الجمعة، أغسطس 31، 2007

في الضفة الغربية ، لا في غزة ، يتقرر الحسم الفلسطيني


نقولا ناصر

بالرغم من تركيز كل الأضواء الإعلامية والسياسية على حركة المقاومة الإسلامية المحاصرة في قطاع غزة فإن جميع المؤشرات تدل على أن ساحة الصراع الأساسية لحسم الازدواجية الفلسطينية لا تجري في غزة بل في الضفة الغربية ، حيث الجهود الأميركية والإسرائيلية محمومة لترسيخ سلطة الحكم الذاتي وتعزيز الائتلاف الذي تقوده فتح برئاسة محمود عباس ولمنع حماس من نقل صراعها مع إسرائيل واصطراعها مع هذا الائتلاف إلى المنطقة التي تخضع بكاملها للاحتلال الإسرائيلي منذ اجتاحت القوات المحتلة مناطق الحكم الذاتي في ربيع عام 20002 .

وبينما تعزز حماس قيادتها للقطاع وتبدو متمالكة لأعصابها وخطابها السياسي المصر على الحوار الوطني والوحدة دون التخلي عن مطالبها في الإصلاح أو عن مواقفها السياسية المعلنة في مواجهة إجراءات الحصار العسكري والسياسي والاقتصادي والمالي وتتصدى بالحد الأدنى من "عنف السلطة" لمحاولات التحريض على "انتفاضة" شعبية ضدها ، يبدو الطرف الآخر في الازدواجية الفلسطينية متوترا وعصبيا وهو يستثمر أوراقه الدولية مع كل الأطراف الداعمة له في محاولة يائسة لخنق حماس حد الاستسلام دون شروط لمطالبه كما يبدو ، في سباق محموم مع الزمن ، ليس لإنهاء سيطرة الحركة الإسلامية على غزة ، بل للحيلولة دون شق طريقها إلى الضفة الغربية كمخرج وحيد أمامها لكسر الحصار المفروض عليها في غزة .

إن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن استقالة محتملة للرئيس عباس وعن البحث عن خليفة له وبأنه قرر عدم ترشيح نفسه لولاية ثانية ما هي إلا مثال على سباق عباس المحموم مع الزمن لتحقيق إنجاز ما قبل ذلك . ويزيد بدء العد التنازلي للحملة الانتخابية الأميركية قبل انتهاء ولاية الرئيس جورج دبليو. بوش بعد حوالي 16 شهرا من حدة هذا السباق مع الزمن . ويبدو عباس كمن يدخل رهانه الأخير على حسن نوايا الراعي الأميركي ، لكنه في الوقت نفسه يحاول جاهدا تعزيز أوراقه في هذا الرهان الحيوي على مصير قضية فلسطين وعربها . وتستغل واشنطن وجود قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في أضعف حالاتها وأقلها تمثيلا لشعبها للاستمرار في ارتهانها لحسن النوايا الأميركية لتدفعها أكثر باتجاه المزيد من الحرث في البحر الأميركي بحثا في المجهول الأميركي عن أوهام حل سلمي يكاد يتحول اللهاث وراءه إلى إدمان ، وهو حرث لم تحصد منه القضية الفلسطينية حتى الآن سوى الريح .

فالرئيس بوش اقترح "مناسبة" دولية لم يُتٌفق بعد على اسم لها ، فالبعض يسميها "مؤتمرا" وآخرون "اجتماعا" وغيرهم "تجمعا" ، ولم يتسلم أحد دعوة لها حتى الآن ، ولم يتحدد مكانها ولا موعد مؤكد لها ولا من سيشارك فيها ، ولا يعرف أحد جدول أعمالها ، ولم يتجرأ أحد على التكهن بنجاحها ، لكن الرئيس عباس نفسه قال إنها ستكون "مضيعة للوقت" إذا لم تتمخض عن الاتفاق على "إطار عمل واضح" حول القضايا الجوهرية للدولة الفلسطينية المرجوة .

بعد لقائه عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني في عمان يوم الأربعاء الماضي قال عباس إن المؤتمر الذي اقترحه بوش ما زال غير واضح بالنسبة إلى موعده الرسمي وجدول أعماله والمشاركين فيه وألمح بطريقة غير مباشرة إلى احتمال عدم نجاحه عندما أبلغ التلفزيون الأردني أن الذهاب إليه دون إعلان مبادئ ضمن إطار خطة عمل واضحة لن يجعل منه مؤتمرا "مثمرا" . وكان عباس قد قال في تصريح لصوت فلسطين عشية اجتماعه مع رئيس وزراء دولة الاحتلال إيهود أولمرت في القدس يوم الثلاثاء الماضي إن المؤتمر بدون ذلك سيكون "مضيعة للوقت" .

ولم يتمخض لقاء عباس - أولمرت في القدس عن أي نتائج ملموسة إذ بالرغم من التقارير الإعلامية التي تحدثت عن اتفاقهما على تأليف طاقمي عمل يعدان لإحراز تقدم في محادثاتهما اللاحقة فإن أيا منهما لم يعلن عن إحراز تقدم ولم يصدر بيانا خطيا بينما أكد الجانبان أن الرجلين لم يبحثا أية تفاصيل حول الوضع النهائي بعد ما يقرب من ثلاث ساعات من المحادثات التي كان معظمها ثنائيا بين الرجلين . وقد نفى كبير المفوضين الفلسطينيين صائب عريقات تبادل أي مذكرات تفاهم بينما قال مصدر سياسي رفيع المستوى في مكتب أولمرت لصحيفة يديعوت أحرونوت إنه "في هذا الوقت لم يتم التوصل إلى أي اتفاق" وأوضح أنه "من السابق لأوانه القول إن أي اتفاق كهذا سوف يجد طريقه إلى المؤتمر المقترح" .

ومع ذلك يبدو جدول أعمال الرئيس عباس مزدحما للقاء أصحاب مشروع هذا "الوهم – الملهاة" بحيث لا يُبقى له أي وقت حتى لحد أدنى من تبادل الرأي الوطني حوله ، إذ من المقرر أن يلتقي رئيس وزراء دولة الاحتلال إيهود أولمرت مرتين في الأقل قبل شهر تشرين الأول / أكتوبر المقبل عندما سيلتقيان في تل أبيب لمرة ثالثة في مؤتمر فلسطيني – إسرائيلي لرجال الأعمال ، يلتقيان خلاله أيضا مع مبعوث "الرباعية" الدولية توني بلير ، قبل الذهاب إلى تلك "المناسبة" ربما في أواخر تشرين الثاني / نوفمبر المقبل ، إثر لقائهما في القدس المحتلة الثلاثاء الماضي بعد ثلاثة أسابيع من لقائهما في أريحا . ومن المقرر كذلك وصول ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى لكي يمهد للقاء بين الرجلين وبين كوندوليزا رايس بين 16 – 19 أيلول / سبتمبر لحثهما على الاتفاق على ما يسميه البعض "إعلان مبادئ" وآخرون "إطار عمل" ويسميه إسرائيليون "وثيقة اتفاقيات وتفاهم" ، قبل توجه عباس إلى نيويورك في نهاية الشهر ، مرورا بلقاءات عربية ودولية أخرى يستهدف منها تحويل الوهم إلى واقع والتمني إلى حقيقة والمجهول إلى معلوم .

"حفلة بوش الخاصة"

فهذا المؤتمر الذي يراهن عباس عليه من المواعيد التي تزيد في توتر السباق الجاري مع الزمن لأن "واشنطن قلقة من أن فشل المبادرة الجديدة سوف يسحب البساط من تحت أقدام فتح المترنحة ويدفع الضفة الغربية إلى أحضان حماس . ولكي يمنعوا حدوث ذلك يطلب الأميركيون من إسرائيل أن تقدم لعباس خطوطا عامة لاتفاق دائم ، لا محاولة مكشوفة لإعادة تدوير اتفاقيات قد استهلكت" ، كما كتب أكيفا إيلدار في هآرتس في 22 الجاري .

إن ما وصفه السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل مارتن إينديك ب "تحالف الخوف" الفلسطيني – الإسرائيلي الذي تسعى واشنطن إلى إقامته في الضفة الغربية المحتلة المحاصرة بين الطريقين المسدودين للأزمة الفلسطينية الداخلية وعملية السلام الخارجية ، إنما يُحكم انسداد طريق الحوار الوطني الفلسطيني ، ويزيد ارتهان القيادة الفلسطينية في رام الله لعملية سلام يُراد لها أن تُبعث من بين الأموات ، ويهدد بانفجار عنيف إن وقع ربما يدفن إلى غير رجعة وإلى أمد غير منظور كل مشاريع إحياء "عملية السلام" التي وصلت إلى طريق مسدود منذ عام 2000 .

وتبدو القيادة الفلسطينية في رام الله وكأنما قد وضعت كل بيض "المشروع الوطني" لمنظمة التحرير الفلسطينية لإقامة الدولة المرجوٌة فوق الأراضي المحتلة عام 1967 في السلة الفاسدة للرئيس الأميركي جورج دبليو. بوش ، في رهان أخير على حسن النوايا الأميركية ، هذه النوايا التي إذا لم تُثبت جدواها ضمن سقف زمني محدود جدا خلال ما تبقى من ولاية بوش قبل أن ينتخب الأميركيون بديله بعد حوالي 16 شهرا فإنها قد تفجر الأوضاع في الضفة الغربية تفجيرا ربما لا يُبقي أي شريك فلسطيني لدعاة السلام العرب ، ولا نقول شريكا فلسطينيا لإسرائيل ، لأن تل أبيب ما زالت لا تجد ، كما تدٌعي ، أي شريك لها كهذا بين الفلسطينيين كما يُثبت تاريخها القريب والبعيد . أما الانفتاح الإسرائيلي على الرئيس محمود عباس منذ سيطرة حماس على غزة فإنه يندرج في إطار الاختيار بين أهون "الشرٌين" الفلسطينيين إذا تذكرنا الحصار الذي كانت إسرائيل تفرضه عليه قبل ذلك ومنذ انتخابه أوائل عام 2005 .

ويُخطئ المراقب العربي عندما ينجٌر بوعي أو دون وعي إلى الحرب السياسية والإعلامية والسيكولوجية الإسرائيلية – الأميركية التي تركز كل الأضواء على حماس المحاصرة في منعزلها الغزٌاوي لكي تُحول الأنظار بعيدا عن الساحة الرئيسية للصراع العربي والفلسطيني – الإسرائيلي في الضفة الغربية ، حيث يتقرر مصير عملية السلام والسلام نفسه وحيث يتقرر أيضا مصير الاصطراع الوطني على قيادة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال .

ويشترط بوش وأولمرت استمرار حالة الانقسام الفلسطيني للذهاب إلى المؤتمر الدولي الذي اقترحه الرئيس الأميركي في الخريف المقبل وهما يجدان عونا لهم في ذلك في كبار مساعدي عباس ، مثل أمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه وكبير المفاوضين صائب عريقات ممن يعتقدون بأن حدوث "انفراج في المفاوضات مع إسرائيل حول اتفاقية مبادئ يمكنه أن يزيد الضغط الشعبي على حكومة حماس ويسرع في سقوطها" كما نقل عنهما أكيفا إيلدار في هآرتس . وهذا الاشتراط يمنح مصداقية لإعلان رئيس المكتب السياسي لحماس ، خالد مشعل ، بأن "التدخل الأميركي والإسرائيلي" هو "ما يعيق إمكانية الحوار" للمصالحة الوطنية وأن إسرائيل "تهدد رئيس السلطة" عباس لمنع الحوار وأن "الإدارة الأميركية تمارس ضغوطا مباشرة على كل الأطراف في المنطقة لمنع أي محاولة لجمع حماس وفتح" .

لكن الطريق المسدود لإحياء عملية السلام لم يؤكده أحد "رسميا" حتى الآن وما يزال يجري التعتيم عليه أميركيا وأوروبيا وإسرائيليا بدفق لا يتوقف من التصريحات "المتفائلة" عما اخترع له رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني مصطلح "العملية الدبلوماسية" الجارية بين أولمرت وبين عباس ، حيث يجري ترويج وتداول هذا المصطلح على نطاق واسع ليحل محل مصطلح "عملية السلام" ، وعن إمكانية أن تقود هذه "العملية الدبلوماسية" إلى "اتفاق إطار" ، أو إلى ما سمته "معاريف" الإسرائيلية في العشرين من الشهر الجاري "وثيقة اتفاقيات وتفاهم" مع الفلسطينيين خلال المؤتمر الدولي الغامض الذي اقترح بوش عقده في الخريف المقبل .

وحتى لو نجح الطرفان في التوصل إلى "اتفاق إطار" أو إلى "وثيقة اتفاقيات وتفاهم" فإن عدم وجود أي ضمانات لكي تعقب أي اتفاق كهذا مفاوضات حول الوضع النهائي سوف تضمن إضافة الاتفاق الجديد إلى الركام المهمل من الاتفاقيات المماثلة . ألم تعلن إسرائيل وجامعة الدول العربية وفاة اتفاقية أوسلو ، التي ما تزال قيادة منظمة التحرير تعلن التزامها بها ، لأن عدم وجود ضمانات مماثلة فيها قاد إلى وصول "عملية السلام" إلى طريق مسدود بعد أن هربت إسرائيل من استحقاق تنفيذ "المرحلة الثالثة" من المرحلة الانتقالية إلى قمة كامب ديفيد الفاشلة عام 2000 كبديل عن الدخول في مفاوضات الوضع النهائي التي كانت مقررة في تموز / يوليو 1999 ؟

ثم ما الذي يضمن ألآ يكون مصير إعلان المبادئ الجديد كمصير "إعلان المبادئ" الذي وقعه عباس في واشنطن عام 1993 ؟ فحتى لو بلغ التفاؤل حد توقع ضمان الإعلان الجديد بسقف زمني وآليات تنفيذ ، ما الذي يضمن التزام قادة الاحتلال لكي لا يتحول هذا الإعلان إلى "إطار عمل" يُسوٌغ فلسطينيا التعاطي مع الحلول الانتقالية مثل الدولة "المؤقتة" التي يقترحها أولمرت ويرفضها الإجماع الفلسطيني ؟

إن الرفض القاطع المعلن السريع من عباس الأسبوع الماضي لاقتراح إسرائيلي بتضمين أي "اتفاق إطار" موافقة متبادلة على مبادلة ديموغرافية للمستوطنين في المستعمرات اليهودية غير الشرعية في الضفة الغربية بالسكان الأصليين من عرب فلسطين الذين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية منذ النكبة عام 1948 ، وكذلك مسارعة مكتب عباس إلى نفي خبر رئيسي فى هآرتس يوم 23 آب / أغسطس قال إن الرئيس الفلسطيني لا يرفض بصورة قاطعة اقتراحا إسرائيليا بإقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة ، دون أن يكتفي بنفي مماثل سبقه من كبير المفاوضين عريقات ، إنما يكشف سوء النية الإسرائيلية في مؤشر آخر إلى العقبات التي تبدد أية أوهام حول نجاح مؤتمر بوش المقترح .

وفي اليوم التالي مباشرة علق المحلل الإسرائيلي إيلدار في هآرتس نفسها على هذا "الحوار الساخن" الفلسطيني – الإسرائيلي عبر وسائل الإعلام قائلا: "عبر السنين تعلم الفلسطينيون أنه بالنسبة للإسرائيليين لا يوجد ما هو أكثر ديمومة من المؤقت" مضيفا أن أولمرت في محاولاته لإيجاد صيغة تجسر بين الدائم وبين المؤقت تبنى أسلوب "الغموض البناء" الذي يتيح لكل طرف أن يكون له تفسيره الخاص . فهل تعلم الفلسطينيون حقا ؟

ويكاد يوجد شبه إجماع بين المحللين والمراقبين الفلسطينيين والإسرائيليين والعرب والأجانب على "التشاؤم" من إمكانية أن يخرج المؤتمر المقترح بأية نتائج إيجابية ملموسة تجعله يتجاوز كونه مجرد حدث للعلاقات العامة على مستوى القادة ، غير أن توقٌعات الإسرائيليين منهم بخاصة جديرة بالتوقف عند بعضها . فعلى سبل المثال فإن شلومو بن عامي ، المؤرخ والسياسي والبرلماني ومفاوض السلام ووزير الخارجية في عهد إيهود باراك ، وصف المؤتمر ب "حفلة بوش الخاصة" لدق إسفين بين عباس وبين حماس ليؤكد ما قال خالد مشعل أنه "تدخل وتهديد" أميركي وإسرائيلي لعباس "لمنع أي محاولة لجمع حماس وفتح" . أما يوسف لبيد ، الإعلامي والبرلماني وزعيم حزب "شينوي (التغيير)" ونائب رئيس الوزراء في عهد آرييل شارون ، فإنه يعتبر محادثات عباس وأولمرت عبثية وبلا معنى ولا طائل وراءها "لأنها في نهاية المطاف لن تقود إلى أي مكان ، كونها ممارسة عبثية لن تُنوج أبدا باتفاق" ، كما كتب في الجروزالم بوست في 21 الشهر المنصرم .

وقد لخص الموقف العربي الرسمي تصريح للرئيس المصري حسني مبارك لصحيفة "أخبار اليوم" يوم الأحد الماضي قال فيه إن هذا المؤتمر يفتقر إلى "إطار عمل" ولخص موقفا عربيا شبه رسمي أحمد ماهر وزير الخارجية السابق لمصر ، التي لا يُشك في علاقاتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة ، بقوله لرويترز يوم الجمعة قبل الماضي: "إن إدارة بوش ليست مستعدة لاجتماع ناجح . ولا توجد أي مؤشرات إلى أن هذا المؤتمر سوف يكون ناجحا . فالأسس التي سوف ينعقد على أساسها ليست واضحة" . أما جامعة الدول العربية فإنها حذرت بلسان هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام عمرو موسى بأن "هذه هي الفرصة الأخيرة لإدارة بوش وإذا لم ينجح (المؤتمر) فإنها ستكون نكسة ضخمة" . أما المواقف العربية غير الرسمية فتكاد تجمع تحليلات المراقبين على أن المؤتمر لا يعدو كونه حركة دبلوماسية تدور في إطار العلاقات العامة هدفه تعميق الانقسام الفلسطيني وشق الصف العربي الذي أجمع على مبادرة السلام العربية .

وربما يكون نظمي الجعبة الأستاذ بجامعة بيرزيت الذي شارك في التفاوض على مبادرة جنيف قد لخص الشك الفلسطيني في المؤتمر المقترح عندما قال لصحيفة "ذى غلوب أند ميل" الجنوب إفريقية في 29 آب / أغسطس: "يرعبني حقا أن هذه الاجتماعات (عباس – أولمرت) والاجتماع في تشرين الأول / نوفمبر تخلق الوهم لدى قطاعات معينة في الجانبين (الفلسطيني والإسرائيلي) بأن السلام ممكن وأن كلا الزعيمين مقتدر" وحذر من أن وهما كهذا "سوف يقودنا إلى نوع آخر من الانتفاضة" .

"تحالف الخوف"

وتنحصر سلطة عباس الآن في الضفة حيث ما زالت إسرائيل تحول دون تمكينه من إعادة بناء هياكل السلطة التي دمرها الاجتياح الإسرائيلي في عملية "السور الواقي" ودون بسط سلطة الحكم الذاتي على المناطق المخصصة لها بموجب اتفاقيات أوسلو بعد أن أعادت قوات الاحتلال الإسرائيلي احتلالها في ربيع عام 2002 وما زالت ترفض العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل ذلك ، ناهيك عن تمكينه من أن يقدم لأهل الضفة إنجازا متواضعا مثل منحهم حرية الحركة بين مدنهم وقراهم ومخيمات لجوئهم ، حيث ما زالوا يخضعون لعقوبة جماعية تكاد تخنق نشاطهم الاقتصادي المحلي وحياتهم المدنية اليومية بأكثر من 512 حاجزا عسكريا ثابتا غير العشرات من الحواجز الطيارة التي تقيمها قوات الاحتلال دون سابق إنذار وأكثر من 312 كيلومترا من الطرق الرئيسية المحرم على عرب الضفة سلوكها ، كما ذكرت هآرتس في 7 آب / أغسطس نقلا عن تقرير حديث لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بيتسيلم" .

وهذا الحصار الذي يجد عباس نفسه فيه بين الطريقين المسودين للأزمة الداخلية ولعملية السلام لا يشفع له لدى "الأصدقاء" الأميركيين لممارسة نفوذهم لدى حليفهم الإستراتيجي الإسرائيلي لكي يستجيب حتى لبعض طلباته المتواضعة ، بالرغم من تلبيته للشروط الإسرائيلية كافة كما تبناها الوسطاء الدوليون في اللجنة الرباعية الأميركية – الأوروبية – الروسية – الأممية . لقد "كافأه" الإسرائيليون فقط بما اخترع له أولمرت ووزيرة ووزارة خارجيته مصطلح "العملية الدبلوماسية" لوصف اللقاءات الدورية كل أسبوعين بين الرجلين ، وتهدد إسرائيل بوقف هذه "المكافأة" عند أول بادرة حوار بين عباس وبين حماس قد تبشر بإحياء الوحدة الوطنية الفلسطينية ، بينما تستمر الدعاية الإسرائيلية في ترويج المصطلح الجديد بديلا لمصطلح "عملية السلام" الذي فقد مصداقيته لتضليل الرأي العام الدولي . وكان الجانبان قد استأنفا "التنسيق الأمني" بينهما كما أعيد فتح 14 مكتبا للارتباط العسكري في أرجاء الضفة الغربية لتنسيق "الشؤون المدنية" لأهالي الضفة كما أكد المسؤول الفلسطيني لهذه الشؤون حسين الشيخ .

وفي سياق ما وصفه مارتن إينديك ب "تحالف الخوف" الفلسطيني – الإسرائيلي الذي تسعى واشنطن إلى إقامته في الضفة الغربية المحتلة ، تستمر وسائل الإعلام الإسرائيلية في تغذية امتداداتها الخارجية بتقارير غير مؤكدة عن "شبكة عسكرية" لحماس "ناشطة جدا" و "تكتسب قوة" و "تجتاح" الضفة الغربية التي "يمكن أن تسقط قريبا في أيدي حماس" التي "تعزز خلاياها" فيها . ومثل هذه التقارير تمثل الدعاية المناسبة لتسويغ استمرار إسرائيل في توسيع شبكة الحواجز العسكرية الثابتة والطيارة وشبكة الطرق المحرمة على الفلسطينيين كما تمثل الساتر الدخاني المناسب لمواصلة حملة الاعتقالات التي تقوم بها قوات الاحتلال وأجهزة أمن السلطة للناشطين ضد الاحتلال بعامة ولأعضاء حماس بخاصة . كما تستخدم هذه التقارير لتسويغ تخصيص الحصة الأكبر من معونات المانحين وخصوصا الأميركية منها للأجهزة الأمنية الفلسطينية وكذلك لتسويغ الاستمرار في دفع السلطة وإسرائيل نحو "تحالف الخوف" من "البعبع" الحمساوي الذي يوشك أن ينقض على الطرفين ، كما يدٌعون .

وفي السياق نفسه نقلت اليونايتدبرس إنترناشونال عن مسؤول إسرائيلي قوله إن أكثر من ألف بندقية وأجهزة اتصال وذخائر وخوذ وسترات مضادة للرصاص ، وجميعها من صنع أميركي ، قد عبرت نهر الأردن إلى السلطة . وكانت وزيرة الخارجية الأميركية قد وقعت أثناء زيارتها الأخيرة لرام الله اتفاقية مع رئيس الوزراء سلام فياض لقيام مكتب الأمن الدبلوماسي في وزارتها بتدريبات مشتركة مع الحرس الرئاسي (القوة 17) هدفها تحسين حماية الشخصيات الهامة الفلسطينية والزائرة .

وعادت وسائل الإعلام الإسرائيلية للحديث عن "الخيار الأردني" في الضفة قائلة إن أولمرت يدرس فكرة استقدام قوات من الأردن ، لا من حلف الناتو ، لمساعدة السلطة في مكافحة "الإرهاب" ، موضحة أنه لا يفكر في "قوات بدر" الفلسطينية التي تستضيفها المملكة بإمرة جيشها لكن بتمويل من منظمة التحرير ، بل يفكر بقوات أردنية "نظامية" . وحتى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس "لم يبتعد تماما عن الخيار الأردني" فهو يقترح ترك حل مشكلة غزة إلى "أوقات أفضل" وكسب الأردنيين ضمن جهد أوسع لإعادة بناء الضفة الغربية والقدس الشرقية" كما كتب أكيفا إيلدار في هآرتس يوم 22 آب / اغسطس .

وفي سياق تسعير إستراتيجية الخوف أبلغ نائب رئيس المخابرات الداخلية "الشين بيت" الحكومة خلال اجتماعها الأسبوعي في 26 آب / أغسطس بأن القيادة العسكرية لحماس في دمشق أمرت مقاتليها في الضفة الغربية بشن هجوم كبير داخل إسرائيل ضمن "خطة لإحباط الجهود الدبلوماسية" بين عباس وبين إسرائيل . وفي ذات السياق كان رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية البريغادير جنرال يوسي بايداتز قد أبلغ الكنيست في الخامس من الشهر الماضي أن حماس وفتح على الأرجح سوف تشتبكان في الضفة الغربية "قريبا جدا" موضحا أن الأجهزة الأمنية للسلطة لم تكن فعالة تماما ولم تستطع توسيع قوتها وما تزال تعتمد على إسرائيل في محاربة حماس . واتفق معه في تقويمه سلام فياض ووزير الداخلية الفلسطيني عبد الرزاق اليحيى اللذان أبلغا مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى بأن أجهزة السلطة الأمنية لا تستطيع حتى الآن تسلم الأمن في المدن "لفرض القانون والنظام في الضفة الغربية في هذا الوقت" ، طبقا لهآرتس يوم السابع من آب .

ويجدر في هذا السياق أيضا التوقف عند "تعثر" الجهود المشتركة بين إسرائيل وبين سلطة الحكم الذاتي لتصفية بقايا "عسكرة" الانتفاضة في الضفة ، فقد حظي بتغطية إعلامية واسعة "العفو المشروط" الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية في شهر تموز / يوليو الماضي عن 270 مطلوبا فلسطينيا من مقاومي الاحتلال بعد توقيعهم على تعهد بنبذ "الإرهاب" وتسليم أسلحتهم للسلطة الفلسطينية التي وافقت على استيعابهم في أجهزتها الأمنية بعد فترة تجربة لمدة ثلاثة أشهر . وكان أول مؤشر للتعثر نفي مكتب أولمرت لما صرح به قائد قوى الأمن الفلسطينية في الضفة زياد هب الريح للجروزالم بوست في 22 الشهر الماضي عن تسلمه قائمة إسرائيلية جديدة تضم 110 مطلوبين آخرين شملهم "العفو" ، بعد يوم واحد من توزيع منشور في رام الله من كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح يعلن انتهاء الالتزام بالعفو إثر قيام قوات الاحتلال باعتقال اثنين ممن شملهم العفو في تموز . وفي أواخر آب / أغسطس الماضي أعلن مطلوبون ممن لم يشملهم العفو من كتائب الأقصى في نابلس انضمامهم إلى مقاومي حماس في المدينة في تنظيم جديد أطلقوا عليه اسم "حزام النار" لمواصلة مقاومة الاحتلال ، طبقا ليديعوت أحرونوت الإسرائيلية في 27 الشهر الماضي .

وتسخر حملة "التخويف" الإسرائيلية لخدمتها تصريحات لمسؤولين فلسطينيين فقد نقلت الجروزالم بوست في 19 آب عن أحدهم قوله إن "حماس تخطط لهجمات مماثلة على قادة أمنيين وسياسيين في الضفة الغربية" وإن إجراءات أمنية قد اتخذت لإحباط هذه الخطط تشمل اعتقالات "وقائية" لناشطي حماس منهم من كان يحاول إنشاء أجهزة أمنية في الضفة ، لكنه استدرك ليقول: "إننا نذهب وراء الأشخاص الخطأ . فنحن نحتجز صحفيين وطلاب جامعات وناشطين سياسيين من مستوى منخفض بينما تؤسس (كتائب) عز الدين القسام خلايا سرية وتحصل على مزيد من الأسلحة" .

وكان المسؤول الفلسطيني الأمني يشير إلى محاولة اغتيال إدريس الجعبري قائد شرطة حلحول ، قرب الخليل جنوبي الضفة ، وإصابته بجروح خطيرة يوم 11 آب وقال "لا يوجد أي شك لدينا بأن حماس كانت وراء محاولة الاغتيال" فإذا صح ذلك يكون الجعبري هو ثاني ضحية في الضفة للاصطراع بين الحركتين بعد أن أصابت طلقة في الرأس مباشرة ناشطا من حماس يرقد في حالة موت سريري في أحد مستشفيات نابلس كان ضمن 16 جريحا أصيبوا يوم 24 تموز / يوليو الماضي أثناء التصدي لاحتجاج نظمته الحركة بجامعة النجاح ضد اعتقال الاحتلال لثلاثة من قادتها في المدينة المحاصرة منذ عام 2000 .

إن التحريض الإسرائيلي واستمرار الانقسام الفلسطيني يساهمان في التداخل والتفاعل بين الانتقام السياسي وبين الثأر العائلي لخلق بيئة محمومة متوترة تحتاج إلى عود ثقاب واحد لكي تفجر اقتتالا بين الأخوة الأعداء في بيئة انفلات أمني تشبه تلك التي نُكبت بها غزة قبل سيطرة حماس عليها أواسط حزيران / يونيو الماضي . "وإذا عزمت على الثأر ، احفر قبرا لاثنين" كما قال الحكيم الصيني كونفوشيوس .

سيناريوهات

وتحاول كل من الحركتين نقل صراعها مع غريمتها السياسية إلى الساحة الأخرى . ففي رام الله ما زال الكثيرون يتلهون بفكرة تنظيم "انتفاضة" ضد حماس في غزة بعد أن نجحوا في إنهاء "عسكرة" الانتفاضة ضد الاحتلال وفشلوا في تنظيم أي بديل غير عنيف وسلمي لها وما زال مسلسل المراسيم والقرارات الرئاسية والإجراءات الإدارية لحكومة سلام فياض توسع شقة الخلاف وتخلق جوا مشحونا في كل ناحية من مناحي الحياة اليومية . وقد أثارت معارضة واسعة مؤخرا الأنباء عن مرسومين رئاسيين جديدين قيد الإعداد الأول لمنع ترشح كل من لا يعترف بمنظمة التحرير وباتفاقيات أوسلو التي وقعتها مع إسرائيل في أي انتخابات فلسطينية والثاني أعلن عنه في 23 الشهر الماضي وزير إعلام السلطة رياض المالكي يستهدف مراقبة كل الأموال الداخلة إلى الأراضي المحتلة بحجة الانسجام مع المعايير الدولية . وفي غزة ما زالوا لا يبدون أي مرونة للمبادرة إلى خطوة أولى من جانبهم تكاد تجمع على ضرورتها معظم الفصائل المؤتلفة مع فتح في إطار منظمة التحرير وقوى سياسية أخرى ليست أعضاء في المنظمة .

وفي النتيجة تصب خلاصة الموقف المتصاعد بين طرفي الاصطراع الفلسطيني في خدمة إستراتيجية الاحتلال . كما أن حدة هذا التصعيد قد أفشلت كل جهود الوساطة العربية وما زالت وفود الطرفين إلى العواصم العربية ، مثل الجولات التي يقوم بها خالد مشعل وأحمد قريع ومحمد دحلان وجبريل الرجوب ، تربك هذه العواصم وتحرجها لتقلل من قدرتها على التدخل الإيجابي سواء في الأزمة الفلسطينية الداخلية أو لدى الداعين والمشاركين المحتملين في مؤتمر بوش المقترح لترجيح إحداث انفراج في الطريق المسدود الذي تواجهه محاولات إحياء "عملية السلام .

في 18 آب / أغسطس قال رون بن ييشاي في تحليل نشرته يديعوت أحرونوت إن هناك أربع خيارات إسرائيلية للتعامل مع حماس في غزة: (1) إسقاط حماس من خلال الاستمرار في إغلاق شريان حياة القطاع مصحوبا باستمرار الضغط العسكري (2) الاتصال مع حماس مباشرة أو بواسطة طرف ثالث لمبادلة تخفيف الحصار الاقتصادي باعتدال في مواقف الحركة (3) التصالح دون لف أو دوران مع سيطرة حماس على غزة كأمر واقع والدخول معها في حوار مباشر والسماح للرئيس عباس بذلك (4) شن عملية عسكرية واسعة لاقتلاع حماس وتسليم القطاع لإدارة مشتركة بين عباس وبين قوة متعددة الجنسيات .

ويمكن اعتبار هذه خيارات للسلطة الفلسطينية أيضا ، بالرغم من أن تيارا رئيسيا فيها ما زالت تراوده أمنيات تنظيم "انتفاضة" شعبية تستغل سياسيا الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع كخيار خامس . غير أن بن ييشاي بعد أن استبعد الخيارات الإسرائيلية الأربعة باعتبارها جميعها "سيئة" فإنه بدد السيناريو الفلسطيني الخامس عندما أورد "خلاصة" ما توصلت إليه "تقديرات المؤسسة الدفاعية الأخيرة" في إسرائيل بأن سيطرة حماس على غزة "قوية وتزداد قوة كل يوم" حيث أنها "قد نجحت فعلا فيما فشلت فيه السلطة الفلسطينية وعباس وفتح" .

وتتناقض هذه "الخلاصة" تناقضا تاما مع الخطة المعلنة من إسرائيل و"رباعية" الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة لتعزيز سلطة أنصار السلام الفلسطينيين الحاكمين في الضفة الغربية بوعود عن "آفاق" سياسية واقتصادية وأمنية كنقيض لمواطنيهم "المتطرفين" الحاكمين في قطاع غزة المحاصر تماما والذي يعيش معتمدا بالكامل على المعونات الخيرية الأجنبية .

فهم في إسرائيل ، كما يرى المحلل الإسرائيلي: "مقتنعون بأنه حتى لو تمكن عباس وسلام فياض من إعادة أمن السلطة الفلسطينية وإعادة إدارتها المدنية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وحتى لو تمكن الفلسطينيون من تقديم أفق سياسي بمساعدة إسرائيل ، فإنهم لن يتمكنوا من استرداد القطاع في المستقبل المنظور أو كبديل لذلك من تحريك انتفاضة شعبية تسقط حماس أو من إجراء انتخابات تقود فتح إلى الفوز بالسلطة ثانية" .

صبر حماس ينفد

غير أن كل الخيارات السابقة تفترض بأن الحركة الإسلامية في حصارها مشلولة عن المبادرة لفك الحصار وأنها في عجزها المفترض تستطيع فقط أن تصد الضربات الموجهة لها لكنها عاجزة عن توجيه أي ضربات وافترض أصحاب تلك الخيارات أن الساحة الوحيدة المتبقية لحماس كي ترد فيها هي الضفة الغربية لذلك سارعوا إلى إغلاق هذه الساحة أمامها بإجراءات استباقية بدأت تخرج حماس عن تمالك أعصابها ، وربما يكون هذا هو بالضبط ما يسعى الاحتلال الإسرائيلي إليه لكي يتكرر في الضفة ما حدث في غزة قيل أكثر من شهرين .

ففي أواخر آب / أيلول حذر رئيس المكتب السياسي للحركة مشعل من دمشق حركة فتح المنافسة كي لا تخطئ في تقدير قوة حماس في الضفة . وكان بيان سابق للحركة في تموز / يوليو الماضي قد حذر من أن حماس قد بدأت "تفقد صبرها" نتيجة للاعتقالات الجماعية لأعضائها . وفي 27 من الشهر نفسه أعلن أحمد يوسف ، المستشار السياسي لرئيس وزراء في غزة إسماعيل هنيه بأن "لصبرنا في الضفة الغربية حدود وسوف ياتي اليوم الذي نسوي فيه حساباتنا مع الجماعة المعزولة في رام الله التي تعطي التعليمات بمهاجمة أعضاء حماس" هناك .

وفي مقابلة نادرة مع صحفي أميركي استمرت 90 دقيقة قال مشعل ل "ماكلاتشي نيوز سيرفيس" في 22 آب إن الفلسطينيين قادرون على تفجير انتفاضة ثالثة إذا لم تسحب إسرائيل قوات احتلالها من الضفة الغربية . وفي اليوم نفسه اتهم أسامة حمدان ممثل الحركة في لبنان الرئيس عباس بشن حرب شاملة على حماس في الضفة محذرا من أنه بذلك إنما يهدد بتحويل الضفة إلى "منطقة بلا قانون يسيطر عليها رؤساء الأجهزة الأمنية" وقال: "نود أن نذكر من يتصورون خلاف ذلك أن حماس واجهت حملة شرسة من العدو (إسرائيل) في السنوات الماضية وقدمت مئات الشهداء وآلاف الأسرى" دون أن تتراجع عن مواقفها .

وتشير هذه التحذيرات وغيرها إلى الخيار الوحيد المتبقي أمام حماس لفك العزلة المفروضة عليها في غزة المحاصرة ، أي نقل الصراع إلى الضفة الغربية ، ليس مع السلطة بل الاحتلال ، وهو الخيار الذي تحاول أطراف "تحالف الخوف" المأمول أميركيا استباقه وتجنبه . إن التوقيت المثالي لمثل هذه النقلة يمليه عاملان ، أولهما وصول جهود إحياء الحوار الوطني الفلسطيني إلى طريق مسدود وثانيهما فشل مؤتمر بوش المقترح في أواخر تشرين الأول / نوفمبر المقبل . وقد أعلن مشعل لأول مرة من دمشق في الأسبوع قبل الماضي أن محاولات المصالحة الوطنية قد وصلت فعلا إلى طريق مسدود بينما لم يظهر حتى الآن أي دليل على أن المؤتمر الدولي المنتظر أواخر تشرين الأول / نوفمبر المقبل سوف يكون ناجحا .

في مقابلة نشرتها له مجلة "بالستاين – إسرائيل جورنال" (مجلد 14 ، عدد 2 ، 2007) علق مستشار الأمن القومي الفلسطيني السابق والقيادي في حركة فتح جبريل الرجوب على دعوة بوش للمؤتمر الدولي بقوله: "لقد مل الشعب الفلسطيني بيانات حسن النية التي كنا نسمعها منهم منذ سنوات حتى الآن . إننا نتطلع لرؤية شيء يتحرك على الأرض . ونحن نتطلع إلى آليات عملية للبدء في تنفيذ خارطة الطريق ورؤية بوش والشرعية الدولية ... فالأمن بحاجة إلى حل سياسي" . لكن الانتظار الفلسطيني لمثل هذا الحل من واشنطن هو مثل انتظار مجيء "غودو" الذي لا يأتي .

nicolanasser@yahoo.com
* كاتب عربي من فلسطين -

غزة والضفة والسنوات العجاف

عطا مناع
يستطيع الأعمى أن يرى وبوضوح أن حكام غزة والضفة يقودون الشعب الفلسطيني إلى الهاوية وعلى كافة الصعد الحياتية والسياسية، غير آبهين للمناشدات الصادرة من فلسطينيين وعرب بالعودة إلى طاولة الحوار، الحوار الذي تجمع الغالبية العظمى من الشعب أنة المنفذ الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، والأساس لإعادة بناء المجتمع الفلسطيني وتوحيد اطيافة السياسية والاجتماعية التي لا زالت تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وبغض النظر عن المزاج الشعبي الداعم لكل ما من شأنه ديمومة النضال الفلسطيني الذي كانت أحداث غزة وما نتج عنها من تطورات متصارعة تعطي إشارات واضحة بان القضية الفلسطينية دخلت مرحلة التيه والانقسام الحاد الذي لن يستقيم بسبب الانحراف عن السكة الوطنية ، وبروز قيادات فلسطينية لها أجندة تتناقض مع الكل الفلسطيني،هذه القيادات التي صنع بعضها للعبث بالنسيج المجتمعي الفلسطيني وقضيته الوطنية.
لقد أحرقت السفن، ووضع كل طرف ظهره إلى الحائط ، وباتت إطراف الصراع تتسم بنرجسية قادتها للدخول في متاهة اتخاذ القرارات الخطيرة وترجمتها ميدانيا مما يزيد من رقعة الخلاف، وبالتالي سيطرة العدمية السياسية والدخول في حلقة مفرغة من الاتهامات المتبادلة التي تحولت إلى مجرد كلام أجوف لا يغني ولا يسمن، ويجلب المزيد من الألم والويلات للشعب المحاصر من الخارج والداخل، وليصبح الشعب ومؤسساته وممتلكاته رهينة قرار يصدر عن طرف لا يقدر مخاطرة الميدانية، مما يتوجب علينا توقع المزيد من القرارات الارتجالية، والمضي في سياسة التخبط التي ستعزز الانفصال بين الضفة وغزة وبالتالي ولادة كيانين مسخين في على جزء من الوطن.
السنوات القادمة على الشعب الفلسطيني سنوات عجاف، وسنشهد انقلابا على ما راكمة الشعب خلال العقود الماضية، وما يصدر عن غزة ورام الله لن يكون إلا مقدمات بسيطة للمزيد من الانتهاكات والاعتداءات على حقوق المواطن الذي يغرق في ازماتة الخاصة ولا يلقي بالا للأفكار الانفصالية الرافضة للأخر والذي اتخذ منحى يصل إلى حد الفاشية أو حكم العسكر، لان الاعتداء على المصليين في ساحة الجندي المجهول، ومنع التظاهر، والاعتقالات ومنع الصحف من الصدور في حكام غزة والضفة، والاعتداء على الصحفيين وإغلاق المؤسسات تحت حجج مختلفة والمزيد المزيد من الممارسات التي تجري في الضفة وغزة ، هي مقدمة لمرحلة انقلابية على حقوق الإنسان وحرية العمل السياسي، مما سيدفع الأطراف المختلفة للعمل تحن الأرض هربا من القمع، والعمل تحت الأرض سيبلور الشرط الأول لتعميق الصراع بشكله العنيف وبروز المبادرات الميدانية العنيفة التي لا يعلم إلا الله أين ستقودنا.
السنوات القادمة على الفلسطينيين عجاف لان التسوية أو التفريط والتطبيع المفتوح بسبب انخراط فريق فلسطيني في اللعبة الأمريكية الإسرائيلية التي تستغل الوضع الفلسطيني وتعمل على استمراره، للشروع في تصفية القضية الفلسطينية والدليل على هذا التوجه ارتفاع وتيرة التصريحات الإسرائيلية التي لا تعترف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم التي هجروا منه، والتعامل مع القضايا الأخرى مثل القدس والمستوطنات والحدود بتوفيقية أساسها المصلحة الإسرائيلية لدرجة أن البعض اعتبر أن سقف وثيقة جنيف أعلى مما هو مطروح هذه الأيام، وهذا الانقلاب السياسي من قبل طرف فلسطيني سيؤدي بالمحصلة لمزيد من الفوضى والانقسام والدخول في متاهة جديدة من الصراع تستقطب أطراف تضررت من التسوية السياسية الغير عادلة.
وللحد من قوة المعارضة سنشهد مرحلة غير مسبوقة من الاعتقالات السياسية وإصدار القوانين التي تحد من الحريات، ستغلق المزيد من المؤسسات الناهضة وتمنح مساحة مفتوحة للجهات المنسجمة مع الحل الأمريكي.
السنوات القادمة عجاف، سيزداد الفقر وتتسع البطالة وسيهاجر من يستطيع إلى الهجرة سبيلا، وستضعف الخدمات الحكومية أكثر مما هي ضعيفة، وسيجد المواطن مشكلة في توفير رغيف الخبز، وينقسم المجتمع إلى غني وفقير وستزول الطبقة الوسطى، ستنتشر المحسوبية، وتنهار المفاهيم والقيم،وستتضاعف الجريمة، ويهبط الوعي، وسنصبح مكبا لنفايات الأخر.
السنوات القادمة عجاف، لان الأطراف الفلسطينية المتصارعة لا تلقي بالا للشعب، ودخلت مرحلة السباق في إثبات الذات، والشعب ميدان لتجاربهم، في غزة جل اهتمامهم إدخال كيس من الطحين وتوفير الإنارة للمنازل وملاحقة الخصوم، أي الاهتمام في الشأن الحياتي وبعض المناكفات السياسية مع رام الله، وفتح قنوات اتصال مع الأوروبيين، ورام الله منهمكة في الترتيب للتسوية السياسية واتخاذ القرارات وإصدار المراسيم، والعمل ليل نهار على تكذيب وكشف الآخر دون فائدة ترجى.
السنوات القادمة عجاف حيث التطبيع العربي مع دولة الاحتلال يسقط ورقة التوت أو ما تبقى منها عن النظام العربي الرسمي، هذا النظام الذي ارتبط مع دولة الاحتلال بمصالح تجاوزت وطغت على اهتمامه بالقضية الفلسطينية، حيث سنشهد في قادم الأشهر أو السنوات علاقات كاملة مع الإسرائيليين وملاحة للممانعة الفلسطينية، وإسكات لكافة الأصوات التي تناهض السياسة الرسمية.
السنوات القادمة عجاف لان الشعب الفلسطيني يفتقر إلى القيادة الحكيمة التي يفترض أن تسير بة نحو شاطئ الأمان في ظل تكالب القوى الخارجية والداخلية، وعمليات الإسقاط السياسي لقطاعات من المثقفين وقادة المجتمع، وضعف قوى المعارضة الديمقراطية، وبتحديد أكثر ذوبان بعضها لصالح أقطاب الصراع، مما يؤشر على مرحلة مظلمة، فلا انتخابات تشريعية، ووداعا للديمقراطية، وفقط الحسم العسكري للخلاف بين غزة ورام الله يوضع على سلم أولويات القوى المحركة، وفي ظل الحسم العسكري نكون قد دخلنا مرحلة غير منظورة من الانحطاط وسيطرة دولة الاحتلال بالكامل بمساندة جسم فلسطيني لن يختلف كثيرا عن قوات لحد.

الانتحاري هشام الدكالي ...نحن الأمهات معنيات بالأمر

مليكة طيطان
مصيبة البشرية لا محالة تكمن في ما يسمى بالاسلام السياسي ...متى أدخل الدين في السياسة فتأكد بأنها المصيبة بعينها ... ربما قائل سيقارن حالنا وحال تركيا ، التعقيب وجيز يختصر في المسافة الضوئية بين العقلية التركية والعقلية العروبية الاسلاموية عموما ...
تركيا قامت بإجثات الفكر الاستئصالي من منابته مع تركيا الفتاة وكمال أتاتورك باني الفكر العلماني المتنور ، حتى إذا ما حدث في تركيا ما يشبه الصحوة الاسلامية لكنها ليست الصحوة التي أعدت مثلا في مطابخ ابن تيمية وأبي قتادة مهندسا الفكر التكفيري باسم الاسلام ...
نعم تركيا يتحرك فيها حزب العدالة والتنمية بإسلام قلمت أظافره ويستوعب اللعبة السياسية في بعدها الديني والطائفي والعرقي والاقتصادي والاجتماعي ...
إذن من أنى للقوم الذي يدعي الاسلاموية نحث المسلك الشبيه بالنهج التركي حيث اسلامهم يستوعب ويقبل الجميع ...
القوم الاسلاموي العربي الذي جهز تصوره الاستئصالي في مطابخ الوهابية الظلامية شأن كارثي وبكل المقاييس ...ابن لادن قبل أن يكون ماركة وهابية في الأصل مدموغ سابقا في النازا الامبريالية وتلك بضاعتهم ردت إليهم ، بهذا المنطق نحلل الأشياء أن يفجر مهندس دولة وخريج أهم وأرقى المؤسسات العلمية نفسه فتلك هي الاشكالية التي من المفروض أن تحظى بالدراسة من طرف كل ذوي الاختصاص في عالم الجريمة وعلم النفس الاجرامي وعلم الاجتماع والاقتصاد والسياسة ولملا علم المخابرات وبالمناسبة يبدو دور هذه الأخيرة جليا في سبر أغوار الاشكالية وطبعا المسألة برمتها تضحض المقولة السابقة التي مفادها أن محرك الارهاب هو الفقر والفاقة والعوز والغبن الاجتماعي ...
لماذا لا نشير جهرا إلى الكائنات المتأسلمة التي عكرت صفو الحياة الانسانية باستغلال البعد العقدي ، مع العلم أننا عندما نقول الدين فحتما نعني الروح ومن الروح يبدو جليا العاطفة والأخيرة طبعا لا تعترف بالأفكار وبالأحرى أن تقبلها أو تناقشها ...؟
لماذا لا نشير مباشرة إلى هذه الكائنات التي تعمل الآن في العلن و تجهر بالافتاء في الانسان وفي الدولة وفي أساليب الحياة عموما ، بل ووضعت بين يدي مريديها دستور ايمان يكفر الدولة والانسان الرافض للتطويع والانصياع ...
الاشارة هنا إلى من يعنيهم الأمر... الكائنات المتلهفة إلى السلطة بصيغة العبادة ...رسالة لابد منها إلى الأمهات الصامدات وضنك العيش والطامحات إلى تحقيق المتع الحياتية في أبنائهن فلذات أكبادهن ، مامعنى أن يكون الانتحاري خريج أعلى وأرقى المؤسسات العلمية ؟...
معناها بالوضوح أن الشاب يحب الحياة ويعشق السلم والبساطة في التفكير ...معناها جسده في اختيار سيارة أنيقةو ( شيك ) الرمز والدليل الأول على عشق الحياة ...ما معنى أن ينتقي الشاب أغلى العطور ؟ اسألوا من لهم دراية في عالم العطر وأنواعه عندهم الجواب اليقين الذي يربط العطور بمدى حب الحياة والانسان والطبيعة ، الأن الأمر يهمنا نحن الأمهات جاءت اللحظة التي يتوجب علينا تحصين فلذات كبدنا من العبث بمشاعرهم واستغلال حميميتهم...
أتألم لحالك يا أم هشام فما وقع لم يكن في الحسبان ...عهدك أنك قدمت هدية للوطن تساهم في الارتقاء والامتياز ، تشرئبين بعنقك متماهية أمام الجارات ولسان حالك هو ذا ابني حبيبي مهندس دولة خريج أرقى المعاهد العلمية بوطني ...في لفتة سريعة لم تصدقي أن الحلم الذي تحقق في رمشة عين تبخر ...لم يدخل في الحسبان أن ثمة من يسعى إلى نفخ المشاعر الجياشة بالحقد والضغينة والدخان بدل الحب الود والسلم والتسامح وتقبل الآخر ...قدرك يا أم هشام هكذا أراده مصاصو دماء البشرية باسم الاسلام عصابات منظمة تمكنت من دغدغة عواطف الانسان بما فيهم النخبة النيرة خريجة أعلى المراكز العلمية ...
أنا راقنة هذه الكلمات أحتمل في زمن ما أن يستميلني شخص بهذه الشطحات لكن شرط أن ينزل أمامي وبالملموس من المريخ لكن أن يكون فلان أو المعلم علان الذي خبر التدريس الابتدائي منذ الاستعمار والاستقلال والذي تاه في أرض الايباحية ؟؟؟؟ بكل تلاوينها والعهدة على رواة المرحلة الذين زامنو من يعنيهم الأمر في فتوحاتهم الايباحيةإلى أن طلعت عليهم شمس الدروشة من حيث لا يعلم الجميع ..................................................................... أقول كلامي هذا لكي أحمل المسؤولية لمثل هذه الكائنات التي تلعب الآن بالمكاسب التي انتزعت بمعارك نضالية نعم يستغلون الهامش الديموقراطي وحقوق الانسان ...
نعم أقول كلامي هذا ومن يهمهم الأمر لهم رأي آخر إزاء الديموقراطية و الديمقراطيين وقراءة بسيطة لهلوسة اسمها حوار مع الفضلاء الديمقراطيين تؤكد أن الشيخ يلعب على كل الحبال من أجل بسط هلوساته ومناماته ورؤاه ...عجبا لهذا الزمن الموبوء الذي لا ينتفض فيه حماة الديقراطية ويجهرون في وجه هذه العصابة المترامية الأطراف ويصرخون إلا أنتم يا من اعترضتم الطريق فلا ...لا ...لا ...سيدة لا تفقه في السياسة وفي الوطن حينما جهرت بأن الملكية لم تعد تصلح للمغرب فهذا تعبير لا نقبله من هذهالسيدة التي تفصلها مسافات ضوئية عن المغرب والمغاربة وأيضا السياسة ...
أن يجهر بها المناضل زعزاع أو المناضل برادة على الأقل المسألة تناقش لأن منهجهم في النضال ومنذ البداية ركز و اعتمد على الفكر الجدلي المادي الملموس أما أن تجهر بها من ترى في والدها الخليفة الذي يحكم الاسلام والمسلمين وفق منطق الشعودة والتخريف والانتقال به إلى مرحلة التعاقد القائم على العبادة وهل يجادل أحد في أن متعة العبادة هي غاية الشيخ ومريده ؟ ..بماذا نفسر التهافت على الفتات بقايا طعام الرجل من أجل التبرك ؟؟؟ هل يجادل أحد في أن بعض بقايا طعام الرجل بيعت بأغلى الأسعار ؟؟؟ بماذا تفسر التهافت على التراب أو الرمل الذي ترسم فيه وطأة رجل الشيخ ؟؟؟ أليس الأمر هو العبادة بعينها ؟؟ ...
عجبا لقوم الزاوية المذكورة يرغبون في تغيير نمط الحكم من ملكي يتعاقد فيه ملك الأمة ورئيس الدولة مع الشعب انطلاقا من ضوابط ملموسة تسمى الدستور واضحة وقابلة للحوار والمناقشة وإبداء وجهات النظر والنضال من أجل الوصول إلى تغيير أو حذف بعض البنود أو الفصول ، عجبا لهذا القوم الذي يرغب في الاستحواد على السلطة بدغدغة العاطفة ومن خلالها نغير التعاقد إياه بشيء آخر أكثر وطأة يسمى العبادة ...
ترى كيف الحال وهل تتوفر على امكانات مناقشة أو الدخول في حوار مع ومعذرة ( الله) تحضرني اللحظة قراءة خاصة استنتجتها وأنا أستعرض مسار من يعنيه الأمر والوطن ، رجعت إلى هذا المسمى التاريخ بحثت مليا في كل الأصول التاريخية والمتعلقات منذ طفولة الشخص وعنفوانه وشبابه وكهولته وشيخوخته بحثت في ما أتيح إلي من إمكانات البحث والتنقيب في تاريخ الوطن المسمى المغرب توصلت إلى ماهو في علم أبسط مواطن والمتمثل في أن المغرب عرف مراحل مد وجز مع عنصر آخر اسمه الاستعمار ، رغم تواضع القراءات التي أتوفر عليها النتيجة الأولى أنه ثمة أحداث ووقائع تسمى في عرف الجهاد الوطني بالمقاومة أو أشكال من الانتفاضات العشوائية ، أيضا لا تفوتنا الفرصة دون أن نستحضر البعد النقابي في مرحلته التابعة للتنظيم النقابي الفرنسي أم مرحلة الانسلاخ وتدبير كيان مستقل في انتظار الاطار النقابي الذي أخذ على عاتقه تلاحم المطالب النقابية مع مطلب التحرير من الاستعمار ، طويت هذه الصفحة وانتقلت إلى مرحلة الانكسار السياسي مع الاستقلال ...توصلت إلى متاهة عتمة اللاوضوح السياسي في أركان بلدي ...هي ظروف الاستثناء ...
هي تحالف عمالقة الشر مجسدافي تكبيل الارادة الوطنية الهادفة إلى تحقيق وطن كامل غير منقوص ...هي إجثات جيش التحرير ...هو بناء حاجز الجبهة حينما تحالفت قوى الشر ...هو الاختطاف والاغتيال مازال قلم المصالحة عاجزا على كتابة حقيقته ...هو زمن الردة بحكم الاستثناء وما صاحب الفترة من تهم جاهزة في مصنع العتاة كالمؤامرة الكبرى وفتح سراديب الثكنات ودور الطغاة والزج برجال المرحلة في أقبية سجون سرية يذكرها الآن التاريخ ...هي أحكام عسكرية ومدنية واستثنائية ...هي تنفيذ أحكام الإعدام ...
هو اختيار النفي الطوعي والقسري ...تنزهت في حدائق الوطن الاستئصالية هذه توصلت إلى نتيجة مفادها أن أبطال الاليادة هم في مثل سن هذا الشيخ الذي يعنيه الأمر لكن المطروح وبكل دقة أين كان الرجل وعبر هذا المسار؟؟؟ .....للتاريخ رواة عاينت عن قرب تراتب الأحداث

أسلمة فتح وعلمنة حماس.. فتح .. الإسلام هو الحل؟؟؟.

.محمد داود
كان مشهد اليوم عجيب ويضاف إلى سجل الغرابة العالمية ويستحق أن يتوج ضمن عجائب وطرائف الدنيا لأننا أصبحنا نعيش زمن العجائب والغرائب بمعناها الصحيح.
فمنذ أن سيطرت حركة حماس على المقار الأمنية وانقلبت على شريكتها في حكومة الوحدة الوطنية " أي على حركة فتح"، وهي للعم تعد سابقة جديدة في التاريخ الدولي ...
وفي اللحظة التي كان يؤدي الأخوة المتناحرين القسم واليمين من أجل صون الدم الفلسطيني والحفاظ على وحدته ومقدساته، حيث وضعت الأسس لترتيب البيت الفلسطيني، كان المشهد بالنسبة للشعب الفلسطيني يوم النصر والسعادة وبالفعل لا يقل عن تلك الفرحة التي شهدها قطاع غزة يوم أن أندحر الاحتلال الصهيوني عن أراضي قطاع غزة بفعل المقاومة النظيفة الطاهرة قبل عامين على ألأقل.
نعم كانت مراسيم التوقيع مميزة في ظاهرها ولكن خافيه أعظم بكثير، حيث تعهد الطرفين فتح وحماس بأن يلتزموا بأمن شعبهم وتم أداء القسم اليميني على أطهر بقعة في الكون وتم تزكية هذا ألاتفاق بأداء مناسك العمرة اليد باليد والكتف بالكتف، وبرعاية من الملك السعودي ودول شقيقة أخرى، كان المشهد نصر لنا وصعقة بالنسبة لأعدائنا الذين سعوا جاهدين من أجل إفشال هذا الاتفاق، لكن الفاجعة كشفت عن باطنها وخفاياها المشينة والحاقدة، و هذه النوايا لم تكن نابعة بصدق وإخلاص لا مع الله ولا مع شعبنا المناضل الذي الغدر به، حيث تكرس الانقلاب الذي أعد له مسبقاً، أي قبل حوالي ستة أشهر من عقد الاتفاق وتم الاعتراف صراحة من مدبري الانقلاب، مع العلم بأنه جرت محاولات تجريبية قبل أن يتم الحسم الأخير في الرابع عشر من يونيو من هذا العام، الأمر الذي أدى بالاتفاق في مهب الريح.
اليوم كان المشهد مختلف أيضاً عندما جاء جموع المصلين من كل حدب وصوب لأداء صلاة الجمعة المباركة استجابة لقول الله تعالي في محكم تنزيله .
قال الله تعالى((يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذرو البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) "" سورة الجمعة الآية 9""
وقال صلى الله عليه وسلم((من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه )) "" صحيح رواه احمد.
كان المصلين يستلون بيمينهم المصحف وبالأخرى السجادة للصلاة عليها، بعد أن فقدوا الثقة في خطباء المساجد الذين باتوا منظرين للغة التحريض والإساءة، أرادوا أن يعيشوا لحظات بين يدي الله بصدق وإخلاص .....
في المقابل كانت الحشود التي تم تجهيزها بما أوتيت من أسلحة وعدة وعتاد لقمع أي تمرد إسلامي من هؤلاء المصلين العزل الذين لا يمتلكون سواء سلاحهم الرباني ألا وهو المصحف الشريف، ....
مشهد تكرر إبان فترة الاحتلال عندما أراد الاحتلال أن يقمع جموع المصلين الذين رفعوا شعار "الله أكبر الموت لإسرائيل" رافعين كتاب الله إلى عنان السماء، داعين ربهم بالنصر والتمكين.
كان من المفترض على العسكر أن يئودوا صلاة الجمعة في بيوت الله أو على الأقل أن يتركوا العباد بأن تسبح لله دون إزعاج أو تعكير لصفوهم ...
في هذا اليوم الفضيل ونحن مقبلين على شهر رمضان المبارك، لأنه من العيب أن يتبنوا الفكر الإسلامي ويدعون له ولا يستجيبون لنداء الله سبحانه ولا لرسوله الكريم.
هذا الطرح وغيره وضع علامات استفهام كبيرة لدى المواطن وأصبح يتساءل الكثير والكثير عن منهج الحركة وحتى برنامجها الانتخابي الذي يستمد العزم من الدين كمرجع في التشريع والحكم. وهو ما يطرح التساؤل هل حركة حماس ستنحدر نحو العلمنة، وهل فتح تهرول نحو الإسلام السياسي رافعة راية الإسلام هو الحل.

الخميس، أغسطس 30، 2007

شر البلية ما يرقص


محمد عيداروس
صحيح شر البلية ما يرقص".. فالخبر الذي نشرته إحدي الصحف مصحوباً بإحصائية صادرة عن جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية المسئولة عن إصدار تراخيص العمل للراقصات يحتاج وقفة متأنية ومراجعة شاملة ليوميات وطن يبدو أن بناته قررن أن يرتدين بدلة الرقص ورجاله اكتفين بالإمساك بالطبلة ولا أدري من هو الجمهور الذي سيشاهد إذا كان معظم البنات سيرقصن.. وأغلب الرجال سيقبضن..؟ ما علينا!
الإحصائية تؤكد أن هناك 7200 فتاة يتقدمن للرقابة سنويا طالبات الحصول علي رخصة راقصة.. أي أن 20 بنتا وسيدة يطلبن من الجهاز المحترم إذناً يوميا باحتراف هز الوسط!
المثير في الخبر أن الجهاز أكد أن 3 منهن فقط ينجحن في الاختبار ويحصلن علي الترخيص يوميا.. وهنا أتوقف سائلاً عن جهل مني.. ما هي الاختبارات الصعبة والمعقدة التي يضعها جهاز الرقابة علي المصنفات.. والتي تعجز المسكينات عن اجتيازها.. وهل هناك لجنة متخصصة من الخبراء تشرف علي هذه الاختبارات لتضمن حيادها ونزاهتها أم لا..؟ بالتأكيد هناك لجنة ويتقاضي أعضاؤها بدلات ومكافأت وحوافز عن هذا الجهد المضني الذي يبذلونه يوميا.. وبالتأكيد هناك من بين أفراد اللجنة من يؤمن بالدور الهام الذي تلعبه الراقصة في نهضة الشعوب.. بدليل هذا الكم الكبير من "الساقطات".. أقصد اللاتي سقطن في الامتحان.. "برضه" ما علينا!
لكن المثير في الإحصائية أن أغلب المتقدمات للحصول علي تصريح بامتهان الرقص من حملة المؤهلات العليا.. اللاتي اتخذن قرارهن بتعليق الشهادة الجامعية علي الحائط وإرتداء بدلة الرقص لأنه ببساطة شديدة بيكسب أكتر حيث يؤكد الخبر المنشور أن دخل الراقصة في المتوسط هو 5000 جنيه يوميا.. صحيح الرقم كبير ومفزع لأنه يصل ل150 ألف جنيه شهريا لو الراقصة الجامعية كانت لياليها "كومبليت" طول الشهر.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا كان الحرص علي التعليم من البداية..؟ وإذا كانت سنوات التعليم التي تمتد لتصل ل16 سنة لم تفلح في أن تدعم في عقل الفتاة قيمة الكفاح والعمل يبقي تعليم إيه الذي نشغل أنفسنا به ونتوسم فيه خيرا لهذا الوطن الذي أصبح الرقص فيه هو جواز المرور لعوالم الشهرة والمال.
أخشي أن يأتي يوم علي مصر فأجدها علي الخريطة وقد ارتدت بدلة الرقص وأمسكت بالصاجات وغرقت في هز الوسط ولا يجد أحد لنفسه فيها دور سوي الإمساك بالطبلة أو "لم النقوط".
فالواضح أن البنات قد عرفن مبكراً أن الصعود في مصر المحروسة قد ارتبط ب"الرقص".. وأن الناجحون في هذا الزمن من احترفوا التمايل يمينا ويساراً فوق أحبال المناصب أو حروف الكلمات لهذا قررن أن يتجهن مباشرة للهدف دون لف أو دوران ويرقصن ع المكشوف.. واللي مش عاجبه.. يشوف نفسه ويبطل رقص.
ليس بعيدا عن الموضوع قرأت خبراً آخر يؤكد خروج جامعات مصر من تصنيف أهم 500 جامعة علي مستوي العالم.. في حين حلت الجامعة الأمريكية بالقاهرة في المركز 11 علي مستوي افريقيا.. يعني الشهادة الجامعية اللي مستكترينها علي الهانم الراقصة أم رخصة ليس لها معني.. وصحيح "شر البلية ما يرقص" في وطن كله أصبح "بيرقص".

محمد عيداروس نائب رئيس تحرير مجلة شاشتي
AIDAROS00@YAHOO.COM

نقلا عن مجلة شاشتى التى تصدر عن دار التحرير للطبع والنشر ودار الجمهورية للصحافة

لا لإجلاء جرحى العصابة المهزومة!

سعيد علم الدين
لا لإجلاء جرحى عصابة "فتح آصف شوكت" المهزومة في مخيم نهر البارد قبل استسلام جميع مجرميها، ومن دون شروط للجيش اللبناني المظفر.
أي يجب أن تكون شروط الجيش المظفر هي السائدة:
استسلام القتلة أولا، تأمين المكان من مكائد هؤلاء وخدعهم ثانيا، نقل جرحاهم ثالثا.
خدع هؤلاء الغير متوقعة يجب أن يأخذها الجيش وفي أي لحظة في عين الحسبان. فلا أمن لهؤلاء ولا أمان ولا ثقة بوعودهم حتى ولو أقسموا على القرآن.
ولهذا فالحذر الشديد جدا هو المطلوب!
ممكن مثلا ان يلفوا أحد جرحاهم لقتل أكبر عدد من الجنود والمسعفين بأحزم ناسفة!
لا شفقة البتة مع المجرمين: سفكةِ الدماء البريئة، مزعزعي استقرار لبنان، قاطعي أرزاق الناس في تناغم مع "معارضة"، ومخربي بيوت اللبنانيين والفلسطينيين الآمنين.
وليكن ذلك أيضا عبرة لكل خسيس من قوى الشر العاهرة عندما تسول له نفسه الخائنة لبنانياً، والخائنة عربياً، والآثمة قوميا، والمنحطة أخلاقيا، والضالة دينياً، والساقطة إنسانياً الاعتداء على الأرض اللبنانية الطاهرة.
لقد دنس هؤلاء الدخلاء الغرباء مع بعض العملاء الأذلاء بأجسادهم العفنة، وروائحهم الكريهة، ودمائهم النتنة، وأرواحه الشريرة أرض لبنان الطيبة وقتلوا خيرة شبابه.
فلينقرضوا في أوكارهم في نهر البارد مع جرحاهم دون رحمة، بعد أن خرجت النساء والأطفال !
فالرحمة لمن يرحم، والشفقة لمن يستأهلها، والمساعدة لمن يستحقها، والقاتل يجب أن يستسلم صاغراً، ويدفع ثمن جريمته غاليا أمام القاضي العادل.
لا رحمة لمن لم يرحم، وقتل الجنود الأبرياء بقلبٍ حاقد وعقلٍ مظلم، ودم بارد وعن سابقِ تصور وتصميم، وفي غيه وغروره بلا رجعةٍ أجرم!
وليعلم كل من يجرم بحق جيش الوطن، بأن مصيره سيكون: الموت المؤكد والعدم أو السجن المؤبد والندم.
لا إنسانية مع القتلة المتوحشين ذابحي الجنود الأبرياء في الخيام وهم نيام، أو وهم يتنقلون في وطنهم وبين أهلهم آمنين بسياراتهم الخاصة أو وسائل النقل العام!
لا إنسانية مع من لا يعرف ماذا تعني كلمة "إنسان" بعد أن تحول بسهولة إلى وغد مفترس وأبشع من حيوان وأداة شر طيعة بيد أجهزة مخابرات، سقطت أقنعتها في أزقة البارد وشوارع بغداد ولا تحتاج إلى كرسي اعتراف بما تقترفه من شرورٍ وآثام.
وان نفت واستنكرت غدا نفيها والاستنكار كالقحبةِ الشمطاء تدعي الطهرَ والعفاف في سوق البغاء.
نحن أمام مخابرات تحترف مهنة الكذب و"البلف" وتصدير الإرهاب، وترتكب في سبيل الحفاظ على مفاسد النظام ليتحكم في رقاب ناسها والبلاد، نشر الفوضى في المنطقة العربية والخراب. الهدف تقسيم العراق ولبنان لمصلحة القطب الأوحد إيران العظمى بعد أن احتلوا غزة الصابرة لمصلحة إسرائيل.
لا إنسانية مع القتلة الإرهابيين وهم يرتكبون باسم الإسلام أكبر الآثام!


يجب أن لا ننسى ما فعلوه هؤلاء الجرحى وباقي أفراد العصابة من توحش إرهابي خسيس، بحق البلدات القريبة والجيران، وأعمال ذبح وغدر وقنص بحق جيش لبنان.
ولهذا لا لإجلاء الجرحى من عصابة "فتح الإسلام" المهزومة والمأزومة في نهر البارد دون استسلام كل الإرهابيين وبشروط الجيش.
لكي تسعد أرواح الشهداء ولكي ترضى أهالي الضحايا من مدنيين وعسكريين، ولكي يحقق الجيش هدفه الأساسي في إنهاء هذه الظاهرة الغريبة لكي لا تتكرر وتكون عبرة لمن يعتبر، ولكي تقوم الدولة اللبنانية السيدة المستقلة المستقرة العادلة القوية القادرة، ولكي لا تذهب أرواح الشهداء سدى.هذا والجيش في حربه مع هؤلاء الرعاع لا يحتاج إلى شهادات في الإنسانية، خاصة وأنه قد أظهر ومنذ بداية الأزمة وحتى اليوم: حرص شديد على المدنيين، إنسانية رفيعة المستوى، صدق وتضحية وبسالة، وأخلاق عالية ظهرت على الملأ في مساعدته لنساء وأطفال هذه العصابة المهزومة المأزومة في أوكارها. .

الأربعاء، أغسطس 29، 2007

رسالةٌ مفتوحةٌ إلى الشيخِ حسن نصر الله

سعيد علم الدين
مفتوحةٌ على الصفحاتِ دون كتمان ، لكي يقرأها أيُّ إنسانٍ يهتم بشؤون هذا الوطن المعذبِ لبنان.
واضحةُ الجملِ والكلماتِ والمعان ، جليةُ الأفكارِ لا يوجد فيها ألغازٌ ولا أحاجي ولا أسرار.
موجهةٌ إلى ضمير وعقل ووجدان الزعيم اللبناني الشيخ حسن نصر الله وبقية أتباعه والأنصار من شعوب 8 آذار.
وكما فتح يا شيخ حسن اللبنانيون من جميع المناطق والطوائف والأديان قلوبهم وبيوتهم في حرب تموز بعطف وحنان، وكرمٍ أصيل وتضحيةٍ وتفان، محتضنين إخوتهم المنكوبين والمهجرين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية مقتسمين معهم لقمة الخبز وشربة الماء وحصيرة الدار سأفتح قلبي لك وأكتبُ دون مجاملات وفي قلبي الكثيرُ من العتاب!
رسالتي غير عادية ، وليست للسؤال عن كيف الصحة والأحوال، بل وكما قلت واضحةٌ وبلغة الضاد الفصيحة اللسان. فلبنان لا يمكن أن يصل إلى بر الآمان إلا بجرأة بناته وأبنائه الشجعان وهمة الأشقاء العرب الحقيقيين الكرام والأصدقاء الطيبين في هذا العالم.
ولا تلمني إن قسوت في الكلام فأنت أيضا لم ترحم لبنان في حروبك ومشاريعك وطموحاتك الغريبة عن طبيعتنا. ولا تريد أن ترحم ولو للحظةٍ واحدة هذا الشعب الغلبان منذ حوالي أربعة عقودٍ من الزمان. أي منذ عام 1969 واتفاقية القاهرة التي خَرَقَ لبنان من خلالها الهدنة مع إسرائيل مشرعا العمل الفلسطيني المسلح من حدوده وبالتالي الرد الإسرائيلي المتصاعد بخروقاته الجوية والبحرية والبرية المبررة في نظرهم والمدمرة والتي لم تحدث قبل عام 69. أي أن إسرائيل كانت تحترم الهدنة وسيادة الدولة اللبنانية كاملة قبل هذا التاريخ. ومنذ اتفاقية الهدنة عام 49 وحتى عام 68 لم تخترق إسرائيل مرة واحدة الحدود اللبنانية برا وبحرا وجوا. ولم أسمع أن إسرائيل أطلقت النار على راع أو غنَّام.
والآن نحن في العام 07 بعد الألفين.
أين وصلت بك نظرية " توازن الرعب" مع العدو ، عندما كانت الملايين تراك مرهقا على الشاشات في حرب تموز تستجدي من حكومة السنيورة العمل على وقف اطلاق النار عبر النقاط السبع؟ قبل أي شيء بالطبع! وبعد أن أنقذك السنيورة وأوقف القتال وأخرج إسرائيل بدل أن تشكره تنهال عليه نهشا كالضبع!
وتعلن بعد ذلك يا أخي الله يسامحك!
نصرا إلهيا من أوهام لتبيعه بأبخس الأسعار للعوام وجثث الأبرياء والأطفال ما زالت في الضاحية وقانا وصور تحت الركام !
دولة إسرائيل يا شيخ تصبح "أوهن من بيت العنكبوت" عندما نبني نحن أولا دولا حقيقةً، أي: على الديمقراطية وليس الشمولية، الحرية وليس العبودية، الشفافية وليس الضبابية، المحاسبة وليس التلطي خلف الأخطاء، اطاعة القانون وليس الزعيم، احترام رأي الاكثرية وليس بالانقلاب عليها كما تفعل أنت اليوم وللأسف في لبنان، العدالة وليس الفوضى، نصرة المظلوم وليس حماية الظالم، احترام الآخر المعارض وليس الافتراء عليه واتهامه وتخوينه لتبرير اغتياله بأبشع الطرق وأخسها غدرا واتهام إسرائيل وأمريكا والغرب.
أنت بتصرفك هذا ضد قيامة دولة لبنان الحقيقة تجعله أوهن من بيت العنكبوت! نحن بحاجة إلى لبنان نبنيه على الديمقراطية والشفافية والمحاسبة والحق والكرامة وتطبيق بنود الدستور بحذافيرها والأخذ بحقوق الإنسان وليس على التحقيق المخابراتي المدان الذي يفرض عليك الاعتراف بما يريد نظام البطش والدم والطغيان!
وأنت تتحمل المسؤولية الأولى في أخذ لبنان من طاولة التلاقي الوطني والحوار والهرولة بنا إلى حرب طاحنة ودمار ، كنا في غنى عنها ولم تكن في الحسبان.
حتى أنك فرضت الحرب دون جدال ولم تترك للسياسة في موضوع تحرير شبعا مجال!
وهل ينفع الحوار يا شيخ حسن مع من قطع جلسات الحوار عمدا بحرب استباقية غير متكافئة: قطَّعت الأوصال وأكثرت الأيتام وفرضت الحصار وهدت البنيان؟
وأنت تتحمل المسؤولية الأولى في عرقلة قيام المحكمة ذات الطابع الدولي لبنانيا. بعد أن حولت الزعيم نبيه بري إلى صندوق بريد ، عاجزا في عين التينة قعيد ، بدل أن يصول ويجول فارسا للكلمة والفكر في البرلمان.
هل يتوافق عرقلة المحكمة لكشف المجرم مع قيم الحق والعدالة ومبادئ الإسلام؟ أما توزيعك للاتهامات هنا وهناك فلن يضعك إلا في موضع الاتهام.
وأنت تتحمل المسؤولية الأولى في الزج بلبنان من مأزقٍ إلى آخر، وما يكاد الوطن يرتاح من مشكلة إلا وتكون قد خلقت له أخرى. وكأنك فاضي أشغال تماما كنافخي النرجيلة في ساحة زعيم الاستقلال رياض الصلح.
والشعب الصابر من مآل سيء ووبال وكهرباء مقطوعة واقتصاد مضروب وسياحة مشلولة إلى عتمة وضيق في العيش الكريم وقلة مال! وإلى متى سيصبر على هذه الأحوال؟
والشعب إن غضب وثار فسيهد الجبال على رأس كل منافق دجال!
أي أنك تتحمل مسؤولية كل ما يحدث في لبنان من أمور مضرة اقتصادياً، غريبة ديمقراطيا، عجيبة دستورياً، شاذة اجتماعيا، غير طبيعية وطنيا، ومتهورة عسكريا، وبلا أدنى وعي بخطورتها أو بوعي تام وعن سابق تصور وتصميم، وظهرت صورتك للملإ على حقيقتها من خلال: الخطابات المنفرة الكلمات، والتهديدات المتكررة، المظاهرات التخريبية الغير قانونية، التحريض المستمر ضد الشرفاء عبر قناة المنار وباقي إعلام قرع الطبول الجوفاء، الاعتداءات الآثمة ضد الآمنين بهدف جر البلد إلى الفتنة، تهريب السلاح ومختلف الإشكالات الأمنية ومنها نهر البارد. فأنت أول العارفين من أرسل شاكر العبسي لخراب لبنان وزعزعة دولته الصاعدة. وانت تعرف الكثير وبيدك الآن القدرة على انتشال لبنان من مستنقع الأزمات. فقوى 14 آذار أياديها ممدودة على الدوام!
أين يديك من أجل إنقاذ لبنان؟ ومن يفكر بتقسيم الوطن الصغير سينتهي به التفكير إلى خسران.
وسيبقى لبنان لكل بنيه وطوائفة والأديان، رسالة محبة ووئام!
ولهذا أعذرني أن أقول لك شعب لبنان تعب يا شيخ حسن ويريد رئيسا عاقلا للجمهورية وليس مهووسا بالكرسي، يصالح الشرعية الدولية ويجدد الدماء في الكيان ويعمل لمصلحة لبنان أولا!

الثلاثاء، أغسطس 28، 2007

إنجازات الحسم في غزة..؟

محمد داود
لا يوجد في القاموس الفلسطيني شيء يسمى بحالة من القطيعة أو الطلاق الدائم أو المستعصي أو المستديم، لأننا مهما اختلفنا تبقى ألأهداف والرؤية والمصالح واحدة لا يختلف عليها اثنان إنه : " التحرير من براثن الاحتلال ونيل الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، التي هي حلم قائدنا ورمز نضالنا الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات"
لقد طرحت في الآونة ألأخيرة مبادرات ومساعي حثيثة نابعة معظمها عن شخصيات وجماعات وقوى وحتى دول عربية، وأخرى أجنبية، من أجل رأب الصدع الفلسطيني، وجمع الكلمة واحتواء الأزمة وتقديم مبادئ الإصلاح، والعمل على التقريب بين الأخوة المختلفين من أجل إعادة وحدته الشعبية والوطنية والديمغرافية.
فالمواطن الفلسطيني هو المتضرر وهو من يدفع الثمن على الدوام، بعد رحلة عذاب استمرت أكثر من عامين أستنزف بها كل طاقاته وقدراته بفعل الحصار والإغلاق ومن ثم ما أفرزته عملية الانقلاب من مآسي وتداعيات لم تشهدها الساحة الفلسطينية في تاريخ نضالها القديم والمعاصر.
ونحن هنا ليس في محل طرح مبادرات أو اقتراحات مع احترامنا الجليل لكل أصحاب المبادرات، لأن الحاجة أقوى لتوفر العزيمة والإصرار – كدافع وحس وطني مسئول وصادق تعلوه مصالح الشعب ومعاناة المواطنين، وأتساءل وأستغرب إلى أي مدى ستؤدي الاعتراف بالخطيئة على الملء ما دام هناك اعتراف صريح وإن ٍ أنتابه نوع من الاستحياء، يحد من الخروج والتحمل بالمسئولية والاعتراف بأن هناك ضرر أصاب قطاع غزة، وبالتالي علينا العدول عنه وتصحيحه ... وأتساءل هل هي اكبر من تلك الثقافة الأخذة في الأستشرار والتغلغل في أسلوب حياتنا كالسرطان، مما تهدد ثقافتنا وتقاليدنا ونضالنا النظيف وحتى ديننا الحنيف "دين التسامح والعفو والوحدة والترابط" ، بل هذه الثقافة التي أزهقت أرواحاً وعذبت نفوساً وانتهكت الحرمات وكرامة الوجود الفلسطيني وكينونته وهويته ومزقت وحدته الجغرافية والسياسية.
حيث أصابت قطاعات المجتمع المختلفة وألحقت الضرر البالغ والشلل التام الذي أصاب الاقتصاد والصناعة والتجارة والصحة والبيئة والتجارة والزراعة والعمالة والتعليم ووووو.......الخ
ولذلك اقترحت أن أدعكم أمام جملة عوامل خلفها الحسم أو "الانقلاب إن صح التعبير " بغض النظر عن المسئول أو السبب والمتسبب، لأن فلسطين أكبر منا كثيراً عن هذا التعنت والهروب من المسئولية الوطنية والشعبية التي تكاد تعصف بنا جميعاً، بعد أن مارسنا أشد أنواع الغلظة في وجوه بعضنا ومارسنا مختلف أفانين الجرم وعللناها بالبيانات والكذب والفتاوى المغرضة المحرضة على القتل وسفك الدماء والاتهام بالخيانة دون رواية أو تيقن، نابعة من تعصب حزبي أعمي وضيق، نقلت مجتمعنا بعد أن كان أمناً إلى مجتمع يسوده الخوف والقلق "من السلام ومن الحرب" من الحكمة إلى الجنون ومن النظام إلى الفوضى وصولاً إلى الجاهلية والضياع، ولذلك نقول أن حل الأزمة لا يأتي كما حدث بالعنف أو بإراقة المزيد من الدماء واستباق القانون وإن قصرت المهام بواجبها.
ومن حكمة وحرص ووعي السيد الرئيس أبو مازن وشعوره المحبط اتجاه ممارسات الانقلاب وما يقترف في قطاع غزة من تعميق للأزمة، وفرض سياسة ألأمر الواقع، حيث سعى لتشكيل لجان وتفعيل دور ومؤسسات لرعاية الاحتياجات الحياتية الضرورية لمواطنينا الكرام وهذا نابع من سؤالي "من المسئول عن الناس عباس أم حماس؟".
وهي ::
الاهتمام والوعي بالمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية ، أمام خيارات التسوية والحلول السلمية التي تمر بمنعطف خطير وشديد التغير وبالغ التعقيد، بعد حالة الانفصال والانقلاب على الشرعية الحاكمة، ولذلك علينا الانتباه من المساعي الإسرائيلية التي تعمق حالة الانفصال وتوظفها نحو تحقيق مكاسبها السياسية ولتحسين صورتها أمام العالم على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وسعيها الدؤب للالتفاف على المقاومة وإلحاق الأذى بها قدر المستطاع، من خلال انحرافها وتعزيز حالة القطيعة الجغرافية والسياسية والحد من إقامة الدولة الفلسطينية، لكسب مزيداً من الوقت والسيطرة على الأراضي وتهويد ألأماكن المقدسة وإلحاق الأذى بالاقتصاد الفلسطيني المنهار وجعله تحت السيطرة ورحمة الاحتلال، بالتالي يكون هناك انسداد في الأفق السياسي الذي لا يأتي إلا بمزيد من الفرقة على حساب شعبنا المناضل.
وهو يقودنا للحديث عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أصابت القطاع بفعل الحصار والانقلاب، حيث يدعونا إلى نجدة هذه الحالة وإنقاذ حالة البؤس والمأساة التي يعيشها المواطنين منذ عامين على الأقل .
وما حدث في الآونة الأخيرة من تغيرات ديمغرافية فرضت أجندتها كسياسة أمر واقع على الخارطة السياسية وما سينتج عنها من انعكاسات لايحمد عقابها، روج لها العدو الإسرائيلي منذ زمن بعيد، سيما ونحن نتحدث عن قطاع غزة الذي يفتقر لكل مقومات الحياة ويعاني من حالة حصار وإغلاق وقطيعه عن العالم الخارجي، وما زلنا نتحدث عن القطيعة، فهناك قطيعة أخرى التي أصابه الأسرى مع ذويهم بفعل الانقلاب كمبرر لدى الاحتلال لمنع الزيارات، وهو أمر نتجاهله وقد ترك انعكاسات سلبية على نفسيات الطرفين "الأسير وذويهم".
و اعتماد الاحتلال على هذه الذرائع من أجل الابتزاز وفرض أجندته وشروطه، وممارسة المزيد من التنازلات على حساب المفاوض الفلسطيني، وفي نفس الوقت ارتكاب الجرائم وأعمال القتل والتدمير والسيطرة والطمس في ظل غياب الشريك الأخر، ... بالتالي أنعكس على القضية الفلسطينية ومسألة المقاومة، خاصة بعد تداعيات الانقلاب، الذي خلف مئات القتلى والجرحى والمعاقين، وما أفرزه من حالة نهب وسلب للمؤسسات والمقار الأمنية والشرطية ووووو.إلخ ، الأمر الذي أدى إلى حالة من الجمود التام في مؤسسات المجتمع المدني التي تقوم بدور الخدمة بكل أشكالها التي لها أهميتها وكينونتها وتلبي احتياجات العامة.
ومع حالة الفوضى والفلتان التي أخذت مناحي في ظل غياب السلطات السيادية الثلاثة وتكبيل وتحييد ما تبقى من السلطات ونقصد "السلطة الرابعة" من دورها ومزاولة مهامها بشفافية مطلقة بوضع القيود والمحاذير أمام أطقمها وفرض أشد العقوبات أمام حرية الرأي والتعبير والنشر، والتي لها مخاطر كبيرة خاصة اتجاه المواطن الفلسطيني المناضل، ولذلك نطالب بضمان حرية الرأي والتعبير والنقد البناء النزيه والمنضبط والحق في مزاولة المهنة، من أجل المحافظة على حقوق المواطن الفلسطيني، والدفاع عن كرامته ووجوده وحقه أسوة بشعوب العالم.

وبغياب الحكومة الناظمة للقانون وللأمور، بمؤسساتها السيادية الثلاثة، تزداد حالة الفوضى واللجوء إلى أخذ الحقوق باليد وبالقوة، و ضياع الجزء ألأخر من الحقوق.
إن الإسلام دين عدل ومساواة ومحبة وتسامح وتآخي، ليس لأننا فلسطينيون ولا لأننا نقبع تحت احتلال مجرم، بل لأننا مسلمون ديننا واحد ومرجعنا واحد هو كتاب الله وسنة نبينا الكريم، بالتالي الإسلام يرفض هذه المهاترات والمغامرات التي لن تأتي بالفائدة على شعبنا بل ضد مصالحه وعلى حساب أبنائنا، بالتالي يجب القيام بتوحيد وحدة الشعب كحوصلة صغيرة وصياغة موقف موحد اتجاه الحلول والمبادرات السياسية ونحو المقاومة، تمهد لوحدة الأمة كشرط لابد من توافره من أجل كنس الاحتلال و نيل الحرية والاستقلال، فالوحدة فريضة إسلامية، والمحافظة عليها فريضة إنسانية اجتماعية، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة والخطيرة من النظام السياسي الفلسطيني، وإرثه النضالي.
وهذا ما يقودني للوقوف عند نقطة هامه تخص المساجد ومراكز التحفيظ والتعلم، فهي ليست حكراً لأحد، لأنها أمانة يحاسب عليها المرء، عند ربه، وما لها من سلبيات يجب طرحها كونها محل جدال بين ألأطر الفلسطينية سيما الإسلامية منها، وقد تركت تداعياتها على المصلين وعلى الجيل الناشئ منها " السيطرة على المساجد أو مكتبة المسجد أو على وضع الملصقات واللوحات الإعلانية واليافطات والرايات على الجدران والمنابر والقباب ومآذن المساجد، أو نزاع على الخطابة والإمامة"، خدمة لمصالح فئوية وحزبية ضيقة، وهو ما واجهته مساجد حي الشجاعية والزيتون ومساجد الشمال من نزاعات بين حركتي حماس والجهاد ، والتشكيك في مصداقية ألأخر عبر إطلاق حملة تشهيرية ضد الأخر، لدرجة وصفنا للشخصيات والأفراد بربطها بذهابهم لمسجد ما ونحكم على انتمائهم السياسي وفق ذلك.

لقد خلف الحسم في غزة تداعيات منها بإيجاز على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأنها الأكثر تضرراً /

سياسياً :
توتر العلاقات الفلسطينية خارجياً سيما مع الدول المحيطة والخشية تزداد من انتقال التجربة إليها، بالتالي تكون سياستها وعلاقتها مع سكان قطاع غزة بين المد والجذر والحذر الشديد، فيما على الصعيد الداخلي فقد شهدت حالة من التفكك الاجتماعي الفلسطيني وعدم الثقة والشك والريبة السياسية في مختلف الفرقاء وأشقاء النضال والعمل الوطني، وتشويه صورة النضال الفلسطيني وتسهيل المهمة على الاحتلال باتهامه للمقاومة الفلسطينية بالإرهاب وممارسة أشد أنواع العدوان واستخدام ما لديه من قوة مفرطة ضمن المبررات المتاحة وبموافقة دولية وإخراج شرعية المقاومة، ونتيجة الانقلاب الذي أدى إلى سقوط هيبة السلطة الوطنية صاحبة النظام الفلسطيني ذات السلطات السيادية وبأجهزتها ومؤسساتها الأمنية ومرافقة سائر القوى الوطنية والإسلامية، لأنه انغرست لدى المواطن الفلسطيني مفاهيم مختلفة أمام هذه المواقف والمصالح الحزبية وأطماع الحكم . وهي أيضاً سهلت المهمة أمام الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة سياسة المماطلة والتهرب من مسئولياته من الاتفاقيات والاستحقاقات السياسية التي أبرمتها منظمة التحرير وبرعاية دولية، والترويج لقناعة أن الشعب الفلسطيني غير مؤهل لقيادة نفسه وبالتالي وجوب دخول دولة استعمارية لقيادته بالإشارة لدول الإقليمية.
وهو ما يدعنا للحديث عن تراجع مؤيدي القضية الفلسطينية سيما على الصعيد السياسي و ألخدماتي "مؤسسات وشخصيات" والإساءة لها الأمر الذي أدى لمغادرتها بفعل الانقلاب والخشية على أرواحهم، الذين حضروا من أجل دعم القضية والمواطن الفلسطيني وفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد جماهير شعبنا الفلسطيني المناضل.

اقتصاديا :
يمكننا الوقوف عند أهم عنصر وهو إغلاق كامل للمعابر والمنافذ التجارية والتحكم بها من قبل الاحتلال بإدخاله للعناصر الأساسية وبعض السلع الغذائية، وإغلاق المعبر الحدودي البري مع جمهورية مصر العربية الشقيقة، بالتالي أصبح القطاع عبارة عن سجن كبير، الأمر ذاته أدى إلى هروب رأس المال الوطني والعربي وتوقف عجلة الاستثمار، وتوقف الدول المانحة عن تقديم يد العون والمساعدات للسلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها الدولية العاملة في ألأراضي المحتلة والتوقف عن تمويلها للمشاريع المختلفة في القطاع، أو عدم إدخال الطرف الإسرائيلي للمواد الخام ومستلزمات المشاريع التي تمس بالبنية التحتية والصرف الصحي وما شابه، وهذا يؤكد مواصلة إسرائيل في حربها الاقتصادية ضد الاقتصاد الفلسطيني بمنعه للبضائع الصادرة والمستوردة وتدمير بنيته التحتية، التي تمس قطاعه الصناعي والزراعي والتجاري المحلي، وانقطاع غالبية السلع وارتفاع أسعارها، مما زاد من معاناة القوى العاملة وارتفاع نسبة البطالة وتفشيها.
وبين مطرقة الاحتلال وسنديان السلطة الحاكمة في قطاع غزة بالإشارة إلى حركة حماس التي تفرض الغرامات والجابيات والضرائب والجمارك والرسوم على المواطنين الفلسطينيين الذين يعانون الأمرين بفعل الحصار والإغلاق سواء بفرض رسوم على طلاب المدارس أو على التجار، سيما تجار التبغ أو على تراخيص المركبات، أو الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة والتصرف بها، وووو.الخ

اجتماعياً :
وأستهلها بالوقوف عند نقطة جوهرية وهي / أننا أُدخلنا للخوف والخشية من المستقبل المجهول، والهجرة المفتوحة على مصرعيها، في ظل التهرب من المسئوليات الوطنية والاجتماعية المتفاقمة بفعل الانقلاب، وانزلاق المجتمع الفلسطيني في هاوية التباغض والريبة والغرور بالمظاهر الخادعة، بالتالي هي بحاجة ماسة إلى تنظيم العقد الاجتماعي، وعقد مصالحة وطنية وشعبية على مستوى الأحزاب والعائلات والأسر من أجل رأب الصدع وتعويض ما يمكن تعويضه .

لعل من الضرورة بمكان أن يعلم الجميع أنه لا سيد للوطن إلا ذاته وأنه لا سيادة لتجربة وطنية تواصل مسيرة الفشل ولا تقديس لتيار أياً كان إذا مس بالوحدة النضالية أو قفز على المصالح الوطنية العليا،...

والمطلوب خطة ترافق المبادرة من أجل تقارب وجهات النظر بين الطرفين الفلسطينيين/

لابد من المصادقة الجيدة والفعلية نحو مبادئ الشراكة السياسية في مواجهة شتى أنواع الفوضى بأشكالها وعلى رأسها فلتان العناصر المقاومة وخروجها من إطار المصالح الوطنية الجزئية المؤقتة والإستراتيجية بعيدة المدى بناءً على الوعي بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، بعيداً عن المصالح الفئوية وضرورة التحول من شراكة الدم إلى شراكة القرار النضالي ومن شراك الدم والقرار النضالي إلى الشراكة الحقيقية في اتخاذ القرار السياسي والوطني، نحو ترتيب الأوراق وإعداد الخطط والتكتيكات والاستراتيجيات المتوسطة والبعيدة المدى.
يجب إعادة هيكلة بناء الهرم السياسي الفلسطيني وفقاً للأحجام السياسية الحقيقية وبعيداً عن الأساليب الملتوية وأساليب تزييف الوعي وتخوين ألأخر، وإسقاط غريزة الخطف والاعتقال والانتقام خاصة وأنها تمارس ضد شخصيات ورموز النضال الفلسطيني، بالتالي فهي تهدم ولا تبني، وتدمر ولا تعمر، تثير الأحقاد ولا تجمع العباد، تفرق ولا يمكن أن توحد، بالتالي تخدم الاحتلال الصهيوني دون غير. ولذلك يجب أن تأخذ الجهات المختصة دورها في ضبط النظام والضرب على أيدي من حديد ضد العابثين والمخربين من جهة وأن تقر بأن وحدة الصف مقدمة على المقاومة والجهاد ، فالجبهة الداخلية مفككة ومتصارعة ومنهارة وضعيفة لحد العجز والضياع في ظل غياب السلطات الثلاثة التي تضمن حقوق الأفراد لأننا سنكون سواسية أمام الحق بالتالي تنتج آفاق السلام والأمن ويسهل عملية إقامة نظام الحكم المستقر فصلاح الحاكم سيؤدي لصلاح المحكوم والعكس ونحن نفتقر لكلا الطرفين.

باحث فلسطيني


الاثنين، أغسطس 27، 2007

عندما صفع كمال جنبلاط عبدالله اليافي

حكمة أبو زيد
النهار
في كتابه القيم: "طريق المختارة... زمن كمال جنبلاط" الذي يعرض السيرة السياسية للزعيم الراحل بتفصيل ودقة وامانة، ويعرج على بعض محطات وطنية ومميزة من التاريخ اللبناني الحديث، يسجل وقائعها ويضيء خفاياها، يروي الزميل الصديق عزة صافي تفاصيل الجلسة النيابية التي عقدها مجلس النواب، قبل ظهر الاول من نيسان 1954، وناقش فيها وقائع جريمة اغتيال الطالب الشهيد حسان ابو اسماعيل برصاص رجال الامن، وجرح عدد من الطلاب بينهم مصطفى نصرالله الذي اصيب اصابة اقعدته طوال حياته ومات بسببها.
ويذكر حادثة انفعال جنبلاط وصفعه رئيس الحكومة عبدالله اليافي.
كنت من الذين حضروا تلك الجلسة التاريخية العاصفة، مندوبا برلمانيا لجريدة "الهدف" لصاحبها الاستاذ زهير عسيران. نقلت الى الجريدة التي كانت تصدر ظهرا وقائع الجلسة، فنشرتها بعنوان احمر عريض: "جنبلاط يصفع اليافي".
وصبيحة اليوم التالي، 2 نيسان 1954، قرع باب منزلنا في شارع ساسين – الاشرفية المفتش في سرية التحري، جارنا محمد بلوط، وقال لوالدتي:
"ما تواخذينا يا ست ام جوزف... جايين ناخذ الاخ حكمة عالتحقيق...".
قالت الوالدة وهي تضحك ضحكة صفراء ساخرة:
"... شو عليه؟ بيّو وخيّو سبقوه عالحبس...".
وكان المفتش بلوط نفسه اعتقل الوالد سليمان ابو زيد ليل الاول من نيسان بسبب تعليق له على قمع الطلاب كتبه في "الوكالة اللبنانية للانباء" التي كان رئيسا لتحريرها، فانضم الى ابنه لويس الذي كان اول من اعتقل من الطلاب المتظاهرين بصفته رئيسا لمجلس الطلبة الذي دعا الى التظاهر.
نقلوني الى العدلية القديمة حيث مكاتب مجلس الانماء والاعمار اليوم، وادخلوني الى نظارة المخفر قبل ان امثل امام المحقق منير محمصاني، برفقة نقيب المحامين آنذاك فريد قوزما.
قال محمصاني:
"يتهمك رئيس الحكومة عبدالله اليافي بنشر معلومات كاذبة عنه في جريدة "الهدف"، ويتخذ بحقك صفة الادعاء الشخصي، فما هو ردك؟"!
قلت:
"ردي ان ما نشرته في "الهدف" صحيح مئة في المئة، وقد حدث امام عشرات العيون. ومع ذلك فانا اطلب الاستماع الى اقوال كل من النواب السادة: كمال جنبلاط، احمد الاسعد وانور الخطيب ورئيس مجلس النواب عادل عسيران كشهود على صحة معلوماتي...".
تبادل المحقق محمصاني النظرات مع النقيب قوزما قبل ان يقول:
"خلّي الرئيس اليافي يلاحق دعواه قدام المحكمة. الله معك".
بعد مضي اسبوع على توقيف الوالد والشقيق لويس والطلاب في سجن الرمل مثلوا، وسط حشد جماهيري ونيابي، امام القاضي الجزائي المنفرد اميل نمر شمعون، وتولى الدفاع عنهم فريق من المحامين على رأسهم عملاق محامي الجزاء، يومذاك، نائب المتن اميل جرجس لحود، الذي ارتجل دفاعا رائعا ختمه بقوله:
"اذا كانت الدعوة الى الاضراب جريمة فهذا العهد قائم على الجريمة".
وكان يشير بلباقة ودهاء الى ان عهد شقيق رئيس المحكمة انما قام نتيجة التظاهرات والاضرابات ضد عهد الشيخ بشارة الخوري صديق النائب لحود. وصدر الحكم ببراءة الجميع.
بعد حوالى شهر استدعيت للمثول امام القاضي الجزائي المنفرد جورج شحاده بتهمة "الاساءة الى رئيس الحكومة والمس بسمعة الدولة"، وصدر في حقي حكم بالحبس خمسة عشر يوما "لان ما نشرته في جريدة "الهدف"، على الرغم من صحته، لا يجوز نشره لانه يسيء الى مسؤول كبير هو رئيس الحكومة ويمس بسمعة الدولة...".
والقاضي شحاده هو نفسه الذي حكم على كمال جنبلاط بدعوى مشابهة اقامتها عليه النيابة العامة.
اما محكمة الجنايات والجنح التي كانت تنظر في قضايا المطبوعات فقد نقضت الحكم وبرأتني من تهمة المس بسمعة الدولة. وجاء في حيثيات حكمها "وبما ان جلسة مجلس النواب كانت علنية ولا سرية على وقائعها، وبما ان الواقعة التي يُحاكم المستأنف بسببها هي واقعة ثابتة، واكيدة، تقرر المحكمة، بالاجماع، فسخ الحكم المستأنف واعلان براءة المستأنف...".
وكانت المحكمة برئاسة وديع طرابلسي وعضوية كامل مزهر واميل روحانا صقر ومثل النيابة العامة راجي الراعي.
هذه بعض تداعيات وذيول تلك الجلسة النيابية العاصفة والتي كان للنائب "الشاب" غسان تويني دور مهم جدا في منع انتشار لهيبها الى خارج المجلس، عندما نجح في انتزاع موافقة نيابية جماعية على تأليف لجنة تحقيق برلمانية في احداث التظاهر واطلاق النار كانت مدخلا الى التهدئة في ذلك الوقت العصيب.

لا لدويلة حزب الله، ونعم لدولة لبنان



الياس بجاني
الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية


لقد أوصلتنا دولتا محور الشر سوريا وإيران إلى مفترق طرق مصيري خطير بعد أن أقامت عبر أدواتهما التخريبية والأصولية والسرطانية والعسكرية خلال حقبة الاحتلال السوري (بتمويل إيراني وحماية سورية) عدداً من المربعات الأمنية المتكاملة في كل من الضاحية الجنوبية من بيروت والبقاع والجنوب.

ومنذ انتهاء الاحتلال السوري لوطن الأرز في عام 2005 ترفض هذه الأدوات المرتزقة بأوامر مباشرة من دمشق وطهران العودة إلى أحضان الدولة الأم وتسعى بكل وسائل الإرهاب والإبتزاز والعسكرة والمذهبية والتحريض إلى إحلال دويلتها التي يحكمها ملالي حزب الله مكان الدولة اللبنانية.

من هنا ليس أمامنا كلبنانيين مقيمين ومغتربين سوى خيارين لا ثالث لهما: إما الخضوع والاستسلام لدويلة حزب الله والعيش طبقاً لقوانينها المذهبية والقبول صاغرين بمشروعها "الإلهي" الإيراني، أو الصمود والمقاومة من أجل استعادة دولة لبنان التعايش والتميز والكيان والمؤسسات والحريات والديموقراطية.

في مواجهة هذه الهجمة الإيرانية – السورية القاتلة لكل ما هو لبناني وحضاري وقيمي لم تعد مقبولة أو مستساغة مواقف الحياد أو المقاربات المغلفة بالذمية والتقية. كما أنه لم يعد مسموحاً طبقاً لكل معايير الأخلاق والقيم والحقوق والحريات لأي لبناني يؤمن بقيمته الإنسانية وبهويته وتاريخ وطنه والجذور أن يغض الطرف عما يتعرض له الوطن، ولا أن يماشي "على عماها" قيادات وجماعات تغطي مشروع دولة محور الشر الإلهي بهدف الحصول على منافع مالية ونفوذ ومواقع ذاتية.

هنا نلفت السياديين والمناضلين الأصايل، الذين لا يزالون على ولائهم للعماد ميشال عون رغم انتقاله من قاطع الوطن إلى قاطع حزب ولاية الفقيه الساعي "إلاهياً" وسورياً وإيرانياً إلى تقطيع أوصال وطن الأرز وذبح أحراره لمصلحة دويلته، نلفتهم إلى ضرورة مراجعة مواقفهم وثوابتهم وأخلاقياتهم وضمائرهم ومقارنتها مع تلك التي يعمل في أطرها العماد "الموهوم" الذي أصيب بعد عودته من المنفى بلوثة وهوس كرسي بعبدا، وهو من يومها لم يعد يرى أي قضية أو أمر ألا من خلالها.

بالطبع كلامنا هذا لا يشمل "الودائع" من الأحزاب الشمولية والعقائدية والأصولية وجماعات الوصولية والمصالح الذين أحاطوا العماد وطوقوه بنواب ومستشارين وممولين وإعلاميين ووسائل إعلام من صحف وإذاعات وتلفزيونات وباقي مستلزمات التشويه والتضليل حتى أمسى وبامتياز رأس حربة المشروع "الإلهي" الإيراني - السوري وبوقه الصنجي والمدافع الأشرس " والأوقح" عن نظام بشار الأسد الإجرامي.، ولنا في نظريته الفذة بحل كل المشاكل مع الشقيقة الشقية على "فنجان قهوة" في الشام، وقوله إن الخلاف بين البلدين هو فقط إعلامي، وقوله أيضاً بعد إقرار المحكمة الدولية "إن هناك محكمة ولكن دون متهمين"، وأيضاً ادعاؤه الساذج "أنه كلما حدثت "ضربة كف" في لبنان تتهم سوريا بذلك"، وتطول قائمة ابتكارات الرجل الشارد عن خط السيادة والثقافة المارونية – اللبنانية.

في سياق لفت السياديين والمناضلين الأصايل من أسرى ورهائن تاريخ العماد عون وضحايا شعاراته التي نحرها جميعاً، نورد في أسفل تصريحاً نشرته وكالات الأنباء الوطنية بتاريخ 26/8/2007 وهو يختصر ما نريد إيصاله لرفاقنا هؤلاء حول مشروع حزب الله المناقض كلياً لمشروع الدولة اللبنانية، ونعيد التمني عليهم مراجعة استمرارهم مؤيدين للعماد الذي لم يعد يُعتمد على كلامه ولا على أفعاله والنوايا.

التصريح حرفياً: "رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين: "إننا في لبنان أمام عدة خيارات، وهي ثلاثة ليست أكثر، إما الشراكة، وأما أن يبقى الوضع معلقاً وإما التقسيم، لان التوغل في الخيارات السيئة والخاطئة حتما سيؤدي إلى تقسيم البلد. البعض يقول انه ليس تقسيما، سأقول لكم من الذي يسعى إلى تقسيم البلد". "الشراكة هي الخيار الأول، يعني التفاهم بحكومة وحدة وطنية والتوافق. حتى حين نتحدث عن استحقاق رئاسي نتحدث عن ضرورة التوافق والتفاهم هذا هو منطق الشراكة، هؤلاء رفضوا الشراكة، ما الذي بقي؟ إما أن يبقى الوضع معلقا وهذا يعني مزيدا في الخراب، وهم يتحملون المسؤولية، وإما الذهاب إلى التقسيم. وبالتالي إذا لم يقبلوا بالشراكة فهم إما مع بقاء الوضع على ما هو عليه وإما مع التقسيم حتما، وإذا توغلوا في النصف زائد واحد، كما يقولون في هذا الخيار، هم يذهبون إلى التقسيم. وهنا نسأل من يريد التقسيم في لبنان، الذي يريد التقسيم هو فئتان خارجي وداخلي، الطرف الخارجي هو الذي يعيش مأزقا في المنطقة ويريد أن يجد حلا له، وباب الحل بالنسبة إليه هو التوطين، وهو يعرف جيدا أن لا مجال للتوطين في لبنان إلا بالتقسيم، وهذا الطرف بالتحديد هو الأميركي الذي يريد أن يدفع من خلال المؤتمر المزعوم للقضية الفلسطينية، يريد أن يأتي بعد شهر أو شهرين بهدية لكي تفض مشكلة القضية الفلسطينية. كيف؟ عبر التوطين. من يعطيهم التوطين (لا تستمعوا إلى الشعارات والكلام ممكن، وكل العالم يشاهد التلفزيون ويقولون لا نريد التوطين ولا التقسيم). لكن هذا واقع، أميركا تريد التوطين لكي يكون الباب والمداخل لحل جزء مؤقت يؤجل لها المشكلة والمأزق في الشرق الأوسط والعراق، والتوطين لا يمكن أن يحصل إلا مع التقسيم، وهذه هي الفئة الخارجية".

كلام صفي الدين واضح وصريح ومباشر وليس فيه أي لبس. خلاصته إما استسلام اللبنانيين كلياً لدويلة حزب الله وتسليمها مقاليد الدولة اللبنانية بالكامل عن طريق ما يسمونه "الشراكة" و"حكومة الوحدة الوطنية" وغيرهما من المسميات العكاظية فتصبح كل مؤسسات الدولة (المجلس النيابي" ورئاسة الجمهورية والحكومة) بأمرتهم وبتصرفهم"، وإلا فاستمرار الوضع الراهن على حاله، أي دولتان في دولة واحدة، أو التقسيم ومعناه هنا الإعلان رسمياً عن قيام دويلة حزب الله بحال لم يتمكن الحزب من ابتلاع الدولة اللبنانية وقهر مقاومة وصمود الأحرار من حاملي لواء "لبنان أولا"

السؤال لمن بقي من السياديين وأصحاب النوايا الحسنة مؤيداً للعماد عون في خطه السوري الإيراني المستجد: "أين هو موقع التيار الوطني الحر الكياني والسيادي والاستقلالي وسط هذه الخيارات الهجينة والأصولية وهذا الواقع المعاش الصادم؟ فهل ناضلتهم طوال سنين وضحيتهم بالغالي والنفيس لتنتهوا غطاءً رخيصاً لمشروع ملالي إيران وأطماع حزب البعث السوري"؟ والسؤال الآخر: "ما هو موقفكم من هجمة إيران وحزب الله على شراء أراضي المسيحيين في البقاع وجبيل والجنوب والتقارير الموثقة في هذا المضمار لم تعد سراً وآخرها الصفقة التي قام بها النائب الياس سكاف".

يا رفاق النضال، إن وقفتكم مع الضمير والوجدان والثوابت الوطنية والثقافة المسيحية والمارونية اللبنانية تحديداً قد أمست ملحة وضرورية، وكلما عجلتهم بها كلما عجلتهم في خلاصكم الذاتي من وضع الأسر الخياري وفي تفشيل مشروع حزب ولاية الفقيه في لبنان، ومن له أذنان سامعتان فليسمع.

كندا/ تورنتو

عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com


قراءة استراتيجية لحركة حزب الله الأخيرة في منطقة الريحان


الكولونيل شربل بركات

يتساءل البعض هذه الأيام عن أهمية منطقة الريحان الاستراتيجية بالنسبة لحزب الله، ويحاولون تفسير قيام الحزب بتحصين وتجهيز مراكز فيها، بالاضافة إلى شراء أراض وعمليات اسكان تتم بأموال إيرانية، بأنه تحضير لمعركة جديدة مع اسرائيل ونقل خطوط الدفاع التي يملكها الحزب من جنوب الليطاني إلى الريحان وجنوب البقاع بعيدا عن عيون الاسرائيليين وخارج منطقة عمل القوات الدولية.

ولكن في نظرة سريعة للانتشار السكاني وتركيز القوى في لبنان، نجد بأن استعدادات حزب الله ليست ضد اسرائيل ولا هي من أجل بناء قواعد لصواريخه الطويلة المدى بقدر ما هي محاولة لمنع فصل الجنوب الشيعي عن البقاع الذي يسيطر فيه حزب الله ويعتبر طريق امداده بالسلاح والتجهيز من قبل إيران وعبر الحدود السورية.

حزب الله، لا بل الحرس الثوري الإيراني الذي يخطط ويأمر، يرى بأن أية محاولة سيقوم بها الحزب في مجال منع الاستقرار في البلد ووقف الحياة الديمقراطية سوف تؤدي في نهاية الأمر إلى الصدام المسلح، وهو يحاول أن يؤمن طرق امداد جماعته في الجنوب عبر ممر استراتيجي يعتبره حيوي جدا؛ هو ممر مشغرة  عرمتى  جرجوع ومنها إلى النبطية وإقليم التفاح. ومن هنا يحاول شراء الأراضي وتحصين المواقع والسيطرة الكاملة على هذا المحور الرئيسي في استراتيجيته للسيطرة على لبنان.

في حال قيام أي نزاع مسلح سوف تفرز المناطق اللبنانية، وقد يستطيع الدروز بقيادة جنبلاط قطع طريق الشام ومنع الاتصال بين البقاع والضاحية، وقد تستطيع القوات الدولية وقف الامداد باتجاه النبطية عند مرجعيون. وإذا ما تم التنسيق بين هذه القوات والقوات التابعة للحكومة أو المؤيدة لها في مناطق الجبل عبر منطقة الريحان، فإن الجنوب سوف يعزل عسكريا ويمنع عنه التموين والتجهيز ما سيقضي على مقاومة حزب الله فيه، من هنا التشديد على خلق منطقة عسكرية قوية قادرة على مقاومة أي ضغط من قبل الجيش أو أية قوى أخرى، ولو مدعومة من قوات الأمم المتحدة في الجنوب، بقصد عزل حزب الله في هذه المنطقة كمقدمة لتنظيف الساحل بكامله من سيطرته.

يوم أبقى الجنرال لحد منطقة جزين تحت حماية جيش لبنان الجنوبي، كان الهدف الرئيسي من ذلك منع حزب الله، الذي كان يسيطر بكل الدعم السوري - الإيراني على البقاع، من العبور إلى الجنوب بسهولة وخلق الجمهورية الاسلامية على اراض لبنانية يكون لها منفذا على البحر المتوسط؛ الحلم الدائم لملوك فارس. ويوم قامت حركة أمل، بعد خطف "الكولونيل هيغنز" رئيس فريق المراقبين الدوليين في لبنان، بملاحقة جماعة حزب الله، استطاعت السيطرة على الجنوب كله وطردهم منه، وذلك لعدم سهولة دعم حزب الله في الجنوب. ثم كان ما كان بأن تحايلت سوريا على أمل فأدخلت عناصرها في الجيش الذي سيطرت عليه من خلال الحكم وأبقت على عناصر حزب الله "كمقاومة مسلحة" وحيدة هيمنت شيئا فشيئا على الطائفة الشيعية ومن ثم أصبحت الذراع السوري - الإيراني الدائم الجهوز على الأراضي اللبنانية.

إن القول بأن حزب الله كان مقاومة وطنية هو خطأ استراتيجي أساسي وقع فيه الزعماء اللبنانيون بسبب مسايرة قوى الاحتلال، ومحاولة إظهاره وكأنه المدافع عن حقوق الطائفة الشيعية كان خطأ آخر بنفس الفداحة، وعدم السماح بقيام قيادة شيعية قوية لمجابهة حزب الله من قبل أحرار الطائفة الشيعة في الانتحابات النيابية الماضية كان الخطأ الأكبر لجماعة الأكثرية، كما كانت إعادة انتحاب الرئيس بري للمرة الرابعة رئيسا للمجلس، من ضمن صفقة التحالف الرباعي، ما جعله يلتزم أوامر حزب الله ويبقى تحت مظلته، فيسحب وزرائه من الحكومة، ويمنع انعقاد المجلس النيابي في دورته العادية، وهو سوف يرفض، بدون أدنى شك، حق الأكثرية بانتخاب الرئيس الجديد، ويسمح في نهاية الأمر بالدخول في حرب داخلية، طالما سعى إليها أعداء لبنان، وتقسيم البلاد، إذا لم يتم لحزب الله السيطرة عليها، بين دولة يقيمها وحده حيثما يستطيع، وكل اللبنانيين فيما تبقى من الاراضي، وكأن كل ما قيل عن منع التقسيم من قبل المجتمع الدولي من جهة، ومن قبل العرب من جهة أخرى، لا ينطبق على حلفاء سوريا بل على معارضيها فقط.

إن سوريا التي خرجت من لبنان بسبب ضغط المجتمع الدولي وقرار مجلس الأمن 1559 تصمم للعودة بواسطة حزب الله الذي يختبئ دوما خلف مقولة محاربة اسرائيل كلما اجمع اللبنانيون على ضرورة التخلص من سيطرته وابتزازه، فهو أعلن الحرب السنة الماضية عندما أوشك الجميع على الاتفاق حول مطالبته بتسليم سلاحه، وهو احتل وسط بيروت تحت شعارات واهية ليكون له رأس جسر في حربه القادمة على لبنان، وهو يتحضر اليوم لجعل جبل الريحان الممر البديل لنظام دمشق للعبور إلى الساحل في حال أغلق الجبل بوجهه.

إن وجود قوى تابعة لسوريا وقادرة على إغلاق مطار بيروت (في الناعمة مثلا) ساعة يشاء نظام دمشق، والسماح لحزب الله بالتحرك بحرية في مجالات التدريب والتحصين والاتصالات والأمن، وبقاء غرفة العمليات المشتركة بين السوريين والحرس الثوري الإيراني وحزب الله قائمة، هي مؤشرات خطرة تطال الاستقرار والامن ليس فقط بالنسبة لتحرك السياسيين والقادة السياديين في لبنان، وإنما لكافة المواطنين، وأيضا للقوات الدولية العاملة في الجنوب. وطالما لم تستطع الحكومة أن تستعين بمجلس الأمن من أجل تأمين السيطرة على تهريب الأسلحة والعتاد والعناصر عبر الحدود مع سوريا، فإن الوضع في لبنان قابل للتفجير في أية لحظة، أجرت الانتخابات الرئاسية أم لم تجر، لأن ما يمنع نظام دمشق من المضي في هجومه المضاد على الحكم اللبناني هو التعاون الجدي بين الحكومة والمجتمع الدولي، وعلى الحكومة أن تحدد مخاوفها ومطالبها قبل فوات الأوان، لأن البكاء على الأطلال لن يجدي نفعا، ومقولة الخوف من تفسير مطالب الحكم بأنها مماشاة للسياسة الأمريكية ضد بلد عربي أو فصيل وطني هو الغباء بعينه، فمن لم يأبه لخراب الضاحية والجنوب ولبنان واعتبر اطلاقه الصواريخ بالرغم من كل الخراب الذي حصل "انتصارا الاهيا"، يمكنه في أي وقت أن يفتح حربا أخرى ويستخدم كل الوسائل لضرب خصومه والسيطرة على البلاد.

ليس دفاعاً عن أسرى 48 بل دفاعاً عن الحقيقة


راسم عبيدات

........أسرى الثمانية وأربعين، هم جزء أصيل ومكون أساسي من مكونات الحركة الأسيرة الفلسطينية في السجون الإسرائيلية، وهم قاموا ويقومون بواجباتهم ودورهم النضالي تجاه شعبهم وثورتهم وقضيتهم، إنطلاقاً من قناعاتهم ورؤيتهم لوحدة الهدف والمصير اللذان يجمعان ويوحدان شعبنا الفلسطيني، وعلى هذه القاعدة لم تخلو السجون والمعتقلات الإسرائيلية يوماً، من أسرى شعبنا من مناطق 48، بل أن أعدادهم إزدادت بشكل لافت للنظر بعد الإنتفاضة الثانية، مما يدلل على تنامي الحس والشعور الوطني والقومي عندهم ، وهم في إنخراطهم في العمل الثوري والكفاحي والعمل المقاوم ضد الإحتلال، لم ينتظروا منةً أورتب ونياشين من أحد، وإنصافاً للحقيقية فإن العديد منهم، مثلوا حالات نضالية مميزة في السجون، ولعبوا دوراً هاماً في قيادة الحركة الأسيرة في الكثير من المعارك المطلبية التي خاضتها من إجل إنتزاع والدفاع عن حقوقها ومكتسباتها ضد إدارات السجون الإسرائيلية، ورغم ما تعرض له أسرى 48 من قمع وممارسات فاشية من قبل إدارات السجون الإسرائيلية، وإجحاف وإهمال فلسطيني لهم، إلا أنهم ظلوا قابضين على مبادئهم كالقابض على الجمر .
والقمع الإحتلالي تمثل في عزلهم في سجون ومعتقلات أو أقسام معينة لوحدهم، وعدم شمولهم في أية عمليات إفراج في إطار التفاوض مع السلطة الفلسطينية ،أو ما يسمى ببوادر حسن النية الإسرائيلية، وكذلك عدم السماح بتلقيهم لمخصصات " الكنتينا " من السلطة الفلسطينية، وعدم السماح للمحامين من الضفة الغربية وكذلك ممثلي السلطة الفلسطينية بزيارتهم والإلتقاء بهم، والأكثر من ذلك في مناسبات الإعياد الإسلامية الفطر والأضحى، يحظر عليهم تلقي الحلويات من السلطة الفلسطينية بهذه المناسبة ، وهذه " النعم " الكثيرة التي أنعم الله بها على أسرى 48، كلها بعد أوسلو، وفي المقابل هناك إجحاف فلسطيني غير مبرر بحق أسرى 48، وهو التسليم بالشروط والمواقف الإسرائيلية، بأن أسرى شعبنا الفلسطيني من مناطق 48، هم جزء من مواطني دولة " إسرائيل " ولا يحق للسلطة الفلسطينية التكلم بإسمهم، وعدم إعطاء قضيتهم الإهتمام الكافي، وأيضاً عدم إحتضان أسرهم وعائلاتهم ، رغم أنه لخصوصية وضعهم يجب أن يعطوا إهتماماً خاصاً، وأن تثار قضيتهم بشكل دائم ومستمر في كل المحافل والمناسبات، ومن خلال لجنة خاصة ، تشكل لمتابعة قضاياهم وأوضاعهم وإحتياجاتهم، ولكن التهميش لهم، قد يخلق حالة من الإحباط واليأس عند البعض منهم، والذي يرى ان الطرف الفلسطيني، قد تخلى عنهم وهم الجنود الذين ناضلوا من أجل شعبهم وقضيتهم، وفي الوقت الذي نجحت فية أسرائيل في فرض شروطها على الجانب الفلسطيني في قضية الأسرى، من حيث تقسيمهم، إلى أسرى قدس، وأسرى ثمانية وأربعين، وأسرى غزة ، وأسرى ضفة، وأسرى أيديهم ملطخة "بالدماء" ..الخ، كل ذلك عكس نفسه على الحركة الأسيرة الفلسطينية بالمجمل، وإن كان إنعكاس ذلك على أسرى القدس والثمانية وأربعين أكثر وأعمق تأثيراً، حيث بدأ العديد من المناضلين بمخاطبة الجهات المسؤولة في إدارة السجون من أجل تحديد مدة المؤبد لهم، وبمعرفة أحزابهم وتنظيماتهم، وبعضهم قدم الطلبات من خلال محامين، وآخرين نقاشوا هذه المسألة مع العديد من أعضاء الكنيست العرب الذين يقومون بزيارتهم في المعتقلات الإسرائيلية، والغريب هنا أن عضو الكنيست عباس زكور، قد قام بزيارة لعدد من أسرى 48 في المعتقلات الإسرائيلية وشرحوا له ظروفهم وأوضاعهم، وما تقوم به إدارة السجون الإسرائيلية من ممارسات إذلالية بحقهم، وطلبوا منه متابعة قضية تحديد مدة المؤبد لهم مع الجهات الرسمية الإسرائيلية ، لتخرج علينا جريدة الصنارة في الداخل بتاريخ 10/8/2007 بخبر، يقول بأن أسرى 48، يفوضون السيد زكور لمتابعة قضيتهم مع سلطات الإحتلال، وبأنهم يعتذرون عن نضالاتهم وعن ما قاموا به من أعمال وطنية، ورغم قناعتنا بأن هذا الخبر، لا يمت للحقيقة بصلة، وبحاجة لرد وتوضيح من ذوي الشأن، فالرد لم يتأخر، فقد أصدر الأسرى السياسيون الفلسطينيون من 48 بياناً قالوا فيه ، أنهم لم يتخلوا يوماً ومهما كانت قساوة وشدة الظروف عن وطنيتهم وعن إنتمائهم، ولن يعتذروا عن أية أعمال قاموا بها في إطار واجبهم الوطني، وأن ما حصل أنهم طالبوا السيد زكور، وبالتحديد ثمانية منهم بمتابعة مسألة تحديد مدة المؤبد لهم مع الجهات الرسمية الإسرائيلية، وأنا بمعرفتي الشخصية بالكثير من أسرى الثمانية وأربعين، أجزم أنهم يفرقون ويوزعون وطنية وإنتماء على الكثيرين ، فالذي يعرف محمد زياده " أبو منصور " والذي مضى على وجوده في السجن أكثر من عشرين عاماً ، ولم تضعف له قناة أو عزيمة، وهو الذي تقوم إدارات السجون بنقله وترحيله شهرياً بين السجون المختلفة ، لدوره في المطالبة المستمرة بحقوق الأسرى ، والذي لم يهادن أبداً في هذه القضايا ، وأيضاً المناضل المتمرس وليد دقة، والذي كان وما زال قائداً ومعلماً للكثير من أبناء الحركة الأسيرة الفلسطينية، ومخلص برغال والذي تعرفة إدارات السجون الإسرائيلية بصداميته وتصديه لهجماتها وغاراتها على أبناء الحركة الأسيرة، وكريم يونس وفراس العمري وغيرهم من أبطال الحركة الأسيرة من مناطق ثمانية وأربعين ، وأنا أقول وبثقة عالية ، أن مثل هؤلاء الرجال والأبطال أهون عليهم أن يشنقوا ألف مرة من أن يعلنوا براءتهم من نضالاتهم ، أو ان يعتذروا عنها ، فهؤلاء أبطال ما حنى الدهر قامتهم أبداً، وهم مروا بتجارب سابقة مع إدارات وإستخبارات مصلحة السجون الإسرائيلية، عندما طالبوهم أنه في سبيل تحسين شروط وظروف إعتقالهم، فما المانع أن يعلنوا حل تنظيماتهم وبراءتهم منا، وكان الرد بأننا ممسكين بأحزابنا وتنظيماتنا وإنتماءنا كالقابض على الجم ، ولا مجال للمساومة في هذا الجانب، ورداً على ذلك قامت إدارات السجون بعمليات قمع وتنقل واسعتين بحق قادة الحركة الأسيرة من مناضلي 48 ، ومن هنا فإن محاولات البعض لتشوية صورة وسمعة وتاريخ أسرى شعبنا الفلسطيني من مناطق 48 ، لن يكتب لها سوى الفشل، وأنه مهما كانت الصعاب، ومهما بلغت شدة حالة الإحباط واليأس، إلا أن هؤلاء المناضلين لن يفقدوا البوصلة أبداً، وهم متجذرين في عقائدهم ومبادئهم ونضالاهم، وهم بحاجة إلى كل الدعم والإسناد من كل جماهير وقطاعات شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، وأنه يجب على السلطة الفلسطينية، العمل على تشكيل لجنة خاصة لمتابعة شؤون أسرى 48، نظراً لخصوصية قضيتهم ، وكذلك فإنه في أية عملية تبادل أسرى بالضرورة أن يكون هؤلاء الأبطال على رأسها ، فهم خارج إطار حسن النوايا والمفاوضات ، هذه النوايا والمفاوضات العقيمة والتي تزيد من إحباطهم ويأسهم ، وأنني على ثقة بأن أسرى شعبنا في 48 سيبقوا بمثابة الهادي والنبراس والمعلم لأبناء حركتنا الأسيرة الفلسطينية، والمشاعل التي تضيء لنا الطريق ونستمر على هديها ونهجها ، وحتماً صمودها ونضالاتها ستأتي أكلها في الحرية والإستقلال والدولة المستقلة لشعبنا رغم ، قساوة وصعوبة وخطورة الأوضاع الداخلية والمحيطة بثورتنا وقضيتنا وشعبنا .


القدس – فلسطين

الأحد، أغسطس 26، 2007

السلام.. المعجزة المنشودة



رشا أرنست

كاتبة من مصر
إذا سألنا أي إنسان عن رغبته الأولى في حياته ستكون الإجابة هي السعادة. والسعادة تكون نتيجة تعود إلى أمور كثيرة منها رضا الله، حب الناس، النجاح، الشهرة، السلام.....الخ.
وكل إنسان يرغب في أعماق قلبه إلى السلام La Paix، سلام مع إلهه، سلام مع ذاته، سلام مع الآخرين. هذا ما يرجوه أي إنسان عاقل ، ناضج، عرف الفرق بين الخير والشرّ. ولكنه أحياناً يجهل كيف يصل إلى هذا السلام المرجو. غالباً ما يجهل كيف يصوب فكره وأعماله وإرادته نحو الخير الذي بداخله ليصل إلى هذا السلام. وللأسف ليست دائماً الطرق التي نسلكها للوصول إلى السلام تكون طرق الله، لكن أحياناً كثيرة تكون طرق ذاتية مبنية على الأنانية والتعصب أو الحقد الغير مبرر. وللأسف أيضاً هذا ما انتشر في الآونة الأخيرة، وليس له مكان محدد، بل انتشر في كل بقعة من بقاع الأرض. انتشرت أصوات كثيرة اغلبها عالية تـُنادي بالسلام، ولكنه سلام مزيف. سلام ينبع عن أنانية مُفرطة وجنون ليس له حدّ والمُبرر أننا نسعى للسلام. نحارب والسبب أننا نريد السلام. نقتل الأبرياء ونفجرهم والسبب أننا نبغي السلام. نشاهد بعيوننا ما اقترفت أيدينا حب وجنوناً في الظهور من دماء وأشلاء وموت هنا وهناك ونَدعي أننا نريد السلام.

معاني كثيرة تفرعت من معنى السلام، وكثرت الادعاءات. ولنُعرف معاً معنى السلام الحقيقي كما هو دون مغالاة أو تزييف. يُعرف السلام في معناه اليومي المتداول بين الناس انه الهدوء والطمأنينة، وفي اللغة الدارجة "نحن في سلام أي ليس عندنا حرب" كما نستعمل لفظ "السلام" في لغتنا العربية يومياً في إلقاء التحية"السلام عليكم" ويكون ردها واجب على الطرف الآخر بـ"وعليكم السلام". وفي لغة صناع القرار"اقصد هنا الرؤساء" يأتي تعريف السلام بأنه حالة يخلو فيها العالمُ من الحروب والنزاعات، أو بأنه حالة من الأمن والاستقرار تسود المنطقة وتتيح التطور والازدهار للجميع.
ذكر السلام في الكتب السماوية كثيراً وأوُصي به، فهو من القيم السامية التي تدعو إليها كلمة الله بالكتاب المقدس في المسيحية والتي لا تزال قائمة في التعبير عن السلام حتى في مفهومه الروحي العميق، فنجدها في الكتاب المقدس بجملته. فقد ذكر لفظ السلام أو الدلالة عليه"سلاماً، سلامي..." أكثر من مائتي مرة تقريباً ونذكر على سبيل المثال ما جاء في سفر المزامير احد أسفار العهد القديم الفصل 85"إِنِّي أَسْمَعُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ اللهُ الرَّبُّ، لأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِالسَّلاَمِ لِشَعْبِهِ وَلأَتْقِيَائِهِ"، كما ذكر على لسان السيد المسيح بسفر القديس يوحنا 14 :27"سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ". ففي اللغة العبرية إحدى اللغات التي كتب بها الكتاب المقدس مع الآرامية واليونانية نجد لفظ "شالوم" وهو يشتق من مصدر يدل، تبعاً لمواطن استعماله، على وجود الشيء في وضعه السليم، أو يشير إلى الفعل الذي به تـُعاد الأشياء إلى وضعها القديم السليم. لذلك فليس السلام في الكتاب المقدس هو مجرّد "الميثاق" الذي يتيح حياة هادئة ولا زمن الصلح مقابل زمن الحرب، وإنما السلام يدل على هناء وهدوء الحياة اليومية ووضع الإنسان الذي يعيش في وئام مع الله، نفسه، الآخرين ومع الطبيعة أيضاً.
أما في الإسلام فقد أعطى الإسلام حق الأمن والسلام الاجتماعي والإنساني، فذكر في القرآن الكريم: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}. من هذه الآية تتأكد حرمة سفك الدماء والفساد في الأرض.

الأديان السماوية جميعها تُنادي بالسلام، ولكن كأنها تكلم اناس غير الذين يعيشون على هذا الكوكب. كل منطقة في قبضة يد رؤسائها، فأن أرادوا السلام تحقق، وان لم يدركوه جاءت الحرب بعينها دون أدنى شك. وما يحدث في عالمنا اليوم أسوأ بكثير من هذا، فاليوم يجلس مَن لا يقوى على مواجهة حقيقة داخله المدعو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، على كرسيه الذي فقد معناه بجلوسه عليه ليُدير كفتي السلام والحرب من داخل البيت الأبيض الذي اتشح بسواد الأمهات اللواتي فقدن أبنائهن في هذه الحروب والمنازعات المزعومة من اجل السلام. أمهات من كل بقعة، بداية بمن يعيشون بجواره في أمريكا، وقد أرسل أبنائهن للحرب في العراق، إلى أمهات العراق اللواتي لا يستطعن عمل شيء سوى انتظار العدل من ملك العدل. إلى أمهات لبنان، وفلسطين الحاملات العذاب والذل ونكبات الحرب من عشرات السنيين. كل هذا وأكثر والاسم تحت عملية السلام.
عملية السلام التي أصبحت لعبة الألفاظ المحكومة من زعماء لا يعرفون ما هو السلام، السلام الذي يخرج مع نسمات روح كل طفل يموت في فلسطين. السلام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة مع أسلحة الإرهاب بداية من بوش ومروراً ببن لادن الهارب الذي يتخفى في عباءة الدين البريء منه، إلى كل منحرف يُمسك بسلاح دمار ليقتل بريء باسم الله. السلام الذي يُعدم مع إعدام العشرات كل يوم على الطرق المتفرقة في بلاد العراق، السلام الذي استسلم على حدود لبنان يُنادي ارفعوا أيديكم عني.
كل هؤلاء الذين يتحكمون في مصير البشر مُعلنون أنهم أنصار السلام، ما هم إلا أشباح أنانيون لا يعرفون إلا النظر في المرآة لرؤية آثار الحرب والضعف والهزيمة التي يرونها على إنها أوسمة نجاح. ولكن حقيقتها امامنا أوسمة عار أيها المنادون بالسلام والدفاع عن الدين أو حقوق الإنسان.

لست بصدد الحكم على هذا أو ذاك، وإنما كلماتي هذه بصدد البحث في أعماقنا الإنسانية الباقية للبحث عن معنى السلام الحقيقي. فالسلام غايتنا الملحة في هذه الأيام تمثل حلم كأحلام المراهقين البعيدة. فكأنها تحولت من رغبة وعمل إلى حلم ثم إلى معجزة. فهل نحن فعلاً بصدد البحث عن معجزة السلام؟ ومن سيصنع هذه المعجزة؟
تُولد الرغبة في السلام مع لحظة الميلاد. يولد السلام الآتي من الآمان والاطمئنان. السلام الذي يجده الطفل في حضن أمه من اللحظة الأولى لميلاده. هذا السلام الذي نتوقُ له اليوم، وندعو من اجله. ولكن أين هو؟ علينا أن نسأل أنفسنا، علينا أن نعي مدى احتياجنا لهذا السلام. آن الأوان لأن نفيق من هذه الغيبوبة، غيبوبة أنا ومن بعدي الطوفان. غيبوبة الأنا التي سيطرت على صناع القرار. إذا لم يفيقوا بإرادتهم فليفيقوا بأصوات الشرفاء هنا وفي كل العالم. آن الأوان ليسكت الظلم وترفع أعلام الحقيقة والإنسانية من جديد. أن يُنادي كل إنسان يمتلك ضمير لا للحرب ونعم للسلام، لا للظلم ونعم للحق، لا للتكفير ونعم لرأيك أيها الآخر الذي يعيش معي وبجواري. نسير معاً أو لا نسير. ندافع معاً ونموت معاً.

لتسكت كل الأصوات المزيفة التي تنادي بالسلام المزيف وليعلى صوت الشرفاء المؤيدون لنشر ثقافة السلام الحقيقية. ثقافة السلام التي أساسها أن يتغير الإنسان أولاً من داخله. حتى يستطيع أن يُغير واقعه الخارجي. لا يستطيع احد أن يقول شيء وهو لا يؤمن به. أن آمن به يؤمن الآخرون الذين حوله. الإيمان بالشيء أساسه، وأساس ثقافة السلام هو الإيمان بالبقاء، السلام ينشد البقاء، والاستمرار. يسعى دائماً للتحول إلى الأفضل بطرق سلمية آمنة.
هناك العديد من المؤسسات الآن تُنادي بثقافة السلام. ثقافة السلام تبدأ من أطفالنا، إذا عرفوا قيمة السلام وآمنوا به سيكون أساساً لنهج حياتهم في المستقبل. ولكي يبقى الأطفال ويكبروا يلزمنا أن نؤمن حياتهم، أن نحملهم في سلام، أن نعيش لنربيهم ونراهم كما ينبغي أن يكونوا. لكي يكونوا غداً موجودين لابد أن نؤمن لهم اليوم. واليوم يفتقد للسلام. دعونا نُؤمن لهم السلام المفقود اليوم لكي يعيشوا غداً في سلام. دعونا نذهب بعيوننا وقلوبنا إلى الله القادر أن يزرع السلام بداخلنا ليخلقنا من جديد نحب السلام. فلنعطي كلمته فرصة تعمل بداخلنا، لنصنع جسور جديدة من الحب والسلام لنبني معاً من جديد ما هدمته الحرب والكراهية، لنبني حياة جديدة قائمة على العدل مليئة بالخير والنعمة والسلام للجميع.