الجمعة، يونيو 06، 2008

الحوار الوطني الفلسطيني يجب ان يكون شاملاً ولا عودة لسياسة المحاصصة الثنائية

راسم عبيدات
..... يبدو أن الظرف الداخلي الفلسطيني،أصبح أكثر نضجاً لحوار داخلي فلسطيني،ساعدت وشاركت فيه العديد من العوامل،وقف على رأسها أنه ليس الطرف الفلسطيني المفاوض وحده وصل إلى قناعات،بأن هذا النهج وهذا الطريق لن يقود بالمطلق ليس لتحقيق الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني فقط، بل ولما يسمى بالرؤية البوشية،عن حل الدولتين، والتي نظر وطبل لها فريق فلسطيني،وكثير من دول النظام الرسمي العربي،ليكتشف هذا الفريق،وخصوصاً بعد خطاب بوش الوداعي في الكنيست الإسرائيلية،أن ذلك ليس إلا لذر الرماد في العيون،وهذه ليست الصفعة الوحيدة التي ربما جعلت فريق السلطة المفاوض يصل إلى هذه النتيجة والقناعات،فلعل فشل زيارة عباس إلى واشنطن، والضغط علية من أجل توقيع اتفاق إعلان مبادئ جديد على غرار أوسلو غير ملزم،وتغيب عنه الكثير من القضايا الجوهرية مثل القدس واللاجئين،وكذلك لقاء عباس – "أولمرت" الأخير،والذي قبله وبعده أصر "أولمرت" على استمرار الاستيطان في القدس والكتل الاستيطانية في الضفة الغربية،واختزال اللقاء واستخفافه بالطرف الفلسطيني، لمناقشة الاسطوانة الإسرائيلية المشروخة والممجوجة عن تسهيلات الكذب والخداع والتضليل وغيرها، ومناقشة سبل التهدئة الفلسطينية - الإسرائيلية، وكذلك القناعات والاستنتاجات التي خلص إليها المجلس الثوري لحركة فتح في اجتماعه الأخير،والضغط الشديد الذي مورس من داخل فتح على الرئاسة وفريق المفاوضات،للتوقف عن الاستمرار في هذا النهج التفاوضي العبثي والضار،والموقف الذي اتخذته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالضغط على ذلك الفريق لوقف تلك المفاوضات التي تدور في دوائر وحلقات مغلقة.
هذه العوامل شكلت منطلقاُ وأساساً لدعوة عباس للحوار الوطني الفلسطيني، والتي لقيت ترحاباُ وقبولاً فورياً من قبل الأخوة في حركة حماس،عبر عنه رئيس وزراء الحكومة المقالة اسماعيل هنية،وكذلك باقي ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،والمشكلة هنا لا تكمن في الدعوة للحوار،ولكن في الأسس التي سيقوم عليها هذا الحوار،وهل الأسس التي سيجري عليها الحوار،هي القاعدة العشائرية التي طرحها اسماعيل هنية"لا غالب ولا مغلوب"؟ والقفز عن المحاسبة والمسائلة لكل الذين ارتكبوا خطايا كبرى بحق الشعب الفلسطيني من طراز الإيغال في الدم الفلسطيني،والمقامرة بالحقوق المشروعة والثوابت،واستحلاب الشعب الفلسطيني ومأسسة وتشريع الفساد في صفوفه،هؤلاء هم سيكونون أصحاب الحق في قيادة الشعب الفلسطيني،على قاعدة ركوب الموجة في كل المواقع والمحطات وأمراؤكم في الجاهلية أمراؤكم في الإسلام؟،وأيضاً ما هي الأهداف المتوخاة من هذا الحوار؟وهل الحوار جاد ويستهدف إنهاء حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني؟،أم هو في الإطار ألاستخدامي والتكتيكي،وتوجيه رسالة للأمريكان والإسرائيليين من قبل فريق السلطة ،بأن البديل عن هذه المفاوضات العبثية،هو الحوار والتوحد
مع حماس؟، وهل الحوار يستهدف تغليب المصالح العليا للشعب الفلسطيني،ويراعي مصالح كل ألوان طيفه السياسي والمجتمعي الشعبي؟،أم هو عودة للمصالح الفئوية والثنائية وسياسة المحاصصة،كما حصل في اتفاق مكة؟،وهل فريق السلطة جاهز لتحمل تبعيات هذا الحوار،وهو يدرك أن أمريكيا وإسرائيل تضعان" فيتو" على هذا الحوار،وتشترطان استمرار التعامل مع السلطة الفلسطينية،بعدم قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية،أو حوار داخلي تشارك فيه قوى المقاومة المصنفة أمريكياً وإسرائيليا كقوى"ارهابية"،وبمعنى آخر هل فريق السلطة المفاوضة الذي استهوى أل "في أي بي"وسهولة الحركة والتنقل والامتيازات الأخرى،جاهز لتحمل أعباء حصار ونضال وربما سجون وضريبة دم؟.
وصحيح أيضاً أن البديل عن عدم الحوار الوطني الفلسطيني،هو المزيد من الشرذمة والانقسام،وتكريس واقع الفصل السياسي والجغرافي،بين جناحي الوطن وما يعنيه ذلك المزيد من الضعف والتفكك في البنى والهياكل الاجتماعية والسياسية الفلسطينية،وصحيح أيضاً أنه بعد نجاح الدور القطري،في حل مشكلة الاستعصاء اللبناني بعد 18 شهراً من المراوحة،وتوفر مناخات ايجابية من كل القوى الإقليمية،التي لها تدخلاتها وأجنداتها على الساحة الفلسطينية،والتي أصبحت لديها قناعات بضرورة إنهاء حالة الانقسام على الساحة الفلسطينية،ورغم قوة حضور العاملين الأمريكي والإسرائيلي على الساحة الفلسطينية،إلا أن هناك ما يجعل تجربة المصالحة اللبنانية،ليست استثناء ويمكن لها ،أن تنسحب على الساحة الفلسطينية، فمن المعروف أن ما جعل المصالحة اللبنانية ممكنة،هو ما قام به حزب الله من حسم عسكري على الأرض، وتخلي أمريكيا عن حلفاءها من قوى الرابع عشر من آذار،واقتناع كل القوى اللبنانية بأن الحرب الأهلية ستكون خسارة صافية لكل اللبنانيين،وبالتالي حصلت المصالحة وربح كل اللبنانيين،فالمصالحة هناك تسير بخطى حثيثة،وما يجعل المصالحة الفلسطينية ممكنة،هو سقوط الرهان بشكل كلي على الدور الأمريكي والمفاوضات العبثية التي أصبحت آفاقها مسدودة بشكل كامل والاستمرار فيها وفق الإيقاعات والأهداف والشروط الأمريكية - الإسرائيلية،قد يعجل بسقوط فريق السلطة،ناهيك عن أن العديد من دول النظام الرسمي العربي،الدائرة في الفلك الأمريكي،تزعزعت ثقتها بهذا الدور والذي لا يلتفت لمصالحها بالمطلق،وأصبحت تشعر بالمخاطر الجدية على دورها ووجودها في السلطة،من خلال التململات والتحركات الشعبية.
ولذلك نرى أن هذا من العوامل الهامة، التي تجعل الحوار الداخلي الفلسطيني ممكناً، وهو بحاجة لأوسع رعاية إقليمية عربية وإسلامية، وحتى ينجح هذا الحوار،فيجب إن يكون له ممهدات من قطبي السياسة الفلسطينية(فتح وحماس)،وهو التوقف عن الحملات الإعلامية الضارة،والتحديد الدقيق للملفات والأسس التي سيتناولها ويقوم عليها هذا الحوار،ووضع المصالح للعليا للشعب الفلسطيني فوق كل المصالح الفئوية والأجندات الخاصة والفئوية،وأن تشارك فيه كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي الفلسطيني.
وهذا الحوار يجب أن يكون مسقوف زمنياً، ويفضي إلى ترجمات عملية ملزمة لنتائجه،وعلى رأسها التوافق على إستراتيجية سياسية واحده،ووحدة الشعب الفلسطيني أرضاً وشعباً وسلطة،والنقطة الأهم هنا،أن ينطلق الجميع من أن المصالح العليا للشعب الفلسطيني فوق كل الاعتبارات.

ليست هناك تعليقات: