ما بين حضارتي وادي الرافدين ووادي الاندوس القديمتين. فبسبب من موقع الخليج الجغرافي المتوسط ما بين هاتين الحضارتين، وبسبب الازدهار النسبي لبعض مناطق الخليج العربية وقتذاك لجهة توفر المواد الغذائية والمياه العذبة كما كان الحال في مملكة دلمون ومملكة ماجان العمانية، فقد اتخذت هذه المناطق كمحطات ترانزيت للتزود بالماء والطعام وايضا للراحة وبيع بعض المنتجات الهندية كالتوابل والحراير والاخشاب والاحجار الكريمة.

هكذا كانت بدايات الروابط ما بين الخليج والهند، مقتصرة على التعامل والتبادل التجاري. غير ان التبادل التجاري سرعان ما تحول بعد ظهور الاسلام الى اعجاب بحكمة الهنود وعلومهم وتجاربهم. وبلغ هذا الاعجاب حد اطلاق العرب اسم هند على بناتهم واطلاق اسم مهند على سيوفهم وظهور الهند في معلقاتهم الشعربية كقول عنترة العبسي:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
فووددت تقبيل السيوف لانها لمعت كبارق ثغرك المتبسم

وكان لنجاح المسلمين في فتح العراق وبلاد فارس وانتقال عاصمة الدولة الاسلامية من مكة الى دمشق ولاحقا الى بغداد اثره الايجابي على العلاقات التجارية ما بين الخليج والهند. ذلك ان قيام دولة موحدة مترامية الاطراف ونمو مدنها القديمة وظهور حواضر جديدة فيها ادى الى خلق كتلة شرائية كبيرة مما ساهم في رفع وتيرة الاستيراد من الهند عبر الخليج وبالتالي نشطت اتصالات الخليجيين بالهند اكثر فأكثر.

وبدخول اجزاء من الهند وسواحل الخليج تحت سلطة الامبراطورية الاسلامية الواحدة كوحدات مدارة من دمشق او بغداد، ازدهرت العلاقات التجارية ما بين المنطقتين وتشعبت، كما ازدهر معها وللمرة الاولى العلاقات الثقافية والعلمية والفكرية والاجتماعية، ولا سيما في عهدي هارون الرشيد وابنه المأمون اللذين عرفا بتشجيعهما على التواصل مع الحضارات الاخرى والاقتباس من علومها وترجمة اسهاماتها الفكرية والفلسفية.

وعلى هامش هذه التطورات حدثت هجرات واسفار في الاتجاهين لاغراض متنوعة مثل التجارة والكسب وطلب العلم والكشف الجغرافي والهروب من القلاقل، فكان لا بد ان تظهر تأثيرات متبادلة ما بين العرب والهنود في مجالات مختلفة.

على ان كل ما سبق لا يعد شيئا بالنسبة لما حدث لاحقا أي بعد بسط البريطانيين لهيمنتهم على الهند اولا ثم على الخليج ثانيا. ففي حقبة الهيمنة البريطانية على الهند والتي امتدت حتى عام 1947 أصبح الخليج يدار من قبل حكومة الهند البريطانية وصارت القرارات المصيرية بشأنه تتخذ في كلكتا او بومباي وتنفذ عبر وكلاء انجليز مقيمين في مسقط والشارقة وبوشهر والبحرين والكويت. واصبح جهاز الخليج الاداري تحت سيطرة موظفين مختارين من جهاز الخدمة المدنية في الهند. وصارت العملات المتداولة في الخليج محصورة في الروبية الهندية والطوابع المستخدمة فيه لاغراض البريد هي الطوابع الهندية الحاملة لصور ملوك وملكات بريطانيا العظمى مختوما فوقها عبارة البحرين او مسقط او الكويت او قطر، واللهجات المستخدمة على سواحل الخليج العربي الغربية مطعمة بالكثير من المفردات والعبارات الهندية او ذات الاصول الهندية.

في كتابي معالم الدور الهندي في الخليج العربي في النصف الاول من القرن العشرين، اسهبت في ذكر المجالات التي لعبت فيها الهند دورا مؤثرا في حياة آباءنا وأجدادنا في خليج ما قبل النفط، وتوقفت مطولا عند التأثير السوسيو ثقافي الهندي على الخليج في حقبة السيطرة البريطانية على المنطقتين. ففي تلك الحقبة تزايدت تلك التأثيرات واصبحت اكثر بروزا وتشعبا من ذي قبل بحيث تعدت التأثير في اللغة الخليجية المحكية والمطبخ الخليجي ووصلت الى غرف النوم في صورة اثاث ومفارش ووسائد ومرايات وقطع ديكور، تصاميمها ونقوشها هندية بحتة.. وكلنا يذكر مثلا اسرة النوم ذات الاعمدة والرمانات النحاسية، واللوحات الزجاجية ذات الرسوم الطاووسية، والمرايات الصغيرة الدائرية التي كان يزين بها فرشة العروس، والمساند المزينة بتطريزات ونقوش هندية. بل تعدت تأثيرات الهند كل ذلك ووصلت الى اغاني وحزاوي الاطفال واشعار الغاصة والامثلة الشعبية وبعض انواع الملابس والمجوهرات، خصوصا في المناطق الساحلية من عمان.

لكن يبقى الاثر الهندي السوسيوثقافي الابرز محصورا في ما تركه على لهجات ابناء الساحل الخليجي حيث تطعمت لهجاتهم بطائفة كبيرة من المفردات الهندية او الاوردية التي يمكن تصنيفها في مجموعات بحسب طبيعتها. من هذه المفردات: جوتي/حذاء ، روتي/ خبز، مكان/ منزل، دوبي/ غسال الملابس، كولي/ العتال، كرفاية/ سرير، اوتي/ المكواة، بانكة/ مروحة، كشمة/نظارة، تشتري/ شمسية، تشولة/ موقد يعمل بالكيروسين، بجلي/ الكهرباء، بالدي/ الدلو، تاوة/ المقلاة، سامان/ اغراض او امتعة، تشبرة/ كشك، غاري/ مركبة او سيارة، تشيتي/ تذكرة او ايصال، بته/ ورق الكوتشينه، كتشرة/ قمامة، سيدة/ مستقيم او مباشرة، زنجفرة/ فانيلة، ليلام/ حراج، دبة/ كرش او صندوق، ديد/ الثدي، طاغة / لفة القماش الجديدة، نمونة/صنف، كلكجي/ مهرج، لوفري/ خليع، كاولي/ منحط، تشب/ اخرس، متو/ ببغاء، ململ/ القماش الشفاف، سيبال/ الفول السوداني، آلو/ البطاطس، ماش/ من انواع البقولات، آمب/ المانجو، سنطرة/ البرتقال، بدام/الجوزاو البيذان، ساجو/ من انواع الحلويات، دانة/ اللؤلؤة الكبيرة، لاك/ مائة ألف، بيزة وآنة/ من وحدات الروبية، من وتولة/ من وحدات الوزن، دروازة/ باب، مبند من بند هيه أي مغلق أو بند كرو بمعنى اغلق، مفت من مفتي أي مجانا، وكروة من كرايا أي الاجرة.

ويمكن ملاحظة مدى التأثير الهندي على اللهجة الخليجية الدارجة، اذا ما عرفنا ان الكلمة المستخدمة للاشارة الى الكوفية العربية اي كلمة " غترة " هي كلمة هندية الاصل مشتقة من كوترا التي تعني عمامة السيخ. وفي السياق نفسه يخبرنا الباحث البحريني الاستاذ سعد سعود مبخوت في كتابه القيم الموسوم " اصول لهجة البحرين " ان نحو 8 بالمائة من اجمالي المفردات البحرينية هي في الاصل مفردات ذات جذور هندية او اوردية.

ومثلما استعارت اللغة الفارسية مفردات وجمل كثيرة من العربية، ولاسيما تلك المتعلقة بالدين واحكام الشرع، فان الاوردية ولغات هندية اخرى مثل الكوجراتية فعلت الشيء نفسه، دون اي تحريف و احيانا ادخال تحريف بسيط تسهيلا للنطق مثل استبدال حرف بحرف آخر او تفخيم حرف معين كما يظهر في كلمة لكن التي تلفظ عندهم ليكن، وكلمة بالكل التي تلفظ بالكل.

ومن المفردات العربية التي استعارتها اللغة الكوجراتية من العربية او من اللهجات العربية عن طريق الاحتكاك والتجارة: برف( بمعنى ثلج)، وبندوق (بمعنى بندقية)، وخاص بازار (بمعنى السوق الرئيسي)، ومشعل وحوض ومعرفت بمعنى (الوساطة) وصراف وقاصد (بمعنى الرسول) وخبر ودكان ونقد وضامن (بمعنى الكفيل) ورقم (بمعنى المبلغ) وجهاز (بمعنى السفينة) وعقيق ودلال (بمعنى السمسار) وزكوات (بمعنى الرسوم الجمركية) ومسافر ومحصول و نكاح و طلاق ومهر ومحرم ودعاء.

أما ما استعارته الاوردية من العربية من مفردات وجمل فلا يعد ولا يحصى. وقد اخترت لكم ما يلي:

بي حياء: وبي هنا تمثل اداة نفي بمعنى انها اذا ما سبقت أي وصف نفته، وبالتالي فان بي حياء تعني هنا الخليع الذي لا حياء له. وبالمثل فان بي نظير – الاسم الذي اطلق على رئيسة الحكومة الباكستانية السابقة - معناه التي لا نظير او شبيه لها، وبي دماغ أي الذي لا عقل له، وبي شك معناه من دون شك، وبي قيمت يوازي كلمة worthless بالانجليزية، وبي هوشي معناه الغير واع لما يدور حوله.

و أما أداة "كا" اذا ما ظهرت في جملة ما فانها تعمل ما يعمله of بالانجليزية، فمثلا غلاب كا باني معناه ماء الورد، وشهد كا مكي معناه عسل النحل، واخبار كا كاغز أي ورق الجريدة، وكتاب كا دكان معناه المكتبة، وزيتون كا تيل معناه زيت الزيتون وتكيا كا غلاف معناه كيس المخدة.

ثم نأتي الى مفردة "نهي" التي تقوم مقام غير: فاذا سمعت: " ضرورت نهي " فمعناها أنه غير ضروري، واذا سمعت: " معلوم نهي " فمعناها أنه من غير المعلوم، واذا سمعت: " وقت نهي " فالمقصود عدم وجود متسع من الوقت، ونهي فكر كرو معناها لا تفكر،

وهناك مفردة، " بهوت " التي تقوم مقام much بالانجليزية فاذا قيل: " بهوت زيادي" فمعناه " زائد كثيرا "، واذا قيل: " بهوت آدامي " فمعناه أناس كثر، واذا قيل: " بهوت صوت " فمعناه مزعج كثيرا، واذا قيل: " بهوت تكليف هيه " فالمقصود أن المسئولية ثقيلة.

واختتم المحاضرة بسرد مجموعة من المفردات ذات الجذور العربية في الاردية الهندية مثل:
جمعة أي يوم الجمعة
مربى أي المربى
اصلي أي حقيقي وليس مقلد
وزير أعظم أي رئيس الوزراء
بخار بمعنى الحرارة المصاحبة للمرض، فمثلا يسأل الطبيب: (آبكو بخار هيه أي هل لديك حرارة؟)
زكام بمعنى الزكام، كما في قول المريض (موجهي زكام هيه أي لدي زكام)
خطر بمعنى الخطر
صاف بمعنى نظيف او نظف، كما في قول رب العمل لعامله (صاف كرو أتشا أي نظف الغرض جيدا)
أمير بمعنى غني
غريب بمعنى فقير
غلط بمعنى الغلط
فزن بمعنى الوزن، مع ملاحظة أن حرف الفاء عليها ثلاث نقط وبالتالي فنطقها مختلف
قبرستان بمعنى المقبرة
خالي بمعنى فاضي
أرباب بمعنى صاحب العمل
سبوه سبوه بمعنى الصباح المبكر
تاريخ بمعنى تاريخ اليوم
همت بمعنى الشجاعة
كرسي بمعنى المقعد
شرير بمعنى الفرد الضال
بيت الخلاء مردان = دورة المياه للرجال
بيت الخلاء زنان = دورة المياه للنساء
عدالت أي العدالة
عيد ميلاد أي عيد ميلاد الفرد
زيادت استعمال مزر هيه أي كثرة الاستعمال مضر
مرهم أي المرهم
منزل بمعنى الدور فاذا قيل منزل تشار فمعناه الدور الرابع
ييه طويل مسافت والي/ اير كونديشن باص أي هذه حافلة مكيفة لرحلات المسافات الطويلة
ايلاج أي علاج
صندوق أي الحقيبة
دكان دار أي صاحب الدكان
انكار كارتا أي رفض وانكر
باكي أي الباقي
اخبار أي الصحيفة
نقشة بمعنى الخارطة
كانون أي القانون
مدد وتعني المساعدة
دعوت بمعنى الحفلة
توم كيا مطلب هيه أي ماهي مطالبك؟
قسمت بمعنى الحظ والنصيب
صابون أي الصابون
فيل مورغا أي الديك الرومي (بالفارسية يسمى هذا الطير تشوتر مورغ)
ميعداه أي المعدة
صفحت أي الصفحة
صلح أي الاتفاق والمصالحة
سفر اي الترحال
بد خلق أي فاسد
تيز عقل والا أي صاحب العقل الحاد
فكر، بمعنى تفكير فيقال مثلا : بهوت فكر نهي كرو أي لا تفكر كثيرا

العروبة والمتغيرات القادمة

صبحي غندور

يقوم الواقع الراهن للمنطقة العربية على صراعات بين حكومات وعلى مزيج من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في داخل معظم البلاد العربية.

ومن الطبيعي أن تطالب شعوب المنطقة بأوضاع أفضل وأن تسعى من أجل حقّ المشاركة الفعّالة في الحياة العامّة، لكن المشكلة أنّ التحرّك الجماهيري يحتاج إلى آفاق فكرية واضحة المعالم، وإلى أطر تنظيمية سليمة البناء، وإلى قيادات مخلصة للأهداف وليس لمصالحها الخاصّة .. فهل هذه العناصر كلّها متوفّرة في الحركات الشعبية العربية الظاهرة حالياً؟

أيضاً، فإنّ الواقع العربي الراهن تختلط فيه مفاهيم كثيرة لم تُحسَم بعدُ فكرياً أو سياسياً. وهذه المفاهيم هي أساس مهم في الحركة والأساليب، كما هي في الأفكار والأهداف. فما هو الموقف من التعدّدية بمختلف أنواعها داخل المجتمع، ومن العلاقة بين الدولة والهيئات الدينية، وما هو الفاصل بين المقاومة المشروعة وبين الإرهاب المرفوض، وما هي العلاقة بين حرّية الوطن وبين حرّية المواطنين؟ وكيف يمكن الجمع بين الديمقراطية وبين الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي في كلّ بلد؟ ولماذا يمرّ طريق الديمقراطية في نفق مخاطر تجزئة الكيانات أو إخضاعها للسيطرة الأجنبية أولاً؟!

ثمّ هل ستكون "الشرق أوسطية" هي الإطار الجامع لدول المنطقة في حال جرى تطبيق مبادرات السلام وخطوات التطبيع مع إسرائيل، أم ستكون هناك خطوات جدّية نحو تكامل عربي شامل يعزّز الهويّة العربية المشتركة ويأخذ بالنموذج الاتحادي الأوروبي كصيغة مستقبلية للعلاقة بين الدول العربية؟

***

أسئلة عديدة معنيّة بها الحركات الشعبية العربية وقادتها في ظلِّ هذا الضجيج الحاصل حول مستقبل المنطقة العربية بعد انتهاء "الحقبة البوشية" ومجيء إدارة أميركية تتحدث عن أسلوب الحوار والتسويات بديلاً لسنوات الحروب والأزمات التي أشعلتها الإدارة السابقة.

وهناك بلا شكّ أوضاع جديدة ومتغيّرات ستحدث في المنطقة، لكنّها حتى الآن متغيّرات متوقعة دون حسم للاتجاه الذي تسير فيه.. أي أنّ هذه المتغيّرات ستحدث باتجاهات مختلفة، وليس لها هدف واضح يمكن الوصول إليه. فجملة عوامل تتراكم الآن لإحداث تغييرات داخل المنطقة العربية. بعض هذه العوامل هو نموّ طبيعيّ في مجتمعات الأمَّة، وبعضها الآخر هو مشاريع من الخارج يراهن على حصاد خاصّ يتناسب مع مصالحه في داخل المنطقة.

ولسوف يشهد هذا العام محطّات هامّة في مسيرة العلاقات العربية/العربية، والعلاقات الأميركية/الإيرانية، في ظلّ غموض كبير يلف مصير احتمالات التسوية الشاملة بين العرب وإسرائيل بعد الانتخابات الأخيرة فيها، إضافةً لما هو قادم من استحقاقات انتخابية في إيران ولبنان وفلسطين؛ وغير ذلك الكثير من التطوّرات المرتقبة على الجدول الزمني لهذا العام في بلدان عربية أخرى.

وتحدث هذه المتغيّرات العربية في ظلِّ التركيز الأميركي على المنطقة الآن، وفي مناخ من تفاهم أميركي/أوروبي، ربّما يشمل روسيا والصين لاحقاً، حول العديد من الاستحقاقات القادمة هذا العام.

***

لقد كان السياق العام لتاريخ المنطقة هو أنّ "الخارج الأجنبي" يتعامل معها كوحدة متكاملة ومتجانسة، في الوقت نفسه الذي يدفع فيه هذا "الخارج" أبناء الداخل العربي إلى التمزّق والتشرذم.

لكنّ سلبيّات الواقع العربي الراهن لا تتوقّف فقط على سوء الأوضاع العربية وعلى المخاطر الناجمة عن المطامع الأجنبية، بل تنسحب أيضاً على كيفيّة رؤية أصحاب الأرض العربية لأنفسهم ولهويّتهم ولأوضاعهم السياسية والاجتماعية.

ففي هذه الظروف التي تمرّ بها المنطقة العربية، تزداد مشاعر اليأس بين العرب وتصل ببعضهم إلى حدّ البراءة من إعلان انتمائهم العربي، وتحميل العروبة مسؤولية تردّي أوضاعهم.

إنّها مشكلة الخلط بين الانتماء والظروف، بين العروبة والأنظمة، بين الهويّة والممارسات.

إنّها مشكلة التعامل مع الانتماء القومي بمقدار ما ننظر إليه آنيّاً وليس بمقدار ما هو قائم موضوعياً.

فالانتماء الوطني والقومي، ليس ثياباً نلبسها ونخلعها حين نشاء، بل هو جلد جسمنا الذي لا نستطيع تغييره مهما استخدمنا من أدوات مصطنعة. وسواء رضينا بذلك أم لم نرضَه، فتلك طبيعة قانون التطوّر الاجتماعي الإنساني الذي ينتقل بالناس من مراحل الأسر والعشائر والقبائل إلى مرحلة الأوطان والشعوب والأمم.

إنّ العروبة فخرٌ لأبنائها وبناتها، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. فيكفي فخراً أنّ الأرض العربية كانت أرض الرسالات السماوية كلّها، وأنّ الله عزَّ وجلَّ كرّمها بأنّ بعث رسله كلّهم منها وعليها، فكانت هذه الأرض الطيّبة منطقة ومنطلق الهداية الإلهيّة للناس أجمعين في كلّ مكان.

أيضاً، إنّ ما تعيش عليه الحضارات الحديثة من علوم وفلسفة وطب وثقافة وهندسة ما كان ليحدث لولا المساهمات التي قام بها العرب في مراحل ازدهار الحضارة العربية وانتقالها إلى الغرب في قرون سالفة.

إلا أنّ هذا الافتخار بالماضي، لا قيمة له وحده، ما لم نجعله، بالعمل المستمرّ وبالمسؤولية الواعية، حاضراً نعيشه، وجسراً يصل بنا إلى خير مستقبل.

إنّ الشعوب تنتقل خلال مراحل تطوّرها من الأسرة إلى العشيرة ثمّ إلى القبيلة فإلى الوطن والأمم، فلِمَ نريد أن نعيد دورة الزمن إلى الوراء؟ بل ماذا فعلنا حتى تبقى أوطاننا واحدة تتطوّر وتتقدّم وتتكامل بدلاً من دفعها للعودة إلى صراعات القبائل والطوائف؟!

لقد مضى أكثر من ثلاثين عاماً من الزمن على محاولات تفكيك هموم الأمَّة العربية وتفكيك شعوبها من أجل تفكيك كياناتها ونزع هُويّتها الثقافية العربية واستبدالها بهُويات أخرى..

وتعيش الأمَّة العربية طيلة هذه العقود الماضية جملةً من الأحداث والقضايا يصعب الفصل بينها، وربّما يكون العرب الآن حالة نادرة بين شعوب العالم المعاصر من حيث تشابك القضايا لديهم لكن في ظلّ اختلاف الأولويّات والاهتمامات لدى أبناء الأمّة الواحدة.

فلم تعد هناك قضية مركزيّة واحدة تشدّ اهتمام العرب جميعاً، كما كان الحال العربي قبل منتصف السبعينات من القرن الماضي، وأصبح لكلِّ بلد عربي قضيته الخاصّة التي تشغل شعبه وحكومته، رغم وجود عناوين مشتركة لهذه القضايا مثل: الإصلاح السياسي الداخلي، التخلّف الاجتماعي والركود الاقتصادي، تحدّي الأمن والاستقرار، الحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي المشترك، إضافةً طبعاً إلى وجود مشكلة الاحتلال في بعض الأوطان.

إنّ انطلاق الحركات الشعبية العربية، بغضّ النظر عن عقائدها الفكرية ومواقعها العملية، من حسم مفهوم العروبة وتأكيد الانتماء لها، سيؤدّي مستقبلاً إلى تكامل الرؤى الإصلاحية الشاملة المرجوّة لدى العرب وبين البلاد العربية.

لكن الشعوب هي مجموعة أفراد، والوطن هو مجموعة مواطنين، لذلك فإنّ المستقبل العربي يتوقّف أيضاً على مجهود كلّ فرد فيه، ويتحمّل كلّ مواطن عربي في كلّ مكان مسؤولية وأمانة رسم آفاق هذا المستقبل، وتصحيح خلل المعادلة ما بين المقوّمات الإيجابية للأمّة العربية والواقع السلبي للأوطان..

الأربعاء، فبراير 25، 2009

فلسطين.. بين أجراس العودة واللاعودة

د. صلاح عودة الله
من المعروف أن المطربة الرائعة"فيروز" صاحبة الصوت الذهبي قد غنت لفلسطين والقدس أغنية بعنوان"أجراس العودة"..تقول فيروز فيها: سيف فليشهر في الدنيا ولتصدع أبواب تصدع..الآن الآن وليس غداً أجراس العودة فلتقرع..أنا لا أنساكِ فلسطين ويشدّ يشدّ بي البعد..أنا في أفيائكِ نسرين أنا زهر الشوك أنا الورد..سندُكُّ ندكّ الأسوارا نستلهم ذاك الغار..ونعيد الى الدار الدارا نمحو بالنار العار..فلتصدع فلتصدع أبواق أجراس تقرع..قد جن دم الأحرار..الآن الآن فليس غداً أجراس العودة فلتقرع...!.
ومن المعروف أيضا أن الشاعر الكبير الراحل نزار قباني قد عارضها في قصيدته المشهورة والتي كانت ممنوعة من النشر- وكثيرة هي قصائده التي منعت من النشر لأنها كحد السيف أو أكثر- في حينه: غنت فيروز مُ غـرّدة وجميع الناس لها تسمع..الآنَ، الآنَ وليس غداً أجراس العَـودة فلتـُقـرَع..مِن أينَ العـودة فـيروزٌ والعـودة ُ تحتاجُ لمدفع..والمدفعُ يلزمُه كـفٌّ والكـفّ يحتاجُ لإصبع..والإصبعُ مُلتـذ ٌ لاهٍ في دِبر الشعب له مَرتع ْ؟..عـفواً فـيروزُ ومعـذرة أجراسُ العَـودة لن تـُقـرع.. خازوقٌ دُقَّ بأسـفـلنا من شَرَم الشيخ إلى سَعسَع..غـنت فيروزُ مرددة آذان العـُرب لها تسمع..الآنَ، الآنَ وليس غداً أجراسُ العـَودة فلتـُقـرَع..عـفواً فيروزُ ومعـذرة أجراسُ العَـوْدةِ لن تـُقـرَع..خازوقٌ دُقَّ بأسـفلِـنا من شَرَم الشيخ إلى سَعسَع..ومنَ الجـولان إلى يافا ومن الناقورةِ إلى أزرَع.. خازوقٌ دُقَّ بأسـفلِنا خازوقٌ دُقَّ ولن يَطلع..!.
وأما الشاعر الفلسطيني الشاب تميم البرغوثي فيقول من وحي العدوان على غزة ورداً على فيروز ونزار:
عـفواً فيروزٌ ونزارٌ فالحالُ الآنَ هو الأفظع..إنْ كانَ زمانكما بَشِـعٌ فزمانُ زعامتنا أبشَع..من عبدِ الله إلى سَـعدٍ من حُسْـني القـَيْءِ إلى جَعجَع..أوغادٌ تلهـو بأمَّـتِـنا وبلحم الأطفالِ الرّضـَّع..تـُصغي لأوامر أمريكا ولغير "إهودٍ" لا تركع..زُلـمٌ قد باعـوا كرامتهم وفِراشُ الذلِّ لهم مَخدع..عفواً فيروزٌ ونزارٌ فالحالُ الآنَ هو الأفظع..كـُنا بالأمس لنا وَطنٌ أجراسُ العَـوْدِ له تـُقـرَع..ما عادَ الآنَ لنا جَرَسٌ في الأرض، ولا حتى إصبع..إسـفينٌ دُقَّ بعـَوْرتـنا من هَرَم الجيزَة ْ إلى سَعسَع..فالآنَ، الآنَ لنا وطنٌ يُصارعُ آخِرُهُ المَطـلع..عـفواً فيروزٌ ونزارٌ أجراسُ العـَودةِ لن تـُقـرَع..مِن أينَ العـودة، إخـوتـنا والعـودة تحتاجُ لإصبَع..والإصبعُ يحتاجُ لكـفٍّ والكـفُّ يحتاجُ لأذرُع..والأذرُعُ يَلزمُها جسمٌ والجسمُ يلزمُهُ مَوقِـع..والمَوقِعُ يحتاجُ لشعـْب والشعـبُ يحتاجُ لمَدفع..والمدفعُ في دِبر رجال في المتعة غارقة ٌ ترتـَع..والشعبُ الأعزلُ مِسكينٌ مِن أينَ سيأتيكَ بمَدفع ْ؟..عفواً فيروزٌ..سـَيّدتي لا أشرفَ منكِ ولا أرفـع..نـِزارٌ قـال مقـَولـتهُ أكلـِّم نزاراً..فليسمع..إنْ كانَ زمانكَ مَهـزلة فهَوانُ اليومَ هـو الأفظع..خازوقـُكَ أصبحَ مَجلسُنا يُخـَوْزقـنا وله نـَركع..خازوقـُكَ يشرب من دمنا باللحم يَغوص، ولا يَشبَع..خازوقـُكَ صغيرٌ لا يكفي للعُـرْبِ وللعالم أجمَـع..!.

ورد على فيروز صوت اخر قائلا: مهلاً فيروز تعجلت فالحال الآن هو الأفظع..في الأمس إن كان أملٌ لصدى الأجراس أن تسمع..فأليوم قد أصابنا طرشٌ نتلذذ في الذل ونرتع..لا تُسمَع غير شتائمنا وصداها لنحورنا يرجع..لو كنتِ تدرين بما يحدث ماغنيتي حتى المطلع..صمتاً فيروز فقد ذبحت أحلامانا إلى يوم المفزع..!. والى السيدة فيروزوالشاعر الكبير نزار قباني والشاعر الفلسطيني البارز تميم البرغوثي أقول: لقد بدأ البعض منا بقرع أجراس أللاعودة ويا ويلها من أجراس..فهل ستقرع أجراس العودة من جديد ومن سيقرعها؟.

.سؤال بحاجة الى اجابة خاصة ونحن نمر بمرحلة من أصعب المراحل منذ انتصاب الكيان الصهيوني..حالة من التشرذم والانقسام..حالة من تحويل الجلاد الى ضحية والضحية الى جلاد..حالة من انكار الذات والبحث عن المجهول..فهل من مجيب؟.
-القدس المحتلة