الجمعة، أكتوبر 31، 2008

لماذا هذا الحقد القومي على الشعب الكردي في سورية؟

ربحان رمضان
منذ سنوات ما بعد الانتداب الفرنسي على سورية والى يومنا هذا ,الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في سورية واحدة تلوى الاخرى في فن ايجاد واستعمال افظع وابشع انواع السياسات العنصرية تجاه الكرد في كردستان سورية.كانهم بسياساتهم هذا تجاه الكرد يكونون قد وحدوا العرب , وكان الكرد يقفون امامهم عائقا في تحقيق الوحدة العربية التي يتباكون عليها ليلا ونهارا, فقط لذر الرماد على عيون شعوبهم.
ناسين كل ما قدمه الكرد في سورية من شهداء وضحايا , على مذابح الحرية لوطنهم الجديد سورية , ضد الاحتلال الفرنسي من خلال ثوراتهم وانتفاضاتهم ومعاركهم آلاف الشهداء وآلاف الجرحى وكذلك ابان حروب سورية على جبهات الجولان المحتل . ايمانا من الكرد بالتاخي العربي -الكردي , والعيش المشترك مع اخوانهم العرب في دولتهم الجديدة سورية دون اكراه اوغبن .
ماذا جنى الكرد والشعب الكردي في سورية بعد كل هذه التضحيات , وماذا كان رد الاخوة العرب من القومية السائدة لااخوتهم الكرد , سوى المزيد من المشاريع العنصرية البغيضة والااحكام الجائرة والتهم الجاهزة المفبركة اصلا .مثل اسرائيل الثانية في المثلث الشمالي في سورية , ناسين هم بذلك بان المثلث هذا هو امتداد طبيعي لاراضي كردستان المقسمة .لقد تنازلت الحركة الكردية السياسية في سورية بعد اعوام 1957 عن اهدافها في تثبيت كلمة كردستان في برامجها السياسية والنضال من اجل ذلك باسم احزاب مثل الحزب الفلاني الكردي في سورية ,اوالحزب الفلاني الكردي السوري وغير ذلك من الاسماء ,ومرد ذلك كله خوف من بطش النظام القومجي القابع على الحكم في سورية .
مسلسل الاضطهاد تجاه الكرد مستمر منذ اكثرمن نصف قرن ,ولاحزاب العربية الموالية للسلطة والمعارضة لها في خندق واحد بالنسبة للقضية الكردية , الا قلة قليلة من المثقفين العرب وذلك في الاونة الاخيرة .نحن نعلم علم اليقين بان حزب البعث ذو ايديولوجية شوفونية . نحن نعلم بان سكوت الشعب العربي في سورية على هذه الااساليب يخدم في النهاية سياسة النظام.
ان القرار الذي يحمل الرقم 49 السيء الصيت لم يكن هو الاول الذي يصدر من النظام , وليس هو الاخير ضد الكرد .ذا نرى بان مواجهة مثل هذه القرارات المجحفة بحق الشعب الكردي في سورية واجب وطني وانساني وقومي يقع بالدرجة الاولى على عاتق الاحزاب العربية وشعوبها بالدرجة الاولى قبل الكرد في سورية .

كل التحية للمناضلة سونيا الراعي وكل أسيرات شعبنا الفلسطين

راسم عبيدات

.... هناك العديد من العائلات والأسر الفلسطينية،تحملت الكثير من الأعباء والهموم النضالية والوطنية،ودفعت ثمن مواقفها ونضالاتها دماً وسجوناً،ولم تنتظر مقابل ذلك ثمناً لا مادياً ولا مصالح ولا امتيازات، وعائلة الراعي واحدة من هذه العائلات،والتي أضحت في سفر النضال الوطني الفلسطيني،واحدة من العناوين البارزة لهذا النضال،فالشهيد ابراهيم الراعي والذي تمت تصفيته في سجون الاحتلال،في 11/4/1988،بعد أن سجل نصراً حاسماً على كل أجهزة مخابرات العدو الصهيوني،والتي حاولت على مدى أشهر وعشرات جلسات التحقيق،والتي استخدمت فيها كل أشكال وأنواع التعذيب الجسدي والنفسي، أن تنتزع منه اعترافاً،ولكن الشهيد القائد ابراهيم الراعي المتسلح بالوعي والإرادة والصلابة وصدقية الموقف وعمق الانتماء،هزم جلاديه في كل جولات التحقيق،وأسس لمدرسة جديدة في النضال عنوانها الصمود في أقبية التحقيق،هذه المدرسة صار على هديها الكثير من مناضلي الثورة الفلسطينية،وتحديداً رفاقه في الجبهة الشعبية.

والرفيق الشهيد الراعي ذلك المناضل الأسطورة،نستذكر بعض الكلمات التي قيلت بحقه من قبل رفاقه" في العتمة نحتاج النور...وفي زمن الارتباك حيث توهن عزيمة البعض....وتصبح قوة المثل مرجلاً يغلي الدماء وتشيع فينا القوة...والراعي نور وقوة مثال لأنه واحد من القلائل الذين انتزعوا من العدو قبل الصديق لقب البطل...تعمد بالنار،بالوعي،من رحم الشعب انبثق والية انتمى،كان الكلمة الصادقة الشجاعة".

والمناضلة سونيا الراعي شقيقة الشهيد ابراهيم الراعي،رضعت من نفس حليب الثورة والحزب الذي انتمى إليه شقيقها ابراهيم،وأقسمت على أن تسير على نهجة ودربه وتكون وريثة لدمه ونضالاته،وعاهدت أخيها وحزبها على الثأر لدماءه ولدماء شهداء شعبنا الفلسطيني،ومن هنا كانت عمليتها ضد جنود الاحتلال وإصابة عدد منهم على جسر الأردن ثأراً وانتقاماً لدماء شقيقها الشهيد،ومن بعدها بدأت رحلتها مع زنازين ومعتقلات العدو الإسرائيلي،وبنفس الصلابة والمبدئية والعنفوان والتجربة التي مثلها شقيقها القائد الشهيد كانت سونيا في المعتقل،فقد تعرضت في سنوات اعتقالها والبالغة اثنا عشر عاماً للكثير من القمع والعزل والعقاب،نتيجة لمواقفها ودفاعها عن حقوق ومنجزات أخواتها ورفيقاتها الأسيرات،وبحكم خبرتها وتجربتها الطويلة،فقد لعبت دور القائد والموجهة للأسيرات،كما أنها كانت تعمل بدون كلل وتحرض دائماً وباستمرار،ضد ممارسات وإجراءات إدارة السجون القمعية بحق الأسيرات الفلسطينيات،واللواتي خضن أكثر من خطوة ومعركة نضالية تمثلت في اضرابات مفتوحة وجزئية عن الطعام وغيرها،دفاعاً عن حقوقهن والمنجزات والمكتسبات التي تعمدت بالدم والمعانيات الطويلة،وفي الكثير من المرات قامت سلطات الاحتلال وادارات السجون الاسرائيلية بعزل العديد منهن،ووضعهن في أقسام السجينات الجنائيات اليهوديات،وذلك من أجل ليس اذلالهن فقط،بل وتحريض السجينات اليهوديات للاعتداء عليهن،وكم من أسيرة فلسطينية وضعت مولدها في السجن،وهي محرومة من أبسط الحقوق الانسانية،حيث يتم تكبيلها بالقيود الى سرير الولادة،في وضع يستفز كل المشاعر الانسانية والبشرية،وكم سمع ما يسمى بالعالم الحر والمتشدقين بحقوق الانسان عن أطفال فلسطينيين ،سجنوا مع أمهاتهم منذ الولادة،ولم يحركوا ساكناً،حتى ولو مجرد ادانة لفظية،ولو حصل الأمر مع أم يهودية،لقامت الدنيا ولم تقعد ولتدخل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي حكومات وبرلمانيين،ولتصدر ذلك كل وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية،مرئية ومقروءة ومسموعة،أما اذا كان المر يتعلق بأسيرة فلسطينية أو عربية،فالجميع يصمت صمت القبور،من مؤسسات حقوقية وانسانية ونسوية ورسمية أمريكية وأوروبية،والأمر لم يكن وقفاً على هذا الأمر،بل أن هناك أطفالاً لم يتجاوزا أعوامهم الأربعة الأولى،اعتقلت سلطات الاحتلال الاسرائيلي أبائهم وأمهاتهم،وتركتهم دون رعاية وعناية،فيما يؤشر ذلك الى مدى الحقد والكراهية والتجرد من كل المشاعر البشرية والانسانية.

ان أوضاع الأسيرات الفلسطينيات في غاية من الخطورة،حيث عمليات القمع والاهانة والاذلال والاقتحامات اليومية التي تقوم بها،ادارات السجون لغرفهن ليلاً ونهاراً،وكذلك ما يمارس بحقهن من تفتيشات جسدية مذلة ومهينة،تستدعي أن تكون الأسيرات الفلسطينيات في رأس سلم أولويات كل فصائلنا وشعبنا ومؤسساته،والجميع بات يدرك ويعرف تماماً،أن ما يسمى ببوادر حسن النية وصفقات الافراج آحادية الجانب،لم تنجح في تحرير أي أسيرة فلسطينية،وبالتالي فإن اغلاق ملف الأسيرات الفلسطينيات كاملاً،غير ممكن عبر مفاوضات مذلة ومهينة،وعلى شعبنا وفصائلنا الفلسطينية،أن تنتهج كافة أشكال النضال وبما يضمن تحرير أسيراتنا من سجون الاختلال بعزة وكرامة،بعيداً عن لغة الاستجداء وفرض الاشتراطات والاملاءات الاسرائيلية،ونحن نرى أن هناك فرصة،يجب ولا يجوز لنا أن نضيعها،وهي ورقة الجندي الاسرائيلي المأسور"شاليط"،بحيث يجب أن تشتمل صفقة"شاليط"، على تحرير كافة الأسيرات الفلسطينيات من سجون الاحتلال،وخاصة أن العديد منهن من الداخل/48 والقدس،والاحتلال يرفض اطلاق سراحهن بالمطلق ضمن ما يسمى ببوادر حسن النية والافراجات آحادية الجانب،وهؤلاء الأسيرات يجب أن يكن في مقدمة المطلوب تحريرهن بصفقة الجندي الاسرائيلي"شاليط".

إن أسيراتنا الفلسطينيات يستحقن منا،بذل الكثير الكثير من الجهود والعمل المضني على كل الصعد والمستويات لضمان تحريرهن من السجون والمعتقلات الاسرائيلية،والرفيقة المناضلة سونيا الراعي المتحررة من الأسر،قالت أن أسيراتنا يعشن في ظروف وأوضاع مأساوية،وخصوصاً المتزوجات منهن.

ونحن اذا نجدد التحية للرفيقة المناضلة سونيا الراعي،والتي ضحت ودفعت من عمرها وشبابها إثنا عشر عاماً،وكذلك لكل أسيراتنا في سجون الاحتلال،واللواتي يسجلن ويخضن الكثير من المعارك النضالية مع ادارات سجون،ليس دفاعاً عن حقوقهن ومنجزاتهن ومكتسباتهن،بل دفاعاً عن حقوق وثوابت شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية،فالمجد ينخني لسونيا الراعي ولكل أسيرات شعبنا العظيم في سحون الاحتلال ومعتقلاته.

تحية طرابلسية الى الشيخ عبد الأمير قبلان

سعيد علم الدين
وطرابلس الفيحاء، عاصمة لبنان الثانية، ما فكرت يوما سنيا أو مارونيا أو شيعيا أو أرثوذكسيا أو علويا أو كاثوليكيا أو درزيا.
وطرابلس زهرة الشمال الفواحة بعبير المنية والضنية والقلمون والبداوي ودير عمار وكل قرى وبلدات قضاء طرابلس، عاصمة كل اللبنانيين الثانية، ما فكرت يوما شماليا أو جنوبيا أو بقاعيا أو جبليا أو بيروتيا.
طرابلس النضال فكرت فقط: عربيا ثم عربيا ثم عربيا!
في دعم كل قضايا العرب:
من المحيط المغربي الثائر الى الخليج العربي الهادر،
ومن الوحدة العربية المرجوة إلى الحرية المطلوبة،
ومن مواجهة الاستعمار الى تحقيق الاستقلال لكل الشعوب العربية، ومن قضية فلسطين المأساوية إلى قضية العراق الضحية، وضحت بالغالي وقدمت الشهداء ولم تبخل بالدماء الزكية.
طرابلس ما زالت تفكر عربيا وستفكر عربيا ولا يمكن أن تخرج من جلدها رغم كل النكبات والمصائب والحروب والآلام العظام التي سببها لها النظام السوري الأحمق ومخابراته وعملائه وغلمانه ومؤامراته التي لا ينفك يحيكها يوميا في أقبيته للنيل من طرابلس قلعة العروبة الحقيقة.
طرابلس لبنان تفكر اليوم: لبنانيا ثم لبنانيا ثم لبنانيا!
في قيام دولة لبنان السيد العربي الحر الديمقراطي التعددي المستقل وستقوم دولة لبنان العلية وستنهزم قوى المخابرات وعسس الظلام والشر الإرهابية.
ستقوم دولة لبنان الديمقراطية بهمة النفوس الأبية من النساء والرجال الشجعان الذين يحملون قضية وطنهم المعذب في قلوبهم البيضاء العامرة بالعطاء ويقدمون الدماء الغالية من أجل قيامته من جديد وبإرادة شعبه الصلب العنيد.
وطرابلس العاصمة الثانية لكل اللبنانيين:
تحي من يحييها، وتبتسم لمن يبتسم لها، وتمد يدها لمن يمد لها يده، وتسامح من يبلسم جراحها، وتقاوم من يحاول النيل منها، ولا تخنع لطاغية، ولا تركع إلا لربها، وتصالح من يصالحها، وتعادي من يعاديها، وتعادي من يعادي أهل بيروت الكرام فكرامة البيروتيين من كرامتها، وتعادي من يعادي أهل الجبل الأشم، وكرامة كل اللبنانيين من كرامتها.
من هذه المنطلقات التي ذكرناها نحي سماحة الشيخ عبد الامير قبلان نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي اللبناني الاعلى تحية طرابلسية حارة في زيارته المباركة لمدينته يوم 26 تشرين الاول 08.
شاكرين له زيارته ذي الدلالات البعيدة المدى لبنانيا وعربيا واسلاميا، كصلاته في مسجد أبي بكر الصديق، والتي تركت أثرها الطيب عند الطرابلسيين والشماليين وكل اللبنانيين.
شاكرين له كلماته الواضحة بحق من دنس بيروت الطاهرة وما ارتكب بحق أهلها من ظلم وظلامات وإجرام وتعديات على الكرامات، بقوله "نحن لم ندنس بيروت، ولكن هناك ظروف حكمت على بعض الناس ان يتصرفوا بما لا يليق بالانسان ولا بالمواطن الحر".
نعم يا سماحة الشيخ من دنس بيروت في هجمة 7 ايار هم من افسدهم المال الإيراني فتحولوا الى عصابات وزعران لا يمتون بصلة الى الاصالة الشيعية اللبنانية الحقة. فما ارتكبوه لا يمكن ان يقبل به أي شيعي وطني لبناني حر، لأنه وكما قلت سماحتك: لا يليق بالإنسان ولا بالمواطن الحر.
ولهذا ولبلسمة هذا الجرح الأليم الذي تسببوا به هؤلاء دون سبب للبيروتيين الأباة، على قيادات حزب الله وامل الاعتذار من أهل بيروت ومن أهل الجبل ومن كل اللبنانيين، لكي تصفى القلوب وتعود المياه النقية الى مجاريها!

الخميس، أكتوبر 30، 2008

هل يمكن إصلاح صورة أمريكا المكسورة؟

صباح الشرقي

تذكير للعالم، خلال عام 1952 وعد برنامج الجمهوريين " بجعل الحرية منارة أمل يخترق نورها الأماكن المظلمة "
و لازالت أمريكا تعتقد أن ليست لها النية في التدخل في شؤون الآخرين بقدر ما هي غيورة بشراسة على حريات الفرد وكرامته ، خصوصا كرامة الإنسان التي تعتبرها مصلحة حيوية فوق كل اعتبار، ينبغي عليها صونها ويتوجب عليها حمايتها، لكنها تجاهلت سياسة ساستها الذين لا زالوا حتى الوقت الحاضر يحلمون بسطوة الإمبراطوريات الغابرة التي
تجر إلى الإخفاقات الفظيعة و الكوارث المؤلمة ، بل لا زالوا متشبثين بقناعتهم القوية في موضوع استخدام القوة كشرط رئيسي من اجل السيطرة على العالم وإخضاع قطيعه البشري للاستغلال والاستبداد والإذلال والعبودية.

أمريكا راعية الحريات نشرت الرعب بشتى ألوانه، قننت قوانين كسرت كل قواعد المنظور الإنساني حتى أصبح ساستها وسياستهم رمزا للذعر والإرهاب والترهيب المتسلط، أصبحت قوة استعمارية بدون منازع وبقوة قانون الغاب حتى جرت العالم الحديث إلى مستنقع بؤس وخزي أسوأ من العصور المظلمة و بالتالي دمرت حتى ابسط ضروريات الحياة وبهذا تكون قد وجهت طعنة غادرة لتطهير العالم من رواده.

أمريكا الغيورة على الحريات أظهرت عن مستور نيتها وحددت الخطوط العريضة لسياستها ، وفند هذه الحقيقة المرة معظم المؤرخين العالمين والأمريكيين بحيث اجتمعوا على أن سياسة أمريكا في القرن الواحد والعشرين والسياسة البوشية على وجه الخصوص بالسيئة والخطيرة بل المثيرة للرهبة، فمهزلة سياستها الفجة المتأرجحة بين التناقضات وقفت بالمرصاد أمام الخيوط الحريرية المبنية على أوهام القوة المثالية التي تسعى وراء الانفراد بحكم العالم بالقوة والنفوذ وليس بسعة الصدر والحوار والبحث عن الحلول، بقمع الإخاء والوئام وليس باحترام الحقوق والحريات بنسف الأمن والسلام وليس بالإخلاص والارتباط ، فبددت الأحلام والأوهام حتى تلاشت فانهارت معها الثقة والآمال التي تعلقت بها كوكبة الجماهير وأصبحت أمريكا العظمى مجرد ديكتاتور العالم ولم يعد بوسعه حتى السيطرة على نفسه .

أمريكا العظمى أصبحت بقوة قادر قضية القرن الواحد والعشرين وبامتياز، تألقت فيه على مختلف الأصعدة ، سيما نزعتها للعنف والعدوان ،للترهيب والحروب، للاستغلال واستعراض قدراتها الاستخباراتيه والعسكرية، ما إن حلت ضيفا ثقيلا على بلد حتى فرقت مكوناته ونشرت الرعب بين ثناياه ودمرت ربوعه، وابتدعت الفتن و التناحر والانقسام وأججت العنصرية والتفرقة حتى انه لم يسلم من شرها شبر على وجه البسيطة.

باسترجاع الأحداث القريبة جدا، نرى أمريكا راعية الحريات والأمن والسلام اعتمدت في العديد من الحالات على المراوغة والمآمرات الدنيئة وعلى ضربات المدافع وقاذفات القنابل وعلى استخدام الأسلحة الأكثر فتكا بالأرض والبشر كما حصل في فيتنام وهيروشيما في فلسطين والعراق في أفغانستان وكوسوفو في أوزبكستان و إيران في السودان والصومال الخ، تلك هي القوة الأمريكية الغاضبة المغرورة الفخورة بعظمتها التي تجر الحريات في أذيالها، افتعلت تحرير العراق من ديكتاتور وتجاهلت دكتاتوريتها المتوحشة التي انتهكت كل قواعد حقوق بني البشر، والتي جعلت من الشرق الأوسط ارض اختبار لسياستها المظلمة ولأسلحتها البيولوجية والكيماوية المرهبة بل أباحت لنفسها كل محرمات الأرض ضاربة عرض الحائط بكل المعايير الاجتماعية والإنسانية والقانونية.

قوضت أركان العالم من كل الجهات وزجت بالجماهير في مستنقع النفايات من خلال المس بحرياتهم وحقوقهم وإيذاء أمنهم والعبث بالسلم والسلام العالمي وما يترتب عن هذا الجرم من خسائر بشرية ومادية فادحة جعلت الشعوب تعاني في مناطق عديدة ومختلفة من العالم وكل هذا من أجل تهيئ التربة الصالحة لتفريخ الصراع بشتى ألوانه الزاهية التي ينعكس صداها سلبا على النفس البشرية ووضع الإنسان ومصيره ومستقبله وبهذا تكون القوة العظمى الأمريكية تعي وتدرك جيدا مسار مصالحها وأمنها على نحو منعزل عن أمن واستقرار بقية مناطق البسيطة و بهذا تكون أطروحة أمن أمريكا لا ينفصل عن أمن واستقرار العالم غير صحيحة ومن ثم فهي فعلا تقود العالم بل تسيره بإرادتها الخاصة والمنفردة والعجيبة .

إن واقع الأحداث والأوضاع الدولية الراهنة صفع بعنف السياسة الأمريكية وعرى عن دسائس صانعيها فانقلبت الصورة وأصبح راعيها حراميها وفق منطق الممارسات التي تستند عليها سياسة الاستفزاز و الهيمنة على القيادات والمجموعات الدولية في شتى أنحاء المعمور و قمع أية محاولة استقلالية لأي قطر في العالم و سعيها المفرط إلى تكريس زعامة العالم وسيطرتها عليه وإحساسها بعدم قدرة أي احد أيا كان رفض ما تمليه وتفرضه أو حتى الاعتراض عليه والحقيقة الواضحة للعيان تفيض بعدة وقائع تزكي الاعتقادات والأحاسيس الأمريكية المدعومة بتفوق سياسي وعسكري واقتصادي تجعلها تتربع اليوم على كرسي زعامة العالم بدون منازع لكن وللأسف الشديد لا زالت تطمع ي لمزيد.

زمان ارتكبت ألمانيا جرائم بشعة ضد المدنيين وقد يكون إجرام النظام النازي القذر ارحم بكثير من عنصرية أمريكا المتعصبة وأفضل من مقياس دمارها للكرة الأرضية ترابا وبشرا والشيء الذي احترفه صناع قرارها بدقة فائقة كان سببا كافيا لتصاعد العداء ضدها، عداء لا يرجع إلى صراع حضاري و لا صراع مع الأصولية الإسلامية ولا عداء للحضارة الغربية ولا إرهاب إسلامي عربي متشدد بقدر ما يعود إلى اختلال في الموازين وعدم وجود عدالة حقيقية وديمقراطية نزيهة في عالم حر يصون ديموقراطية الإنسان قبل كل شيء.

رغم كل ما سبق ذكره لا زلنا نجد على معظم المواقع العربية على وجه الخصوص إعلانات عن يانصيب أو القرعة للهجرة إلى أمريكا، ذاك البلد الذي تتجه له الأنظار من أجل الحرية والمتعة والعدل والمال والمساواة.
• لم تعد أمريكا تجذب الجماهير
• لم تعد أمريكا الدولة المفضلة عالميا ليعيش فيها كافة البشر بحرية وأمن وسلام.
• لم تعد أمريكا الأرض المفضلة التي تسمح للمستضعفين والمنبوذين من دولهم التعبير فيها عما يخالج صدورهم.
• لم تعد أمريكا مكانا آمنا لأحد حتى للأمر كيين أنفسهم.

وحول ضوء ما سبق ذكره لم تعد توجد أي مسلمات بل كل شيء يجب على أمريكا أن تعيد النظر فيه لأن ردود الفعل العالمية بما فيها الشعب الأمريكي اتخذ شكل التمرد العلني الذي له تأثير قوي على مسار سياستها المغلوطة ومكانتها العالمية ومدى مصداقيتها وقد حذر من هذه النتيجة السلبية عدد كبير الخبراء وأصحاب الرأي العالميين ، قد تكون لا تعي بطبيعة موقفها الممجد للحروب المعتمد على قوة السلاح وصفته الاستعمارية وهيمنته الزاخرة بالثغرات والعثرات ومواطن الخلل الذي يحفر انطباعات شديدة الإيلام لدى الأغلبية والذي يسفر عن ازدياد فجوة الوعود الكاذبة والتطبيق المتآكل.

إن العالم الذي تحلم به أمريكا لن يتأسس بالحروب ولا بالترهيب ولا بالترغيب ولا بالاستغلال ولا بالاستفزاز و لا بالاستبداد بل يمكن أن يتحقق بتوفير الأمن الحقيقي والسلام الشامل وتوفير الغداء والماء والرعاية الصحية والتمدرس والتنمية والنمو الاقتصادي وصيانة حقوق الفرد وعدم التبجح بإظهار المخالب والأنياب الفتاكة والتخلي عن الصور المصطنعة وتناقضها الذي يؤكد اهتزاز مصداقيتها وأمنها وتفوقها المطلق ومراعاة تصاعد عواقب عدم تسوية الصراع العربي الإسرائيلي والبحث عن كيفية إقامة نظام عالمي تسوده قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان النزيه والعادل، واستقرار أمن العالم وحل مشاكله المختلفة بطرق عادلة وديمقراطية حقيقية لأن الأمن القومي الأمريكي الشامل لن يتوفر إلا بإجراءات عسكرية متوازنة القوى عالميا تدعمها إجراءات أخرى نابعة من رؤى جادة لسياسات الولايات المتحدة تجاه القضايا العالمية والعربية على وجه الخصوص، بل يجب عليها أن توظف ورقة تقدمها العلمي والتكنولوجي والصناعي من أجل تحسين الوضع العالمي والتخفيف من معاناة الشعوب الذين هم بين مطرقة عدو عنيد وحاكم متسلط غير قادر على تحمل أعباء المسؤولية على عاتقه.

من حق أمريكا على الرأي العام تذكيرها بضرورة مراجعة سياستها العالمية التي تفرخ مثل هذا الاحتقان والتمرد فالسلاح السلمي التنموي قد يحقق لها حلمها باحتواء العالم وربح رهان معركة القرن 21 وحماية جزيرتها من المصائب والتهديدات التي توعد بسقوط إمبراطوريتها العظمي إذ لا يوجد فرق بين تمرد شعبي ضد حكم وحاكم محلي مستبد وتمر شعبي عالمي ضد استبداد أمريكي، لأن العالم حر... حر ...حر ملك للجميع فيه نحيا ولا غنى عنه ونأمل ونتمنى أن يظل مركبا موحدا متساويا مهما تشابكت سلسلة الأحداث التي لا نختلف في جوهرها ولا في نتائجها أمام معارك الاستبداد الذي تشكل بركان متمردا ينمو فينمو حتى تتناثر حممه التي يستحيل على الاستبداد مقاومتها أو الوقوف أمام وجهها مهما عظم .

الفاشية لن تتوقف في ام الفحم فقط

نبيل عودة

قرار محكمة العدل العليا بالسماح لغلاة سوائب اليمين العنصري الفاشي باقامة مسيرتهم بمدينة أم الفحم ، يعتبر سابقة قانونية خطيرة على مؤسسات الجماهير العربية العمل على صدها بكل الطرق المشروعة المتاحة ... وهي كثيرة !!
موقف قيادة الشرطة في منطقة الشمال ، كان معارضا بشدة لإجراء هذه المسيرة الاستفزازية الفاشية داخل مدينة عربية. وهو موقف يجب معرفة توظيفه في الرد السياسي والنضالي على الفاشيين ، حتى لو حصلوا على "تفويض قانوني" . كذلك من المهم ان نسجل أمامانا ان النيابة العامة للدولة عارضت التصريح للفاشيين باجراء مسيرة في أم الفحم .
من المهم عدم السماح بفوضى الرد على الفاشيين . يجب ان يكون موقفا موحدا لجميع التنظيمات والهيئات العربية ... وتحويل يوم المسيرة الى اضراب عام للجماهير العربية ، ومظاهرة جماهيرية ضد الفاشية في أم الفحم نفسها، وأن نضمن عدم التصادم مع الشرطة .
الشرطة في هذه الحالة ليست هي العنوان لغضبنا على التصريح لأسوأ الحثالات الفاشية في اسرائيل بالقيام باستفزاز مهين لكرامتنا.
من الجانب الآخر ، لا بد من تجنيد الأوساط اليهودية الدمقراطية والتي ترفض سياسة اليمين الفاشي ، في هذه المعركة التي بادر اليها اليمن وبتغطية قانونية من المحكمة العليا ، تناقض المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ، وحقوق المواطن .
ان مواقفهم العنصرية من الجماهير العربية ، ونوعية شعاراتهم ، هي نافذه قانونية واسعة لتقدمهم نيابة الدولة للمحاكمة بتهم التحريض على العنف والاعتداء على مواطنين عرب ، واعتبارهم الجماهير العربية خطرا أمنيا وديموغرافيا يجب طردها أوتصفيتها.
ان مظاهرتهم في أم الفحم ، اذا جرت ، هي اعتداء صارخ على مبدأ اساسي في نهج الدولة القانوني ووثيقة الاستقلال ، كما عبرت عنه المحكمة العليا نفسها بقرارها في قضية عادل قعدان ضد كتسير : " ان المساواة في الحقوق بين جميع بني البشر في اسرائيل ، مهما كانت ديانتهم ، وبغض النظر عن قوميتهم نابعة من قيم دولة اسرائيل ".
فهل حافظت المحكمة العليا على قرارها ؟!
أين هي هذه القيم ، ايها القضاة الذين سمحوا باستفزاز مهين للمواطنين العرب ، والتي أقرتها محكمتكم العليا نفسها ؟!
أمس استمعنا عبر شبكات التفزيون الى اؤلئك الفاشيين اليهود ، يحرضون أيضا حتى على جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي يوفر لهم حماية ( ومساعدة ) ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في الخليل وغيرها من المناطق المحتلة ، انطلق صوتهم وهم يتمنون لجنوده مصير جلعاد شاليط ، وان يمحوا الله ارواحهم ، وأن يقتلوا وأن يذبحوا وأن يحترقوا .. الخ . والله العظيم العرب لم يتجرأوا على مثل هذه الأمنية علانية وأمام كاميرات التلفزيون الاسرائيلي نفسه.
مثل اؤلئك الفاشيين ستحضروهم لمدينة عربية مسالمة وهادئة وبعدها ستستهجنون الغضب العربي والانتفاضة العربية ؟!
يجب بدء التحضير الاعلامي الجاد ، عبر خطاب سياسي يجند القوى العقلانية اليهودية الى جانب موقفنا الصحيح والواضح برفض الاستفزاز .. وهي قوة يجب عدم الاستهتار بدورها وفاعليتها وما تستطيع ان تقدمه لهذه المعركة التي من الضروري ان تكون حاسمة مع استفزازات اليمين الفاشي اليهودي . ولا أستثني ان نفتح جبهة يهودية عربية واسعة ضد الفاشية والفاشيين والترانسفيريين على أشكالهم ، خاصة بعد ما تفوه به سوائب المستوطنين اليهود ، والذي يثبت ان ما يبدأ بالعرب سينتهي باليهود . . مثل هذه الخطوة ستشكل مكسبا سياسيا يفتح امام جماهيرنا آفاقا سياسية للمستقبل ، للأسف تضاءلت في السنوات الأخيرة ، في مضمونها ايجاد حليف يهودي يرفض سياسات الاجحاف ، سياسات التمييز العنصري ، ويرى بنا مواطنين متساوي الحقوق . ومثل هذه القوى قائمة ولها وزنها الاجتماعي والثقافي والأكاديمي والسياسي الهام في الشارع اليهودي ، والتي يجب ان نتواصل معها ونحرص عليها ، كما نحرص على بؤبؤالعين.وهي قادرة عل التأثير بقوة على مجتمعها . وأن لا ننسى انه من المستحيل على الأقليات القومية تحقيق منجزات ومكاسب سياسية واجتماعية واقتصادية وتنقية الأجواء بدون دعم الأكثرية ، هذا صحيح في حالتنا العربية داخل اسرائيل وكان صحيحا في حالة جنوب أفريقيا عبر نضال نلسون مانديلا والمؤتر الأفريقي ، وكان صحيحا في نضال السود في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل المساواة في الحقوق بقيادة مارتن لوتر ..
التصريحات المستلهمة التي بدأنا نسمعها في الساحة العربية السياسية في اسرائيل لن تخدم معركتنا ضد الفاشية . ستظهرنا عكس ما نريد . متطرفون عرب بمواجهة متطرفين يهود . وهذه ليست الحقيقة . ما يساهم بحسم المعركة لصالحنا قدرتنا على ضبط لساننا ، وأن نختار الموقف الذي يظهرنا مجتمعا لا يعوم على شبر ماء وراء شعارات فضفاضة مستلهمة . انما مجتمعا له موقف انساني يرفض تحقيره واستفزازه ، ويطالب باحترام انتمائه الوطني وحقوق أفراده كمواطنين على الدولة ان توفر لهم الحماية من الاستفزاز ، وتقمع كل من يتطاول عليهم وعلى حقوقهم الأولية ، وبالأخص قمع سوائب المستوطنين ، وغلاة العنصريين .. الذين يشكلون خطرا واضحا على المجتمع اليهودي أيضا !!

نبيل عودة –كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة

إحياء ذكرى الرئيس الشهيد "ياسر عرفات" واجب وطني مقدس

محمد داود

أيام معدودة تفصلنا عن إحياء الذكرى الرابعة لرحيل القائد والرمز : "الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات" رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية؛ ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية؛ والقائد العام لقوات الثورة الفلسطينية؛ ومؤسس العهد الفلسطيني؛ رمز الوحدة والتحرر والعودة الذي غادرنا شهيداً في 11/11/2004م .

تقترب هذه الذكرى الغالية على نفس كل فلسطيني ومازال الانقسام الفلسطيني قائماً وعلى أشده؛ في وقت يتمسك البعض بمطالبه المتصلبة المعيقة لجهود نجاح الحوار وتحقيق الوحدة والمصالحة وترتيب البيت الفلسطيني؛ الذي يسعى إلى تحقيقه الأشقاء المصريين مشكورين؛ والذين يعملون جاهدين بإخلاص من أجل رأب الصدع الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام والفوضى، الذي ألحق الأذى بالكيانية الفلسطينية، بما يحمله من انقسام سياسي وجغرافي أصاب قطاعات عديدة لدى المجتمع الفلسطيني "داخلياً وخارجياً"، وعلى رأسها قطاعي التعليم والصحة و... قطاعات خدماتيه أخرى أصيبت بالشلل بفعل الحصار والقطيعة الدولية والانقسام وحدّة التجاذب السياسي والأمني.

تأتي هذه الذكرى الغالية على قلب كل فلسطيني حر يعشق الثورة وصناعها التاريخيين أمثال الشهيد القائد العام "ياسر عرفات"، صانع التاريخ الفلسطيني المجيد الذي ارتبط اسمه بفلسطين منذ فجر عيلبون عندما فجر أطول ثورات التحرر في العصر الحديث، في الفاتح من يناير1965م ومقولته الشهيرة : "حتى يغيب القمر"،.. ثورة حتى النصر، فانطلقت معه كل الجماهير لتلبي النداء،.. نداء أول الرصاص وأول الحجارة.

كانت رحلة القائد الثورية بدأت منذ أن أنخرط سابقاً في صفوف الجيش المصري وعمل برتبه ملازم عقب العدوان الثلاثي عام 1956، والتي كانت بالنسبة له إطلاق العنان لتحمل عبئ القضية الفلسطينية، فقاد الثورة والثوار وأعلن الدولة وأسس لها وفاوض لأجلها رافضاً التفريط أو التنازل عن أي شبر منها إلى أن وضعنا على أعتابها قبل أن يغادر، وقالها بصريح العبارة في هذا السياق : "ليس منا وليس بيننا من يفرط بذرة من تراب القدس" التي هي حلمنا، حلم الأجيال وهي جوهر الصراع لدرجة انه أوصانا أن يدفن بها وبترابها الطاهر فهي أمانة في أعناقنا ورسالة أوصانا عليها إلى يوم الدين ويوم يقوم الأشهاد، سنسأل عنها ونحاسب عليها أمام الله عزوجل؛ وأمام شعبنا المناضل، فحرص أن يذكرها ويكررها في خطاباته التعبوية الحماسية لشحذ الهمم : "حتى القدس ..حتى القدس – فنحن مشاريع شهادة". فكان الأب والأم والصديق والساهر والحارس على أبناء شعبنا في الداخل والخارج وفي مخيمات اللاجئين وفي الشتات؛ ومن حصار إلى حصار امتد من حصار أيلول مروراً ببيروت وانتهاءً بحصار رام الله، مردداً : "شهيداً .. شهيداً .. شهيداً؛ ليسمعها القاصي قبل الداني هذا دربي واختياري منذ عقود طويلة". فكان التحدي والصمود عنوانه ليخرج منتصراً من بين الركام كما عودنا على ذلك رافضاً التنازل أو المساومة، مقاوماً حاملاً رشاشه الأوتوماتيكي بيده، مسقطاً الرهان وكل المؤامرات التي تحاك من كل حدبٍ وصوب لإهلاكه وإهلاك القضية وشطبها عن الخارطة السياسية .

واليوم بعد رحيل بطل فلسطين الأول يقف العالم بأسره قادة وشعوب ليذكروا محاسنه وعبقريته وحنكته وإستراتيجيته العسكرية ودبلوماسيته السياسية الفذة "رجل البندقية والدبلوماسية" يقفون على ضريحه ويسجلون ويستذكرون المواقف والبطولات والمسيرة التي كان عنوانها هي "أنبل ثورة عرفها التاريخ وسجلها بأحرف من نار ونور، أقرها قادة وزعماء العالم"، عبر عنها سابقاً البعض بأسلوبهم المميز فقد صعد الراحل الأردني الملك حسين، على إحدى الدبابات وقال "كلنا فدائيون"، بينما قال الزعيم المصري جمال عبد الناصر كلمته الشهيرة ، "إن هذه الثورة الفلسطينية هي أنبل ظاهرة في التاريخ العربي" وأضاف عليها أبو عمار "وجدت لتبقى". وحقيقة سجلت معركة الكرامة انتصاراً باهراً هزت مشاعر العالم العربي من المحيط إلى الخليج في وقت كانت تشهد الساحة العربية تراجعاً كبيراً عقب هزيمة عام 1967م فبعثت بهم الأمل، وهي النقلة النوعية في فكر وإستراتيجية الرئيس الشهيد عرفات، بأن القضية الفلسطينية لا يقدر على تحريرها غير الفلسطينيين .

وأخيراً أسألكم يا شعبي رجالاً ونساءً قادةً ورفاقاً أشبالاً وأسوداً على اختلاف مشاربكم السياسية "وطنية و إسلامية"، يا من تربيتم في كنف هذا الختيار الأشم، حتى أصبحت صورته الطاهرة واسمه في وجدان وقلوب كل ثائر ومقاوم يصر ويقسم على درب وعهد الشهيد المغوار ، عهد الشهداء من أجل فلسطين والوطن والقضية والحرية.

أسألكم أما يستحق هذا القائد التاريخي التخليد، باعتباره رئيس الشعب الفلسطيني دون استثناء عمل من أجلكم وقدم حياته قرباناً من أجل إحياء القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، التي كانت مجرد قضية إنسانية أو عاطفية منسية ... إلى قضية شعب ووطن وتحرير واستقلال؛ تصدح في عواصم ومقرات وهيئات دول العالم العظمى ومجالسها؛ ووسائل إعلامها المختلفة، نحو دولة و وطن محتل يناضل من أجل التحرير وكنس الاحتلال فحازت على الاعتراف بها.

وأتساءل كيف نطلب من العالم أن يحترم رموزنا، ويحفظ ويحترم دماء أبنائنا.؟، بينما نحن لا نحترم قادتنا الشهداء والأبطال، ولا نعير لهم وزناً أو مقاماً حتى في مماتهم ..؟ بالتالي من لا يحترم ولا يكرم قادته التاريخيين لا يستحق الوطن، أو حتى المكوث فيه.

فكونوا على قدر المسؤولية من رئيسكم وعنوانكم واحيوا ذكراه الخالدة باعتباره واجب وطني مقدس على كل فلسطيني يحب فلسطين.

كاتب وباحث

البطريرك الحكيم والعلماني المزيف عون

سعيد علم الدين
تحية لبنانية عربية شرقية خالصة إلى غبطة بطريرك الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم، لموقفه السياسي الواعي الحكيم في موضوع صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني.
يؤكد هذا الموقف الشهم لبطريركنا الكبير أنه هامةٌ:
وطنيةٌ لبنانيةٌ صلبةٌ، وقوميةٌ عربيةٌ أصيلةٌ، وشرقيةٌ إنسانيةٌ عاليةٌ.
فيا لسخرية الأقدار في هذا الزمن اللبناني والعربي الغريب الأطوار، حيث تحول المنافقون والدَّجالون والمزيفون والكذَّابون والثرثارون والأفاكون والإرهابيون والبلطجيون والممانعون الخانعون الى ثوار!
وأصبح عندهم "حق الرد في الزمان والوقت المناسب" على أمريكا وإسرائيل هو الشعار!
يتمسكون به ثوار آخر زمان كتمسك الغريق بحبل الهواء!
ويحاربون ثوار آخر زمان الشطار، ويا للعار: بجبهات الآخرين، ومآس الأهل، ودماء الأشقاء! وهم السماسرة الصغار!
ويا للعجب!
حيث العلماني ميشال عون يحاول امتطاء الدين وصولا لمآربه السياسية، وحيث رجل الدين العليم يتدخل بهمة الحكماء العالية لإعادة الأمور الى نصابها فاصلا بين الدين والسياسية.
بقوله في القداس الاحتفالي الذي اقيم في زحلة، الاحد 26 تشرين اول، توعيةً للناس، وتنويرا لهم لكي لا يغشهم السياسي المتذاكي:
" هذا ، شأن لبناني خاص، فكل واحد اذا اراد ان »يفش خلقوا» بشيء يلزقها بالطائفة والناس تصدقه".
هذا الكلام فيه نقد لاذع للسياسي المخادع، الذين يستغل عاطفة المؤمنين الدينية لخداعهم في سبيل تحقيق طموحاته الأنانية.
بتأكيده القول أن " هذا ، شأن لبناني خاص"، وبالتالي ليس طائفياً أرثوذكسياً. أي أن موضوع الصلاحيات المثار من قبل العلماني ميشال عون تجييشا للعواطف الدينية واصطيادا في المياه العكرة اللبنانية، هو شأن وطني سياسي لبناني جامع لكل اللبنانيين وليس ديني طائفي لشريحة منهم.
أي ان البطرك ينظر الى لبنان كوطن والى اللبنانيين كشعب واحد، بينما الانتهازي ميشال عون ينظر اليه كقطعة جبنة، واليهم كمجموعات من الطوائف المتناحرة على هذه القطعة.
أي ان البطرك الحكيم يطلب من السياسيين النظر الى المطالب السياسية المحقة من منظار وطني واسع وليس من منظار طائفي ضيق.
كلام البطرك فيه ايضا تهكم ساخر على تصرفات السياسي المنافق الذي اذا اراد ان »يفش خلقوا» بشيء، أي اذا أراد إزعاج رئيس الحكومة الأب اللبناني الكبير الاستاذ السنيورة، واستفزاز الطائفة السنية، لغاية في نفس ميشال عون معروفة، "يلزقها بالطائفة" الأرثوذكسية "والناس تصدقه".
فاضحا دور السياسي الغشاش على الساحة اللبنانية، بقوله "هذا شيء ليس بجديد، وهذه مسألة صغيرة تؤخذ ذريعة من اجل اشياء اخرى"
داعيا كعادة رجال الدين الكبار الى السمو والتعالي عن الصغائر ومحبة الآخر والاوطان بقوله "ولكن لا يجوز ان يتجاهل الانسان، الامر المهم والاساسي وهو الوجود سوا في البلد الواحد، بمحبة البلد الواحد وهذه الامور لا يفوقها شيء".
كلام من ذهب يساعد في هذه الظروف الصعبة والخطيرة التي تعصف بلبنان الصغير من كل الجهات على قيامه من كبوته، بينما ميشال عون يسعى وبشتى الطرق لعرقلته عن القيام، ليبقى في هذه الكبوة اسير مشاريع الآخرين المدمرة والتى لا تخدم المواطن وتشكل أكبر ضرر للمصلحة اللبنانية العليا وقيام الدولة السيدة المستقلة.
محذرا السياسي الدمية الذي يقوم بهذه الادوار الخطيرة من مغبة حرتقاته السياسية وتصرفاته الحمقاء التي تسبب الفتن والمشاكل والقتال بين ابناء البيت اللبناني الواحد، بقوله " هذه أشياء كما تحصل حاليا في السياسة تحصل في البيت الواحد ولكن لا تتسبب بمشاكل يومية وقتال فهذا عيب فهناك خلل في تقويم الامور« .
فيا للعجب العجاب!
فبدل ان يستدرج العلماني المزيف ميشال عون في موضوع الصلاحيات الكنيسة الأرثوذكسية الكريمة لحرتقاته السياسية الصغيرة، ومآربه الدنيوية الدنيئة في خلق النعرات الطائفية، واستغلال العاطفة الدينية عبر ثرثراته الدائمة عن الحقوق الضائعة، تارة عن حقوق رئيس الجمهورية الماروني، وهو الذي عطل انتخابه اكثر من 7 اشهر لكي يفرض نفسه على الكرسي "كأنا او لا أحد".
لماذا؟ خدمة لمشاريع المحور الايراني السوري في الهيمنة على لبنان والعراق والعالم العربي مذهبيا أو تمزيقه إربا.
متسببا عون وليس غيره بمواقفه المدمرة هذه في فتنة 7 ايار المشؤومة التي ادت الى احتلال بيروت السنية من قبل ميليشيات ايران وسوريا وفرض أمر واقع على اللبنانيين انتهى باتفاق الدوحة وتقبيل أيادي الملالي ليوافقوا عليه. الهدف الهيمنة على قرار زعماء بيروت والجبل وخلق فتنة سنية شيعية لا تبقي ولا تذر، استطاعت قادة 14 آذار تفاديها بمواقفهم السياسية والوطنية التاريخية الحكيمة.
فعون العلماني المزيف يعمل جاهدا اليوم مدعوما بالمال الطاهر على اضاعة لبنان العربي الديمقراطي التعددي بأكمله من خلال استتباعه لأطماع نظام الولي الفقيه المذهبي القارسي الشمولي.
ولهذا فهو يقوم بشحن العواطف الدينية واستفزاز الطائفة السنية وفي اكثر من مناسبة، ومنذ أن قال بوقاحة في معرض انقلابه مع حزب الله على شرعية الرئيس السنيورة بعد حرب تموز " من شيل سني ومنحط سني". وكأن السنة أو الموارنة أو الارثوذكس أو غيرهم من الطوائف الكريمة لعبة بين يديه وأيدي أسياده.
وهكذا جاءه الرد الحكيم من البطريرك الكريم مغلقا الباب في وجهه رافضا استدراج الكنيسة والمؤمنين الى امور ليس لهم علاقة بها ومضرة للطائفة ولبنان.
لماذا؟ لان البطريرك يفكر بأبوة وسمو من اجل قيامة لبنان المعذب من محنته، التي يحاول عون وامثاله من صغار السياسيين إغراقه بها إلى أبد الآبدين دون التفاتة واحدة لآلام وعذابات ومآسي ومصائب اللبنانيين.
فتحية إلى كل المخلصين الشرفاء في لبنان من رجال دين وسياسيين، لقول كلمة الحق بجرأة الشجعان، من أجل صون الوطن وكرامة المواطن وحقوق الإنسان. فزعماء الابتزاز السياسي والإرهاب والبهتان وتجار الكراسي يعتبرون السكوت عن أخطائهم وتلفيقاتهم وثرثراتهم وحماقاتهم ومعاركهم الدنكوشوتية وحروبهم الإلغائية وعدم انتقادها، ضرورة وطنية لا بد منها، لتنفيذ مشاريعهم الانتهازية التي يدفع ثمن فاتورتها في النهاية الشعب الغلبان.
تحية للشرفاء في صفع أهل الكذب والافتراء، وفضح ممارساتهم الدنيئة، ومشاريعهم المشبوهة لخراب الأوطان، في وطن معذب مستباح، ويواجه وحيدا أخبث وأعتى وأبشع مؤامرة إلغاء.
إلغاء وجوده كوطن واحد سيد حر عربي ديمقراطي تعددي مستقل:
بضرب وحدته التعددية، وتغريبه عن عروبته، وإفساد ديمقراطيته، وخنق حريته، والأهم من كل ذلك النيل من هيبة جيشه وقواه الأمنية وكسر شوكة دولته كما حدث في 7 أيار.
وبالتالي الدوس على سيادته الوطنية وتحويله:
- الى مشاريع دويلات مذهبية وقبائل متناحرة خدمةً لأهداف الأعداء في تفتيت الدول العربية للهيمنة عليها. وكما نراه بأم العين في فلسطين والعراق ولبنان من تدخلات إيرانية تآمرية ودفع أموال طائلة ليست بالنظيفة ولا الطاهرة، بحجة مواجهة المشروع الامريكي.
ويا للسخرية هم يقومون بتنفيذه بأيديهم تساعدهم مربعاتهم المسلحة والتي عليها ألف علامة سؤال وسؤال، لما يحدث في لبنان منذ 4 سنوات من تفجيرات وتفخيخات وعمليات اغتيال. ومن حقنا وضع علامات السؤال ما دامت هذه المربعات وغيرها من المخيمات والمعسكرات السورية- الفلسطينية خارجة عن سلطة القانون وعيون الشرعية، يأوي اليها القاتل المجرم، والارهابي المخرب المصدَّر من وراء الحدود الشمالية الشرقية، والعابث بأمن الوطن وسلامة المواطنين بحرية.
الى متى سيبقى مثلا مخيم عين الحلوة ملاذا آمنا ومأوىً ثابتا لمئات من اللصوص والإرهابيين المطلوبين للسلطة اللبنانية؟
الا تكفي مأساة نهر البارد اللبنانية الفلسطينية التي أراد المحور الايراني السوري من خلالها حرق قائد الجيش آنذاك العماد سليمان لكي لا يصل إلى رئاسة الجمهورية. ولكي يفرضوا بدلا منه ميشال عون!
وانقلب سحرهم عليهم! لكنهم تسببوا بمأساة دموية فظيعة وإراقة دماء لبنانية وفلسطينية بريئة غالية وزكية.
ولهذا فعلى السيد نصر الله أن يكون السباق في هذا المضمار، تكفيرا عن ذنوب 7 ايار، إذا كان حقا بعد لقائه مع الزعيم سعد الحريري يريد التمسك باتفاق الطائف.
والتمسك بالطائف يعني تنفيذه، أي تسليم السلاح طوعا للدولة كما فعلت باقي الميليشيات وليس وضعه كملف على الرف!
وليس ايضا ابقاء لبنان ساحة مستباحة للإرهاب وحروب الآخرين، وإنهاك وكسر إرادة شعبه بتحويلهم الى خانعين ضعفاء أو مهجرين في بلدهم أذلاء، أو ومهاجرين في شتى البلدان.
- إلغاء دوره العربي الإنساني المميز، في هذا الشرق الشمولي الاستبدادي المريض، كصاحب رسالة حضارية تاريخية نادرة في العيش المشترك بين المذاهب والملل والأديان والأعراق منذ آلاف السنين. وملاذا آمنا للأقليات والمستضعفين.
فلبنان لم يولد البارحة بقرار من الجنرال غورو، ولم يسلخ من سوريا كما يردد بعض الغلمان، وإنما هو ابن التاريخ السحيق وامتشاق اللبناني للجبل والصخر وركوب البحر وصراع الريح منذ آلاف السنين.
عودة الى المخطوطات والآثار الفرعونية والكتب الإغريقية وشواهد مذهلة في الإنجيل المقدس تؤكد هذا الكلام.
وعمر لبنان الحالي: بتاريخه البعيد العريق، وأرزه المتجذر في جباله الشامخة، وشعبه الطيب الفذ، أكثر ستة آلاف عام.

الأربعاء، أكتوبر 29، 2008

نهج الانتظار والمراهنة على الخارج

صبحي غندور

هناك حالة ترقّب وانتظار تلفّ العالم كلّه لمعرفة ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية الأميركية من نتائج ستؤثّر حتماً على قضايا دولية عديدة تشمل الاقتصاد والأمن والسياسة، كما ستحدّد مصير حروب وأزمات افتعلتها إدارة بوش ولم يُحسَم أمرُها بعد.

وإذا كان من الطبيعي أن تكون المنطقة العربية في مقدّمة الدول التي تضع نفسها الآن على "لائحة الانتظار" لمعرفة من هو الرئيس الأميركي القادم وكيف ستكون سياسته الخارجية، جرّاء ما تعانيه المنطقة من أزمات معنيَّة بها واشنطن مباشرةً، فإنّ من غير الطبيعي أن تستمرّ الأوضاع العربية مرهونةً بما يريده الخارج، أو بما يحدث فيه من متغيّرات، دون أي تدخّل فاعل للإرادة العربية أو أصلاً بسبب عدم وجود إرادة عربية مشتركة تستبق المتغيّرات الدولية والإقليمية، أو تتهيّأ في الحدّ الأدنى لها بما لا ينعكس سلباً على المنطقة العربية.

فالمراهنات العربية على الخارج هي سمة السياسات الرسمية العربية لحوالي قرن من الزمن، وبوادرها كانت في مراهنة الزعماء العرب بمطلع القرن العشرين على الأوروبيين لمساعدتهم في التخلّص من "الهيمنة العثمانية" التي اشتدّت آنذاك بها حركة التتريك العنصري، وباستثناء محدود في عقديْ الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فإنّ الاستقطاب الدولي لدول المنطقة العربية كان الحالة الغالبة على قضاياها وحكوماتها. وهاهي المنطقة الآن تعيش مرحلة جديدة من الاستقطابات الدولية/الإقليمية في ظلّ غياب متواصل لمشروع عربي مشترك ولإرادة عربية مشتركة.

ولعلّ آخر مرّة شهدت فيها المنطقة العربية حالةً من التضامن العربي الفعّال، ووجود رؤية عربية مشتركة، كانت في مرحلة ما بعد حرب العام 1967 حينما حصلت قمّة الخرطوم وما جرى فيها من اتفاق على "استراتيجية عربية مشتركة لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي". وقد نجحت هذه السياسة التضامنية رغم أجواء "الحرب الباردة" وسياسة الاستقطاب بين المعسكرين الدوليين آنذاك، وكانت حرب أكتوبر 1973 أبرز نتائجها الإيجابية. لكن منذ خروج مصر/السادات من الرؤية العربية المشتركة للصراع العربي/الإسرائيلي، حصل الانهيار في بيت التضامن العربي، ولم يتمّ حتى الآن إعادة بنائه من جديد رغم محاولات الترميم المحدودة التي حصلت أكثر من مرة ولم تعمّر طويلاً.

الآن تنتظر المنطقة العربية نتائج الانتخابات الأميركية القادمة، كما هي أيضاً في حال الانتظار لما ستقرّره إسرائيل بشأن أزمتها الحكومية، في الوقت الذي ما تزال به الصراعات والخلافات العربية سائدة، ولا نجد في الأفق آمالاً برأب صدع هذه الخلافات ولا في وضع منهجية عربية واحدة تتعامل مع أزمات خطيرة تعصف بالمنطقة في مشرقها ومغربها وأوسطها الإفريقي.

أيضاً، فإنّ غياب التضامن العربي وهيمنة حال المراهنة على متغيّرات إقليمية ودولية، يحدثان في ظلّ وجود احتمالات عن تصعيد أمني بالمنطقة يمكن أن تقوم به إدارة بوش، في أشهرها الأخيرة بالحكم، ممّا يضع الرئيس الأميركي الجديد أمام أمر واقع يضطرّ للتعامل معه، وخاصّة إذا كان الرئيس المرتقب هو باراك أوباما.

ورغم تنوّع التحدّيات التي يواجهها العرب الآن واختلاف ساحاتها، فإنَّ كلاً منها يصيب المنطقة العربية كلّها ولا يعني بلداً دون الآخر، كما أنَّ للولايات المتحدة دوراً حاسماً في كيفية التعامل سلباً أم إيجاباً مع كلِّ عنصرٍ من هذه التحدّيات.

والمؤسف في واقع الحال العربي، أنَّه رغم الاشتراك في التحدّيات والهموم، فإنَّ الحكومات العربية تتعامل مع هذه المسائل (وغيرها أيضاً) من منظورٍ فئويٍّ خاصّ وليس في إطار رؤيةٍ عربيةٍ مشتركة تصون الحقَّ وتردع العدوان وتحقِّق المصالح العربية.

فانعدام الرؤية العربية المشتركة يقوم على حالةٍ من الصراعات العربية/العربية وتجزئة الإمكانات والطاقات العربية، بينما الرؤية الأميركية الواحدة للمنطقة تقوم على إمكانات وطاقات أكبر قوةٍ عسكرية في العالم المعاصر، وتستند أيضاً إلى قوة إسرائيل في المنطقة.

وهذا التباين في واقع الحالين العربي والأميركي، يجعل من "رغبات" واشنطن لدى بعض الحكومات العربية أشبه ما تكون بأوامر سياسية يتوجَّب تنفيذها وإلا فإنَّ الضغوطات العسكرية والاقتصادية تفرض تنفيذ هذه "الرغبات"!

وليس هناك في العالم اليوم حالة من الاستقطاب الدولي كالتي كانت قائمة إبان "الحرب الباردة" لكي تنفرز الحكومات العربية بين صديقٍ وعدوّ لهذه الدولة الكبرى أو تلك، فكلّ الحكومات العربية (كما هو الآن معظم العالم تقريباً) في حال نسبي من "الصداقة" مع أميركا أو حال طلب الود معها!.

إذن، المشكلة عربياً هي بانعدام القرار العربي في وضع رؤيةٍ عربية مشتركة، وفي عدم تحمّل مسؤوليات الدور القيادي المنشود لأكثر من طرفٍ عربي، وكأنَّ النظام الإقليمي العربي مرتاح لهذا الواقع العجوز طالما أنَّه يحافظ على استمرار النظم والمصالح الخاصَّة الموروثة فيها!

وستبقى التحدّيات على العرب قائمة بل ومتراكمة طالما أنَّ منهاج التعامل معها لا يخرج عن صفقاتٍ فئوية تحدث في السرِّ والعلن، فتُحقِّق منافع خاصَّة لكن لا تؤدّي إلى معالجة الأمراض العامَّة في المنطقة والتي تتحوَّل إلى أوبئةٍ تصيب أيضاً من عقدوا الصفقات واعتقدوا أنَّهم قد حقَّقوا الأمن الخاص والسلام المنفرد!.

إنَّ إسرائيل لم تنسحب من سيناء إلا نتيجة حرب أكتوبر عام 1973 واستخدام التنسيق العربي المشترك بأوجهه السياسية والعسكرية والاقتصادية، بما في ذلك التحالف المصري/السوري/السعودي الذي جمع بين الحرب على جبهتي سناء والجولان، وبين دور النفط في المعركة.

وإسرائيل لم تنسحب من جنوب لبنان إلا نتيجة المقاومة الوطنية اللبنانية والتضامن اللبناني والإقليمي معها، كذلك كان فيما بعد دور المقاومة الفلسطينية في إجبار إسرائيل على الانسحاب من قطاع غزة. بينما لم يؤدِّ توقيع الاتفاق السرّي في أوسلو إلا لمزيدٍ من العدوان الإسرائيلي والاستهتار بحقوق الشعب الفلسطيني، وحينما نصَّ اتفاق أوسلو على تعبير (إعادة انتشار) وليس إنهاء احتلال الجيش الإسرائيلي، فإنَّ إسرائيل أعادت احتلال المناطق التي اعتقد البعض أنَّ تسوية أوسلو جعلتها خاضعة فقط لسلطةٍ وطنيةٍ فلسطينية!.

لعلَّ الحديث عن أهمية التضامن العربي هو مجرّد أمنية الآن، فتداعيات التحدّيات الخطيرة التي تواجه الأمَّة العربية، تجعل الوضع العربي – بواقعه العجوز والعاجز - مهموماً بأكثر من قضية، في ظلِّ أكثر من رؤية وقيادة، لشوارع عربية محكوم على شبابها الآن عدم مشاركتهم عملياً في صنع مستقبلهم!

تعليقات قاسية على خبر : بلطجية يتولون حماية خطيب مسجد بالعاصمة النمساوية... فيينا

ناصر الحايك

أود لفت عناية القراء المحترمين بأنه وعقب نشر الخبر سالف الذكر فى الكثير من الصحف والمواقع الالكترونية واسعة الانتشار فاننى ارتأيت نقل بعض التعليقات وذكر مصدرها دون زيادة أو نقصان ، بالرغم من أن بعضها يحمل بصراحة عبارات التهديد والوعيد والشتائم السوقية ظنا من هؤلاء المرتزقة فى النمسا الذين ترعرعوا على ضفاف مستنقعات ثقافة البلطجة والتعصب للفحش والباطل بأنهم بتهديداتهم البذيئة والخرقاء تلك أقاموا المشانق لاعدام الأقلام الحرة .
اليكم بعضها:

(موقع الركن الأخضر)

السلام عليكم

أنا أحمد حشيشو وعمري 13 سنة

أنا كنت أحد الحاضرين يوم الحدث الموافق ليوم السبت في مسجد الشورى في الحي الثاني!!

أنا فقط كنت أريد أنا أقول لك بأنك أنت من بدأت المشكلة في المسجد وأنت من أشعلتها بسبب كذبك وافتراءك على أعضاء المسجد!!!!

وأريد انا أقول لك
ضع لسانك داخل فمك وإذا تكلمت عن مشرفين المسجد بكلمة سوء فلن ترى خيراً!!!لأنه يجب هناك قوة تحمي الخير من أراذل الأرض!!!

ولا تتفوه بالكلام بأن أصحاب الشيخ يكونون الBodyguard له, لا وألف كلا لأن أصحاب الشيخ لم يدافعوا فقط عن الشيخ بالكانوا يدافعون عن الخير!!!

وإن لم تتوقف فسوف عند حدك هذا وتوقف الإفتراءات سوف نتعون كلنا ونوقفك عند حدك ولاكن ليس فقط كما طردنى المفتري الأخر مدرس الأكادمية المغربي ولا تدافع عنه لأنك في هذه الحالة تتدافع عن الشر بل سوف نطردك من المسجد وسمكن أن تصل الأمور لاستخدام العنف والدعاوي في المحاكم!!!!!

أتمنى منك أن تفهم ما قلت ولاكن أنا اعتقد أنك لن تفهم لأنك أحد الجهالة الذين يعيشون في البلاد الغربية وأعتقد أنك لن تفهم لأن حتى عقل النملة أكبر من عقلك!!!!

هههههههههههههههههههههههههههههههههه

واللهم أشفي المريضين عقلياً!!!!

ويستودعكم الله يهديكم ويهدينا!!!!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!

السلام عليكم
الشورى مفهوش بلطجية يا حياوان يا حياوان انتا مش راجل لانك لتقدر تقول هذا الكلام في المسجد اذا بدك تكلم تعالى المسجد


**

(التعليق من موقع القوة الثالثة)


أنه نموذج للديكتاتورية المنقولة من بلاد العربان الى شوارع ومساجد أوربا بشكل عام والى فيينا بشكل خاص.... فهؤلاء الأئمة كوبي مضبوط للحكام المتكلسين على كراسيهم في منطقتنا العربية، أما أصدقائهم ومريديهم المقربين فهم كوبي مضبوط للمخبرين والجواسيس التابعين لأجهزة مخابرات هؤلاء الحكام..... بالمختصر " أنه إسلام الساطور.... والدولار

**

(عرب تايمز )

168969) 1
الاسلام لا يناسب اي قوم متحضرين
ابن النيل
ebn-elniele_2009@yahoo.com

واضح ان الاسلام لا يناسب الا البيئة البدوية ايام القوس والخزرج

October 24, 2008 1:27 AM


(168983) 2
ايها السيدات والسادة اليكم نشرة الهم المعادة.
ابو عمر الفلسطيني.

سلوا قلبي وقولوا لي جوابا
لماذا حالنا اضحى هبابا
لقد زاد الفساد وساد فينا
فلم ينفع بوليس ولا نيابة
وشاع الجهل حتى ان بعضا
من العلماء لم يفتح كتابا
زمان يطحن الناس الغلابة
ويحيى اللص محترما مهابا
فكن لصا اذا او عش حمارا
وكل-مشا- اذا او كل كبابا
ودس عالناس او تنداس حتى
تصير لنعل جزمتهم ترابا
امير الشعر عفوا واعتذارا
لشعرك..فيه اجريت انقلابا
وما نيل المطالب بالطيابة
دي مش دنيا يا شوقي بيه..دي غابة.
(من اشعار سيد حجاب).

October 24, 2008 4:06 AM

**
(168991) 3
مدفع
نمساوي

هناك مدفع نمساوي كبير وهائل، الافضل ان ينصبوا كام واحد منهم و(يدفعوا) بهؤلاء الى من حيث اتوا.
الذنب ذنب النمسا...فقط

October 24, 2008 5:10 AM

(169010) 4
you are big liar
Mohammad
dorfer@hotmail..com

انتِ واحد كذاب

October 24, 2008 7:34 AM

(169011) 5
ما هدف المقال
عدو الماجورين

قرات المقال المكتوم و لم اخرج منة باي مفهمم.
كتن يجب ان نعرف موضوع المناظرة و ما دار فيها من حوار لكي نحكم من المخطئ و من المصيب.
الواضح من المقال انة الرغبة في الهجوم علي امام المسجد و بشكل اعم هو الهجوم علي رجال الدين.

October 24, 2008 7:39 AM


(169079) 6
حكم مسبق مع سبق الاصرار والترصد
عماد
imad20002008@hotmail.com

-ماهو موضوع المناظرة
-لمادا تحكم على الرجل لمجرد انه ابتسم
-مقال ناقص لم يوضح الا ظنونك فماظنون الاخرين
-الرجاء من الكتاب ان يبتعدوا عن التحريض الرخيص دون دكر الاسباب
-لمادا دائما يعطينا كاتب موضوع لايحمل اجماع ويحشر اسم فلسطين مع اسمه ارحموا فلسطين انكم تدخلونها في جميع المواضيع وتفقدونها تعاطف بعض المتعاطفين الدين يحملون افكار قد لاتكون تتعلق بفلسطين فارحموا انفسكم وارحمونا معكم يرحمكم الله

October 24, 2008 1:19 PM


(169121) 7
الاخ ناصر مع مين
نمساوي من سالزبورغ

لم تقل لنا يا اخ ناصر ما هو رايك في الموضوع
هل انت مع الانتخابات كما يقول الشيخ الذي انتقدته
ام ضد الانتخابات كما هو رائ حزب التحرير

October 24, 2008 4:18 PM


**
(169131) 8
كلمة حق في وجه البلطجية
ابو عمر الشامي

للبلطجية اقول ’ينطبق علكم قول الشاعر (شعب اذا ضرب الحذاء براسه صاح الحذاء باي ذنب اضرب) وانصحكم ايضا يا حماة الباطل يا بلطجيةانصحكم ان ترجعوا الى بلادكم الاصلية لكي تكونوا ازلام الحكومات الوهمية الباطلة هناك بدل ان تضيعوا مستقبلكم في النمسا وتعطون صورة سيئة عن الاسلام في الغرب وتنفرون الناس من الدين الاسلامي الحنيف لانكم تبيعون وتشترون بالدين الاسلامي حسب مصالحكم الشخصية فقط

October 24, 2008 4:59 PM


(169470) 9
النمسا انظف من ان تحوي الكس عدنان وزمرته
فييناوي مش على دين عدنان ابراهيم

تسلم استاذ حايك افضحهم هؤلاء السفله بل الاسفل سافلين بلطجيه وامام وعدنان ابراهيم ، مرتزقه كذابون اثروا باسم الدين ، لو عدت الى الوراء عشرة سنوات ستعرف كيف ركبوا الدين ، جلهم كالمترديه او النطيحه ومنهم المخنقه وما بال عليه الضبع اصبحوا الآن يملكون وبالمال الوهابي ينعمون ، اتفووووووووووه على كبيرهم وصغيرهم .

October 26, 2008 10:27 AM


**


(عبر بريدى الالكترونى)



أخى ناصر

أحييك على موقفك و شجاعتك و كشفك و تعرية هذة النوعيات

تقبل فائق تقديرى و احترامى

اخيكم

د مروان الحملاوى

**

الأخ نـاصر

لينصرك الله تعالى دومــا

بارك الله فيك.... ولافض فوك يازلمـة

على فضح هؤلاء العضاريط التافهــون المتأســـلمون لصوص وتجار الدين آخر زمان

لقد هزلت ورب الكعبة

وكما جاء في المثل الشعبي بالعراق:

الطير اللي طلع من طيزي قام يعلمني على الطيران

وهولاء دلوقت يعلموننا على أصول الدين ماشاء الله....

عندما تتلقى الموعظة من لص وحرامي ونصاب

الله ياليل ..ياعين يـــاليــل الله الله

أخوكم

القومي العربي والصدامي البعثي

عدنان عباس

**

أخي العزيز أبا أحمد، صبحك الله بالخير والسلام عليكم ورحمة الله

أثني على غيرتك على الحق واكبر فيك مواقفك الراسخة والبنّاءة.. ليت قومنا كلهم فيهم هذه الصفات..

م . م .س

**

أخي الكريم ناصر

وصلتني الرسالة فشكراً لك وبارك الله فيك وبك أخي الكريم

ط . ر

**
أكتفى بهذا القدر ....

فيينا النمسا

الاستقالة من الكتابة

راسم عبيدات

......عندما تشعر أن الكلمة غير قادرة على فرض التحول في مجتمع،تربي على التلقين والمسلمات والحتميات والجبرية والقدرية ويعطل الاجتهاد،ويلغي دور العقل،ولا يقيم وزناً للفكر والرأي،بل للشخوص والأسماء وانتماءاتها الدينية،فأنت مدعو جيداً للتفكير بالاستقالة،فهذا مجتمعاً أضحى كالمصاب بالمرض الخبيث والذي لا أمل بالشفاء منه،فالمجتمع الذي لا يتعدى فيه تأثير الكاتب أو الأديب مساحة عدد قرائه، لماذا يستمر في الكتابة ولمن يكتب،وعلى من يقرأ مزاميره؟؟،على أمة قيل عنها أنها أمة اقرأ وهي لا تجيد القراءة ،على أمة تتحكم فيها "المافيات" وأشباه الكتاب والمثقفين في كل شيء،فأنت تصاب أحياناً بالتقزز والغثيان.عندما تشعر أن مقالة قضيت في العمل بها أكثر من ساعتين،وسيتحكم في نشرها محرر أو رئيس تحرير،ليس علاقة بالثقافة أو القدرة على التقييم،اللهم أن سياسة صاحب الجريدة،تقوم على التعاقد مع عدد من الأسماء،وما دونهم لا مجال للنشر له،وحتى لو كان لديه من القدرات والإبداعات ما يفوق هذه الأسماء اللامعة والملمعة الكثير الكثير،والمأساة أيضاً أن تكون الكتابة حسب الأسماء والشخوص،وليس ما هو مكتوب،فهذا سياسي تافه لا علاقة له بالفكر ولا بالثقافة، يجب أن كتب شطحة أو طلاسم أو "خلط شعبان في رمضان"،أن تكون مقالته على صدر الجريدة أو صفحة مقالاتها الرئيسية،وفي المقابل نجتر صباح مساء أحاديث وشعارات ممجوجة عن فتح المجال وإعطاء الفرص للكتاب والأدباء الجدد،وفي الواقع ما يسمى بحيتان الفكر والثقافة والأدب والذين يخشون على مصالحهم وامتيازاتهم ومواقعهم،يعملون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة،حتى لا يكون هؤلاء الصاعدين بدائل لهم أو يشكلون خطر عليهم، ولهذا ترى في مجتمعنا فقراً مدقعاً في كل شيء في السياسة،في الفكر،في الثقافة،في الأدب،في العلوم وغيرها،وغناء فاحش في الشعارات والبيانات والخطابات والجناس والطباق والسجع والفتاوي على مختلف مسمياتها والتي غالباً ما تتمحور حول المرأة وجسدها وعورتها،تشارك في الانتخابات أو لا تشارك؟،تتقلد المناصب والوزارات أم لا؟، تقود سيارة أو طائرة أم لا ؟تتزوج من ذمي أم لا؟ تعمل في بنك أو جريدة أو مدرسة أم لا؟وليت الأمر وقفاً عند هذا الحد،بل نتفنن في إصدار الفتاوي التي تجعلنا نلتهم جسدها،كما نلتهم الثريد والمناسف،فتاوي إباحة رضاعة الكبير وفتاوي الزواج من طفلة،وإباحة أشكال زواج كثيرة ومتعددة وقولبتها وفق الدين والشريعة،من زواج المتعة والمسيار والكيف والونس والسفر،حتى لا نقول والإعياذ بالله، أننا ندعو إلى تشريع وترخيص الدعارة.

محظور عليك في الكتابة أن تخرج عن النص أو السطر،فهناك من هم متخصصين في شن الحرب عليك من المراجع الدينية بمختلف مسمياتها،أو الكثير من الكوابح والقيود الاجتماعية،فأنت على سبيل المثال إذا قلت أن العشائرية والقبلية هي شر وبلاء لا بد من استئصاله،إذا ما أردت أن تبني مجتمع مدني،فأنت ستتعرض إلى هجوم شرس من قبل شيوخ العشائر والقبائل،والذين سيكتبون لك المجلدات عن دور العشائرية وأهميتها في المجتمع وايجابياتها" وخصوصاً في "الطوش والفزعات"أو إذا ما دعوت إلى تغرب المرأة من أجل التعليم،فأنت إنسان اباحي وغير مؤمن،رغم أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية،وما تظهر عليه من ورع وتقوى وتدين،يعاكس ويناقض ما يجري في الخفاء،حيث الأمراض الاجتماعية تنخر هذه المجتمعات من القمة وحتى القاع،بل وما يجري في داخلها على هذا الصعيد ، لا تعرفه أي من المجتمعات الغربية حتى الأكثر اباحية منها.

في كل الدول والمجتمعات الحديثة والتي تحترم نفسها،يحظى الكتاب والمثقفون برعاية واهتمام دولهم وحكوماتهم وأحزابهم ومؤسساتهم،حتى يستمروا في الإنتاج والإبداع،إلا في وطننا العربي،فمن هو من غير كتاب النظام والسلطان،عدا الملاحقة والمضايقات والسجون والنفي والقتل وعدم النشر،فهو في الكثير من الأحيان غير قادر على تأمين قوت يومه،بل وأصدقكم القول أنه في قضية مفصلية وجوهرية،مثل قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي،لم أترك لا مؤسسة تعنى بالأسرى أو غيرها ،من أجل نشر كتاب حول أوضاع هؤلاء الأسرى ومأساتهم وظروف اعتقالهم في السجون الإسرائيلية،وأبدى استعداده لتبني هذا العمل على الرغم من أهميته وقيمته،والمفارقة العجيبة الغربية هنا،أن كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،تتغنى وتتمسح بالأسرى والنضال من أجل إطلاق سراحهم،ولكن في الواقع العملي،نسمع طحناً ولا نرى طحيناً،وأصدقكم القول لو أن الكتاب كان حول فضائح الفنانة الراحلة سوزان تميم،أو حول مغامرات بعض فنانات العري،لوجدت عشرات المؤسسات ومئات الشخوص،من الذين يتبنون هذا العمل ويمولون نشره وتوزيعه وبيعه،وربما تسابقت العديد من الفضائيات العربية لبث الدعايات له،والترويج لأهميته وقيمته.

عندما يصبح كل التنويريين والمبدعين العرب،غير قادرين على إحداث نقلة نوعية في المجتمعات العربية،والتي تشهد انسحاباً وتراجعاً كبيراً نحو المزيد من الانغلاق والتقوقع على الذات،وكذلك عندما لا تقيم مجتمعاتنا وزناً للفكر والرأي ،بل للشخص والأسماء والانتماء الديني،تصبح الاستقالة من الكتابة شر لا بد منه،لأن الكتابة تصبح نوعاً من اللهو والترف والمشاغبة.

فمئات بل آلاف المقالات والبيانات والمبادرات كتبت ونشرت،حول مخاطر الانقسام السياسي والجغرافي على الشعب الفلسطيني،ولكن كل ذلك لم يغير في الواقع شيئاً،بل أطراف الانقسام لم تتورع عن كيل الاتهامات للكثير من الذين كتبوا بدافع الحرص والمسؤولية،ولسان حالهم يقول من ليس معنا فهو ضدنا.

ومثال آخر هو أن الدعوات إلى إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية،لم تتوقف من السبعينات وحتى اللحظة الراهنة،وهذه الدعوات لم تغير في الواقع شيئاً، بل بقيت في إطار الشعارات والتمنيات،وأصدقكم القول أنه لو توفي أو استقال جميع أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،لستمر البعض في التأكيد على شرعيتها وقانونيتها،وهذا الحال ينطبق على كل المجتمعات العربية،وان كان لبنان في مرحلة من المراحل استثناءا.

ففي كل دول العالم المتقدمة والحديثة الصحافة هي السلطة الرابعة،تقيم الدنيا وتقعدها،وتتطرق لأدق القضايا وأخطرها حتى لو طالت رأس النظام،إلا عندنا نحن العرب،لا يجوز القدح والتشهير بالمقامات العليا،أي من ينتقد هذه الأنظمة حتى غمزا أو ولمزاً،فهو يعرف مصيره،ولو كان ما يكتبه حقائق دامغة وموثقة.

ومن هنا تصبح الكتابة ضرباً من اللهو أو المتعة أو المشاغبة،فهي بلا قيمة في مجتمعات لا تقرأ أو تقيم وزناً للكتاب والمثقفين.

الثلاثاء، أكتوبر 28، 2008

ماذا يعني التمسُّك بالطائف في لقاء الحريري- نصر الله؟

سعيد علم الدين

اثر لقاء المصارحة او المعاتبة الذي تم مساء الاحد 08.10.26، بين رئيس كتلة »المستقبل« النيابية الزعيم الوطني سعد الحريري والأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصرالله، وزِّعَ بيان مقتضب عن المجتمعين جاءت فيه هذه الجملة المدروسة الكلمات:
» تم الاتفاق على ضرورة تعزيز العمل الحكومي والتمسك باتفاق الطائف وتطبيق اتفاق الدوحة«.
ولا بد هنا من طرح السؤال:
لماذا التمسك باتفاق الطائف فقط، وليس تطبيقه كاتفاق الدوحة ايضا؟
هل هذا هو اكثر ما استطاع الحريري قطفه من اللقاء مع نصرالله لمحو صفحة 7 ايار السوداء؟
وما الفرق بين كلمتي تمسك وتطبيق؟
التمسك باتفاق الطائف، لا يعني تنفيذه، بل وضعه على الرف وابقاء غبار السنوات عليه. أي بالعربي المشبرح، عدم المس بسلاح ودويلة ومربعات حزب الله وميليشيات 8 اذار وغيرها من المعسكرات السورية- الفلسطينية في لبنان.
أي إبقاء لبنان مريضا بمرض السرطان. وبمعنى آخر إبقاء الوضع الحالي الشاذ والغير طبيعي على حاله:
دويلة او دويلات في قلب الدولة. هذا أيضا ما قطفه نصرالله من الحريري مع ان هذا الامر هو تحصيل حاصل.
أي ان نصرالله لم يقطف شيئاً!
كيف لا وكل الشجرة اللبنانية وثمارها الحلوة والمرة، بسبب طغيان سلاحه على اللبنانيين، هي بين يديه.
تطبيق اتفاق الدوحة، يعني تنفيذه أي عدم استعمال السلاح لفرض أمر واقع على اللبنانيين، أي تحييد السلاح عن الخلافات السياسية. أي تعهد نصرالله للحريري بعدم تكرار 7 ايار المشؤوم الذكر وترك القرار في موضوع تطبيق الطائف للناخب اللبناني.
ومن هنا فالانتخابات القادمة هي مصيرية بكل المعاني في تقرير مصير لبنان كدولة سيدة حرة عربية ديمقراطية مستقلة واستعادة مزارع شبعا بالطرق السلمية، والعودة الى اتفاقية الهدنة الموقعة مع اسرائيل عام 49،
أو دولة مسلوبة القرار شمولية هجينة ذليلة مريضة فارسية تابعة للمحور الإيراني السوري تخترقها الدويلات والعصابات والقبضايات والعنتريات وتهيمن عليها الميليشيات، ورفض استعادة مزارع شبعا بالطرق السلمية، بل من خلال الاعمال العسكرية الخطيرة جدا، بسبب الرد والتهديدات الإسرائيلية المتكررة بتدمير لبنان بالكامل، وكل ذلك لكي يبرر حزب الله احتفاظه بسلاحه.
للتذكير! أهمية اتفاق الطائف الذي اتفق عليه الافرقاء وأمراء الحرب عام 89، انه انهى الحرب الفوضوية الطويلة والمريرة بين اللبنانيين، وأصبح جزءاً من الدستور اللبناني. وتم اثر ذلك حل الميليشيات المتصارعة وتسليم اسلحتها الى الدولة، متحولة إلى أحزاب وقوى سياسية.
النظام السوري الضامن الرئيسي لتطبيق الطائف بحكم احتلاله العسكري للبنان آنذاك لم يكن في هذا الوارد، بل على العكس تماما فإثر اتفاق الطائف انتخب النواب الرئيس رينيه معوض رئيسا للجمهورية. في خطاب القسم تعهد الرئيس الجديد بتطبيق الطائف فتحول في اليوم الثاني شهيداً بعملية اغتيال بشعة.
قال الوزير السابق والنائب مروان حمادة في مجلس النواب اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري التالي: طرحت على رئيس الحكومة فكرة ان يدرج في البيان الوزاري نص بتطبيق الطائف. فرد عليه الحريري قائلا: بدك تروحنا يا مروان! أي تريد ان تقضي علينا!
لماذا؟ لان تطبيق الطائف يعني ايضا من ضمن نصوصه انسحاب الجيش السوري من لبنان، وهذا كان عكس استراتيجة حافظ الاسد في الهيمنة من خلال عسكره ومخابراته على لبنان وقضمه في النهاية من خلال تدجين اللبنانيين وارهابهم بمخابراته.
اليوم لا يوجد رسميا جيش سوري في لبنان ولكن أدوات النظام السوري من ميليشيات ومربعات ومعسكرت وانفاق موجودة في كل لبنان. تطبيق الطائف يعني نهاية المأساة اللبنانية وقيام الدولة التي يحلم بها كل لبناني شريف وطني مخلص. وإنهاء عصر الميليشيات والمربعات الأسود.
التمسك بالطائف كما يعلن نصر الله، يعني عدم رفضه وعدم تطبيقه. أي ابقاء لبنان بلدا مخترقا مريضا مستباحا ومعلقا بين الطارق الإسرائيلي والمطرقة الإيرانية السورية. أي ابقاء لبنان تحت سندان أزمات منطقة الشرق الأوسط والنووي الإيراني ومشروع ايران الدولة الإقليمية العظمى الذي هلل لها وكبر ميشال عون.
على كل حال. لا بد من الترحيب باللقاء الذي تم بين الزعيمين الشيخ سعد الحريري والسيد حسن نصر الله. ونقول:
نعم لبلسمة الجراح بين الإخوة والأقارب أبناء العائلة الواحدة والشعب الواحد.
نعم للعض على الجراح حفاظا على الحقيقة والعدالة وانتصارا للبنان العيش المشترك.
نعم للمصالحات واللقاءات والابتسامات بدل التعديات والعداوات والتهجمات والتجهمات.
نعم لأصحاب المشروع الوطني الواضح، لبنان أولا، والموقف الثابت من قوى 14 اذار، الذين قدموا من بين صفوفهم من أجل قيامة لبنان خيرة الشهداء الأبرار.
فالوطن لا يمكن أن ينهض من كبوته الحالية المعقدة، إلا بأصحاب الهمم العالية والنفوس الطاهرة من الزعماء الكبار.
نتمنى على الدولة بجيشها وقواها الامنية ان تضمن نزاهة وحرية وديمقراطية المعركة الانتخابية المصيرية القادمة.
ستكون معركة مفصلية، ليس للبنان فقط بل لمنطقة الشرق الاوسط ، وسيكون لنتيجتها أبعادا سلبية جدا او ايجابية جدا على مستقبل لبنان. المهم ان يقرر اللبنانيون بحرية ماذا يريدون:
هل يريدون الدولة وايجابياتها ام الدويلة وسلبياتها؟
نتمنى على السيد نصر الله ان يكون وفيا تجاه اللبنانيين وكما اتفق مع الشيخ الحريري على تطبيق اتفاق الدوحة، وأن يتركهم يختارون بحرية بين مشروعه المعروف باستتباع لبنان الى المحور الفارسي في المنطقة، وبين مشروع قوى 14 أذار في قيامة لبنان السيد الحر العربي الديمقراطي المستقل.
فليكن مصير ومستقبل لبنان بيد الشعب اللبناني معبرا عنه بانتخابات حرة ديمقراطية نزيهة دون سلاح وتهديد وضغوط وتشويه للعملية الانتخابية.
ونطالب هنا بمراقبة مستمرة من مجلس الامن والأمم المتحدة والجامعة العربية والصحافة والإعلام لسير العملية الانتخابية التي بدأت في لبنان، لانها ستحدد مستقبله لعقود بعيدة ومستقبل المنطقة ايضا.

الاثنين، أكتوبر 27، 2008

المخترعون السعـوديون يتألقون في معـرض جنيف للاختراعات

وجيهة الحويدر
كوني ناشطة سـعـودية افتخر بالمبدعات السعـوديات , اللواتي اثبتن جدارتهن في حقل
العـلوم والاكتشافات والاختراعات , حصدت الباحثة السعـودية الشابة ريم إبراهيم خوجة،
جائزة ذهبية من معـرض جنيف الدولي للاختراعات 2008 , كان التمثيل النسائي السعـودي
مشرفا جدا ومشرقا كالعاده
وكان المبدعون والمبدعات السعـوديون والسعـوديات حصلوا على 9 جوائز دولية
علقت وسائل الاعلام بجملة : المخترعون السعـوديون يتألقون في معـرض جنيف للاختراعات
وهذا كان شيئ يـبعـث على الرضا والفخر

ايضا كان هناك خبر يـبعـث على الفخر
وهو تـبني (جامعة توليدو الأمريكية) تسجيل اختراعات المبتعـثين السعـوديين
في الولايات المتحدة الأمريكية مهنا الشمري وعلي الصامطي وعادل البلوي

ايضا وايضا كان هناك خبر المخترع السعـودي سالم الذياب
السعودي الذياب يحصل على براءة اختراع في مجال الكيمياء بأمريكا
الخبر يقـول :حصل السعـودي الدكتور سالم بن سليم الذياب
عضو هيئة التدريس في قسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة الملك سعـود
على براءة اختراع من الولايات المتحدة الأمريكية لبحثه المتعلق بتحضير صبغة الليزر

ثم طالعـنا خبر مفرح اخر وهو : طبيب سعـودي يبتكر علاجاً
للإقلاع عن التدخين في أسبوع
هيئة الغـذاء والدواء الأمريكية توافق على تداوله

الى الامام يا بنات ويا ابناء السعـودية
ايضا نحيي (نيو نيوز) وهاذي الاخبار الساره هديه لكم
ولمحبين التفوق السعـودي

ناشطة سعـودية

الأزمة الحزبية الإسرائيلية...تعقيدات متجددة

د. عدنان بكريه

فلسطين ال 48

بات من المؤكد تقديم موعد الانتخابات الإسرائيلية بعد إعلان (تسيبي ليفني) فشلها في تشكيل ائتلاف حكومي والتوصل إلى حلول وسط مع الأحزاب حول قضايا سياسية ومادية خاصة مع حزب (شاس) اليميني الديني والذي تعود على استثمار الانتخابات لابتزاز الحكومة ماديا وسياسيا .. فهذا الحزب تعود وبشكل دائم على الابتزاز والاتكالية حتى لو غلف مطالبه بغلاف سياسي تعبر عن رؤيته اليمينية ورفضه للسلام والتنازل !!

الحقيقة الاولى : التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار انه لا يوجد خلاف سياسي جوهري بين الأحزاب الإسرائيلية وحتى لو تواجدت بعض التباينات والاجتهادات في وجهات النظر ، إلا ان هناك اجماع صهيوني تام حول رفض السلام العادل والدائم ...هناك اجماع تام حول عدم التنازل عن القدس وهذا ما صرحت به (تسيبي ليفني ) زعيمة حزب كاديما المكلفة بتشكيل الحكومة من انه لا يمكنها ان تفاوض حول القدس والمقامرة بمستقبل الدولة ! في سياق ردها على ادعاءات حزب (شاس) حول فشل المفاوضات الائتلافية معها!
من هنا تبدو الأزمة الحزبية الاسرائيلية القائمة بأنها أزمة تنظيمية مادية ليس لها أية جذور سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية .. فالقدس ليست مربط الفرس كما يحاول أن يدعي حزب شاس أو حزب ليبرمان اليميني !

الحقيقة الثانية :أن الأزمة الحزبية الإسرائيلية تمتد جذورها إلى فشل حرب لبنان وهزيمة الجيش الإسرائيلي .. فلقد كان واضحا منذ تلك الحرب أن إسرائيل مقدمة على أزمة حزبية سياسية عقيمة لن تخرج منها إلا بانتخابات مبكرة تقصر عمر حكومة (اولمرت ) واشتدت هذه الأزمة بعد صدور تقرير (فينوغراد ) والذي حمل حكومة اولمرت (كاديما – العمل) المسؤولية .. قلنا حينها من ان معظم الاحزاب ستحاول استغلال تقرير فينوغراد لتقوية اسهمها في الشارع الاسرائيلي وضرب شرعية (اولمرت ) لكن ملفات الفساد لم تسعف اولمرت بالبقاء على راس الحكومة والحزب .

الحقيقة الثالثة :ان الازمة الحزبية القائمة هي نتاج لتعقيدات على الساحة الحزبية هنا وتصفية حسابات بين الاحزاب الاسرائيلية التي عانت الانقسامات بعد اقدام رئيس الوزراء الاسبق (شارون ) على تشكيل حزب كاديما قبل ثلاثة اعوام ، حيث ان بروز هذا الحزب انذاك اضعف قوة الاحزاب الكبرى كحزبي (العمل والليكود) فكاديما يعتبر الساطور الذي قسم تلك الاحزاب .. فهو خليط من عناصر مركزية تنحدر من تلك الاحزاب .
الحقيقة الرابعة : والتي يجب ان نأخذها في أي تحليل للازمة الحزبية الاسرائيلية ان الاحزاب الكبرى معنية جدا بانتخابات مبكرة ستجري بعد ثلاثة اشهر حسب القانون الاسرائيلي .. فهي أي الاحزاب الكبرى( الليكود والعمل ) ترى بهذه الانتخابات فرصة مواتية لزيادة تمثيلها البرلماني بعد فشل حزب كاديما وانخفاض قوته في الشارع الاسرائيلي اثر الهزيمة العسكرية في لبنان والتي يتحمل مسؤوليتها وحده ونتيجة لعدم قدرته على قيادة الدولة واخراجها من ازماتها الاقتصادية والاجتماعية .
ان اكبر المستفيدين من الانتخابات المبكرة هو حزب الليكود والذي ترجح الاستطلاعات امكانية فوزه وتشكيله الحكومة القادمة ! فرئيس الحزب ( بنيامين نتنياهو ) جهد ومنذ انقسام حزبه وتشكيل كاديما .. جهد الى اسقاط الحكومة لاستعادة قوة حزبه وهيبته !
ان ما يهمنا من هذه الازمة والتي تبقى ازمة داخلية تنظيمية بنيوية مادية !!هل تغير الحكومة الاسرائيلية سيكون له تأثيره على مستقبل الصراع العربي الاسرائيلي ومستقبل العملية التفاوضية ؟!
نكاد نجزم انه لن يكن هناك أي تأثير ملموس على السياسة الخارجية الاسرائيلية وعلى التعاطي الاسرائيلي مع القضايا المطروحة وخاصة القضية الفلسطينية .. فهناك توافق شبه تام بين الاحزاب الاسرائيلية حول رؤيتها لحل القضية الفلسطينية واجماع كامل على عدم منح الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة وبالتحديد مسألتي القدس وحق العودة !
من هنا فان الرهان على تغير وتبدل في وجهة النظر الاسرائيلية بعد الانتخابات هو رهان خاسر ! ويبقى الصراع الحزبي الإسرائيلي صراعا داخليا ليس له أية صلة بالسياسة الخارجية والتعاطي مع العملية التفاوضية والحقوق الفلسطينية !

ضوء في آخر النفق

عطا مناع

تجمع الفصائل الفلسطينية المتحاربة منها والمحايدة والتي تدور في فلك طرفي الصراع على ضرورة الخروج من المأزق الفلسطيني الداخلي، وقد يكون حوار القاهرة الفرصة الأخيرة للفلسطينيين ومحاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذة من أسباب الحياة في فلسطين التي بات كل قطاع يقبل القسمة على اثنين أو ثلاثة وحتى عشرة.

وبصرف النظر عن التجارب الفلسطينية الحوارية في القاهرة ومكة وصنعاء، تلك التجارب الفاشلة بامتياز نظرا لعدم توافقها مع الاحتياجات الفلسطينية الحقيقية على الصعد السياسية والحقوقية واعتمادها مبدأ المحاصصة في التعاطي مع الحياة الفلسطينية السياسية، فقد نجحت مصر نسبيا في إطلاق لغة جديدة من الخطاب الفلسطيني من خلال اللقاءان المنفردة مع كافة الفصائل الفلسطينية، وتكللت حوارات القاهرة المنفردة بالمسودة المصرية التي وافقت عليها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح القطب الرئيس في الصراع مع حركة حماس التي أبدت تحفظات على المسودة المصرية مع موافقة ضمنية على الجلوس على طاولة الحوار.

حاولت حركة حماس العودة بتاريخ الحوار الفلسطيني الداخلي وبالتحديد لاتفاق مكة الذي كان القشة التي فجرت قطاع غزة، حماس أرادت الجلوس منفردة مع حركة فتح مستثنية بذلك الكل الفلسطيني، إلا أن حركة فتح استوعبت تجربة مكة لإدراكها ان بعدها الوطني والاستراتيجي يعتمد على منظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني رغم هشاشة المنظمة التي بحاجة لوصفة سحرية للخروج من سباتها وسيطرة المتقنفذين عليها ومحاولة تحويلها مؤسسة من مؤسسات السلطة الفلسطينية أو تابع يبصم على ما تقوم به حكومة تسيير الأعمال من قرارات.

ما يطرح من الفصائل الفلسطينية عبر وسائل الإعلام مبشر نسبيا ويدعونا للقول أن هناك ضوء في آخر النفق الخلافي الفلسطيني، وخاصة أن للعاطفة الفلسطينية الشعبية والأطراف والشرائح التي لا ناقة ولا جمل مصلحة في إطفاء نار الاقتتال بين فتح وحماس، ولكن يفترض موضوعيا ومنطقيا ووطنيا أن يلمس المتابع اختلاف في الأداء الفلسطيني الميداني في طرفي الوطن الممزق، يفترض أن يطلق سراح المعتقلين السياسيين أو كحد أدنى إيقاف الملاحقات السياسية لعناصر حماس في الضفة وعناصر فتح في غزة، ويفترض حتى يتحول الخطاب الإعلامي المنصب على مسودة الحوار وتمجيد الأداء المصري أن ينسحب على الساحة الفلسطينية باعتماد سياسة تعبوية تشارك فيها شخصيات وقيادات لها ثقل سياسي ودور في الحياة السياسية الفلسطينية في الضفة وغزة على حد سواء.

يمكنني رؤية الضوء في آخر النفق عندما لا قرأ القلق في كلمات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إبراهيم أبو النجا عندما قال قبل أيام لن نتراجع عن إحياء الذكرى الرابعة لاستشهاد ياسر عرفات، كلمات أبو النجا تدعو للقلق وتشوش الرؤيا ويصبح الضوء ضعيفا وتطول الطريق في النفق، وما قاله السيد أبو النجا الذي يعرف الواقع في قطاع غزة ويطل على ما يجري في الغرف المغلقة يعطينا رواية مختلفة عن ما يطرح في وسائل الإعلام، ولكن مرة أخرى لا بأس من التفاؤل والتعويل على النوايا المعلنة للقيادات الفلسطينية التي توزع التصريحات المتفائلة يمينا وشمالا.

الموقف الفلسطيني الداخلي ضروري لإنهاء الصراع، إلا أن التحرر من أسياد الصراع الحقيقيين الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والإقليمين وعدم الخضوع للعبة المكشوفة واستخدام فلسطين والشعب الفلسطيني في اللعبة التي تمارسها تلك القوى شرط ضروري لإنجاح الحوار، وبتحقيق هذا الشرط تعاد الكرامة للقرار الوطني الفلسطيني المستقل الذي أنهكته الوعود الكاذبة التي لعبت على عامل الزمن وتصعيد الانقسام الفلسطيني كمقدمة للتعاطي مع الانقسام السياسي والجغرافي في فلسطين كحتمية لا مهرب منها.

تبقى الحلقة المفقودة للقوى الفاعلة في فلسطين المحتلة البرنامج الوطني المتوافق علية من كل الفصائل الفلسطينية التي يفترض أنها تمثل ألوان الطيف السياسي والوطني، ومع الآخذ بعين الاعتبار الفجوة الكبيرة في الخطاب السياسي الفلسطيني الذي انقسم على نفسه بين الدعوة للوصول للحقوق عن طرق المفاوضات التي أثبتت فشلها وباعتراف كبار المفاوضين الفلسطينيين وعلى رأسهم احمد قريع الذي عاد مؤخرا من الولايات المتحدة معلنا يائسة من الإدارة الأمريكية أو الخطاب المقاوم الذي طحنته التهدئة واستمرأ ثقافة الأنفاق كتعبير عن الحالة الاقتصادية التي أشبعت غرور ومصالح الطبقة الطفيلية الفلسطينية والتي تحولت لقبور للطبقات الفقيرة الباحثة عن رغيف الخبز.

في المحصلة الشعب ملزم أن يرى الضوء في نهاية نفق الاقتتال والانقسام وهو معني بذلك لأنة استخدم كحطب لنار الاقتتال التي شوهت الشخصية الوطنية الفلسطينية، للشعب أحلامه وطموحاته رهاناته والمستقبل، والسؤال الموجهة لإطراف الصراع الذاهبة لمصر بداية الشهر القادم هل ترى ضوء في آخر النفق، أم أن ما نتابعة مجرد أحلام وسراب.

العرب و الأعراب قبل ظهور الإسلام

محمد كوحلال

مقدمة.

لنتعرف على موقف الإسلام من الأعراب البدو. و قبل أن نخوض في الحديث, أريد أن احدد مفهوم كلمة الأعراب لغويا, إن الكثيرين يريدون بالعرب سكان البوادي و الحواضر, و قد تعمم كلمة العرب , فيراد بها الأعراب كدالك.
فال الجوهري في صحاحه/ العرب جيل من الناس , و هم أهل الأمصار, و بالنسبة إلى العرب عربي و إلى الأعراب أعرابي, و الذي عليه العرف العام, إطلاق لفظ العرب على الجميع/.

و يقول الالوسي في بلوغ الأرب / إن العرب أهل الأمصار و الأعراب سكان البادية و في العادة يطلق لفظ العرب على الجميع/.

المدخل.

الأعراب أصحاب عقول متحجرة يوصفون بالغلظة و الخشونة وقلة الاكتراث. بطبعهم فصيلة بشرية صعبة المراس , لهاد وقف منهم القرءان موقفا سلبيا, حيت جاء في الآية التالية / الأعراب اشد كفرا و نفاقا , و أجدر أن لا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله, و الله عليكم حكيم, و من الأعراب ما يتخذ ما ينفق مغرما , و يتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء, و الله سميع عليم /.

لقد كان الأعراب قبل الإسلام أهل شجاعة و كرم و احترام و مصداقا لهدا ما قاله الرسول محمد / إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق/. صحيح أن الأعراب هدفهم إشباع الغرائز, و ليكن بعد دالك ما يكون, و كان شعارهم في الحياة ما ندى به طرفة بن العبد قائلا..

تلات هن من شيمة الفتى

وحقك, لم احفل متى قام عودي

فمنهن سبقي العادلات بشرية

كميت , متى ما تعل, بالماء تزبد

و تقصير يوم الدجن, و الدجن معجب

ببهكنة تحت الخيام المعمد

و كان هدا التهافت على طيبات الحياة و مغرياتها هو الذي دفعهم إلى الحروب فيما بينهم حيت قلوب البعض منهم كانت طافحة بالاضغان و الأحقاد, تغديها صراعات بين القبائل إما حول مصادر المياه أو المراعي , لقد كان البدو عندما يدخلون الإسلام يدخلون و كأنهم متفضلون على الرسول و أتباعه, يروى أن عشرة من بني أسد و فدوا على الرسول محمد و فيهم حضرمي بن عامر و ضرار بن الازور , فقال حصرمي /يا رسول الله أتيناك نتذرع الليل البهيم في سنة شهباء, لم تبعت إلينا بعثا/.

فنزل فيهم قول الله / يمنون عليك أن اسلموا, قل لا تمنوا على إسلامكم , بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين/ . لكن القرءان استثنى بعض الأعراب من أصل البادية من هدا الهجوم و وصفهم بأنهم أصحاب إيمان يقول الله في كتابه / و من الأعراب من يؤمن بالله و اليوم الآخر و يتخذ ما ينفق قربات عند الله و صلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم في رحمته إن الله غفور رحيم /.

من المؤسف له أن بعض الفئات المثقفة استندت ما جاء قي القرءان , من هجوم على الأعراب و عممته على العرب أجمعين بدوا و حضرا, و هؤلاء نوعان..

أولهما جماعة جعلت الفضل كله في تقدم العرب سياسيا و أخلاقيا و اجتماعيا إلى الإسلام, و أرادوا بدالك أن يجعلوا الفضل كله إلى الدين الإسلامي لا غير.. مندفعين بحماسهم و غشاوة على العيون اللهم لا شماتة..

صحيح ان الإسلام قد وجه العرب و جهة أخلاقية جديدة و دفعهم إلى حب العلم و المعرفة تحت رداء الإسلام بطعم مختلف عما كان عليه من قبل, و ليس معنى هدا أنهم كانوا خلوا من كل شيء فلقد كان لأهل الحواضر و المدن بعض المعارف, بالاظافة إلى ما كان يتمتع به العرب كما سبق الذكر أعلاه, من فضائل كالشجاعة و الكرم فقط جاء الإسلام ليحارب أمورا كانت متداولة بين أوساط العرب, ليجتث بعض الصفات والأخلاق التي وقف الإسلام منها موقف المحارب و المهاجم.

أما ثاني الفريقين اللذين انبروا لمهاجمة العرب فهم الشعب ويون اللذين كانوا يحملون كل الحقد لهم , فما برحوا يكيلون لهم التأخر و التحلل الأخلاقي في كل مناسبة, و ينسبون إليهم كل الرذائل و الصفات القبيحة و حبهم للجنس و هم يهدفون من وراء دالك إلى التعصب و يدعون أن الإسلام كان الخلاص لهؤلاء الجهلة.

مؤسف أن ينحو منحى هؤلاء أدباء لهم صولات و جولات في عالم الأدب العربي و الفكر و البحت, و منهم الراحل احمد أمين في كتابه / فجر الإسلام/ و قد كان متاترا بآراء المستشرق / اوليري / و من العجب العجاب أن ينزلق العالم الفطن و المؤرخ و الترجمان الأكبر النابه , ابن خلدون, فيتهم العرب فبل ظهور الإسلام, في أماكن من كتابه/ كتاب العبر/ و ديوان المبتدأ والخبر.. و ثمة مجموعة أخرى دفعهم حبهم للعرب الدفاع عنهم, و أن يجعلوا منهم شعبا حضاريا يفوق الشعوب الأخرى تقدما و حضارة قبل ظهور الإسلام.

الم يقل الشاعر؟؟

و عين الرضا عن كل عيب كليلة

كما إن عين السخط تبدي المساويا

فعلى المؤرخ المنصف و الباحث و الأديب و الكاتب, أن يكونوا منصفين و أن يتحلون بالموضوعية.لقد كاد الرأي العام أن يجمع على أن العرب قبل الإسلام كانوا في جاهلية, جهلاء عباد أصنام و اوتان لا علاقة لهم بالتوحيد و لا بالله, حتى بعت الله رسوله محمد فانتشلهم من تلك الظلمات و أخرجهم إلى النور. و ورد على دالك قصصا و حكايات, اكترها مفتعلا و مدسوسا على هؤلاء القوم فبعض المؤرخين جردوا العرب قبل ظهور دين محمد, من كل فضيلة و صوروهم كالوحوش الضارية, خاضعين لقانون الغاب ..قانون القوة فهادا الهجوم لا يخلوا من الظلم و الافتراء و قسوة مقصودة من حفنة من الجهلاء , فلقد كان للعرب فضائل و مثل / بضم الميم/ لا يستطيع كل عاقل متعقل لبيب ا ن يجحدها.

الجزيرة العربية و التوحيد.

عرفت الجزيرة العربية ديانة التوحيد , عندما نزل بها نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام التام, و استقر بمكة بعد أن ابتنى الكعبة الشريفة. و في مكة ترك زوجته هاجر و ابنه إسماعيل الذي يعتبر أبا للعرب, و طلب من ربه أن تكون مكة أرضا مباركة يؤمها العرب من كل صوب و حدب.

قال الله على لسان إبراهيم/ ربي إني أسكنت دريتي قي واد غير ذي زرع عند بيتك المحرم فاجعل أفئدة الناس تهوى اليه / .

لا مجال للشك ادن أن الجزيرة عرفت التوحيد مند آلاف السنين, عرفته مند أن وطأت أرضها أقدام الخليل المبجل عليه السلام التام و على أهله.

ظلت عبادة التوحيد مستقرة في أعماق العرب, لكن مع مرور الزمن بدأت تدخل شعائر و خرافات على هده الديانة و تقاليد غريبة, التي لا تعد إطلاقا من ديانة إبراهيم الخليل عليه السلام التام, و قد يحصل هدا لكل دين أو عقيدة مع تقادم الزمن, و ما اكتر البدع التي دخلت على الإسلام في زمن فقهاء الفضائيات أو الفضاحيات.. و هز يا وز على خمسة و ربع, وصلة تم يتمم الفقيه حديثه على السادة المشاهدين. و ما اكتر الخرافات التي الصقها البعض بالإسلام و هو بريء منها , كما يحصل عندنا في المغرب, حيت الذبائح على أبواب الأضرحة و التبرك بالأولياء و زيد و ز يد يا عم زعتر أبو فانوس...الخ .

لقد كان العرب يعبدون الله قبل ظهور الإسلام , أما الأصنام فهي واسطة ما بينهم و بين اللاه,.و قال.. الله على لسانهم / و ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى/ مشيرا بدالك إلى الأصنام. و قد اعترف اوس بن حجر باعتقاده التام بالله, مع إقراره باحترام آلات و العزى فقال..

و بالات و العزى و من دان دينها

و بالله, إن الله منهن اكبر

و هدا الشاعر النابغة يقسم بالله الذي ليس هناك من هو اكبر منه فيقول..

حلفت فلم اترك لنفسك ريبة

و ليس وراء الله للمرء مذهب

و ئدا تصفحتم الشعر العربي مليا لقرأتم الكثير عن وحدانية الله و قدرته حتى لتخايلهم أي عرب ما قبل الإسلام, أنهم مسلمون قبل ظهور الإسلام.و ما الإسلام إلا اظافة ليس إلا.. و كما سبق الذكر سلفا, فان الإسلام حارب بعض الأمور و جاء بأخرى كالصيام و الصلاة و الصوم...الخ

و في نفس السياق دائما, اعترف العرب بان الله هو الحافظ الواقي و انه الملاذ و الوحيد للبشر و ان الذي لا يحتمي بقوة الله و عظمته فماله الضياع و الهلاك.

على نفس السكة يقول الشاعر المتميز أفنون ألتغلبي..

لعمرك ما يدرى امرؤ كيف يتقي

ادا هو لم يجعل له الله واقيا

و كانوا يعتقدون أن الله يجزي على العمل الصالح فادا ما قدم الإنسان خيرا فسيرى خيرا, أليس هدا من ضمن ما ندى به الإسلام؟؟ يقول الشاعر ابن الاسلت..

أجرت مخلدا و دفعت عنه

و عند الله صالح ما أتيت

و يكمل الشاعر العفيف الكبير و استاد الحطيئة زهير ابن أبي سلمى, بان الله عالم الغيب مطلع على السراء و ما تخفيه النفوس فقال..

فمن ملغ الأخلاق عني رسالة

و ديبان, هل أقسمتم كل مقسم

فلا تكتمن الله ما في نفوسكم

ليخفى, و مهما يكتم الله يعلم

و هناك شاعر آخر يقسم بان الله و حده الذي يحي العظام و هي رميم , و تنسب إلى حاتم الطائي ..

أما و الذي لا يعلم السر غيرهم

و يحي العظام البيض و هي رميم

لقد كنت اختار القرى طاوى الحشا

محافظة من أن يقال لئيم

فهادا إيمان مطلق بالبعث و الحساب أما الشاعر لبيد فهو يعتقد أن كل الناس سيقفون بين يدي الله و سيكشف أعمالهم , فمن عمل مثقال درة خيرا يراه, و من عمل مثقال درة شرا يراه قال..

و كل امرئ يوما سيعلم سعيه

ادا كشفت عند الإله المحا صل

السؤال..

أين هي الظلمات التي تحدت عنها الإسلام , و الجهل الذي حاربه , عندما ظهر الإسلام, كان العرب يعيشون حضارة و تمدن و حياة زاهية في مجالات التجارة و تربية الأغنام و جلسات الأدباء و الشعراء, حياة ملؤها الجد و الكد و الأدب الراقي متداولة بين كل القبائل.

لا نخفي أن الحروب كانت حامية الوطيس بين القبائل و دالك راجع فقط, للنزاعات حول الأراضي الخصبة و الحصول على المياه العذبة لكي تضمن قبائل العرب الحياة لمواشيها و تضمن أيضا الخير ولذائد الحياة لنفسها.

الم يكن الإسلام مجحفا و قاسيا قي حق هؤلاء العرب, اللذين كان لهم الفضل الكثير قي دفع الإسلام إلى خارج الجزيرة.

فقضية كعب بن زهير ابن أبي سلمى, الشاعر الرزين مثل والده, و قد أهدر الرسول محمد دمه تم دخل عليه المسجد و ألقى أمامه قصيدته المشهورة..

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم اترها, لم يغد مكبول

حتى ادا وصل إلى قوله..

إن الرسول لنور يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول

فما كان من الرسول إلا أن خلع بردته/ جبته/


وقفة تأمل.

كيف نعلل عبادتهم للأصنام , علما بان الأشعار التي قدمتها تكشف لنا رسوخ العرب على مبادئ التوحيد و إقرارهم بعظمة الخالق, حتى انك لا تكاد تجد فروقا جوهرية بين عقيدة الإسلام و بين عقائد أخرى و دالك واضح من خلال أشعارهم.

قد يقول قائل لمادا تعلق العرب بالاوتان و الأصنام و لعلنا سنجد تعليلا لدالك في كتاب / الأصنام/ لمؤلفه هشام بن محمد الكلبي حيت يقول / و كان الذي بلغ بهم إلى عبادة الاوتان و الحجارة , انه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجرا من حجارة الحرم, تعظيما للحرم و صباية بمكة, فحيثما حلوا و ضعوه و طافوا به كطوافهم بالكعبة, تيمنا منهم بها و صباية بالحرم و حباله, و هم بعد يعظمون الكعبة و مكة و يحجون و يعتمرون على ارث إبراهيم الخليل و إسماعيل عليهما السلام التام/.

ادن كانت ديانة إبراهيم عليه السلام التام, قد استقرت في ضمائرهم و إن شابها بعض الأفعال التي لا تتفق و تلك الديانة , إنهم لم يقدسوا الحجارة و لا الأصنام, إلا لأنها تمت بصلة إلى حجارة الحرم, التي أقام قواعدها إبراهيم الخليل عليه السلام التام.

إضافة.

إضافة إلى ما تقدم هو ان العرب كانوا يعيشون في وحدات سياسية صغيرة هي القبائل, فكان لكل قبيلة رئيسها و فارسها و شاعرها...فما المانع أن يكون لها رب يختص بها دون سواها من القبائل هدا ادا علمنا ان لكل قبيلة صنما , فالصنم هبل كان لقبيلة قريش, و هو اكبر الأصنام و كان من العقيق الأحمر, و العزة كانت لعظفان و هي شجرة بوادي نخلة في مكة و قد قطعها خالد بن الوليد و هو يقول..

يا عز كفرانك لا سبحانك

إني رأيت الله قد أهانك

أما اللات فقد كان يعبدها عرب الجنوب و الحجاز, أما مناة فكانت صخرة منصوبة على شاطئ البحر بين مكة و المدينة و كانت معظمة عند هديل و خزاعة , أما سوارع فهو صنم همدان و خولان.

و قد ذكر القرءان بعض الأصنام / افرايتم اللات و العزة, و مناة التالتة الاخرى/ .

مقتنع كل الاقتناع ان العرب قبل الإسلام, اضطروا أن يتخذوا عدة آلهة لأنهم مجموعات من القبائل فأحبت كل قبيلة أن تنفرد بالإله الذي تريده و ليس معنى هدا أنهم كانوا في الجاهلية كما صورهم الإسلام. لقد كانوا على عقيدة إبراهيم الخليل عليه السلام التام.

فكلما طال الدين القدم و امتد به العهد لا بد أن تلحقه بعض التغييرات في الأحكام الفرعية.

زبدة المقال و خاتمته.

ان تمسك العرب ما قبل السلام, بالأصنام و الاوتان ليس للعبادة التي ملكت نفوسهم اد سرعان ما يغضبون على هده الآلهة و يحطمونها و يرجمونها لان شعورهم بنفعها و ضررها هو شعور ضعيف جدا جدا..و ما عبادتهم للأصنام إلا لتكون لهم و وسائط ما بينهم و بين الخالق .

لم يكن العرب و تنيين بما تنطوي عليه الكلمة من معنى , بل كانوا يؤمنون بوحدانية الله, أما تلك الأصنام فهي الشفعية و الوسطية لهم عند الله. كما يقوم البعض اليوم من المتخلفين بتقديم الذبائح إلى الأولياء على باب الأضرحة لتحقيق الأماني. هناك نماذج كثيرة في بلدي المغرب للأسف..

عندما اختار الله أن يكون رسوله محمد من العرب لحمل الرسالة كان الله عالم ان العرب سيستجيبون لداعي التوحيد, لان الله فطرهم على دالك بعد أن بعت فيهم إبراهيم الخليل عليه السلام التام.

الدافع وراء هدا البحت المتواضع, غصبي الشديد على مقالات و كتابات لبعض الأشخاص اللذين مارسوا قسوة في حق العرب ما قبل ظهور الإسلام و اعتبروهم و تنيين لا صلة لهم بالتوحيد. اللهم إني بلغت..

إهداء.

إلى روح والدي الذي أبى إلا أن يحشرني في زمرة الفضلاء, و ينأى عن أجواء الجهل و الجهلاء, إلى لحده المضمخ بالرحمات اهديه هدا المقال و إلى كل شهدائنا الأبرار في غزة المحاصرة و بغداد الشامخة.

اسئلة عربية تثيرها الازمة المالية الاميركية

نقولا ناصر

(السؤال الهام لا يدور حول مدى تاثر البنوك العربية بالازمة الاميركية - العالمية بقدر ما يدور حول حجم الخسائر العربية من هذه الازمة وبما ان الصناديق "السيادية" العربية ومثلها استثمارات القطاع الخاص ليست شفافة فان حجم خسائرها سوف يظل على الارجح سرا من اسرار "الدولة" وشانا "خاصا")

المسالة المحورية التي تثيرها الازمة المالية الاميركية تدور حول مركزية القطب الاقتصادي والسياسي الاميركي في النظام الدولي التي تجعل العالم رهينة لتقلب الاوضاع في هذا المركز ، كما اظهرت ازمته الراهنة ، فواشنطن التي "عولمت" نظامها الخاص بحثت عن حل لازمتها ينتهك قاعدة رئيسية (عدم تدخل الدولة) سعت هي نفسها بكل الوسائل الى فرضها على العالم كافة وتركت العالم ليدفع ثمن ازمة تسبب المركز الاميركي بها ، فهي في الرخاء تجني الارباح الطائلة من "الشراكة" مع العالم وعندما "تقع الواقعة" تنسحب تاركة العالم لمصيره ، والدرس واضح: عولمة او "امركة" اقل وانهاء القطبية الاميركية الاحادية باتجاه تعددية عالمية في المراكز المالية والاقتصادية والسياسية . لكن بالرغم من ان دول "اباء الخصخصة" بدات تتدخل بقوة بل و"تؤمم" فان عمليات الخصخصة وتقليم اظافر الدولة كي لا تتدخل ما زالت جارية على قدم وساق في الدول العربية وما زال قرار الارتباط بعملة المركز الاميركي نافذا وما زالت الاستثمارات "الوطنية" العربية وكذلك الاستثمارات البينية العربية في اخر اهتمامات من يملكون فوائض مالية عربية للاستثمار .

وللاهتمام العربي بمضاعفات ازمة السيولة التي تهدد بانهيار النظام المصرفي الاميركي جانبان احدهما ايديولوجي يدور حول النظام الراسمالي ودور الدولة في تنظيم القطاع الخاص والثاني عملي يدور حول الخسائر العربية من هذه الازمة ، وتمثل الجانب الاول ب"تدخل" قوي لدولة المركز الاميركي للراسمالية العالمية قاد عمليا الى شكل من اشكال "التاميم" ، في وقت تقود ادارة الرئيس جورج دبليو. بوش حملة عالمية على القطاع العام للدول الاخرى تستهدف "خصخصة" هذا القطاع بل و"الدولة" نفسها ، بينما تمثل الجانب الثاني في حملة يقودها محافظو البنوك المركزية العربية تنفي أي خطر يتهدد المصارف العربية نتيجة للازمة الاميركية في سياق حملة تعتيم حكومية عربية على الخسائر التي وقعت والمتوقعة ، مما يدفع المراقب الى التساؤل في هذه الحالة على سبيل المثال عن الاسباب الكامنة وراء دعوة وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان الى تجديد الانظمة المالية العالمية ووراء تصريح نظيره السعودي الامير سعود الفيصل بانه لا توجد منطقة واحدة في العالم لم تتاثر بازمة الائتمان الاميركية (على هامش الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة) .

ويكاد يكون من المستحيل على المراقب ان يحيط بكل تفاصيل مد الامواج المتسارعة ل"تسونامي" الازمة الاميركية ويصعب على غير الخبير ان يتجنب الغرق في خضم الدفق العارم للمعلومات والتحليلات والتعليقات حول هذه الازمة ومضاعفاتها الاقتصادية والسياسية اميركيا وعالميا ، غير ان مفاصل رئيسية تفرض نفسها على المتابع العربي ويمكن ايجازها ببضع اسئلة تندرج تحت عنوانين اولهما ايديولوجي وثانيهما عملي ، وتدور الاسئلة الايديولوجية حول الراسمالية والليبرالية كنظام سياسي واقتصادي اتاح انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومته الاشتراكية للزعامة الاميركية لهذا النظام حرية كاملة في استخدام الوسائل كافة دون أي رادع لتسريع "عولمته" بالقوة المسلحة والعقوبات والوسائل المشروعة وغير المشروعة ، ولضيق المجال سنترك هذا السؤال "النظري" برسم الشيوعيين التقليديين واليسار الديموقراطي في اميركا اللاتينية وكذلك منظري الراسمالية نفسها لكي يفسروا ما حدث ويحدث لاستخلاص العبر النظرية منه ، كي يتسنى التقاط الاسئلة العملية المحورية عربيا حول هذه الازمة .

فمنذ اوصى الاقتصادي جون ويليامسون في سنة 1989 بحزمة وصفاته الاقتصادية لمزيد من ضبط السياسة المالية وتخفيض الانفاق العام وترك معدلات الفائدة للسوق كي يقررها وترك اسعار صرف العملات للمنافسة السوقية والانفتاح التجاري ورفع الحواجز امام الاستثمار الاجنبي المباشر وخصخصة قطاع الدولة العام ، الخ ، تحولت هذه الحزمة الى "كتاب مقدس" تبشر به الادارات الاميركية ليتبناه صندوق النقد والبنك الدوليان وليصبح الالتزام به نصا وروحا شرطا مسبقا لعضوية منظمة التجارة العالمية ، بالرغم من الكوارث الاقتصادية والماسي الاجتماعية الناجمة عنه والتي تتعارض مع كل ما جاءت به الكتب المقدسة ، ناهيك عن تاكل السيادة السياسية الوطنية للامم التي فرضت واشنطن عليها هذه "الوصفة" لل"اصلاح" الاقتصادي في دول العالم الثالث ، ومنه الوطن العربي ، والتي تصف الدول التي تلتزم بها ب"النامية" .

لكن "فاتيكان" الخصخصة الاميركي المبشر ب"خصخصة" الدول الاخرى فاجانا في ازمته المالية التي ما زالت تتفاقم عالميا ب"التاميم" كاجراء طالما عارضه عندما لجات اليه الدول الوطنية او الاشتراكية كاجراء اقتصادي محض او كاجراء سياسي للتخلص من نفوذ شركات اجنبية تحولت الى دولة داخل الدولة الوطنية ، كما حدث عندما امم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر شركة قناة السويس في اواسط عقد الخمسينات من القرن الماضي ، وقد لجات دول اوروبية ايضا الى "التاميم" عندما امتدت الازمة الاميركية الى مؤسساتها المالية ، ويبدو ان سلسة التاميمات الكاملة او الجزئية التي اعلنها الزعيم الفنزويلي هوغو شافيز منذ اوصله الناخبون الى سدة الحكم كانت في النهاية في اتجاه حركة تاريخ جديد ولم تكن "حجا بينما الناس مروحة" كما يقول المثل العربي .

وتطمينات البنوك المركزية العربية ، في جدة وبيروت مؤخرا ، ومثلها البنوك التجارية الاسلامية اقترحت بان "الدولة" العربية لن تلجا الى ضمان مماثل للودائع المصرفية في البنوك التجارية لكن هذه التطمينات سرعان ما بددها اعلان البنك المركزي الاماراتي عن توفير مبلغ (13.6) مليار دولار لمساعدة البنوك في مواجهة الازمة المالية العالمية مما يشير الى حذر مشروع في الاتجاه المعاكس ، خصوصا بعد ان اعلن البنك في منتصف ايلول / سبتمبر الماضي بان (90) في المائة من الاموال الاجنبية "المضاربة" قد تدفقت الى خارج الامارات لترتفع الفائدة على القروض بين البنوك الى اربعة في المائة تقريبا من اثنين في المائة في ايار / مايو الماضي . كما يشير الى اتجاه معاكس عدم استجابة الاسواق المالية في الامارات لعرض البنك المركزي حيث استمر الانخفاض في بورصتي دبي وابو ظبي وخصوصا في اسهم البنوك لان الناس يتساءلون لماذا يلجا المركزي الى عرضه ذاك "اذا لم يكن هناك شيء يدعو للقلق؟" ، كما قال رئيس لدائرة الابحاث في احدى الشركات الاستثمارية الاماراتية للفايننسال تايمز البريطانية في الرابع والعشرين من الشهر الماضي .

لكن السؤال الهام لا يدور حول مدى تاثر البنوك العربية بالازمة العالمية بقدر ما يدور حول حجم الخسائر العربية من هذه الازمة . واذا كانت الخسائر العربية الناجمة عن الانخفاض في اسعار النفط "مكشوفة" ويمكن تقديرها وهي التي دفعت منظمة "اوبيك" خلال الاسبوع الماضي الى تخفيض انتاجها فان الصناديق "السيادية" العربية ومثلها استثمارات القطاع الخاص العربي ، مؤسسات وافرادا ، ليست شفافة ومفتوحة للرقابة العامة وسوف يظل حجم خسائرها على الارجح سرا من اسرار "الدولة" وشانا "خاصا" من شؤون القطاع الخاص . فعلى سبيل المثال تقول التقارير ان الصندوقين السيادين الكويتي والاماراتي ضخا اكثر من (12) مليار دولار في البنوك الاميركية خلال العام الحالي . وهذه الخسائر منها ما هو مباشر نتيجة الاستثمار في المؤسسات الاميركية التي انهارت وما هو غير مباشر مثلا نتيجة الانخفاض في قيمة الدولار الاميركي وفي اسعار النفط ، فقد خفضت الاوبيك مؤخرا تقديرها للنمو في الطلب العالمي على النفط لعام 2008 من (1.17) في المائة الى (1.02) في المائة .ومثال اخر على الخسائر غير المباشرة يتمثل في انخفاض الفائدة على سندات الخزينة الاميركية الى اعشار في المائة حيث يزيد الاستثمار العربي في هذه السندات على (290) مليار دولار ، اما الاسواق المالية السبع في دول الخليج العربية فقدرت خسائرها بنحو (150) مليار دولار (الحياة اللندنية في 8/10/2008) ، ناهيك عن الخسائر الناجمة عن توقف العمل في بناء اكثر من (150) مشروع ضخم في الدول الخليجية تزيد قيمتها على (48) مليار دولار .

ان القلق الذي اعرب عنه عميدا الدبلوماسية الاماراتية والسعودية ومطالبتهما مع المجموعة العربية في الامم المتحدة باصلاح شامل للانظمة المالية العالمية ، وتصريحات مثل مقال وزير المالية السوري محمد الحسين في صحيفة البعث مؤخرا الذي قال فيه ان الازمة العالمية كلفت البلدان العربية ، بخاصة تلك الاكثر عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية ، اكثر بكثير مما جنته من الارتفاع الاخير في اسعار النفط ، وتحذير صندوق النقد الدولي من ان ازمة الائتمان العالمية الحالية يمكن ان تتمخض عن خسائر تزيد على (1.4) تريليون دولار ، ثم زيادة ما ضخته البنوك المركزية الدولية على مائتي مليار دولار لمواجهة ازمة السيولة ، انما هي وغيرها مؤشرات الى ان القلق العربي مشروع من اكتساح تسونامي الازمة الاميركية للسواحل العربية بعد ان اجتاحت البر الاوروبي .

ومسالة اخرى تثيرها الازمة الاميركية التي تحولت عالمية تدور حول وجود فائض في السيولة المالية العربية يبحث عن تنويع اسواق استثماره بعد ان كانت السوق الاميركية ساحة رئيسية له كان يعتقد انها مامونة حتى انفجرت الازمة الحالية . والمواطن العربي ، خصوصا اذا كان واحدا من (103) ملايين عربي يعيشون تحت خط الفقر ، عندما يقرا ان اثنين في المائة من اجمالي سكان دول الخليج (منهم 178 الف ثري في دولتين فقط) قد ارتفعت ثروتهم من (1.4) ترليون دولار عام 2006 الى (1.7) ترليون دولار في العام التالي ، أي أكثر من نصف الدخل الوطني لبلدانهم (د. سيف الإسلام بن سعود بن عبد العزيز ، «الاتحاد» في 7/7/2008) ، وان هناك (33) ملياردير عربي اجمالي ثرواتهم يفوق 179 مليار دولار(قائمة «فوربس» لعام 2007) ، وان الموجودات الخارجية لهيئة النقد العربية السعودية (ساما) بلغت حوالي (1.56) ترليون ريال سعودي بنهاية تموز / يوليو الماضي وان الاستثمارات الخارجية للمملكة بلغت (25) مليار دولار خلال شهر واحد طبقا لساما في 29 اب / اغسطس الماضي ، وان الدول العربية الخليجية الست راكمت عائدات نفطية تزيد على تريليون دولار نتيجة لارتفاع اسعار النفط خلال السنوات الست الماضية وان صناديقها السيادية تستثمر عالميا (1.5) ترليون دولار ، عندما يقرا المواطن العربي مثل ذلك وغيره لا يسعه الا ان يقول اللهم زد وبارك لكنه في الوقت نفسه يتساءل لماذا لا يستثمر ولو جزء من هذا الفائض في الدول العربية ليعم الخير وينتفي "الحسد" ، خصوصا عندما يقرا ايضا ان هذه الاستثمارات الخارجية قد نقلت المستثمر العربي من "محيط الاسواق المالية العالمية الى مراكزها" ليتساءل ايضا لماذا ما زالت هذه المركزية المالية العربية دون اسنان سياسية تنعكس ايجابا على القضايا العربية .

ان الفارق كتابة بين "الحسد" العربي وبين الحسد الغربي لا يزيد على النقطة بين العين وبين الغين ، لكنه في الواقع العملي كالفارق بين السماء والارض ، فحسد العرب لا يزيد على كونه انات معذبة لملايين البطون الجائعة وقعها مزعج على اذان من انعم الله عليهم بالتخمة ، اما حسد الغرب فانه يحاصر فوائض العائدات النفطية العربية بالاساطيل الحربية حد الاحتلال العسكري المباشر كما في العراق وفلسطين او بالعقوبات كما جرى الحال مع ليبيا من اجل خصخصة دولها وفرض اعادة تدوير هذه العائدات غربا كرها او طوعا وباستثمارها هناك بالشروط الغربية ايضا ، ويكفي هنا ان نقرا ما كتبه مؤخرا وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسنجر:"ان زيادة سعر النفط ثلاثة اضعاف من ثلاثين دولارا للبرميل عام 2001 الى اكثر من مائة دولار اليوم يمثل التحويل الاكبر للثروة في التاريخ البشري ... ويجري نقل هذه الموارد من الاستثمارات الضخمة في السندات الحكومية الاميركية والاوروبية الى اصول الشركات الكبرى والشراء الصريح للاعمال الاميركية والاوروبية ، وبينما تتضاعف هذه الاستثمارات الجديدة" ، خصوصا استثمارات الصناديق السيادية ، فانها تهدد ب"تاثير متنام على الاقتصاديات الغربية" ولذلك فان "الدول الصناعية يجب ان تجد طرقا" لوقف هذا "التهديد" ! انه حسد مقترن بالتهديد يحذر من خطر محتمل بينما "التاثير" الغربي على اقتصاد العرب وسياساتهم وحتى ثقافتهم خطر قائم جاثم على صدورهم وجيوبهم وقرارهم منذ عقود من الزمن !

ورب ضارة نافعة ، فالازمة المالية الغربية المتفاقمة تثير ايضا مسالة اعادة النظر في حجم استثمار فائض السيولة المالية العربية وطنيا وعربيا . ان تنويع مصادر دخل الدول النفطية استعدادا ليوم ما زال بعيدا نسبيا ينضب فيه النفط والغاز يصبح اليوم خيارا قويا لتصريف جزء من الفائض المالي حيث تمثل تجربة الصناعات البتروكيماوية الناجحة في هذه الدول سابقة يبنى عليه ويقتدى بها ، وعلى سبيل المثال تعتبر خطط سلطنة عمان لاستثمار حوالي خمس مليارات دولار للتحول الى اكبر منتج للحديد والصلب في المنطقة خطوة رائدة في هذا التوجه . كما ان للاستثمارات البينية العربية قاعدة يبنى عليها يمكن توسيعها . وطبقا لاحدث ارقام المؤسسة العربية لضمان الاستثمار في الكويت ، وهي احدى مؤسسات جامعة الدول العربية ، زادت استثمارات القطاع الخاص بين البلدان العربية على (94) مليار دولار خلال الاثني عشرة سنة الماضية ، لكن هذا المبلغ لا يمثل سوى قطرة في بحر رؤوس الاموال العربية المستثمرة خارج الوطن العربي ، خصوصا في الدول الطامعه في هذا الوطن . كما ان اتجاه هذه الاستثمارات العربية البينية بحاجة الى اعادة نظر ايضا ، فهو يوسع الهوة بين الدول الغنية والفقيرة من جهة وبين الاغنياء والفقراء العرب من جهة ثانية بدل ان يضيقها ، وبالتالي فان نتائجه عكسية ، والا ما معنى ان تحظى المملكة العربية السعودية باكثر من (42) في المائة من استثمارات القطاع الخاص البينية (40.5 مليار دولار) تليها لبنان (12.1 مليار) ثم مصر (8.7 مليار) والسودان (8.2 مليار) والامارات العربية (4.6 مليار دولار) ؟

واذا كان القطاع الخاص يستثمر حيث يجني ربحا سريعا وحيث يوجد استقرار كما تشير استثماراته في السعودية والامارات وهما من اكبر مصدري رؤوس الاموال فان أي تغيير جوهري في توجه الصناديق السيادية للقطاع العام في الدول العربية ذات الفوائض المالية باتجاه الدول العربية التي تعاني من عجز في راس المال سوف يساهم في استقرارها بحيث تتحول الى جاذب للاستثمارات الخاصة ايضا ، غير ان مثل هذا التوجه يقتضي حدا ادنى من التضامن العربي وهذا التضامن بدوره يقتضى حدا ادنى من السيادة الوطنية يحررها من ضغوط العوامل الخارجية لمنع أي تضامن كهذا ، وربما تتيح الازمة المالية الغربية الحالية "فترة تنفس" عربية من تلك الضغوط .

ولا مناص من التساؤل اخيرا وليس اخرا بعد هذه التحولات المباشرة للازمة الاميركية: لماذا ما زالت الدولة العربية "تخصخص" بينما دولة الخصخصة الام التي لم تتردد في استخدام القوة العسكرية لفرض الخصخصة على العالم تتدخل ب"التاميم" او بما هو تاميم في الجوهر ؟ الا تقتضي مثل هذه التحولات اجراء مراجعة شاملة لدور الدولة العربية كما لاستراتيجية الاستثمار العربي في اتجاه تفعيل سوق عربية مشتركة تفك ارتباط عملاتها بالدولار الاميركي وتبني قوميا على المقترحات التي اقرها مؤخرا وزراء مالية مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالاتحاد نقديا وبعملة موحدة وبنك مركزي واحد ، بكل ما يستتبع ذلك سياسيا من موازنة العلاقات العربية بين عدة اقطاب دوليين بدلا من التحالف مع القطب الاميركي الاوحد ؟

*كاتب عربي من فلسطين

nicolanasser@yahoo.co

عجائب الانتخابات المحلية للعرب في اسرائيل

نبيل عودة

طائفية وعائلية تحت مظلة دمقراطية ليبرالية

" تعالوا نكشف مصادر الطاقة الوطنية في شعبنا ونوظفها لصالحنا ، حاضرا ومستقبلا ، كما وظفناها في أصعب أيامنا وأشدها هولا !!"

ازدانت شوارع مدننا وقرانا بلافتات الدعاية الانتخابية . يبدو للوهلة الأولى ان ما يجري هو عرس دمقراطي للعرب في اسرائيل . تعالوا نتجاهل المعركة الانتخابية في الشارع اليهودي ، التي شكليا لا تختلف عما يجري في البلدات العربية ، الا بشيء واحد فقط لاغير ... ان المرشحين اليهود يمثلون جمهورا ، أو أحزاب وتجمعات سياسية .

أما المرشحون العرب ، بأكثريتهم ، فلا يمثلون الا ظاهرة الفساد المستشري في الوسط العربي بكل مل يخص الحكم المحلي .

لم يعد سرا ان ظاهرة الفساد في الحكم المحلي ، هي نتيجة مباشرة لفساد الأحزاب العربية . هذه الظاهرة تتمثل بغياب سياسة اجتماعية ثقافية وتثقيفية من أجندة الأحزاب العربية كلها . من الأحزاب التي تدعي تمثيل الفكر اليساري الثوري ( الشيوعي ) الى الأحزاب التي تدعي العروبة والقومية والدمقراطية ( حزب التجمع لعزمي بشارة والدمقراطي العربي وفلق حزبية تحمل تسميات قومية وهي لا في العير ولا النفير ) ، الى الحركات السياسية الاسلامية التي تتصاعد قوتها وسيطرتها تحت غطاء الدين ، وتحقق نجاحات ملموسة سياسيا ، وبنفس الوقت ، تشكل ظاهرة الدين السياسي ، تراجعا في الوضع الاجتماعي ، وتنامي الطائفية بشكل مقلق ، ويتعمق التفسخ الاجتماعي والتقوقع الطائفي ، وهي مظاهر لم يعرفها العرب الفلسطينيون في اسرائيل بمثل هذه القوة ، وليس سرا أن أقول ان ظاهرة الطائفية المتنامية في المجتمع العربي داخل اسرائيل ، وبغض النظر عن مصداقية هذا الجانب أو الجانب الآخر ، دفعت مجتمعنا لصدامات دامية ولعدم الثقة بين أفراده .. لدرجة ، لا أكشف جديدا اذا قلت ، ان الشعور العام السائد هو اننا ننفصل الى مجتمعين ، ليس شرطا مجتمعين منشطرين على أساس طائفي ، بل مجتمعين منشطرين على أساس فكري اجتماعي وثقافي .

بالطبع لا يمكن تجاهل ان أزمة الأحزاب العربية في اسرائيل ، وأزمة قياداتها واشتداد المنافسة بينها على اساس مصالح شخصانية ذاتية ، وغياب الحوار الفكري والسياسي البسيط بين الأحزاب ، وتشابه شعاراتها ، والمنافسة في " ابداع " شعارات أكثر " ثورية " وأكثر رنينا في الأذن ، وصياغات ضخمة بلا معنى .. أشبه بالمارشات العسكرية ، بهدف أساسي جلب جمهور الناخبين للتصويت ، وكأن نضالنا السياسي والوطني يتوقف على وصول ممثلي الأحزاب للكنيست الاسرائيلي ( البرلمان ). وكنا أمام ظواهر كوميدية ، بانتقال أعضاء كنيست من قائمة قومجية ، الى قائمة شيوعية ،ثم الى قائمة اسلامية .. وبقاء خطهم السياسي نفس الخط .. أي ان المهم ليس الفكر والنهج والأيديولوجيا والتنظيم ، انما مقعد الكنيست !!

ولا بد ان أوضح زاوية أخرى أيضا . فقدان الأحزاب لدورها الاجتماعي والسياسي التثقيفي ، وكونها منظمات للمجتمع المدني ، جعلها تفقد بوصلتها السياسية والاجتماعية والمدنية، وتتحول الى مجرد قائمة تنشد الأصوات ، ولا يهما ان تعيث فسادا في المجتمع العربي داخل اسرائيل ، التي تدعي تمثيل مصالحة والدفاع عن حقوقه ، بل ليذهب كل شيء الى الجحيم ، المهم الأصوات في انتخابات الكنيست .. فنجدها تعقد في الانتخابات للحكم المحلي تحالفات مع عائلات ، يرى الحزب ( أي حزب كان ) بها قوة انتخابية ( أصوات ) ، ولا تخجل الأحزاب من تسمية مرشح عائلة بأنه مرشح الحزب ، وانتصاره انتصار للحزب .. بينما الحقيقة انه "انتصار" للعائلة على بقية العائلات ، ومن هنا تبدأ المشاكل ، وظواهر العنف ، ورفض الاعتراف من أبناء العائلات الأخرى بشرعية السلطة المحلية ، والذهاب الى لمحاكم لابطال الانتخابات بحجة التزوير وشراء الصوات . وتصاعد العنف ، طوشات وحرق سيارات ، وحرق مبنى المجلس وغيرها من الظواهر المرضية ... والامتناع عن تسديد الضرائب وأثمان المياه ، لارباك السلطة المحلية التي يقف برأسها ابن العائلة الفائزة ، وعلى الأغلب ابن العائلة الكبيرة في البلد ، وكأن المنصب فصل خصيصا لأبناء العائلات الكبيرة أو الطائفة الكبيرة ، وهو بنفس الوقت ينفذ سياسية عائلية على الأغلب تتمثل بتغليب مصالح عائلته بالأساس على سائر مصالح ابناء العائلات الأخرى .

من هنا يبدأ الفساد ، قصدا أو بلا قصد .. حتى لو وقف برئاسة السلطة المحلية أكاديمي تكنوقراطي يتمتع حقا بقدرات ادارية كرئيس سلطة محلية ، ولكن خلفية انتخابه مرفوضة وغير نظيفة .. ويغرق سعادة رئيس البلدية أو المجلس المحلي بحل معاضل رفضه ، والعنف الناتج عن انتخابه ، وديون المجلس وأثمان المياه ومعاشات الموظفين ، وينشغل بقضايا غير ذات بال لمستقبل البلدة والأهالي ، تؤجل كل المشاريع ، حتى التي صادقت عليها وزارات الحكومة .. وتنتهي فترة الرئاسة والبلد أكثر تخلفا في جميع مرافقها .. وتصبح الحال مكانك عد ، ان لم يكن الى الخلف در !! وربما تحل وزارة الداخلية السلطة المحلية وتعين مدير يهودي لادارتها ، وهو ما جرى ويجري على الأغلب في العديد من سلطاتنا المحلية .. ويقوم عندها الصراخ القومي الأجوف .. أما نقد قصور السلطة المحلية ورئيسها وعجزهم عن العمل التطويري نتيجة اسلوب وصول الادارات البلدية ، فهذا لا يخص احدا .

ان انسحاب الأحزاب الواسع تقريبا ، كتنظيمات للمجتمع المدني من دورها في انتخابات الحكم المحلي ، هو ليس دليل قوة ، وازدياد مكانة هذه الأحزاب ، بل دليل فقدان المكانة السياسية والتراجع في الوعي السياسي العام ، للجمهور أولا ، وثانيا ، وبالأساس ... لقيادات الأحزاب في فهم دورهم الاجتماعي والتثقيفي وليس السياسي الوطني فقط ، اذ ما قيمة ان نخسر مجتمعنا ليكسب ممثلي الأحزاب مقاعد في الكنيست ؟؟

الواقع الاجتماعي مسؤولية عظمى كانت تقلق في زمان غابر الحزب الشيوعي مثلا ، الذي أعطى للتثقيف والوعي مكانة متقدمة في أولوياته النضالية ، واليوم نفتقد هذه الميزة . وما أقوله : تعالوا نكشف مصادر الطاقة الوطنية في شعبنا ونوظفها لصالحنا ، حاضرا ومستقبلا ، كما وظفناها في أصعب أيامنا وأشدها هولا !!

بالطبع ليست كل البلدات متشابهة ، واخص بالذكر مدينة الناصرة ، ولكني لا اتجاهل تنامي الظاهرة الطائفية المقلقة في مدينة الناصرة على الأخص .

تخوض معركة الانتخابات في الناصرة قائمة لا أستطيع الا ان أسميها طائفية ، انتخبت تركيبتها القيادية بواسطة شيوخ وأئمة المساجد ؟؟!! كيف يمكن ان نعتبرها قائمة غير طائفية ، حتى لو رفعت شعارا يقول الناصرة موحدة كما هو أسمها ؟ موحدة حول أي شيء ؟ وكيف تكون موحدة وقد دمجتم الدين بالسياسة ؟ كيف تكون موحدة وقد أدخلتم الشعارات الدينية في الدعاية ؟

ليس هذا دفاعا عن جبهة الناصرة الدمقراطية ، بل كنت من منتقديها خلال الفترة السابقة وما زلت أرى انها ترتكب أخطاء جسيمة في دعايتها وفي شكل تركيب القائمة . كانت الناصرة كلها جبهة ، واليوم يطرحون شعار الناصرة مع الجبهة . كيف نخترق قيودات التنظيم الغبية ، كما حدث في أوائل السبعينات من القرن الماضي مع الانتصار الأول للناصرة الجبهوية ، لتصبح الناصرة كلها جبهة ؟!

بالطبع هناك مشاكل أخرى ناتجة عن قيادة العمل البلدي خلال الأربعة عقود الماضية ، يمكن حلها عبر اقامة منهجية عمل معينة ، للأسف لم تقم رغم الوعود ، وأظن أن ضغط العمل هو المبرر ، ولكنه مبرر غير مقبول .. أو عذر أقبح من ذنب !!

الوضع في الساحة النصراوية لا يبقي خيارات أمام الناخبين القلقين على مستقبل الناصرة .. وكلامي واضح . من الخطأ اختيار مرشح رئاسي وقائمة طائفية ، ورائهما تصرفات لن تنسى ، أوقعت المجتمع النصراوي بأكثر أيامه سوادا .

المضحك في هذه المعركة الانتخابية ، تكاثر الشعارات التي تدعو الى التغيير . "انا مع فلان من أجل التغيير " ... " قائمة التغيير والاصلاح " ... "كلنا من أجل التغيير " .

والله العظيم انا أيضا من أجل التغيير ولكن اشرحوا لي ماذا ستغيرون ؟ المغيرون وصلوا في السابق أيضا لرئاسة السلطات المحلية ، وما تغير هو الشخص وليس النهج .

قرات قصة أعجبتني لشدة ملاءمتها لحال الانتخابات للسلطات المحلية . .. اقراوا :

السيدة "ص" ( نفترض انها جمهور المصوتين ) أرملة وجميلة اكتشفت رجلا جميلا ( مثلا مرشح يدعو للتغيير ) يتسفح على شاطئ البحر حيث تقضي معظم أيام فراغها تراقب المتسفحين وتقيمهم بما يتلائم ومواهبها . ذلك الرجل بصدره البرونزي من تلويح الشمس .. ببساطة شد أنظارها فوق المعدل الطبيعي . أعجبها . اقتربت وسألته ( تحشرت به ) : " لا أظن أني رايتك على هذا الشاطيء سابقا ؟ ( طبعا مرشح جديد تماما ) أجاب : " نعم نعم .. هذا صحيح .. لأول مرة انا هنا ( أول مرة أترشح ) .. كنت في السجن لمدة ثلاثين سنة !!( لم افكر سابقا بخوض الانتخابات ولكن الآن اريد انقاذ البلد )

سألته منبهرة : " حقا ، ولماذا سجنت ؟ ( لماذا لم تخض الانتخابات سابقا ؟ ) أجاب : " قتلت زوجتي !!" ( لم تكن العتمة على قدر يد الحرامي ؟ ) تأوهت الأرملة "ص" بفرح : " أوه ... اذا أنت غير مرتبط بأمرأة الآن ؟ " . (وقعت في حبه فورا ... انتخبته !! )

هذه صورة كوميدية وتكاد تكون صورة طبق الأصل لأسلوب تصويتنا ..

أجل .. لدينا مساحة واسعة جدا من الدمقراطية ... ولكننا حولناها الى منهج عشائري طائفي ... ولدينا ليبرالية نقصقصها بتراجعنا الفكري والاجتماعي ونحولها الى مدفن للتنور والتقدم .

لا أرى ما يستحق التفاؤل في المستقبل .. ما أراه بائس ، وما أتوقعه المزيد من الفساد والمزيد من التفسخ السياسي والاجتماعي .

الأمل الوحيد الباقي ربما بالأجيال الجديدة . السؤال كيف ننقذها من المناهج المريضة التي ابتلي بها مجتمعنا العربي ؟!



نبيل عودة – كاتب ن ناقد واعلامي – الناصرة

nabiloudeh@gmail.com