الاثنين، يونيو 30، 2008

الحرب العالمية الثالثة... والطاغية الجديد

الكولونيل شربل بركات

هل بدأت فعلا بوادر الحرب العالمية الثالثة ومن هو الطاغية الجديد الذي سيشعل فتيلها؟

في تنبؤات نوستراداموس وبحسب الترجمات المتعددة والتي تختلف أحيانا كثيرة لتجمع على نقطتين هما: تفسيرها للطاغية الأول بأنه كان نابوليون، وفعلا رأت أوروبا خلال حكمه كثيرا من الدماء، والطاغية الثاني على أنه هتلر الذي كان سببا ليذوق العالم في أغلب جهاته قتالا ودماء لا يزال يذكرها حتى اليوم، أما الطاغية الثالث، وبحسب ما تجمع هذه الترجمات أيضا، فسيظهر في الشرق الأوسط ويلبس على رأسه عمامة ويطلق حربا ستكون الأكثر تدميرا والأوسع انتشارا، ومن هنا بدأ الكثيرون بانتظار هذا الطاغية الجديد ومنهم من اعتقد بأنه الإمام الخميني رحمه الله. ولكن الإمام الخميني توفي قبل أن نرى حربا عالمية مدمرة، لذا توجهت الأنظار إلى أسامة بن لادن لأنه أطلق حربا عقائدية وتخريبية على المستوى العالمي وفي كل الأماكن ولبس العمامة، ولكنها لم تبد بعد حربا عالمية كثيرة الدماء والتدمير ولذا يصعب أن يكون هو ذلك الطاغية. وقول البعض الآخر، وبعد الإعلان عن انطلاق برنامج إيران النووي، بأن الطاغية الجديد قد يكون الرئيس أحمدي نجاد الذي يلعب دورا أساسيا على ساحة الشرق الأوسط ويظهر تشددا وتصميما في الموضوع النووي ودفعا باتجاه المواجهة مع العالم وتعنتا في مواضيع التفاوض، يضعنا أمام السؤال هل صحيح بأنه سيكون الطاغية الثالث هذا؟

ولكن نوستراداموس، ودوما بحسب المترجمين، يقول بوضوح بأن الطاغية الثالث يرتدي العمامة على رأسه والرئيس نجاد لم نره يوما يرتدي هذه العمامة، فهل تسقط إذا الإشارة إلى نجاد وهل ستبتعد كأس الحرب العالمية لفترة ما؟ أم أن الإمام خامنئي هو الحاكم الفعلي لإيران اليوم وهو من رآه المتنبئ في ذلك الزمن البعيد سببا لتلك الحرب الضروس التي يحاول العالم أن يتجنبها؟

ليس الهدف من ذكر هذه التنبؤات أن نعتقد بصحتها ولا أن نيأس من رحمة الله أو من قدرة قادة العالم على التفاهم وتجاوز المحن وتخطي العقبات في العلاقات الدولية، ولكننا نشير إليها لأننا نرى بالفعل ولأول مرة أن الأمور أصبحت تسير في طريق المواجهة بسبب التصميم على تغيير النظام العالمي بالقوة وليس محاولة التعديل نحو الأنسب بالتفاهم والتعاون؛ الدور الذي كان يتوقع العالم أن تقوم به منظمة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. وما نراه يحدث في لبنان هو صورة مصغرة عن مشاريع القوى المتقابلة ولن تستطيع هذه، على ما يبدو، تخطي الصدام ومنع المواجهة.

يقول حزب الله بأنه يقاتل الولايات المتحدة في لبنان ومشاريعها من أجل الشرق الأوسط الكبير، ولا يخفي أبدا هذا المنحى من حربه وتحضيراته، وهو صادق فيما يقول، ولذا فهو لن يقبل بأن ينزع سلاحه ولا بأن تقوم دولة تعددية أو ديمقراطية أي فيها رأي غير رأيه، فلا حكومة قد يكون فيها أكثر من رأي مقبولة، ولا نواب قد يشكلون رأيا آخر يمكن أن ينتخبوا، ولا إعلام مختلف أو قوى حرة غير خاضعة سيسمح لها بالوجود، من هنا على اللبنانيين أن يفهموا إلى أين تسير البلاد ونحن نعتقد بأن الكثيرين بدأوا بتفهم ذلك.

يوم قام حزب الله بمصادرة الطائفة الشيعية في لبنان لم يقف أحد ليقول بأن ذلك خطأ وأن ترك هذا الحزب يسيطر على الطائفة بكاملها سيؤدي إلى الأحادية فيها ومن ثم الصراع مع الآخرين. ويوم صادر هذا الحزب "المقاومة" و"أسلمها" لم يقم أحد ليقول بأنه ليس مكلّفا ولا مخوّلا أن يقاتل أبناء الجنوب ويجب علينا أن نسمع رأيا آخر. ويوم احتل السوريون آخر معقل كان خرج عن سيطرتهم في بيروت الشرقية وحلوا المليشيات ثم أبقوا هذا الحزب وحيدا على الساحة وفرضوه على الدولة وأجبروا الجيش أن ينسق معه ويسانده ويجيّر معلوماته وأجهزته له، لم يكن ذلك صوابا، ولا كان ترك هؤلاء يتحكمون بالجنوب وأهله وبالبقاع وسكانه وبالضاحية الجنوبية ويبنون دولتهم بينما يبني الآخرون مصالحهم في الدولة المشتركة، بعد نظر.

ويوم وافق لبنان على الاتفاق الذي جرى بين حزب الله وإسرائيل بعد عملية "عناقيد الغضب" مثلا، بالرغم من عدم مشاركته في المحادثات معتبرا بأنها شأن يخص إسرائيل وحزب الله وحدهما وأن لبنان ليس سوى مسرح صراعهما، أقر، بمباركته ذلك الاتفاق، بأن لحزب الله الحق في قصف الجنوب وسكانه المدنيين أو العسكريين على السواء وقتلهم بواسطة عبواته، وهم نظريا لبنانيون، ولكن ليس له الحق في قصف إسرائيل أو إقلاق سكانها المدنيين والعسكريين، ويومها اعتبر من في الحكم ذلك الاتفاق نصرا غير مباشر لهم لأنه يترك، على ما اعتقدوا، حزب الله يلهو في الجنوب بينما يسيطر غيره على الدولة، ولكن هؤلاء لم يدركوا في الحقيقة أن أية قوة تبني لها أرضية تلونها بالتضحية في سبيل "الوطن والأمة"، ولو كذبا ونفاقا، وتتمتع بتصفيقهم لها سوف تنافس من في الحكم عاجلا أم آجلا.

ويوم انسحبت إسرائيل من الجنوب سنة 2000 هلل الجميع لحزب الله هذا ولم يعلموا أنهم إنما يحفرون بيدهم قبور الميثاق الذي يسمح بتلونهم وبحريتهم في الرأي والتحرك، ويبنون صرح الهمجية القادمة من غياهب التاريخ لتذلهم في بيوتهم وتفرض عليهم من يحالفون ومن يناصرون ومن يعادون ومن يحاربون.

اليوم حزب الله يسيطر على المرتفعات من الهرمل شمالا إلى تومات نيحا وما بعدها إلى الجنوب بعد أن نكل بأهل بيروت وحاول الدخول إلى قرى الجبل، وهو قادر على قطع الطرق البرية متى شاء وقادر على منع اللبنانيين من التواصل، فهم يتكلون على الدولة وعلى الجيش وهؤلاء لا أوامر عندهم لمنع هذا التعدي على سيادة الدولة لأن "عقيدة الجيش" قد بنيت في ظل هذه "المقاومة" الكاذبة ولن تغييرها الظروف الجديدة فهي فرضتها أكثر فأكثر بقوة السلاح الذي تمتلكه وحدها والذي منع هذا الجيش من القيام بواجبه تحت مقولة الخوف من الصدام معها بعد الحادث المفتعل الذي كان وقع في مار مخايل وأوقف بنتيجته الضباط والعسكريين الذين أظهروا عن عنفوان وانضباط لتسقط هالة بناها مئات الشهداء ولم يجف دمهم بعد. هذا السلاح عينه من حاول المجتمع الدولي نزعه منها بقرارات وأولها 1559 فتصدى له من يبكون اليوم ندامة على فعلتهم هذه ومنعوا التنفيذ.

حزب الله في صراع القوى بين إيران والعالم يعرف أين يقف ولا إحراج له من الوقوف في صف إيران ولو وقف كل العرب وكل اللبنانيين ضدها فهو يعتبر نفسه فيلقا في جيش الفقيه يؤدي مهمته منتظرا ظهور المهدي الذي يخلص الأرض.

الصراع الذي سنشهده بدون شك لم يعد محددا في حق بقطعة أرض أو بتنفيذ قرار وبالتأكيد ليس موضوع نزاع حول منصب أو وزارة، وهذا ما صرح به أكثر من مسؤول في حزب الله "فالمقاومة لا تبطل باستعادة الأرض والحق لأنها أصبحت نهجا وهي تسعى لفرضه"، إنه صراع شامل يتعدى حدود لبنان نحو فرض نظام عالمي جديد تقوده إيران الفارسية نعم، لكنها هي من يؤمن "ولاية الفقيه" ونهجها ويتبعها شيعة لبنان بكل انضباط وينفذون الأوامر الصادرة عن قادتها بكل دقة في ظل سيطرة حزب الله (ومن شذ لاقى جزاؤه حتى ولو كان إماما ضالعا في الفقه مشهودا له بين الناس مثل السيد علي الأمين مفتي صور مثلا)، ولا ضرر إن أصاب الأهل هنا في لبنان أو الجيران أو الأقارب أي ضيم لأن القضية تفوق بأهميتها الأمور الأرضية وتتعدى بقيمتها مشاعر الناس العاديين.

لم تعد إسرائيل هي العدو كما صورت لنا لسنين عديدة بل أصبحت الولايات المتحدة والعالم الحر، أي النظام الذي تلى الحرب العالمية الثانية ورتب العلاقات الدولية والقوانين وحقوق الناس، وهو الذي كان قام على أساس مبادئ الثورة الفرنسية التي كانت نادت "بالحرية والأخوة والمساواة"، والمطلوب اليوم تعديل هذه المبادئ لصالح الطبقية التي يحددها الفقهاء والشرع الذي لا يعرفه سواهم وكلها مرسلة مباشرة من عند الله عز وجل ولا ندري بعد كيف وأين ومتى سيفرض العمل بها.

الحرب العالمية الثالثة على الأبواب نعم، وسوف تنطلق من الشرق الأوسط حيث النفط والغاز وحيث الثروات الكبرى، والأهم من ذلك حيث نزلت الديانات وتصارعت على مدى قرون وأجيال وحيث الملايين من الفقراء والذين يزيدهم تعنت الولاة الجدد فقرا كل يوم ليصبحوا قنابل موقوتة تنفجر حيثما شاء المتنورون. ولكن من سيكون الطاغية الجديد الذي سيطلقها لا نعرف بعد، فهل هناك أمل لإمام من عندنا يتحلى كما يقولون بالكاريزما ويلبس العمامة وهو المشهود له أنه إن قال فعل؟ أم أن لبنان وسكانه لا حق لهم أكثر من أن يكونوا جنودا أو ضحايا من أجل رفع شأن القادة الفعليين في بلاط كسرى والأئمة المنظورين في مدينة قم؟

الأحد، يونيو 29، 2008

ساركوزي ينجح حيث فشل بوش

نقولا ناصر

(لم يخف ساركوزي ان ضمان امن اسرائيل هو الفكرة التي تطغى على تفكيره ، فالشروط الاربعة التي اعلنها لكي يتحقق السلام مع الفلسطينيين عرضها باعتبارها ضمانات لامن اسرائيل اولا ولهذا السبب بالذات فانها ضرورية لتحقيق السلام)

ربما يدخل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التاريخ باعتباره اول زعيم غربي يجرؤ على المساواة الاخلاقية بين "الظلم" (الاوروبي) الذي لحق ب"الشعب اليهودي" وبين الظلم الذي الحقته اسرائيل بالشعب الفلسطيني عندما قال في بيت لحم في 24 حزيران / يونيو الماضي ان "المرء لن يحل الظلم الذي وقع على الشعب اليهودي بخلق الظروف لظلم يحيق بالشعب الفلسطيني" ، لكن هذا التصريح الجريء مثله مثل تصريحاته الفلسطينية التي جعلت نظيره الفلسطيني محمود عباس يطلق عليه امتنانا صفة "الصديق" لشعبه ينتظر من فرنسا ومن المجتمع الدولي ترجمة سياسية له على الارض وهو الامر الذي لم يصدر عن ساركوزي ولا عن غيره من نظرائه الغربيين حتى الان ما يشير الى انهم سوف يضعون ايديهم حيث السنتهم في المدى المنظور .

ومما لا شك فيه ان ساركوزي قد نجح فيما فشل فيه نظيره الاميركي جورج دبليو. بوش والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل عندما زار دولة الاحتلال الاسرائيلي لكي يحتفل مثلهما بالسنوية الستين لزرعها مكان عرب فلسطين في قلب الوطن العربي الكبير ، اذ انه بتصريحه ذاك وتصريحاته الفلسطينية الاخرى تمكن بمهارة فائقة من اعطاء انطباع ب"التوازن" بين طرفي الصراع المحتدم على ارض فلسطين جنبه من ناحية "الغضب" الفلسطيني الذي اعلنه الرئيس عباس على عدم توازن بوش عندما قام بزيارة مماثلة ومن ناحية اخرى وفر له التغطية على حقيقتين اولاهما استنكافه عن الالتزام باي فعل يردف "ايجابية" تصريحاته وثانيتهما "الغموض" المدروس في تصريحاته .

ففي المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع عباس في بيت لحم تبنى ساركوزي الموقف الاميركي المعروف ، الذي كرر بوش علنا التزامه به ، فاستنكف عن أي فعل يردف تصريحاته عندما اكد بان الفلسطينيين والاسرائيليين "فقط" هم من يستطيعون صنع السلام بينهم لكن بلاده سوف "تساعدهم" في ذلك ، أي ان فرنسا مثلها مثل الولايات المتحدة لن تتدخل في المفاوضات بين الطرفين ، بالرغم من المعرفة الاكيدة لكل القوى الدولية ، وبخاصة الاميركية والاوروبية منها ، التي تتبنى هذا الموقف بموازين القوى المختلة بشكل ساحق بفضلهم ضد المفاوض الفلسطيني وبان أي مفاوض لن يصل على مائدة التفاوض ابعد مما يستطيع جنوده الوصول اليه فكيف يكون حاله ان كان بلا جنود اصلا كما هو حال المفاوض الفلسطيني . ولم يجد ساركوزي أي حرج في اعلان موقف بلاده هذا بينما الرئيس عباس يقف الى جانبه مطالبا اوروبا بما فيها فرنسا بدور انشط في "عملية السلام" !

ان مواقف ساركوزي المعلنة مثل مواقف الاتحاد الاوروبي المعلنة ومثل العشرات من قرارات الامم المتحدة سوف تظل حبرا على ورق وكلمات جوفاء كما كانت مثيلاتها طوال الستين عاما المنصرمة لان المجتمع الدولي ما زال يرفض أي ترجمة ملموسة لها على الارض ويرفض استخدام نفوذه لفرضها على دولة الاحتلال بينما لم ولا يتردد هذا المجتمع في دعمه الملموس العسكري والمالي والاقتصادي والدبلوماسي والسياسي لدولة الاحتلال دون كلمات ، مما وفر البيئة المثلى لكي يطول امد الاحتلال دون رادع بكل الصراع الناجم عن استمراره واستمرار المعاناة الانسانية الناتجة عن استمراره كما هو الحال مع اللاجئين الفلسطينيين الذين اصبحت قضيتهم اطول قضايا اللاجئين في العالم عمرا ، ومما يحول القوتان الاميركية والاوروبية عمليا الى شريك في هذا الاحتلال لانهما القوتان القادرتان على تطبيق الشرعية الدولية في كل انحاء العالم لكنهما تحولان دون المجتمع الدولي وتطبيق قرارات شرعيته في فلسطين .

لقد تعرض الشعب الفلسطيني لعملية خداع كبرى من القيادة الاميركية الاوروبية للمجتمع الدولي ، خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، عندما صدقت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وعود هذا المجتمع بدعمها في تحقيق برنامجها لحل الدولتين فقدمت اعترافا مجانيا بدولة الاحتلال دون أي اعتراف مقابل بدولة فلسطين ووافقت على تجريدها من سلاح المقاومة المشروعة مقابل وعدها بتعويضه بثقل المجتمع الدولي في دعمها ليكتشف الشعب الفلسطيني بعد سبعة عشر عاما منذ مؤتمر مدريد ان دويلته الموعودة سراب وانه لم يكسب المجتمع الدولي ولكنه خسر المقاومة او يكاد كما يكاد يخسر أي قيادة موحدة له .

اما الحقيقة الثانية التي غطى عليها الانطباع بالتوازن الذي خلقته تصريحات ساركوزي الفلسطينية فهي "غموض" هذه التصريحات نفسها .

ودون اجحاف باهمية تصريحات ساركوزي التي اطلقها داخل الكنيست ، اهم منبر سياسي في دولة الاحتلال الاسرائيلي ، والتي حدد فيها اربعة شروط تضمن امن اسرائيل وبالتالي لا يمكن للسلام ان يتحقق دونها وهي اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس ، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولتين ، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين ، ووقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس معا وتشجيع المستوطنين على الرحيل عنهما ، فان الرئيس ساركوزي لم يضف بهذه التصريحات جديدا على المواقف التقليدية لفرنسا الملتزمة بدورها بمواقف الاتحاد الاوروبي المعلنة التي لا تخرج في جوهرها عما اعلنه ساركوزي .

وربما تكمن اهميتها فقط في كونها عوضت على الفلسطينيين بعض خيبة الامل الكبيرة التي اصابتهم بعد زيارتي بوش وميركل اللذبن لم يظهرا ادنى اهتمام بالموازنة بين التزامهما بضمان امن دولة الاحتلال وبين حرصهما على احترام برنامج الحد الادنى للرئاسة الفلسطينية الذي لا يخرج في جوهره ايضا عما اعلنه ساركوزي .

لكن ساركوزي المفوه الذي لا تعوزه الكلمات ولا المعلومات لم يخف ان ضمان امن اسرائيل هو الفكرة التي تطغى على تفكيره ، فالشروط الاربعة التي اعلنها لكي يتحقق السلام عرضها باعتبارها ضمانات لامن اسرائيل اولا ولهذا السبب بالذات فانها ضرورية لتحقيق السلام ، وامن اسرائيل كان المقياس الباطني والعلني الذي حدد على اساسه ما هو على استعداد لمنحه للفلسطينيين .

لكن المدقق في تصريحاته سرعان ما يكتشف بان اسرائيل التي تعهد بضمان امنها هي دولة لا حدود لها ، بينما لم يذكر مرة واحدة ان الدويلة الفلسطينية التي دعا لها لانها افضل ضمان لامن اسرائيل ، على حد قوله ،هي في حدود عام 1967 ، مما يضع علامة سؤال كبيره حول تصريحاته "الايجابية" عن المستعمرات الاستيطانية اليهودية ، وهذا غموض ينسحب على مستعمرات القدس التي اعلن انه يريدها عاصمة لدولتين دون ان يوضح ما اذا كانت هذه العاصمة "المشتركة" تشمل او لا تشمل استمرار مكاسب الاحتلال الاستيطانية والتهويدية فيها . وحتى اشارته الغامضة بصورة مماثلة الى جدار الضم والتوسع الذي يبنيه الاحتلال في القدس والضفة الغربية ، والذي لم يطالب بازالته ، كانت مرتبطة في ذهنه بامن دولة الاحتلال عندما قال انه لا يمكن ان يضمن امنها الى الابد . اما دعوته الى "حل" قضية اللاجئين فقد خلت من أي اشارة الى الاساس التي يريد حلها عليه او في أي مكان وزمان . ولا يمكن تفسير هذا الغموض بالسهو والخطا مهما افترض المراقب حسن النية لدى الرئيس الفرنسي .

وربما بسبب هذا "الغموض" المدروس لم تنعكس تصريحاته الفلسطينية سلبا على حرارة الترحيب به في دولة الاحتلال ، حيث يعرف باسم "ساركو الاسرائيلي" تحببا ، وحيث وصف رئيس الوزراء ايهود اولمرت العلاقات الثنائية في عهد ساركوزي بانها "ليست مجرد شهر عسل بل انها قصة حب حقيقية" . لقد كان الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس اول رئيس دولة اجنبية يستقبله ساركوزي الذي تنحدر امه من عائلة يهودية يونانية عريقة في صهيونيتها ودورها في تاسيس اسرائيل والذي عقد ابنه "جان" مؤخرا خطبته على ابنة رجل اعمال يهودي فرنسي بارز . ولكل ذلك وغيره وصف البروفسور جيرالد شتاينبيرغ الاستاذ بجامعة بار ايلان الاسرائيلية تصريحات ساركوزي الفلسطينية بانها "كلمات جوفاء نسبيا" (شينخوا 24/6/2008) .

غير ان هذه "الكلمات الجوفاء" نجحت في اطلاق ساتر دخاني حجب عن الراي العام الفلسطيني حقيقة ان زيارته لدولة الاحتلال من 22 الى 24 حزيران جاءت اساسا للاحتفال بالذكرى السنوية الستين لتاسيسها ، كما اكد رئيس هذه الدولة بيريس ورئيس وزرائها اولمرت في بيانين رسميين نشرهما الموقع الالكتروني لوزارة خارجيتهما ، مما يضع تصريحات ساركوزي الفلسطينية في سياقها الصحيح . ويتضح هذا السياق اكثر في اسباب الزيارة واهدافها ونتائجها وحيثياتها وما سبقها وما سيعقبها .

ان الغموض الفاضح في تصريحاته والتناقض بين ما قاله وما يتوقع منه ان يفعل تجاه الفلسطينيين يصبحان اكثر وضوحا اذا ما قورنا بالتطابق الكامل بين القول والفعل تجاه دولة الاحتلال . فقد تطابقت افعاله مع وعوده لشمعون بيريس عندما زاره بعد انتخابه في محاربة العداء للسامية داخليا ضد جالية يهودية يبلغ تعدادها (600) الف نسمة بينما تتصاعد شكاوى خمسة ملايين مسلم فرنسي من التضييق عليهم والتشدد معهم وهم اكبر جالية اسلامية في اوروبا . وعلى مستوى العلاقات الثنائية فتح ساركوزي صفحة جديدة في العلاقات الفرنسية الاسرائيلية كانت مشاركته في احتفالات السنوية الستين لاسرائيل تتويجا لها ، في انسجام مع توجه اوروبي حديث لتصحيح ما قال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني في ندوة له مؤخرا ببرلين انه "موقف غير متوازن" لاوروبا تجاه اسرائيل .

وقد ذهب ساركوزي الى اسرائيل بعد ايام من دعم فرنسا لرفع مستوى علاقات دولة الاحتلال مع الاتحاد الاوروبي ، بالرغم من المناشدة الرسمية لرئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض والجامعة العربية للحكومات الاوروبية ومنها الفرنسية كي لا تقدم على هذه الخطوة حتى تفي اسرائيل باستحقاقات السلام ، لكي يوقع الجانبان اوائل الشهر الجاري اتفاقية للتعاون الاوروبي الاسرائيلي دبلوماسيا وحكوميا وبرلمانيا تنضم تل ابيب بموجبه الى الوكالات والبرامج ومجموعات العمل الاوروبية لتقريب الاقتصاد والمجتمع الاسرائيلي بشكل اوثق الى مثيليهما الاوروبيين تمهيدا لاندماج اسرائيل في السوق الاوروبية الموحدة مما يمهد بدوره لرفع العلاقات الثنائية الى مستوى ارفع كما ينص الاتفاق .

اما في اعقاب زيارته فان تسلم فرنسا للرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي في الاول من تموز / يوليو لا يتوقع ان يكون اختبارا قريبا لتصريحات ساركوزي الفلسطينية بل سيكون على الارجح تاكيدا لاستمرار التناقض بين يقوله ساركوزي وبين سياسته الفعلية تجاه الفلسطينيين كما لاستمرار التطابق بين اقواله وافعاله تجاه الاسرائيليين ليتبين قبل مرور وقت طويل ان اطلاق وصف "الصديق" للشعب الفلسطيني عليه كان متسرعا ، دون الاقلال طبعا من اهمية المنح المالية والدعم الانساني الذي تقدمه فرنسا واوروبا للفلسطينيين تحت الاحتلال ، وهو دعم ان لم يرافقه دعم سياسي مماثل لن يكون سوى اعفاء غير مباشر لاسرائيل من مسؤولياتها كقوة قائمة بالاحتلال حسب القانون الدولي .

كما ليس من المتوقع ان يتوازن ساركوزي لكي يعترف بدولة فلسطين التي يدعو الى قيامها لكي يشارك الرئيس عباس في القمة المتوسطية التي تستضيفها باريس في (13) تموز / يوليو كرئيس دولة وليس كرئيس لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية تحت الاحتلال ، لكن الرئيس الفرنسي لم يترك الامر للتكهنات عندما اكد ان اسرائيل سوف تشارك في القمة كعضو اصيل بين دول حوض البحر الابيض المتوسط .

وقد انعكس عدم التوازن اولا في برنامج زيارة ساركوزي ، الذي انكر على الرئاسة الفلسطينية تكريمها بزيارة في مقرها المؤقت برام الله ، اذ خصص برنامج زيارته لدولة الاحتلال ثلاثة ايام اقتطع اربع ساعات فقط لفلسطين من ساعاتها الثماني وسبعين التي قضى معظمها في القدس ، ولو كان ساركوزي يسعى عمليا الى ما قاله اثناء زيارته عن ضرورة اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس لضمن برنامج زيارته لقاء ولو لربع ساعة مع عباس في القدس الشريف او في الاقل ضمنه وقتا للقيام بزيارة مهما قصرت لها كما فعل سلفه جاك شيراك قبل اثنتي عشر سنة ليطلع "عيانا" على ما نجا منها من التهويد ليقرر ما اذا كان ما تبقى منها بوضعه الراهن يصلح عاصمة "متصلة" باي دولة فلسطينية مرجوة .

ثم انعكس عدم التوازن في زيارته لاسرة جندي الاحتلال الاسير في قطاع غزة جلعاد شاليط ومطالبته بانه "يجب الافراج عنه" دون أي اشارة الى (12) الف اسير فلسطيني ، او زيارة اسرة من اسرهم . لقد انطوت هذه الزيارة على استفزاز بالغ للشعب الفلسطيني لانها تعتبر تشجيعا للاحتلال من ناحية وتكريما لمواطن فرنسي يحمل الجنسية الفرنسية ولا يخدم في جيش الاحتلال فقط بل يؤدي خدمته في الاراضي الفلسطينية المحتلة ويساهم في العقوبة الجماعية التي يفرضها هذا الجيش على مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة مما يعتبر تشجيعا لغيره من المواطنين الفرنسيين الذين يحملون جنسية مزدوجة مثله على الاقتداء به .

لكن ذروة عدم التوازن الساركوزي بانت ب"احترامه" لعدم التدخل في الشان الداخلي الاسرائيلي حتى عندما بادر صديقه بنيامين نتنياهو واولمرت وبيريس فورا وعلنا الى معارضة تصريحاته الفلسطينية دون ان يوازن ذلك باحترام مماثل لعدم التدخل في الشان الداخلي الفلسطيني ليصنف الشعب الفلسطيني الى "محبين للسلام" في رام الله يدعمهم و"ارهابيين" في غزة يحاربهم متبنيا تصنيفات الاحتلال الاسرائيلي نفسه لهم ، في انحياز فاضح لم يمنعه مع ذلك من اعلان طموحه الى القيام بدور وسيط بين الجانبين ، دور لم يؤهل فرنسا له مثلما تفعل روسيا وتركيا والنرويج المحرومة اميركيا واسرائيليا من أي دور وساطة بسبب احترامها للاجتهادات الوطنية الفلسطينية كافة باعتبارها شانا داخليا .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com

ملاحظات نقدية على مقالة الرفيق عطا مناع الجبهة الشعبية في بطن الحوت

راسم عبيدات
.... بداية لا بد لي من القول أن الرفيق عطا مناع، وحسب معرفتي به أنه لم يغير لا فكره ولا قناعاته السياسية ،بل في الكثير من الأحيان يبدي غيرة وحرص عاليين على الجبهة وسمعتها وهيبتها أكثر بكثير من المنخرطين في الأوضاع الرسمية للجبهة، فعطا ليس فقط جزء من هذا التاريخ والواقع،بل هو من المناضلين الذين دفعوا دما وسجون ومطاردة،في سياق نشاطه في الجبهة الشعبية، وجوه الأسري والعائلي ليس بالبعيد عن الجبهة الشعبية، ومن هنا فالرفيق عطا في نقده للجبهة الشعبية بدا متسرعاً وارتجالياً ،وجافى الحقيقة في العديد من ملاحظاته،وان كانت هناك ملاحظات حقيقية وجدية، وبالتالي كان الأجدى بالرفيق عطا أن يتريث ويحصل على المعلومات من مصدرها،بدلاً من استقاءها من مصادر غير رسمية وأخرى غير بريئة،هدفها بالأساس صب النار على الزيت،وهي المشهود لها في التآمر والتحريض ونشر كل ما هو مشبوه ومسيء للشعب الفلسطيني وفصائله وثورته ووحدته، ولا هم لها سوى تعميق الخلاف والانقسام والشرذمة في الساحة الفلسطينية، وفي هذا السياق نشرت مقالة الرفيق عطا مناع على أكثر من موقع الكتروني ،وقامت إحدى المواقع ا\للكترونية بنشرها، ضمن ما يسمى بالمقالات المميزة، وكعادتها في القدح والردح والتشهير،والخروج عن كل الأصول والأعراف ليست الوطنية،بل الصحفية والأخلاقية،في نشر الكثير من التعليقات البذيئة والسوقية كسوقية القائمين على هذا الموقع ،وذلك لأهداف وأغراض مشبوهة.
وقول الرفيق عطا مناع بحصول انشقاق في الجبهة الشعبية وخروج وانشقاق أو فصل أكثر من 800 كادر وحزبي من الجبهة تعوزه الدقة والمعطيات الصحيحة،والمطلعين على هذا الموضوع من أمثال الرفيق كايد الغول،أعطوا ردهم حول تلك الظاهرة، وهذه الظواهر والفرقعات الإعلامية الرفيق عطا،يعرف أكثر من غيره، في أوقات الأزمات والثبات على المواقف والمبادئ،تحاول الكثير من القوى التصيد في الماء العكر لأهداف وغايات ليست بريئة،فمثل هذه الظاهرة والتي وقفت خلفها قوى سياسية فلسطينية،أرادت أن تؤثر على مواقف الجبهة وهيبتها وسمعتها،ومثل هذه الظاهرة مرت بها الجبهة في أكثر من محطة،ولعل الجميع يذكر حالة التراجع والترهل واستفحال الأزمة التي أصابت الجسم الجبهاوي بشكل كبير بعد أوسلو وتداعياته،ومن ثم وقوف الجبهة بقيادة أمينها العام الشهيد القائد أبو علي مصطفى، أمام تلك المرحلة والأزمة في مؤتمرها السادس ،ومع مجيء أوسلو ولحظات التوقيع عليه ،أبتدع البعض ظاهرة ما يسمى بالحركة الشعبية للتغير والتصحيح،والتي غذتها قوى سياسية فلسطينية،لدفع الجبهة الشعبية لتغير موقفها من أوسلو،ولكن سرعان ما تلاشت وانهارت هذه الظاهرة،والتي وجد بعض الرفاق أنه غرر بهم،والبعض الآخر حركته مصالح وأهداف شخصية،وظاهرة النسور في غزة وهي ليست بالحجم الذي طرحه الرفيق عطا في مقالته،وهي أصغر حجماً من ذلك بكثير،وجرى ويجري التعامل معها في إطاراتها وسياقاتها التنظيمية والحزبي،وهي ليست بحاجة لتصريحات هنا وهناك قد يساء فهما أو تفسر على غير عواهنها ومقاصدها،رغم أن مال بعض الجهات الفلسطينية ليس بالبعيدة عن هذه الظاهرة.
أما حول ظاهرة التيار الوطني الديمقراطي التقدمي، فالجميع بما فيهم الرفيق عطا نفسه،يتفقون أنه في ظل حالة الاستقطاب السياسي الحادة والتجيش والتحشيد في الشارع الفلسطيني بين قطبي السياسة الفلسطينية(فتح وحماس)،وما تشهده الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي،فهي بحاجة الى تيار ثالث يخط نهجه وطريقه الخاص في الواقع الفلسطيني،ويعيد التوازن في المجتمع والسياسة الفلسطينيتين،والجميع من قوى الحالة الديمقراطية يتباكى على غياب هذا الدور وتبعثر وتشظي التعبيرات السياسية والتنظيمية للقوى الديمقراطية،وولادة التيار الوطني الديمقراطي،والذي كان الرفيق عطا جزء من حلقاته المناطقية،تأتي كمحاولة في هذا السياق والإطار،وشروط نجاح هذا التيار رهن بالخروج عن المألوف والأسئلة التقليدية للأزمة وعواملها وحواملها،فالأسئلة النوعية بحاجة الى أجوبة نوعية، وأناس من طراز جديد ،تنج ولا تحاكي،تشرح وتنقد بشكل جريء، لا تنافق ولا تداهن،تحدد لماذا أخفقت القوى الديمقراطية وأين أخفقت، وتعمل على خلق حالة توحيدية تدرجية بين أطراف الحالة الديمقراطية الفلسطينية،بالأساس في نواتها الأساسية(الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب).
وبالنسبة لقول الرفيق عطا مناع،بان هناك أزمة في الجبهة الشعبية،وهذه الأزمة تطال أكثر من جانب ومجال،فهذا شيء جرى ويجري الحديث فيه،وهو ليس بالجديد ولا تخفيه الجبهة الشعبية،بل تعترف وتقر به،وهذه الأزمة وحالة الإرباك الداخلي التي تعيشها الجبهة،وما يكتنف في بعض المحطات والجوانب الغموض وعدم الوضوح لمواقفها السياسية،فهذا له نسبة من الصحة وهذا بالأساس مسؤولية الهيئات المركزية في الحزب،والتي يقع عليها بالأساس توحيد الفهم والرؤيا والمواقف،في العديد من القضايا الجوهرية، وهذا يتطلب وجود دائرة إعلامية مركزية،من خلالها يتم تحديد مواقف ورؤية الجبهة السياسية من مختلف القضايا ذات البعد الاستراتيجي،ويجب عدم ترك الأمور حصيلة لاجتهاد سين أو صاد من الرفاق،والمؤسسة هنا هي التي تحكم وليس الشخص مهما علت مرتبته ومكانته التنظيمية،وصحيح أن الأوضاع الداخلية للفصائل الأخرى ربما،تكون على نحو مأزوم بدرجة أكبر وأعمق عما هو موجود في الجبهة الشعبية،ولكن هذا منطق تبريري وذرائعي، ومطلوب منا أن نعمل على تعميق الوحدة التنظيمية والسياسية والفكرية في الحزب،ومغادرة دوائر النمطية والرتابة في العمل ،وإبلاء الحلقة الجماهيرية الاهتمام الجدي،والعمل على خلق كادرات وقيادات جماهيرية تعبر عن رؤية وهوية الجبهة بين الجماهير،وأنا هنا لست بصدد التشريح أو الدفاع،بل ما أنا بصدده هنا أن ما ورد في مقالة الرفيق عطا مناع،قد يشاطره فيها الكثير من الرفاق وجهة نظر متفقة معه ،فيما يخص الأزمة وتجلياتها وتراجع دور الجبهة وحضورها وجماهيريتها،وهذا الموضوع ليس بحاجة لجلد متواصل للذات وتشكي وبكاء ووقوف على الأطلال والأمجاد والتاريخ،بل يجب دراسة الواقع الحالي بكل مستجداته وتطوراته وتداعياته،واشتقاق ما يمكن من تطوير وتركيم خطط وبرامج واليات تسهم،في فكفكة حلقات الأزمة ،وخصوصاً أن الجبهة لها تاريخها وسمعتها وارثها وتراثها بين الجماهير،وعلى الجميع أن يغادر عقلية الشخصنة والتوصيفات المضرة والمسيئة،وليكن العمل والإنتاج هو الفيصل والحكم والسيد عند الجميع،وبما لا يشكل خروجاً أو تعارضاً مع برنامج الجبهة ولوائحها الحزبية والتنظيمية،وأنا ما زلت متيقناً بأن حزباً أنجب قادة عظام من طراز الرفاق الشهداء الحكيم وأبو علي وغيرهم،والرفيق القائد الأسير سعدات،ما زال أمامه متسع من الوقت لكي يستعيد دوره وحضوره في الساحة والخارطة السياسية الفلسطينية.

السبت، يونيو 28، 2008

أيها اللاجئ ... لا تمت على شرفات الكآبة

د. عدنان بكريه
فلسطين الداخل
في العشرين من حزيران صادف (يوم اللاجئ العالمي) والذي يهدف إلى تذكير العالم بملايين اللاجئين الذين يقفون مشردين على قارعة الزمن.. ينتظرون الفرج من العالم عسى أن يساند حقهم في الحياة الكريمة كباقي البشر.
في هذا اليوم ما زال الفلسطيني مشردا مهجرا في أصقاع الأرض دون مبرر لاستمرار هذا التشرد القسري ... فبرغم القرارات الدولية التي اتخذت ومنحته حق العودة إلى دياره ووطنه إلا أن العالم لم يفعل شيئا باتجاه تطبيق تلك القرارات ،لا بل ساهم بتأزيم الوضع أكثر .. فإلى متى سيبقى الفلسطيني ضحية التاريخ ؟ والى متى سيبقى يسير في سراديب الأحزان وعيناه ترنوان إلى الوطن ؟ سؤال مطروح أمام العالم الحر ! والذي تحرر من العدالة والضمير ولم يتحرر من القسوة والظلم !!
قلبي عليك يا شعبي ... يا من تعمدت بالقهر والظلم في مخيمات اللجوء.. ورسمت على جدران المنافي وصية جيل لجيل لا تساوم ... لم تنس مفتاح البيت والكوشان .. تورثه من جيل لجيل ليحفظه في قلبه ووجدانه حتى تحين الساعة وتقرع الأجراس وتصدح المآذن إنا قادمون.. فعلى وقع خطاكم ستهتز الدنيا ... وعلى صدى نداءاتكم ستقرع الطبول في كل زاوية من زوايا هذا الوطن وتردد الوديان والجبال صراخكم لا تساوم .. إنا عائدون ... فيا أيها الوطن المتطاير على شظايا القذائف وأجنحة العصافير ... لا تساوم.. افتح شرفاتك لأحلام المشردين... افتح نوافذك للعصافير الآتية من الشمال .
مهما طال الزمن لن يضيع الحق ... سينحني التاريخ ويركع لإرادتكم لأنها إرادة المظلوم المهجر .. إرادة المؤمن بعدالة حقه..إنها إرادة الحق والعدل الذي تحفظه السماء وتحفظه عيونكم وقلوبكم وأرواحكم المرتبطة بكروم الزيتون في حطين والكابري وعمقا وميعار وكل بقعة من ارض بلادي .
"فيا أيها الوطن المحاصر بين الريح والخنجر..أريد أن أرسم شكلك كي أجد شكلي فيك " أريد أن انحني بين الظلال كي أرى ظلي يقبل حجرا على ترابك... وأريد أن أبحر في عباب جراحك كي أرى عكا تحاصر البحر بحلمها وحبها... أريد أن امضي إلى حيث يبكي الشجر صاحبه وتنتظر الأرض زارعها القديم .
لا ننتظر العالم ليعيد حقكم..لا ننتظر الأمم التي تكالبت وتآمرت على حقنا فجردتنا من عناق بيوتنا وحقولنا ... من تقبيل تراب وطننا ... بل ننتظر بزوغ الفجر الحامل معه بيارق الأمل... ننتظر السواعد تدق أبواب العودة.. تدق أبواب الزمن معلنة لا مساومة على حقنا في العودة إلى بيوتنا وحواكيرنا .. إلى حلمنا وعشقنا إلى بيتنا الذي لم يمل الانتظار ... ما زال يحتفظ بكومة حجارته القديمة .. "بالطاحونة" و"خابية الماء" "وجرّة الزيت" القديمة وعصافير تزقزق على الدوالي كل صباح وكأنها تصيح وتنادي أهل الدار.. لا أحد يفهم لغتها إلا أهالي البيت المشردين !
تحت كل شجرة رسمتم الذكريات وعلى جذوع الزيتون كتبتم تواريخ المآسي والرحيل.. وفي كل حقل تركتم حكايا ما زالت تشهد على تاريخنا وحقنا .. الحقول تنتظركم وبقايا الذكريات وأناشيد المقاثي الحزينة وطرقات المدينة .. لو استطاع الشجر أن ينطق لصرخ بأعلى صوته ... هنا كانوا ومن هنا مضوا والى هنا سيعودون. " لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا" .
في انتظاركم ركام بيت وأطلال قرى مهدمة ومعلقات من الشعر باكية.. في انتظاركم نحن الذين ترسخنا وبقينا لحقكم ولقدسية عودتكم حافظون ... نعم إنا على العهد باقون.
***
كم حز في نفسي رؤيتكم تلتفون حولي بشوق وتلهف قبل عامين عندما شاركت في ندوتكم المنعقدة تحت يافطة " لا مساومة على حق العودة " في دمشق ... وبكى البعض منكم واحتضنني لأنني احمل رائحة الوطن وشكل وتقاسيم الوطن .. أسماء مرت على ذاكرتي وقلبي كالسكين ... قرى ومدن دفنوها تحت حقدهم وغطرستهم ! الكل يطلب حفنة تراب من بلدته ويستحلفني أن ازور قريته المهدمة.. يعرفون التفاصيل والتقاسيم ... حتى الجيل الذي ولد هناك يعرف خارطة الصخور ة والسنديان والوديان والصبار والحجارة .. يعرف كل كومة تراب وكل تله صخور وكأنه ولد هنا وعاش هنا وما زال هنا ... انه جيل تربى على عشق كل ما يمت للوطن بصلة !
ظننت إنني سأزور عالما آخر وشعبا آخر وقلت ربما الزمن أنساه... قد يكون صخب العواصم مسح من ذاكرته القليل... لكنني وجدت شعبا لم تمسح ذاكرته السنون.. يعرف أدق التفاصيل وأكثر مني أنا الآتي من مروج الوطن... خجلت من نفسي .. وجدت جيلا مقيدا بسلاسل العشق أسيرا لحب الوطن .. ينبض باسم الوطن ...ينام على الذكريات ليصحو في اليوم التالي يردد مع محمود درويش :
أحبّ البلاد التي سأحب // أحب النساء اللواتي أحب // و لكن غصنا من السرو في الكرمل الملتهب يعادل كل خصور النساء و كلّ العواصم // أحبّ البحار التي سأحبّ ..أحبّ الحقول التي سأحبّ // و لكنّ قطرة ماء على ريش قبرّة في حجارة حيفا تعادل كل البحار و تغلسني من ذنوبي التي سوف أرتكب // أدخلوني إلى الجنه الضائعة .
آه يا وطني آه ... إنها لوعة اللاجئ الذي يذوق القهر في كل يوم ... إنها صرخة المشرد الغريب الذي يعاني ويقاسي في مخيمات اللجوء ... لم يكتفوا بتشريده وحرمانه من أرضه وبيته وعلمه الوطني ، بل لاحقوه إلى منفاه ليصبوا حمم طائراتهم فوق رأسه ظانين أن الموت كفيل بإنهاء حلمه وحقه في العودة ... لم يعرفوا بأن الأجيال القادمة لن تكن ضحية للنسيان... بل أنها ترضع حليب الذاكرة من نهود الظلم وقسوة الحياة وبأنها لن تمل الانتظار على قارعة الزمن... ومهما اشتد قيظ الخيانة إلا أنها أجيال لا ترى في منامها إلا.. حيفا وعكا وصفد وطبريا والناصرة .... حتى شوارع المنافي حملت أسماء المدن... تجوب المخيم وكأنك تجوب فلسطين .. لقد تحول المخيم إلى فلسطين صغيرة ... هنا شارع (ميعار) وهنا شارع (لوبية) وهناك شارع (صفد) ... إنها الذاكرة الفلسطينية التي تأبي النسيان !
مر اليوم العالمي للاجئ والعالم يرقص على جراح شعبنا ويرفع نخب الطغاة... والطغاة في غيهم ماضون وبرغم التآمر والتكالب لن ننسى ... لن ننسى القدس بقبتها الشامخة .. تحت كل زيتونة حكاية تروي مأساة شعبنا وعلى كل صخرة نقش اللاجئ تاريخ الرحيل ولا بد أن يكمل النقش بتاريخ العودة.... ومهما طال الظلم والقهر والتشرد إلا أن التراب والصخر ينتظر عودتكم وموج البحر ينتظر العرس الفلسطيني الكبير... وجراحكم كأنها صارت سفن الرجوع إلى الوطن ... فيا أيها الفلسطيني لا تمت على شرفات الكآبة ! لقد مررت بما لم يمر به بشر على وجه الأرض... لقد حولوا الضحية إلى جلاد والقتيل إلى قاتل والمسروق إلى سارق وكما قال شاعرنا الفلسطيني محمود درويش :
وضعوا على فمه السلاسل ربطوا يديه بصخرة الموتى، وقالوا: أنت قاتل //أخذوا طعامه، والملابس، والبيارق ورموه في زنزانة الموتى، وقالوا : أنت سارق! // طردوه من كل المرافئ أخذوا حبيبته الصغيرة، ثم قالوا: أنت لاجئ // ! يا دامي العينين، والكفين! إن الليل زائل لا غرفة التوقيف باقيةٌ ولا زرد السلاسل! //نيرون مات، ولم تمت روما... بعينيها تقاتل! وحبوب سنبلةٍ تموت ستملأ الوادي سنابل.

وجهتا نظر للجنرال تناقضان المنطق الدستوري

لاحظ س. حداد
نقطتان هامتان تصدرا لقاء الجنرال ميشال عون مع " قناة العالم الاخبارية "، نشرت موجزاً عنها مجلة " لبنان الآن " الألكترونية بتاريخ 28 حزيران 2008، الأولى هي ورقة التفاهم التي وقعها التيار الوطني الحر مع حزب الله عام 2005،
والثانية هي العلاقات مع سوريا..
في الأولى، يدافع الجنرال عن ورقة التفاهم فيقول:
"هذه الورقة طرحت بين تيارين كنموذج لاتفاق على أن تطرح على المجتمع اللبناني بأكمله، فهي لا تقتصر على الشيعة والمسيحيين، بل يمكن طرحها على جميع الطوائف والأحزاب اللبنانية,,"
تعليقاً على هذا نقول:
- خلال ثلاث سنوات متتالية من العراك السياسي المضني، اثبتت الوقائع ان ورقة التفاهم كانت بين تيارين يمثلان ذاتيهما وليس الطائفتين إذ تم رفضها من غير المنتسبين إلى هذين التيارين اللذين لم يتمكّنا من فرض وجهة نظرهما على باقي أبناء طائفتي الشيعة والمسيحيين.. زد على ذلك، رفض باقي الطوائف اللبنانية الأخذ بحيثيات ما جاء فيها من تجاوز لأصول العيش المشترك الذي يفرض تكاملاً جديّاً بين الجميع..
- من خلال هذه الورقة، أوكل رئيسا التيارين، الجنرال عون وحسن نصرالله، نفسيهما القفز فوق الدستور اللبناني وخاصةً ما جاء في مقدمته، في بند إلغاء الطائفية السياسية، وأعادا عقارب الساعة الطائفية إلى العهود السحيقة في تاريخ لبنان.. وهذا ما أنتج، مع الأسف، ما يعانيه اللبنانيون اليوم من تشقق [ ولا نقوق شقاق ] في طوائفهم وخاصةً الطائفة المسيحية والطائفة المسلمة التي يقوم على توافقهما يقوم النظام الديمقراطي اللبناني..
- من هنا نجد أن ورقة التفاهم هذه، وعوض أن تبني ما هدفت إليه، كما يقول الجنرال عون، قدّمت حوافز إضافية للتقوقع الطائفي، الذي كنا قد شاهدنا انفكاكاً كبيراً عنه في مظاهرات وحشود ثورة الأرز الكبرى التي جمعت بين جميع الطوائف اللبنانية تحت شعارات الاستقلال الثاني، وأعادت من جديد رعب الاقتتال الطائفي البغيض الذي لم يفلح النظام السوري من تثبيته في المجتمع اللبناني..
من هنا أيضاً، نرى كيف أن تشبُّث أصحاب ورقة التفاهم، التيار الوطني الحر وحزب الله، في تحقيق أهدافهما، المثبتة في ورقتهما، بواسطة العنف السياسي أولاً والعنف العسكري تالياً، ولم تسمح باستكمال مسيرة الاستقلال الثاني وقيام دولة القانون بل على النقيض من ذلك، أعاقت المسيرة وحاولت فرض قانونها الخاص..
قد يكون لهذه "الورقة" حسنةٌ وحيدة هي تأكيد أهداف ثورة الأرز وتشبُّث أهلها بها بل والوقوف في وجه موقعيها ومنعهم، بالرغم من دموية سياستهم من تحقيق أهدافهم التي بات الكل عليمٌ بخلفياتها.. الشخصانية والعقيدية مهما غُضِّيَت بالحقوق الطائفية أو الوطنية..
في الثانية، وحول العلاقات مع سوريا، يشير الجنرال:
" وجهات نظره حول مستقبل العلاقات اللبنانية السورية لا تتفق مع نظرة واشنطون وباريس. فالولايات المتحدة لا تزال تعتبر سوريا مصدر قلق وعدم استقرار للبنان".. بينما هو يبحث عن علاقات جيدة مع دمشق وقال: " نحن لا نريد إذاء سوريا بل نريد علاقات جيدة معها".
جميل هذا القول وهو يدل على كياسة ودبلوماسية ولكن، ألم يسأل الجنرال نفسه ولو مرة واحدة: هل تريد سوريا علاقاتٍ جيدة مع لبنان؟ فّإذا كان الجواب بنعم فلماذا تشبثت سوريا بإيديها وأقدام جنودها في أرض لبنان لمدة ثلاثين سنة كاملة!

وأضاف قائلاً: "كل خطابك السياسي منذ العام 1988 لغاية 2005 يدعو إلى خروج سوريا من لبنان على أن تقيم معها أفضل العلاقات بعد أن تخرج"..
ها هي قد خرجت فلماذا لا تتجاوب سوريا مع تمنيات الجنرال وتقيم العلاقات الحسنة مع حكومة دولته؟ ألا يذكر كيف رفضت سوريا استقبال رئيس حكومة بلده وكيف نعت رئيس سوريا رئيسَ حكومة بلده بالعبد المأجور؟ ترى هل من الكياسة والدبلوماسية أن يقبل شتائم رئيس سوريا وازدرائه بحكومة بلده ويدافع عنه عوض أن يتخذ منها ذرائع أو يبتكر ذرائع للتهجّم على رئيس حكومة بلده؟ ثمَّ ،
هو لا تريد إيذاء سوريا! عجباً: هل هو على يقين من أن سوريا لا تريد إيذاء لبنان؟ وهل بعد كل الأذى الذي لحق بالشعب اللبناني وأرضه من سوريا ليس في حسابه أذىً أم أنه يحسب خروجها من لبنان "قسراً " هو بمثابة عفوٍ عام عن موبقاتها!
عجيب أمر هذا الجنرال الذي يضع نفسه فوق الجميع.. يفصل الأمور على مقاسه ويلبسها ويريد إلباسها الجميع..

وبعد ذلك يضيف: " كنت أتمنى من بقية الأطراف اللبنانية التي تدير حالياً السلطة أن يوافقوا جميعاً على دعوة سوريا إلى طاولة الحوار والدخول معها في نقاش حول كيفية العلاقة، إلاّ أن استمرار الاتهامات وموضوع المحكمة الدولية ومسلسل الاغتيالات الذي وقع بعد خروج سوريا، لم يسهم في انجاح أي حوار مع دمشق".

العجب العجّاب في اقتراح هذا الجنرال.. أهكذا في نظره تتعامل الدول مع بعضها: يجتمع الجميع إلى طاولة حوار وتناقش عليها كيفية العلاقة!
لقد اجتمع اللبنانيون حول طاولة حوار وطني واتخذوا عددا من القرارات الوطنية من بينها قرارات تتعلق بالعلاقة مع سوريا، لكن هذه الأخيرة رفضتها جملةً وتفصيلا وبادرت إلى تأزيم الوضع السياسي بل وأوعزت إلى حليف الجنرال في ورقة التفاهم باستدراج إسرائيل إلى شن حربٍ مدمرة وقاتلة ضد لبنان وشعبه وقطف رئيس سوريا الانتصار في رد العدوان لنفسه وكأنما كتب على لبنان وشعبه، والجنرال من بينهم، أن يدفعوا دماءهم أبنائهم ويتقبلوا دمار وطنهم كرمى لسوريا وهي لا تشبع! وهذا برأي الجنرال إذىً يوقعه لبنان بسوريا!
أما عن الاتهامات ومسلسل الاغتيالات فلا يرى فيها الجنرال أي أذى يناله لبنان وشعبه فهو على ما يبدو، دليل رفض لبنان رفع أذاه عن سوريا، إن بتوجيه الاتهامات أو ب‘صرار حكومة لبنان على قيام المحكمة الدولية..

ويضيف: ان العلاقة مع دمشق بشكلها الحالي تضر بالمصلحة اللبنانية من جهنين، " المعاداة المباشرة لسوريا واستعمال لبنان كمنصة للاضرار بسوريا".
العجب أيضاً كيف يرى هذا الجنرال بعين واحدة فقط ( رحم الله الرئيس شمعون والرئيس كرامي ) هي عين سوريا.. فلبنان في نظره يعادي سوريا وليس العكس.. تُرى هل فقد الجنرال بصيرته بعد فقدان بصر عينه اللبنانية حتى بات لا يرى غير ما يراه جهابذة سوريا أم أنه لم يفقد الأمل بعد من تخليها عنه ومساعدته في تحقيق أحلامه؟
أما استعمال لبنان كمنصة للإضرار بسوريا فهذا ساطع تماماً إذ أن العالم الحر كله يستعمل لبنان منصة، ليس للاضرار بسوريا بل لوقف إضرارها بلبنان ولا سبيل لنكرانه.. ولولا إن بعض المدافعين عن سوريا، استردوا ولاءهم الوطني لما كان للأزمات السياسية المتكررة التي تعصف بلبنان قد استمرت إلى اليوم.. وليسأل الجنرال وحليفه في ورقة التفاهم من أضرّ ويضر بمصالح الآخر لبنان أم سوريا!
وحبذا لو اتفق أصحاب ورقة التفاهم على إدراج النظام السوري إلى تفاهمهما رسمياً، عوض أن يكون استراتيجياً باطنياً، ربما كان وفرّا على الجميع بعض الاغتيالات والدمار.. ولربما أيضاً ما احتاج لبنان إلى تدخل دول الأرض من أجل زحزحة النظام السوري عن دعمه لهذين الحليفين..

وحول رؤية الجنرال لعملية الاصلاح للوضع الداخلي أشار الجنرال :
" ثلاثة قوى تقف في وجه عملية الاصلاح وهي الاقطاع السياسي وزعماء الحروب وأصحاب الصفقات"،

نعلّق على هذا: في المطلق، الجنرال مصيب في عرضه في البندين الأول والثاني، وهكذا أمر بات معروف من القاصي والداني وربما كان من أسس الديمقراطية أيضاً.. لكن إشارته إلى زعماء الحروب فهذه هي الأدهى في نظرنا أيضاً لكن، ينسى الجنرال أن حلفائه في العارضة، ما عدا البعض القليل منهم، هم زعماء حروب بامتياز.. فالاستاذ نبيه بري وحسن نصراللله وباقي زعماء الأحزاب كالقومي والشيوعي والبعثي وغيرهم، كلهم من زعماء الحروب.. كما لا يجب أن ننسى أن الجنرال نفسه كان آخر زعيم حربٍ تولى السلطة في البلاد كرئيس حكومة مؤقتة لها هدف وحيد هو تأمين انتخاب رئيس جديد للبلاد يخلف الرئيس الجميل، فأخل بواجبه وأقام حرباً على جميع الأحزاب الوطنية ودك معاقلها ومرافئها ولم يوفر سوريا فشن عليها حربَ تحرير غريبة عجيبة أثمرت ضحايا بالمئات ودماراً لا يقاس.. ولاحقاً، استدرج القوات اللبنانية التي أمنت وصوله إلى موقعه وشن عليها حرب تحرير وحرب إلغاء أنتجت ألاف الضحايا من المسيحيين ودكت ممتلكاتهم بالجملة.. هذه الحرت فاقت بضراوتها جميع الحروب السابقة التي دارت على أرض لبنان وضد شعبه..

من المؤسف حقاً أن يصر الجنرال على وضع نفسه فوق كافة الشبهات وهو الذي إلى اليوم لا زال يناقضها بطروحاتٍ لم تعد تقنع صغيراً أو كبير.. فالمسيحيون والمسلمون لم يعودوا يروا في طروحاته إلاّ ما يجعل لبنانهم موقع إرهاب دولي يتولاه حلفاؤه ومن شعب لبنان مكسر عصى لطموحاته واستراتيجيات حلفائه.. سوريين كانوا ام ايرانيين أو حتى اسرائيليين!

السؤال الكبير اليوم: هل يقبل اللبنانيون بعد كل هذا ويعيد انتخاب هذه الطغمة من السياسيين أم أنه سيعيد النظر، ليس في المبلغ الذي سيتلقاه نظير انتخابه أحدهم بل نوع الرجال المطلوب وجودهم لادارة شئون دولته!

صانك الله لبنان

رسالة مفتوحة الى ادباء واتا المتنورين

نبيل عودة

الرقص مع الظلاميين في "واتا الحضارية"

قبل أشهر عدة ، ولم أكن أعرف أو سمعت شيئا عن " الجمعية الدولية للمترجمين واللغوين العرب " أو عن "منتديات واتا الحضارية" ، تسلمت رسالة بالبريد الألكتروني من " واتا الحضارية " تبلغني انه وقع اختيار الجمعية على شخصي لتكريمي مع 250 من الادباء والاعلاميين والباحثين ورجال الدين ، اختارتهم واتا من بين أبرز المساهمين في النشاط الابداعي من مختلف أرجاء العالم العربي ، وارسلت لي شهادة تكريم بالبريد الألكتروني واعتذرت عن حضور التكريم في العاصمة الأردنية عمان لارتباطي ببرامج سابقة ، وأعترف اني تفاجأت وشعرت بالأرتياح لوجود مؤسسة حضارية مثل "واتا" تتابع ما ينشر وتكرم من يستحق التكريم بسبب مساهماته الثقافية او الفكرية او اللغوية أو السياسية أو الدينية الحضارية .
وعليه وجدت نفسي أنضم لعضوية منتديات واتا الحضارية ، واساهم في نشر كتاباتي المتعددة المضامين ، من نقد وأدب قصصي وروائي ومقالات فكرية وسياسية ، وتعرفت على أسماء ثقافية رائعة ، وكاتبت بعضهم ، ووصلتني تعقيبات مختلفة حول كتاباتي ، أشعرتني بأني قادر على التأثير والتأثر بنفس القدر ، وعلى نقل صورة واضحة عن الواقع الثقافي والسياسي للمواطنين العرب الفلسطينيين في اسرائيل . وساهمت في النقاشات والطروحات الفكرية من منطلق الحوار الدمقراطي وحق الاختلاف والتعددية الثقافية والفكرية والدينية ، وشعرت انني في بحري أسبح مع التيار الذي حلمت بمثله طويلا ، ورأيت بواتا بوابة لاحداث انطلاقة فكرية ثقافية حضارية في مجتمعاتنا العربية ، وفي كسر كامل للحصار الثقافي الذي عانى منه المثقفون العرب الفلسطينيون مواطنو اسرائيل منذ عام النكبة.
حقا، في مساهماتي الحوارية، تقاطعت فكريا مع شخص يسمي نفسه باحثا وهو السيد منذر أبو هواش صاحب منتدى في واتا ،ولم ار بذلك شيئا غريبا ، الاختلاف الفكري يحدث بين أقرب الأصدقاء ايضا . ناقشت طروحاته باحترام ، وعندما شعرت ان بعض النقاش ينحو نحو الثرثرة ومواقف لا علاقة لها بالفكر ، أوقفت نقاشي ، وعدت لمناقشة طروحات أخرى أوردها أبو هواش من منطلق مسؤوليتي كعضو فعال في واتا الحضارية ، ومن منطلق حرية الرأي ، وان خلاف الرأي يجب ان لا يفسد للود قضية . ولمست أن بعض الأسماء التي تعقب مباشرة على مواقف أبو هواش هم مجرد مشجعين ، بلا رأي ، يقبلون بدون تفكير كل ما يخطه أبو هواش ، وهو أمر مؤسف ، اذ انهم ، حسب ما يسبق اسمائهم ، يحملون القابا اكاديمية متقدمة ، ويملكون بلا شك ، قدرات فكرية وعلمية لطرح قضايا مجتمعاتهم ، قضايا الفكر والثقافة والعلوم من أجل تقدم العرب ورقيهم وعودتهم الى مسرح التاريخ ، شعبا حضاريا مساهما في تطوير العلوم والمعرفة الانسانية والرقي الاجتماعي والانتاج الحضاري ، وليس مجرد مستهلكين بدائيين للحضارة التي تنتج كلها في الغرب . ولكن حسب "نقاشهم"( تشجيعهم لكل ما يخطه أبو هواش ) ، لم يتجاوزوا صفوف البستان ، وأخذوا على أنفسهم ان يكونوا مجرد مشجعين لما تفرزه عقلية أبو هواش ، فتجاهلت مواقفهم واعتمدت في نقاشي على الطرح العقلاني والفكري المتزن وغير التحريضي ، وكتبت بشفافية وصراحة مطلقة ، وبدون عصبية قبلية كما لمست من " حوار " منذر أبو هواش ، الذي تميزت كل ردوده بالدوران داخل حلقة مفرغة ، لا تحمل من الفكر شيئا ، ولا تحمل من البحث وفكر البحث ذرة عقل أو منطق . كان كل شيء واضحا له ، من بدء الخليقة وصولا الى نهايتها .. ولم أفهم لماذا يصر انه باحث ، ما دام الوجود الانساني واضح له ، ومصير هذا الوجود أيضا كامل الوضوح ، وكل طرقه لا تحتمل النقاش ، مقررة سلفا والى أبد الآبدين ، ومداخلاته يملأها بصياغات دينية نهائية ، حقا له الحق المطلق وغير القابل للطعن في القناعة بما يؤمن ، ولكن لا حق له بالتخوين والتكفير لمن لا يؤمن بغيبياته النهائية. وصارحته اني لست متدينا ، ولا أؤمن الا بالفكر العقلاني المبرر ، وكل ما لا يتمشى مع العلوم غير وارد في قناعتي . وكان واضحا أني أربكته .. خاصة وان الطلب الأساسي منه أن يناقشنا في ما نطرحه ، وليس بما يمليه عليه تفكيره الماضوي النهائي ، وليس في ما يؤمن هو به من غيبيات نهائية لا تحتمل النقاش ، لسنا في باب مناقشتها ، ولست مستعدا للخوض فيها ، احتراما لما يؤمن به أبو هواش وغيره ، وهذا حقهم الدمقراطي الكامل الذي لا يحق لانسان الاعتراض عليه .
ابو هواش طرح بكل مناسبة ، ملائمة أو غير ملائمة ، ان " الاسلام هو الحل " ، في الوقت الذي لم نناقش حلولا لمجتمعاتنا العربية ، بل مداخلات فكرية واجتماعية وثقافية ، ومع ذلك ، وهذا حقه ، واصل طرح أحكامه النهائية وحلوله غير القابلة للحوار ... أي بكلمات أخرى يطرح أفكارا نهائية مطلقة ، ويرفض الحوار حولها لأنه لا يرى الا طريقته ( الحلقة المفرغة ) التي يؤمن بها ، وهو عاجز تماما من ناحية أخرى ، عن طرح رؤية انسانية تستحق الحوار، ولم نتنازل لمناقشته في الملعب المليء بالمتفجرات الذي يريد ان يجرنا اليه من منطلق " كل من على دينه الله يعينه – الدين لله والوطن للجميع "، لأن النقاش في الدين يقود الى حلقة مفرغة وسؤ تفاهم ونحن نريد ان نناقش الفكر والواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي والابداعي والحضاري لمجتمعاتنا العربية، وقد أعجبني أحد الشيوخ الأجلاء في تعقيبه على لخبطات أبو هواش بمداخلة عنونها ب : " الحل هو الحوار " .
بدأت أشعر ان أبو هواش يحمل عقلا قبليا لا علاقة لواتا الحضارية به ، أو الأصح لمفهوم الحضارة الذي نقشته واتا على واجهتها .وقد حذرني أحد الزملاء الاداريين في واتا ، برسالة شخصية ، من سلاطة لسانه ونواياه الانتقامية، ولكني لست من الذين يجفلون أو يهربون من الحوار ، ومن المواجهة الفكرية والثقافية ،وأعرف كيف احافظ على توازني وسلامة تفكيري ، وأعرف كيف أكيل الصاع مضاعفا لمن يحاول ان يتشاطر ويتطاول بدون حق ، حتى لو تغطى بالورع الكاذب ، وأقام لنفسه حلقة ذكر ، أو حلقة دراويش يحمل أفرادها ألقابا اكاديمية ، ظانا انه يملك القدرة على مواجهة الفكر بالتخويف الظلامي واللسان الشتائمي اللاأخلاقي ، والنوايا الانتقامية ، وطبعا بجيش من المشجعين الأكاديميين وغير الأكاديميين .
حافظت في نقاشي على رصانة عقلانية والتزاما فكريا بالمنطق ، وتجاهل الغضب المدفون في كلمات أبو هواش .. وقرع طبول طباليه . وكان أن حظر دخولي للمنتدى لفترة قصيرة لسبب لم أعرفه .. وسرعان ما رفع الحظر .. وبدأت ألمس ان واتا في وضع مريب وغير سوي ، وتقع تحت سلطة بعض الظلاميين.
في تعقيبات للأستاذ عامر العظم رئيس واتا ، لمست عقلانية تثلج الصدر ، ولكن يبدو ان السيطرة في الادارة هي للظلاميين فكرا وادعاء يفرضون على واتا صبغة دينية تضليلية ، يقصد منها التخويف وقمع الفكر والحوار ، عبر ترويج نهج أبو هواش الظلامي .
وبدأت ألمس المفارقة بين شعارات واتا الحضارية قولا ، وواقعها المتزمت الظلامي فعلا.
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير ( لا أعني ابو هواش ) هو نشري لمقال "العجوز والفوطة " ( تجدونه في عشرات المواقع ، بما في ذلك موقعي الفرعي في " الحوارالمتمدن "
( http://www.ahewar.org/m.asp?i=1310
كان أبو هواش ينتظر الفرصة لينقض على "فريسته" متوهما ان كل اللحوم صالحة للهرس ، ووجد ضالته بمقالي "العجوز والفوطة " ، وهو مقال جاد ينحو نحو تفسير المواقف ، عبر قصص معبرة ساخرة .. الظلامي وزلمه رأوا بها " قصص فجور وعاهرات " .. بالله عليكم اقرأوا ما سجلته عقول واتا وثقافتها ( أبو هواش وزلمه ) من أسباب منع دخولي لمنتدياتها " الحضارية " كما تظهر كلما حاولت الدخول الى منتديات واتا:

" رسالة المنتدى - لقد تم حظرك للسبب التالي : لا يحترم عقول واتا وقوانينها وثقافتها ويروي لنا قصص فجوره مع العاهرات من أمثاله . التاريخ الذي سيرفع عنه الحظر لا يوجد "

هذا هو النص " الحضاري والأخلاقي والفكري والايماني " الذي ألهم الله به منذر أبو هواش وعصابة الذئاب الظلاميين . حتى في فترة الحكم العسكري الصهيوني الأسود بعد نكبتنا لم نشهد مثل هذه العقلية ، وما كان زبانية الحكم العسكري يجرأون على استعمال هذا اللسان دون ان يتعرضوا للعقاب ،وللتنديد في الصحافة العبرية أيضا .
بالطبع لن أرد بشكل مماثل لا. احتراما لقلمي وليس احتراما للظلاميين .
كان بأمكان واتا أن تحظر دخولي دون هذه التعابير المقززة ، السوقية . ولكن الصراخ على قدر الوجع والتعابير بحجم التفكير ، والشتائم هي الثروة اللغوية التي يحمي بها أبو هواش ضحالته ،ولو كان يتوقع حضور اعلامي وكاتب مثلي لما أختارتني واتا أصلا للتكريم بين ال : 250 مثقف عربي .ومع ذلك سأتمهل عن اتخاذ قرار اعادة شهادة التكريم ، لأن مؤسسة تتحكم فيها عقلية أبو هواش ، يعتبر تكريمها مهزلة للعقل والثقافة !!
أجل أعترف ان الحوار والمداخلات الفكرية والثقافية معي ليست جولة في الهواء الطلق ، ولست من الذين يتمسكون برأي مغلق. بل انا منفتح على الفكر والرؤى الانسانية ومستعد دائما للتعلم ، ولا أخاف من الاعتراف بخطأ طروحاتي ما دمت قادرا على التفكير من جديد . وللحقيقة حاول أبو هواش جاهدا ان يربكني ، فأضحكني ببديهيات طروحاته وسطحيتها ، و"عقلية العاهرات" هي التعبيرالأمثل لقدرات الباحث ابو هواش العلمية والبحثية.
تعاملت مع أبو هواش بعقلانية متجاهلا اسفافه وغضبه الدفين ، وحذرت من زملاء في واتا من لحظة انتقامه ، ولكني لم أتعود ان أتخاذل في الدفاع عن قناعاتي ، وفي أكثر أحلامي سوادا لم أتوقع مثل هذه " العبقرية العاهرة" .. قد أكون ، بسبب جديتي التي لا اتنازل عنها في حواري ، أظهرته صبيانيا في طروحاته ومساجلاته وعقله ، واتحداه على رؤوس الأشهاد بأن يواجهني على أي منبر يشاء ، فكريا وليس شتائما ، وفي الموضوع الذي يراه مناسبا لقدراته العقليه . بالطبع لن أدخل معه في نقاش سفسطائي حول الدين ، احتراما للديانات والمؤمنين .
والسؤال هل يلائم نص " فجوره مع العاهرات من أمثاله " موقعا يسمي نفسه حضاريا ، أو حتى موقعا بدائيا ؟ هل تعيش واتا في القرن الواحد والعشرين أو في زمن محاكم التفتيش الكنسية من القرون الوسطى في اوروبا؟ .. حتى وقتها لم يستعملوا مثل هذه التعابير النابية.
قرأتم مقالتي ؟... ربما ترفضون اسلوبي ولا تسركم القصص الساخرة الواردة في نص المقال .. ولكن هل من تبرير أخلاقي لهذه القاذورات التي تملأ عقل وأخلاق أبو هواش وزلمه ؟
ان من يحترم صفته البشرية ، لا يمكن أن يقبل التعامل مع أصحاب مثل هذه الزبالة التي تتحكم بموقع من المفروض انه حضاري وثقافي ومنفتح امام التعددية الفكرية والدينية والاثنية في عالمنا العربي المتعدد الحضارات والثقافات والديانات .
لا أعرف ما العهر والفجور الا ما عرفته من عقلية أبو هواش التي تسيطر على واتا وتجعلها ظلامية . ان منتدى يدعي انه حضاري ويستعمل هذه الصياغات ومثل هذه الشتائم النابية هو موقع لا يستحق الحياة . "العجوز والفوطة" وغيرها من كتاباتي التي أثارت أخلاقيات الباحث الظلامي ، مكتوبة بحس انساني ومحاولة جديدة في استعمال الحكاية لايصال المعنى والمغزى . باستطاعة واتا وأبو هواش رفض هذا الاسلوب ، وطرح رؤيتهم "الأخلاقية والثقافية" (اذا كانوا سمعوا بمثل هذه الأمور النادرة في مجلس أبو هواش الاداري في واتا ) ونقد كتاباتي وتقطيع أوصالها بالمنطق والعقل ، ولكن المنطق مفقود والعقل بات عملة نادرة في رؤوس مغلقة مثل طناجر الضغط .
كتاباتي تثير ردود فعل مختلفة ، أكثرها ايجابي ، وتنشر بعشرات الواقع ، ولم يفهم غير ابو هواش ان كتاباتي تتعلق " بالعاهرات من أمثالي " اللواتي كما يبدو يداعبون أحلامه المريضة. وكتاباتي لم تكن مخفية عن مجلس واتا الذي اختارني للتكريم ، وأعترف اني أكتب عن كل المواضيع الانسانية بما فيها الجنس .
هل لا يعرف الباحث الظلامي ان الديانات كلها ، وأجمل ما في تراثنا العربي .. مليئة بالجنس والاباحية الجنسية أيضا ؟؟ وأن الجنس يكاد يكون السائد في الأكثرية المطلقة من أهم وأجمل كتب التراث العربي ، والعالمي أيضا ؟! أشطب الجنس ولن يتبق الا الورق الأصفر الفارغ من المضامين .ان الكتابة عن الجنس هي مسالة تربوية وأخلاقية وعلاجية ونقدية لآفات المجتمعات البشرية ، هل رواية " بنات الرياض " مثلا ، والتي كتبت داخل جدران سميكة من المحافظة والقيود المتزمتة ، تخلو من الجنس ، والجنس الفاحش ؟! هل يمكن اتهام كاتبتها " بالفجور مع العاهرات من أمثالها " ؟! هذا نموذج صغير فقط . نحن يا أبو هواش لا نتهمك بالزنا مثلا لأنك تملك أداة الزنا بين ساقيك !!
وهل يجهل الباحث المتثاقف ان الأداب الحديثة كلها ، الأجنبية والعربية لا قيمة لها اذا خلت من الجنس ؟ وأن الجنس جزء من حياة الانسان ومشاكله ؟ وحتى في السياسة صار للجنس حصة !!
اذا كان الباحث ابو هواش يفهم الجنس بحدوده البدائية ، التي لا تتجاوز أداة الزنا التي تثير متاعبه ، فتلك مشكلته وتحتاج الى علاج نفسي غير متوفر بعيادتي الثقافية . الجنس في النصوص الأدبية يتسامى الى قمم انسانية لن يعرفها أبو هواش والظلاميين الراقصين كالذئاب حول طروحاته؟
" واتا الحضارية ؟!" – تعبير يثير السخرية في نفسي . هل حان موعد نعيها او نفي صفة " الحضارية " من أسمها ؟
هذا يقرره مجلس واتا نفسه ، وآمل أن لا يكون خيار مجلسها قد صار متأخرا !!.

نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com

لا يا أ نس لا تتنحى

ناصر الحايك


بعد أن خلت الجالية الاسلامية بالنمسا والمقدر تعدادها بأكثر من أربعمائة الف مسلم من رجل يمتلك مواهب فذة ويتمتع بشخصية "برغماتية" وجينات الزعامة كالتى يمتلكها البرفسور أنس كما يحلو للبعض اطلاق هذا اللقب عليه..

ولأن أرحام النساء جفت ولم ولن تنجب نظيرا له...

ولأنه رجل البارحة واليوم والغد المشرق.

ولأنه يصل الليل بالنهار ويعمل دون كلل أو ملل غير عابىء بوضعه الصحى وذلك من أجل الارتقاء بمكانة الانسان المسلم فى النمسا..

ولأنه مرب فاضل وأب عطوف خرج أجيالا من مدرسة تكريس انكار الذات وتجرد من الأنوية مفضلا التوارى عن الأضواء والأنظار والانخراط فى صفوف الجماهير الصامتة...
ولأنه يؤمن بعدم صواب المبدأ القائل " الكل فى خدمة الطاغية " ...

ولأنه على "الطالعة والنازلة" يشكر دولا نفطية لما قدمته وما تقدمه لمسلمى النمسا من دعم مالى و "لوجستى" بناء على ما صرح به الشقفة لوسائل اعلام تلك الدول أثناء زياراته لها أو ارسال مندوبين عنه بذريعة حضور مؤتمرات والقاء محاضرات باسم مسلمى النمسا ( دون علمهم طبعا ) ....على نفقة بيت المال..

ولأنه محاط ببطانة من الأفاقين والدجالين عفوا ( المخلصين ) الذين يقبلون ... كى يحظوا بعفوه ورضاه ...

لذا... وانطلاقا لما سلف ذكره من مناقب وصفات خارقة وخارجة عن نطاق الطبيعة وهبها الخالق لهذا الرجل الأعجوبة دونا عن سواه لحكمة الهية تدخل فى نطاق الميتافيزيقا (العلوم الغيبية) وتحتاج لبعض الأئمة المنتفعين وخطباء المنابر المرائين ليفسروها للعامة .... لذا فاننا نحن الموقعون أدناه نرجو لا بل نتوسل الى فخامة وفضيلة البرفسور والوالد الحنون أطال الله فى عمره أن يفكر جليا ويتروى قليلا فى اتخاذ قرار التنحى الطوعى عن عرش الجالية ونناشده أن يستمر فى اداء رسالته الخالدة ولو لبضع سنين أخرى وحبذا لو ظل رئيسا مدى الحياة والا ....

فاننا سنجد أنفسنا مضطرين لتنظيم اعتصامات يوميا وتسيير مظاهرة حاشدة تجوب شوارع ولايات النمسا نضىء خلالها الشموع ونذرف فيها الدموع انهارا حتى يلبى جلالته رغبة الجماهير الجامحة وحتى لا تصاب الجالية الاسلامية بنكبة فراغ السلطة تضاف الى نكبات الأمة ...

ولن...

نكتفى بذلك بل سننظم اضرابات مفتوحة عن الطعام الى أجل غير مسمى وسنردد بأعلى أصواتنا الجهورية الهتافات الحماسية الطنانة والرنانة وسننشد :

ما فى خوف ما فى خوف
انس راح نفديه بالروح

كما نناشد الأخوة اطباء الأنف والأذن والحنجرة أن يتطوعوا ويشاركوا فى مظاهرة المليون وأن يقفوا على اهبة الاستعداد للتدخل الفورى والسريع لعلاج الأحبال الصوتية "للهتيفة" التى ستكون عرضة للاصابة بالبحة والالتهابات الفيروسية التى لا تستجيب لحبوب المص وذلك جراء الصراخ المدوى والتقلبات المناخية ...

وأخيرا... كل ما ورد يعتبر غيضا من فيض ففى جعبتنا الكثير وقد أعذر من أنذر

الموقعون :

قبيلة التوتسى ( رواندا)
رابطة مشاهدى برنامج ( زعلان ليه )
جمعية أصدقاء أنس ( قيد الانشاء )
رابطة المرضى المصابين بمرض الخرف ( الزهايمر) بالنمسا
المنتدى العالمى للفاشلين تاريخيا
جمعية ثقافة التسول عقب المحاضرات السخيفة
جمعية تكريم الأحياء
المجلس التنسيقى العام لقطف الزهور

بالاضافة الى العديد من الفعاليات والناشطين والنخب المدعوين بالاكاديميين والمطبلين والمزمرين وماسحى الجوخ وما أكثرهم ....


انس فى سطور :

ذكرت وسائل الاعلام النمساوية فى خبر مجهرى بأنه سيترك مهام منصبه نهاية شهر يونيو الجارى الا أنه مازال جاثما على صدور الخلق...
البعض يلقبه بالشيخ والبعض بالبروفيسور والبعض بالدكتور ومؤخرا أطلق مجهولون على سموه لقب امبراطور المسلمين الأخير...
ومع ذلك لم ينتخب ديمقراطيا حسب المقاييس الغربية ، الا أنه والحق يقال طالب بانتخابات نزيهة لكن بعد أن يترك مهام منصبه ويتفرغ لحياته الخاصة حسب ادعائه!!!

تنويه هام :

الموقعون على العريضة لا يتحملون مسؤولية من ينوون القاء أنفسهم فى نهر الدانوب احتجاجا على رحيل الشقفة المزعوم ولن يتم جمع المال لذويهم فى المساجد .


فيينا النمسا

الجمعة، يونيو 27، 2008

تصريحات ساركوزي الفلسطينية ساتر دخاني


نقولا ناصر
ان الزيارة الفلسطينية التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من 22 الى 24 حزيران / يونيو الجاري في اسبابها واهدافها ونتائجها وحيثياتها لم تملك الحد الادنى من الانحياز لعدالة الحق الفلسطيني ضد الاحتلال لكي يستحق صاحبها وصف "الصديق" للشعب الفلسطيني الذي اطلقه عليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم يوم الثلاثاء الماضي لا بل انها افتقدت الحد الادنى من التوازن بين طرفي الصراع الذي يؤهل باريس للقيام بدور الوسيط النزيه في الصراع المحتدم بين اصحاب الارض وغاصبيها منذ ما يزيد على قرن من الزمان .

والمراقب المدقق سيكتشف سريعا ان تصريحات ساركوزي الفلسطينية كانت ساترا دخانيا نجح في خداع الراي العام الفلسطيني بحجب حقيقة ان زيارته جاءت اساسا للاحتفال بالذكرى السنوية الستين لتاسيس دولة الاحتلال ، كما اكد رئيس هذه الدولة شمعون بيريس ورئيس وزرائها ايهود اولمرت في بيانين رسميين نشرهما الموقع الالكتروني لوزارة خارجيتهما ، ساترا جنبه الحاجة الى أي اشارة الى النكبة الفلسطينية التي رافقت تاسيسها ، وهو عدم توازن وقع فيه الرئيس الاميركي جورج دبليو. بوش والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل خلال زيارتين مماثلتين قاما بهما لدولة الاحتلال قبله واستحقا عليه التعبير عن "الغضب" الفلسطيني على مستوى الرئاسة .

ودون اجحاف باهمية تصريحات ساركوزي التي اطلقها داخل الكنيست ، اهم منبر سياسي في دولة الاحتلال ، والتي حدد فيها اربعة شروط لا يمكن للسلام ان يتحقق دونها وهي اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس ، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولتين ، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين ، ووقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس معا وتشجيع المستوطنين على الرحيل عنهما ، فان الرئيس ساركوزي لم يضف بهذه التصريحات جديدا على المواقف التقليدية لفرنسا الملتزمة بدورها بمواقف الاتحاد الاوروبي المعلنة التي لا تخرج في جوهرها عما اعلنه ساركوزي . وربما تكمن اهميتها فقط في كونها عوضت على الفلسطينيين بعض خيبة الامل الكبيرة التي اصابتهم بعد زيارتي بوش وميركل اللذبن لم يظهرا ادنى اهتمام بالموازنة بين التزامهما بضمان امن دولة الاحتلال وبين حرصهما على احترام برنامج الحد الادنى للرئاسة الفلسطينية الذي لا يخرج في جوهره ايضا عما اعلنه ساركوزي .

فساركوزي المفوه الذي لا تعوزه الكلمات ولا المعلومات كانت تطغى فكرة ضمان امن اسرائيل على كل ما عداها لديه ومقياسا باطنيا وعلنيا يحدد على اساسه ما هو على استعداد لمنحه للفلسطينيين ، فاسرائيل التي تعهد بضمان امنها دولة لا حدود لها ، والدويلة الفلسطينية دعا لها لانها افضل ضمان لامن اسرائيل على حد قوله ، ولم يذكر مرة واحدة انها في حدود عام 1967 ، مما يضع علامة سؤال كبيره حول تصريحاته "الايجابية" عن المستعمرات الاستيطانية اليهودية ، وهذا غموض ينسحب على مستعمرات القدس التي اعلن انه يريدها عاصمة لدولتين دون ان يوضح ما اذا كانت هذه العاصمة "المشتركة" تشمل او لا تشمل استمرار مكاسب الاحتلال فيها . وحتى اشارته الغامضة بصورة مماثلة الى جدار الضم والتوسع الذي يبنيه الاحتلال في القدس والضفة الغربية كانت مرتبطة في ذهنه بامن دولة الاحتلال عندما قال انه لا يمكن ان يضمن امنها الى الابد . اما دعوته الى "حل" قضية اللاجئين فقد خلت من أي اشارة الى الاساس التي يريد حلها عليه او في أي مكان وزمان .

وربما بسبب هذا "الغموض" المدروس لم تنعكس تصريحاته الفلسطينية سلبا على حرارة الترحيب به في دولة الاحتلال ، حيث يعرف باسم "ساركو الاسرائيلي" تحببا ، وحيث وصف اولمرت العلاقات الثنائية في عهد ساركوزي بانها "ليست مجرد شهر عسل بل انها قصة حب حقيقية" !

ان مواقف ساركوزي المعلنة مثل مواقف الاتحاد الاوروبي ومثل العشرات من قرارات الامم المتحدة سوف تظل حبرا على ورق وكلمات جوفاء كما كانت مثيلاتها طوال الستين عاما المنصرمة لان المجتمع الدولي ما زال يرفض أي ترجمة ملموسة لها على الارض ويرفض استخدام نفوذه لفرضها على دولة الاحتلال بينما لم ولا يتردد هذا المجتمع في دعمه الملموس العسكري والمالي والاقتصادي والدبلوماسي والسياسي لدولة الاحتلال دون كلمات .

لقد تعرض الشعب الفلسطيني لعملية خداع كبرى من القيادة الاميركية الاوروبية للمجتمع الدولي ، خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، عندما صدقت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وعود هذا المجتمع بدعمها في تحقيق برنامجها لحل الدولتين فقدمت اعترافا مجانيا بدولة الاحتلال دون أي اعتراف مقابل بدولة فلسطين ووافقت على تجريدها من سلاح المقاومة المشروعة مقابل وعدها بتعويضه بثقل المجتمع الدولي في دعمها ليكتشف الشعب الفلسطيني بعد سبعة عشر عاما منذ مؤتمر مدريد ان دويلته الموعودة سراب وانه لم يكسب المجتمع الدولي ولكنه خسر المقاومة او يكاد كما يكاد يخسر أي قيادة موحدة له .

ولا تخرج تصريحات ساركوزي عن هذا السياق للتناقض الفاضح بين الاقوال والافعال تجاه الفلسطينيين والتطابق الكامل بين القول والفعل تجاه دولة الاحتلال وليس هناك ما يشير لا فيما سبق زيارته ولا فيما سيعقبها الى أي تغيير . فقد تطابقت افعاله داخليا (في محاربة العداء للسامية) واوروبيا (في دعم رفع مستوى علاقات دولة الاحتلال مع الاتحاد الاوروبي) وعلى مستوى العلاقات الثنائية (في فتح صفحة جديدة في العلاقات الفرنسية الاسرائيلية) مع وعوده لشمعون بيريس الذي كان اول رئيس دولة اجنبي يستقبله ساركوزي بعد انتخابه . اما في اعقاب زيارته فان تسلم فرنسا للرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي في الاول من تموز / يوليو لا يتوقع ان يكون الا استمرارا لتناقض سياسة ساركوزي غير المتوازنة بين طرفي الصراع على ارض فلسطين وستكون على الارجح اختبارا قريبا لتصريحاته الفلسطينية يكشف ان اطلاق وصف "الصديق" عليه كان متسرعا .

لقد انعكس عدم التوازن الفرنسي اولا في برنامج زيارة ساركوزي ، الذي انكر على الرئاسة الفلسطينية تكريمها بزيارة في مقرها المؤقت برام الله ، اذ خصص برنامج زيارته لدولة الاحتلال ثلاثة ايام اقتطع اربع ساعات فقط لفلسطين من ساعاتها الثماني وسبعين التي قضى معظمها في القدس التي اعلنها الاحتلال من جانب واحد ، دون أي اعتراف دولي ، عاصمة ابدية لدولته ، ولو كان ساركوزي يسعى عمليا الى ما قاله اثناء زيارته عن ضرورة اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس لضمن برنامج زيارته لقاء ولو لربع ساعة مع عباس في القدس الشريف او في الاقل ضمنه وقتا للقيام بزيارة مهما قصرت لها كما فعل سلفه جاك شيراك قبل اثنتي عشر سنة ليطلع "عيانا" على ما نجا منها من التهويد ليقرر ما اذا كان ما تبقى منها بوضعه الراهن يصلح عاصمة "متصلة" باي دولة فلسطينية مرجوة .

ثم انعكس عدم التوازن الفاضح في برنامج ساركوزي في زيارته لاسرة جندي الاحتلال الاسير في قطاع غزة جلعاد شاليط ومطالبته بانه "يجب الافراج عنه" دون أي اشارة الى (12) الف اسير فلسطيني ، ناهيك عن زيارة اسرة من اسرهم ، او في الاقل الاشارة الى اكثر من ثلث النواب الفلسطينيين الذين اختطفهم الاحتلال كرهائن منذ عامين من الممثلين المنتخبين للديموقراطية التي يشترطها لاقامة دولة فلسطينية . ان زيارة ساركوزي هذه تنطوي على استفزاز بالغ للشعب الفلسطيني لانها تعتبر تشجيعا للاحتلال من ناحية وتكريما لمواطن فرنسي يحمل الجنسية الفرنسية ولا يخدم في جيش دولة الاحتلال فقط بل يؤدي خدمته في الاراضي الفلسطينية المحتلة ويساهم في العقوبة الجماعية التي يفرضها هذا الجيش على مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة مما يعتبر تشجيعا لغيره من المواطنين الفرنسيين الذين يحملون جنسية مزدوجة مثله على الاقتداء به .

لكن ذروة عدم التوازن الساركوزي بانت ب"احترامه" لعدم التدخل في الشان الداخلي الاسرائيلي حتى عندما بادر صديقه بنيامين نتنياهو واولمرت وبيريس فورا وعلنا الى معارضة تصريحاته الفلسطينية دون ان يوازن ذلك باحترام مماثل لعدم التدخل في الشان الداخلي الفلسطيني ليصنف الشعب الفلسطيني الى "محبين للسلام" في رام الله يدعمهم و"ارهابيين" في غزة يحاربهم متبنيا تصنيفات الاحتلال الاسرائيلي نفسها لهم ، في انحياز فاضح لم يمنعه مع ذلك من اعلان طموحه الى القيام بدور وسيط بين الجانبين ، دور لم يؤهل نفسه له مثلما تفعل روسيا وتركيا والنرويج المحرومة اميركيا واسرائيليا من أي دور وساطة بسبب احترامها للاجتهادات الوطنية الفلسطينية كافة باعتبارها شانا داخليا .

هل عند الرئيس نبيه بري مجاهدون يقاتلون على جبهات محلية أو إقليمية

الياس بجاني

صدر اليوم عن حركة أمل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه بري بياناً جاء تحت عنوان: (أمل" نعت الحركي حسين حيدر عواضة أثناء قيامه بواجبه الجهادي") وفي أسفل نصه الحرفي:
(وطنية - 26/6/2008 (سياسة) نعت حركة "أمل" - إقليم جبل عامل، في بيان أصدرته، الشهيد حسين حيدر عواضة الذي "استشهد أثناء قيامه بواجبه الجهادي".
ووزعت الحركة نبذة عن حياة عواضة: "مواليد 1990 بلدة شيحين، إنتسب منذ صغره إلى كشافة الرسالة الإسلامية، وعمل في صفوف حركة "أمل" وفي خلاياها التنظيمية فكان مثالا للأخ المجاهد المثالي الملتزم، استشهد بتاريخ 26/6/2008 أثناء قيامه بواجبه الحركي". ودعا البيان إلى "المشاركة في تشييع الشهيد بعد ظهر اليوم الخميس، الساعة الثالثة في بلدته شيحين حيث سينطلق موكب التشييع عند الساعة الثانية من بعد الظهر من ملعب المساكن الشعبية - صور".)

هذا ونفى البيان ما أوردته بعض وسائل الإعلام عن كيفية "استشهاد الشهيد" حسين حيدر عواضة. وكانت الأنباء قد أشارت إلى أن عواضة وجد جثة قرب دار الإفتاء الجعفري في مدينة صور، وان مجهولين اغتالوه.

السؤال البديهي الذي لا بد من طرحه على السيد بري هو: هل لدى حركته "مجاهدين" يقومون بأعمال "جهادية" داخل الأراضي اللبنانية أو في بلدان إقليمية منها على سبيل المثال لا الحصر إسرائيل أو العراق؟

نرى أنه من الواجب الوطني الملزم قانوناً أن يوضح السيد بري وقادة حركته في أي موقع محلي أو إقليمي أو دولي "استشهد" حسين حيدر عواضة؟ هل هو "استشهد" في العراق، أو في إسرائيل، أو في لبنان؟

من حق الشعب اللبناني أن يعرف كل تفاصيل هذه الأعمال "الجهادية" كون السيد بري هو رئيس مجلس النواب اللبناني، وحسب معلوماتنا المتواضعة فإن مهمات رئاسة المجلس هذا الذي من المفترض أن يمثل كل اللبنانيين لا تشمل الأعمال الجهادية!!

نلفت إلى أن السكوت الرسمي عن هذا الأمر الخطير يعتبر انتهاكاً فاضحاً للدستور وتعدي سافر على كل ما هو قوانين وشرائع وأسس للدولة والمؤسسات.

وهنا نسأل فيما إذا كان "الشهيد قد استشهد" في معارك طرابلس أو البقاع الأخيرة أو أنه كان في مهمة ما ولقي حتفه خلالها؟

من حق اللبنانيين معرفة الحقيقة كاملة، فهل سيتكرم السيد بري ويوضح الأمر، نتمنى ذلك.

غليان اردني ، صمت فلسطيني

نقولا ناصر

لا يجوز أي صمت فلسطيني عندما يطرح احدهم حل القضية الفلسطينية في الاردن ، خصوصا اذا كان اميركيا وعلى الاخص اذا كان مرشحا للرئاسة الاميركية ، لان مثل هذا الترحيل للقضية بنفيها بعيدا عن ارضها وشعبها الى بلد اخر وان كان "شقيقا" سيكون بالتاكيد مقدمة لترحيلها الى اصقاع اخرى من الكرة الارضية اكثر بعدا عن وطن القضية وموطنها ، وتوطئة لترحيل جماعي مزدوج لشعب القضية اولا ثم للشعب المرشح لاستضافته قسرا ب"تطفيشه" عن ارضه بعد ان تضيق به وب"ضيوفه الاشقاء" ، وتمهيدا لاعفاء المشروع الصهيوني في فلسطين والمسؤولين عن تحويله الى دولة من مسؤولياتهم التاريخية والسياسية المادية والمعنوية عن استمرار هذه القضية في استنزاف اهلها وقومهم واقليمهم دما وارضا وتنمية وسيادة طوال اكثر من ستين عاما .

ان الغليان السياسي البرلماني والشعبي الذي انفجر في الاردن حد التداعي الى انشاء "جبهة للانقاذ الوطني" كرد فعل على التصريحات المنسوبة الى روبرت كاغان مستشار المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية جون ماكين الذي قال فيها ، كما قيل ، ان ماكين يريد حل القضية الفلسطينية في الأردن كي تأخذ السياسة الاميركية "منحى مباشرا للتعامل مع القضية بشكل يريح المنطقة ودولها للتفرغ بمعاونة الاميركيين لنشر الديموقراطية ومحاربة ارهاب الاسلام الفاشي" ، .. ان هذا الغليان لم يجد له رديفا فلسطينيا حتى الان حيث يسود شبه صمت مطبق .

اما على المستوى الرسمي فان الصمت الفلسطيني على الغليان عبر النهر ، الذي حولته سرقة الاحتلال لمياهه ومنابعه الى جدول ، قد غطى عليه افصاح رسمي اردني يشي بحرص على احتواء اية مضاعفات سلبية على العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وعلى تهدئة اية اثارة قد تنعكس سلبا على الاستقرار الداخلي باستغلال متصيدين في المياه العكرة لها ، فبادرت وزارة الخارجية الى نفي ان يكون كاغان قد ادلى بتصريحات تمس الاردن بينما بادرت اجهزة الاعلام الرسمية الى تكرار نفي الخارجية وكذلك نفي كاغان نفسه يوم الثلاثاء الماضي لان يكون قد ادلى بالتصريحات المنسوبة اليه في جامعة نيويورك ولان يكون قد زار الجامعة نفسها اصلا (جوردان تايمز في 19/6/2008) .

بالرغم من ذلك صدر رد رسمي غير مباشر على ارفع مستوى باللغتين الانكليزية والعربية عندما حذر الملك عبد الله الثاني اولا في خطاب له امام 29 من الحائزين على جائزة نوبل في مدينة البتراء التاريخية يوم الاربعاء الماضي من "المخاطر التي لم يسبق لها مثيل" المترتبة على عدم "التحرك خارج منطقة التهديد" بارتكاب "الخطا الفادح" المتمثل بعدم اغتنام الفرص الراهنة "لاقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقابلة للحياة" ، وثانيا في تصريحات للسفير اللبنانية اعادت الصحف الاردنية نشرها قبل الثلاثاء الماضي قال فيها: "لقد تعودنا على مثل هذه التسريبات الاعلامية والتحليلات السياسية .. والاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين .. والفلسطينيون لن يقبلوا بديلا لوطنهم فلسطين" .

لكن القيادة ، لا بل القيادات الفلسطينية ، ربما اصبحت خبيرة في صناعة الاشاعة والحرب النفسية لدى دولة الاحتلال حد الاستهتار بعدم الرد عليها بالرغم من نتائجها السلبية الملموسة وربما وجدت ايضا في حقيقة ان موقع "فيلكا" الالكتروني الاسرائيلي الذي يديره لبناني كان هو المصدر الرئيسي للتصريحات المنسوبة الى كاغان حجة قوية لكي لا تجد حتى الان ان الامر يستحق أي مساهمة علنية منها تبدد جزءا في الاقل مما يخلقه ترويج مثل هذه الفقاعات الاعلامية الاسرائيلية بين حين واخر من تضليل لدى الراي العام العالمي .

وسواء قال كاغان او لم يقل ما نسب اليه فانه ياتي في سياق تتارجح القضية فيه بين حل دولتين حلم به الواقعيون الفلسطينيون والعرب وفي مقدمتهم صناع القرار الاردني لكن كل الدلائل تشير الى ان تحقيقه لم يعد "ممكنا" ، بعد ان فرض عليهم وقبلت واقعيتهم به ، وبين حل مثالي "يستحيل" تحقيقه لدولة واحدة تجمع عرب فلسطين ومستوطنيها اليهود تحلم به نخب تعيش في ابراج عاجية وتتمسك به ك"حل سلمي" بديل لحل الدولتين انطلاقا من ارضية مشتركة مع النظام العربي الرسمي الذي فرض عجزه عليه القبول بالتسويات السلمية ك"خيار استراتيجي" لانه وهذه النخب التي تلتقي معه يعتبرون التفوق العسكري لدولة الاحتلال قدرا لا راد له ويعتبرون أي مقاومة له "عدمية" تقدم التضحيات الوطنية مجانا . ولان الحل "الممكن" لم يعد ممكنا ولان الحل "المثالي" مستحيل فان انسداد خيار السلام والتفاوض يفتح المجال امام دولة الاحتلال للعودة بين حين واخر وفي هذا الشكل او ذاك الى تعويم اقتراحها القديم - الجديد بإلحاق قطاع غزة بمصر والضفة الغربية بالاردن كـ«خيار سلمي» ثالث .

ان وصول اسرائيلي كان من الاقطاب الرئيسيين الذين دعوا مبكرا الى حل الدولتين مثل افراهام بورغ ، رئيس البرلمان (الكنيست) السابق ، الى الاستنتاج بان هذا الحل "يوشك ان ينتهي" وان "ايامه اصبحت معدودة" واقتراحه اقامة "اتحاد فدرالي اسرائيلي – فلسطيني" كحل بديل بشرط تخلي اسرائيل عن الحرم القدسي الشريف للفلسطينيين وتخلي هؤلاء عن "ممارسة حق العودة" (هارتس 25/6/208) انما هو مؤشر الى ان اكثر الاسرائيليين "حمائمية" ما زالوا يصرون على حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين خارج وطنهم وخارج الحقوق التي تمنحها لهم الشرعية الدولية وياتي ما يسمى "الخيار الاردني" في مقدمة حلولهم المفضلة .

وعلى سبيل المثال كتب ثوماس فريدان في النيويورك تايمز في الرابع من حزيران / يونيو الجاري يقول ان الوقت قد فات على حل الدولتين لان "أي عملية سلام تقليدية لن تتمكن من عكس" اتجاه الواقع الناجم عن الحقائق التي خلقها الاحتلال على الارض في الضفة الغربية ودعا للعودة الى الخيار الاردني . وقبل ذلك ، في السادس عشر من نيسان / ابريل الماضي كتب جيورا ايلاند في يديعوت احرونوت انه "حتى لو حدثت معجزة وتم التوصل الى اتفاق على الوضع النهائي وحتى لو تم تنفيذ هذا الاتفاق بنجاح فانه لن يحقق الاستقرار بل على العكس ، اذ لا توجد أي فرصة في ان تكون الدولة الفلسطينية الصغيرة المنشطرة والفقيرة في مواردها وطنا لشعب يشعر بالرضى" لذلك ينبغي "اعادة خلط الاوراق" والتفكير في حلول و"خيارات اقليمية" اخرى منها "عودة الى الخيار الاردني" .

وفق الوثائق الاسرائيلية المفرج عنها للفترة من 1947 – 1951 واجهت القيادة الصهيونية للدولة الاسرائيلية الناشئة مشكلة "اقليمية" حول ما ينبغي ان تفعله بقطاع غزة والضفة الغربية وكان امامها خياران اما ان تعهد بهما الى مصر والاردن على التوالي او تسلمهما الى عرب فلسطين لاقامة دولة لهم عليهما طبقا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم (181) لتقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية وتقول الوثائق ان القيادة الصهيونية اختارت الحل الاول لسبب وحيد هو عدم وجود عدد كاف من المهاجرين اليهود للسيطرة على المنطقتين ، بانتظار تغير الظروف لضمهما وهو ما تحقق باحتلال عام 1967 وما تبعه .

ويسيطر اليوم على الضفة الغربية اضافة الى جيش الاحتلال اقل بقليل من نصف مليون يهودي يستوطنون اكثر من (160) مستعمرة اقيمت في مفاصل استراتيجية وخصوصا في القدس ، وبالتالي فان المشكلة "الاقليمية" قد وجدت حلا لها وبقيت المشكلة "الديموغرافية" المتمثلة بوجود حوالي مليوني فلسطيني فيها يمثل "الخيار الاردني" حلا "سلميا" لمشكلتهم فيما يمثل الحل الاخر الترحيل الجماعي القسري لهم اما بالتطهير العرقي نفسه الذي قاد الى ترحيل مواطنيهم عام 1948 او بتفجير "حرب اهلية" بينهم وبين المستوطنين اليهود يقوم فيها جيش الاحتلال بالدور نفسه الذي قامت به قوات الانتداب البريطاني أنذاك ، وكلا الحلين نتيجته الكارثية واحدة سواء بالنسبة لعرب فلسطين ام لاشقائهم في الاردن .

ولا يختلف اثنان اليوم على ان فشل حل الدولتين واستحالة حل الدولة الواحدة حقيقة سياسية تخلق الحاضنة المثلى للترويج لحلول "اقليمية" للقضية الفلسطينية ترحل المسؤولية عنها من القوة المحتلة الى دول الجوار العربي وبخاصة الاردن ومصر ، لكن هذه الحقيقة تجعل مخاطر تصفية القضية بنفيها عن وطنها وموطنها الى جوارها خطرا ماثلا محدقا لا خطرا محتملا فحسب بقدر ما تصفع بقسوة واقعية من اجمعوا في النظام الرسمي العربي على المراهنة على معادلة الارض مقابل السلام وعلى حسن النوايا الاميركية وصدقية المجتمع الدولي في الزام دولة الاحتلال بها ، وفي مقدمة هؤلاء صناع القرار الفلسطيني والاردني والمصري الذين حان الوقت لكي يعيدوا النظر في رهانهم الاستراتيجي هذا قبل ان يطبق الخطر المحدق على القضية وعليهم معا .

*كاتب عربي من فلسطين

المصالحة الوطنية الفلسطينية وقطع الحبل السري مع الدول المانحة

راسم عبيدات
........ من المعروف والمهم جداً قوله أن الإدارة الأمريكية،هي ضد أي مصالحة عربية،خارج إطار الأهداف والمصالح الأمريكية،ومن هذا المنطلق ووفق هذه الرؤيا فهي تقف ضد المصالحة الداخلية الفلسطينية،بدءً من رفض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية،وانتهاء باتفاق صنعاء،وكذلك لنا في التجربة اللبنانية خير مثال وشاهد،فهي تضع العصي في دولاب اتفاق الدوحة للمصالحة اللبنانية، وتسعى لتجويف هذه الاتفاق من الداخل،بعد أن خرج إلى حيز التنفيذ والتطبيق الفعلي رغم أنفها،من خلال منع تشكيل حكومة وحدة وطنية لبنانية،وافتعال مشكلة هنا وأخرى هناك،وما تريده هو تفجير الوضع الداخلي اللبناني واستمرار أزمته الداخلية،أما على الجانب الفلسطيني،فالرئيس الفلسطيني محمود عباس أطلق مبادرته للحوار الوطني وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني،وبغض النظر عن العوامل والظروف التي أملت إطلاق هذه المبادرة،والتي لربما كان انسداد أفق التسوية وتعثر،بل فشل وسقوط الرهان على نهج المفاوضات في مقدمتها،وهذا ما اتضح من خلال جولات المفاوضات العلنية والسرية بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية،وكذلك لقاءات السلطة مع رئيس ورجالات الإدارة الأمريكية،ومع أن كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني ،وفي مقدمتها حماس رحبت بهذه الدعوة،ودعت إلى توفير الأجواء لنجاح مثل هذه الدعوة،من خلال وقف الحملات الإعلامية المتبادلة ،والتحريض والتحريض المضاد،وجبهة اليسار الفلسطيني عقدت عدة لقاءات مع حماس وفتح ،لوضع آليات الحوار موضع التنفيذ،ورغم كل هذا الجهد الذي يبذل فلسطينياً وعربياً،من اجل تذليل العقبات التي تشكل موانع وعوائق أمام انطلاقة جدية لمثل هذا الحوار،إلا أن هذا الحوار ما زال بحاجة لرفع "الفيتو" الأمريكي،والعديد من الأطراف الإقليمية المرتبطة بالطرف الأمريكي،والتي ترى أنه من غير الممكن انطلاق هذا الحوار،دون تطويع حماس وقبولها لما يسمى بشروط الرباعية الدولية والتزامها بالاتفاقيات السابقة،وانطلاقة جدية لهذا الحوار،تعني أن تكون السلطة الفلسطينية،جاهزة لتحمل تبعيات هذا الحوار الوطني الفلسطيني،وخاصة أن السلطة الفلسطينية في أغلب موازنتها تعتمد على المساعدات الخارجية،وهذه المساعدات هي التي تسير عمل الكثير من مؤسسات وأجهزة السلطة،والاتفاق مع حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى،على ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني،وتشكيل حكومة وحدة وطنية،وبدون رفع الفيتو الأمريكي، قد يعني فرض حصار شامل على غرار الحصار المفروض على أهلنا وشعبنا في القطاع،وقطع للمساعدات الدولية،وتقييد حركة وتنقل وسفر رجالات السلطة،وسحب كافة الامتيازات منهم،وإذا ما أردت التطرف،تعرض العديد منهم للاعتقال وغير ذلك.
فهل السلطة الفلسطينية في سبيل حوار مع حماس وإقامة حكومة وحدة وطنية،وإقرار انتخابات رئاسية وتشريعية بمشاركتها، مستعدة أن تقطع الحبل السري مع الدول المانحة،والتي تعد الشريان الرئيسي،الذي يضمن لها الاستمرار في دورها وممارسة سلطتها وصلاحياتها ؟،وهل السلطة الفلسطينية،تولدت لديها قناعات جدية بفشل هذا الخيار وهذا الرهان؟،أم أن المسألة لها طابع تكتيكي واستخدامي،بغرض توجيه رسالة للأمريكان،إما أن يمارسوا ضغوطاتهم على إسرائيل لتلين مواقفها،وتقديم تنازلات جدية،تمكن فريق السلطة من تسويق انجازات ملموسة،تم تحقيقها من خلال التفاوض،أو فالبديل هو العودة لحماس والوحدة الوطنية الفلسطينية.
وانأ أرى أن هناك الكثير من العوامل المتشابكة والمركبة،والتي لها تأثيراتها ودورها في الشأن الفلسطيني،وليس فقط قوة الحضور الأمريكي والإسرائيلي في هذا الشأن،والالتزام الأمريكي خاصة والدولي عامة بأمن إسرائيل ووجودها،وهذا ما عبر عنه الرئيسان الأمريكي ورئيس الحكومة الفرنسية"بوش وساركوزي"،أمام الكنيست الإسرائيلية،بل أن التطورات الحاصلة إقليميا وخصوصاً المتعلقة بالملف النووي الإيراني،وصراع النفوذ والوجود والحضور والدور الأمريكي- الإيراني تحديداً،تلقي بظلالها وتأثيراتها على أكثر من ساحة وجبهة،فإذا ما أخذت الأمور منحاً نحو التصعيد والمواجهة بين أمريكيا وإسرائيل من جهة ومعهما العديد من أطراف النظام الرسمي العربي،وبين إيران وحلفاءها من دول وقوى الممانعة والمقاومة سوريا وحزب الله وحماس من جهة أخرى،فإن ذلك سيجد له تأثيراته وبصماته التصعيدية في أكثر من جبهة وساحة من العراق وحتى فلسطين،وبالمقابل إذا ما اتجهت الأمور بين إيران وأمريكيا وإسرائيل نحو التهدئة ،والاعتراف بالمصالح المتبادلة فهذا أيضاً، سيعكس نفسه وتأثيراته على تلك الساحات،والتي قد تشمل رفع"الفيتو" والاعتراضات الأمريكية على تشكيل حكومات وحدة وطنية فلسطينية ولبنانية.
ولكن العالم والخبير بالسياسة الأمريكية،يدرك تمام الإدراك،أن سياسة الاحتواء والعقوبات التجارية والاقتصادية والمالية والحصار وغيرها،بحق إيران قد أثبتت فشلها،وهناك قيادة مصممة على امتلاك التكنولوجيا والسلاح النووي،وبما يعني تحدي ومخاطر جدية على المصالح والنفوذ والدور والوجود الأمريكي في المنطقة،وهذا بالملموس يعني أن أمريكيا، لن تقدم على رفع"الفيتو" أو المعارضة على تشكيل حكومة وحدة وطنية سواء في لبنان أو فلسطين،وكذلك الأدوات الإقليمية المرتبطة بها غير قادرة على الخروج على عصا الطاعة الأمريكي،ناهيك عن السلطة الفلسطينية القائمة بتكوينها وتركيبتها وبرنامجها وخياراتها،حتى اللحظة الراهنة لم تحسم خياراتها،نحو المزاوجة بين التفاوض والمقاومة،أو نفض اليد من خيار التفاوض والعملية السلمية وفق النهج والآليات القائمة.
ومن هنا أرى أن نجاح الحوار الداخلي الفلسطيني،يجب أن يستند إلى خيارات وقناعات واضحة،وكذلك أسس وبرامج واستراتيجات أيضاً واضحة،وإذا ما أريد للحوار الوطني الفلسطيني،أن ينجح ويحقق أهدافه،فإنه على فريق السلطة أن يدرك،أن وجود "فيتو"أمريكي على هذا الحوار،سيعني منظومة وسلسلة من الإجراءات الأمريكية – الإسرائيلية بحق هذه السلطة،قد تصل إلى ما يحصل حالياً مع الحكومة المقالة في غزة،فهل فريق السلطة الفلسطينية جاهز لتحمل تبعيات ذلك وحسم خياراته،على أساس قطع الحبل السري مع الدول المانحة،وما يعنيه من توقف رواتب لموظفيها ومساعدات للعديد من القطاعات والأجهزة المرتبطة بها وبمصالحها؟.

الخميس، يونيو 26، 2008

أثمرت التهدئة قبل موسم الحصاد

سامي الأخرس
أحياناً بل وفي كثير من الأحيان يكون الصمت ثقافة استدراكية للمشهد القادم من السيناريو الذي تعيش فيه وتراه أمام ناظرك شاخصا بتقليديته ، وهو نفس المشهد الفلسطيني أو السيناريو الذي أتبعته حول موضوع التهدئة الفلسطينية – الإسرائيلية والذي اقتصر فقط على غزة ، وهو ما هدفت من خلاله إسرائيل وكعاداتها لضرب الوحدة الفلسطينية وضرب كل قاعدة يمكن أن تشكل نقطة ارتكاز لتحقيق توافق فلسطيني – فلسطيني .
والجدل الدائر بين مشروعية التهدئة وعدم مشروعيتها في الوقت الحالي هو جدل ينظر للنصف الفارغ من الكأس السياسي الفلسطيني الذي يثبت يوماً تلو يوم أنه كأس لا يروي ظمآن ، ولا يرطب جوف جاف ، أو أمعاء جافة ، ولا ينبت زرعاً في صحراء قاحلة لا أمل بها للحياة.
فمشروعية التهدئة تنبع في طياتها الإنسانية التي تعيش فيها غزة التي أضحت تفتقد لكل ما يمت للحياة بصلة نفسياً واقتصادياً واجتماعياً ، حيث أن غزة أضحت صحراء قاحلة جرداء تشتم رائحة الموت في كل زقاق فيها ، ورائحة عذاب تنبعث من كل منزل فيها ، وتحيط بها كتله لهب تحرق كل من يقترب منها حتى نسمة الهواء الصافية النقية ، وهو ما لم تنتبه له حركة حماس منذ فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006م حيث جعلت من تمسكها بالسلطة أولوية فوق أي أولوية أخرى وأصبحت تسخر كل طاقاتها وفق الغاية تبرر الوسيلة ، دون اعتبار للنتائج والآثار التي ستنعكس على الواقع والمجتمع الفلسطيني عامة ، وإن كان من حقها التمسك بشرعيتها كقوة فائزة في الانتخابات دفع ثمنها الشعب الفلسطيني سواء من حياته الاجتماعية التي مزقتها الشهوة للسلطة والسيطرة بالقوة وهو ما مزق النسيج الاجتماعي والوطني ، أو من حيث المأساة الاقتصادية التي أصبحت موت وجحيم لا يمكن العيش فيه ورغم ذلك لم تتوان حماس عن فرض الضرائب حتى على الخدمات التي تم إعفاء المواطن منها ، وتمادت أكثر عندما ذهبت إلي حد إلغاء التأمينات الصحية سارية المفعول لتعيد تجديدها لكي تجبي منها مبلغ معين والعديد من الضرائب التي هبطت من السماء ، وهذا يطرح السؤال الذي يرتبط بعملية التغيير في هذه اللحظة بالذات في مواقف حركة حماس وهل هذا إدراكاً من حماس أخيراً أن غزة تموت ؟! وما هي الأجواء والظروف التي استجدت لتغيير حماس أو تدرك فجأة أم هناك شعب يموت وتتخلي عن مغازلة المقاومة وحق المقاومة ومشروعية المقاومة هذه الشعارات التي تجرع لأجلها شعبنا كل كؤوس العلقم التي لا يمكن أن يتجرعها غيره .
هذه المقدمة فرضت نفسها بعدما قرأت التصريحات التي تناقلتها وسائل الإعلام اليوم على لسان الناطق بوزارة الداخلية المقالة طاهر النونو :" الحكومة لن تسمح لمن يطلق عبارات التخوين وصكوك الوطنية وفقاً لمزاجه الحزبي التحكم بمصلحة الشعب وخرق الإجماع الوطني حيث ستتخذ التدابير اللازمة لحماية الشعب من أصحاب الرؤى الضيقة المرتهنة بالاحتلال " هذا ما أوردته وكالات الأنباء على لسان النونو الناطق باسم الداخلية المقالة ، وهذا التصريح يحتاج لعشرات الدراسات لكي نستطيع المفارقة ما بين قبل أسبوع من مواقف وتصريحات ، وما بين هذا الانقلاب الخطابي في المفاهيم بين عشية وضحاها ، كما ولا أدرك من يُقصد بأصحاب الرؤى الضيقة المرتهنة بالاحتلال ، هل هم مطلقي الصواريخ من كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس أم من ؟! إن كان المقصود كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس فهاتين الجهتين وحسب الإحصاءات الرسمية فإنهم ومنذ عام تقريبا يحتلان المرتبة الأولي والثانية بالتوالي في سلم مقاومة الاحتلال ، وردهما جاء مشروع على عمليات الاغتيال والاجتياحات التي تقوم بها قوات الاحتلال في الضفة الغربية التي تعتبر جزء محتل من فلسطين .
هذا يعيدني إلى موضوع التهدئة مرة أخرى ، رغم إنه يأتي في نفس السياق ولكن لماذا لم يتم فرض التهدئة في الضفة الغربية كما هو الحال في غزة إن كنا نتحدث عن وطن واحد ؟! وأي إجماع وطني قصده النونو ؟
إسرائيل نجحت في مبتغاها حيث استطاعت منح حماس وحكومتها الشرعية السياسية التي تبحث عنها وهي تدرك أن الثمن الذي ستدفعه حماس غالي جداً مقابل هذه الشرعية التي حاولت سلبها من مؤسسة الرئاسة في نفس الوقت ، وهنا بيت القصيد ، فحماس التي مُنحت هذه الشرعية ستدافع عنها بكل قوة وحزم مهما كان الثمن ، فهي خاضت لأجل هذه الشرعية معارك شرسة وغير مستعدة لإفتقاد هذه الشرعية تحت أي مسمي من المسميات ، وكذلك مستعدة أن تتهم رفاق المقاومة بالأمس بأصحاب رؤي مرتهنة بالاحتلال كما وأورد سابقا في تصريحات النونو ، ولسان حالها يقول " قاوموا في الضفة إن شئتم المقاومة " وهنا تمت فعلياً وعملياً عملية التجزئة والتفتيت لفلسطين أولاً وللمقاومة ثانياً ، أما صيغة الإجماع الوطني التي دافع عنها طاهر النونو فلم يرحب بالتهدئة سوي الرئيس محمود عباس وحكومة سلام فياض ، في الوقت الذي أبدت كل فصائل الفعل الوطني تحفظاتها على التهدئة وسقفها وهو ما أكده قيام الجهاد الإسلامي بأول عملية اختراق للتهدئة .
أما التصريح الآخر فهو على لسان الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري : " أن أطرافاً في رام الله لها علاقة مباشرة بتحريك وتوجيه هذه المجموعة التي لم يكن لها أي فعل حينما كانت تحرق غزة بأكملها " وهنا المقصود كتائب شهداء الأقصى ولا أعتقد المقصود سرايا القدس ولكن نسي الناطق باسم حركة حماس أن كتائب الأقصى حسب التقارير الأخيرة تحتل المرتبة الأولي في عملية المقاومة منذ عام تقريبا يليها سرايا القدس ذراع الجهاد الإسلامي ، وهذا التصريح يعتبر تجريد لفصيل مسلح من شرف المقاومة والنضال مهما كانت المسميات والأسباب ، وأن هؤلاء هم رفاق الأمس ورفاق الخندق والبندقية .
هنا أنا ليس مدافعاً عن أحد، فليس لي ناقة أو جمل سوي لمس هذه التحولات الخطيرة والانقلاب الحاد والخطير في الموقف السياسي الفلسطيني ، هذا الموقف الذي فرضته إسرائيل التي أسقطت فتح قبل خمسة عشر عاماً في وحل أوسلو وجردتها من شرعيتها الجماهيرية حتى أصبحت فتح أشلاء ممزقة يتقاسمها الكبار أباطرة المال والفساد ، وبذلك خسرنا فصيل هام في عملية النضال والمقاومة ، وها هي تمارس (إسرائيل ) نفس السيناريو مع حركة حماس القطب الأخر القوي حيث تريد تحويلها لشرطي في غزة يحرس حدودها ويؤمن سلامتها ، ويفسح لها المجال تعيث فساداً في الضفة الغربية وهو ما بدت تتضح معالمه من خلال عملية حشد واستنفار قصوى شاهدتها اليوم في صفوف كتائب القسام على الحدود ومناطق إطلاق الصواريخ .
فالإشكالية الآن ليست التصريحات والمواقف المبعثرة المتخبطة هنا وهناك وإنما الزرع والغرس الذي غرسته إسرائيل وهو " الفتنة " وإعادة الحالة الفلسطينية – الفلسطينية إلى ما قبل عام من الآن ، حيث القتل والتكفير والتخوين ..الخ من عملية الانقسام الدموية ، وكذلك سرقة حركة حماس وكتائبها وتجريدها من مشروعيتها المقاومة التي انطلقت من أجلها وتريد تحويلها لأداة ضد فصائل الفعل الوطني ، وبذلك نُشيع حركة حماس إلى مثواها الأخير كما شَيعنا حركة فتح سابقاً ، والنتيجة سقوط للمشروع الوطني الفلسطيني بوجهيه المقاوم والسياسي في ظل ثنائية القطبية الفلسطينية وافتقاد باقي الفصائل لمؤهلات قيادة الشعب الفلسطيني بأوضاعها الحالية .
فالعملية لا تحتاج لإفراز ذهني لكي تتضح معالمها وخيوطها ، وإنما هي تكرار تقليدي لذات المعالم السابقة ، فالمؤامرة ليس ضد طرف فلسطيني بعينه بل هي ضد المشروع الوطني عامة ، وحركة حماس خاصة التي استلقت كجثة مخدرة على سرير غرفة العمليات لعبث المبضع الإسرائيلي بها كيفما يشاء ويمزق شرايينها كيفما يحلو له ، ما دامت حماس تعيش في غيبوبة السلطة .
إذن ما الحل؟!
هنا المشهد هو نفس المشهد القديم الجديد حيث غُلبت المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية وأصبح الوطن أداة في يد الأحزاب والقوي الحزبية كلاً يستغله حسب أهوائه ومصالحه ، مع غياب فعلي لكافة قوي ومؤسسات المجتمع الأخرى المدني منها والسياسي ، وحالة الصمت التي تخيم عليها ، فهي أصبحت عاجزة لا تقوي على فعل شيء سوي المشاهدة والاستمتاع بالحالة لمعاشة كما فعلت سابقا .
وعليه لا يمكن صياغة آليات لحلول منطقية وموضوعية قابلة للتحقق دون استعادة فلسطين المسروقة من قطبي السلطة ، وإعادة النظر في عملية الخصخصة التي خضعت لها فلسطين ، ومن ثم البدء بحوار وطني وشعبي على قاعدة " الوطن فوق الجميع " وما دون ذلك فهو ضرب من الخيال والأوهام وتلاعب بالمشاعر والعواطف ستقودنا لمزيد من التناحر والانقسام ، وتفسح المجال للاحتلال يتصرف بنا كيفما يشاء.

المحترم رفيق النتشة: القانون يحمي الفاسدين

عطا مناع

من منطلق الشفافية التي يبحث عنها البعض الصادق في الشعب الفلسطيني قلة من قياداته النزيه ، الشفافية والعدالة الاجتماعية التي نبحث عنها كمن يفتش عن الإبرة في كومة من القش بسبب انتشار رائحة الفساد الكريهة التي اجتازت حدود فلسطين، ظاهرة لها رموزها الذين تحولوا لقطط سمان التهمت حقوق وقوت الشعب، قطط تضخمت وأصبحت قوة يحسب البعض لها آلاف حساب لعلاقاتها وسطوة نفوذها والصمت المشبوه على جرائمها التي تصل إلى الخيانة العظمى لان من يسرق ويخرب اقتصاد الشعب.

لقد أثارتني الكلمات التي صدرت عن السيد رفيق النتشة رئيس المحكمة الحركية لحركة فتح عضو المجلس التشريعي السابق والمتعلقة يهدر المال العالم والفساد العام وطام والذي طال ابعاد مختلفة من الواقع الفلسطيني السياسي والمالي والاجتماعي والمؤسسات والأمني، حيث أكد السيد النتشة أن هناك محاكم لمعاقبة الفاسدين إذا ثبت تورطهم بالفساد ، وشدد السيد النتشة في حديثة إن من يزعم بالفساد ويسكت يجب أن يحاكم.

وبما أن الهواء الذي نتنفسه مشبع في الفساد الذي أصبح الشغل الشاغل للشعب الفلسطيني وحديث الحارات والمقاهي والمثقفين والوطنيين من هذا الشعب، وخاصة بعد أن خانته قواه التي وعدت بالتغير والإصلاح وحاربه الفساد وتطلعت إلى مصالحها التي أغرقتنا في بحر من الدماء تحت شعار محاربة الفساد وقد يكونوا على حق ولكنهم كمن نقلنا من الدلف إلى المز راب، لأنة لم يعد خافيا على احد الوضع الذي آلت إلية الأوضاع على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي في قطاع غزة ضحية السماسرة وتجار الأزمات وأسياد الإنفاق .

ولكن غزة كانت تتويج لحالة شهدها الشعب الفلسطيني لحظة دخول السلطة الفلسطينية عام 1994 وكأن البعض الفلسطيني كان ينتظر الفرصة لينقض على مقدراتنا ويوغل في سلبه لحقوقنا مستغلا منصبة حينا وظروفنا القاسية وانعدام الملاحقة لمن سولت لهم أنفسهم سرقة أموال الناس، لدرجة أن الفساد أصبح يعبر عن ثقافة لها قواعدها المستندة على بعض المتنفذين.

وحتي لا اغرق في العموميات، أريد أن أنوة أن السلطة الفلسطينية ففتحت بعض ملفات الفساد بعضها أغلق والبعض الآخر بقي مفتوحا، وأنا هنا أتحدث عن أموال تقدر بمئات الملايين من الدولار كما أثير مؤخرا عن المشروع الذي يعكف خالد إسلام المستشار الاقتصادي السابق للشهيد ياسر عرفات حيث أغلق الملف في لقاء بالأردن وكان القضية شخصية ومن الطبيعي استبعاد المحاكم الفلسطينية ليقتصر الأمر على اجتماع ثنائي مع السيد النائب العام في الأردن.

للحقيقة اشعر وأنا أتحدث عن الفساد كمن يحكي نكتة أكل الدهر عليها وشرب، عن ماذا نتحدث عن هيئة الإذاعة والتلفزيون، عن البنزين المغشوش الذي عانى منة الشعب الفلسطيني لسنوات بسبب فساد حربي الصرصور وحاشيته، والصرصورهو مدير هيئة البترول المتهم بتبديد أكثر من مئة وعشرين مليون دولار وأفرج عنة دون إبداء الأسباب أو الرجوع للنيابة العامة،وقصة الصرصور هذا واحدة من عشرات القصص التي تناولها الإعلام الفلسطيني والعربي والعالمي والمجلس التشريعي السابق.

فحدث ولا حرج عن سلب أراضي المواطنين بالعربدة والحماية من بعض الأجهزة الأمنية ، فكيف تقنعوا الشعب بان يصبح رصد موظف مرتبة لا يتجاوز الألفين شيكل بالملايين. وماذا عن صفقات الفساد التي طالت شركات مثل صفقة الباصات الهولندية، ولتلك القضية عندي قصة ومفادها أن الفاسد يرى كل من حولة فاسدين، فقبل ثلاثة أعوام طلب احد المتورطين مني كصحفي يعمل في الإعلام المرئي أن اجري مقابلة مع احد منافسيه واورطة بالصوت والصور، أنا لا أتذكر الاسم ولكني اذكر أنني قلت لة دعنا نفثش عن الحقيقة فأصر على طلبة وقال لي أنة على استعداد أن يغطي التكاليف مهما بلغت، كان ذلك بعد أن فضحنا عبر إذاعة محلية تلك الصفقة.

أنا ازعم واشدد وأكد على وجود فساد، ماذا عن قضية الاسمنت المصري وسرقة أجهزة وأدوية من وزارة الصحة، لسنا بحاجة أن نتحدث عن قضايا يستطيعون التشكيك في مصداقيتها، أصلا الصراع الدموي الذي جرى في غزة رفع شعار محاربة الفاسدين الذين تحكموا بالبلاد والعباد وانسلخوا عن قيمة وتطلعاته وباتوا عبيدا لمصالحهم، نعم بالضرورة تفعيل محاكم الفساد واسترجاع حقوق الشعب ولا اعتقد أن الأمور ستستوي في ظل الصمت على ملفات الفساد كانت صغيرة أم كبيرة، فهي من حق الشعب الجائع الذي يعيش أسوء أوضاعة منذ احتلال فلسطين،

لسان الحال يقول أذا كان القاضي غريمك لمين تشكي، لكن الحركة المجتمعية لا تقبل الثبات وبالتالي الصمت على من ارتكب الحماقات وسلب أموال الشعب، وبالضرورة أن نتيقن من حتمية خضوع هؤلاء مهما كان عددهم للمحاكمة، وان القانون سيسود عاجلا أم آجلا، ليس على الفقراء والمعثرين والطبقات المعدومة ولكن على أصحاب النفوذ الذين أصبحوا عالة علينا ، سيأتي اليوم الذي سيستقل فيه القضاء ويحاسب من اعتقد أنة فوق القانون، وإلا فمزيدا من الانشقاق والتشظي .

أهالي الأسرى عيونهم شاخصة نحو بيروت وغزة

راسم عبيدات

،،،،،،،مع دخول عمليات تبادل الأسرى ما بين حزب وحماس من جهة وإسرائيل من جهة أخرى،مراحل الحسم والخروج إلى حيز التنفيذ،يزداد الأمل والقلق عند أهالي الكثيرين من أهالي الأسرى،وبالتحديد عند أهالي الأسرى،الذين يعتبرون أن صفقات التبادل تلك،هي الفرصة الوحيدة ولربما الأخيرة لتحرر أبنائهم من الأسر،وذلك لكونهم خارج التصنيفات والتقسيمات والاشتراطات والمعايير الإسرائيلية،وهنا ليس في إطار وسياق التحيز لأسرى منطقة دون أخرى،بل لطبيعة التقسيمات والتصنيفات التي فرضها الاحتلال بالنسبة للأسرى وسلم بها الطرف الفلسطيني المفاوض،يجعلنا نشدد ونطالب أخواتنا ومناضلينا في حزب الله وحركة حماس،أن تشمل الصفقة عدد لا بأس به من أسرى القدس والداخل(1948 )،كون إسرائيل ترفض أن يتم شملهم في أية صفقات إفراج أو ما يسمى ببوادر حسن النية،ناهيك عن أن من مجموع 82 أسير في السجون الإسرائيلية قضوا عشرين عام فما فوق،ما نسبته 35% منهم، هم من القدس والثمانية وأربعين،وبالتالي فآمال الكثير من أهالي الأسرى معلقة على هذه الصفقات،وهم في حالة من الاستنفار والاستفسار الدائم حول أبنائهم الأسرى،هل هم جزء من هذه الصفقات أم لا؟ وهل المعايير التي ستعتمد في الصفقة لها علاقة بالانتماء الفصائلي أم الوطني العام؟،
وهل سيأخذ في الحسبان طول المدة التي قضاها الأسير في المعتقل ؟وهل ستكون هناك أولوية للحالات المرضية من الأسرى/ات؟ وهل الصفقة مع حزب الله ستشمل أسرى فلسطينيين أم لا؟
وإذا ما شملت عدد منهم،فهل سيكون الأمر على غرار صفقة عام 2004 ؟وهل الجنود الإسرائيليين المأسورين عند حزب الله أحياء أم أموات؟،وهناك ألف هل وهل يطرحها أهالي الأسرى،وهذا حق مشروع لهم،فهم يشعرون أن الكثيرين من القوى والأحزاب سلطة ومعارضة تخلوا عن أبنائهم الأسرى،وهم يستغلون هذا الملف فقط في القضايا الإعلامية والدعاية الانتخابية،أو يستغلونهم لخدمة هذا الغرض أو ذاك،دون أن يتم أخذ خطوات ومواقف جدية،تمكن من تحرير أبنائهم من السجون الإسرائيلية،وهم يخشون إذا ما استمر التعامل مع هذا الملف بالآلية والعقلية السائدتين،فإن الكثير من أبنائهم الأسرى سيتحولون من شهداء مع وقف التنفيذ إلى شهداء فعليين،ناهيك أن الكثير من الأسرى غادر أهاليهم الدنيا،ولم تكتحل عيونهم برؤيتهم،أو لم يتمكنوا من حضنهم وضمهم ووداعهم،فالعديد من الأسرى القدماء توفي والداهم وهو في المعتقل،أو محرومين من الزيارة منذ سنوات بفعل الإجراءات والسياسات التعسفية الإسرائيلية،
وهؤلاء الأسرى عدا عن حقهم علينا في انتهاج كل الوسائل والأساليب من أجل تحرريهم من الأسر،فهم ومن خلال وجودي وتجربتي معهم،وأصدقكم القولأنهم اعتبروا الأيام التي جرى فيها أسر الجنود الإسرائيليين،سواء من قبل حركة حماس أو حزب الله،تواريخ فاصلة في حياتهم الاعتقالية،وارتفعت معنوياتهم حتى كنت تشعر أنها ستلامس السماء،وبدء الكثير منهم يخطط لحياة ما بعد الأسر،والحديث عن شكل الاستقبال الذي سيكون لهم،والأماكن لتي سيزورونها ويذهبون إليها،وكيف سيعوضون أبنائهم وزوجاتهم وأهاليهم عن الفترات الطويلة التي قضوها بعيدين عنهم،وهذا حال الأسرى،فكيف حال الأهل والذين بقوا متسلحين بالأمل بأن أبنائهم ـسيتحررون من الأسر وبالشكل الذي يليق بهم كمناضلين رافعين رؤوسهم، لا تكبلهم أية شروط واشتراطات،يمشون أو محمولين على الأكتاف بين مستقبليهم،مكللين بأكاليل العز والفخار،والجماهير تهتف لهم ولنضالاتهم وتضحياتهم ـوللثورة والمقاومة التي أنجبتهم،وللطريق وللنهج اللذان أمنا وكفلا لهم هذه الحرية المشرفة ،والتي لم تقم ووزناً واعتبارات لتقسيمات وتصنيفات ومعايير الاحتلال وسلطات وادارات سجونه.
ومن هنا ففي الوقت الذي تتجند فيه إسرائيل حكومة وأحزاب وأهالي جنود مأسورين من اجل إطلاق سراحهم،وينشغل الرأي العام الإسرائيلي بهم،بل ومستقبل الحكومة الإسرائيلية أصبح يتوقف عليهم،فنحن علينا أن نتعلم منهم،وأن ندير حملة واسعة محلية ودولية،من أجل ضمان إطلاق سراح أسرانا من سجون الاحتلال،وعلينا أن نطالب الأخوة في حزب الله وحركة حماس،بضرورة التمسك بشروطهم وثباتهم على مواقفهم،فيما يتعلق بالأسرى المطلوب إطلاق سراحهم،ثمناً لانجاز هذه الصفقات،مهما تأخرت الصفقات ومواعيد انجازها،فنحن دفعنا ثمناً باهظاً شهداء وحصار وقمع،لقاء عمليات الأسر تلك،وبالتالي لا يوجد أي مبرر أو مصوغ،أن نتخلى عن مطالبنا وشروطنا،فمثل هذه الظروف لا تتوفر كثيراً،وهي لربما توفر الفرصة والأمل الوحيدين للكثير من الأسرى،وهنا أشدد وأجزم على قضية أسرى الداخل،فبدون أي لف ودوران أو مواربة،فهم خارج كل التفاهمات والصفقات وحسن النوايا وغيرها، وتحررهم من الأسر والسجون الإسرائيلية،غير ممكن بدون صفقة تبادل،وبالتالي يجب أن يكونوا جزء أساسي من صفقات التبادل تلك،فعدا عن كون ذلك حق شرعي لهم،فهو عامل هام في تدعيم وحدة الحركة الأسيرة الفلسطينية،وإعادة الثقة إلى هذا القطاع الهام من الأسرى،والذي نتيجة تقسيمات أوسلو وتصنيفاته ،شعروا بغبن عالي،وتخلي طوعي عنهم كجزء من الحركة الأسيرة الفلسطينية،وهذا الشعور ولد عند البعض،حالة من الإحباط واليأس،وتحت وطأة هذا الضغط والشعور،بدأ بالبحث عن خيارات أخرى،حيث وجد البعض وممن ضعفت نفوسهم،انه لا ضير من التعاطي مع ما تطرحه مديرة استخبارات السجون،بأن يعلن أسرى 48 تخليهم،عن أحزابهم وتنظيماتهم الفلسطينية،مقابل منحهم العديد من الامتيازات الشكلية والصورية،ورغم أن مثل هذه المسلكيات والتصرفات،قوبلت وجوبهت بمواقف حازمة ورافضة ،من قبل سرى 48،إلا أنها عكست مدا الشعور بالخذلان والإحباط،عند هؤلاء الأسرى،وهنا تكمن أهمية إعادة الاعتبار لوحدة الحركة الأسيرة الفلسطينية،في مواقفها ومطالبها تجاه ادارات السجون الإسرائيلية.
وفي الوقت الذي ستبقى فيه،عيون أهالي الأسرى الفلسطينيون خاصة،وكل أبناء الشعب الفلسطيني عامة،شاخصة نحو بيروت وغزة لحين إتمام صفقات التبادل،فإن الكثير من الأمل والرهانات،معلقة على هذه الصفقات،والتي نأمل أن تكون بحجم التوقعات،وأن تبشر بعهد ونهج جديدين في التعاطي مع قضايا أسرانا،وعدم رهنها لصفقات إفراج وبوادر حسن نية،تمتد لمئات الأعوام لكي تحررهم من الأسر، ويكبلها ألف اشتراط واشتراط.

الأربعاء، يونيو 25، 2008

تسوية .. هدنة .. أم فخ؟

صبحي غندور
تدور الآن تساؤلات عدّة حول أبعاد وأهداف القطع المبعثرة في التسويات الجزئية التي حدثت وتحدث في المنطقة العربية.
فهل هي مقدّمة لتسويات شاملة في المنطقة أم مجرّد هدنة مؤقتّة هنا أو هناك، أم هي كمائن وأفخاخ تستهدف ظاهرة المقاومة وتحجيم الدور الإيراني في الصراع العربي/الإسرائيلي؟
رأس جبل هذه التطوّرات الأخيرة ظهر أولاً في الإعلان عن مفاوضات غير مباشرة ترعاها تركيا بين سوريا وإسرائيل، ثمّ حدثت تطوّرات أمنية وسياسية في لبنان دفعت إلى "اتفاق الدوحة" وما نتج عنه من انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية وتوافق على حصص وزارية وعلى دوائر انتخابية نيابية.
واستتبع "اتفاق الدوحة" اللبناني تنشيط لمحاولات رأب الصدع الداخلي الفلسطيني ولحلّ مشكلة الانقسام السياسي والجغرافي الحاصل بين الضفّة وغزّة.
لكن عوضاً عن حدوث التفاهم الداخلي الفلسطيني أولاً، جرى التفاهم (برعاية مصرية) على إعلان اتفاق للهدنة بين إسرائيل وحركة "حماس" التي يخضع قطاع غزّة لإدارتها الكاملة.
الملاحظ هنا، أنّ المفاوضات غير المباشرة الجارية بين سوريا وإسرائيل تحدث برعاية تركية، وليس برعاية أميركية أو أوروبية كما كان عهد المفاوضات الأخرى مع إسرائيل، وفي ظلّ استمرار التأزّم في العلاقات ما بين دمشق وواشنطن.
ثمّ حصل "اتفاق الدوحة" اللبناني دون أن يسبقه تفاهم سوري/سعودي أو إيراني/أميركي، وهذا ما كان مفاجئاً ومثيراً لكثير من التساؤلات عن مدى جدّية هذا الاتفاق وقابليته للتنفيذ الكامل.
ثمّ، أيضاً، حصل اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس دون اتفاق مسبق بين حركتيْ فتح وحماس أو بين الأطراف العربية والإقليمية والدولية الداعمة لهذه الجهة الفلسطينية أو تلك.
إذن، نحن أمام تسويات جزئية تحدث في المصبّ الأخير للأزمات لا في ينابيعها، أي كمن يضع سدوداً أمام أنهر جارفة قبل أن تُحدِث الطوفان في مناطق أخرى.
أهي إذن مجرّد هدنات مؤقتّة ستنفجر الأمور بعدها من جديد؟
هذا احتمال وارد إذا كان هناك من مصلحة في تفجير لاحق، بينما المؤشرات كلّها تدلّ على أنّ أطراف الصراع السياسي والعسكري الدائر الآن في المنطقة قد وصلت جميعها إلى طريق مسدود لا تقدر على تجاوزه، وهي بحاجة إلى مخرج من هذا التأزّم الناتج عن سلّة من الأزمات المتشابكة. فهناك متغيّرات تحدث الآن تتطلّب تعديلاً في النهج المتّبع لدى الأطراف عموماً. فالسنوات الخمس الماضية، أي منذ غزو العراق في ربيع العام 2003، شهدت في النصف الأول من هذه الفترة الزمنية صعوداً بالمشروع الأميركي/الإسرائيلي لإحداث تحوّلات سياسية كبيرة في المنطقة كان أولها احتلال العراق وتغيير نظامه، ثمّ كان الهدف اللاحق الضغط على طهران ودمشق لتغيير "سلوكهما" أو التهديد بتغيير الأنظمة فيهما، أي تخيير طهران ودمشق ما بين "النموذج العراقي" أو "النموذج الليبي".
وكان في سياق المشروع الأميركي/الإسرائيلي أيضاً إنهاء ظاهرة المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وفلسطين من خلال استخدام أقصى درجات القوة العسكرية ضد المقاومة، ومحاولات العزل السياسي لها، وافتعال الأزمات الداخلية معها؛ كما حدث في بيروت وغزّة، وفي العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف عام 2006، وفي القصف الوحشي والاغتيالات المتكرّرة على قطاع غزّة.
هذا المشروع الأميركي/الإسرائيلي في المنطقة فشل وتعثّر رغم ما أحدثه من دمٍ ودمار، وأهدافه لم تتحقّق على امتداد الشريط الممتد من غزّة إلى طهران مروراً بدمشق وبيروت وبغداد.
عسكرياً نجحت واشنطن في نهج الهدم بالعراق لكنّها فشلت سياسياً وأمنياً هناك بينما زاد التأثير الإيراني في العراق. وإسرائيل نجحت في التدمير والقتل داخل لبنان وفلسطين لكنّها فشلت في إنهاء ظاهرة المقاومة أو في إحداث انقلابات سياسية وأمنية على قواها الأساسية.
ولم يعد الآن أمام إدارتيْ بوش وأولمرت إلا خيار التفاوض مع "الطرف الآخر"، خاصّةً في ظلّ ضعف سياسي داخلي كبير لكلٍّ من بوش وأولمرت والقوى الداعمة لهما، وحاجة بوش وأولمرت الآن لانتصارات سياسية.
إنّ النصف الثاني من فترة السنوات الخمس الماضية كان مرحلة الانحدار والتراجعات والتعثّر بالنسبة لمشروع وأجندة إدارة بوش، ولم يبقَ لهذه الإدارة في الحكم إلا أشهر قليلة، كذلك الحال بالنسبة لحكومة أولمرت المهدّدة بالسقوط حتى من داخل أعضائها.
إنّ إدارة بوش فشلت في أهداف حروبها أو سياساتها في كلٍّ من العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين، ولم تستطع حليفتها إسرائيل أيضاً تعويض هذا الفشل بل زادته خسارة في أكثر من مجال. كذلك هو حال الموقف الأميركي/الإسرائيلي من إيران. ولم ينجح الجبروت العسكري الأميركي والإسرائيلي في القضاء على حركات المقاومة ولا في إضعاف الدول الإقليمية المؤيّدة لها. وكان ذلك، وما يزال، العامل الأهم في اضطرار إدارة بوش إلى مراجعة مسار سياستها الفاشلة في الشرق الأوسط.

لذلك، ربّما تكون التسويات الجزئية الجارية هي مقدّمة لصيغة تسوية شاملة قد تحدث في سبتمبر أو أكتوبر، وفيها تحاول إدارة بوش استثمار ما يتمّ تحقيقه الآن من خطوات تفاوض تحصل بين إسرائيل وسوريا، والتي ستنعكس حتماً على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، فتؤدّي فلسطينياً إلى تفاهمات بين "فتح" و"حماس" حول مصير المفاوضات مع إسرائيل والمشاركة بالسلطة الفلسطينية، كما هو ممكن أن تنعكس هذه المفاوضات لبنانياً بحدوث تفاهمات حول مشاركة لبنان في مؤتمر دولي يحسم مصير ما تبقّى من أرض لبنانية محتلّة، ويكون الاتفاق اللبناني/الإسرائيلي بشأنها مرادفاً ومتلازماً مع الاتفاق السوري/الإسرائيلي الممكن التوصّل إليه.
وهذه التسويات الجزئية الجارية الآن لا تعني برداً وسلاماً فورياً في أزمات الشرق الأوسط، بل إنّ صراع الإرادات المحلية والخارجية سيستمرّ بأشكال مختلفة إلى حين التوصّل إلى صيغ مقبولة من كل الأطراف الفاعلة في هذه الأزمات، لكن ما هو الآن في حال التعطيل أو التجميد، هو الخيارات العسكرية لهذه الأزمات.

أعلن إنسحابي

بوكاشوش يوسف

إنها أسبوعية تقتات على حساب كفاءات مغربية بأجور زهيدة قد تأتي وقد لا تأتي ، أما المراسلون بها فمنهم من عمل بها لأكثر من سنة ولم يتوصل بأجره ، تكذب على صحفييها بوعود كاذبة حتى يعملوا أكثر بدون أجر وبعدها تتخلى عنهم .
لم أكن أعرف أن ماقاله زملائي الصحفيين السابقين أنه صحيح بحكم أني لم أر مقر الجريدة إلا ثلاث مرات فلم يكن بوسعي معرفة خفايا أمورها ، ربما لأنني أكتب في جرائد كبيرة في بعض الدول خارج المغرب، فمدير الجريدة أمي ليس هو من يكتب الإفتتاحيات فهو لا يعرف إلا وضع إسمه عليها كما أنه يأكل أرزاق صحفييه ومراسليه وهم في غالبتيهم من الفقراء ، وهو يعتمد على سياسة مرحبا لمن يريد العمل وحينما يكتشف المراسل أو الصحفي أنه يعمل ببلاش فإنه يرمي به ويأتي بأناس أخرين لا يعرفون حقيقة الجريدة التي تتميز بأسلوبها الركيك وعدم إستحقاقها أن تسمى بجريدة، إنها تشكل جريمة في إفساد الثقافة العربية كما أنها تحرك في الخفاء العنصرية الأمازيغية لضرب وحدة المغرب.
لكن الخطير هو أن مدير التحرير يدافع عن الكيان الإسرائيلي حيث إعترف لي زميلي العامل بجانب هذا المدير المشبوه بأنه يرفض تمرير المقالات التي تنتقد إسرائيل وقال له إن اليهود إبن عمنا لا نكتب ضدهم، وبمفهوم المخالفة نكتب ضد القضية الفلسطينية كما أعترف لي زميلي أنه يحذف مقالاتي والتي تنشر بكبار الصحف العربية والدولية لأنها تنتقد الفساد بالمغرب وإسرائيل.
إذن حتى لا أخون المسلمين وخاصة للمكانة الكبيرة التي أحظى بها لدى ملايين القراء العرب بمصر وأمريكا وفلسطين و...أعلن إنسحابي من هذه الجريدة التي تقول نحن أولاد عم لإسرئيل فلا تنتقدوا إسرائيل.
ولا أنسى أن أقدم إعتذاري للصحفيين السابقين بها والمنسحبين وخصوصا الصديق الذي كان ينبهني ويحذرني من خبث هذه الجريدة لعدم تضامني معهم في الوقت المناسب.
كاتب مغربي

الثلاثاء، يونيو 24، 2008

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بطن الحوت

عطا مناع

قبل أسبوعين أعلن في الضفة الغربية المحتلة عن ولادة التيار الوطني الديمقراطي الذي رفع شعارات ليست بعيدة عن البضاعة التي تطرح في الشارع السياسي الفلسطيني، ولكنة جاء للتعبير عن أزمة فكر وممارسة في أوساط القوى اليسارية وعلى رأسها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

بالأمس أعلن عن ولادة فصيل عسكري في قطاع غزة كتائب باسم نسور فلسطين، والحديث يدور عن انشقاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رغم رفض عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول إطلاق صفة الانشقاق على 800 كادر كانوا ينتمون للجبهة الشعبية
لان الجبهة فصلتهم أو جمدتهم لسلوك يتنافى مع قرارات الجبهة وأنهم خرجوا أو اخرجوا بقرار منها وليس بناء على خلافات سياسية أو فكرية.

بغض النظر عن موقف السيد كايد الغول الذي تسرع في التصريح لوسائل الإعلام ليزيد من الطين بله على اعتبار أنة يتحدث عن المئات من عناصر الجبهة وكوادرها الذين ضاقت بهم الجبهة الشعبية كما ضاقت بغيرهم متذرعة بأسباب تقليدية يتم الاختباء خلفها لتبرير الأزمة التي تقادمت جراء السياسات الترقيعية التي فاقمت من حدتها، وسواء خرج نسور فلسطين أو اخرجوا من الجبهة الشعبية فهذا لن يغير من الواقع شيئا، ولن بثلج الصدور ما جاء على لسان السيد الغول المعروف بواقعيته وعمقه السياسي الذي يفرض علية أن يسمي الأمور بأسمائها.

مخطئ من يعتقد أن الجبهة الشعبية لا تخضع للقانون، قيادتها تدرك هذه الحقيقة، فالأزمة لا تقتصر على نسور فلسطين بل تجتاح الوطن المحتل، وهي ليست وليدة اللحظة، إنها نتاج تراكمات عقود من الترهل والمحسوبية والسماح للمتسلقين والانتهازيين والوصوليين من التسلل إلى جسمها، هؤلاء لعبوا دورا خطيرا في إقصاء القاعدة التي شكلت السياج الحقيقي للجبهة الشعبية التي تحولت عند البعض القيادي لامتيازات شخصية تتناقض بالمطلق مع ما يطرح نظريا من اقكار ومواقف فرغت من مضمونها لعدم ترجمتها على الأرض.

وقد يكون من المناسب لقيادة الجبهة الشعبية قراءة الواقع بشكل مختلف، لأنها تدرك أو يجب أن تدرك مضمون حركة الأشياء التي لا تقبل الجمود والهروب من الواقع، لان سياسة الهروب باتخاذ المواقف الارتجالية التي ترقى إلى الستالينة كما حدث في قطاع غزة ستقود إلى هدم الهيكل على رؤوس قاطنيه، ناهيك عن عدم وضوح الرؤيا وعدم التميز بين الغث والسمين، هذه السياسة ستؤدي إلى حتمية لا مهرب منها وهي المزيد من التشظي والانشقاقات المشروعة والغير مشروعة، وبالنتيجة لا مفر من الاضمحلال الذي يشكل مقدمة علمية موضوعية للفناء.

إن فشل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الفصيل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية عن استيعاب الواقع الجديد الذي أدى لظهور السلطة الفلسطينية كنتاج لاتفاقية اسلوا افقدها القدرة على الديناميكية السياسية البعد الفكري الوعاء الطبيعي للالتفاف الجماهيري، واتخذت من إستراتيجية الرفض الجانب النظري وارتضت لنفسها أن تكون على هامش الحركة، وتعايشت مع إنصاف المواقف، عارضت واسلوا وانخرطت في مؤسساته ونضم المئات من كوادرها وقيادتها إلى الأجهزة الأمنية، شاركت في الانتخابات التشريعية ورفضت الانضمام لحكومة الوحدة، واتخذت موقفا وسطيا من انقلاب حماس في غزة، تنادي بالفكر الماركسي بعيدا عن الممارسة، وتخرج للعلن لتقول أن 800 عنصر من عناصرها فصلوا أو جمدوا لممارستهم مسلكيات تتنافى مع قرارات الجبهة، عن أية قرارات يتحدثون.

لقد فرضت المستجدات نفسها على مجمل الفصائل الفلسطينية وبالتحديد حركت فتح التي انحنت أمام مطالب كوادرها، لم تفصل وتجمد رغم التجاوزات والخطايا التي ارتكبت في وسطها، وهذا منسحب على مجمل فصائل العمل الوطني التي أدركت التطورات المتلاحقة في الساحة الفلسطينية وتناغمت معها وطوعتها لمصلحتها، والجبهة الشعبية التي تمتلك التاريخ النضالي من واجبها معالجة قضاياها بعيدا عن المركزية والشخصنة، لان التاريخ أولا وما تبقى من عناصرها ثانيا أن يرحموها، وقد يصح القول ان هناك مساحة من الوقت لإعادة العربة إلى السكة وبالتحديد في قطاع غزة الذي شئتم أم أبيتم يشهد انشقاق بصرف النظر عن شكله لان أصولة منكم والتنكر للحقيقة تأكيد على حدة الأزمة.