محمد داود
ما جعلني على عجالة بأن أكتب هذه المقالة هو حجم الموقف والذهول الذي أصابني من هذا الشخص الذي يروي قصته المبكية، بعد أن طُرد من عمله الذي أمضى فيه كالاً ما يزيد عن خمسة عشرة عاماً من العمل والخدمة في بلدية غزة، رغم انه مثبت منذ عشرة أعوام على الأقل، الأمر الذي يستدعي لأن تتدخل كل المؤسسات والهيئات الإنسانية والاجتماعية وحقوق الإنسان بل القضاء بأكمله لمحاسبة من يتحكمون بمصير العباد، فهل بقي أن نحتمل المعاناة التي نحن بها لتضاف معاناة جديدة ... فهل يحض الدين الإسلامي والقيم الإنسانية والأخلاقية بأن يطرد الموظف قد كرس حياته للعمل وهو على استعداد أن يضحي ويقدم المزيد في سبيل أن يحافظ على لقمة عيشه بشرف وأمانة.
"جميل كاسكين" كان صاحب القصة المأساوية التي تستحوذ الاهتمام، عندما أقدم والدموع تزرف من عينية بدون انقطاع وهو يروي حكايته التي اهتزت مشاعري، وتمنيت أن أصنع له شيئاً حتى أسهم في الستر على هذه العائلة، ولكن بكلماتي النابضة أتمنى أن أسهم في أن يصل صوتي لأصحاب القرار لنصرة المظلوم.. فالرائفة بالعباد يا أصحاب الضمائر الحية، فقطع الأرزاق من قطع الأعناق، فالله و الرسول والدين الإسلامي الحنيف بل الرسائل السماوية جميعها حفظت حقوق العمال والعباد، وتحذر من الإقدام على أي تفاهة هي في نظر الآخرين جريمة وحدود حمراء في أن يقطع راتب شخص دون ذنب أو سبب... ربما كان ذنب السيد كاسكين أنه مريضاً وتقدم بطلب إلى الجهات المعنية في القسم الذي يعمل فيه من أجل التوجه إلى رحلة علاج إلى مصر وحسب ما أفادني أن المدة التي تغيبها عن العمل لا تزيد عن سبعة عشر يوماُ، وعندما عاد إلى عملة تفاجئ بقرار الفصل والطرد.
هذه المأساة تكللت فصولها، عندما حاول أن يطرق كل الأبواب وأقسام البلدية ولكن لم يجد آذاناً صاغية، فكل أقسام البلدية تعرف قصته الحزينة والتي يدللها بالتقارير الطبية، وحقيبة الأدوية التي بحوزته، لكن هيهات إن وجد قلباً رحيماً يشفع له أو يحس أو يستجيب لندائه فيغيثه، لذلك يعتزم هذا الموظف أن يستل سلاحاً في القريب العاجل، ويعدم نفسه وسط ساحة البلدية، وفق ما رواه لنا والخشية تبقى في أن يقدم حقاً على هذه الجناية فيكون من الكافرين، بعد أن لمست فيه حالة من التوتر والعصبية بل حالة نفسية سيئة، قد تدفعه على ارتكاب هذه الحماقة.
ولذلك أناشد أصحاب الضمائر الحية، وكل من نصب أنفسهم وكلاء على العباد أن يهتموا في شأن هذا المظلوم ويعدلوا عن قرارهم الشخصي، ومن جديد الرائفة بالعباد فنحن بشر ومن لحم ودم ولا نحتمل قطع الأرزاق. التي لم نسمع بها في تاريخنا الفلسطيني إلا في زمن الاحتلال لمعاقبة المناضلين، ..وليبقى مصير هذا الموظف مجهولاً في ظل وضع اقتصادي وغلاء معيشي قاهر.
كاتب وباحث
ما جعلني على عجالة بأن أكتب هذه المقالة هو حجم الموقف والذهول الذي أصابني من هذا الشخص الذي يروي قصته المبكية، بعد أن طُرد من عمله الذي أمضى فيه كالاً ما يزيد عن خمسة عشرة عاماً من العمل والخدمة في بلدية غزة، رغم انه مثبت منذ عشرة أعوام على الأقل، الأمر الذي يستدعي لأن تتدخل كل المؤسسات والهيئات الإنسانية والاجتماعية وحقوق الإنسان بل القضاء بأكمله لمحاسبة من يتحكمون بمصير العباد، فهل بقي أن نحتمل المعاناة التي نحن بها لتضاف معاناة جديدة ... فهل يحض الدين الإسلامي والقيم الإنسانية والأخلاقية بأن يطرد الموظف قد كرس حياته للعمل وهو على استعداد أن يضحي ويقدم المزيد في سبيل أن يحافظ على لقمة عيشه بشرف وأمانة.
"جميل كاسكين" كان صاحب القصة المأساوية التي تستحوذ الاهتمام، عندما أقدم والدموع تزرف من عينية بدون انقطاع وهو يروي حكايته التي اهتزت مشاعري، وتمنيت أن أصنع له شيئاً حتى أسهم في الستر على هذه العائلة، ولكن بكلماتي النابضة أتمنى أن أسهم في أن يصل صوتي لأصحاب القرار لنصرة المظلوم.. فالرائفة بالعباد يا أصحاب الضمائر الحية، فقطع الأرزاق من قطع الأعناق، فالله و الرسول والدين الإسلامي الحنيف بل الرسائل السماوية جميعها حفظت حقوق العمال والعباد، وتحذر من الإقدام على أي تفاهة هي في نظر الآخرين جريمة وحدود حمراء في أن يقطع راتب شخص دون ذنب أو سبب... ربما كان ذنب السيد كاسكين أنه مريضاً وتقدم بطلب إلى الجهات المعنية في القسم الذي يعمل فيه من أجل التوجه إلى رحلة علاج إلى مصر وحسب ما أفادني أن المدة التي تغيبها عن العمل لا تزيد عن سبعة عشر يوماُ، وعندما عاد إلى عملة تفاجئ بقرار الفصل والطرد.
هذه المأساة تكللت فصولها، عندما حاول أن يطرق كل الأبواب وأقسام البلدية ولكن لم يجد آذاناً صاغية، فكل أقسام البلدية تعرف قصته الحزينة والتي يدللها بالتقارير الطبية، وحقيبة الأدوية التي بحوزته، لكن هيهات إن وجد قلباً رحيماً يشفع له أو يحس أو يستجيب لندائه فيغيثه، لذلك يعتزم هذا الموظف أن يستل سلاحاً في القريب العاجل، ويعدم نفسه وسط ساحة البلدية، وفق ما رواه لنا والخشية تبقى في أن يقدم حقاً على هذه الجناية فيكون من الكافرين، بعد أن لمست فيه حالة من التوتر والعصبية بل حالة نفسية سيئة، قد تدفعه على ارتكاب هذه الحماقة.
ولذلك أناشد أصحاب الضمائر الحية، وكل من نصب أنفسهم وكلاء على العباد أن يهتموا في شأن هذا المظلوم ويعدلوا عن قرارهم الشخصي، ومن جديد الرائفة بالعباد فنحن بشر ومن لحم ودم ولا نحتمل قطع الأرزاق. التي لم نسمع بها في تاريخنا الفلسطيني إلا في زمن الاحتلال لمعاقبة المناضلين، ..وليبقى مصير هذا الموظف مجهولاً في ظل وضع اقتصادي وغلاء معيشي قاهر.
كاتب وباحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق