الأربعاء، ديسمبر 31، 2008

إنهاء الاحتلال .. لا إنهاء المقاومة

صبحي غندور

مرّة جديدة تكرّر إسرائيل خطأها التاريخي في محاولة تصفية ظاهرة المقاومة ضدّ احتلالها الغاشم عوضاً عن إنهاء الاحتلال نفسه .. ومرّة جديدة أيضاً تقف إدارة بوش مع إسرائيل وخلفها في هذه السياسة المخالفة لكلّ الشرائع والقوانين الدولية التي تُقرّ حقّ الشعوب بمقاومة المحتلّ لها.

لكن المشكلة في هذه السياسة الإسرائيلية/الأميركية المشتركة ليست في جهل دروس التاريخ وحقائق الشرائع الدولية بل هي في استمرار المراهنة على القائم عربياً وفلسطينياً من صراعات وانقسامات من جهة، ومن خنوع رسمي عربي وفلسطيني لما يأمر به حاكم البيت الأبيض من جهة أخرى.

إذ هل كان ممكناً أن تقوم إسرائيل بهذا الحجم الكبير من القتل والتدمير في قطاع غزّة (كما فعلت سابقاً عام 2006 في لبنان) لو لم تكن هناك موافقات ضمنية عربية وفلسطينية على إنهاء ظاهرة المقاومة الفلسطينية المسلّحة ضدّ إسرائيل؟

فلو كان بحسبان إسرائيل أنّ عدوانها على قطاع غزّة سيؤدّي مثلاً إلى تعديل في موقف قيادة السلطة الفلسطينية وإلى إعلان هذه السلطة عودتها إلى نهج المقاومة ضدّ الاحتلال، هل كان لإسرائيل أن تقوم بمغامرتها العسكرية؟!

لو كانت إسرائيل تحسب أيضاً أنّ عدوانها هذا سيدفع بمصر والأردن والدول العربية والإسلامية الأخرى التي تقيم علاقات مع إسرائيل إلى قطع هذه العلاقات وإلى وقف كل أشكال التطبيع معها، هل كانت (إسرائيل) لتتحمّل هذه الخسارة السياسية والاقتصادية الكبرى مقابل عدوانها؟!

لو كانت إدارة بوش تفترض هذه الاحتمالات أيضاً، وما لها من تأثير على المصالح الأميركية في المنطقة، ومن نتائج سلبية أيضاً على العلاقات العربية مع واشنطن، هل كان لهذه الإدارة أن تعطي الضوء الأخضر لهذا العدوان وتدعمه؟!

إنّ الحرب الإسرائيلية القائمة على غزّة هي حرب متعدّدة الأهداف ومتشابكة المصالح مع أطراف دولية وإقليمية. ولهذه الحرب مستويات ثلاث من الأهداف:

أهداف قريبة المدى، وهي تتلخّص بإضعاف حركة "حماس" عسكرياً وسياسياً وقتل أكبر عدد ممكن من قيادييها، كتمهيد لمد سلطة حكومة "أبو مازن" لقطاع غزّة، كما هي ترمي إلى إضعاف التأثير السوري والإيراني في الملف الفلسطيني من خلال تحجيم دور منظمات المقاومة الفلسطينية المدعومة من دمشق وطهران.

أمّا الأهداف المتوسطة المدى الزمني، فهي تحقيق مكاسب سياسية انتخابية لتحالف كاديما/العمل في مواجهة حزب الليكود الذي تزداد فرصة إمكان فوز زعيمه نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية القادمة. هذا على الصعيد الداخلي الإسرائيلي. أمّا خارجياً، فإسرائيل (مدعومة من إدارة بوش) تريد فرض وقائع جديدة على أرض فلسطين والشرق الأوسط قبل انتهاء عهد بوش وتسلّم إدارة أوباما الجديدة.

أخيراً، فإنّ أهداف العدوان الإسرائيلي الحاصل على غزّة تشمل على المدى البعيد التأكيد على ما جاء عام 1993 في اتفاق أوسلو بتخلّي قيادة الشعب الفلسطيني عن خيار المقاومة المسلحة واعتماد أسلوب المفاوضات كخيار وحيد للفلسطينيين، وهو ما تسير عليه الآن قيادة السلطة الفلسطينية وترفضه منظمات أخرى وفي طليعتها حركة "حماس".

وستساعد محصّلة غايات هذه الحرب الأخيرة على غزّة، في مرحلة لاحقة، على إقرار تسوية سياسية شاملة للصراع العربي/الإسرائيلي يقبل فيها الفلسطينيون المعروض عليهم من صيغة للدولة الفلسطينية ولمسألة اللاجئين.

لكن، ألم تخض إسرائيل وخلفها ومعها إدارة بوش تجربة مشابهة لذلك في حربها على لبنان وعلى المقاومة فيه صيف عام 2006؟ وما كان مصير هذه التجربة وغاياتها المشابهة الآن للحرب على غزّة؟!

صحيحٌ أنّ إمكانات المقاومة اللبنانية كانت أفضل ممّا هي عليه الآن إمكانات المقاومة الفلسطينية في غزّة، لكن الظروف الدولية والعربية كانت عام 2006 أصعب بكثير، إذ لا مجال للادّعاء الآن بما ردّده البعض آنذاك في لبنان والمنطقة من تشويه لطبيعة الصراع مع إسرائيل من خلال الشحن الطائفي المذهبي الذي استهدف ظاهرة المقاومة اللبنانية.

أيضاً، كانت إدارة بوش في صيف العام 2006 في قمّة جبروتها العسكري والسياسي قبل أن تعصف بها نتائج الانتخابات الأميركية النصفية أولاً في خريف العام نفسه ثمّ في الانتخابات الأخيرة التي كانت استفتاءً شعبياً أميركياً ضدّ سياسة إدارة بوش والحزب الجمهوري معه.

كذلك، فإنّ التضليل الإعلامي والسياسي الذي حدث إسرائيلياً ودولياً عام 2006 عن حقيقة الحرب على لبنان، غير قادر الآن على فعل ذلك. فحصار وتجويع قطاع غزّة تابعهما العالم كلّه ورأى أمّ العين وقائع الأمور في سعي إسرائيل لتركيع المقاومة الفلسطينية أولاً عبر الحصار والآن عبر القتل والدمار.

لكن المشكلة الأساس كانت وستبقى بما هو قائم فلسطينياً وعربياً من انقسامات وصراعات يبني عليها العدوان الإسرائيلي وغاياته.

المشكلة هي في تنازلات عربية وفلسطينية حصلت وتحصل في المحافل الدولية وفي قرارات مجلس الأمن وفي المفاوضات والاتفاقيات مع إسرائيل.

فقطاع غزّة كان طيلة عشرين عاماً تحت الرعاية المصرية قبل أن تحتلّه إسرائيل عام 1967، ولم تكن في قطاع غزّة آنذاك لا مقاومة فلسطينية ولا حركة "حماس" بل الجيش المصري وقوات الأمن المصرية. لذلك كان جمال عبد الناصر يؤكّد أن لا مفاوضات أو اتفاق صلح مع إسرائيل بشأن سيناء قبل الانسحاب من الضفة والقدس وغزّة والجولان. وهذا لم يحدث طبعاً بعد وفاة ناصر حينما وقّع أنور السادات معاهدات كامب ديفيد وتخلّى عن مسؤولية مصر القانونية تجاه قطاع غزّة ومسؤوليتها التاريخية تجاه الصراع العربي/الإسرائيلي من خلال إخراج مصر من هذا الصراع وعزلها عن أمّتها العربية.

المشكلة أيضاً في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي قبلت عام 1993 التوقيع على اتفاق أوسلو الذي أنتج اعترافاً فلسطينياً بإسرائيل مقابل الاعتراف بالمنظمة وليس بحقوق الشعب الفلسطيني. ولم يرتبط الاعتراف بإسرائيل في اتفاق أوسلو بتحديد "حدود دولة إسرائيل" أو أنها "دولة محتلة".

هي أيضاً مسؤولية عربية شاملة لكل الأطراف العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل رغم أنّ الحكومات العربية كلّها أقرّت في قمّة بيروت عام 2002 أنّ التطبيع مع إسرائيل يشترط الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلّة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية وحلّ مسألة اللاجئين!!

ولِمَ في الحدّ الأدنى لا تشترط الحكومات العربية على مجلس الأمن - قبل قبولها بقراراته- اعتبار إسرائيل دولة محتلّة ؟! فهذا توصيف حقيقي ينزع الشرعية الدولية عن المحتلّ الإسرائيلي ويضمن متى فشل أسلوب المفاوضات حقّ المقاومة.

لقد انتقل الصراع العربي/الإسرائيلي من تقزيم له أساساً بالقول إنّه صراع فلسطيني/إسرائيلي إلى تقزيم أكبر بوصفه الآن صراع إسرائيل مع فصيل فلسطيني!.

لقد كان 1/1/1965 يوم انطلاقة الثورة الفلسطينية، التي رفضت آنذاك الواقع الفلسطيني المحتل وأكّدت على حقّ الفلسطينيين بنهج المقاومة.

وقد تتغيّر الأسماء والحركات والمنظمات (والسياسات)، لكن لن يتغيّر حقّ الشعوب في مقاومة الاحتلال. وكل عام والشعوب الحرّة بألف خير.

لن نسكت

سعيد عم الدين
لأن ما يدفعنا إلى الكتابة هو فقط:
غيرتنا على أهلنا الذين يتعرضون ومنذ أكثر من نصف قرن لأبشع النكبات والمآسي والأهوال،
ومحبتنا لشعوبنا المغلوب على أمرها منذ ان حصلنا على نعمة الاستقلال، وبدل ان يكون استقلالنا املا لنهضتنا وتطورنا وخلاصنا تحول نقمة علينا بأيدي بعض حكامنا. لا نريد التعميم. ولكن ممارسات النظام السوري الإجرامية، فاقت كل التصورات. ومن يحاول هنا السكوت عنها او تغطيتها فهو مشارك معه في الإجرام.
إن ما يدفعنا إلى الكتابة هو ألمنا العارم:
لما يتعرض له أطفالنا وزهراتنا وشبابنا اليوم في غزة الجريحة، والبارحة في لبنان المنكوب، وقبل البارحة في العراق الذبيح، وقبلها في دارفور وقبل قبلها في الجزائر.
كلنا هللنا عندما انطلقت الثورة الفلسطينية عام 65 بقيادة حركة فتح حاملة مشعل التحرير، وانخرط بعد هزيمة 67 قسما كبيرا من شبابنا اللبناني والعربي في صفوفها.
ولكن لن ولن نسكت عندما باسم هذه الثورة الفلسطينية والقضية العادلة تتحول منظمات كالقيادة العامة والصاعقة وفتح الانتفاضة وغيرها إلى أدوات شريرة بيد النظام السوري يحركها لزعزعة استقلال وامن وسلامة وسيادة لبنان، وبيت رحم لتفقيس الإرهابيين كعصابة "فتح الاسلام" المجرمة. التي استلمت منهم عن طيبة خاطر وحسب الأوامر كامل أسلحتهم وصواريخهم ومفاتيح مخازن ذخيرتهم ومراكزهم في مخيم نهر البارد، لإنشاء امارة في الشمال لا علاقة لها بالإسلام والمسلمين، وإنما بمخططات المخابرات السورية والايرانيين.
ويأتي بعد ذلك شخصا كاذبا كأحمد جبريل ليتهم وبلا خجل تيار "المستقبل" بتمويل هذه العصابة مرددا أكذوبة أن الشباب لم يقبضوا رواتبهم من الشيخ سعد فسلبوا المصرف في منطقة الكورة كحق من حقوقهم.
لكم هذه الحقيقة الناصعة التي ذكرتها صحيفة الباييس الاسبانية الاحد 08.12.28. وهي ان اكثر من 100 من انتحاريين تم تجنيدهم في اسبانيا منذ عام 2003 لتنفيذ عمليات في العراق.
واشارت الصحيفة الى ان هذه الخلايا مدعومة من شبكة شكلتها في دمشق مجموعة مرتبطة بالقاعدة.
الصحيفة تتحدث عن مئة وهم في الحقيقة آلاف من الإرهابيين الذين انطلقوا من دمشق بمساعدة وتدريب المخابرات السورية تحت يافطة القاعدة إلى العراق لقتل العراقيين والى لبنان لقتل اللبنانيين والى البحرين أخيرا لقتل البحرانيين. ولم ترسل ارهابيا واحدا لدعم انتفاضة شعب فلسطين.
ولن نسكت عندما تصبح دمشق مركزا لإرهاب العالم العربي والحفاظ على الكيان الإسرائيلي.
وإلا فلماذا لا ترسل دمشق هؤلاء الى غزة لدعم حماس!؟
ويأتي القائد الفلسطيني أحمد جبريل ليكذب متهما شرفاء الأمة الذين يحملون الهم الفلسطيني في قلوبهم كالشيخ سعد الحريري.
كلنا استبشرنا خيرا عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران وأغلقت السفارة الإسرائيلية، واحتلت الأمريكية ومنذ اكثر من 28 سنة ونحن نسمع من إيران هتافات:
الموت لأمريكا الموت لإسرائيل!
ولكننا لن نسكت عندما تضيع بوصلة الثورة الإسلامية لتتحول إلى مذهبية مخربة ومتعجرفة فاجرة ومصدِّرة للإرهاب والفتنة إلى العالم العربي ويقوم المتظاهرون بالهجوم على السفارة المصرية والتعرض للسعودية وهم يصرخون:
الموت لمبارك ومصر والموت للسعودية!
لقد فرحنا وشعرنا بالغبطة والاعتزاز عندما فرضت المقاومة على اسرائيل الانسحاب من الجنوب اللبناني عام 2000 دون قيد او شرط، ولكننا لن نسكت عندما تتحول هذه المقاومة التي كنا نعتز بها الى عصابات مسلحة شريرة وسافلة من الزعران تحتل بيروت العزلاء، وتذل سكانها الطيبين بكل حقد، مرهبة شعبها بأقنعتها السوداء كعمامات الملالي السوداء متعرضة لكرامات أهلها، حارقة مؤسساتها الإعلامية والخيرية والإنسانية.
وبعد ذلك يأتي نصرالله ليقول في خطاب يوم 28 الجاري:"ما يجري في غزة كما في لبنان هو أن هناك مشروعاً أميركياً في المنطقة يعمل على فرض شروطه بالقوة من خلال الضغط والعزل والحصار، وإحداث فتن داخلية لتوريط حركات المقاومة، والحرب النفسية والحروب والإغتيالات". كلام يدعو للسخرية حقا!
وكأن المشروع الأمريكي هو الذي ورط نصرالله في احتلال بيروت وضرب الجبل. أي نصرالله بريء! اذا تناسى نصرالله فالشعب لا ينسى اطلالاته التلفزيونية وتهديداته وتهديدات ربعه اليومية للبنانيين.
هذا الكلام الكاذب لم يعد ينطلي على الشعب اللبناني الذي رأى بأم العين اعتداءات جماعة نصر الله على العزل والآمنين.
هو يتحدث عن الاغتيالات، وكأن المشروع الأمريكي لا هم له الا اغتيال احرار لبنان من قادة ثورة الارز.
وبكل وقاحة هو يقول ذلك وهو الذي اغلق البرلمان لعدم اقرار المحكمة واحتل الساحات لقمع الحقيقة، وكأنه مشارك في الاغتيال.
فلن نسكت ولن نسكت ابدا عندما يغتالون بطلا عربيا سيدا من أسياد الأمة كالرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه من شهداء انتفاضة الاستقلال. وستظل صرختنا المدوية من أجل الحقيقة تردد في كل أرجاء المعمورة الى ان يتم كشف الحقيقة ومعاقبة القتلة.
وسيتم في السنة القادمة كشف الحقيقة ومعاقبة القتلة!
لن نسكت عندما يستشهد في لبنان خيرة رجالنا وقادتنا وتتعرض حتى سيداتنا إلى محاولات اغتيال لقتل الكلمة الحرة الشريفة.
وكأن المشروع الامريكي لا هم له الا قتل الكلمة الحرة.
لن نسكت عندما يتعرض صحفي أعزل كالأستاذ عمر حرقوص إلى
الضرب بأعقاب البنادق من مجرمي الحزب القومي السوري.
وكأن المشروع الامريكي لا هم له الا ضرب الصحافيين العاملين في جريدة "المستقبل".
لن نسكت وكلمتنا هي أقوى من رصاصهم، وأبقى من طغيانهم، لأنها تعبر عن الحقيقة. والحقيقة هي الباقية وأنتم وباطلكم وأكاذيبكم وبهتانكم إلى زوال.
ولن نسكت عندما تأخذ حماس شعب غزة الضحية رهينة وتعرّضه للموت والدمار تحقيقا لمشاريع المحور الإيراني السوري العقيمة.

مع صديق وأمور ساخنةٍ أخرى

د. عدنان الظاهر

أولاً / حول إنتخابات مجالس المحافظات

عاتبني بالأمس صديقٌ أني لا أكتبُ في القضايا الأكثر إلحاحا ولا أنتقد ً أوضاعاً معينة ً مهتماً بها هذا الصديقُ غاية الإهتمام . حين عاتبني شعرتُ كأنه يعيّرني أني لا أجرؤ على تناول تلكم القضايا الملحّة وضربَ مثلاً من وضع حزب معين ناشط ٍ اليوم على الساحة في العراق مشاركٍ بالعملية السياسية الجارية حالياً عَلناَ وليس سرّا. كما ذكر أسماءَ بعض قادة هذا الحزب المعيّن متبرئا ً منه ومن موقعه على الخارطة السياسية السائدة هذا اليوم . أنا بالطبع معه في الكثير مما قال وفي أغلب أطروحاته ووجهات نظره لكني ـ قلتُ له ذلك وبالعربية الفصحى ـ لا أستطيعُ الكتابة عن أمور يكتب فيها غيري وربما أفضل مني خاصة ً والكاتبون عن هذه النقاط التي تفضّلَ الصديقُ بإدراجها في رسالته هم كُثر ٌ وليسوا بأقلَ [ شراً ] مني ومن لساني المحدود الطول والقوة والبأس . ثم ، قلتُ له ، الكتابة بالنسبة لي مزاجٌ والكتابة هواية أمارس خلالها نقد بعض الأوضاع السياسية الراهنة نقداً خفيفاً حينا وثقيلاً أحيانا ً وذلك أمرٌ معروفٌ من خلال ما أنشر في العديد من المواقع وبإسمي الصريح الذي لا أملك في الدنيا غيره لا بديلاً ولا مزوَّراً .. ثم َّ ، ليس الإنسانُ نسخة ً طبقَ الأصل ِ من الآخرين بحيثُ يجاريهم فيما يكتبون ويمشي معهم أو يجري خلفهم متشبها ً بهم أو متخذا ً منهم أمثلة ً ونماذجَ تُحتذى .. كلا ، الإنسانُ كائنٌ فريدٌ متميّز أو يتميّز أو لا بدَّ مِنْ أنْ يتميّزَ عن سواه فيما يكتب وفيما يفكّرُ وكيف يكتبُ وكيف يفكّرُ وأية َ مسألة ٍ يختارُ موضوعاً لكتابته وفي أي زمنٍ ومناسبة ٍ وعلى هامش أي حدث . ليس الإنسانُ يا آلة َ طابعة ٍ أو شاشة َ كومبيوتر تؤمرُ فتكتب على طريقة ونهج الأمر المعروف [[ إقرأ ... ]] وما على الرجل المـأمور إلا أنْ يقرأ رغم أنفه وإلا سوف يُجرّدُ من كافة مسؤولياته ومناصبه الشرفية والإعتبارية فيفقد بذا إمتيازاته ِ الشخصية والإجتماعية وهي كثيرة بلا عدد . أكتب ْ !! لا والله ما أنا بكاتب يا العزيز !! أنا أكتب حين أريدُ أنْ أكتبَ وحين أقتنعُ أني قادرٌ على خوض غمار هذا الموضوع أو غيره . أكتب حين تتوفر لي مادة الكتابة ومصادرها والغزير من المعلومات عنها وإلا ماذا سأكتب ولمِن ومَن سيقرأُ ما سطّرتُ من سطور؟ ما رأيك يا صديقٌ بعيدٌ ، هل أنا محق ٌ في قولي هذا وهل أنت معي ؟ لا يمكن أنْ يكونَ الكاتب ُ مـأموراً إلا إذا كان أجيراً مأجوراً وشتّان بين كاتب حرٍّ وآخرَ أجير مرتَزق يخونُ ضميرَه والقارئَ ويزّورُ التأريخ َ تأريخه فضلاً عن التأريخ العام المتحرك وفي حركته ينكشف الزيف ويطفو الزَبَدُ وهو جفاءُ. لا ، لا تقحمْني في مواقف تحرجني وتتعارضُ مع أبسط مبادئي في الحياة . كما في عين الوقت أرجو منكَ أنْ تكونَ أكثرَ إنصافاً حين تضعني في الميزان وأن لا تبخسَ حقوقي وأن تختارَ الميزان الصحيح . كما أتمنى أنْ تتابعَ ما أنشر كيما تتيقن من أني (( تحت الشمس أكثرَ مما يجب ]] كما قال هاملت لعمه القاتل حين سأله [[ ما لي أرى السُحبَ مخيّمة ً عليك ؟ ]] . لا أحسبني تقاعستُ أو تأخرت عن تناول الكثير من المواضيع والمواضع الملتهبة على الساحة العراقية وسخونة كلماتي تتناسب مع درجة حرارة إلتهاب هذه المواضيع . لا أضرب ُ أمثلة فهي كثيرة وقد لامني بعض الأخوة أني كنتُ قاسياً مع بعض الكتاب أو المثقفين الذين تجاوزوا حدودهم ورفعوا رؤوسهم أعلى من قاماتهم فنشروا مفاهيمَ مشوّهة ً لا تخدم العراق والعراقيين مأخوذين بالعولمة الأمريكية ولمعان نجمها العارض وما توحي لضعيف نفوسهم وعقولهم مظاهرُ قوتها العسكرية فهم بين قصير ثمَّ قصيرنظر أو أعمى ... أعمى بصر ٍ وبصيرة وجلّهم من (( معدان لندن )) وحالهم حالُ ذاك المعيدي الذي رأى ( حياءَ أمه فجفلَ ... إخترع ) . كما طلب مني أصدقاء آخرون بعضهم في العراق لم يغادروه أبداً ولم يهاجروا ولم يلتجئوا إلى هذا البلد أو ذاك وتحمّلوا ما تحمّلوا من مصائب الدنيا التي عرفها العراق والعراقيون زمن حكم البعث وطاغوته الرجيم ... طلبوا مني المشاركة في حملات الدعاوى الإنتخابية لمجالس المحافظات لقائمة معينة لكني لم أستجبْ لما طلبوا ولم أعتذرْ !! أنا لستُ يا إخوان بوق دعاوة وتحريض ونفخ في الصُوْرِ لإقامة الموتى من القبورِ ولا مزمور أعراس موسمية . أتركُ هذه المهمة لأهل العراق فهم وحدهم مَن يستطيع أنْ يزنَ وأن يقوِّمَ الرجال ثم يختار مَنْ يختار لتمثيله في هذا المجلس أو ذاك ... ولستُ أنا النائي الذي غادر العراق فجرَ التاسع من شهر تموز عام 1978 ولم يرهُ بعد ذلك حتى اللحظة الراهنة . كيف أحرِّضُ الناس أو أدعوهم لإنتخاب رجالٍ لا أعرفهم ولم أرَهم في حياتي وكيف أقومُ بتزكيتهم للإضطلاع بمهمات خطيرة الشأن هم أعرفُ مني بمبلغ خطورتها على حياتهم ومجمل أوضاعهم . أعذروني يا أصدقاء ... لستُ في وضع يسمح لي أنْ أركبَ هذا المركبَ الصعب خاصةً وقد فاتنا زمنُ الحماس للإنجراف مع أو وراء أية موجة نراها مُغرية أو ساطعة الضوء فنعتليها مخاطرةً ساذجة من باب الغَيرة والشهامة والإستعداد الحقيقي للموت من أجل قضية . لم يتبقَ فيَّ أو لديَّ ما أقدمه للموت مجّاناً كما كان شأننا أيام الشباب . لا يقدّمُ الناسُ في أعيادهم ومناسباتهم الأخرى قرابينَ من أضاحيَ مريضة أو نطيحة أو متردية أو مما أكلته سباع البراري وعافته الكلاب . إنما يقدِّمون أضاحيَ دمها شديد السخونة فوّار الدفعة الأولى بعد الذبح !! خلافَ ذلك لا يتقبّلُ ربُّهم منهم تلكم الأضاحي الرخيصة ، بل سيختارُ دمَ إسماعيلَ ذبيحاً بيد أبيه إبراهيم . لا يا أصدقاء ... لستُ مدير مؤسسة للإعلانات وتوزيع البوسترات والتزويق والترويج لبضاعاتٍ مُختلف ألوانها فهذا الأمرُ فوق حدود طاقتي وإمكانياتي ويتجاوزُ ما قد عرفتُ من خطوط ومواقف . نفضتُ يدي من متاع الدنيا وصرتُ أردد مع أبي نؤاس

ولقد نهزتُ مع الغواةِ بدلوهمْ

وأسمتُ سرحَ اللهوِ حيثُ أساموا

وبلغتُ ما بلغَ امرؤ بشبابه

فإذا عصارةُ كلِّ ذاكَ أثامُ


ثانياً / منتظر الزيدي

كما طلبتْ مني نُخبةٌ من الأصدقاء أن أبيّن رأيي في مسألة حذاء منتظر الزيدي فتريّثتُ ولم أكتب . أمّا وقد إنفجرت الأوضاع المأساوية في غزّة فرأيتُ أنْ قد آنَ الآوانُ لأنْ [ أدلو بدلو أبي نؤاس إياه ... ] وأكتب رأيي صريحاً للملآ وقد طفحَ الكيلُ وتجاوزَ المتأمركون الجُدُد حدود الأدب واللياقة الشخصية ولا أتكلمُ عن الوطنية التي جردّوا هم لا غيرهم أنفسهم منها بل وتبرأوا على رؤوس الإشهادِ منها . لا أجد في موقفهم هذا أية غرابةٍ إذ طالما دافعوا عن أمريكا وعولمتها ونظّروا للإحتلال وإقامة القواعد العسكرية على تربة العراق وأعرب البعضُ منهم علانيةً عن أسفه لفشل ممثل اليمين الأمريكي والمحافظين الجُدُد ( ماكين ) في إنتخابات الرئاسة الأمريكية ... أقول : لا من غرابةٍ في هجومهم على منتظر الزيدي وثرثرتهم الفجّة عن اللياقة الصحافية وأدب { إستقبال كبار ضيوف العراق } والإفتقار إلى الأساليب الحضارية لتعاطي مهنة الصحافة وما إلى ذلك من هرطقات وسفاسف يجيد إجترارها المأجورون والمندحرون والمنكفئون على قبيح وجوههم والمتطوعون والغارقون في جيفة مستنقع بوش وأضرابه من أساطين الإمبريالية الخارقة التوحش . قلتُ لا من غرابة في تسفيههم لما فعل الزيديُّ ودفاعهم المستميت عن بوُش لأنهم هم لا سواهم من دافع عن إتفاقية هذا (( البوْش أو البُشْ أي الفراغ بالعراقي )) المثيرة للجدل وروّج لها وطبّل وزمّرَ وتوعّدَ وهدّدَ العراقيين بعظائم الأمور والعواقب إنْ إمتنعَ العراقُ عن قبول هذه الإتفاقية لكأنَّ العراقَ وأهله مُلكٌ صِرفُ مسجّلٌ بالطابو لهم ولآبائهم الغُر الميامين !!

ثالثاً / مع بعض المواقع

هاجمني بوحشية نفرٌ ضالٌّ من أولاد الشوارع بل وأولاد الزناء ، وهم عصابة من عصابات المافيا ، بعد أنْ قرأوا واحدة من حوارياتي العديدة التي أعتمد في كتابتها على مزج وقائع حياتية مع شئ من الخيالات غير المستحيلة . وحين رددتُ على عصبة الكلاب الضالّة بالكلام الذي يستحقون والصيغ التي يفهمون إعتذرت بعض المواقع عن نشر ردي . لقد أعربت عن تحيّزها الصريح لجهة ضدَّ أخرى فخانت عَلَناً حياديتها وتنكّرت لما أعلنت من مبادئ وإدعاءات بالدفاع عن حقوق الإنسان وكفالة التعبير عن الرأي الآخر والردُّ كما يعلم الجميعُ هو حق مقدّسُ للدفاع عن النفس . وثمّة أمر آخر أكثر غرابةً : ثبّتَ أحد المواقع في أرشيفه المقالاتِ أو القئ الذي كتبت عصبة السوء بحقي لكنَّ هذا الموقع لم يثبّتْ ردودي عليها في أرشيفه !! ما تفسيرُ ذلك ؟ أهذا هو الحياد المزعوم ؟ أهذه بعض حقوق الإنسان وحرية التعبير والرد ؟ أين حق الدفاع المشروع عن النفس ؟ بل وأين شرف المهنة وموضوعية الإلتزام ؟ أمرٌ آخر أكثر غرابة : وجدتُ في المواقع الخاصة بنشر كتاباتي المنشورة (( كوكل / موقع عدنان الظاهر )) مقالين من مقالات هذه الزمرة الخبيثة فمَن تُرى سرّبَها وكيف تسرّبت هاتان المقالتان للموقع الخاص بي علماً أني لم أجد في كل هذه المواقع ردودي على سموم هؤلاء الضباع من أولاد الزناء!! ذلك سرٌّ أرجو إعانتي في فكِّ رموزه . مَن يحرّكُ هذه المواقع ومن يشرفُ على إدارتها وفي أية بقعة في العالم تُدارُ ؟ بلى ، نشرت ردودي مواقعُ أخرى مشكورةً كل الشكر فأنجزت مهمتها الشريفة ووفت بالوعود فيما يخص حقوق الإنسان بما فيها حق الرد المقابل والموازي وزناً ونوعاً والفاظاً لضمان التوازن بين الهجوم والدفاع إحقاقاً للعدل ورفع الحيف والظلم عمّن يقعان عليه من قبل هذه الفئة أو تلك.

رابعاً / غزّة وما أدراكَ ما غزّة !

طالب الرئيس الأمريكي المستر بوش أمس الفلسطينيين بالكف ((( عن العنف في غزّة ))) !!! يا للصفاقة وقلة الحياء بل ويا للغباء السياسي !!! أيها الناس : مَن أغار وقتل ودمّرَ وأحرقَ بيوتَ مَنْ ؟؟ مَن حشّد الدباباتِ والدروع على طول الحدود مع غزة ؟ مَن توعّدَ وأرغى وأزبد وهدد الفلسطينيين بالويلِ والثبور وعظائم الأمور ؟ مَن الذي عليه أنْ يكفَّ عن العنف والقتل والتدمير وحرب الإبادة الجماعية ، القاتل المجرم أم الضحية ؟؟

هل هذه شؤونٌ شخصية أم إنها أمورٌ عامة يدخلُ أغلبها في خانة السياسة الشديدة السخونة ؟ أتركُ تقدير الموقف وإتخاذ القرار للأصدقاء ولرؤساء تحرير المواقع من الأخوة الكرام !!

الثلاثاء، ديسمبر 30، 2008

منطق الاستعمار

نير روزن

الأخبار

تذبح إسرائيل شعباً سجيناً. والعالم يتفرّج عبر البثّ المباشر. يبرّر الإعلام الغربي ما يجري. وحتى بعض العرب يحاول مساواة صواريخ القسام بجبروت الآلة العسكرية الإسرائيلية. لكن لا أحد منا مفاجَأ. فالإسرائيليون يقومون منذ مدة بحملة علاقات عامة عالمية تمهيداً لعدوانهم، وقد حظوا بتعاون دول عربية مثل مصر. المجتمع الدولي مذنب ومتورط في المذبحة الأخيرة. من سينتقم للضحايا؟ من سيجبر الناس في الولايات المتحدة الأميركية، في لندن، في إسرائيل على الشعور بألم الفلسطينيين؟ من سيجبر دكتاتوريات مصر، الأردن، أو المملكة العربية السعودية على الشعور بألم الفلسطينيين، إخوانِهم العرب والمسلمين الذين تخلّوا عنهم، وأسوأ من ذلك خانوهم؟ يجب أن يدفع هؤلاء ثمن عدم اكتراثهم. حتى الآن، جرت تظاهرات ضخمة في كلّ من لبنان، اليمن، الأردن، مصر، سوريا، موريتانيا، المغرب والعراق. الناس في العالم العربي لن ينسوا. الفلسطينيون لن ينسوا. وسيذكرون دوماً كيف تحالفت حكوماتهم مع إسرائيل وأميركا في هذه الجريمة.
لقد قضيت معظم ولاية جورج بوش مراسلاً في العراق، أفغانستان، لبنان، الصومال ومناطق نزاعات أخرى. نُشرت مقالاتي في دوريات مهمة. أجريت مقابلات مع شبكات تلفزة مهمة، كما أنني شهدت أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. لكن سكان نيويورك الأغنياء الذين قرأوا مقالاتي وهم يتناولون فطورهم صباح يوم سبت، كانوا ينهون طعامهم ويرمون قصصي بعيداً وينتقلون إلى الترفيه التالي.
بدأت إدارة بوش ولايتها مع ذبح الفلسطينيين وتنتهي مع ارتكاب اسرائيل واحدة من أكبر المذابح في ستين عاماً من احتلالها للأراضي الفلسطينية. وانتهت آخر زيارة لبوش إلى البلد الذي اختار احتلاله، مع رمي شاب علماني شيعي متعلم حذاءه عليه، معبّراً عن مشاعر العالم العربي عدا دكتاتوريّيه الذين ربطوا أنفسهم بطريقة متهورة بنظام أميركي مكروه.
طلبت مني صحيفة أميركية ذات مرة، أن أسهم عبر مقال في نقاش عن إمكان تبرير الهجمات الإرهابية على المدنيين. كانت إجابتي أنّ صحيفة أميركية يجب ألا تسأل إذا كان ممكناً تبرير الاعتداءات على المدنيين. هذا سؤال للضعفاء، لأميركي من السكان الأصليين في الماضي، لفلسطيني وعراقي اليوم، ليسأله لنفسه. الإرهاب هو مصطلح معياري لا مفهوم وصفيّ. هو كلمة فارغة تعني كل شيء ولا شيء، وتستخدم لوصف ما يفعله الغير، لا ما نقوم به نحن. القوي، سواء كان إسرائيل، أميركا، روسيا أو الصين سيصف نضال ضحاياه دائماً بالإرهاب، لكن تدمير الشيشان، التطهير العرقي لفلسطين، الإبادة البطيئة لما بقي من فلسطينيين، الحرب المستمرة ضد المدنيين في جنوب لبنان، قصف الناتو لبلغراد، الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان، كل هذا لن يسمى إرهاباً، رغم أنّ المدنيين كانوا الهدف وإرهابهم كان الغرض. واليوم، يبدو مصطلح مكافحة التمرّد الرائج بين الإمبرياليّين، مجرّد تسمية أخرى لقمع نضالات التحرّر الوطني. الترهيب والتخويف أساسيّان في هذه العملية ككسب القلوب والعقول.
تتحدد المصطلحات المعيارية عبر علاقات القوة. يستطيع الطرف القوي تحديد ما هو الشرعي وغير الشرعي. يحاصر الطرف القوي الضعيف في ممنوعات قانونية تخدم في عملية منعه من المقاومة. مقاومة الضعيف هي غير شرعية تعريفاً. تخترع مفاهيم كالإرهاب وتستعمل معيارياً وكأنّ محكمة محايدة قد ابتدعتها، لا القامع نفسه. في الواقع، إنّ الاستخدام المكثف للشرعية يضعف الشرعية، ويقلل من صدقية المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة. ويصبح واضحاً أنّ القوي وهؤلاء الذين يصنعون القواعد، يصرّون على الشرعية فقط للحفاظ على علاقات القوة التي تخدمهم.
لا تُخلق كل القضايا متساوية، فلا يستطيع سكان الباسك أو كورسيكا اليوم تبرير الاعتداءات على الإسبان أو الفرنسيين كما يستطيع الفلسطينيون. الاعتداء على المدنيين هو أبسط وسيلة مقاومة عندما تواجه خلافات كبيرة واستئصالاً وشيكاً. تُسرق أرض فلسطين يوماً وراء الآخر، والفلسطينيون يتعرضون للاستئصال يوماً بعد الآخر. في النتيجة، هم يتصرفون بأية طريقة ممكنة للضغط على إسرائيل، ولا يمكن لومهم. تستخدم القوى الاستعمارية الأشخاص كأسلحة، وتدفعهم للمطالبة بأراضٍ وسلبها من السكان الأصليين، إن كانوا هنود شمال أميركا أو فلسطينيين في المكان الذي يعدّ اليوم إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. من الشرعي مهاجمة هؤلاء المدنيين السابقين الذين حوّلوا أنفسهم إلى أسلحة استراتيجية ليستوطنوا أراضيَ محتلة، إن كانوا المستعمرين الأميركيين أو المستوطنين اليهود. عندما يكتشف السكان الأصليون أنّ هناك عملية لا عودة عنها تدور في أراضيهم وتساندها قوة عظمى، يصبح كلّ شيء مبرراً. وبصرف النظر عن قضية الأميركيين الأصليين عندما كانت أميركا في طور الاستعمار، ما من قضية تبرّر الهجوم على المدنيين مثل معركة الفلسطيني من أجل وجوده.
منذ مدة غير بعيدة، قاد الشاب الفلسطيني قاسم المغربي ذو الـ 19 عاماً سيارته وسط مجموعة من الجنود على أحد التقاطعات. «الإرهابي»، كما سمته الصحيفة الإسرائيلية هآرتس، تعرض لإطلاق النار وقُتل، رغم أنّه، حتى كتابتي هذه السطور، لا تزال الشرطة الإسرائيلية غير متأكدة إذا كان ما حدث متعمداً أو هو مجرد حادث سيارة. في حادثين منفصلين في تموز الماضي، استخدم فلسطينيون من القدس سيارات للهجوم على إسرائيليين. المهاجمون لم يكونوا أعضاءً في منظمات. ورغم أنّ هؤلاء الرجال الفلسطينيين قتلوا، طالب مسؤولون إسرائيليون بتدمير منازلهم.
في حادث منفصل، كتبت هآرتس أنّ امرأة فلسطينية أصابت جندياً إسرائيلياً بالعمى عندما رمت الأسيد في وجهه. «اعتقلت قوات الأمن الإرهابية»، قالت الصحيفة. مواطنة تحت الاحتلال تهاجم جندياً محتلاً، وتكون هي الإرهابية؟ يسمح هذا الاحتلال للإسرائيليين بارتكاب المذابح، وقتل الفلسطينيين والإفلات من العقاب. وفي هذا الاحتلال يراقب الجنود الإسرائيليون النساء الفلسطينيات وهنّ يلدن على المعابر والحواجز، ورغم ذلك لا يسمحون لهن بالعبور للوصول إلى المستشفيات، فيسهمون في قتل الأطفال وأحياناً النساء.
قال الرئيس بوش عندما تحدث في الأمم المتحدة إنّه لا قضية يمكن أن تبرر قتل شخص بطريقة متعمدة. لكن الولايات المتحدة الأميركية قتلت آلاف المدنيين في غاراتها على أماكن مأهولة. عندما تسقط القنابل على مناطق مأهولة وأنت تعرف أنّه سيكون هناك أضرار مدنية «جانبية»، لكنك تقبل بذلك، يصبح القتل متعمّداً. عندما تُفرض عقوبات كما فعلت الولايات المتحدة على العراق إبان حكم صدام، ويؤدي ذلك إلى قتل مئات الآلاف، وتقول لاحقاً إنّ موتهم كان مجدياً، كما فعلت وزيرة الخارجية آنذاك مادلين أولبرايت، تكون عندها تقتل بطريقة متعمدة من أجل هدف سياسي. عندما تسعى لـ«الصدم والترعيب»، كما فعل الرئيس بوش عندما قصف العراق، تكون تشارك في الإرهاب.
كما صوّرت الأفلام الاميركية التقليدية الرجل الأبيض محاصراً من جانب الهنود المعتدين، وهو عكس الحقيقة، كذلك أصبح الفلسطينيون اليوم هم المعتدين لا الضحايا. طُرد 750000 فلسطيني بطريقة متعمّدة من منازلهم لإفساح المجال أمام المستوطنين الصهاينة، ودُمِّرت مئات القرى، واستولى المستوطنون على أراضي الفلسطينيين وأنكروا وجودهم وشنّوا حرباً تستمر منذ 60 عاماً ضد من بقي من السكان الأصليين وضد الحركات القومية التحررية التي أسسها الفلسطينيون حول العالم. كل يوم، يُسرق جزء جديد من فلسطين، ويقتل عدد أكبر من الفلسطينيين. ويصبح بالتالي كون المرء إسرائيلياً فعل استيلاء، وقتل، وخصوصاً عندما يكون هناك تجنيد إجباري للجميع لمساندة الاحتلال ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين. الفلسطينيون ليسوا ممنوعين من استعمال أي وسيلة ضرورية، لكنّهم ضعفاء. الضعفاء لديهم قوة أقل من الأقوياء، ويمكنهم إحداث ضرر أقل. لن يفجّر الفلسطينيون المقاهي لو كان لديهم دبابات وطائرات. في المنظور الحالي للأمور، تصبح تصرفاتهم مبررة، وخصوصاً أنّ ثمّة حدوداً واضحة لهم. فهم لا يستطيعون استخدام أسلحة نووية.
هناك حدود لهذا المنطق. كما هناك استحالة للحديث عن حجّة أخلاقية عالمية أو مبدأ كانطي يبرر أي فعل لمقاومة الاستعمار أو السيطرة التي تقوم بها قوة كبرى. هناك أسئلة أخرى أجد صعوبة في الإجابة عنها. هل يمكن التبرير لعراقيّ يهاجم الولايات المتحدة؟ فقد هوجمت بلاده بلا سبب، ودمرت، ما أدى إلى وجود ملايين اللاجئين، ومئات آلاف القتلى. وهذا كلّه بعد 12 عاماً من القصف والعقوبات التي قتلت الكثيرين ودمرت حياة عدد آخر. يمكنني أن أدّعي أنّ الأميركيين يستفيدون من الاستغلال الذي يقوم به بلدهم دون دفع الثمن وأنّه في عالم اليوم، الماكينة الإمبريالية ليست الجيش فقط، بل هي شبكة من الجيش والمدنيين. ويمكنني أيضاً أن أقول إنّ الأميركيين انتخبوا إدارة بوش مرتين وانتخبوا ممثلين لهم لم يفعلوا شيئاً لإيقاف الحرب، وأنّ الشعب الاميركي بنفسه لم يقم بشيء، ولم يهتم أصلاً، وربما يستحق أن يشعر ببعض الألم هو الآخر.
إسرائيل وحلفاؤها في الغرب وفي الأنظمة العربية مثل مصر، الأردن والمملكة العربية السعودية، نجحت في إفساد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، إذ أغروها بوعد السلطة على حساب حرية الشعب، لنكون هنا مع أول حركة تحرير تتعامل مع المحتل. الانتخابات الإسرائيلية قريبة، وكالعادة تترافق هذه الانتخابات مع حرب لدفع حظوظ المرشحين. إذ لا تستطيع أن تكون رئيس وزراء اسرائيل دون أن تتلوث يداك بما يكفي من الدم العربي. هدّد جنرال اسرائيلي أن يعيد غزة عقوداً إلى الوراء، كما هددوا سابقاً أن يعيدوا لبنان عقوداً إلى الوراء في 2006. وكأنّ خنق غزة ومنع إمدادات الطاقة، الطعام والكهرباء عن أهلها، لم يرجعها عقوداً إلى الوراء حتى الآن.
حكومة حماس المنتخبة ديموقراطياً استهدفت منذ اليوم الذي ربحت فيه الانتخابات في 2006. أخبر العالم الفلسطينيين أنّهم لا يستطيعون أن يحصلوا على الديموقراطية، وكأنّ الهدف كان دفعهم نحو تطرّف أكبر، وكأنّ هذا لن يكون له عواقب. تدّعي اسرائيل أنّها تستهدف قوات حماس المسلحة. هذا غير صحيح. إنّها تستهدف الشرطة الفلسطينية وتقتلها، ومن بينها رئيس الشرطة توفيق جابر وهو ضابط سابق في فتح بقي في منصبه بعدما تسلّمت حماس السلطة في غزة. ماذا سيحصل لمجتمع لا قوّات أمن فيه. ماذا يتوقّع الإسرائيليّون أن يحصل عندما تتسلم السلطة قوى متطرّفة أكثر من حماس؟ اسرائيل الصهيونية ليست مشروعاً قابلاً للحياة لفترة طويلة، وقد منع استملاك الأراضي وبناء المستوطنات الاسرائيليّة والحواجز تطبيق حلّ الدولتين منذ فترة طويلة. لا يمكن أن يكون هناك إلا دولة واحدة فقط في فلسطين التاريخية. في العقود المقبلة، سيجابه الإسرائيليون بخيارين. هل سينتقلون بسلام إلى مجتمع تسوده المساواة، ويتمتع فيه الفلسطينيون بالحقوق كما في جنوب أفريقيا بعد انتهاء الفصل العنصري؟ أم سيستمرون في رؤية الديموقراطية تهديداً؟ إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ أحد الشعبين سيجبر على الرحيل. لقد نجح الاستعمار عندما أبيد غالبية السكان الأصليين. لكن في أحيان عدة، كما في الجزائر إبان الاحتلال، كان المستوطنون هم الذين يهربون. وفي النهاية لن يقبل الفلسطينيون بالتسوية والسعي إلى دولة واحدة للشعبين. فهل يريدهم العالم أن يصبحوا راديكاليين أكثر؟
مثّل استمرار المشكلة الفلسطينية الدافع الأساسي لكل ناشط مناهض للولايات المتحدة داخل العالم العربي وخارجه. لكن إدارة بوش أضافت اليوم العراق وافغانستان كمآسٍ إضافية. لقد فقدت الولايات المتحدة نفوذها على الشعوب العربية، حتى لو كانت تستطيع ممارسة الضغط على الأنظمة العربية. اليوم لم يعد المصلحون والنخبة في العالم العربي يريدون أن يتعاطوا مع أميركا. ترحل إدارة أميركية فاشلة، ومعها كذبة الوعد بدولة فلسطينية، في الوقت الذي يموت فيه المزيد من الفلسطينيين. يأتي رئيس جديد إلى السلطة، لكنّ شعوب الشرق الأوسط أصبحت خبيرة في ادارات الولايات المتحدة، ممّا يمنعها من التأمّل بأي تغيير. لم يُبدِ الرئيس المنتخب باراك أوباما، ونائبه جو بايدن، ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، وجهات نظر حول الشرق الأوسط مختلفة عن الإدارات الأميركية السابقة. وفي الوقت الذي يتحضر فيه العالم للاحتفال بعام جديد، كم من الوقت سيمر حتى يشعر العالم بألم هؤلاء؟
* صحافي أميركي

(ترجمة ديما شريف)

الجيش المصري لا يحتاج الى شهادة في العروبة من الفرس

سعيد علم الدين

كشف خطاب نصر الله التحريضي على مصر الاحد 08.12.28، النقاب بوضوح عن طبيعة المؤامرة الفارسية الخطيرة التي تحاك ضد بلاد الكنانة شعبا وجيشا وقيادة، لتحريض جماهيرها وتوريطها وبأي شكل من الأشكال في النزاع الحالي في غزة، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وزعزعة امنها وضرب استقرارها والنيل من مكانتها، ومن ثم تحييدها عسكريا لمصلحة نظام الملالي، لكي تسيطر ايران على المنطقة العربية بسهولة، وتقتسم المغانم لاحقا مع أعداء اليوم وأصدقاء المستقبل أمريكا وإسرائيل.
وإلا فلماذا رفض خالد مشعل تمديد التهدئة، حيث قال في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" الفضائية بثت الثلاثاء 23 الجاري:
ان "التهدئة انتهت بانتهاء مدتها المتفق عليها".
أي انه يريد الحرب. أي أنه يبحث عن المتاعب. أي أنه يريد اللعب مع القطة الشرسة وعليه بالتالي دون صراخ تحمل خرمشاتها. ورافق كل ذلك من جانبه رفض محاولات مصر المتكررة جمع الشمل الفلسطيني، لا بل وقامت حماس بإطلاق الصواريخ العبثية يوميا على اسرائيل لاستفزازها واعطائها الذريعة تلو الأخرى لتنفيذ تهديداتها المتكررة على لسان مسؤوليها.
ربما اعتقد خالد مشعل شططا، والذي لا يفقه هو الآخر من أمره شيئا، أن في اسرائيل فراغ سياسي بسبب استقالة حكومة اولمرت. ولهذا فهي عاجزة عن اتخاذ قرارات خطيرة كقرار شن حرب، كما نرى اليوم. أي أنه اراد اقتناص الفرصة والمراهنة سياسيا بدماء الفلسطينيين الأبرياء.
ناسيا ان روح طفلة او طفل من غزة الجريحة المحاصرة يساوي الدنيا وما فيها!
ناسيا ان إسرائيل هي دولة مؤسسات فاعلة وليست دولة رؤساء فاشلة وملالي جاهلة.
وبما ان مصر لم تتحرك كما تشتهي المخططات الإيرانية، فما كان من نصرالله، الا ان صب عليها جام غضبه، نافثا سموم الفتنة بين ابنائها، وظهرت من خلال كلماته السامة:
أفعى المؤامرة الإيرانية السوداء كما عمامته السوداء على رأسة.
ولهذا فلو كان يعي من أمره شيئاً، لما وصلت به الوقاحة إلى هذه الدرجة من الوضوح في التعرض دون حق لمصر شعبا وجيشا وقيادة والدعوة الى الفتنة والفوضى والانقلاب على الشرعية فيها، كما فعل هو في لبنان تدميرا في كارثة تموز، وفتنة يوم 7 ايار المشؤوم باحتلاله بيروت العزلاء والتنكيل بأهلها الشرفاء، بأمر من سيده خامنئي.

حيث خاطب "ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية"، قائلاً إننا "نعرف أنهم ما زالوا على أصالتهم العربية وعداوتهم للصهاينة رغم مرور عشرات السنين على اتفاقية كامب ديفيد، وأنا لا أدعو لانقلاب في مصر، لكنني مع أن يأتي الضباط للقيادة المصرية ويقولوا لها إن شرف بزاتنا العسكرية والنجوم التي على أكتافنا تأبى أن نكون حرساً لحدود إسرائيل في ما يقتل الفلسطينيون في غزة".
مهلك يا حسن مهلك!
فالجيش المصري الباسل لا يحتاج الى شهادات في الوطنية والبسالة، ولا إلى شهادة فحص دم في العروبة من غلمان الفرس المطيعين أمثالك. الفخورين حتى علنا بكونهم أفرادا في ولاية الفقيه الظلامية، ذي النزعة العنصرية والمذهبية.
فقط قوات مصر المسلحة الأبية التي قدمت شلالات الدماء الزكية من أجل فلسطين والقضايا العربية، بكل طيبة خاطر ودون مزايدات كلامية كما تفعل ايران الفارسية، يحق لها توزع الشهادات في الوطنية والبسالة والعروبة.
والجيش المصري المقاتل لا يحتاج الى شهادات في القومية والأصالة، ولا إلى شهادة فحص دم في العروبة من حسن نصر الله الفخور بحلفه المشبوه مع نظام الطاغية ومخابراته المجرمة والملتهية باغتيال احرار ثورة الأرز، وارسال عصابة "فتح الاسلام" الى لبنان لذبح جنوده غدرا في المهاجع بدل الذهاب الى غزة، وقمع أحرار سوريا وزجهم في السجون، وتدريب الإرهابيين في سوريا وإرسالهم الى العراق وحتى البحرين.
قوات مصر المسلحة الأبية التي قدمت شلالات الدماء الزكية من أجل فلسطين والقضايا العربية، لم تقمع عربيا، ولم تحتل لبنان وتغتال أحراره وترهب شعبه بأبشع مخابرات عرفها الجنس البشري كما فعل حليفك بشار.
كان الأحرى بك يا نصر الله أن تخاطب "ضباط وجنود الجيش العربي السوري"، بالقول:
إننا "نعرف أنهم ما زالوا على أصالتهم العربية وعداوتهم للصهاينة رغم مرور عشرات السنين على عدم إطلاقهم طلقة واحدة على العدو الإسرائيلي، وأنا لا أدعو لانقلاب في سوريا، لكنني مع أن يأتي الضباط للقيادة السورية ويقولوا لها إن شرف بزاتنا العسكرية والنجوم التي على أكتافنا تأبى أن نكون حرساً لحدود جولاننا المحتل فيما يقتل اخواننا الفلسطينيون في غزة".
للتذكير فالجولان المحتل من قبل إسرائيل يعود الى سورية وليس الى مصر.
حتى أن نصرالله في صمته المطبق وعدم انتقاده للمفاوضات التي يجريها حليفه بشار مع العدو يعني أنه موافق عليها. أي انه يفاوض اسرائيل من خلال حليفه النظام السوري.
بدل ان يطلب نصرالله من المصريين، الذين لم يحرضوا حماس على رفض التهدئة وعرقلة السلام، التحرك عسكريا لدعم غزة، عليه أن يبدأ أولا بنفسه وبحلفائه من بشار الى نجاد.
كيف لا وهو الذي أعلن الحرب المفتوحة على إسرائيل بعد اغتيال مغنية!
شخصيا انا لم أقتنع باغتيال مغنية إلا بعد أن شاهدت بشار في باريس. وهل فك العزلة عن النظام السوري بالبلاش؟
أم أن الثمن الذي قبضه ساركوزي هو رأس مغنية؟
وهل في السياسة هدايا؟
ألم يحن أوان المفتوحة يا نصر الله؟ وخاصة في هذه الساعات لتخيف الضغط عن غزة المنكوبة؟
لبنان تعب وشبع حروبا وطائرات الميغ 29 لم تصل بعد.
المفتوحة يجب أن تنفتح على اسرائيل من جبهة الجولان عسكريا وليس كلاميا بقيادة جيوش المحور الإيراني السوري الجرارة. لقد شبعنا ممانعات مملة من الأسد وعنتريات فارغة من نجاد ومفتوحات مغلقة من نصر الله.
إذا كنتم صادقين يا جماعة المحور الإيراني السوري في تهديداتكم بإزالة اسرائيل ودعم أهل غزة المنكوبين فتفضلوا!
وإلا ففرجونا عرض أكتافكم، وكفى متاجرة بدماء أطفال فلسطين ولبنان بسبب جهلكم!
فالتهدد بالكلام الفارغ لن يؤثر على إسرائيل.
اليوم هو وقت المراجل والبطولات يا نصرالله وليس يوم 7 ايار، عندما هاجمت عصاباتك بيروت العزلاء واعتدت على الناس العزل في بيوتهم وممتلكاتهم واحرقت مؤسساتهم.
تحريض نصرالله انقلب عليه وبالا، ولم تنزل مئات الألوف في القاهرة بعد خطابه إلى الشارع كما كان يتوقع ويحلم. وهو الآن يشعر بالصدمة والإحباط في مكان ما سري من لبنان.
الذي حصل هو العكس حيث زادت ثقة الجماهير المصرية بحكمة قيادتها السياسية وهيبة جيشها العسكرية والتفت حولهما أكثر من السابق.
ولو لم يكن نصرالله مراهقا طائشا، ولا يعي من أمره شيئا، كما نعته وزير الخارجية المصري الأستاذ أبو الغيط لما قال بعد حرب تموز التي أشعلها خدمة لإيران ودمر بها لبنان وقتل وجرح الآلاف، "إنه لو علم أن عملية خطف جنديين إسرائيليين ستؤدي إلى جولة العنف التي استمرت 34 يوما "لما قمنا بها قطعا".
وهل يعي المراهق الطائش من أمره شيئاً؟
ومن نتائج النصر الإلهي أن نصرالله تحول من بطل الجماهير الحية إلى بطل خلف الشاشة الاكترونية!

هل ستشكل غزة نهاية بعض الانظمة

عدنان بكريه

اتمنى من كل قلبي بأن تكون احداث غزة الاخيرة نقطة انطلاق نحو تغير على مستوى انظمة الحكم في العالم العربي وايضا هنا داخل الكيان الفلسطيني .. فاذا كانت اسرائيل قد جربت كل اسلحة القتل والدمار ولم يعد امامها سلاحا لتجربه فانها ستكون مرغمة عاجلا ام آجلا على مفاوضة حركة حماس .. ففي السياسة ليس هناك مستحيل وليس هناك عدو او صديق .. في السياسة هناك ميزان للخسارة والربح .
غزة عودتنا على الانتصار العسكري فهي التي قاومت وتحملت الحصار وطوعته وهي قادرة على ترجمة مكاسبها الى حتى الى حصاد سياسي !
المثل يقول .. "لكل بداية نهاية" واعتقد ان بداية نهاية الاحتلال ماثلة امامنا وهو أي الاحتلال غير قادر على التمسك باحتلاله للارض والانسان .. غير قادر على الاحتفاظ بالارض والانسان والصخر والحجر .. انني ارى زوال الاحتلال عما قريب ، لكن المفارقة انني ارى

هل سيعود الرئيس عباس على متن دبابة اسرائيلية ؟

الرئيس عباس قد يعود الى غزة وعلى متن دبابة اسرائيلية .. فقد صرح اكثر من قائد اسرائيلي بان العملية تستهدف اعادة النصاب الى كان عليه قبل الانقلاب !
ان اكثر المستفيدين من تقويض حركة حماس والاجهاز عليها هي العناصر المتنفذة في حركة فتح وبالاساس الرئيس (محمود عباس) وبرغم تناقضي الفكري والايدلوجي مع حماس الا انني ارى بان فتح معنية اكثر من غيرها ومستفيدة اكثر من غيرها من هذا الوضع وهنا لا بد لنا ان نشير بالبيان للقائد الفلسطيني (فاروق القدومي ) والذي وعي عمق المؤامرة التي تحيط بالشعب الفلسطيني قبل اشهر .. وتم تحييده لأنه كان يدري عمق المؤامرة !
غزة تشكل اليوم منعطفا حادا في التاريخ العربي والفلسطيني فاذا كان السيد (حسن نصر الله قد شكل سابقة يحتذى بها في تاريخ العالم العربي بصموده الاسطوري والذي أذهل العالم وأحرج الحكام العرب فان شعب

غزة ستسجل اليوم سابقة لا تقل اهمية عما سجله سماحة السيد .. شعب غزة يسجل اليوم أسطورة البقاء ويرفع اجثام الشهداء لا حبا بالموت بل حبا بالشهادة .. فعندما تتساوى الحياة بالموت في نظر الإنسان فانه لا للحياة معنى !!
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى !!اخوتي القراء إنني أرى مخاض الدولة الفلسطينية .. انه الحلم القادم من ازقة غزة ومن شوارع غزة وانني على يقين على يقين تان بان الحملة العدوانية ستفشل .. نعم ستفشل

الدكتور عدنان بكرية – كاتب من عرب ال 48

عن مخازي النظام الرسمي العربي وسلطة الصليب الأحمر وصمود غزة

راسم عبيدات


مع أن الأمور ليست بحاجة إلى هذا الوضوح،فهي اتضحت بشكل جلي في حرب تموز/ 2006،تلك الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على حزب الله والمقاومة اللبنانية،حيث أن النظام الرسمي العرب وخصوصاً ما يسمى بالمعتدل منه وفر الغطاء وأعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لضرب حزب الله،ولكن في الحرب على غزة الأمور جاءت كاشفة وفاضحة لكل أطراف هذا النظام الرسمي العربي،بحيث لم يعد لا ورق توت أو أي شيء آخر يستر عورة هذا النظام،بل وصل الأمر حد التباهي والمفاخرة بالتواطؤ والخيانة والتأمر ليس على حماس،بل وعلى الشعب الفلسطيني،ونحن لم نكن بحاجة إلى خطاب سماحة الشيخ حسن نصرالله لكي يوضح ويضع النقاط على الحروف بشأن حجم تآمر النظام الرسمي العربي ومشاركته في العدوان على الشعب الفلسطيني وبالتحديد النظام المصري،فوزيرة خارجية الاحتلال الصهيوني"تسفي ليفني" أعلنت من قلب القاهرة أنها ستسحق حماس والمقاومة،وبحضور وسماع أركان النظام المصري وعلى رأسهم أبو الغيظ، ولاحقاً عرت ووضحت القيادات الإسرائيلية هذه الأنظمة،عندما قالت بأنه تم إبلاغ العديد من العواصم العربية بالضربة العسكرية على غزة،بل وذهبت الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير،عندما قالت إسرائيل على لسان قادتها بأن حجم التأييد من النظام الرسمي العربي للضربة العسكرية على غزة فاق كثيراً ذلك الحجم من التأييد في الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان في تموز/ 2006 ،والوضوح الشديد لهذا التخاذل والتآمر والمشاركة تجلت في التصريحات والمؤتمرات الصحفية التي عقدها القادة الرسميون لتلك الأنظمة،والتي كانت تحاول أن تحمل الضحية مسؤولية ما جرى وتبرأ الجلاد،وهي تدرك تماماً أن التهدئة التي قبلت بها المقاومة الفلسطينية في غزة، لم تحترم ولم تفي إسرائيل بالتزاماتها وكانت تخرقها بشكل شبه يومي،وشعرت الفصائل والجماهير الفلسطينية في القطاع أن تلك التهدئة يراد لها أن تقيد البندقية والنضال والمقاومة الفلسطينية،وأن تختزل القضية الفلسطينية إلى قضية غذاء ومساعدات إنسانية وليس قضية وطن وشعب واحتلال،ناهيك عن أن التهدئة لم تحقق لا فتحاً للمعابر ولا رفعاً للحصار ومخازي النظام الرسمي العربي وتآمره واضحة من خلال تعطيل أي جهد عربي جماعي من شأنه الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ووقف الحرب الهمجية على غزة من خلال تأجيل عقد مؤتمر وزراء الخارجية العرب حتى الأربعاء 31/12/2008 ،وتعطيل عقد القمة العربية،رغم أننا لا نعول كثيراً على هذه القمم والاجتماعات،ناهيك عن عدم فتح النظام المصري لمعبر رفح لنقل المساعدات الإنسانية والأغذية والأدوية للقطاع،والعمل على فتحه لنقل الجثث.

وفي المقابل وفي الوقت الذي يجب أن تتوحد فيه كل القوى الفلسطينية من أجل وقف العدوان على غزة والترفع عن كل أشكال وأنواع المناكفات وتحميل المسؤوليات،وجدنا أن هناك البعض ومن قمة هرم السلطة الفلسطينية،أراد أن يستثمر سياسياً في دماء شعبنا،وبدأ يكيل الاتهامات لحماس بالمشاركة في هذه الجريمة من خلال "أفعالها الطائشة"،والبعض يثير مسألة المعتقلين في سجن السرايا والذين هم من المعتقلين الجنائيين على أنهم من معتقلي فتح،وهو يدرك عدم دقة هذا الكلام وأن حل هذه القضية يتأتى فقط من خلال تحريم الاعتقال السياسي وتبيض سجون الضفة وغزة من المعتقلين السياسيين،والبعض الآخر لم يتصرف لا وفق مسؤولياته ولا موقعه ،وكان يتحدث وكأن لا علاقة له بما يجري ويدور في القطاع،ويكتفي بالقول تحدثنا واتصلنا مع الأخوة في حماس في القطاع وحذرناهم من عدم تمديد التهدئة،وفي ذروة ما تقوم به إسرائيل من هجوم بربري ووحشي على القطاع يأتي رد السلطة الفلسطينية باهتاً ،وليبلغ ذروته بتعليق المفاوضات مع إسرائيل،هذه المفاوضات العبثية التي لم تنتج شيئاً لمصلحة الشعب الفلسطيني طوال خمسة عشر عاماً،سوى المزيد من الضعف والشرذمة والانقسام والتشريع لإجراءات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي من تهويد وأسرلة واستيطان،وكان هذا الطرف بعد كل ما ارتكب من مجازر بحق شعبنا الفلسطيني،يريد العودة بنا إلى دائرة تلك المفاوضات العبثية والضارة.

وباختصار حولت السلطة دورها وموقفها إلى دور سلطة صليب أحمر وذلك لكي يجري امتصاص النقمة والغضب الشعبي عليها وعلى أنظمة الاعتدال العربي المنهارة بالتنسيق مع الإسرائيليين وأطراف النظام الرسمي العربي لإدخال شحنة غذاء أو دواء وغيرها.

ورغم كل الذي يجري من تآمر عربي رسمي وخذلان داخلي ،فإن هول وبشاعة المجزرة يجب أن توحد الدم الفلسطيني وكل ألوان الطيف السياسي،وصمود غزة وقوى المقاومة فيها،يؤسس عليه من أجل توسيع وتعميم نهج وخيار المقاومة في الوطن العربي عموماً، والهجوم الوحشي على غزة يجب أن يضع الجميع أمام مسؤولياته،وفي اللحظة الراهنة يجب أن يكون شعار الجميع وقف العدوان ورفع الحصار،والشروع في الحوار الوطني بدون أية شروط وعلى قاعدة وأساس وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني،ووقف كل أشكال التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني وتحريم الاعتقال السياسي وتبيض السجون الفلسطينية من كل المعتقلين السياسيين،وهذه اللحظات الحاسمة والتاريخية بحاجة إلى مواقف جريئة وشجاعة،وإذا كل شلال الدم النازف في القطاع،لم يوحدنا ولم يجعلنا نرتقي إلى مستوى المجزرة،فهذا معناه أن الحالة الفلسطينية تسير نحو المزيد من الضعف والتفكك والانقسام والفوضى الداخلية ،والتي سيدفع ثمنها الكل الفلسطيني،وليس فصيل دون آخر،ومن يعتقد أن كسر شوكة المقاومة في غزة،سيمهد أو يفتح الطريق نحو استعادة الوحدة الجغرافية للوطن، ويعبد الطريق نحو مفاوضات تقود الى تحقيق حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال فهو واهم،فهذا النهج جربناه وخبرناه جيداً ولم يحقق أي شيء لا على صعيد الحقوق أو حتى القضايا المعيشية والإنسانية والحياتية،والعدو الإسرائيلي بمختلف ألوان طيفه السياسي غير جاهز أو مستعد لتقديم تنازلات تلبي حتى الحدود الدنيا لحقوق شعبنا المشروعة،ونحن تعلمنا جيداً أنه عند كل عدوان على بلد عربي تقدم أمريكا هذه الجزرة للعرب،لكي يدعموا عدوانها وأهدافها،وبعد تحقيق أهداف العدوان تتبخر وتذهب هذه الوعود أدراج الرياح،وما حصل في العدوان على العراق يجب أن ينقش عميقاً في الذاكرة العربية،وليتعظ منه من لا يريد أن يتعظ،فكسر غزة ومقاومتها كسراَ وضياعاً لحقوق شعبنا الفلسطيني،ومزيداً من الضعف والانقسام الداخلي.

الاثنين، ديسمبر 29، 2008

أهمية التحالف وشروطه

د. حبيب بولس

أعرف أنّ الوقت يداهمنا، وأنّ التحضيرات لانتخابات الكنيست في أوجها، ولكن عملا بالمثل الإنجليزي القائل: "متأخّر أفضل من لا شيء"، ورغم التأخر، ارتأيت أن أكتب اليوم في موضوع الانتخابات الشائك، مدفوعًا بأمرين، الأول، ما تنشره صحيفة "الاتحاد" تباعًا في المدّة الأخيرة، من نداءات متكرّرة صادرة عن الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، مفادها أنّ الباب مفتوح أمام الجميع للتحالفات، ولخوض الانتخابات سويّة، حرصًا على توحيد الصف والكلمة. والثاني، ما كتبه عدد من الأخوة والأصدقاء من العقلانيين والحريصين على المصلحة العامة، أعني مصلحة الأقلية العربية في البلاد، حول التحالفات.
أنا بدوري أضم صوتي لتلك الأصوات التي تنادي بالتحالف، وأقول: فعلا، لقد حان الوقت لمثل هذه التحالفات، خاصة اليوم وفي ظل ما يجري اسرائيليًّا وعالميًّا، وذلك لأسباب عدة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:
ما نشهده اليوم من هجمة شرسة، لا بل هي الأشرس في تاريخ الدولة، من الأحزاب الصهيونية على تشظّياتها، على الأقلية العربية، هذه الهجمة التي توجّتها تصريحات تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية، وكذلك نعيب البوم العنصري الوقح أفيغدور ليبرمان، وغيرهما، التي تدعو إلى ترحيلنا عن وطننا وفي أحسن الحالات إلى تهميشنا. هذه التفوهات الوقحة، تلح على ما ذكرته سابقًا، وتدعو إليه- أعني التحالف. هذا بالإضافة إلى الانفلات العنصري الذي يستشري هذه الأيام، والاعتداءات المتكررة على مقدّساتنا، وتضييق الخناق على أهلنا في الخليل وسائر أماكن تواجد شعبنا، وحصار غزة وتجويع مواطنيها، والمخاتلة والمراوغة في المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، التي تشي بعدم مصداقية الطرف الإسرائيلي، وبتكريس الوضع القائم. أضف إلى ذلك الوضع الاقتصادي الخطير عالميًّا وإسرائيليًّا، الذي يدفع بقوّة نحو البطالة، ويدعو إلى القلق والخوف على لقمة العيش للكثير من عمالنا وموظّفينا وأصحاب المصالح الصغيرة، وهم الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا، وهم أول من سيدفع ثمن هذا الوضع، فهم دائمًا مستهدفون لأنّهم الحلقة الأضعف في سوق العمل الإسرائيلي في المفهوم العنصري.
وكذلك ما شاهدناه قبل شهر تقريبًا، في انتخابات السلطات المحلية العربية، من تشرذم وافتئات وتمزيق للحمة والنسيج، والتقوقع العائلي والطائفي وتقزيم دور الأحزاب السياسية الفاعلة والمهتدية بأيديولوجيات وثوابت وقناعات معيّنة على تنوعها. هذا الأمر كفيل بأن يدعو هو الآخر إلى القلق، كما أنّه كفيل بأن يجعل كل صاحب ضمير ومحب للمصلحة، أن يمسك رأسه ويفكّر بهدوء ورويّة في مستقبل شعبنا. ذلك لأن الافتئات والتشرذم العائلي والطائفي لا يمكن أن يفيدانا في حل قضايانا- وهي كثيرة- بل يزيدانها حدّة واشتعالا وتفاقمًا، ويضرّان بكل الإنجازات التي حقّقناها بنضالنا الجماعي وبدمع العين وبعرق الجبين على مرّ السنين.
إنّ التمزق المذكور آنفًا يظهرنا أمام الآخر كشعب ضعيف سهل الكسر وسهل الاختراق، ونحن للحقيقة لدينا قضايا عالقة كثيرة تحتاج إلى حلول، لكن طالما نحن ممزّقون متشرذمون، كل يغنّي على ليلاه، وبطريقته الفردانية الخاصة لا يمكن أن نصل إلى حلول لها مرضية. وكي نثبت أنّنا شعب قوي واع لا يمكن اختراقه، ولا يمكن للسلطة مهما تحايلت أن تلهيه عن قضاياه الرئيسية وعن احتياجاته وحقوقه، كما أنّه إذا أردنا أن نفرض احترامنا على السلطة وإرغامها على التعامل معنا كشعب لا كطوائف وحمائل وفئات ومجموعات، لا مفر لنا من التحالف سويًّا، ومن التلاحم والوقوف صفًّا واحدًا أمام كل الهجمات والانفلات العنصري وهضم الحقوق.
أقول هذا الكلام وأنا على علم ودراية من أنّه كلام محفوف بالكثير من المشاكل، ولكنّني على ثقة من أنّنا بوعينا وبحرصنا على المصلحة العامة قادرون على نبذ الخلافات التي بيننا، فهي تتقزّم أمام الحاصل الآني وأمام ما ينتظرنا مستقبلا، فما يجمعنا على الساحة المحلية هنا أكثر بكثير مما يفرّقنا. إنّ خلافاتنا التي جرّت معها إساءات كثيرة وتراشقات كلامية، سواء ما حدث منها في الجامعات أثناء انتخابات لجان الطلاب، أو في انتخابات السلطات المحلية ومجالس العمال، ولا أريد أن أدخل هنا في تفاصيل هذه الخلافات ولا أن أتّهم، لأنّ ذلك يحرفنا عن الهدف، هي برأيي خلافات مظهرية تقوم على نزق، وعلى احتقان مرحلي، لذلك مصير صوتها أن يخفت ومصيرها أن تزول، إذا ما عرفنا كيف نلمّ شعثنا ونرصّ صفوفنا.
المرحلة اليوم تستدعي نبذ الخلافات وتتطلب الألفة والتقارب وتقريب وجهات النظر. المرحلة تستدعي البحث عمّا يؤلّف ويجمّع لا عمّا يشتت ويفرّق. من هنا أدعو جميع المسؤولين في أحزابنا السياسية الفاعلة أن فتّشوا عن القواسم المشتركة التي تجمعنا وابتعدوا عمّا يمزّقنا وقد قالوا قديمًا، وكم صدقوا: "إذا الرعاة اختلفوا، تجرأ الذئب"، والذئب على الأبواب ينتظر وقد كشّر عن أنيابه، فلنلقمه حجرًا يهشّم هذه الأنياب. ولكنّ هذا الحجر لا يمكن له أن ينطلق ويصيب الهدف إلا إذا كنّا متحالفين موحّدين، نقف صفًّا واحدًا، لندفع كل شر عن شعبنا، ولنجهض كل المخططات والمؤامرات العلنية والسرية التي تحاك ضدّنا. وأنتم أيها المسؤولون تعرفون كيف تعملون سويًّا، فمواقف مشرّفة كثيرة تشهد لكم على ذلك في الماضي، اتخذتموها سويًّا وقطفنا معكم بواسطتها الثمار.
شعبنا اليوم لكثرة ما عانى، ولفرط ما قاسى منذ النكبة حتى اليوم، ما عاد يحتمل الخلافات ولا عاد يطيق التشرذم والتقوقع، شعبنا اليوم لكثرة ما تعمّد في التجارب، ما عاد يرضى بالفرقة، بل صار يطمح- وهو مطلب الساعة- إلى التحالف والتوحد، وصار يتشهى لحظة نصر، لحظة فرح، تتمتّع بها كل أطيافه- ولا أعتقد أنّ أيّ طرف أو حزب لا يريد له ذلك.
إنّ تحالفنا ينتشلنا من ضائقات كثيرة، أهمّها قضيّة رفع نسبة الحسم، إذ أنّ أخشى ما أخشاه، أن يؤدّي رفعها إلى بعثرة أصواتنا، وإلى ضياع الكثير منها إذا لك تنجح إحدى قوائمنا في الوصول إلى نسبة الحسم المقررة، وهذا ممكن الحدوث إذا ظللنا مبعثرين. إنّ ضياع الأصوات وحرقها سيكون ضربة موجعة سنندم عليها لاحقًا، حين لا ينفع ندم. تحالفنا سيؤدي حتمًا إلى نجاح كبير وإلى زيادة تمثيلنا في الكنيست، وإلى إنقاذ أصواتنا، وربّما سيؤدي إلى أن نكون إحدى القوى الكبيرة الأساسية، وعندها سيزداد تأثيرنا في توجيه سياسة الدولة وفي فرض مطالبنا وتحقيق حقوقنا وحل مشاكلنا. تحالفنا سيكون إنجازًا كبيرًا معه نقطف ثمار النصر، وعندها سينعكس هذا النجاح، إذا عرفنا كيف نتدبّره ونديره، على كل مؤسساتنا، كما سينعكس على إخواننا في الضفة والقطاع وسيشكّل لهم نموذجًا لرأب الصدع وإعادة اللحمة، هذا بالإضافة إلى أنّنا إذا خضنا الانتخابات متحالفين، سنفوّت الفرصة على أحزاب صهيونية كثيرة تطمع بالصوت العربي، فتحالفنا سيجعل صاحب ذاك الصوت بخجل من نفسه لأنه سينبذ من الجميع.
ولكن ونحن نتحدّث عن التحالف، يجب أن نكون حذرين، ذلك لأن للتحالفات ضريبتها وشروطها، وهي مكلفة تتطلب التضحيات. وشروط التحالف الأساسية وأرضيتها الثابتة الراسخة في نظري يجب أن تنطلق من ثوابت أساسية ثلاثة، أوّلها العلمانية، فنحن شعب يسعى إلى الدمقراطية والانفتاح والتقدم العلمي والثقافي والتقني والاجتماعي والحضاري، لا إلى الانغلاق والعمى.
وثانيها، المشاركة العربية اليهودية، لأنّنا نعي تمامًا استحالة نجاحنا في تحقيق ما نطمح إليه دون مشاركة إخواننا من الطرف اليهودي. وحين أقول المشاركة العربية اليهودية، أقصد تلك القوى اليهودية اليسارية المنفتحة الثورية التي وقفت إلى جانبنا وناضلت معنا ودفعت الثمن. نحن نحترم كل الشعوب، ونعي تمامًا أنّنا نعيش في دولة مشتركة القومية، الأمر الذي يحتّم علينا التفتيش عن الأصوات الداعية إلى العيش الكريم المشترك، وهي كثيرة اليوم. ونظرة إلى ما حصل في تل أبيب في انتخابات البلدية، وإلى نسبة الأصوات التي حصل عليها مرشح الرئاسة دوف حنين هناك، تشي بما أقول.
وثالثها، لنكن صادقين مع أنفسنا وصريحين، التحالف له ضريبة، وهي لا تعني لعبة اقتسام المقاعد، بل تعني أن نفتّش عن طريق الملك، وأن نفكّر بالربح الجماعي والمصلحة العامة، لا الفردية. فقضية التمثيل في قائمة مشتركة يجب أن تنبع عن موضوعية وعن حسابات عقلانية لا عن أنانية.
هذه الشروط، إذا ما اتفقنا عليها، تصبح العملية سهلة وقابلة للتنفيذ، ولنتمثّل بتجربتنا الرائعة التي حصلت في انتخابات بلدية نتسيرت عليت، حيث خضنا هناك المعركة الانتخابية هذه السنة في قائمة عربيّة مشتركة، جمّعت قوانا وقطفنا معها مقعدين وكدنا نحصل على الثالث لولا تقاعس البعض. جاء هذا الفوز بعد أن كنّا مفرّقين لا تمثيل لنا في الدورة السابقة. إنّنا نتوق اليوم إلى مثل هذا التحالف.
شعبنا يستحق منا التضحية، ومصالحه تتطلب التحالف، لأنّه بالتحالف فقط نمنع حرق الأصوات وتمزيق قوّتنا، ونحن قادرون على ذلك، إذا ابتعدنا قليلا عن أنانيّتنا. وحين أقول التحالف لا أعني فك الأحزاب القائمة وانصهارها في حزب واحد، فالتعددية في مجتمع دمقراطي علماني كالذي نسعى إليه، إيجابيّة، وإنّما أعني قائمة عربية يهودية علمانيّة مشتركة، تجعلنا قوّة كبيرة في الكنيست، قوّة ذات شأن وخطورة تفرض على السلطة التعامل معنا باحترام، وليحافظ كل حزب على ثوابته وقناعاته الأساسية، فهذا لا يضيرنا.
لتكن صرختنا اليوم التحالف. ليكن مطلبنا من الأحزاب الاتفاق والوفاق واليد الواحدة لنزيل عن جسد شعبنا ركامًا من الأورام جمّعتها فرقتنا، وأكوامًا من المعاناة وهضم الحقوق فرضتها علينا السلطة.
ما من شيء يرد علينا كرامتنا وهيبتنا، ويرتق ما تفتّق من خيوط عباءتنا ويحقق مطالبنا، ويزيد احترام الآخرين لنا، ويجعلنا نشعر بقوّتنا وبوجودنا، الثابت الراسخ على أرض وطننا، سوى هذا التحالف، فهلمّوا إذًا نسعى إليه ونحقّقه، فنحن قادرون، وللجميع متّسع على هذه الأرض.
د. حبيب بولس – ناقد أدبي ، محاضر في مادة الأدب العربي في الكلية العربية للتربية في حيفا وكلية اورانيم الأكاديمية
drhbolus@yahoo.com


الانتفاضة الثالثة قد تبدأ من غزة


زهير الخويلدي

" إن ناسا حين جهلوا الأسباب والمعاني وقصروا في الخلقة عن تأمل الصواب والحكمة فيها خرجوا إلى الجحود والتكذيب"

عمرو ابن بحر الجاحظ – الدلائل والاعتبار على الخلق والتدبير

عندما تكون الإبادة الجماعية والتصفية الدموية والقتل المؤسس هي لغة الحوار التي يتكلم بها الكيان الصهيوني في غزة والإجراءات التكتيكية التي يتبعها لتركيع أصحاب الحقوق الشرعية وعندما يصل الحقد إلى أعلى درجاته اللانسانية فان الكرامة الإنسانية هي التي تتداس لأتفه الأسباب وتزهق الأرواح لمجرد الانتماء إلى الزمان والمكان والولاء لمن حمل هم القضية وأطعم الفم وحاول تفريج الكرب.

حجم المحرقة كان كبيرا والدماء التي روت الأرض كانت وارفة والأهل هناك أخذوا على حين غرة وفي واضح النهار وعلى مرأى ومسمع العالم وبمبارك عربية وفلسطينية وبعد حصار طويل وقطع خطوط الإمداد وتفجير الأنفاق ومنع السفن الإنسانية من كسر الحصار والاقتراب من موانئ غزة.

هناك جريمة حقيقية يرتكبها جيش نازي جديد بعقلية سادية تتلذذ بتعذيب الآخرين وتتاجر بالآلام وهناك صمت نظامي رسمي عربي وحالة من العجز والسلوك النعائمي النعائجي لبعض الهيئات الفاقدة لكل عزة عسكرية عندنا وعويل ونحيب وصياح إلى حد الاختناق في الشارع العربي لا يجدي ولا ينفع وهتاف من أعماق الوجدان بموت الامبريالية وربيبتها الصهيونية وكل من تحالف معها من الأنظمة العربية الرجعية وهناك مواقف بربرية غير حضارية تصدر من زعماء دول غربية وبعض الأقلام المأجورة في بعض المجلات المتصهينة والمواقع الالكترونية الممولة من طرف أجهزة المخابرات المعادية للعروبة والإسلام ولكل منزع وطني وأممي شريف.

أسباب العدوان عديدة أهمها حقيقة النوايا الصهيونية التوسعية تجاه القطاع ورؤيتهم الإستراتيجية العدمية حول مصير السكان العرب في المنطقة وتبنيهم العقائدي لعقيدة الحل العسكري لسوء المفاهمات مع الأغيار، أما السبب الذاتي فهو تخلي العرب والمسلمين عن تبني القضية الفلسطينية كقضية مركزية واستمرار الانقسام الفلسطيني ومناشدة الفريق المنبطح والاستسلامي إسرائيل للتدخل وإضعاف الفريق المتصلب حسب رأيهم من أجل استكمال ما بدأوه في مدريد وأسلو من تنازلات وإغلاق الملف نهائيا.

الغريب أن هذه الأقلام تحمل حماس وتحرض عليها وتدعو إلى إلغائها من الوجود بكل الطرق ومهما كانت الخسائر البشرية وتسند إلى بعض حركات التحرر الوطني والهيئات المدنية المقاومة مسؤولية التطهير العرقي الذي تقوم به عصابات الهاجانا الجديدة في القرن الواحدة والعشرين وبذلك تحتفل هذه العصابات بطريقة بذكرى الستين للنكبة وبداية مسلسل اغتصاب فلسطين وقيام كيان وهمي عبر أكوام أشلاء الجثث وأنهر من الدماء الطاهرة.

ردود الأفعال تراوحت بين مطالبة المتظاهرين العرب بإيقاف العدوان والدعوة إلى انعقاد قمة العربية طارئة وتقديم المساعدات العاجلة لعائلات الضحايا والمنكوبين الفلسطينيين وبين مطالبة الشارع الإيراني بالرد المدوي على العدوان وتحميل القادة الإيرانيين بعض الأنظمة العربية المعدلة بالاتفاق مع جيش العدو على تصفية المقاومة في غزة والتهديد بشن الحرب على الكيان الغاصب ورجم مدنه ومنشئاته العسكرية بالصواريخ الإيرانية طويلة المدى.

لقد تبين بالكاشف بعد الهجمة الشرسة على عزة الصامدة من هم أنصار الحقوق العادلة والقيم الإنسانية ومن هم الذين يروجون السلام الكاذب ويشنون الحروب الدموية المروعة وارتسم في الأفق برزخ فاصل بين الإرهاب المتطرف في أرقى أشكاله العنجهية الذي تمارسه إسرائيل والمقاومة الشريفة في أرقى أشكالها الشرعية التي يلجئ إليها الفلسطينيين.

مهما تكن نتيجة العدوان الغاشم الذي تقوم به الطغمة العسكرية الصهيونية على شعبنا العربي المسلم الأبي في غزة ومهما يقدم الفلسطينيون من شهداء بررة ومهما كانت الخسائر في البنية التحتية المادية وحجم الدمار والتخريب ومهما يتواصل الصمت الرسمي العربي وتتأجل اللقاءات المشتركة وتتعطل المساعدات وتقبر القرارات الجريئة والشجاعة من قبل المنتظم الدولي تجاه القضية الفلسطينية بفعل الفيتو الأمريكي المرفوع فان عزة ستخرج لامشاحة من الكماشة ولو كان مخاض الخروج دمويا وصعبا ومتأخرا وان شعبية حماس ستتضاعف وأرصدة مشروع المقاومة والاستثبات سترتفع وخط الانبطاح والتطبيع سيتلاشى والمشروع الصهيوني ستدور علية الدوائر والانتفاضة الثالثة ستنطلق من جديد لتشرق معارج القدس من غزة الشاهدة على جبن الإنسانية وعارها والشهيدة من أجل العدل والحق.

إن المقاومة الباسلة في غزة ستزرع الأشواك أمام الأجندة الامبريالية وستكشف عن الخلفية الاستعمارية في قولة هيجل المعترفة بأن :" الشخص القوي لابد أن يطأ بقدميه على أزهار مجهولة كثيرة وأن يدمر أزهارا كثيرة في طريقه"، أليس من المفارقة الجمع بين منطق القوة الفيزيائي ومنطق الشخص الأخلاقي؟ ثم هل من المشروع أن تبني دولة ما مجدها بأساليب التدمير والدوس بالأقدام على الآخرين؟ بعبارة أدق ألا ينبغي العرب والمسلمين أكثر من أي وقت مضى أن يتأملوا الصواب والحكمة ويعرفوا الأسباب والمعاني حتى يكفوا عن الضياع في العالم ويخرجوا من حالة الجحود إلى الشهود ومن تكذيب الصادقين إلى تفنيد المتربصين؟

كاتب فلسفي

تعقيبا على مقال: غزة تدفع بالدم

سعيد علم الدين

تعليقا على المقال الأخير بعنوان"غزة تدفع بالدم ثمن الممانعات السورية والمزايدات الإيرانية"، وصلني من احد القراء التساؤل التالي:
بعد ان تنازلت الشرعيه الفلسطينيه للحكومات الاسرائيليه المتعاقبه تقريبا في كل شيء، كانت الحكومات الاسرائيليه ترد على هذا المعروف ببناء المستوطنات وبناء الجدار العازل الديموقراطي وهدم المنازل وقتل الاطفال وحفر الانفاق تحت الاقصى وتضييق مساحة الدوله الفلسطينيه وحصار غزه، وماذا بعد ؟
سؤال وجيه، وجوابي سيكون على طريقتي وهو:
نحن أمة أحزان وحمل أكفان وتراكم مآسٍ وهموم، وأنا واحد من هذه الأمة حزين ومأزوم، لما يحدث من كوارث نصنعها بأيدينا على وجه العموم، في فلسطين والعراق والسودان والجزائر والصومال ووطني لبنان المظلوم.
حتى أنني أستطيع القول أننا أمة تجلس على فوهة بركان محموم،
أخرج لنا من أحشائه ومنذ منتصف القرن الماضي سلة مليئة من ثمار شجر الزقوم:
حروبا فاشلة، وهزائم متتالية، وثورات فوضوية مشتعلة، وتراجع على كل الأصعدة: هجرة، بطالة، فقر، حرمان، وعجز في حل أي مشكلة، حكام غَفَلَة، وشعوب على الغيوم متكلة، وبسرعة منفعلة، وعن الحقائق غافلة أو من القادة كنصرالله وخالد مشعل وبشار الاسد مغفلة، او من خامنئي ونجاد مخدرة.
وزاد الطينُ بلة، إرهابٌ ظلامي عفنٌ متطرفٌ بأفكارٍ منحرفة باطلة.
الفترة التي أشرت إليها أدت، ولأنها بكل المعاني فاشلة، إلى نكبات مريرة ومآس مستفحلة، وتضحيات عظيمة وبلاء، وآلام أصبح من الصعب وصفها حتى في مخيلات الشعراء، لأنها فاقت كل الأوصاف، وصارت وجباتنا اليومية الثلاث من الفطور حتى العشاء.
ولكن يجب أن نعرف أيضا بأن للأخطاء أثمان.
ومن لا يتعلم من الخطأ سيقع به ثانية.
ومن يعتقد بأنه يملك الحقيقة، كالشمولي، فلا عجب أن تصفعه على وجهه وتدميه أو تحت الأقدام ترميه، إذا لم تكن كذلك!
الصراع العربي الإسرائيلي ليس ابن اليوم وعمره أكثر من 80 سنة،
الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات والحالي محمود عباس أول من ناضلا وأشعلا الثورة عام 65 وحملا البندقية مع باقي رفاقهم لتحرير فلسطين. والشعوب العربية ساندتهم وبكل قوة! وبالأخص الشعب اللبناني!
بعد صراع دام مع إسرائيل كلفت حروبا وفتنا وخرابا في الأردن ولبنان، ومئات الآلاف من الضحايا العرب توصلت القيادة الفلسطينية بعد التجارب المريرة إلى قناعات واقعية بالعجز العربي وعدمية حسم الصراع مع العدو عسكريا.
وشاهدنا القائدين الفلسطينيين يصافحان الزعمين الإسرائيليين رابين وبيريز. العالم كله نهض يصفق ولم يصدق.
أيضا صفق لهم القسم الأعظم من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
في فلسطين استُقبل عرفات لاحقا استقبال الفاتحين وفرح الشعب بعودته وفرحنا معه وانتخبه بإرادته ديمقراطيا وبشهادة العدو.
وفي إسرائيل نهضت حركة "السلام الآن" لتهز المجتمع الإسرائيلي بمظاهراتها السلمية دعما لقيام الدولة الفلسطينية، التي وصلت إلى حدود المئة ألف في قلب تل ابيب.
تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية وكانت الدولة الفلسطينية قاب قوسين.
ولكن، ومنذ عودة عرفات لم تترك منظمة حماس لحظة واحدة للسلام الطري بين الشعبين أن يأخذ طريقه السوي ويشتد عوده ويقوى، وللثقة الجديدة بعد عقود من الحقد والحروب أن تنضج وتستوي.
بل ومنذ البداية رفضت أوسلو وتابعت حربها ضد إسرائيل بهدف تحرير كل فلسطين. ورفض الاعتراف بحق دولة اسرائيل في الوجود.
عام 96 وكان رابين ما زال حيا والعلاقة جيدة بين القائدين والشعبين، والمحتل الإسرائيلي ينسحب بحماية القوات الفلسطينية من العديد من المدن والقرى الفلسطينية، والانتخابات الإسرائيلية على الأبواب وتبشر بانتصار حزب العمل بقيادة رابين ومعه قوى السلام.
نفذت في تلك الفترة حماس انفجارا داميا في قلب تل أبيب ذهب ضحيته العديد من الإسرائيليين وكان صدمة كبيرة لهم رافقها بعد ذلك اغتيال رابين على يد متطرف يهودي. أدى ذلك إلى فشل حزب العمل ومعه قوى السلام في الانتخابات ومجيء نتنياهو المراوغ والرافض للسلام ومن الأساس، ولولا الضغوط الأمريكية لما تابع تطبيق اتفاقية أوسلو. وكانت مفاوضات مريرة زادت في مرارة الفلسطينيين، وعسكرة الاسرائيليين من خلال متابعة حماس عملياتها وصعدتها بالانتحارية التي كانت خطأ استراتيجيا قاتلا، خاصة لأنها توجهت ومنذ البداية ضد المدنيين وبطريقة بشعة يرفضها العالم.
أدى كل ذلك إلى عسكرة المجتمع الإسرائيلي الذي اقتنع بأن السلام مع العرب أسطورة. وتلاشت حركة "السلام الآن" وتحولت من مئة ألف إلى أقل من عشرة أشخاص. وتعسكر المجتمع الفلسطيني هو الآخر الذي اعتبر أن المفاوضات لا تجدي مع اليهود نفعا.
نذكر جميعا أنه كلما جاء مبعوث أمريكي مكلف التوسط وحلحلة العقد بين الطرفين، كانت تستقبله حماس أو الجهاد بعملية انتحارية فتنتهي مهمته بتصلب إسرائيلي قبل أن يكون قد حط في المطار.
فمثلا عند زيارة وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر والمؤيد جدا للحق الفلسطيني، لحلحلة الأمور بين عرفات وشارون استقبلته حماس بعملية انتحارية فبدل ان يحلحل العقد المستعصية صار مصدوما ومشغولا بتقديم واجب التعزية.
المشكلة الكبرى هنا أنه رغم الممارسات الإسرائيلية الإجرامية التي نندد بها بشدة والتي لم تتوقف يوما بحق العزل الفلسطينيين، إلا أنه لا يوجد أي توازن عسكري بيننا وبين إسرائيل.
فكيف اذا قام حزب الله او حماس باستفزازها والاعتداء عليها؟
العرب في نزاعهم مع اسرائيل دفعوا الأثمان مصر خاضت من أجل فلسطين أربع حروب خاسرة بالإضافة إلى حرب الاستنزاف. لا يستطيع أحد أن يلومها إذا توقفت عند حدودها. أنور السادات سينصفه التاريخ العربي يوما ما. لأنه لو لم يقتحم عقر دارهم ويعيد سيناء لما زالت حتى الآن بيد إسرائيل تستغل خيراتها. كما تستغل حاليا خيرات الجولان المحتل وتبيع تفاحة إلى سورية. لبنان دمر عدة مرات بسبب تحرير فلسطين ومنها الدمار الأخير. وماذا حررنا؟
الأردن دفع الثمن. الشعب السوري دفع الثمن. على حماس أن تسأل نفسها. ماذا قدمت حتى الآن للشعب الفلسطيني البائس غير الدماء والدموع والدمار؟
الحروب العالمية انتهت بعد أربع أو خمس سنوات
وحروبنا لها بداية وليس لها نهاية.

عصابات في لبنان وغزة تدعي المقاومة وتتاجر بدماء شعوبها

الياس بجاني

تراجيديا جديدة يتم عرضها حالياً على مسرح غزة، وهي من تأليف وإخراج وإنتاج دولتي محور الشر، سوريا وإيران. أما التمثيل فهو لمنظمة حماس الأصولية. تراجيديا دموية وإجرامية تطاول الشعب الفلسطيني الرهينة، دون أن يكون له أي قول بشأنها، ودون أن يكون هناك أي اعتبار لسلامته وأمنه ومصيره ولقمة عيشه عند حكام سوريا وإيران الذين يمسكون بقرار قيادة حماس بالكامل، ويتولون مباشرة ومواربة تمويلها، ويقومون بتدريب مقاتليها، وبتذويدها بالسلاح والعتاد.

نعم وطبقاً للكل المعايير فإن الشعب الفلسطيني في غزة هو اليوم رهينة لدى منظمة حماس التي تتاجر بدمه دون رحمة أو شفقة تحت شعارات ورايات المقاومة والتحرير الخادعة والكاذبة.� لقد انكشف للعالم بأسره أمس أمر تآمر هذه المنظمة الإرهابية على شعبها بعد أن ادعت باطلاً بأن مصر تغلق المعابر مع قطاع غزة وترفض استقبال الجرحى والمصابين، ولا تسمح بوصول المعونات والمساعدات الإنسانية.

الحكومة المصرية وعلى لسان كبار المسؤولين فيها فضحت أكاذيب ودجل حماس، وبينت عبر كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أن هذه المنظمة الإرهابية التي استولت بقوة السلاح على الحكم في قطاع غزة، هي من يمنع نقل المصابين إلى مصر، وهي من يحول دون دخول المساعدات كافة. في حين أن الحدود المصرية مع القطاع مفتوحة من الجانب المصري، والمستشفيات المصرية الميدانية جاهزة، ولكن لا مرضى فيها حتى الآن، لأن حماس تتعامل مع المصابين والجرحى من أهلها وكأنهم رهائن، وهي التي تمنع نقلهم إلى مصر عن سابق تصور وتصميم.

وتماماً كما كان دور حزب الله في قتل اللبنانيين المدنيين، وتدمير البنى التحتية اللبنانية، في تموز سنة 2006 من جراء إشعاله الحرب العبثية والمدمرة مع إسرائيل خدمة لمصالح ومخططات ومؤامرات طهران ودمشق، ومن ثم الإدعاء أنه هزم الجيش الإسرائيلي وإعطاء هذا النصر الوهمي صفة الألوهية، هكذا هو تماماً دور منظمة حماس اليوم في غزة، حيث وبسبب تحرشها واستفزازها لإسرائيل، بررت لجيش هذه الأخيرة تنفيذ العملية العسكرية الحالية المدمرة والتي لا تزال مستمرة، وهي أوقعت حتى صباح هذا اليوم ما يزيد عن 1200 قتيل وجريح، وأدت إلى تدمير كامل لـ 230 هدفاً فلسطينياً داخل القطاع.

إن كل ممارسات وتحركات وخطابات منظمة حماس، وحزب الله تتم بأوامر وتعليمات مباشرة من طهران ودمشق. إنهما أداة عسكرية إرهابية ودموية مجندة لخدمة المشاريع الإيرانية � السورية الإرهابية والأصولية والتوسعية.

ومصر كما تبين منذ عدة أسابيع هي مستهدفة من قبل دولتي محور الشر وبشكل مباشر. متظاهرون في بيروت يحاولون أمس اقتحام السفارة المصرية في حين أن السيد حسن نصر الله في خطابه وأيضاً أمس دعا المصريين ليخرجوا بالملايين إلى الشارع ليفتحوا معبر رفح بصدورهم، وهو لم يكتفِ بذلك، بل توجه إلى ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية للضغط على النظام المصري، وبالطبع لم يوفر الدول العربية كافة واتهمها بالتآمر على الشعب الفلسطيني.

السؤال البديهي هو، أين هي صواريخ إيران وأساطيلها وقنابلها، وأين هو الجيش السوري الممانع الذي دمر لبناننا وقتل أهلنا، وأين هي عنتريات حزب الله وتهديدات ووعيد السيد نصرالله والشيخ نعيم قاسم؟ لماذا لا يهبون لمساعدة حماس والذود عن سكان غزة؟

الجواب هو، هو، وكما كان دائما، ولا يزال منذ قيام دولة إسرائيل. خطابات براجماتية رنانة وفارغة مشبعة بالحقد والكره والأصولية والكذب وسموم رفض الآخر، وبيانات عكاظية جوفاء تستغبي عقول وذكاء الناس، وإدعاءات كلامية وورقية بانتصارات وهمية دنكوشتية، راحوا مؤخراً يخلعون عليها صفة الألوهية.

لو أن الذين ألقوا الخطابات وكتبوا البيانات وتظاهروا أمس في بيروت كانوا فعلاً صادقين ووطنيين، وحقيقة يهمهم مصير لبنان وغزة، لما كانوا ارتضوا أدوار الصنوج والطبول وهتفوا ضد السعودية والدول العربية، وأحرقوا الأعلام الأميركية والإسرائيلية، وحاولوا اقتحام السفارة المصرية. فقد كان الأجدر والأنفع لو أنهم شهدوا للحق، ونادوا بالحقيقة، وطالبوا كل من إيران وسوريا وأدواتهما الإرهابية، حماس وحزب الله، أن يرحموا الشعبين اللبناني والفلسطيني، ويفكوا أسرهما، ويتوقفوا عن استعمالهما كرهينة، والتسبب بقتل شبابهما، وإبقاء لبنان وغزة ساحة لحروب الآخرين.

من المؤسف والمحزن أن بعض القادة والمسؤولين الروحيين والزمنيين قد قالوا ونادوا أمس وأول أمس بغير ما يضمرون. فهم عندما هتفوا لحماس وأيدوا وباركوا ما تقوم به من خلال بيانات وخطابات حماسية ورنانة، قد مارسوا التقية والذمية واقترفوا الخطأ والخطيئة في أن. فهؤلاء يعرفون تمام المعرفة الدور الهدام والإرهابي والإجرامي لحماس وحزب الله ، وهم في السر يعملون على ضربهما وتجريدهما من السلاح. على هؤلاء المجاهرة بمواقفهم الحقيقية والخروج من شباك الخوف وتسمية الأشياء بأسمائها.

يبقى أن لبنان وغزة، ومعهما كل دول الشرق الأوسط لن يعرفوا السلام والأمان قبل وضع حد للدور الإيراني � السوري الهدام، وتجريد منظمات الإرهاب، حماس وحزب الله، من سلاحهما.


*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com

إلغاء مهزلة القمم وحل الجامعة العربية

حسن عثمان

أقترح على دول العالم العربي السعي والعمل الفوري لإلغاء مهزلة القمم العربية وحل الجامعة العربية وإعلان نهاية هذه المسرحية الطويلة العمر والتي أصبح تكرار عرضها مملاً ومفضوحاً على الساحة العربية كون الممثلين هم أنفسهم دائماً والمضمون لا يتغير.

و إنّ ما يشجع أكثر على حل الجامعة العربية وإلغاء القمم العربية أيضاً هو أنّ الأساس الذي بُنيت عليه هذه الجامعة وتُبنى عليه دائماً القمم غير موجود حقيقة, وإن كان هناك إدّعاء بوجوده. فمثلاً إذا نظرنا لكل من مصر والأردن سنشاهد أنّ روابط هذه الدول وعلى مختلف الأصعدة وكذلك المصالح قوية ومتينة جداً مع الكيان اليهودي الغاصب إذا ما قورنت بالروابط مع دول العالم العربي. يعني أعتقد أنه من الأفضل لهذه الدول وغيرها أيضاً ممن يقيم علاقات رسمية وغير رسمية ومن خلال النظر ومشاهدة ما تقوم به من تضحيات وخدمات وحماية للكيان اليهودي أن تبادر إلى حضور المؤتمر الصهيوني ومهما تكن الصفة التي سيمنحها لهم اليهود داخل هذا المؤتمر. فالذي لا يُفهم أنّه كيف تتشكل الجامعة والقمم العربية من قبل دول تربطها بالجماعات اليهودية المحتلة لأرضنا روابط جداً قوية, حتى أنّ هذه الروابط والعلاقات لا تقارن مع تلك الموجودة بين دول العالم العربي, وذلك على الرغم من أنّ العدو الأول للقومية العربية بنظر جميع الدول المشكلة للجامعة العربية هو اليهود المحتلين لأرض فلسطين. فمثلاً الآن لا يمكن أن يُكتب للاجتماعات والقمم التي ستعقد لأجل غزة الصامدة النجاح وتحقيق الغاية المرجوة منها, لأنّ البعض ممن سيشارك في هذه الاجتماعات وهذه القمم هم أنفسهم مشاركين في مجزرة غزة واجتياحها. فالذي لا يُفهم هو كيف أنّ المجزرة أُعلن عن القيام بها من أرض مصر وبمباركة رئاستها وحكومتها ثم تأتي مصر وتشارك في هذه الاجتماعات والقمم لحل مشكلة غزة, والأمر نفسه بالنسبة للسلطة وبقية الدول المتواطئة. يعني خلاصة هذا الكلام أنّ هذه الاجتماعات هي استهزاء بالمواطن في العالم العربي عموماً والفلسطينيين خصوصاً.

يجب أن يعي القائمين على هذه الاجتماعات أنه إضافة لما يحل على شعوب العالم العربي من مصائب الاحتلال وويلاته, فإنّ اجتماعهم أيضاً يزيد من حدة هذه المصائب ويزيد الوضع سوءً نتيجة ما تنتهي به هذه الاجتماعات عموماً. حيث كان المواطن في العالم العربي دائماً ينتظر لمشكلاته الفرج والحلول انطلاقاً من هذه الاجتماعات والتي هي في حقيقة الأمر لا تحتاج إلى اجتماعات لأن المشكلة واضحة وطريقة حلها أيضاً واضحة وموجودة. لكنّ النيّة والرغبة غير موجودتين وعلى عكس ما يدّعونه بشكل روتيني في اجتماعاتهم.

إنّ أكثر ما توصلت إليه الاجتماعات العربية وكان لها الشجاعة لتقوم به هو التنديد والاستنكار ورفع شكوى لمجلس الأمن, كما أنّ التنديد قد تلاشى عند بعض الدول على غرار ما شاهدناه في حرب تموز 2006 وکذلك أثناء احتلال العراق والآن نشاهده في غزة.

لِما القمم لِما الاجتماع ؟ إنّ مسالة فلسطين عموماً وغزة خصوصاً لا تحتاج إلى اجتماع أو تفكير وما تحتاجه هو فقط وقفة عز. فإذا كنتم مسلمون وتنادون بالإسلام, فالنهج الإسلامي الحق يُملي عليكم التحرك لمواجهة اليهود بقوة السلاح واختيار طريق الشهادة لإنهاء هذا الاحتلال, وإن كنتم عرباً وتقولون بالقومية العربية وتدعون لها وتؤمنون بحقيقتها فإثبات ذلك يكون أيضاً بالتوجه وحمل السلاح ومقاتلة اليهود أياً تكن النتيجة, والنتيجة حتماً هي النصر. وإن تبريتم من ذلك أو أظهرتم الحجج الواهية الملفقة على غير ذلك واختبأتم خلف مفهوم الإنسانية وحوار الأديان كما سعى بعضكم إليه فأيضاً يتوجب عليكم مواجهة اليهود ومقاتلتهم لأنهم مجرد جماعات عنصرية فوقية طفيلية غاصبة محتلة لا تؤمن بأديان الغير ولا حتى بإنسانية الغير وإيمانهم واعتقادهم واضح في كتبهم وملخصه أنّ جميع البشر سواهم حيوانات ( غوييم) لا تستحق حتى الحياة, وإنّ ربهم ياهو سخّرها لأجل خدمتهم. وطبعاً في حال تباطؤكم( كما عهدناكم سابقاً )عن القيام بالواجب المُلزم عليكم بصفتكم حكام فسوف وبدون تأسّف سنسقط عنكم الصفات التي تدّعونها والتي ذكرناها في الأعلى.

أقترح على الحكام في العالم العربي أنّه إذا لم تكن نتيجة الاجتماعات التي سيعقدونها لأجل غزة هي القتال والنضال المسلح فالأفضل عدم الاجتماع لأنّ ذلك سيزيد من معاناة أخوتنا في فلسطين المحتلة عموماً وغزة خصوصاً.

أعود وأكرر أنّ المسألة لا تحتاج إلى تفكير واجتماع, فعدونا معروف ومشكلتنا مرتبطة بشكل رئيسي وغير قابل للفصل به, وأيضاً الحل معروف وهو الكفاح المسلح حتى طرد آخر يهودي مشرّد وعميل وخائن من أرض فلسطين المحتلة.

الحل "الاميركي" ما زال مستحيلا

نقولا ناصر

(يستمر حل الصراع العربي الاسرائيلي اسير عدم الفصل بين الاستراتيجيتين الاميركية والاسرائيلية من جهة وعدم الفصل بين هذا الصراع وبين الاستراتيجية الاميركية الاقليمية من جهة ثانية)

تثبت نتيجة التجربة التاريخية المرة للفشل حتى الان في التوصل الى حل سلمي عادل للصراع العربي الاسرائيلي ان مثل هذا الحل ما زال مستحيلا لانه يكمن اولا واخيرا في الفصل بين الاستراتيجيتين الاميركية والاسرائيلية من جهة وفي الفصل بين هذا الصراع وبين الاستراتيجية الاميركية الاقليمية في الشرق الاوسط من جهة ثانية ، وبما انه لا توجد اية بوادر في المدى المنظور الى ان واشنطن يمكنها ان تبادر الى أي فصل كهذا فان البديل يكمن اما في انتزاع مفتاح الحل من واشنطن او في تضامن عربي يفرض على الولايات المتحدة انهاء احتكارها لعملية صنع السلام في الشرق الاوسط ، او بشكل ادق ينهي تعطيلها لاي عملية كهذه نتيجة لاصرارها على عدم اعتماد الشرعية الدولية مرجعية اساسية للحل ، وبما ان كلا هذين البديلين مستبعد في الوقت الراهن فان الحل الاميركي بل أي حل آخر يظل مستحيلا .

وهناك شبه اجماع دولي على ان مفتاح "الفصل" المنشود موجود في واشنطن بانتظار قائد اميركي تاريخي يجرؤ على استخدامه ، وقد تسرع الكثيرون في التفاؤل بان الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما ربما يكون مؤهلا لدخول التاريخ باحداث مثل هذا "التغيير" في الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط ، لكن العناوين الرئيسية المعلنة لسياسته الخارجية في المنطقة وكذلك الفريق الذي اختاره لادارة هذه السياسة قد بدات فعلا تصيب المتفائلين باحباط مبكر يؤكد مرة اخرى بان احداث أي تغيير كهذا في واشنطن لا يمكن ان يحدث فعلا الا اذا ادرك العرب ان مفتاح الحل موجود بايديهم وانهم يمتلكون حقا القدرة على فرضه في العاصمة الاميركية لكنهم يفتقدون الارادة السياسية لتوحيد صفوفهم من اجل ذلك .

واذا كان وصول اوباما الى البيت الابيض يمثل حدثا بارزا في تاريخ التمييز العنصري داخل الولايات المتحدة يحقق الحلم الذي دفع مارتن لوثر كينغ حياته ثمنا له فان كل الدلائل حتى الان لا تشير الى اي "تغيير" تاريخي في المستوى نفسه في السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط بل تشير الى ان هذه السياسة ستبقى اسيرة الاجندة الاستراتيجية الاسرائيلية وان حل الصراع العربي الاسرائيلي سيظل مرتهنا للاجندة الاستراتيجية الاميركية الاقليمية في المنطقة ، "لذا يجب الا يكون لدى البعض اوهام بان مجيء شخص سيغير كثيرا في الوضع .. لان السياسات باقية" كما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا للشرق الاوسط اللندنية عشية ادائه فريضة الحج .

وفي سابقة لم يحدث ان لجا اليها الرؤساء الاميركيون المنتخبون اعلن باراك اوباما اسماء المرشحين لشغل المناصب الرئيسية في فريق ادارته قبل ان يتسلم رسميا مهام منصبه في شهر كانون الثاني / يناير المقبل ، وقد وصفتهم وسائل الاعلام الاميركية الرئيسية ب"الوسط" بين المحافظين الجدد وبين الليبراليين لكن الوول ستريت جورنال وصفتهم ب"حكومة الحرب" ، وهذه الحرب دائرة فعلا على الارض في الشرق الاوسط واساسا في الساحتين الفلسطينية والعراقية من الوطن العربي وفي جوارهما المباشر ، خصوصا السوري واللبناني ، حيث تعتبر واشنطن الحروب العدوانية التوسعية الاسرائيلية المتتالية حروبا وقائية للدفاع عن النفس وتستخدم المكاسب الاقليمية الاسرائيلية الناجمة عنها اوراقا تفاوضية تساوم العرب عليها ، وتعتبر غزو العراق واحتلاله "فتحا ديموقراطيا" يواصل نشر رسالة الرجل الابيض التي حملها الاستعمار الاوروبي قبل ان يرثها الاميركيون ، وتعتبر الدول الاقليمية المعارضة لذلك محاور للشر والحركات الوطنية المقاومة للاحتلالين ارهابا وترتهن حل الصراع العربي الاسرائيلي لما بعد القضاء على هذه المعارضة وهذا الارهاب .

فعلى سبيل المثال اكد اوباما في السابع من كانون الاول / ديسمبر الجاري انه ملتزم بمواصلة استراتيجية سلفه دون أي تغيير عندما كرر في برنامج "واجه الصحافة" على شبكة ان بي سي ما كان يردده جورج بوش الابن من ان مواصلة ايران لبرنامجها النووي ومواصلتها "تمويل منظمات ارهابية مثل حماس وحزب الله" هما امران "غير مقبولين" .

لقد تحطمت كل الجهود الدولية منذ ستين عاما ونيف لحل الصراع العربي الاسرائيلي على صخرة استراتيجية اميركية ملتزمة بتبني الاجندة الاقليمية لدولة الاحتلال الاسرائيلي حد التطابق بين الاستراتيجيتين ، مما حول كل قرارات الامم المتحدة -- التي يحلو للدبلوماسية العربية وصفها ب"الشرعية الدولية" -- الى ركام من الورق ياكله العث في ادراج الهيئة الاممية وصادر أي دور للمجتمع الدولي وجمد تطبيق القانون الدولي وافشل كل "عمليات السلام" لحلها حتى تلك التي تبناها التحالف الاستراتيجي الاميركي الاسرائيلي .

فالسياسة الخارجية الاميركية منذ عقدين تقريبا ربطت تحقيق "رؤية" حل الدولتين لاقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة الاحتلال الاسرائيلي بتلبية ثلاثة مطالب للاستراتيجية الاميركية – الاسرائيلية المتطابقة في الشرق الاوسط تتلخص بمبادلة الاستجابة للمطالبة العربية باقامة هذه الدولة اولا بمنح شرعية عربية لمشروع الاحتلال الاميركي للعراق وثانيا باقامة جبهة عربية – اسرائيلية ضد ايران وثالثا باقامة جبهة عربية اسرائيلية ضد "الارهاب" ، أي ضد أي مقاومة للاحتلالين الحليفين .

واحتلال العراق واحتواء ايران والحرب على "الارهاب" ثلاث اولويات في الاجندة الاسرائيلية الاستراتيجية الاقليمية تحول التبني الاميركي لها الى مرجعية لتصنيف الدول الاقليمية ما بين "معتدلة" مؤيدة لها في "محور الخير" و"متطرفة" تعارضها في "محور الشر" ولتصنيف القوى السياسية في المنطقة ما بين "ديموقراطية" تؤيدها و"ارهابية" او داعمة للارهاب او متطرفة تقاومها .

ولمن ما زالت الثارات الحربية او الشخصية او الطائفية تشوش رؤيتهم حول العلاقة بين الاحتلال الاميركي للعراق وبين الاجندة الاسرائيلية ربما يجدر اقتباس ما قاله رئيس وزراء دولة الاحتلال الاسرائيلي ايهود اولمرت لبوش عندما اجتمع شمل الرجلين في لقاء وداعي بواشنطن في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي عندما قال الزائر لمضيفه: "سوف لن انسى ابدا انك ازلت واحدا من اكثر المخاطر الاستراتيجية تهديدا لاسرائيل من الشرق ، في العراق ، فهذا انجاز عظيم" .

والقاسم المشترك بين هذه الركائز الثلاث للاستراتيجية الاميركية – الاسرائيلية هو تامين امن دولة الاحتلال الاسرائيلي باعتبارها "القوة الاكبر التي تملكها اميركا في الشرق الاوسط" كما قال جو بايدن النائب المنتخب لاوباما معبرا عن ثابت في السياسة الخارجية الاميركية لا آتيا بجدبد ، وبالتالي اصبح امن اسرائيل هو الفيصل بين الخير وبين الشر ، وبين الديموقراطية وبين الارهاب ، وبين السلام وبين الحرب ، وبين الاعتدال وبين التطرف ، واصبح امن اسرائيل هو مفتاح السلم والاستقرار الاقليمي وليس انهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والاميركي للعراق وافغانستان ، وهكذا خلط تعسفي لاوراق الصراع الاقليمي كفيل باستمرار "الفوضى غير الخلاقة" التي تواصل تفتيت المنطقة الى مزق سياسية وطائفية وعرقية وتواصل تاجيل أي حل ممكن للصراع العربي الاسرائيلي في أي مدى قريب طالما يتم التعامل مع حركات المقاومة الوطنية للاحتلال الاجنبي باعتبارها حركات ارهابية وامتدادا ل"محور الشر" .

ومثلما ربط الحليفان حل الصراع العربي الاسرائيلي بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي السابق وبين الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية فانهما الان يربطان الحل بالحرب الاميركية العالمية على "الارهاب" وببرنامج ايران النووي ، وعلى سبيل المثال مثلما كانا يصنفان منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة ارهابية مدعومة من "امبراطورية الشر" الشيوعية فانهما الان يصنفان حركة المقاومة الاسلامية "حماس" ومثلها حزب الله اللبناني كمنظمتين ارهابيتين مدعومتين من "محور الشر" الايراني السوري ، فهل ينتظر حل هذا الصراع "انهيار" ايران وسوريا حتى تنهار حماس فترضخ لشروطهما لحل الصراع مثلما رضخت منظمة التحرير لهذه الشروط بعد الانهيار السوفياتي ام على الحل ان ينتظر احتلال البلدين لكي يطرح الحليفان "رؤية" للحل مثلما طرحا "خريطة طريق" لتطبيق "رؤية حل الدولتين" بعد احتلال العراق ؟ ام هل ينتظرا حسم حربهما على "الارهاب" مثلما حسما حربهما الباردة والساخنة مع "امبراطورية الشر" السوفياتية قبل ان يتفرغا لحل الصراع العربي الاسرائيلي ، دون ان يكون هناك أي ضمان طبعا لكي لا يختلق الحليفان "محور شر" اخر يرتهنان الحل لحسمه اولا !

ويكاد يكون مؤكدا ان حركات التحرر الوطني العربية سواء كانت مقاومة في فلسطين او لبنان او العراق او الصومال هي حركات اصيلة يرتبط استمرارها باستمرار الاحتلال الاجنبي ويرتبط مصيرها بمصير هذا الاحتلال بغض النظر عن الظهير الدولي او الاقليمي لها سواء كان سوفياتيا او ايرانيا او سوريا ، واذا كان "اللون" السياسي لهذا الظهير قد يؤثر في المظهر العلماني او الديني ، او اليساري او اليميني ، لهذه الحركات فان من المؤكد انه مثلما لم يقد انهيار الاتحاد السوفياتي الى انهيار منظمة التحرير الفلسطينية فان أي انهيار ايراني او سوري لن يقود الى انهيار الحركات الوطنية المقاومة خصوصا في فلسطين ولبنان والعراق وان كان من الممكن ان يغير في عناوينها العلمانية او الاسلامية او القومية او في اسماء التنظيمات السياسية التي تقودها .

وهناك حقيقة تاريخية واضحة تماما ، فمنظمة التحرير الفلسطينية قد ولدت من رحم الاحتلال الاسرائيلي ولم تولد في موسكو او بكين ، ومثلها حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وحزب الله اللبناني اذ ولدا في رحم الاحتلال نفسه لا في طهران او دمشق ، وبالتالي مهما يحدث في هذه العواصم فان هذه الحركات الوطنية باقية طالما بقي الاحتلال ، وان هي خسرت جولات في مقاومته فان استمرار الاحتلال كفيل بخلق حركات بديلة ترث حمل الرسالة الوطنية نفسها في مقاومته حتى يرحل ، ويكاد يكون مؤكدا ايضا انه مثلما استمرت منظمة التحرير بعد الانهيار السوفياتي بالرغم من البروباغندا الاميركية التي كانت تروج بانها لم تكن تزيد على كونها اداة للشيوعية الدولية في المنطقة فان حماس وحزب الله سوف يستمران بعد أي انهيار يخطط الحليفان الاميركي والاسرائيلي له في ايران وسوريا بالرغم من البروباغندا الاميركية الاسرائيلية التي تروج بانهما مجرد مخلبين ايرانيين وسوريين .

والحقيقة التاريخية الثانية التي لا تقل وضوحا عن سابقتها هي ان منظمة التحرير وحماس وحزب الله قد اثبتت جميعها عندما اتيحت لها فرصة المنافسة الحرة في انتخابات ديموقراطية نزيهة انها جزء لا يتجزا من نسيج شعبها لا بل اثبتت انها قيادات ممثلة لشعبها احبطت كل محاولات المحتلين لاصطناع قيادات بديلة لها .

ومثل هذه الحقائق قد بدا يعترف بها مخططون استراتيجيون اميركيون في الولايات المتحدة نفسها من داخل المؤسسة الحاكمة التي تتداول السلطة في واشنطن ، فعلى سبيل المثال نشر السفير الاميركي الاسبق لدى دولة الاحتلال الاسرائيلي مارتن اينديك مع ريتشارد هاس بحثا مشتركا في عدد يناير / فبراير 2009 من مجلة "فورين افيرز" اوصيا فيه ادارة اوباما ب"الحاجة الى اعادة صياغة الاطار الاستراتيجي في الشرق الاوسط" وبانه "لم تعد توجد حاجة" لان تكون "مكافحة الارهاب ... هي المحرك لتلك السياسة" وان كان ينبغي ان تظل جزءا لا يتجزا من الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط ، وبانه "ينبغي عدم الاصرار على الربط" بين التفاوض مع ايران حول العلاقات الثنائية او حول برنامجها النووي او حول دورها في العراق او حول معارضتها لعملية السلام العربية الاسرائيلية وبين التفاوض معها حول "رعايتها" لحماس وحزب الله ، وقد لفت الباحثان النظر الى اتهام ادارة بوش بازدواجية المعايير عندما دعت الى الانتخابات في الاراضي الفلسطينية المحتلة ثم قاطعت حماس بعد فوزها في انتخابات نزيهة وحرة ليخلصا الى الاستنتاج بانه "نظرا لسيطرة حماس على غزة والتاييد لها بين ما لا يقل عن ثلث الفلسطينيين فان أي عملية سلام تستثنيها يمكن ان تفشل تماما" ، لا بل انهما حثا ادارة اوباما على "ضرورة التعامل مع قيادة فلسطينية مشتركة وعلى اجازة اجراء اتصالات منخفضة المستوى بين مسؤولين اميركيين وبين حماس في غزة" .

وربما تعزز نتائج استطلاع حديث للراي اجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والبحثية ، بادارة الدكتور خليل الشقاقي في رام الله ، في الفترة بين الثالث والخامس من الشهر الجاري ، بدعم من مؤسسة كونراد اديناور ستيفنونغ الالمانية ، الصفة التمثيلية لحماس التي اشار اليها اينديك وهاس ، اذ اظهر الاستطلاع ارتفاعا في شعبية حماس بالرغم من مقاطعتها للحوار الوطني الذي كان مقررا بالقاهرة في العاشر من الشهر الماضي كما اظهر ان الفجوة بين شعبية الرئيس عباس وبين شعبية رئيس وزراء الحكومة المقالة في غزة اسماعيل هنية تضيق وان ثلثي المستطلعة اراؤهم يتفقون مع حماس في ان ولاية الرئيس عباس تنتهي في التاسع من الشهر المقبل .

ومثل اينديك وهاس ، اوصى بالتواصل مع حماس والاعتراف بها مجلس العلاقات الخارجية (سي اف آر) ومعهد بروكينغز الاميركييان في بحث معمق اصدراه في الثاني من شهر كانون الاول / ديسمبر في شكل كتاب بعنوان "استرداد التوازن – استراتيجية شرق اوسطية للرئيس المقبل" ، وان اقترح البحث "مجابهة حماس وحزب الله بالعمل مع الحلفاء الاقليميين لتقوية مؤسساتهم ذات الصلة بالامن بدل التصدي مباشرة لهاتين الحركتين اللتين لهما جذور عميقة" ، وفي حالة حماس يرى ان التواصل معها يمهد الطريق للوحدة الوطنية الفلسطينية وهذه بدورها شرط مسبق لا غنى عنه لصنع السلام .

ومعهد بروكينغز بخاصة كان طوال نصف القرن الماضي من الزمان الاكثر نفوذا في التاثير في الادارات الديموقراطية في مجال السياسة الخارجية وقد اوصى مع المجلس في الكتاب الجديد بان عملية صنع السلام العربي الاسرائيلي يجب ان يحتل "اولوية" لدى الرئيس اوباما عندما يتسلم مهام منصبه رسميا لكن الرئيس المنتخب اعلن مؤخرا ان هذه العملية "اولوية رئيسية" له لكنها ليست اولوية "اولى" ، وقد اكد شمعون بيريس رئيس دولة الاحتلال الاسرائيلي ذلك ايضا ، لان الوضع الاقتصادي الداخلي ثم العراق وافغانستان وايران تحظى بالاولوية لديه ولانه ، كما تشير كل الدلائل ، يريد ان يسير على نهج اسلافه من الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء باستمرار اسر أي حل للصراع العربي الاسرائيلي لاستحقاقات الحرب على الارهاب واحتواء ايران والاجندة الاسرائيلية واعتبار امن دولة الاحتلال ، لا انهاء الاحتلال ، اساسا له ، وهذه بايجاز وصفة لستين عاما اخرى من الحروب والصراع وعدم الاستقرار الاقليمي ، ليظل الحل ضائعا بين "امبراطورية الشر" و "محور الشر" وغيرهما مما يستجد من صيغ الشرور المفتعلة التي تختلقها الادارات الاميركية المتعاقبة لتسويغ هيمنتها العالمية والاقليمية في الشرق الاوسط وفي القلب منه الوطن العربي .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com

مازال في غزة ما يستحق الحياة

محمود مصطفى البربار

غزة – فلسطين

كالعادة في غزة ... قصف ودمار, وداع للأبرياء والشهداء, منازل وبيوت هدمت فوق ساكنيها وأصبحت ركام ومن فيها شهداء, خوف على الأبرياء الذين مازالوا يحلمون بالعيش بين الحياة والموت , تصريحات هنا وهناك, وإدانات بفائدة وبدون, موجات مفتوحة على الفضائيات وكلام كثير بدون معنى حقيقي للتغير, صور لها بداية وبدون نهاية, مسيرات تجوب كل الدول العربية تنادى وتناشد, وفى النهاية ... يأتي الليل وينام الجميع في بيته وبين أولاده الصغار ويصبح كل ما حدث في غزة نسيان في الذاكرة .

غزة في يوم السبت بداية جديدة لأسبوع اسود جديد ,صفحة في تاريخها, ودعت أبنائها بنزيف الدم تحت قصف الصواريخ وبصرخات تناجى رب العباد .

استيقظ سكان غزة كعادة كل يوم على أمل يوم جديد وببداية للأسبوع مملوء بالأمل لانتهاء الحصار الظالم على أهلها , لم يعلموا أن هناك مأساة أخرى في انتظارهم , قصف وتدمير لكل المعالم, البيوت والمنازل- المساجد – السيارات – الشوارع – المدارس - المعبر – دخان اسود يعلو إلى السماء, وليس هذا فحسب إنما قتل كل من فيها أطفال أبرياء – مدنيين – شيوخ وشباب – أمهات مذنبين بتربيه أبناءهم على حب الوطن .

ماذا تقول الأم لابنها الذي لم يتجاوز الأشهر الأولى من عمره عندما يكبر, أين أبوه ؟؟ أين أخيه ؟؟ أين بيته الذي ولد فيه ؟؟ أين وطنه ؟؟؟ صرخات تعلو وتعلو من حناجر الأطفال, ودموع تنزف الدم بوداع الأبناء, من جانب أخر أصوات الطائرات المرعبة وما تسببه من خوف وهلع وصوت الصواريخ عندما تقصف المباني تهدم وتقع بشكل كامل ,لا استطيع وصف ما يحدث عندما تجتمع هذه الأصوات جميعها ,تظهر الطائرات وتقصف بالصواريخ المباني وتهدم في ثواني معدودة, صوت يرعب الجميع الصغار والكبار, كان هناك منزل وهناك مسجد وعلى الجانب الأخر عمارة ومدرسة.

لم يسلم الإنسان الصغير ولا الكبير ولا حتى الحجر , قصف يليه قصف , حصار يليه حصار وقتل يليه قتل . فماذا بعد ؟؟

لن أناشدكم أيها الحكام فصمتكم اعتدنا عليه , اعتدوا السكوت في المواقف التي تحتاج الوقوف ولن ننتظركم فصمتكم سيطول كثيرا. مازلنا في غزة مصرين على أن نعيش فوق الأرض لا تحت الأرض , مازلنا قادرين على التصدي والصمود .

اقصفونا .. دمرونا .. اقتلونا ... فمازال فينا ما يستحق الحياة .

Mahmoudgaza@hotmail.com



الأحد، ديسمبر 28، 2008

محرقه غزة وعرب 2009

عطا مناع

من مصر أعلنت تسيفي لفيني وزيرة الخارجية الإسرائيلية الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع عندما قالت كفي وهددت بضرب المقاومة الفلسطينية، تهديد وجد تساوقا وموافقة ضمنية من وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط الذي لم يحرك ساكنا أمام ليفني.

من مصر خرجت التطمينات لحكومة غزة وحركة حماس فبل ساعات من العدوان والتي تؤكد عدم وجود ضربة في قربيه، وجاء العدوان في يوم السبت الأسود ليؤكد التناغم بين إسرائيل وما يسمى بدول الاعتدال في المنطقة، هذه الدول التي خرجت تتباكى على دمنا وتتابع صرخات أطفالنا عبر الفضائيات العربية والأجنبية.

المحرقة بدأت وسقط المئات من الشهداء والجرحى الذين أسقطت على رؤوسهم المئات من أطنان المتفجرات، أشلاء منتشرة في شوارع غزة المحاصرة برضى عربي، وكأنهم يجهزون لهذه اللحظة للقضاء على مقاومة الشعب والممانعة الفلسطينية لنهج التساوق مع دولة الاحتلال.

وللعرب فعلهم، شجب واستنكار وفتح معبر رفح أمام الجرحى، هذا المعبر الذي أغلق بجدار من العسكر المصري لمنع أبناء شعبنا اللجوء إلى دولة يفترض أن تكون عربية، وكما حدث في حرب تموز على لبنات تنادى العرب لعقد قمتهم الخجولة المعروفة بقراراتها المتساوقة مع العدوان على الشعب الفلسطيني بهدف اجتثاث مقاومته.

لا تعويل على النظام العربي الرسمي، فهذا النظام خاضع ومتساوق مع الأجندة الأمريكية الإسرائيلية حتى العظم، وعلى الشعوب العربية وقواها الحية أن لا تتوقع من القمة العربية المرتقبة أي قرارات ترتقي لحجم المذبحة، القمة العربية ستحاول أن تفرض على غزو التهدئة بشروط إسرائيلية وأمريكية، وستحمل بعض هذه الدول على حركة حماس والبوادر جاءت في تصريحات وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط الذي قال في مؤتمر صحفي أنة حذر من العملية وبالتالي على حماس أن تتحمل المسئولية.

لقد حسمت الأنظمة العربية موقفها من المقاومة الفلسطينية، فالطريق للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي يمر عبر القضاء على المقاومة الفلسطينية والفكر الممانع في الشارع الوطني العربي الذي يشكل عقبة كبيرة أمام الانفتاح الاقتصادي والتطبيع السياسي والثقافي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وقد اتسمت عام 2008 بالانفتاح المعلن مع العديد من الدول العربية من خلال مؤتمرات حوار الأديان واللقاءان المكثفة بين ما يسمى الدول المعتدلة مع الأمريكيين والإسرائيليين، وهناك من يتفق مع التحليل الذي يؤكد أن الخطوط العامة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خطت في شرم الشيخ خلال الاجتماع الذي ضم ما يسمى بدول الاعتدال مع كوندا ليزا رايس والإسرائيليين والسلطة الفلسطينية.

إسرائيل تقول أن عمليتها على قطاع غزة متدحرجة من الناحية العملياتية، وفي المقابل ستكون مواقف الدول العربية تجاه المقاومة متدحرجة وذلك بتصعيد ملموس في الخطاب الرسمي العربي ضد حركة المقاومة الفلسطينية وقد بادر بذلك وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط ونمر حماد مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي حمل على حركة حماس في الساعات الأولى من المجزرة الرهيبة على غزة.

النظام العربي الرسمي يتحمل المسئولية التاريخية لمحرقة غزة المتدحرجة والتي سيذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء دون ذنب ارتكبوا سوى التمسك بأهدافهم الوطنية التي شطبت من أجندة الدول العربية المتآمرة علنا على الشعب الفلسطيني ومقاومتة التي يحاولون إفقادها عمقها العربي بضربها ولمرة والى الأبد،غير أن الطوفان التضامني المتصاعد للشعوب العربية مع قطاع غزة الذي يتعرض للابادة.

الحرب على غزة وضمن السيناريو المتفق علية ستطول، وستستخدم دولة الاحتلال كل قوتها وما تمتلك من ترسانة عسكرية كما قال غابي اشكنازي رئيس هيئة الأركان لجيش الاحتلال، والواضح أن مجريات العدوان تنسجم مع أهداف إقليمية خططت مسبقا، لكن صمود المقاومة سيفرض وقائع مختلفة مع توقعات الجهات العربية المراهنة على ترسانة الاحتلال، ولن يطول الوقت لنرى تصاعد التحركات الجماهيرية في الدول العربية وخاصة المتناغمة مع الاحتلال الإسرائيلي.

الرهان ليس على ما يسمى بدول الاعتدال العربي التي وضعت بيضها في السلة الإسرائيلية، الرهان على الشعوب وثقافة المقاومة في فلسطين والدول العربية، وسيكون العام القادم عام الفرز والهبات في وجهة هذه الأنظمة المشاركة في مذبحة غزة رغم تصريحات ذر الرماد في العيون عن ما يسمونة بالجهود لعقد قمة عربية لن تختلف عن سابقاتها.

غــزة بين ذلّ الأمراء، وصمت العلماء

عوني وتد

غزة هاشم لن تستجدي نخوتكم أيها الأمراء الأقزام! يا من رضعتم المهانة، ولبستم العمالة وحكمتم أبناء جلدتكم بالحديد والنار، لن تنتظر نخوتكم فنعال الأطفال الشهداء أسمى وارفع من كراسيكم الزائلة بأذن الله. غزة لا تريد شجبكم، لا تنتظر ركاكة استنكاركم، ولا مهازل قممكم، ولا دعمكم بدرهم ودينار. فقد بانت خيانتكم عند الحصار، وتساقطت أوراق التين عن عوراتكم أيها الأشرار، وان غدا لناظره قريب ! عندما ستترجل "نعال" الشهداء العابرة للقارات لترمي وجوهكم، وتحطم جباهكم، فنحن في عصر بات النعل اطهر من رجولتكم، وأشجع من نخوتكم، وارفع من هاماتكم القصار.الم تطلق سيدتكم (لفني) شرارة المجزرة الغزيّة من قاهرة العرب؟ و(لفني ) هذه بالرغم من غطرستها وحقدها ، أكثر منكم رجولة ،واصدق منكم موقفا ،فهي تملك مشاعر النخوة لشعبها ومواقف البطولة لحماية ديارها.أما غزتنا فتحترق بغاز العرب،ونفط العرب وما تحملون لحرق غزة الشافعي من حطب .

لا لن نتوسل إليكم، لن نستجديكم أيها المتآمرين، ولن ننتظر نخوتكم أيها الفاسقين.

لكننا مع هول المجزرة وعمق الجراحات، سنخاطب علماء أسلامنا، وأئمة منابرنا من المحيط إلى الخليج،في أزهر الكنانة ،في جوار الحرم المكي ،عند أكناف المسجد النبوي ،في جامع الزيتونة وقباب المسجد الأموي ، أيها العلماء ! يا قناديل الهدى! يا مشايخ البطولات! أليس بينكم رجل رشيد؟؟ أليس بينكم قائد صنديد؟؟غزة المسلمة تستصرخكم، تتوسل صدق إيمانكم، وعمق عقيدتكم..أطرافها تقطّع، أولادها تقتّل، أمهاتها ترمّل، بناتها تيتّم وشيوخها تحطّم، وبيوتها تهدّم. أما آن لكم أن تنبسوا ولو بكلمة واحده ؟ يا من علمتم أمتكم عن مكانة كلمة حق عند سلطان جائر، ما بالكم تصمتون ؟ ما بالكم تخرسون ؟ما بالكم تدفنون رؤوسكم في رمال سلاطينكم وأسيادكم؟ والله إن لتناثر حجارة الكعبة حجرا حجرا ،وسقوط مآذن المساجد وقبابها أهون عند الله من هتك دم مسلم بغير حق،ألستم انتم من رددتم هذه الأحاديث الكريمة على مسامعنا ليل نهار؟ فما بالكم تصمتون عند الاختبار؟؟ وتخذلون سيرة شيخكم عمر المختار؟

أيها العلماء في أصقاع الأرض جميعاً ! أنطقوا ولو كلمة واحده ! نافقوا ! تملقوا! داهنوا!

يا علماء الحيض والنفاس! أليس لهذه المجازر كلمة واحدة في قاموس شريعتكم،حرفا واحدا في مجلدات افتاءاتكم !! يا أصحاب المكانة المرموقة، واللحوم المسمومة ! أليست لحومكم كلحوم ابن حنبل ، وابن تيمية، أليست كمشاعر العز بن عبد السلام، وصاحب الظلال؟

لا وألف لا ..فشتان بين العزة والهوان، وشتان بين مقارعة السلطان وخلوة الشيطان، أترضون أن تكون لحومكم مرة، لحوم ببغاوات الذلّ والبهتان؟ يا ورثة الصالحين والأنبياء!

يا أصحاب المنابر والخطابات ! ما هذا الصمت الذي يحبس رجولتكم ؟ يا جامعي أموال الصدقات ! ألم تقرؤوا ولو آية واحدة من آيات العزة والنصر؟ يا "أصناماً " بعمائم ولحى ،يا عباءات ضاع منها الحياء! قودوا قوافل شعوبكم المقهورة ! أنطقوا ولو همسه، أذرفوا ولو دمعه، أنبسوا ولو حسره.

" لا تسيئوا الظن بالوالي، فسوء الظن في الشرع محرم /أيها الناس أنا في كل أحوالي سعيد ومنعم/ليس في الدرب سفاح،ولا في البيت مأتم/ودمي غير مباح،وفمي غير مكمم/فإذا لم أتكلم،لا تشيعوا أن للوالي يدا في حبس صوتي،بل أنا يا ناس أبكم/ قلت ما اعلمه عن حالتي،والله اعلم."

أيها العلماء ! بالأمس القريب، فسرتم لنا أحكام الأضحية، وفضل الأضحية، وميقات الأضحية. لكننا ما زلنا نجهل أحكام هذه الأضحية..

فبربكم ! أن كان بينكم عالم واحد غير أبكم، فهل له أن يفسر لنا أحكام هذه الأضحية..ويتكلم؟؟

(جت المثلث)

غزة تدفع بالدم ثمن الممانعات السورية والمزايدات الإيرانية

سعيد علم الدين
قلبي ينفطرُ عليك يا غزة، وعلى أهل غزة، وشعب غزة، وأطفال غزة، ونشامى غزة، وأرامل ونساء وشيوخ وتلاميذ وشباب وصبايا وشهداء وضحايا وجرحى وأبرياء غزة!
وما اكثر الأبرياء الذين يسقطون في هذه اللحظات المأساوية في غزة الجريحة!
قلبي ينفطرُ حزناً وألماً على أهلي هناك واللطم والنحيب لا ينفع،
والمناشدات والتنديدات والصرخات والاستنكارات والمظاهرات لا تنفع، ولا حتى الابتهالات والصلوات والمؤتمرات العربية والدولية تنفع!
الذي ينفع في هذه الظروف الدامية فورا، هو موقف عربي حاسم واحد وبلسان واحد لتخليص غزة من فم التنين الإسرائيلي اللاهب ولوقف كرة النار المتدحرجة نحوها وقبل فوات الأوان، أي بالطلب من حماس التي ركبت رأسها، بان تتنازل قليلا لمصلحة شعب غزة أولا وفلسطين اولا وتنصاع لقرارات الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية، ليمكن انقاذ ما يمكن إنقاذه.
فما حدث كان متوقعا، واسرائيل لا تهدد عبثا، كما يهدد احمد نجادي. وكان ذهاب ليفني الأخير لمصر هو لتبرير الموقف الاسرائيلي امام القيادة المصرية. وكانت محاولات مصر العديدة للملمة البيت الفلسطيني تحظى دوما برفض صارم من قبل حماس. وكأنها تريد ان تصل الأمور الى ما هي عليه الآن.
وها هي حماس اليوم تحصد ما زرعته سياسيا ضد اتفاقية اوسلو وخريطة الطريق وفتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ولكن ككل مرة الشعب الفلسطيني البائس واليوم شعب غزة البريء هو الذي يدفع بالدم ثمن الممانعات السورية والمزايدات الإيرانية.
تماما كم حصل في كارثة حرب تموز في لبنان التي تسبب بها حزب الله ودفع ثمنها الشعب اللبناني بالدم خدمة للممانعات البشارية والمزايدات النجادية. وكالحمل الوديع قال بشار الاسد يوم 26 الجاري، في مقابلة مع الـ "واشنطن بوست". "حزب الله موجود على الحدود اللبنانية لا السورية. وحركة حماس موجودة على الحدود الفلسطينية. عليهم" أي امريكا واسرائيل" النظر إلى هذين المسارين وأن يتفهّموا. فمن يرد السلام عليه العمل على ثلاثة اتفاقات في ثلاثة مسارات".. أي ان يستفيد المسار السوري المسالم دون ان يطلق طلقة واحدة وينزف نقطة دم من المساريين الفلسطيني واللبناني المدميين.
وكأن النظام الممانع لا علاقة له البتة بما يحدث في فلسطين او لبنان او العراق، هو فقط يدرب الإرهابيين ويرسلهم حتى الى مملكة البحرين البعيدة لخرابها خدمة للأطماع الإيرانية.
ومن هنا فمن حرض حماس على الانقلاب على الشرعيات يتحمل المسؤولية الأولى في هذه المأساة التي تتحمل مسؤوليتها اسرائيل ايضا في عدم تلقفها لمبادرة السلام العربية لحل النزاع، وفي سياستها القمعية لحرية الشعب الفلسطيني، والاستيطانية المتوحشة لأرضه، او ما تبقى له من فلسطين التاريخية.
حتى ان المحور الإيراني وتابعه السوري وتوابعه حماس والجهاد في فلسطين وحزب الله وامل والتيار العوني والحزب القومي السوري ... الخ في لبنان، برفضهم واستهتارهم بالقرارات الدولية واهمها القرارين 1559 و 1701 في لبنان، إنما يقدمون لإسرائيل اليوم الذريعة والمبرر الكافي لعدم الانصياع لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر اليوم الاحد والداعي إلى الوقف الفوري لكل العمليات العسكرية في قطاع غزة.
نعم نقولها في لبنان وباعلى صوت: لبنان أولا!
نعم يحب أن نقولها وبأعلى صوت: غزة أولا فلسطين أولا!
لا لمشاريع المحور الإيراني السوري الخبيثة وسمسراته وصفقاته المكشوفة على حساب دماء أطفال غزة وخان يونس وقانا ومروحين والخليل ونابلس والضاحية.
وخالد مشعل الحمساوي المستريح في دمشق يهدد بانتفاضة ثالثة.
وهل انتهت الانتفاضة الثانية التي فرضتها حماس على الرئيس الراحل ياسر عرفات، قبل أن تشعل الثالثة يا سيد مشعل؟
وماذا حققت الثانية للشعب الفلسطيني قبل ان تشعل الثالثة؟
نعزي شعب غزة بشهدائه الأبرار ومبروك سلفا لحماس على نصرها الالهي على شاكلة نصر حزب الله الالهي، ولكي يفرح في قِمِّهِ مرشد الامة خامنئي.
حرضوا حماس على رفض اوسلو وحرضوها على عرقلة خطوات السلام وحرضوها على الانقلاب على الشرعية الفلسطينية وعلى الفتك دون رحمة بحركة فتح ام الثورة الفلسطينية وابوها.
ولهذا فما يحدث اليوم في غزة النازفة ويدعو للأسف العميق هو نتيجة حتمية لسياسة حماس الانتحارية واستفزازاتها لعدو معروف بشراسته وقدرته الهائلة على الرد والتدمير.
اليس ما تفعله حماس هو اكبر خدمة لقيادة اسرائيل المتهالكة وتقديم انتصارات مجانيه لها؟ تماما كما يفعل حزب الله الان في لبنان في عرقلة مسيرة البلاد السلمية!
الغريب بالامر ان الدول المحرضة لحماس ولحزب الله والتي تملك مئات الالاف من الجنود والاف الدبابات والطائرات والصواريخ لا ترد على ضربات اسرائيل المتكررة لها، بل وتتحاشى الصدام معها، وتترك لمنظمات فلتانة امر استفزازها لكي يتم تدمير فلسطين ولبنان وقتل الآلاف من ابناء الشعبين.
نعزي الشعب الفلسطيني الشقيق لسقوط الضحايا البريئة في غزة النازفة. وكأنه لا يكفي هذا الشعب الجبار مواجهة الجوع والحصار، بل وعليه ايضا خدمة لنجادي وبشار أن يقاتل اعزلا ويرفع بيديه العاريتين الأنقاض ويطفئ بهما السنة لهيب النار المشتعلة بسبب القصف والغارات!
وحماس قدمت وما زالت تقدم لإسرائيل بدل العذر مئات الاعذار.
انها الاصابع الخفية لأتباع ولاية الفقيه الصفوية وما ادراك ما التقية! وكما اشعلتها ايران الفارسية في العراق واليمن واستدرجت اسرائيل لتدمير لبنان هي اليوم تلعب لعبتها في غزة المنكوبة.
وحماس تقدم لإسرائيل الأعذار ولا يهمها ما يحل بالشعب الفلسطيني من خراب ودمار. حتى ان بعض الصواريخ التي اطلقتها منذ يومين ما تسمى مقاومة على اسرائيل سقطت على بيت فلسطيني في غزة وقتلت فتاتين صغيرتين بعمر الورود.
وها هي حماس تجر اليوم الفلسطينيين العزل الى كارثة مدمرة تحت يافطة مقاومة تماما كما جر حزب الله لبنان تحت نفس اليافطة الى كارثة تموز.
فالفلسطينيون واللبنانيون يدفعون بالدم ثمن الممانعات السورية والمزايدات الإيرانية. ومليشيات ولاية الفقيه لا يهمها شلال الدم الفلسطيني اللبناني النازف بقدر ما يهمها فرض السياسة والنفوذ الإيراني على الدول العربية. وما شعار ازالة اسرائيل ودعم المقاومة إلا اسلوب مكشوف من اساليب التقية في السيطرة على المنطقة العربية وسفك اكبر عدد ممكن من الدماء البريئة.

نداء من مغترب لبناني الى السيد نصرالله

عصام غلاب
تأمل يا سيد حسن فيما يحدث اليوم في غزة المنكوبة وعد الى لبنانيتك قبل فوات الأوان!
الجميع يتفرجون الان على حريق غزة عام 2008 ومعهم حلفاؤك سوريا وايران، كما تفرجوا على حريق لبنان عام 2006.
فخطيئتك الكبرى يا سيد حسن ان تعتقد بعد اجتياح بيروت في السابع من ايار وضرب جبلنا الأشم، أن حزبك هو مقاومه وطنيه؟
بينما هو في الحقيقة ميليشيا تابعة لأوامر الولي الفقيه؟
حيث لا يمكنها أن تقبل بين صفوفها أي شيعي أو سني أودرزي أو علوي اخر لا يدين بالولاء للولي الفقيه في ايران.
ميليشيا لا تستوفي شروطها لأن تكون مقاومة وطنية!
فالمقاومة الوطنية يجب ان تكون صورة صادقة عن الوطن بكامل فئاته وليس فئة منه.
ميليشيا نخرها الحقد والكره والضغينة والاستكبار والعنجهية ضد بقية ابناء الشعب اللبناني المتعب من فوضى الميليشيات وفلتانها.
ميليشيا تقود اهلها وربعها الى المقابر والعنايات الفائقه دفاعا عن النظامين السوري والفارسي.
ترى ماذا تفعل جيوش النظامين الجرارة في ثكناتها؟
ميليشيا دمرت وطنها وقتلت شعبها وتتكلم عن نصر إلهي!؟ندائي لك أن تعود لأهلك وشعبك وأن تتوقف عن قيادة وتسويق أقبح حمله سياسيه باطله على لبنان تستبيح بها إراقة دماء الشباب الشيعة باسم المقاومه وإزالة إسرائيل من الوجود؟
أقول هذا لأني أرحم منك على دم اهلنا الشيعة.
أقول هذا لأنك تدرك تمام الإدراك بأن نظام البعث السوري الذي ذبح أهلك وربعك وشعبك باسم تحرير فلسطين، لهو أعجز عن تحرير شبر واحد من جولانه، أو حتى على السماح لحزبك التواجد فيه وممارسة الأعمال العسكريه من هناك ضد إسرائيل .يا سماحة السيد هل قدرك أن تظل مختبئا خائفا مرتعبا، بينما بشار الأسد وأحمدي نجاد يسرحون ويمرحون من أقصاها الى أقصاها؟
وهل قدرك ان تكون كبش محرقة للصفقات الدوليه والمعادلات السياسيه؟
فتعتدي على اللبنانيين بميليشياتك وتستبيح حقوقهم وتذبح شيبهم وشبابهم وتمارس فعل الغزوات ضد من يخالفك الرأي ، لكي يخنعوا لك!؟نظام البعث السوري والنظام الأيراني لن يقاتلا إسرائيل، لأن ذلك هو عكس مصالحهما، في اضهاد شعوبهما باسم شعارات المتاجرة بفلسطين.
تعقل يا سيد نصر الله واستدرك الأمور قبل فوات الآوان وسلم سلاح حزب الله لسوريا وإيران...وفنزويللا.
مغترب لبناني
issam