السبت، يونيو 14، 2008

وعدت ووفيت يا دولة الرئيس...

وليد قاطرجي
لم نشك يومًا بقدرتك وبعد نظرك أيها العماد، كنت على الدوام الصخرة التي تتكسر عليها معظم مؤامراتهم وأزماتهم التي لطالما افتعلوها ونسبوها إليك في الماضي وما زالوا إلى يومنا هذا، فانهارت بأكملها أمام حكمتك وإرادتك اللتان قل نظيرهما في بلد يعاني منذ أكثر من ثلاثين عامًا من غياب أصحاب العقول النيّرة، وانكفاء ما تبقى منها خوفاً من رؤساء الميليشيات وعصاباتهم.
أرادوك يا دولة الرئيس في أن تكون عند كل محاولة كبش فداء، فإذا بهم يتحولون بمعظمهم إلى أذلاء خانعين مرتهنين وكما يبدو إلى أبد الآبدين.
إن حقدهم أيها العماد ليس بجديد، فقد بدأ منذ أن توليّت رئاسة الحكومة العسكرية، وتعاظم في الثالث عشر من تشرين الأول من العام 1990 وما يزال إلى يومنا هذا، وما تكرار محاولاتهم إلا دليل على سعيهم المتواصل للنيل من جميع الذين سعوا بجد لبناء الدولة والمؤسسات في زمن كادت فيه رهاناتهم تلغي الوطن والوجود، ستراهم دائمًا يحاولون يا دولة الرئيس.
أنهم لا يتعلمون على الرغم من التكرار، ما يدل بأنهم قوم أقل قدرة على الاستيعاب ممَّن أدرك طريقه منذ المرة الأولى.
ما من شك يا دولة الرئيس بأنك أحرجتهم في الماضي حينما رفضت المشاركة في حكومة الفخ السنيورية التي تتحمل وحدها مسؤولية ما جرى من مشاكل حتى الآن، فما بالك وأنت اليوم الركن الأساسي في حكومة الوحدة الوطنية وعلى رأس وزارات هامة إلى جانب فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان، ما يعني بأن وعدكم بقيام الدولة القوية بجيشها ومؤسساتها أصبح امرأ حتميًا، وهذا ما جعلهم يشعرون بأن وجودهم في خطر وأن مشاريعهم القديمة الجديدة لن تتحقق بوجودكم. أنهم محبطون يا دولة الرئيس من عزيمتكم وسعيكم من أجل تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، لقد جرّدتهم من الشعارات السيادية التي لطالما كانت غائبة عن حساباتهم عقود من الزمن، ويرددونها بين الحين والآخر فقط لتضليل الرأي العام من أجل خطف الجمهورية وتحويل مسارها إلى حيث هم معتادون في محمياتهم المتخاصمة المتقاتلة التي تأتمر بهذه الجهة أو تلك.
اليوم وبعد مؤتمر الدوحة طالعتنا أصوات قبيحة موروثة من زمن القتل على الهوية تستمد حيويتها وديمومتها من قصر قريطم الذي انحرف عن نهج الرئيس الشهيد، وأصبح مصرفاً لتمويل الفتن والانقسامات المذهبية ومرتعاً لسمير جعجع وأمثاله، يدعون بوقاحة بأنهم عملوا بجدية ولعبوا دور الجندي المجهول في إعادة دوائر المسيحيين التي صودرت منذ اتفاقية الطائف من قوى غير مسيحية، كعادتهم يحاولون من جديد خداع الرأي العام المسيحي ولكن محاولتهم القذرة هذه التي تشبه جرائمهم المدانة من كافة اللبنانيين لن تمر أمام وعي المواطن المسيحي، الذي عانى ما فيه الكفاية من مرحلة التهميش والإلحاق ألقسري بالطوائف الأخرى.
إن مواقفهم ومحاولاتهم في مناقشات الدوحة لا تثبت سعيهم لاسترجاع الدور المسيحي المصادر منذ التسعينات كما يدعون، وهذا ما ثبت بالوقائع المسجلة واطلع عليها الرأي العام بأكمله دون زيادة أو نقصان، وقد ظهر بوضوح في بعض المراحل بأن سمير جعجع وأمين الجميل وآخرين من مسيحيي السلطة يفاوضون عبر ممثليهم من أجل مصالح وحسابات التيارات والقوى التي تسببت بمآسي معظم المسيحيين، من هنا فإن محاولاتهم المكشوفة هذه لم تعد مقبولة في الأوساط المسيحية التي تثني على دورك يا دولة الرئيس في إعادة أصواتها الوازنة داخل دوائرها. إن تلك الزمر الملحقة هنا وهناك أعجز من أن تنال من جهدك وموقعك الوطني الكبير الذي اتسم بالحكمة والمسؤولية.
إن موقفك المشرِّف والمسؤول الذي تجسَّد في حرب تموز المشؤومة والمشبوهة يا دولة الرئيس، أعاد للمسيحيين دورهم الأبرز في صيانة السلم الأهلي وهذا ما لم يفعله غيرك على الساحة المسيحية من الذين اصطفوا خلف أحقادهم ومصالحهم الآنية، وما من شك بأن موقفكم حمى المجتمع بأكمله وبشهادة العدو قبل الصديق، وأزال أقنعة عن وجوها صفراء لطالما حاولت التخفي خلف مبررات مخادعة لا تخفى على أحد في هذا الوطن، أما اليوم وبعد الذي تحقق في الدوحة من إنجازات يثبت بأنك صانعها الأوحد، وسيثبت التاريخ ذلك رغمًا عن جميع المنافقين وعلى رأسهم أكبر المجرمين.
تحية فخر واعتزاز بدورك أيها العماد، تحية إلى تكتلك النيابي الذي صمد على الرغم من الصعوبات، تحية إلى محازبي التيار الوطني الحر ومناصريه، لقد وعدت ووفيت يا دولة الرئيس واعدت حقوقاً اغتصبت تحت مرأى ومسمع عدد كبير ممَّن يسمون أنفسهم اليوم بالمرجعيات المسيحية، وهي لم تكن يومًا كذلك، للأسف، وما نطق به البطريرك صفير اليوم (أمس) في قصر بعبدا يثبت ذلك من جديد.
حماك الله يا دولة الرئيس ورعاك، لقد أسقطت مرحلة الانكفاء والمهادنات، والتبعية والإلحاق، ووضعت حدًا لها إلى غير رجعة، وأنهيت بذلك معاناة استمرت طويلاً بدأتها الوصاية السورية تجاه المسيحيين واستمرت من خلال تلامذتها المميزين والحاقدين.

ليست هناك تعليقات: