الأربعاء، يونيو 18، 2008

شرطة مجلس نواب أم ارهاب؟

سعيد علم الدين
يقول المثل الشعبي "يلي بياكل توم بتطلع ريحته". والأمثالُ هي في الواقع إشاراتٌ اجتماعيةٌ تراثيةٌ ثمينةٌ المحتوى:
لِلَفْتِ النَّظَرِ، وأخذِ العِبَرِ، وإعمالِ البصرِ، والتَّنبُّهِ والحَذَر.
زاخرةٌ بالحكمةِ الشعبيةِ، غنيةٌ بالمعاني والصور، ومبنيةٌ على الوقائعِ التي تصبحُ حقائقَ راسخةً في ضمير المجتمع ووجدان الأمة.
فالمثل القائل "ما في شجرة بتوصل لربا"، يدل على ان لكل قوةٍ وجبروت ٍوصعود، سقفٌ يجب أن تقفَ عنده وحدود، وإلا تعرضت الى حتفها والسقوط. تماماً كالمثل القائل: وما طارَ طيرٌ وارتفع إلا كما طار وقع! خاصةً إذا تمادى في ارتفاعه بلا حق، وتابع صعوده على باطل وبعجرفةٍ وتكبرٍ وغرورٍ وتسلطٍ وغيٍّ وبغيٍّ وشططٍ وشرور سينتهي به حتما الى الوقوع في الحفرةِ وكسر الرقبة وفتح الفم والخنوع.
ولهذا مهما تعجرفَ المتعجرفُ بِغَيِّهِ، وتكبر على غيره، واغتر بصواريخه، وتباهى بقوته، وتسلط على أهله، وبغى بظُلمِه، واستشرس بطغيانه، كما يفعل حزب ولاية الفقيه الصفوي وحلفاؤه اليوم في لبنان، فلن يصل الى ربه، بل سينكسر رأسه، ويدفع ثمن شره، وستعودُ عليه آفات غطرستِه الحاقدة على الآمنين، واستكباره الغوغائي على اللبنانيين، وتعدياته الهمجية على المسالمين: عاراً ومذلةً وتقهقراً وانكساراً ولو بعد حين.
والبطولة الحقيقة ليست في تخريب الأوطان واشعال الحروب، وانما في الحفاظ عليها ليبني الإنسان ويعمر ويسعد ويرقى بوطنه كباقي الشعوب. فما اسهل التخريب وما اصعب العمار!
والشجاعة الحقيقية ليست في التهور والتسرعِ والعنترة والعنطزة ونطحِ الصخرة كالتيس، والانقياد بالرسنِ من الرأسِ كالجحش، وانما في التأني والتبصرِ والثقة بالنفس، والحفاظِ على الهدوء، وكتم الغيظِ ورباطة الجأش.
وما اسهل الوقوع في الخطأ وما اصعب إصلاحه!
اما مَثَلُ الثوم ففيه تلميحةٌ نبيهةٌ إلى تورط أحدهم في أمر سيء تلاحقه ريحته أي تداعياته ومهما حاول التملص منه باصطناع البراءة أحيانا أو نفي المشاركة فيه أحيانا أخرى. هذا المثل ينطبق على النظام السوري وحلفائه في الاغتيالات البشعة والمؤامرات الخبيثة، والفتن المحبوكة في مطابخ المخابرات، والمكائد المدبرةِ عن سابق تصور وتصميم، والمتنقلةِ من منطقة الى اخرى لجر البلد الى الحرب الأهلية المرفوضة وعرقنة لبنان وهذا ما يحدث بالضبط ضد الآمنين من اهلنا الصامدين في البقاع الأبي وبيروت الشامخة والجبل المكين.
مَثلُ الثوم ينطبق بحذافيره ايضا على منظمة "أمل" الميليشاوية، التي تمارس ارهاب المواطنين متلطيةً بيافطة "شرطة مجلس النواب".
ولهذا فلقد تناقلت الصحف والمحطات أخبار كثيرة عن تورط هذه الشرطة باعتداءات شريرة ومبيتة على المواطنين الأبرياء في بيروت، أذكر منها على سبيل المثال:
1- الاعتداء على المشاركين ومنهم النساء والأطفال في شباط، اي الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. حيث اعتدت عناصر من شرطة مجلس النواب مدعومة من عصابات "أمل" وزعران "حزب الله" على المواطنين العزل بالضرب. اسفرت الاعتداءات والتي شملت احياء رأس النبع وبشارة الخوري والبربير وبرج ابو حيدر وبطريقة تدل على انها كانت مبيتة، عن اصابة نحو 20 مواطنا بجروح أو كدمات. وقد نقلتهم فرق الاسعاف الى مستشفى المقاصد.وعلم ان احد المعتدين، وهو علي حسن الملقب بالإيراني، عمد الى القاء زجاجة مولوتوف على احد المنازل في رأس النبع، فيما كانت عناصر اخرى تلاحق المواطنين في الشوارع وتعتدي عليهم بالضرب الوحشي، وتعمد الى تكسير سيارات متوقفة او صادف مرورها وكذلك المحلات التجارية. سؤال بديهي: وماذا يفعل الإيراني في شرطة مجلس النواب اللبناني؟ لحراسة السلطة التشريعية والحفاظ على القوانين أم لضرب الديمقراطية والعبث بالقوانين والاعتداء على الامنين وإرساء مربعات دويلة الفقيه في ساحة النجمة المرموقة!
وكأنهم يريدون بذلك إفهام اللبنانيين بالقول الاستفزازي والفعل الإجرامي، أنه: من يرفع علم لبنان، وينادي باستقلاله، ويطالب بالحقيقة والمحكمة ويحب رفيق الحريري أو يرفع صورته أو ينشط بتياره عليه أن يدفع الثمن الغالي: ضربا في الشارع أو طرداً من منزله، تكسيرا لسيارته أو حرقاً لمتجره، خطفا له وفي أسوء الاحوال اغتيالا وقتلا لشبابه، كما حدث بالضبط لنشطاء عزل من تيار المستقبل ومنهم الشهيد الشاب ربيع نمر الذي خطفته بحقد شيطاني زعران حزب ولاية الفقيه في بيروت ـ منطقة الجناح أثناء غزوهم وملحقاتهم المقنعة السوداء للعاصمة، ووجد مقتولاً غدراً في منطقة السعديات على مدخل إقليم الخروب وعلى جثته آثار التعذيب، مُذَكِّراً بالشهيدين الزيادين ومشيرا الى نفس أيدي القتلة.
هذا وحصل تلاسن مكشوف في وقته عبر اتهامات وانتقادات متبادلة في بيانات بين قوى الأمن الداخلي التي أصرت على تطبيق القانون والحفاظ على النظام والشرعية، وهذه الشرطة المحسوبة على مجلس النواب والمتورطة في اكثر من حادثة إخلالا بأمن المواطنين وعبثاً بالقانون والنظام والشرعية.
2- جريمة اغتيال الكتائبيين سليم عاصي ونصري ماروني مساء الأحد 20 نيسان في زحلة، والتي اقترفها الأخوين الفارين جوزف وطعمة الزوقي فيها ايضا رائحة ثوم شرطة مجلس النواب. حيث أكدت المصادر ان طعمة الزوقي عنصر في شرطة المجلس النيابي ومفروز لمواكبة رئيس «الكتلة الشعبية» في زحلة النائب الياس سكاف في تنقلاته.
3- محاولة اغتيال الناشط في تيار المستقبل الشاب عماد زغلول. حيث نفت قيادة شرطة مجلس النواب اللبناني علاقتها بالحادث الذي حصل في الطريق الجديدة في 3 حزيران والذي أدى الى جرح المواطن زغلول، معتبرة في بيانها "انها ليست المرة الاولى التي يتم فيها استغلال رخيص لحادث امني في سبيل اهداف سياسية".
وعندما قال الحريري ان الجناة الذين تعرضوا للشاب عماد الزغلول في محلة بئر حسن كانوا يرتدون بدلات شرطة مجلس النواب، أجابه بري «حتى ولو كانوا من شرطة المجلس.. إذا ثبت الأمر على الدولة ملاحقتهم وتوقيفهم.. ونحن في حركة «أمل» و«حزب الله» لن نغطي أحدا من المرتكبين وهذا قرار سياسي اتخذناه وأعلناه على الملأ».
ردا على كلام بري يقول المواطن محمّد علي عيتاني الذي تعرض وعائلته الى ارهاب شرطة مجلس النواب في تحقيق بعنوان" الهجرة من برج ابي حيدر الى طريق الجديدة" نشره موقع " لبنان الان" في العاشر من حزيران، التالي: إكتشفت لاحقًا أنّه تمّ توقيف ثلاثة من عناصر "حركة أمل" معي هم حسين دوبارا وناصر نصرالله وحيدر متري ولكن المريب في الأمر أنني رأيتهم يخرجون بعد ساعات في سيّارات تابعة لشرطة مجلس النوّاب. وعندما سألنا عن السبب تبيّن أنّ اثنين منهم ينتميان إلى شرطة المجلس والثالث يحمل تصريح تسهيل مرور من مجلس النوّاب. أين العدالة في ذلك؟. ومنذ تاريخه وحتى اليوم أصبحت مطلوبًا لدى "حركة أمل" و"حزب الله" وممنوعًا عليّ العودة إلى منطقتي".
إن من يقرأ قصة، بل مأساة المواطن البيروتي محمّد علي عيتاني الذي أجبر على الهجرة من منزله ومتجره من برج أبي حيدر إلى طريق الجديدة، أي من بيروته إلى بيروته، على أيدي ميليشيات أمل، أي زعران نبيه بري، وفقط لأنه مسلم سني ومن أنصار الحريري يصاب بغصة وحرقة ونقمة وألم وشعور بالثورة على هذا الظلم الغير مبرر من لبنانيين بحق لبنانيين آخرين. وفقط لأنهم يخالفونهم في المذهب والتوجه السياسي. هذا اكبر دليل على ما سيصيب لبنان اذا سيطرت عليه دويلة ولاية الفقيه الشمولية. فعندها على لبنان العيش المشترك والتنوع والجمال والحرية والديمقراطية السلام!.
وكيف سينتصر في لبنان منطق الدولة والقانون والنظام على منطق الميليشيا والفوضى والإجرام عندما يكون حاميها حراميها؟
الصراع الحالي الذي يدور في منطقة الشرق الأوسط واحد من العراق الى فلسطين. الهدف ضرب قيام الدولة الديمقراطية العربية الحقيقية، لانها خطر على الانظمة والحركات والأحزاب الشمولية. الأمور في هذا السياق أصبحت أكثر من مكشوفة للمواطن العادي قبل المراقب. ولهذا لا بد من أن ينتصر في لبنان والعراق وفلسطين منطق الدولة والشرعية والنظام والقانون والديمقراطية والمحاسبة على منطق الميليشيات والعنف والإرهاب والفوضى والهرطقة والنفاق واحتقار كرامة الإنسان واغتياله.

ليست هناك تعليقات: