الجمعة، فبراير 29، 2008

أطفال بعمر الزهورتبيت في ثلاجة الموتى


نيللي المصري
اغتيال الطفولة بات واقعا مريرا تعيشه الأمهات الفلسطينيات بكل ألم وحسرة..قذيفة تاهئة بل مقصودة تتجه صوب تلك الضحكة البرئية التي اعتادت الأولى على رائحة الدم وأشلاء الأبرياء المتناثرة هنا وهناك..دون أدنى رحمة..من بين فكي تلك الوحوش تتهاوى الصواريخ بكل مكان وبأي توقيت...
وتهرول مسرعة لتخرس ضحكة هؤلاء الأطفال البرئية لتعانق الروح السماء وتعود الى بارئها..الطفل الرضيع محمد ناصر البرعي ذو الستة شهور لم يكن يدري أنه بضحكاته الأخيرة التي كان يلهو بها أن يودع والديه اللذان طالما انتظراه طويلا بعد خمس سنوات من العلاج...
حجارة ضخمة وشظايا وقطع من السقف الأسبستي المتهالك انهارت على الطفل محمد وهو متعلق بصدر أمه، أطلق صرخة واحدة وسط الظلام الدامس الذي خيم على المنزل جراء انقطاع التيار الكهربائي...انفجار كبير يهز أرجاء المكان والطفل الرضيع لم يعد بحضن أمه من شدة الانفجار ..
هرول الأب مسرعا وكذلك الأم في وسط الغبار والحجارة والظلام يبحثون عن ابنهم فلذة كبدهم علهم سمعوا ضحكته ويدلهم على مكانه... 'ذهبا باتجاه الصوت يتحسسون وسط الركام، لمس الأب يداي طفله، سائل دافء لزج بلل يداه، أيقن حينها أن ابنه مصاب، لم يسمعه يصرخ أو يصدر اصواتا كالمعتاد، تلك هي المرة الأخير التي سمع فيها صوته' ....
اصيب الطفل اصابة بالغة في راسه ومن شدة الالم لم يستطع البكاء وفارق الحياة وفارقت ضحكته البرئية تاركة دموع الألم والحسرة بقلوب والديهما اللذان لاحول لهما ولا قوة الا بالله...الأم لم تستطع ان تتحمل هول المفاجأة والصدمة وبلمح البصر أن يفارقها الابن الوحيد الذي رزقهما الله به بعد خمس سنوات من رحلة علاج من العقم من اجل انجاب طفل يزين لهما حياتهما وانهارت امام ما رأته من مشهد قاس يصعب على اي ام ان تتحمل رؤيته....
فلذة كبدها بعد أن كان يلهو بحضنها الدافئ أصبح بعد ساعات يرقض بثلاجة الموتى على مقربة منها حيث ترقد في قسم الاستقبال بنفس المستشفى ..الفاجعة كانت قوية..لم تتمالك نفسها وهي ترى سريره فارغا بجانب ألعابه التي دمرتها أيضا آلة الحرب والموت الاسرائيلية من جراء القصف الذي دمر أيضا أحلامها بتربيته الى أن يكبر وأحلام الطفل البرئي الذي قضي مع سبق الاصرار والترصد بأسلوب همجي اشد قسوة وأكثر توحشا واستهدافا للأبرياء خاصة الاطفال .
Nsport9@gmail.com

انتخبوا رئيساً للبلاد... دون إبطاء

لاحظ س. حداد
الابتزاز والاستهتار بمصالح البلاد والعباد لن يقيما دولة
التقاعص والمراضاة وتبويس اللّحى لن تردع أحداً !


بعد الفشل الذريع الذي تسببه موقف مفوّض المعارضة اللاوطنية لمبادرة وزراء الدول العربية العربية، والسعي الدؤوب الذي يتولاه رئيس تكتل الإصلاح والتغيير في قذفه بكرات الحلول إلى الأمام ودعوة الجميع إلى الانطلاق التقاطها لوضعها موضع التنفيذ فيجدها، إمّا فارغة المحتوى أو حبلى بشروط تعجيزية لا يمكن قبولها..
وبعد اتضاح لعبة " الكشاتبين " بين المفوّض السامي لحزب الله، الجنرال المخلوع، ورئيس حركة أمل نبيه برّي، المفترض فيه أن يكون رئيس برلمان لبنان، التي لم تعد بخافية على أحد.. فما يقبله الجنرال يرفضه برّي والعكس أيضاً صحيح.. وهكذا بين حانا ومانا يكاد يضيع لبنان..
- إن الوطن الصغير لم يعد يتحمّل ديماغوجية المعارضة الجوفاء وتهديادتها الهوجاء ولن يكن بإمكانه الصمود أمام كل هذه السيباسة البلهاء التي كلما طالت مماطلةً كلما زادت سوءً وخطراً..
- إن الوطن في خطر حيقيقي لن يقيله من عثرته المقبلة لا مكسب للمعارضة ولا للموالاة..
إن إخراج الوطن من أزمته لم يعد ينتظر حياكة مبادرات أو مؤامرات هو بغنىً عنها كلها.. بل هو يتوقف على حسٍّ وطني جامع شامل يتولى الانقاذ قبل الاتفاق أو التوافق على أمورٍ أدخلنا إليها كلّ ذي حجة ومنطق يصبُّ فقط في مصلحته دون مصلحتنا..
- الخطر داهم والجميع لاهٍ في الاستيلاء على حصةٍ من غنائمَ لم يعد لها وجود إلاّ في مخيلته.. والبلد ليس غنيمة للتقاسم بل بات فريسة سيقتنقصها أعداء لبنان..
ما بشرنا به أحد كبار رجال الدولة، عطوفة رئيس مجلس النواب اللبناني، في مقابلته الحوارية الصحافية مع اثنين من كبار الصاحفيين، الاستاذ التويني والاستاذ سلمان، عندما ذكر، في معرض كلامه عن الجلسات النيابية ما معناه: أنه سيكون هناك الكثير من الجلسات حتى بعد انعقاد القمة الدمشقية.. كان كلامه، بالنسبة لنا، دعوة صريحة لتمديد التعطيل لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية..
ما كنا نتوقع منه، ليس سرداً تاريخياً لمواقفه البطولية وتفسيراته وشروحاته عن لقاءاته مع محاوريه من عرب وأجانب، بل موقفاً صريحاً وواضحاً، من موقعه كرئيس للمجلس، وتوجيه دعوة عقلانية ذات مردود عملي، وليس ديوانية أبو ملحم التوفيقية وإعطاء الأمثال الجميلة ذات النكهة والتفكهة... فعطوفته، ليس أبو ملحم ولن يكون بل، هو رئيس هيئة تشريعية تمثل الشعب اللبناني.. وليس بالتمني تحصل العجائب بل بالعمل الخيّر المثمر..
وقبل أن يدعو الجميع إلى الإلفة والتضامن عليه ليس التخلي عن موقعه كرئيس لأحد أطراف المعارضة بل إعطاء الجميع القدوة والمثال لتصرّف رجل الدولة..
------------------------
برسم الحلفاء في العارضة!
تقول الأساطير العربية إن أبو زيد الهلالي كان فارساً هماماً شجاعته اكتسبها من براعته في امتطاء حصانه ومرونته في تفادي ضربات أعدائه بالانزلاق عن ظهر الحصان والالتفاف حول بطنه وتوجيه طعناتٍ قاتلة غير منتَظَرة إلى خصمه.. وأيضاً: إن الزير سالم كان رجلاً شاعراً سكيراً عربيداً لكنه بطلاً جباراً صنديداً لم يؤخذ إلاّ بالحيلة وما أن سقط حتى استغفر وترجى!
وتقول اسطورة المقدم الياس، الفارس الماروني الذي خدعه والي الشام ودعاه إلى حفلة تفاهم في خيمةٍ في مضاربة في سهل البقاع اللبناني.. فصدّقه ودخل فسطاطه فانقض عليه وقتله ودفنه ... هناك صارت قبر الياس قبّ الياس!
لهذا: نحن لا نريد من الجنرال المشهور بشجاعته القاتلة وبراعته في توجيه طعناته لأخصامه أن يكون أبو زيد العرب بل فارس بني لبنان ولا نريده المقدم الياس الماروني بل نريده المقد ميشال اللبناني.. فهل يستجيب؟
كذلك نحن لا نريد من حسن نصرالله أن يكون أبو زيد العرب أو زيرها الذي لا يسكر بل نريده أبو زيد لبنان الذي يضع كامل ثقله وأعتدته تحت عباءة الوطن وينقلب للتحالف مع الوطن وحده ليستحق شرف الدفاع عنه!
-------------------------
أخيراً ،
إذا ما فقدنا الأمل نهائياً في يقظة ضميريّة لهؤلاء الحلفاء اللألـدّاء تُعيدهم إلى انتهاج سبل الوطنية لن يعد أمام قادة ثورة الأرز سوى السبيل الوحيد الذي يقي الدولة والنظام من الانهيار التام، أمام شعوذات هؤلاء الحلفاء واستخفافهم بكل ما تبشر به استعدادات اسرائيل وتحركات دول العالم الحر، وهو المسارعة، دون الالتفات إلى أية معارضة سياسية، إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية دون إبطاء؛ وبالتالي وضع العالم العربي كله ومجلس الأمن الدولي أمام مسئولياتهما التي فرضوها على لبنان قولاً وإعلاماً ومؤتمرارت وقرارات..

لا نريد قمة نحضرها ولا مبادرات تلهينا وتزيد هيجاننا وتجيّش مشاعرنا..
لا نريد مزايدتٍ في الوطنية والتهديادات الهمايونية..
لا نريد دكاكين سياسية جديدة تشرّع أبوابَ الوطن أمام كل طارئٍ ودخيل..
لا نريد مدارسَ تخرّج عقائد ومذاهب سياسية تأتينا من كل فجٍّ عميق..

شبعنا مماحكات ومناظرات تغسل أدمغتنا وتزيدنا فرقة وتشتت..
نريد وطناً يحتضن شعباً وليس قيادات تستعمل شعباً..
نريد لبنان وطنا ليس كالأوطان، فهل تستجيبوا لنا؟

صانك الله لبنان

التيار السيادي اللبناني في العالم / نيوزيلندا

هل المواجهة العسكرية ستبدأ من غزة أم من لبنان؟

راسم عبيدات
....... كل الدلائل والمؤشرات، تقول ان المواجهة العسكرية بين قوى المقاومة والممانعة والمعارضة العربية والإسلامية من جهة، وبين المحور الأمريكي الإسرائيلي الأوروبي الغربي وأدواته الإقليمية في المنطقة باتت قريبة جداً، بل ونشهد بداياتها الآن في قطاع غزة، حيث التصعيد والقصف الإسرائيليين غير المسبوقتين، والتي لم تعد تفرق بين مقاومين، أو حتى أطفال رضع، بل الفلسطيني مستهدف كفلسطيني، وفي ظل حالة التغول والتوحش الأمريكي- الإسرائيلي وصمت بل وتساوق العديد من أنظمة النظام الرسمي العربي، مع ما يجري من قتل وتدمير ممنهج لكل مظاهر الحياة في قطاع غزة، ناهيك أن المؤسسات الدولية ودعاة ولجان ما يسمى بحقوق الإنسان المسطي على والمصادرة قراراتها من قبل الإدارة الأمريكية، لا يهمها ما يجري من تقتيل وتدمير وحصار وتجويع بحق شعب بأكمله، لا ذنب له سوى أنه يطالب بحريته وإنهاء وزوال الاحتلال، بل همها ينصب على تسويغ وتبرير العدوان الهمجي الإسرائيلي، وتوفير الحضانة والتغطية له، رغم أن ما ترتكبه إسرائيل هناك، ليس له سوى مسمى واحد، هو جرائم حرب ضد البشرية والإنسانية، فالطفل الفلسطيني الرضيع،والذي كانت تندبه والدته بحرقة محمد البرعي، بالقول محمد بني، أين أنت؟ يا محمد لماذا قتلوك؟، هل أطلقت صاروخاً؟، وهل أسأت للعالم بضحكاتك البريئة؟، فالشهيد محمد لم يكن مقاوماً فلسطينياً، ولا مدافعاً عن أرضه ووجوده في ظل العدوان الهمجي الإسرائيلي المستمر والمتواصل، بل رضيع رزقت به والدته بعد خمس سنوات من المعاناة والآلام.
وهذه المواجهة العسكرية، والتي كنت أعتقد أن بدايتها ستكون من لبنان، يبدو أنها تنطلق وتبدأ من القطاع، لفرض واقع جديد، يتمثل في القضاء على قوى المقاومة هناك، وضمن الخطة المرسومة والتي تشارك فيها بالإضافة إلى أمريكيا وإسرائيل أدواتها الإقليمية في المنطقة، اجتياح واحتلال إسرائيلي للقطاع، وبعد القضاء على قوى المقاومة، يجري تسليمه لقوات عربية وإسلامية غير معاديه لإسرائيل ،قوات مصرية وأردنية وماليزية وتركية، وبعدها يسلم القطاع للسلطة الفلسطينية، وواضح جداً أن أمريكيا وإسرائيل تعييان جيداً،أن مؤتمر أنابوليس للسلام، هو ليس سوى محطة على الطريق، للتحضير لموسم ذبح عربي وإسلامي جديد، ولكن يبدو أن هذا الموسم هذه المرة أعم وأشمل، وسيطال أكثر من حلقة في آن واحد،وبما يضمن تغير شامل لخارطة المنطقة جغرافياً وسياسياً، وضمان رسمها لسيطرة أمريكية – إسرائيلية على مقدراتها وخيراتها وثرواتها لفترات طويلة جداً، ومقابل الحلقة الفلسطينية ، هناك الحلقة اللبنانية، حيث يبدو أن الأمور قد قطعت شوطاً تجاه تصعيد أمريكي – إسرائيلي ، بتعاون وتنسيق ومشاركة من أطراف محلية وإقليمية، للبدء في تفجير الساحة اللبنانية، مما يوفر الغطاء والمبرر لضرب قوى المقاومة اللبنانية ومعها سوريا، فقدوم المدمرة الأمريكية "كول" إلى الشواطئ اللبنانية، يأتي في سياق دعوة قوى الرابع عشر من آذار اللبنانية لاستقدام قوات دولية إلى لبنان ، وأيضاً في سياق الضربة العسكرية المحتملة للمقاومة اللبنانية والعربية وعلى رأسها حزب الله وسوريا، إذا ما رفضت الشروط الأمريكية المتعلقة بانتخاب رئيس لبناني، خارج إطار الدستور والتوافق اللبناني، وكذلك تحذير وتهديد مباشر لسوريا، بأنها لن تسمح بعقد القمة العربية في سوريا، إلا وفق اشتراطاتها وإملاءاتها وعلى رأسها تنصيب رئيس لبناني من قوى الرابع عشر من آذار، وأن تتضمن القمة بنداً واضحاً وصريحاً بالاعتراف بإسرائيل،دون ربط ذلك بموافقتها على المبادرة العربية، والتي يجب الهبوط بسقفها وبما توافق عليه إسرائيل، وفي هذا المجال وجدنا أمريكيا بدأت بالضغط العملي والفعلي على أدواتها الإقليمية في المنطقة، لعدم حضور القمة في دمشق، والدعوة لعقدها في مكان بديل، وليكن شرم الشيخ على الأرجح، وهذا ما طرحته دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا يعني تعميق حالة الشرذمة والانقسام العربي، وإنهاء مؤسساتها الشكلانية والورقية الجامعة مثل الجامعة العربية، وهذا توجه خطير جداً يهدف إلى شطب مفهوم العروبة والقومية من الذاكرة والوعي العربيين،وتعزيز وتكريس مفاهيم ومبادئ القطرية والجهوية والطائفية والقبلية والعشائرية والحلول الفردية والقطرية، بدلاً عن الهم والمصير الجمعي والقومي.
إذا الإدارتان الأمريكية والإسرائيلية، لم تعد تنتظران رداً من قوى المقاومة ودول الممانعة العربية والإسلامية، على ما قامتا وتقومان به من جرائم واعتداءات على الأمتين العربية والإسلامية، والتي كان آخرها اغتيال أحد أبرز القادة العسكريين في حزب الله الشهيد القائد عماد مغنية على الأراضي السورية، بل قوى اليمين المتشدد في كلا البلدين، ترى أن فرصتها للبقاء في سدة الحكم، تأتي فقط من خلال الإيغال في الدم العربي والإسلامي، وهذا يتطلب شن حروباً استباقية عليها، قبل أن يصبح من الصعوبة لجمها والسيطرة عليها ، أو لربما تشكيلها مخاطر جدية على مصالحها ووجودها وقوة ردعها وهيبتها، وخصوصاً بعد الهزيمة التي مني بها الجيش الإسرائيلي في عدوانه على لبنان في تموز/ 2006 .
ومن هنا فإن المواجهة العسكرية واقعة لا محالة في القريب العاجل، ولكن الذي بحاجة لحسم في هذا ،هو شرارة التفجير، هل تنطلق من غزة؟ أم من لبنان؟ وسواء انطلقت من غزة أو لبنان ،فإن تداعياتها سيكون لها أبعاداً إقليمية، تطال منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بل ومنطقة الخليج العربي، فعدم تحقيق نجاحات أمريكية جدية في حروبها في أفغانستان والعراق،وكذلك ترسخ إيران كقوة إقليمية في المنطقة، وما لها من تأثيرات ونفوذ،بالإضافة الى قدراتها العسكرية والتسليحية الكبيرة، وعدم اكتراثها وتأثرها بما يسمى بالعقوبات الدولية، لحملها على عدم امتلاك أسلحة الدمار الشامل، والتصميم على امتلاكه حتى لو تعرضت إيران لضربة عسكرية، وكذلك إسرائيل تتخوف بشكل جدي من تطور وتصلب قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، والتي ترى فيها مخاطر جدية وتهديد لوجودها، وخاصة ما صرح به سماحة الشيخ حسن نصر الله،يوم استشهاد القائد مغنية، من أن مؤسس الدولة اليهودية بن غوريون ، قال بأن نهاية إسرائيل تكون بعد خسارتها لأول مواجهة عسكرية، وهذا ما حدث بالفعل.
إذا هي كما قال سماحة الشيخ حسن نصر الله حرباً مفتوحة ،بوادرها تلوح من غزة وبيروت في آن واحد، وأبعادها وتداعياتها ستطال منطقة الشرق الأوسط والخليج، والنتائج ستحدد وتحسم مصير المنطقة لعشرات السنيين القادمة .

القدس- فلسطين

أحقاد حائرة

محمد جنيدي
حينما يكون الواحد منّا تافهاً فهو لا يُسبّ ولا يُحمد، وهو أيضاً لا يُرجى نفعه أو ضره، أو هكذا يكون.أمّا عندما يكون أحدنا ظالماً ويملك وسائل وأدوات الاستبداد والظُّلم فهو إمّا أن تقف النَّاس منه موقف الانتهازيين حاملي الدُّفوف والطُّبول أو تقف منه موقف الكارهين الخائفين وهم منه على حذرٍ إلي ما شاء الله له حياةً وحُكما، فإن مات هذا الظُّالم وانقطع بطشه وهرولت بطانته إلى الكُّهوف والجحور وسكنت حاشيته وجلادوه بيوت العنكبوت – هنا وربَّما هنا فقط – تتخطفه الألسنة وتفوح قبائحه بالَّذى تقشعرُّ منه الأبدان وتدور عليه الدوائر فترى الأقلام الَّتى كانت يوماً ما تمتدحه تمزقه شرّ ممزّق وينقلب عليه مؤيّدوه (وهم المنافقون) فيناصبونه أشدّ العداء وينعتونه بأرزل الصِّفات، تلك حقائقٌ ثابتة وأمور طبيعية يعيدها لنا التَّاريخ عبر أزمنته المتعاقبة.
ولكنَّني أعجب كلّ العجب! حينما أرى رجلاً وقد نال على مرِّ القرون شهادة المُبغض قبل الحبيب والمُكَذِّب قبل المُصَدِّق والصَّديق، أعجب كلّ العجب! أن يكون هذا الرَّجل وقد ترك من الأثار المحمودة الخالدة ما تهتز لها أركان الجبال ومن المناقب الفريدة الرائدة ما يعجز عن وصفها أهل البلاغة والفكر والأدب، بل وأعجب كلّ العجب!
أيضاً حينما ينعته ربُّه وخالقه في قرآنه المجيد بقوله ( وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ( سورة القلم الآية 4 ) ..ثمّ تأتي لنا سيرته العطرة لتفسِّر هذا المعنى وتُأكِّد عليه ونراه فيها بالفعل هو أكرم الناس وأحسنهم عملاً وفكراً وأخلاقاً, ثمّ وبعد أكثر من ألف وأربعمائة عاماً من انتقاله إلى الرَّفيق الأعلى، إذا بنا فجأة وعلى غير المتوقع يأتون أُناس لنا بعدما سوّلت لهم أنفسهم أمراً وقد أصابهم سرطان الحقد والشَّطط ولعبت برؤوسهم الشَّياطين فضحكت عليهم ومالت بهم أهواؤهم وأحقادهم الحائرة ميلاً عظيماً فسقطوا ومازالوا هم يسقطون، فقد جاءوا هؤلاء ليسيئوا بعمدٍ ومع سبق الاصرار إلى هذا النَّبي الخاتم وأخَى الانبياء والرُّسل عليهم الصَّلاة والسَّلام أجمعين.
وإنِّي لأتساءل هل أردتم أيُّها الحاقدون بفعلكم هذا أن تُؤكِّدوا لنا وتُحقِّقوا فى أنفسكم من جديد قول الله عزّ وجلّ ( وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ) (سورة القلم الآية 50) فتذهبون برمق الأمل الأخير في هدايتكم وإصلاحكم إلى غير رجعة أم أردتم أن نخرج معكم ثمّ نبتهل إلى الله كما جاء في آية المباهلة وقد حدث هذا لأمثالكم بالفعل من قبل فنجعل لعنة الله على القوم الكاذبين يقول الله عزَ وجلّ ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )(سورة آل عمران الآية 61 )إن الَّذى يقرأ التَّاريخ محايداً ومنصفاً ولم يُؤمن برسول الله ( وله كلّ الحرِّيَّة في ذلك ) أرى أنّ أقلّ مقامٍ يقف به صوب رمز الإسلام والمسلمين سيدنا رسول الله هو مقام الاحترام والتَّوقير لا مقام السَّب والقذف الَّذي لا يُهين فى النِّهاية إلّا صاحبه.
الكلام يطول بنا جداً، ولكنَّني أود أن أختتم حديثي فأقول: ياهؤلاء! إنَّنا لن نُبادلكم السِّباب بالسِّباب فلم يُعلمنا رسولنا الكريم هذا قطعاً ولكنَّنا لا نقول فيكم إلَّا مايُرضِي ربّنا ( حسبنا الله ونعم الوكيل )، وها نحن نهيب بكم أن تضعوا حداً لتهكُّماتكم ولتحذروا ولتعلموا أن الله يدافع عن الَّذين أمنوا، فما بالكم حينما يدافع ويذود عن أحبّ خلقه إليه حبيبه ومصطفاه وأوَّل المؤمنين وخاتم النبيين سيدنا محمد عليه الصَّلاة والسَّلام ، فمن هذا الَّذي إذن أوقعكم في رسول الله؟! وهل ستدركون مصيبة تجاوزكم وتتوبون منها عن قريب، ندعوكم لذلكيا أهل السباب!
اعتذروا إلى الله ورسوله وادركوا التَّوبة على فعلتكم قبل أن يُباغتكم الله بعذابٍ أليم.وأخيراً! يا رسول الله.. معذرة، وها نحن نُعرض معك عن الجاهلين حتَّى يفيقوا ويعتذروا ويتوبوا إلى الله عما اقترفوه في حقِّك يا سيِّد الخلق أجمعين.
ونُصلِّى عليك وعلى آل بيتك كما يحبّ لكم الله ويرضى، اللهم صلِّ على سيِّدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

الخميس، فبراير 28، 2008

لبنان... على قياس مَن؟


رشا أرنست

للمرة الخامسة عشر تتحدد جلسة انتخاب رئيس لبنان، والتوقع بتأجيلها قائم بنسبة 99%. فلا جديد بعد كل هذه المحاولات. وإذ كان أبناء البلد الواحد لا يتفقون فيما بينهم، فنسبة نجاح أي تدخل خارجي للتوصل لنتيجة ايجابية تخص حال هذا البلد تكون ضعيفة. فصورة الوضع في لبنان أصبحت قاتمة لدرجة تحجب النظر إليها من كل الاتجاهات. ما يحدث في مجلس النواب تعدى مسألة الاختلاف وأصبح جريمة في حق هذا البلد. والمؤلم أن أبناؤه هم من يرتكبون الجريمة في حقه، وكأنهم مراهقون حوّلوا لبنان إلى ساحة سباق، وهم متسابقون لم يدركوا هدف السباق فابتكروا أهداف أخرى، وتحول السباق إلى معركة شرسة نحو الكرسي الرئاسي. ومن يملك كروت ضغط ودعم خارجي أكثر، تزيد فرصه للفوز. ونسوا جميعهم أن ما يتسابقون عليه هو وطن غير قابل للمساومة.
لست بصدد الحكم على هؤلاء الكبار الغير قادرون على إدارة شئون وطنهم، وإنما المسألة تعدّت مجرد انتخاب رئيس. فالمشكلة تعمقت حتى وصلت جذورها لأساس هذا البلد، وأصبح كل شيء قابل للانهيار. وبدل أن يكون لبنان مثال يحتذي به بين الدول العربية في الحرية والديمقراطية، أصبح مثال لمشروع فاشل اسمه "مواطن عربي حرّ".
دستور واضح.. حرية كاملة.. مفاوضات.. مبادرات.. الكل يملك الكلمة....الخ. كل ما يلزم لاتخاذ قرار صائب بحرية مطلقة لصالح لبنان في متناول أيدي النواب إلا شيئا واحد وهو الإرادة الداخلية. هؤلاء المرشحون لمنصب الرئاسة والآخرون المخيرون لاختيار الرئيس اغلبهم لا يملكون إرادة داخلية حقيقية. إنما الواضح أن الأغلبية يملكون إرادة سلطوية أنانية تسعى للسيطرة والحكم، وبعضهم تحت سيطرة إرادة خارجية احترفت المساومة. كل منهم يريد لبنان على قياسه، على طريقته، وليس لبنان الوطن. أصبحت أشياء وأهداف أخرى غير سلام واستقرار لبنان تحركهم. غيرّوا ألوان الأرز الأخضر النابض بالحياة للأوان لا روح فيها ولا معنى. العلم الواحد انقسم وأصبح أعلام، كل واحد منهم له علمه ولونه. منذ متى ونصنع الأوطان على قياسنا؟ الم تكن الأوطان أولاً ثم جئنا نحن، أم الآن أصبح يحدث العكس أيها النواب؟ منذ متى ويُعرف اللبناني بلون غير لون الأرز الأخضر ودم الشهداء الأحمر؟
المسافة كبيرة بين القول والفعل. وما يقولونه ويصرحون به هؤلاء النواب لم يعد احد يصدقه لأنه لا يقترن بالفعل. لا يتعدى مجرد شعارات تكتب وبجوارها أعلامهم الجديدة. الأزمة اللبنانية تخطت الاتفاق على اختيار رئيس، فالنواب تخطوا كل الفرص وتعدوا على آمن لبنان واستقراره وحقه في السيادة. وجميعهم مسئولون عن ضياع قيمة لبنان كدولة مستقلة. فقد حوّلوا مبدأ الرئاسة من غاية نزيهة لحماية الدولة ورمز لوحدته، وتأمين حقوق مواطنيه إلى وسيلة لتحقيق مصالح شخصية أو فرض وصاية بعينها. هؤلاء الذين يتفاوضون من اجل الكرسي الرئاسي يتحدثون باطلا باسم شعب لبنان. فما يسعون إلى تحقيقه ليس إرادة الشعب، إنما هو صراع واضح ومأساة حقيقية، تحكمهم فيها الإرادة الذاتية وليست الإرادة الشعبية. وإرادة شعب لبنان لا تريد التفرقة أو الانقسام الذي تسببوا به، والذي قسمهم إلى أحزاب داخل الأحزاب. إرادة شعب لبنان ترفض هذا التردد والشعارات الكاذبة والألوان المتعددة، ورسائل التهديد التي يبتكرها هؤلاء كل يوم. إرادة شعب لبنان مثل إرادة كل الشعوب الأحرار الذين يريدون الحياة في امن وسلام بعيد عن السياسة والمؤامرات والعقول المتجمدة.

متى ستتخلون أيها النواب المسئولون عن نزعاتكم الفردية وتفكرون في لبنان الكلّ؟ كم جلسة أخرى ستكون حتى تقرروا خلاص هذا البلد؟ كم شهيد أخر لابد أن يقدم حياته ثمن لاستقرار البلد؟ كم يوم آخر من الخوف واليأس والتهديد والانتظار لعودة السيادة للبنان؟ كم شاب عليه أن يفكر بالهجرة ويبحث عن بلد آخر قبل استقرار لبنان؟.... إلى متى يدفعون الصالحون والشرفاء ثمن أخطائكم؟.. حتى متى ستستمر تلك المهزلة الانتخابية ومتى ستكتب لها النهاية ليبدأ لبنان من جديد؟

ما يحتاجه لبنان الآن ليس معجزة أو مستحيل، وإنما إرادة حرة وإيمان بالوطن، الإيمان الذي يدفعكم لاختيار رئيس والتوصل لاتفاق واحد. ما يحتاجه لبنان هو أن تحافظوا على كرامته. أن تجعلوا اجتماعكم اجتماع أفراد أحرار، متساوين وعقلانيين لهم كرامة يجتمعوا على حبّ وطن واحد تحت راية علم واحد، ويتفقوا على إيجاد الحلّ الذي يكفل حق اللبنانيون جميعاً. وحق أن يكون لبنان واحد للكلّ.

صحفي للبيع... وعلى عينك يا تاجر


عطا مناع

لقد تحول الوطن إلى بسطة تعرض فيها البضائع لمن يشتري وللذي يدفع أكثر، أرجوكم لا تستغربوا... ولا تغضبوا...ودعونا نسمي الأشياء باسماءها... ولا داعي لان نغطي الشمس بالغربال.... أو نضع رؤؤسنا في رمال الفضيلة الكذابة... نحن يا سادتي نعرض أنفسنا يوميا في سوق النخاسة الأمريكي... أو الإسرائيلي ... وبصراحة لكل من هب ودب ... على شرط أن يدفع وبالعملة الصعبة... لكن واقعيين لكل الأشياء أثمان حتى الأوطان والنخب أو من تعتقد أنها نخب... ففي زمن الانهيار تتهاوى نمور الورق وتتكاثر كالجرذان خاصة في ظل سيادة قانون العرض والطلب.

أنا اعمل في مهنة الصحافة، ولا زلت اعتقد أنها السلطة الرابعة أو مهنة المتاعب كما يحلو للبعض أن يصفها، فهي المهنة التي تشكل الرأي العام وتناقش قضايا المجتمع من منظور مختلف وتفند وتبسط الواقع المعقد ليصل بسهولة إلى أيدي القراء، هي المهنة المنحازة إلى الغالبية الساحقة أي إلى جمهورها وهي ببساطة المهنة التي يجب أن تقول للأعور أنت اعور وللفاسد أنت فاسد وللمرتشي أنت مرتشي ...... يفترض أن تكون المهنة التي لا تقبل القسمة على موقفين ولا يسمح لها بالانحراف وفقدان البوصلة ، أنها صاحبة الجلالة صاحبة اليد الطولا والكلمة الواضحة البعيدة عن احتمالية التأويل والتفسير والاستقطاب وخاصة من السلطة أية سلطة.

اشعر ببعض الضيق ويشاركني في شعوري هذا بعض الزملاء الذي لا زالوا متمسكين بمهنيتهم وانحيازهم لقضية شعبهم، مصدر ضيقنا ما نشاهده ونعايشة من انتهاك واغتصاب للكلمة وكرامة المهنة من الدخلاء الناطقين بكل اللغات إلا الفلسطينية، واقصد هنا أن البعض الصحفي وخاصة في بعض الوكالات الفلسطينية يعمل على إدخال ثقافة الآخر لقاموسنا الصحفي لدرجة أن وزارة الإعلام في السلطة الفلسطينية طبعت بعض الاصطلاحات المتعارف عليها للالتزام بها وعدم الانحراف عنها، فلا يصح مثلا كما يحلو للبعض أن نقول الجيش الإسرائيلي أنة جيش الاحتلال وهم يعترفوا بذلك، لقد سيطرت المفاهيم الدخيلة على صحافتنا الفلسطينية هذه المفاهيم التي تسعى لتطبيع العقول ومليء الجيوب ، والانفتاح على الأخر أو بشكل أدق"الانفتاح" للأخر والإذعان لفلسفته والانبطاح لمفاهيمه العدائية الهادفة لإخضاع الفلسطيني لعملية مسح دماغ بأيدي وعقول فلسطينية امتلكت كافة الأدوات التي من شانها تلميع الأفكار والتوجهات الصدئة التي غزت صحافتنا بإشكالها المختلفة.

من يدقق ويتعمق قليلا لن يجد صعوبة من وضع الإصبع على المرض المشخص لكل من له علاقة بمهنة الصحافة، لكن اللامبالاة والبلادة تتصدر المواقف وتجد ترجمات لها في حالة الفلتات التي اجتاحت ساحة العمل الصحفي إذا جاز التعبير لنتحول إلى مستقبليين ورغم أنوفنا للسيل المتدفق من الصحفيين الذين جاء نتاج عمليات قيصرية ووصفات جاهزة طبخت في العواصم الغربية، لذا نجد أنفسنا في بعض الأحيان غرباء عن هذا الواقع الذي تحول إلى بزنس عند بعض الصحفيين ومن امتهن هذه المهنة الرائجة والمربحة.

إن غياب الاجسام المعبرة عن مصالح الصحفيين وعزوفها عن إحداث حالة الرقابة والمتابعة لعمليات البيع والشراء التي اجتاحت الجسم الصحفي الذي تهدده مؤسسات الانجزة صاحبة الدعم المشروط والسياسات الموجهة أدى إلى تفاقم الأزمة واستفحالها من خلال التسابق بين الجهات المختلفة لنيل رضا الداعمين ، إن نقابة الصحفيين تتحمل المسئولية الكبرى لحالة الترهل والتسيب التي أدت إلى بروز ظاهرة الاتجار بالأفكار وتحويل صاحبة الجلالة لجارية وع ا ه ره في فنادق الداعمين الساعيين إلى ترويض تراثنا الصحفي بفتح حنفية المال.

نقابتنا نائمة متغافلة وقد تكون مشاركة في صمتها وعدم فضحها للجرائم المرتكبة بحق الصحفيين وسماحها لفئة انتهازية باستثمار الأداء الصحفي وفتح الدكاكين المروجة للبضاعة المفسدة للأدمغة الفتية بطريقة مهينة، وللأسف بثمن بخس من خلال علف بعض الدخلاء على مهنة الصحافة وبعض الصحفيين امنوا بالمدرسة الأمريكية التي حولت الشهيد.... إلى قتيل... والمقاوم.... إلى مسلح.... وفلسطين المحتلة.... إلى أراضي السلطة.... وفصائل المقاومة...لحركات إرهابية.... والفعل الوطني لإرهاب وعبثية.... ورئيس وزراء دولة الاحتلال إلى... السيد اولمرت.... وما شئتم من سياسة المشي على الرؤؤس المتمثلة بوضع السم في الدسم.

ثقافة البيع التي ترفع شعار على عينك يا تاجر والتي أفرزت شريحة أصبح جل اهتمامها "استغلال الفرصة المواتية" والسير بما تشتهي رياح "الواقعية المستحدثة"، شريحة تميزت بالشراهة بعد أن ذاقت طعم الفتات على طاولة الآخر الذي عرف من أين تؤكل العقول والذي وضع الثمن أو التسعيرة الملائمة بما يتناسب مع متطلبات السوق وطبيعة المرحلة ودرجة الانسياق والالتزام بما يطلبه السيد أو الداعم صاحب التوجهات الغير بريئة الذي دخل للجسم الصحفي من الشباك مستثنيا الجسم الصحفي وما يمثله وتحديدا نقابة الصحفيين التي لا حول لها ولا قوة.

وبلا شك نحن نعرف الحقيقة إلا أننا نضع رؤؤسنا في الرمال، نتداول ضمن حلقاتنا المغلقة أوضاعنا المترهلة ونتحدث عن مخاتير الصحافة الذين حولوا الوطن لمحطة عبور .... سرقوا... زوروا... اشتروا الذمم عبثوا.... طبعوا... باعوا واشتروا.... وقالوا يحيا الوطن.... وللحديث بقية.

العماد عون تبنى إستراتجية حزب الله، فمبروك وألف مبروك


الياس بجاني
الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
(نشرت وكالة الأنباء الوطنية بتاريخ 21/2/2008 الخبر التالي: "قام وفد من اللجان الطلابية في "التيار الوطني الحر" في الجامعة اليسوعية، مساء اليوم، بوضع أكاليل من الزهور على ضريح الشهيد الحاج عماد مغنية في روضة الشهيدين في الغبيري، وذلك تحية لتضحياته وانجازاته في سبيل سيادة وتحرير الوطن، ثم وقفوا دقيقة صمت عن روحه.)

(ونشرت وكالات الأنباء والصحف اللبنانية بتاريخ 30/1/2008 هذا التصريح للشيخ نعيم قاسم: "أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر ليس تفاهماً على موضوعات وليس تفاهماً لزمان محدد بل هو تفاهم استراتيجي صامد صمود الجبال ومن يقترب منه سيكسر رأسه وسيبقى التفاهم".)

مبروك وألف مبروك للتيار العوني وللعماد عون الزعيم الأوحد، ونابليون لبنان، والمدافع رقم واحد عن حقوق المسيحيين، إستراتجية حزب الله "الإلهية" التي أصبحت بالواقع المحسوس والملوس إستراتجيتهم، وهي كما جاء في خطاب السيد حسن نصرالله الذي ألقاه عقب اغتيال عماد مغنية، إستراتجية إزالة إسرائيل من الوجود وإعلان الحرب المفتوحة عليها وعلى كل المستكبرين من أميركيين وعرب وغيرهم.

انتظرنا رداً وتوضيحاً من العماد على كلام قاسم حول تفاهمهما الاستراتيجي، وعلى إعلان السيد الحرب المفتوحة، فأتى الرد واضحاً وجلياً من خلال وضع طلاب العماد أكاليل الزهور على ضريح مغنية، "وذلك تحية لتضحيات هذا الرجل وانجازاته في سبيل سيادة وتحرير الوطن" حسبما قال هؤلاء.

إن أهداف حزب الله الطويلة والقصيرة الأمد، أي إستراتجيته، والتي في مقدمها إقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، هي الآن وكما بشرنا الشيخ قاسم أصبحت "إلاهياً"، أيضاً أهداف حزب التيار العوني. الانقلاب العوني على الذات وعلى كل رزم الحرية والسيادة والاستقلال يطرح السؤال التالي: ما هو بالواقع الجامع الحقيقي بين هذين الفريقين المتناقضين كلياً؟ والجواب بكل بساطة هو "وهم" العماد وولهه بكرسي بعبدا. فالعماد المنسلخ والمُغرب عن بيئته المسيحية اللبنانية وثقافتها وثوابتها وقيمها ومرجعيتها بكركي، يحلم بهذا الكرسي "المخلع" ويرى في حزب الله الإيراني الهوى والنوى وفي صواريخه الحصان الفارسي القادر على إيصاله إليه، فيما الحزب الإلهي يفهم نفسية العماد المريضة والنرجسية ويلعب عليها وعلى تناقضات وعقد صاحبها خدمة لمشروعه الإيراني، وهو يرى في العماد أيضاً حصاناً يحمل مشروعه، ولكن حصاناً طروادياً.

نلفت أهلنا الذين اقترعوا لمشروع العماد في انتخابات سنة 2005، ومعهم الأحرار والسياديون الذين لا يزالون يرون في هذا الرجل صورة القائد المخلص، تلفتهم إلى
إن الثقة التي يعطيها الشعب لأي قائد أو زعيم أو مسؤول هي قانوناَ وشرعاً ثقة مشروطة بطروحات ومشاريع وبرامج ووعود والتزامات. وفي هذا السياق كان العماد ميشال عون خلال العملية الانتخابية النيابية الأخيرة (2005) يفاخر كثيراً بأن حزبه هو صاحب مشروع متكامل مختلف كلياً عن باقي المجموعات والأحزاب، وعلى الناس أن يطالعوه وإن اقتنعوا به فليصوتوا على أساسه لمرشحيه. وبالفعل وزع حزب العماد مشروعه الطرح وقد تناولت عناوينه الأمور الوطنية والمصيرية السيادية والجنوب والسلاح والاقتصاد وغيرها الكثير. جرت الانتخابات وكانت الحصيلة أن برنامج العماد حاز على ثقة 70 إلى %80 من أصوات المسيحيين في المناطق اللبنانية كافة. إذا الأصوات جاءت على أساس ما طُرح وليس على أساس "أنت فكّر عنا، وأنت فصّل ونحنا منلبس". وبالطبع ليس على أساس الشخص أو المحبة "الخوشبوشية". جاءت الثقة على أساس الإلتزام بالقضية اللبنانية، قضية الحقوق، والحريات، وسيادة الدولة وحقها في بسط سلطتها على كامل ترابها وحصر السلاح بقواها الشرعية وحدها والانتهاء من حال الفوضى والتسيب والمربعات الأمنية والسلاح المليشياوي والأهم وضع حد لثقافة الحرب والقتل والانتحار والحروب الإلهية. أليس هذا كله كان خطاب العماد طوال ست عشرة سنة!!

لتظهير حقيقة تخلي العماد وتياره عن كل الوعود والعهود، ولوخز ضمائر أصحاب الذاكرة المريضة والانتقائية نقتطع هذا النص الحرفي من كُتيب برنامج التيار الوطني الحر الانتخابي لسنة 2005 الذي جاء تحت عنوان ملحق رقم 1 مسألة حزب الله: ("بعد الانسحاب الإسرائيلي تلاشت مشروعية العمل المسلح لحزب الله، فخلق أزمة على الصعيدين الوطني والدولي. فهو يضع لبنان في مواجهة القانون الدولي من جهة، ويهدد الوحدة الوطنية من جهة أخرى بوصفه ينم عن احتكار للقرار الوطني من قبل طرف واحد. وليس من شأن علاقة حزب الله المعلنة مع إيران المتشددة، وتحالفه مع حركتي الجهاد الإسلامي وحماس اللتين يصنفهما الغرب في خانة الحركات المعادية للسلام أن يبدد الشكوك المحيطة بأهداف حزب الله الحقيقية وبالمخاطر المتصلة بإستراتجيته. وليست ذريعة مزارع شبعا بالبرهان المقنع في هذا الإطار، فهي لم تنجح بإخفاء النوايا السورية الكامنة خلفها.إن الحرص على السيادة الوطنية ليس حكراً على طائفة واحدة، ولا يجوز أن يكون كذلك").

نشير هنا إلى أن علماء النفس والاجتماع قد اثبتوا أن الإنسان هو كيان متكامل مركب من رزم أحاسيس ومواقف ومعتقدات وقناعات وعلم وتجارب، وأن حاضره مرتبط بماضيه، كما أنه لا يمكن فصل ماضيه وحاضره عن توجهات ومسالك مستقبله. من هنا فإن انقلاب العماد ميشال عون 180 درجة على ماضيه قد افقده المصداقية والتجرد والاحترام بالكامل وكشف أنانيته والنرجسية ووضعه وللأسف في خانة القيادات الانتهازية والوصولية من الحربائيين والطرواديين والملجميين. الرجل وبسبب هوسه بكرسي بعبدا انقلب على ذاته وبدل جلده وأنكر أصله وفصله ودخل في خصومية فاقعة ومكشوفة مع مرجعيته الدينية، وهو لم يترك ثابة من ثوابت الوطن اللبناني "المارونية" "والمسيحية" والأخلاقية إلا ونحرها بفجور ووقاحة موصوفين.

لا نظن ولو للحظة أن أي عاقل من فريق الذين انتقل العماد إلى قاطعهم، أي سوريا وإيران وحزب الله، ومعهم المداحين والقداحين بالأجرة يثقون به أو يصدقونه، وبالتأكيد هم لا يريدونه رئيساً ولم يسعوا يوماً بجد لتحقيق هذا الأمر له، ولو عدنا إلى أقولهم وممارساتهم ومواقفهم من الرجل لعرفنا أن المصالح الآنية هي التي تجمعهم معه ليس إلا. فهو في كل حساباتهم حصان طروادي وسياسي ملجمي واسخريوتي بامتياز. كما أنً كل مواقف العماد وأقواله من يوم انتقاله عبر "ورقة التفاهم" إلى قاطع محور الشر الإيراني السوري هي غير صادقة ومتقلبة وهوائية، هذا إذا أردنا ألا نقول براحة ضمير إنها حربائية وكاذبة. الرجل وللأسف فقد خصوصيته واستقلاليته وأمسى من خلال وبسبب ورقته، ورقة، ومجرد ورقة في جيب من يتوهم أن بقدرتهم إيصاله لقصر بعبدا. لقد خسر العماد مجتمعه وكل ما ناضل في سبيله، في حين لم يربح حتى احترام من انتقل إلى قاطعهم.

إن من تابع ويتابع عن قرب نمط ومراحل انقلاب العماد "الضلالي" على ذاته، وعلى كل مخزون ماضيه، لم يفاجأ أبداً بتكليفه طلاب تياره وضع أكليل من الزهور على ضريح عماد مغنية، ولم يستغرب أبداً تسمية مغنية بشهيد الوطن واعتبار ما قام به من أعمال إجرام وإرهاب هي تضحيات وانجازات في سبيل سيادة وتحرير الوطن. لا يمكن وضع هذا التصرف الأرعن إلا في خانة التملق والاستجداء الكاذب، والإمام علي وصف الحال هذه بقوله: ("لا سوأةّ أسوأُ من الكذب". "الكذاب والميت سواء، لأن فضيلة الحي على الميت الثقةُ به، فإذا لم يوثَق بكلامه فقد بطلت حياتُه").

رغم قناعتنا التامة بأن عودة العماد إلى ذاته وشعاراته السابقة قد أصبحت مستحيلة، إلا أننا ومن باب المعرفة فقط نسأله ونسأل من بقي معه من السياديين والأحرار، هل أعمال مغنية وطبقاً لمعايير التيار العوني الجديدة، أي معايير ورقة التفاهم "الإلهية" هي أعمال جاءت في سبيل سيادة وتحرير الوطن اللبناني؟
عيب وألف عيب تزوير الحقائق وقلبها والانقلاب عليها: "ويلٌ للقائلينَ للشرِ خيراًً وللخيرِ شراً، الجاعلينَ الظلامَ نوراً، والنورَ ظلاماً، الجاعلين المُرَّ حُلواً والحلوَ مراً. ويلٌ للحكماءِ في أعينِ أنفسهم والفهماء عندَ ذواتهم." (اشعيا 5-20 و21)

نسأل العماد كيف وبقدرة قادر تخلى عن دفاعه الشرس عن المعتقلين في السجون السورية (أنكر وجودهم لاحقا)، وعن حقوق أهلنا الفارين إلى إسرائيل (بات يعتبرهم مرتكبين)، وعن الحريات والديموقراطية والشرائع الدولية والكيان اللبناني ودستوره، نسأله كيف شرب وتشرب مفاهيم الإرهاب "الإلهية" بهذه السرعة وأصبح الإرهابي مغنية بمفهومه وطنياً ناضل في سبيل سيادة وتحرير وطن الأرز؟. المطلوب من الأحرار من أهلنا، الذين ورغم كل تقلبات العماد لا يزالون بؤيدونه "غنميا"، المطلوب منهم وقفة ضمير وجدانية مع ذواتهم والخروج من عقلية "عبادة الشخص".

نسأل شبابنا في كندا وأميركا وأستراليا الذين لم يتمكنوا حتى الآن من رؤية حقيقة مسار ومفاهيم العماد الجديدة وتحالفاته الهجينة بسبب إما كرههم وحقدهم على بعض الزعماء اللبنانيين، أو لقلة معرفتهم وثقافتهم السياسية وغرقهم الأعمى في شباك تاريخ العماد، أو نتيجةً لعنادهم وخوفهم من جرح كبريائهم وضرورة اعترافهم بأن الرجل لم يعد هو نفسه. نسألهم: هل أصبحوا مثل عمادهم يرون في عماد مغنية بطلاً وطنياً؟ هل هم فعلاًً مقتنعون بصوابية الانقلاب العوني الرهيب على الثوابت والمفاهيم والاستراتجية والتحالفات، وعلى مرجعية بكركي التي أعطيت مجد لبنان؟ ونسألهم كيف يوفقون بين تأييدهم العماد بانحرافاته صوب الإرهاب والإرهابيين، وبين ولائهم للدول التي يحملون جنسيتها والتي تعتبر مغنية إرهابياًً وحزب الله منظمة إرهابية؟
حقيقة نحن لا نحسدهم على هذا الشرك الذي أوقعوا أنفسهم فيه، بل نشفق عليهم، وخصوصاً على أولئك الذين وقفوا بقوة وراء إقرار قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان في أميركا.

في أسفل انجازات مغنية "المفخرة" التي أصبح عون وطلابه يتغنون بها ويضعونها في خانة التضحيات والإنجازات في سبيل سيادة وتحرير وطن الأرز والرسالة:
تورط عماد مغنية في ارتكاب العديد من حوادث القتل ضد القوات الفرنسية والأميركية التي كانت في لبنان، وخطف أربع طائرات على الأقل، بالإضافة إلى عمليات تفجير وقتل عدة أشخاص، كما أنه هو أحد رجلين أطلقا النار على لوي دولامار، السفير الفرنسي السابق في بيروت واردياه قتيلاً ومنذ 1984 قام بمساعدة الشقيقين حمادة، بخطف 50 شخصاً غربياً بين أميركي وفرنسي وبريطاني وألماني وغيرهم. كان مغنية أداة بيد الجهات الأكثر تشدداً في إيران، وهو لم يعمل بمفرده بل من خلال شبكة من الحرس الحديدي الإيراني، ومعروف عنه عداؤه للغرب بشكل عام، وللولايات المتحدة خاصة، وقد فقد مغنية شقيقين له في أعمال إرهاب احدهم يدعى (جهاد) قتل عام 1985 أثناء المحاولة التي جرت لتفجير مقر السيد محمد حسين فضل الله، وكان جهاد أحد حراس فضل الله، وقد قتل في تلك المحاولة 75 شخصاً. هذا وتنسب إلى مغنية العمليات التالية :
*نيسان 1983: تفجير السفارة الأميركية في بيروت وقتل 63 بينهم 17 أميركياً
*تشرين الأول 1983: عمليات انتحارية بشاحنات استهدفت مقر القوات المتعددة الجنسات (الأميركية والفرنسية) في بيروت أوقعت 241 أميركياً من القوات البحرية و58 فرنسياً من القوات البرية.
*حادثة تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983 التي أدت إلى قتل 63 شخصاً بينهم خبير الاستخبارات الأميركية الرئيسي في الشرق الأوسط روبرت ايمس .
* تفجير السفارتين الأميركية والفرنسية في الكويت، ووقتها اتهم حزب "الدعوة" الإسلامي المعارض للنظام العراقي في تلك الأثناء، بأنه قدم دعماً ومساندة لعماد مغنية .
*نسف مبنى للسفارة الأميركية في بيروت عام 1984 والذي أدى إلى قتل 14 شخصاً، وقد اتهم زوج شقيقة مغنية بالحادث ومعه حسين الموسوي، حيث اعتقلا وحوكما وتبع ذلك حوادث عنف نسبت إلى عائلتي مغنية والموسوي بهدف الإفراج عن المعتقلين .
*وفي نفس العام 1984، وقعت حادثة خطف طائرة كويتية، قتل خلالها أميركيان وحطت الطائرة لاحقاً في طهران، لكن لم تتم محاكمة أي من الخاطفين هناك .
*آذار 1984: خطف الكولونيل وليم بكلي ومن ثم قتله فيما بعد
* آذار 1985: اختطاف تاري اندرسن المسؤول في الأسوشيتد برس (أطلق سراحه بعد 6 سنوات)
*وفي العام 1985 جرت محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، لكنها فشلت، وبعدها قام مغنية وثلاثة من معاونيه بخطف طائرة "تي دبليو أي" الأميركية، وقد بقي ركاب الطائرة محتجزين لمدة 17 يوما قتل خلالها احد الاميركين روبرت ستاثن وبعد الافراج عن الركاب، اختفى الخاطفون بعد مغادرتهم الطائرة .
*وفي العام 1988 اختطفت طائرة كويتية، واستسلم الخاطفون في مطار الجزائر لكن لم تجر محاكمتهم، وفي أثناء العملية قتل كويتيان .
*آذار 1992: تفجير السفارة الإسرائيلية في بيونس أيرس (الأرجنتين) وقتل 29 شخصاً
*تموز 1994: تفجير المركز اليهودي في بيونس أيرس (الأرجنتين) بواسطة شاحنة ملغمة وقتل 85 شخصاً
*وفي العام 1996، نشرت صحيفة "ويب هوستنك راتن" عن علاقة بين تفجيرات مجمع الخبر السعودي والذي أسفر عن قتل 19 أميركيا وبين عماد مغنية .
*وفي العام 2002، نشرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية عن دور بارز لعماد مغنية في عملية تمويه كبيرة بغية تهريب قيادة منظمة القاعدة من أفغانستان وعلى رأسها أسامة بن لادن وذلك بإشاعة خبر دخوله إلى باكستان، أو الحدود الباكستانية ـ الأفغانية ، كما أن مغنية ظل يتصدر لائحة المطلوبين لدول الإتحاد الأوروبي طوال العقدين الماضيين.

احتراماً لذاكرة وذكاء اللبنانيين سوف نحك ونفرك معاً في المقالة القادمة ذاكرة العماد ونذكره مع أفراد تياره من غير الودائع والوصوليين ببعض أقواله ومواقفه التي تتناقض كلياً مع كل توجهاته وتحالفاته الجديدة، فعلي وعسى. وهي أقوال ومواقف تسمي الأشياء بأسمائها وتدل بالبنان "وبالبونت العريض اللابط والخابط" على الإرهاب والإرهابيين، والمعني هنا دون أي لف ودوران حزب الله والنظام السوري.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة التي عنوانها "وشهد شاهدٌ على نفسه".

phoenicia@hotmail.com

الأربعاء، فبراير 27، 2008

مصالحة بين فتح و حماس على شرف أولمرت وباراك ..!

محمد داود

نقلت وكالات الأنباء العالمية والمحلية هذا الأسبوع عن مبادرة تقدم بها الرئيس اليمني حفظه الله "علي عبد الله صالح" مشكوراً بمبادرته الحسنة لعودة الحوار بين حركتي فتح وحماس من أجل رأب الصدع الفلسطيني ووضع نهاية لحالة الانقسام والضياع التي تشهدها الساحة الفلسطينية لا سيما من تجزئة أراضيه، نتيجة ما أفرزه كارثة الانقلاب من تداعيات يلعقها الشعب الفلسطيني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وجغرافياً و....، وبالفعل كان الرد المسارع من قبل السيد الرئيس "أبو مازن" واضعاً المصلحة الوطنية والجماهيرية نصب عينيه، وفوق كل اعتبار سياسي أو حزبي أو شخصي، في المقابل كان الرد الرافض فوراً من قبل الطرف الأخر "حماس" على هذه المبادرة لتضاف إلى سجل المبادرات المرفوضة قطعاً، وفي اعتقادي لن تكون مفاجأة لأنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل الحوار الفلسطيني الفلسطيني، مع العلم أن هناك مبادرات ورؤى عديدة طرحتها أطراف داخلية وخارجية أي " شرفاء هذا الوطن من شخصيات قيادية ورموز وطنية وفصائلية فلسطينية محايدة، وأخرى جهود عربية سيما جمهورية مصر العربية الشقيقة التي لم تتوانى لحظة واحدة عن وقوفها ودعمها لجانب القضية الفلسطينية، كذلك السعودية التي أعطت اهتماماً كبيراً في هذه المسألة التي أخذت جانباً من التعقيد، وكأننا مع نموذج أخر مع لبنان الشقيق الذي يعاني هو الأخر "أزمة في الأمن العام" بكل جوانبه بفعل التدخلات الخارجية في القرار السياسي، مع العلم أن الصراع اللبناني صراع طائفي، بينما الصراع الفلسطيني الفلسطيني وأعتذر عن هذا المصطلح لأن صراعنا هو "عربي – إسرائيلي محض" إلا أن اختلافنا هو "حزبي سلطوي وفكري"، أي أن مشكلتنا بسيطة وعلاجها الثقة وإخلاص النية لله وللوطن ثانياً، وأن نبني موقفً موحد خاصة اتجاه قضيتنا المهددة بالاندثار حتى ننقذ مشروعنا الوطني المهدد بالتدمير.
فاستمرار الرفض لكل المبادرات، بحجة " أنها غير مجدية أو لأنها احتوت على واحد بالمائة من الشروط بالتالي هي مرفوضة جملةً وتفصيلاً دون التعاطي مع مضمونها "، إنما هي تندرج في إطار الإمعان في استمرار حالة الانقسام والتشجيع على تطبيق سياسة الفصل بكل معانيها التي تحدثت عنه إسرائيل وتعمل على تكريسه، لولا الحرص المتنبه، الوطني الفلسطيني والقومي المصري اتجاه قضيتنا بإفشال هذه الخطط التي سيقت وتساق ربما "بقصد أو بدون قصد بوعي أو بدون وعي" لدى ساسة سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة.
إذاً ما هي المستحقات أو المقاس السياسي الذي ينبغي على الرئيس "أبو مازن" التنازل عنه حتى تقبل حركة حماس مبدأ التفاوض.؟،وما هو حجم حصتها في السلطة أو في منظمة التحرير وفق المعايير الهيكلية التي ترتئيها هي لصالحها ..؟ ، ذلك للخروج من الأزمة الراهنة التي تزداد تأزماً وتعقيداً كلما طالت، وقد قرأت وجه الاختلاف بيت تيارات الحركة في أماكن تواجدهم، ... فطرف يلتقي مع السيد الرئيس في رام الله ويبايعه، وبين تيار يعطي وعوداً في الخارج بمتابعتها المسألة باهتمام مع ذوي الأطراف ، وبين تيار وظيفته الرفض والإفشال والغريب أنه أبدى نوعاً من الرضا سلفاً، الأمر الذي أعطى بريقاً من الأمل .... في ظل تزايد التهديدات الإسرائيلية من شن عدواناً واسعاً على قطاع غزة، وهي مسألة مستحضرة وتمارسها إسرائيل على المستويين "السياسي والعسكري" فسياسياً تنظم إسرائيل حملة إعلامية في المحافل الدولية وعلى مستوى رئاسي، بشرح خطر الصواريخ الفلسطينية، والتضخيم من تعاظم قوة الفصائل المسلحة الفلسطينية، أما الناحية العسكرية وهي مجرياتها واقعة يومياً في كل مكان من خاصرة هذا الوطن النازف، وقد أصبح دورنا فتح بيوتاً للعزاء وزف الكواكب من الشهداء بشكل يومي دون أدنى استنكار، ووصل معيارنا في استجدائنا لأي هدنة أو تهدئة مع إسرائيل، والتي وصلت لمرحلة الذل والتركيع ورغم ذلك فالعدوان مستمر ومتواصل بحجة أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها في الزمان والمكان المناسبين، بالتالي هذا فرض يدعوا إلى التراجع والتوحد من قبل سلطة الأمر الواقع وعودة الطرف الحاكم قبل 14/6/2007م لسدة الحكم وتحل كل العقد الداخلية بالحوار والوفاق والتراضي.
فما المطلوب من الرئيس عباس إذاً .؟، هل يسلم بالأمر الواقع وأن يعلن على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية "الدولة الفلسطينية" التي طال انتظارها، فيما يعلن الطرف الثاني في القطاع أيضاً عن كوسوفو الإسلامية الثانية لا سيما بعد زيارة مبعوث وكالة الغوث للقطاع، وتقرير الاتحاد الأوروبي الذي أصدر رسالة شديدة اللهجة محذراً إسرائيل من مغبة مواصلة الحصار على القطاع، الذي ترجمه الكثيرون على أنه اختراق في الموقف الغربي ويمهد إلى ميلاد كيان سياسي خاص بحماس بعيداً عن وحدة الوطن، يمكن من خلاله أن ينبنى عليه مواقف سياسية كثيرة، ولا أستبعد تفكير الساسة أصحاب الأحلام والتطلعات بأن تبرم صفقة ضخمة تصل لحد الإقليمية تكون تركيا وإيران وقطر ودول أوسطية جزئاً منها مع الاتحاد الأوروبي ، تنفيذا لمشروع الشراكة المتوسطية التي ينفذها الاتحاد الأوروبي مع بعض دول الشرق أوسطية وشمال أفريقيا الذي أبرمها الاتحاد سابقاً مع تلك الدول في مؤتمر بارشلونة، خاصة وأن المؤشرات تؤكد بأن تغيرات كبيرة ستحدث في منطقة الشرق الأوسط، وغالباً ما تكون القرارات السياسية حاسمة عند قرب نهاية ولاية كل رئيس أمريكي، وفي حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وفي إسرائيل سيما بعد تقرير فينوغراد الذي مثل اعترافاً رسمياً بهزيمة إسرائيل في حرب تموز 2006م.
هذه المؤشرات وغيرها تستدعي وبقوة أن نهرول للحوار وللخيار الفلسطيني ولنستبق الزمن وأن ننبذ خلافتنا الحزبية الضيقة ونحيدها، لأن قذائف الدبابات وصواريخ الطائرات والتوغلات الإسرائيلية المتواصلة التي لا تميز بين فتحاوي أو حمساوي أو ....من جنين إلى رفح هي بمثابة دافع أكبر ومتين لرص الصفوف وحماية البيت الفلسطيني ووحدة الصف الوطني والجغرافي
كاتب وباحث

الأخ الضال أشد خطراً من العدو المبين



محمد حيان الأخرس
لقد كان الحلم الشاغل لآل السعود, السيطرة على بلاد الشام والعراق, ابتداء من غزوة ما يسمى الآن بالثورة العربية الكبرى, وانتهاء بالأمس القريب بمقتل مغنية.
والأمر ينطبق على مصر واحتلالها لسيناء كاملة حتى غزة اليوم, وذلك أيضا تحت تسمية طرد العثمانيين من بلاد الشام بقيادة إبراهيم بن محمد علي باشا.
وكيف استطاع أهل الشام طرد إبراهيم باشا حين أحسوا أنهم استبدلوا الاحتلال العثماني باحتلال مصري. ولكن للأسف ظلت سيناء وغزة تحت احتلالهم إلى اليوم.
وما يعيد لنا ذاكرة هذه الأشياء, أننا نحن الوحيدين الذين اخترعوا وبلعوا كذبة العروبة الزائفة. وحملوا ثقلها على ظهورهم، حتى غدت أرقا وأحزابا و نضالات قل نظيرها في التاريخ, للدفاع عن حقيقة مخترعة غير قابلة للتحقق. ووحدة الشام مع مصر وفشلها في منتصف القرن الماضي أكبر دليل على ذلك.
ومن المؤكد أن التهم ((على هذا المقال)) ستنهال علينا من القريب قبل الغريب، تحت شتى واختلاف العناوين. ولكن :
يجب الاعتراف قبل ذلك أن السعودية كانت تسيطر على المنطقة كاملة تحت عنوان الإسلام ((السني)) وكانت ترضى بدورها ولو المحدود في بعض المناطق، إلى أن ظهر البعبع الإيراني ((الشيعي)) في المنطقة واستطاع أن يخرج من حربه مع العراق أشدّ قوة وإصراراً, واستطاع أن يجد حلفاء له في بعض المنظمات والحركات والدول التي ترفع لواء الجهاد ضد اليهود, واستطاع أن يمدها بالجانب المعنوي والذي كانت تفتقده أيام السيطرة السعودية, وأن يعزّز هذا الجانب بالمدّ المادي في وقت تخلت به السعودية عن القبلة الأولى, ورضيت مصر بسيناء وما اقترضت من فلسطين مقابل الاعتراف ((بإسرائيل)).
وما التوجه السعودي اليوم والذي يصب في خانة اليهود كيف ما نظرنا إليه, إلا الدليل القاطع على الفهم والقناعة التي ترى أن بلاد الشام جزء من المملكة السعودية ((السعودية السنية)) وأن غزو العرب القادمين من الصحراء إلينا لم ينته إلى الآن, وكأن بلاد الشام كانت أبدا فردوس الجزيرة العربية الموعود. فحين تقف السعودية مع اليهود وكل طامع في هذه البلاد ضد إرادة شعبها فلا معنى لذلك إلا المقولة الدارجة (عدو عدوك صديقك) ولا نعرف من أوحى لها أن الشام ولبنان وفلسطين والعراق أصبحت شيعية المذهب, حتى تقف هذا الموقف الأشد كرها من كرهها لليهود.
ولأن فلسطين التاريخية جزء لا يتجزأ من بلاد الشام, كان على كيانات الأخيرة قبل غيرها أن تهبّ لاسترجاع ما سلب منها, وإلا فإن اليهود لن يتورعوا عن فعل أي شيء لإقامة مملكتهم التوراتية والتي تمتد من الفرات إلى النيل, و لأن اليهود مقتنعون بأن يهوه قد وهبهم هذه الأرض, كان علينا أن نفهم أن هذه الحرب معهم هي حرب وجود لا حرب حدود, وأنهم ينطلقون من فكرة تدخل في مجال الخرافة أكثر من الدين, وأنهم على يقين من انتصارهم علينا وطردنا من ((أراضيهم)).
إذا فالبعبع الإيراني بالنسبة للسعودية هو أشدّ خطرا من اليهود، لأن الفهم والعقلية التحليلية لآل سعود لا تستطيع الخروج من دائرة القبيلة والصحراء والغزو، ولا تستطيع الخروج من ذاتها إلى العالم لترى الاختلاف في الشكل واللون والرائحة. وأن هناك حيوات أكثر تنوعاً وزخماً ومعرفة وعطاء أكثر من القبيلة. وبالتالي فهي تعيش تاريخها فقط، تاريخ القتال على الخلافة والسلطان والسيطرة على مراعي الآخرين, وتاريخ الفرقة الناجية من النار, والأخ الضال هو أشد خطرا من العدو المبين .
ولا يعني هذا تبرئة ساحة إيران وطموحها القومي, بل يعني أن الرؤية من جانب واحد, أشدّ من العمى, وإن إيران لها الطموح ذاته في أراضينا, ولكنها تبقى الآن أقل خطرا من اليهود والمتهودين. وما حزب الله وحماس إلا أبناء أرضنا أولاً وثانياً وثالثاً, وإن انتماءهم لهذه الأرض هو الأقوى والأشد من أي انتماء آخر. وما يفعلونه الآن يفعلونه بدافع استرجاع ما سلبه اليهود من أراضيهم، لا خدمة لإيران ولطموحها القومي في المنطقة.
والمراقب للأحدث الآن يرى أن عداء السعودية ومصر والأردن لحركة حماس ولحزب الله أشد من عدائهم لليهود, ذلك أن قيام الأردن مرتبط وشكل وثيق بقيام ((إسرائيل)) وسقوطها بسقوط ((إسرائيل)) وما اقتطاع الأردن من فلسطين وتسليمها إلى الملوك الهاشميين من قبل الانكليز إلا لحماية حدود اليهود المؤقتة في فلسطين الداخل، ولو لم يفعل الانكليز ذلك، لأخذتها مصر مع سيناء بعد حرب تشرين في مقابل خروجها من الصراع ((العربي الإسرائيلي)) .
وبعد
لم يكن الهاجس القومي العربي هو المحرك تاريخيا لتلك الدول المعتدلة، ولم يكن أبدا كذلك, فالقومية بالنسبة للسعودية العربية السنية الوهابية حرام. وما يجمعه الدين هو الحلال عندها, لذلك كان من دوافعها للعداوة مع الشام وحماس وحزب الله هو ارتباطها بالمصالح مع إيران الشيعية الكافرة تحت عنوان ((الأخ الضال أشد خطرا من العدو المبين)) وأما مصر فكانت العروبة هي الأمر الثانوي في مسيرتها النضالية ضد اليهود سابقاً, لأن مصر كانت أبدا فرعونية, وهو أمر صحيح عامة, إذ ما يربطها بالعالم العربي ليس الأرض والعرق بل جزء من الثقافة والتاريخ واللغة. وهو أمر لا تلام عليه أبداً, بل تلام على عدم فهمها لليهودية التي ترى في مصر جزءاً من ((إسرائيل الكبرى))، وأن المصريين في نهاية المطاف خلقوا لخدمة اليهود شعب الله المختار .

مؤتمر القمة العربي... إلى حيث ذهبت أم قشعم!

لاحظ س. حداد
قادة الأمة العربية..

وليد المعلّم يجول آسيا وافريقيا بحثاً عن دولٍ عربية يدوعوها لحضور مؤتمر القمة العربي المزمع عقده في دمشق أواخر آذار.. بعض هذه الدول لم نسمع بها أو نقرأ اسمها إلاّ في بعض الصحف المتخصصة.. لا غضاضة في ذلك... إنه استكمال النصاب لعقد المؤتمر!

لبنان، الدولة الأقرب للدولة السورية، لم يُدعى إلى الآن!
المعلّم ومعلّمه وحليفه اللبناني الأساسي والثانوي لا يعترفون بلبنان ولا بحكومته! لذا لن توّجه لـه الدعوة..
من سيمثل لبنان في هكذا مؤتمر؟ أقله بصفة مراقبين!
أهو رئيس دولة حزب الله أم حليف سوريا الثانوي، وكيف ستوجه الدعوة لهما؟
أتكون بإرسال بطاقة دعوة بالبريد البرّي أم بواسطة الهاتف الأرضي أو الجوّال؟
وهؤلاء الاثنان، ألا يخجلا من تلقّف الدعوة والذهاب إلى المؤتمر، ولو بصفة مراقبين؟
وهل سيقبل قادة العرب بهكذا تمثيل؟

دول عربية مؤثّرة وذات وزن في السياسة الاقليمية والدولية المتعلقة بمنطقتنا الشرقأوسطية، سلباً أم ايجاباً، لا زال موقفها يتأرجح بين قبول حضور هذا المؤتمر أو التغيّب عنه، رابطةً ذلك بحل أزمة الرئاسة اللبنانية.. هذه الدول، قدمت من النصائح والإشارات المتكررة عن رفضها الحضور ما لم تتخلى سوريا عن دعم حلفائها في لبنان لمنع انتخاب رئيس لجمهوريتهم وإبقاء الفراغ السياسي يملأ البلاد ويعطّل برلمانه ويعيق تحرك حكومته..

ومع ذلك: لنفرض جدلاً أن المؤتمر الموعود انعقدَ في دمشق " بمن حضر" ، ماذا على الدول العربية، التي وضعت سوريا سمعتها القومية في التراب، أن تفعل؟
سؤال يُحتّـم علينا: أن نذكّـر الرئيس المصري بما فعله العرب في أعقاب زيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل وكيف تعامل العرب معها.. الم ينقل العرب موقع الجامعة العربية إدارياً إلى خارج مصر ومعها أخرجوا مصر ذاتها منها وكانت حجتهم التضامن العربي!
ألا يرى قادة العرب اليوم كيف أن سوريا تخرج عن التضامن العربي الأشمل وتنضم جهاراً إلى حليفٍ غير عربي؟

ألا يرى هؤلاء القادة ضرورةً أكثر إلحاحاً لتبذ سوريا لخروجها عن التضامن العربي وبالتالي إخراجها من الجامعة العربية؟

أليس في رفض سوريا التراجع عن معاملة لبنان كدولة عدوّة واتهام حكومتها بالعمالة والخيانة وتصف رئيسها بالعبد المأجور، إهانة توجّه إلى كافة الدول العربية التي دعمت حكومة لبنان وشعبه أثناء حرب تموز التي دخلتها إسرائيل بناءً على دعوة صريحة من حزب الله لتدمر لبنان وتهجّر سكّانه، بل أهانـة لجميع دول الأرض التي ساعدت لبنان في إيقاف تلك الحرب المدمرة ونشرت جيوشها على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل؟

ألا يعلم قادة الدول العربية أن سوريا تقف وراء النظام الايراني، ومعه، وتدعم جميع الحركات الأصولية التي تعطل كل حل سلمي في لبنان وفلسطين والعراق بل تستضيف قادة هذه الحركات على أراضيها وتحميها؟

إلى متى يساير قادة الأمة العربية الواحدة، ذات الرسالة الخالدة في السلام والاستقرار، ويسمحوا لها بنشر رسالة عقيدية ايرانية تضرب عمق رسالتها الاسلامية السلامية الناضجة التي تكتسح العالم الحر وتتعايش مع مجتمعاته؟

ألا يُدرك قادة الأمة العربية بعد أن ممالئة النظام السوري الآبق والخارج عن كافة القيم العربية والاسلامية الأصيلة والمغرور بمناظراتٍ سفسطائية تتلبّس أثواب البراءة من دم اللبنانيين وقبلهم وبعدهم الفلسطينيين؟

ألم يحن الأوان بعد لايقاف هذا النظام عند حده قبل أن تتسبب بانهيار الأنظمة العربية ( الإسلامية ) كلها تحت سنابك العقيدية الفارسية الجديدة حيث لن يكن بإمكان أيّ نظام منفرد وقفه؟

تريدون حفظ ماء الوجه لكنكم تتجاهلون شلالات الدماء التي تهدر يومياً في كل مكان من العالم العربي، وتدفعون شعوبكم، بتخاذلكم، إلى الإحباط التام؛ كما تستجلبون استغراب العالم وربما استهزاءه لتصرّفكم في الداخل عكس ما تبشرون به في العالم.. إنَّـه فقدان للمصداقية... أيها السادة لو كنتم تعلمون!
تخليكم عن مسئولياتكم القومية تجاه الوطن الصغير، لبنان، الذي يثبِّث مصداقيتكم؛ وتهاونكم في وقف إرهاب نظام سوريا عليه وعليكم، وعدم تصدّيكم لموجة ارهاب النظام الايراني العقيدي الشمولي سوف يؤدي بكم إلى مهاوٍ الله وحده يعلم نتائجها.. فهل كُتِبَ على شعوبكم أن تعاني ما عاناه وتعانيه شعب فلسطين والعراق ولبنان!

إننا نطالب قادة هذه الأمة العريقة عراقة التاريخ أن تبادر فوراً إلى اتخاذ الخطوات التالية:
رفض حضور مؤتمر القمة في دمشق والطلب إلى الجامعة العربية إلغاءه، من ثمّ الدعوة إلى مؤتمر قمة طارئ يُعقـد في مصر أو طرابلس الغرب يحمل في جدول أعماله البنود التالية:
1) تبنّي إنشاء مجلس أمن عربي تكون أولى قراراته أن يأخذ على عاتقه إنشاء قوات حفظ سلام عربية تنتشر على طول الحدود اللبنانية مع سوريا..
2) تبني إنشاء محكمة عدل دولية عربية تأخذ على عاتقها محاكمة جميع الارهابيين والاغتياليين في أي دولة من دول من العرب، لا سيما أولئك الذين تحتجزهم دول الغرب في سجونها كيما تتسنى لهم الحفاظ على حقوقهم الشريعية.. ورفض محاكمة أي منهم في محاكم دولية أخرى دون مشاركة قضاة من دولهم العربية..
3) طرد سوريا من جامعة الدول العربية ووقف التعامل الدبلوماسي والتجاري معها وسحب السفراء العرب من أراضيها،.. ما لم تبادر إلى:
أ‌- تولي حماية الداخل اللبناني، بمساهمة من قوات الأمم المتحدة وبإشراف مباشر، عربي ودولي، دعوة النواب اللبناني إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة إئتلاف وطني تكون مهمتها تفعيل الاقتصاد اللبناني ووضع قانون انتخابي جديد..
ب‌- الاعتراف رسمياً بالدولة اللبنانية بإقامة علاقات دبلوماسية بينهما..
ت‌- ترسيم الحدود اللبناني السورية تحت مراقبة وحماية قوات مجلس أمن الدول العربية..
ث‌- وقف تذويد حزب الله بالسلاح والعتاد، مباشرة أو غير مباشرة..
ج‌- مساعدة الدولة اللبنانية، وبمساهمة قوات الأمم المتحدة، في فرض سلطتها على كامل أراضيها وسحب سلاح حزب الله وتسليمه إلى الجيش اللبناني وسحب سلاح جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة، خارج المخيمات وداخلها..

لن نطالب برفع الكثير من المعوقات التي تفرضها الانظمة العربية لإرساء الديمقراطية فهذه باتت تدريجياً على زوال.. فهل يستجيب قادة الأمة العربية التي تبدو وكأنَّ الشمس لا تغيب عن مغتربيها!

صانك الله لبنان

التياتر السيادي اللبناني في العالم / نيوزيلندا

الثلاثاء، فبراير 26، 2008

قطار منطلق بلا هدف ويطلق الصفير الحاد ..


نبيل عودة

لم تفاجئني الردود السياسية العنيفة ، واطلاق صافرات قطاراتنا السياسية المنطلقة بلا توقف الى لا مكان ولا هدف . بات المنظر مالوفا وتقليديا . وبغض النظر عن الموضوع الجديد او المستجد ،الذي جعل قاطرتنا المندفعة تزيد من تسارعها وصفيرها الحاد . . بل ما قيمة الموضوع الذي يشحنها بالمزيد من الوقود والتسارع وقوة الصفير ؟ .. الشكل اختلط بالمضمون حتى صار الفصل بينهما ، لمن يحاول ... خيانة وتخاذل!!
الانطلاق بصفير حاد هو االقاعدة وليس الشواذ. هو المألوف وليس غير المألوف .
نحن امام احتمالين لا ثالث لهما ، اما اننا أصبحنا على يقين بالانتصار الحاسم والكامل على الأعداء ، اسوة بنصر حزب الله الألهي ، او اننا أصبحنا ، جاهلين ، وجهلة القرن الحادي والعشرين بجدارة ... نعتمد كشيوعيين من النوع الرسمي اللبناني والاسرائيلي ، وقوميين من أتباع نظام القمع في سوريا ، والباكين يتما على نظام صدام ومقابره الجماعية ، والمقيم بعضهم ، قسرا... في عاصمة المخابرات الأمريكية في الخليج ، نعتمد على سياسات السنة الالهية والانتصارات الخارقة ، بوحي من ملالي قم .. والنموذج في لبنان يفلق الحجر.
بالطبع انا لا اتحدث عن لبنان ،رغم ان مصائبنا مصدرها واحد ... انما عن الأوهام السياسية التي يعيشها من يظنون أنفسهم المقررين في سياسة واعلام الجماهير العربية في اسرائيل ، حتى لو قادونا الى خراب جديد للبصرة. او الى خروج جديد من الأندلس ، نبكيه من جديد ستة أو سبعة قرون كاملة ، حتى لا نشعر بالفراغ والملل، والحاجة الى آفاق جديدة وهواء نظيف وبدايات جديدة .
لا اريد ان اطيل مقدمة مقالي التي فرضت نفسها علي . وندخل بالموضوع الجديد – القديم ، أو القديم الجديد ، أنا لا أعرف الفرق؟

اشتد انطلاق القطار وصفيره الحاد اثر نشر صحيفة " هآرتس " خبرا كنت أتوقع ان يلفت أنظار سياسيينا من رتبة عريف حتى رتبة فريق . أما " المشير" فقد غادر الوطن " قسرا " وترك المنافسة على أشدها بين المطالبين بالمنصب الشاغر. وأصبح مشيرا للجزيرة ... وعليه ليس مستهجنا أن يعلو صراخ المنافسين ، فنحن العرب نتحول بجدارة الى ظاهرة صوتية ، وهذا ليس اكتشافا علميا جديدا ، بل واقع مأساوي يلحق بواقع الجماهير العربية في اسرائيل مآسي سابقة ومآسي قادمة ، والقادمة سرعان ما تصبح سابقة .. وهكذا دواليك... اذ ان قادتنا أقفلوا علينا الصندوق لنبقى طوع بنانهم ، عربة كارو توصلهم للكنيست ... آه ما أكبر أوهامهم !!
خبر " هآرتس " مثير حقا للنقاش والاهتمام ، ويتعلق باصدار هيئة تعرف باسم " المجلس الصهيوني في اسرائيل " ، وهو جسم تابع للمنظمة الصهيونية العالمية ، ما يمكن وصفه بوثيقة " تصور مستقبلي " للعلاقة بين المواطنين العرب في اسرائيل ودولة اسرائيل ، ويمكن القول انها وثيقة مضادة لوثيقة سبق وان صدرت برعاية لجنة المتابعة العربية اسرائيل ، واثارت في وقته نقاشا حادا في الشارع اليهودي بالأساس ، ثم تبعتها و" ثيقة حيفا " وسبقتهما وثيقتان أخريان من منظمة " عدالة " ومركز" مساواة " ويبدو لي انه ما عدا انتباه النشطاء السياسيين العرب من المستويات " العليا " لوثيقة لجنة المتابعة ، واختلفوا عليها كما هو متبع ومتوقع ، فهي لم تثر أي ردود فعل أو انتباه مميز في الشارع العربي في اسرائيل . وقد يتبين ان جماهيرنا لم تسمع بها حتى اليوم ،أي بعد نسيانها من معديها . وهذا ليس مستهجنا حين نعرف انه رغم الزعيق والرفض الكامل والشامل من أحزابنا للخدمة المدنية مثلا ، الا انه تبين ان أكثر من 60% من المواطنين العرب في اسرائيل لم يسمعوا بالموضوع . ورغم ذلك التأييد للخدمة المدنية كان صفعة مدوية لسياسة الرفض ، اذ تبين في استطلاع قام به بروفسور سامي سموحة والدكتور نهاد علي من جامعة حيفا ، ان 75% من المواطنين العرب يؤيدون ، بشكل أو بآخر ، الخدمة المدنية التطوعية ، والتي لا علاقة لها بما يشيعه كذبا المعارضون ، انها نافذة للخدمة العسكرية.


الوثيقة ( الصهيونية ) طرحت مسودة رؤية اساسية للعلاقة بين الدولة والمواطنين العرب الفلسطينيين في اسرائيل ، تعتمد على خطوط عريضة اساسية، هي ان يحافظ الجمهور العربي على الاخلاص الكامل لدولة اسرائيل ، وان يدين الأعمال الارهابية ، وان يقوم بالخدمة المدنية ، ومقابل ذلك يحظى الوسط العربي على استقلال ذاتي ثقافي وميزانيات كاملة حسب نسبة العرب في اسرائيل.
واشار معد الوثيقة موشيه بن عطار ( يشغل منصب مدير عام المجلس الصهيوني في اسرائيل ) بأن هذه هي أول وثيقة يعدها جسم صهيوني ، حول العرب في اسرائيل. وقال في تصريح لصحيفة " هآرتس" ان نقطة الانطلاق هي الحفاظ على أكثرية يهودية في دولة اسرائيل لفترة طويلة ، والاهتمام بالأقلية العربية ، باعتبار ان دولة اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي ولكنها ملزمة باقرار المساواة في الحقوق والواجبات لكل مواطنيها.
واضاف ان الوثيقة تشكل مسودة صياغتها غير كاملة، تطرح 13 موضوعا للبحث في العلاقات بين الدولة والجمهور العربي، ، ومن ضمنها واجب الدولة لأقرار المساواة في الحقوق والواجبات لمواطنيها ، وبينها بند يدعو الدولة الى تشجيع انضمام الشباب العرب الى الخدمة المدنية ، وهو الموضوع الذي يثير خلافا واسعا ، وتعارضة القيادات العربية ... ومن معرفة أكشف لكم ان بعضهم يؤيدون ويخافون من المجاهرة ، وتحظى الخدمة المدنية بتأييد أكثرية المواطنين..

تدعو المسودة التي أعدها بن عطار لأن يحصل العرب على استقلال ذاتي ثقافي من أجل الحفاظ على هويتهم اللسانية الثقافية والقومية ، وان تقدم الدولة للعرب في اسرائيل ميزانيات مساوية لنسبتهم في الدولة ، وجاء أيضا انه يجب تعزيز مكانة المراة العربية ، والعمل على خلق جيل من القيادات العربية . ويدعو الى تجميع البدو في النقب ببلدات سكن دائمة .

المسودة ستطرح للنقاش في مؤسسات الوكالة اليهودية ، وفي اللجنة التنفيذية الصهيونية ، بهدف صياغة سياسة للمؤسسات الصهيونية حول موضوع العلاقات بين دولة اسرائيل والأقلية العربية .
ويذكر ان المنظمة الصهيونية في اسرائيل هي جسم أقيم في عام 1970 كذراع للنشاط الرئيسي للمنظمة الصهيونية العالمية ، وبهدف تقوية الأسس الصهيونية في المجتمع الاسرائيلي ، واللجنة ليست لها مكانة رسمية ملزمة في اسرائيل . انما هي هيئة مستقلة تماما. ومع ذلك من العبث تجاهل قدرتها على التدخل بتخطيط السياسة الاسرائيلية.

الموضوع أولا يستحق الانتباه وليس الصراخ واطلاق الصفير المزعج. يستحق النقاش العميق ورؤية الجوانب السلبية والايجابية في هذا الطرح غير العادي في اسرائيل.
الوثيقة تعترف بشكل غير مباشر بما كانت تنكره الحركة الصهيونية من وجود تمييز عنصري ضد الأقلية العربية. ولأول مرة تقر بضرورة الأعتراف بالحقوق الكاملة للمواطنين العرب ، وواضح انني لست من الغباء لأقول ان صيغة الحقوق الكاملة هي صيغة مطلقة ، والغاء التمييز هو عملية لا تنتهي بقرار حكومي ، انما عبر مسافة هائلة من التغييرات في المفاهيم والميزانيات والقوانين . ومع ذلك سيبقى تمييزا في الكثير من القضايا التي تتعلق بالأمن والتأهيل العلمي والتقني الهائل داخل الجيش ، خاصة في مجال " الهايتك " والتكنلوجيات الدقيقة ، وفي التمثيل السياسي والدبلوماسي وفي قضايا الأرض ، لأنهم مهما أنصفونا ، لن نحصل على كامل ما نستحقة .
الوثيقة تعترف ان الأقلية العربية ليست مؤقتة في وطنها ، انما مواطنون يستحقون استقلالا ذاتيا ثقافيا ( اوتونوميا ثقافية ) وحفاظا على لغتهم وهويتهم القومية .
الوثيقة تعترف بحق المواطنين العرب بالمساواة في الميزانيات حسب نسبتهم في الدولة .
الوثيقة ترى ضرورة تعزيز مكانة المراة العربية .
هذا ما نشر من ايجابيات في الوثيقة الصهيونية . وهي لمن لا يعلم من القيادات العربية ومطلقي صفير القطارات ، بعض المطالب التي شكلت سببا للتصادم الدموي مع السلطة في مناسبات مختلفة.
بالطبع صيغة الاخلاص للدولة غير مريحة للأذن القومجية .. وصيغة رفض الارهاب تجعلنا نفرمل بسرعة ، قبل ان نرد بصفير القطارات المزعج.
وهذان الموضوعان احتلا مساحة جوهر الهجوم على الوثيقة.
تعالوا نضع النقاط فوق الحروف .. الدمقراطية الاسرائيلية رغم ضيقها النسبي مع الجماهير العربية ، ما زالت تمدنا بمساحة واسعة للتعبير الحر عن الرأي والنقد .. بل والتحريض المنفلت أيضا !!
هل انتم ضد الاخلاص للدولة التي تحملون جنسيتها ؟
وهل باستطاعة أي تنظيم سياسي أو اجتماعي او صحيفة ، ان تقوم بدون الالتزام بهذه القاعدة الأساسية ؟
هل تقدر احزابنا على خوض معارك انتخابات الكنيست والسلطات المحلية ونقابة العمال ونقابة المعلمين ونقابة المحامين بشعارات ترفض الاخلاص للدولة وقوانينها ؟
هل يستطيع أعضاء الكنيست العرب ، ليصبحوا أعضاء في الكنيست ، ان يتملصوا من القسم القانوني بالاخلاص لدولة اسرائيل وقوانينها والدفاع عنها ؟
وهل وجود نائب رئيس كنيست عربي ، وفي ظروف معينة ، نظريا على الأقل .. قد يصبح قائما بأعمال رئيس الدولة ، هل يمكن ذلك برفض الاخلاص للدولة ؟
لا اتحدث الآن عن التمييز العنصري وعدم المساواة ، وحرمان الأقلية العربية من العديد من حقوقها المشروعة .
لا اتحدث الآن عن الجرائم التي لن نغفر لمرتكبيها ، والتي ارتكبت ضد ابناء شعبنا ، ليس في اكتوبر (2000) فقط ، أو في يوم الأرض الأول ( 1976 ) أو مقتل الشباب العرب الخمسة ( 1961 ) وليس أيضا مجزرة كفرقاسم ( 1956) ، انما جرائم ارتكبت على مدار تاريخ الدولة .. وهناك قتل أبشع من تسبيب الموت المباشر ،مثل مصادرة الأرض ، وهدم المنازل وعدم الاعتراف ببعض القرى ، ووضع التعليم العربي الصعب ، ووضع السلطات المحلية ، والبطالة الواسعة ، والاستغلال البشع في سوق العمل وخاصة وضع المراة العربية ، والحرمان من الميزانيات المناسبة ومن مناطق التطوير ، ومن المراكز الصناعية ... والقائمة طويلة .
بدل قبول الاخلاص للدولة ، ولو شكليا ، فمكره أخوك لا بطل .. هناك احتمال آخرمطروح ، ان نغادر الوطن قسرا الى بلاد الرمال على شواطئ الخليج الدافئة ، لأن الأحباء في دمشق لا يريدون استقبالنا ، يكفيهم ما عندهم .. والأردن تشترط عدم القيام بأي نشاط سياسي ( قومي ) . وعليه ، لكم أعزائي حرية الخيار السياسي .. بمنتهى الحرية والدمقراطية .. ابحثوا عن امراء يستقبلونكم بقصورهم !!
انا اخترت النضال هنا في وطني من أجل حقوقي القومية واليومية ، من أجل المساوة الكاملة في حقوقي كمواطن وكانسان.
ان ما تطرحه هذه الوثيقة ليس أمرا عاديا ، هناك سلبيات بالطبع ، نحن ندين كل عمليات الارهاب ونؤمن ان الارهاب لا ينتمي الى قومية أو دين ، بل هو شر من أي طرف يجيء ، وندين ارهاب اسرائيل كما ندين الأرهاب على المواطنين في اسرائيل أيضا. ولكننا لن ندين نضال شعبنا الفلسطيني من أجل التحرر وبناء دولته المستقلة الى جانب دولة اسرائيل . او نضال شعوب أخرى بغض النظر عن دينها وهويتها القومية. ما نرفضه هو ارتكاب الحماقات ضد المواطنين العزل ومن أي طرف كان.
بدل اطلاق الصافرات المزعجة ، هل حاول أحدكم طرح نقاش عقلاني مع معد الوثيقة ، ام ان مجرد تعبير " صهيوني " يسد الطريق على تفكيرنا السليم ؟!
هل من يستطيع ان يقول لي ما هو غير الصهيوني في هذه الدولة التي نحمل جنسيتها ، ونوصل ممثلين عن جماهيرنا الى برلمانها. ونعمل في اقتصادها ، ونحصل على ضماناتها الاجتماعية وتأميناتها الطبية ، وننفذ سياساتها التعليمية رغم انها لا تتلاءم مع تطلعاتنا ، ونتمتع بدمقراطيتها ، حين نجد الدمقراطية وسائر التأمينات والضمانات غائبة قسرا من دول أشقائنا العرب ... ويسود واقع معيشي مأساوي للجماهير العربية في العالم العربي ؟!
مجرد سؤال بسيط وربما صبياني ، هل يتوهم أحد منا ان اسرائيل ستعلن انتهاء ارتباطها بالصهيونية ؟! وهل ينتظر البعض تلك المناسبة ليبدأ في التعاطي مع السلطة حول حقوقنا؟!
هل انطلاقا من الفهم المشوه الذي نمارسه في سياستنا ، يجب ان نرفض ، كما هو متبع في الواقع ، أي محاولة ولو صغيرة ، لاقرار بعض الحقوق في المساواة ، بل ونهاجمها بكل حدة ، وبلا تفكير؟!
لا اتجاهل واقعنا الصعب . واقع مأساوي في الكثير من وجوهه ، ولكن اطرحوا بديلا يجعلنا نرى طريقا تقودنا الى ما تصبو اليه نفوسنا. ، من مساواة واقرار بالحقوق واستقلال ذاتي ثقافي والحفاظ على لغتنا وهويتنا وتطوير أوجه التعليم بكل مراحله ، وتنشيط الحياة الاقتصادية في مجتمعنا عبر الاستثمارات وفتح المناطق الصناعية وتطوير مسطحات بلداتنا التي تعاني من حصار واختناق.
هل من بديل غير التعامل مع الواقع السياسي الذي نعيشه؟!
الا اذا كنتم تحلمون بالانتصارات الألهية ، التي ستجر المأساة من جديد على لبنان وفلسطين والشعوب العربية .
بالطبع لم اتجاهل طرح موضوع " الخدمة المدنية " ، التي تشترطها الوثيقة أيضا ضمن رؤيتها المستقبلية للعلاقة بين الدولة والمواطنين العرب ، فهل سنظل نعارض الخدمة لمؤسستنا البلدية والأجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية ، والبيئية وسلامة السير لأبنائنا وغيرها من الخدمات المدنية ، واكرر " الخدمة المدنية " دون أي تلميح أو علاقة بخدمة لها طابع عسكري ، الا اذا اعتبرنا ان عملنا في الاقتصاد الاسرائيلي ، في الصناعة والزراعة والخدمات ، ذات جانب عسكري ايضا يجب الامتناع عنه ؟!
أعتقد ان الوثيقة تستحق النقاش . طروحاتها غير مسلم بها كما هي ، ولكنها تطرح رؤية جديدة وغير تقليدية يجب الانتباه لها اذا كنا حقا نعتبر انفسنا سياسيين يهمنا مستقبل شعبنا وحقوقه ورفاهيته ، ولسنا مجرد قطار منطلق بلا توقف وبلا هدف ، ويطلق الصفير الحاد!!

نبيل عودة – كاتب واعلامي فلسطيني -الناصرة
nabiloudeh@gmail.com

دور السلاح النووي في الحرب القادمة


عطا مناع

شبح الحرب يخيم على منطقة الشرق الأوسط، وطبول الحرق ندق في كل من واشنطن وتل أبيب، والمعلومات تتسرب حول غضب واشنطن من الانقلاب الذي يعيشه الشرق الأوسط بالتحالفات الواضحة بين إيران وسوريا وحزب اللة والمقاومة الإسلامية في فلسطين، ناهيك عن الشعارات المناهضة للولايات المتحدة الأمريكية والداعية إلى تدمير الدولة العبرية والتبشير بنهايتها كما جاء أكثر من مرة على لسان الرئيس الإيراني احمدي نجاد والأمين العام لحزب اللة حسن نصر اللة ناهيك عن حرب الاستنزاف التي تخوضها حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل التي باتت غير قادرة على فعل شيء إزاء الصواريخ الفلسطينية المنطلقة من غزة رغم استخدامها اعتي الأسلحة والطائرات في قتل الفلسطينيين المحاصرين في سجن القطاع.

لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على ما يسمى بالإرهاب، وجاء احتلالها لأفغانستان والعراق ليورطها في وحل الحرب الطويلة الأمد التي استنزفت قوتها ومواردها المالية ناهيك عن خسائرها البشرية التي أحدثت انقلابا في الرأي العام الأمريكي الذي انقلب على الرئيس الأمريكي جورج بوش والمحافظين الجدد الواقفين على حافة الهاوية التي ستبتلع طموحاتهم وبرامجهم وأحلامهم بالسيطرة على الشرق الأوسط ونهب خيراته وتحذير المشروع الصهيوني في فلسطين بتعميم التطبيع على الدولة العربية التي تدور في الفلك الأمريكي والإسرائيلي.

وإذا جاز الجزم لي بهزيمة المشروع الأمريكي في المنطقة أو تعثره على اقل تقدير، فهذا يعني أن المنطقة العربية قد أضحت أمام حقيقة المواجهة المسلحة بعقيدة الانتصار على الولايات المتحدة وإسرائيل وخاصة بعد الهزيمة النكراء التي تعرضت لها الدولة العبرية على يد حزب اللة، هذه الهزيمة التي قلبت الموازين سواء على الصعيد النفسي أو العسكري وبالتالي بروز استراتيجيات عسكرية مسلحة بقناعة الانتصار في الحرب القادمة بصرف النظر عن التحالفات التي نسجتها واشنطن في المنطقة العربية.

في الجانب الإسرائيلي هناك تخوف وعدم ثقة من تحقيق الانتصار في الحرب القادمة رغم ما يصدر عن ساسة وجنرالات الدولة العبرية، فلا زالت إسرائيل تعاني من هزيمتها على يد حزب اللة وستبقى كذلك وهذا الواقع الجديد سيلعب دورا سلبيا في أداء الجندي الإسرائيلي في أي حرب قادمة، ليس لأنة سيواجه رجال حزب اللة فقط وإنما لمعرفته الأكيدة بضعف قيادته السياسية التي هزمت في حرب تموز وبقيت على رأس السلطة، وهي التي ستخوض حربا أكثر تعقيدا من أي حرب مضت على اعتبار أن إيران وسوريا ستلعبان دورا حاسما وسيشكلان تهديد استراتيجيا للدولة العبرية وقد بدا هذا واضحا من تهديدات الرئيس الإيراني الذي أكد أنة سيدمر إسرائيل في حال تعرضت إيران لضربة عسكرية.

وبما أن المبادرة في يد الولايات المتحدة وإسرائيل، هناك سؤال يتم تداوله في الأوساط الأمريكية بشكل خاص وهو: كيف ستكون هذه الضربة، هل ستكون على شكل غزو لإيران كما هو الحال مع أفغانستان والعراق، ام من خلال حملة جوية وصاروخية يتم خلالها تدمير المنشات النووية، قد يكون الاحتمال الثاني هو الأقوى لكن إيران جاهزة وقد ترد بإطلاق صواريخ مدمرة وبعيدة المدى على دولة الاحتلال الإسرائيلي والقواعد الأمريكية في دول الخليج، مما يعرض هذه الخطة"خطة كش ملك " للفشل ويفتح الأفاق أمام اتخاذ قرارات باعتماد الضربات النووية التكتيكية للمنشات النووية الإيرانية وسينتج عن ذلك سقوط الآلاف من الأبرياء، وبالفعل وحسب صحيفة الصندي تايمز اللندنية التي ترجمت مقالة تحت عنوان خطة إسرائيلية سرية لضرب إيران بالنووي التكتيكي،
لكن وزارة الخارجية الإسرائيلية نفت الخطة التي تشارك فيها بعض الدول العربية إلا أن بعض الصحف العبرية قالت أن العملية قد تكون ضمن الحرب النفسية على إيران.
تصريح زلة اللسان الذي صدر عن رئيس وزراء دولة الاحتلال يهود اولمرت باعترافه امتلاك إسرائيل سلاحا نوويا وذلك في مقابلة مع التلفزيون الألماني لم يكن زلة لسان وإنما استخدام لورقة السلاح النووي وخاصة أنها تأتي بعد اسبوه واحد لتصريحات وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس الذي أكد فيها أن إسرائيل تمتلك السلاح النووي، الجديد في هذه التصريحات هو الاعتراف المباشر بامتلاك إسرائيل للسلاح النووي رغم أن العالم كله يعرف هذه الحقيقة، إلا أن دولة الاحتلال بتلك التصريحات تريد أن ترسل إشارات تهديديه لإيران بإمكانية الاستخدام التكتيكي للسلاح النووي بضرب البرنامج النووي الإيراني.
إيران وعلى لسان مسئول كبير وهو محمد باقر ذو القدر نائب وزير الداخلية الإيراني للشؤون الأمنية الذي شدد أن إيران ستضرب المصالح الأمريكية في العالم إذا هوجمت بسبب سلاحها النووي وقال لن يكون هناك مكان امن لامريكيا في ظل امتلاك إيران للصواريخ بعيدة المدى، ويكمن لإيران إطلاق الآلاف الصواريخ يوميا، وبالعودة إلى تصريحات الأمين العام لحزب اللة السيد حسن نصر اللة الذي أعلن واثقا في خطاباته الأخيرة قرب نهاية الدولة العبرية وأنها أي إسرائيل ستهزم في الحرب القادمة فلا يمكن الفصل بين التوجه الإيراني وتصريحات حزب اللة الذي يعرف خفايا الأمور ويقف على التطورات الغير معلن عنها في الصراع الإيراني الأمريكي الإسرائيلي وتفاقم الأوضاع إلى درجة الجهوزية لخوض الحرب.
في الولايات المتحدة الأمريكية عبر الديمقراطيون عن خشيتهم أن يشعل بوش حربا مع إيران قبل مغادرة منصبة، وكانت وسائل الإعلام كشفت النقاب عن مشروع قرار سري تم التصويت علية بالأغلبية الساحقة في مجلس النواب الأمريكي وحول إلى مجلس الشيوخ، ويتضمن القرار سماحا للرئيس بوش لاتخاذ أسلوب الحرب الوقائية ضد إيران، من خلال تسديد ضربات عسكرية لها عقابا على مشاريعها النووية.
وبصرف النظر عن القرارات والتهديدات والتلميحات والمعلومات الشبة مؤكدة عن بداية العد التنازلي للحرب في منطقة الشرق الأوسط، هذه الحرب ستأخذ منحى أخر ولن تكون تقليدية نظر لعدم ثقة الولايات المتحدة وإسرائيل بإمكانية حسمها بالضرب الخاطفة وجدية التهديد الإيراني بحرق القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج وإمطار دولة الاحتلال بالآلاف الصواريخ، إضافة لعدم قدرة الولايات المتحدة حوض حرب طويلة مع إيران بسبب أوضاعها الضعيفة في العراق وأفغانستان والرأي العام الأمريكي، لذلك لن تتواني الولايات المتحدة عن اتخاذ قرار باستخدام السلاح النووي من خلال ضربة نووية وقائية لإيران واستخدام اعتى الأسلحة ضد حزب اللة وحماس وسوريا، مما يفتح الباب واسعا إمام كل السيناريوهات لحرب نعرف كيف ستبدأ ولا نعرف أين ستنتهي.

الاثنين، فبراير 25، 2008

نصيحة للأسد: لا تعقدها

عبد الباري عطوان
القدس العربي
تشهد العاصمة السعودية الرياض نشاطا ديبلوماسيا عربيا مكثفا يتعلق بانعقاد القمة العربية المقبلة في دمشق، اواخر الشهر المقبل، حيث وصلها بالأمس الرئيس المصري حسني مبارك، ومن المتوقع ان يشد الرحال اليها غدا الاربعاء العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني.د
وتأتي هذه الزيارات والتحركات بعد اسبوع من زيارة قام بها الي دمشق الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة، وحاكم دبي، علي رأس وفد كبير ضم وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد، واكد البيان المشترك الذي صدر في اعقاب الزيارة علي ضرورة استمرار التنسيق والتشاور بين الاطراف العربية المعنية، من اجل انجاح القمة العربية المقبلة.
ولا نعرف اين المشكلة التي تتطلب كل هذه الاتصالات والمشاورات، فالقمة عادية ودورية، وليس من المفترض ان يواجه انعقادها كل هذه المشاكل، ولماذا هذا الحرص المفاجيء علي انجاح هذه القمة، وكأن جميع القمم السابقة كانت خارقة للعادة في نتائجها، وأنجزت الحلول المأمولة لكل القضايا العربية المزمنة، ولذلك لا يجب ان تأتي القمة العربية المقبلة استثناء.
قادة الدول، المتحضرة منها والمتخلفة علي حد سواء، لا يلتقون في اجتماعاتهم الدورية، او الطارئة، من اجل الاستجمام، او تبادل التحيات، وأحدث النكات، وانما من اجل بحث القضايا الخلافية المدرجة علي جدول الاعمال، ومحاولة التوصل الي تسويات لها، أو للغالبية العظمي منها.
ولم نسمع مطلقا عن عقبات تعترض القمم الافريقية او الاوروبية، ولم نقرأ ان احداها تأجلت لان هذا الزعيم في حال حرد ، او آخر غاضب، او ثالث لان دولة ما لم تنتخب رئيسا لها، فالمغرب قاطع جميع القمم الافريقية السابقة لانها اعترفت بالبوليزاريو، فماذا حدث؟
قمة الرياض الاخيرة لم يشارك فيها الزعيم الليبي معمر القذافي، وقاطعها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي احتجاجا، لان العاهل السعودي لم يشارك في القمة العربية التي استضافتها بلاده قبل ثلاث سنوات، وكذلك فعل العاهل المغربي. ولم نسمع او نقرأ عن اي اتصالات او انشطة دبلوماسية مكثفة لتأجيلها او الغائها بسبب هذا الغياب.
وخرجت القمة بقرارات اعادت تبني المبادرة العربية للسلام، واكدت علي رغبة مضيفها، والمشاركين فيها، في التطبيع الكامل مع اسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة.
وعلي اساسها انعقدت قمة انابوليس للسلام في امريكا، وانطلقت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وباقي القصة معروف.پما يجري حاليا، وباختصار شديد، هو عملية ابتزاز واضحة لسورية، ليست لها علاقة بلبنان، بقدر ما لها علاقة بملفات اقليمية مثل البرنامج النووي الايراني، وتنامي قوة حزب الله بصورة تشكل قلقا للولايات المتحدة واسرائيل وحلفائهما في المنطقة.
فاما ان يقبل النظام السوري بشروط دول الاعتدال بزعامة السعودية ومصر بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وتوزيع الحقائب الوزارية، بما يضمن هيمنة الموالاة علي القرار في لبنان، كمرحلة اولي، ومقدمة لافتعال حرب تؤدي الي نزع سلاح المقاومة، وإلا فان القمة لن تعقد، واذا اصرت سورية علي المضي قدما في عقدها في موعدها فان زعيمي البلدين وزعماء آخرين من حلفائهما قد يتغيبون عنها بهدف نسفها.
السيد فؤاد السنيورة ممثل الموالاة او جماعة الرابع عشر من آذار، قالها بصراحة في لندن، بان القمة العربية لن تعقد الا اذا تم انتخاب رئيس للبنان، وسمّي العماد ميشال سليمان قائد الجيش اللبناني الحالي، كشخصية توافقية هي الانسب لهذا الغرض.
لبنان يشهد حاليا صراع ارادات بين المملكة العربية السعودية من ناحية، وسورية من ناحية ثانية، وكل طرف يستخدم ما لديه من اوراق في هذه المعركة المحتدمة، ومن الطبيعي ان تكون الاوراق السعودية الاكثر تأثيرا، لانها مدعومة بدخل نفطي يزيد عن 250 مليار دولار سنويا، ودعم من دول عربية مثل مصر، وعظمي مثل الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا.
القمة العربية المقبلة ستكون ضحية هذا الصراع بطريقة او بأخري وانعكاسا مباشرا له، وانعقادها رهن بتنازل احد الطرفين المتـصارعين عن مواقفه، ولا نري حتي هذه اللحظة الا تصعيدا في المواقف، وتعثرا في الوساطات، وتوسعا في حال الاستقطاب العربي المتفاقمة.
فسورية لم تسلم دعوة رسمية الي العاهل السعودي للمشاركة في القمة، لان جميع الطرق والمسالك الدبلوماسية بين الرياض ودمشق مغلقة، والحرب الاعلامية بين نظامي البلدين علي اوجها علي الساحة اللبنانية.وحماس الحكومة السعودية اللافت لانعقاد المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال الراحل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الاسبق بأسرع وقت ممكن، وتعزيزه بتسديد نصيبها المالي المقرر لهذه المحكمة بالكامل، عمّقا القطيعة بين البلدين.
وهي المحكمة التي من المتوقع ان تطالب بتسليم مسؤولين كبار في النظام السوري.النظام السوري يواجه حاليا ظروفا مماثلة لتلك التي واجهها نظيره الليبي اثناء أزمة لوكربي، اي عزلة عربية، وحصارا امريكيا يشتد يوما بعد يوم.
فقد بدأت الولايات المتحدة تفرض عقوبات اقتصادية تضاف الي العقوبات السياسية المفروضة علي دمشق، آخرها تجميد اموال رامي مخلوف أحد ابرز حيتان النظام الاقتصادية والمالية، وابن خال الرئيس، بتهمة الفساد. فاذا كان الرجل فاسدا فعلا، فلماذا الصمت عليه، والتعاطي معه، لاكثر من عشرين عاما كوّن خلالها عدة مليارات من الدولارات علي شكل ارصدة وعقارات واصول مالية، وشركات متعددة الأذرع داخل سورية وخارجها؟وهل كانت امواله ستجمد لو ان سورية قبلت بالمحاولات الامريكية والعربية بإبعادها عن ايران وحزب الله و حماس ؟ وتعاونت بالكامل مع المشروع الامريكي في العراق؟
النظام الرسمي العربي بدأ يأكل ابناءه، وحلفاء الامس الذين حكموا المنطقة لاكثر من ثلاثين عاما، ينقلبون علي بعضهم البعض، ولا نعتقد ان الشعب العربي المغلوب علي أمره الذي دفع ثمنا باهظا لهذا الحلف غير المقدس، سيكون آسفا او قلقا، بل ربما يتطلع الي المزيد من الانهيارات والخلافات، ولسان حاله يقول: اللهم اجعل بأسهم فيما بينهم شديداً.
المعادلة بسيطة، وتكشف مدي بؤس النظام الرسمي العربي وغبائه، فاذا كان انعقاد القمة مرهونا بانتخاب رئيس للبنان، فإن عدم انعقادها لن يجعل هذه المهمة اسهل، بل اكثر تعقيدا وربما المزيد من التصعيد والخلافات، يدفع ثمنها الشعب اللبناني مضاعفا من دم ابنائه وقوت اطفاله، وقد يكون عدم الانعقاد، او مقاطعة اطراف نافذة للقمة بهدف افشالها، المفجر للاحتقان المتفاقم في لبنان، واندلاع الحرب الاهلية بالتالي.المنطق يقول ان انعقاد القمة بحضور جميع الزعماء العرب، والعاهل السعودي علي وجه الخصوص، قد يؤدي الي تنفيس هذا الاحتقان في لبنان ولو مؤقتا ويمهد الطريق للتوصل الي مخارج للأزمة، اما نقلها الي مكان آخر، او تأجيلها مثلما تقول بعض التسريبات الدبلوماسية القادمة من القاهرة والرياض عقابا لسورية ونظامها، فقد يفسر علي انه مقدمة للحرب، ليس في لبنان، وانما في المنطقة بأسرها. ولكن متي كان الزعماء العرب، او معظمهم، يفهمون المنطق ويعملون علي اساسه!
فمن الواضح ان واشنطن تريدها واسرائيل تحرض عليها، وتستعد لها، للانتقام من اخفاقها في الحرب الاولي قبل عامين، فالجيش الاسرائيلي هُزم في لبنان، لان عدم انتصاره في حروبه هو الهزيمة بعينها، فالمقاومة يجب ان تُذبح في لبنان وفلسطين والعراق، والنظام العربي الرسمي يسنّ اسلحته واسنانه لأداء هذه المهمة، نيابة عن واشنطن، او اصطفافا الي جانبها.
نصيحتي للرئيس السوري بشار الاسد، ولا اعتقد انه يقبل نصائح من احد غير مستشاريه، هي ان يبادر بالاعتذار عن عدم استضافة هذه القمة، ومصارحة شعبه بالحقائق من خلال خطاب شعبي تاريخي، ويسمي الاشياء بأسمائها، دون أي مواربة، ويضع كل طرف امام مسؤولياته، فذلك اشرف له ولبلاده من ان يأتي القرار بافشالها او مقاطعتها من غيره. فمعظم المشاركين المفترضين في هذه القمة اتخذوا قرارهم بالحرب في الخندق الامريكي، وليته يقرأ التجربة العراقية بشكل جيد، ويستخرج منها العبر والدروس.

خطاب السيد نصر الله في أسبوع عماد مغنية


الكولونيل شربل بركات

خطاب السيد حسن نصر الله في مناسبة أسبوع عماد مغنية، والذي جمع فيها السيد الموسوي والشيخ راغب حرب، وهم رموز حزب الله الكبار، حمل الكثير من المعاني والمدلولات حول مستقبل التطورات في المنطقة وخاصة على الأرض اللبنانية.

أراد السيد حسن، ولكبر المصاب وتأثيره على قدرة حزب الله ربما، أن يرده إلى إسرائيل ويربطه بمصيرها كدولة واستمرارها ككيان وبقائها كشعب. وهنا نشعر مع السيد حسن بالفعل بعظم الضربة التي تلقاها في تمكن أعدائه، وهم كثر، من القضاء على ركن من أركان حزب الله ضليع في حروب الإرهاب ومتمكن في عالم المخابرات وتحضير العمليات.

ولكن السيد، وربما أيضا لكبر المصاب، أصيب مرة أخرى بالغرور، وها هو يزيل، كمعلمه أحمدي نجاد، إسرائيل من الوجود بقدرة مقاتليه ودقة صواريخه والدعم الكامل من شعوب الشرق الأوسط الذي عرف وأسياده كيف يفرّقونهم ويستعدونهم بتبجّحهم وتطاولهم على كل كبير منهم.

السيد حسن، الخطيب العظيم دون شك، والذي يتمتع بالكاريزما، كما تعّود أن يصوره الناس، يهاجم إسرائيل اليوم لأن زعماءها لا يتمتعون بفن الخطابة وليست لديهم الكاريزما اللازمة لتهييج الجماهير ودفعها للقتال بدون حساب أو مراجعة. وهو صادق هنا لأن المجتمع الإسرائيلي يتمتع، مثله مثل كثير من المجتمعات المتطورة والتي تتبع الديمقراطية نهجا وطريقة حكم، بحساسية تجاه الزعماء الذين يقودون شعوبهم نحو الحروب ونحو الانتحار بدون حساب إلا لتصفيط الكلام الذي يرتاحون إليه ويعّودون الناس على التحمس له والتصفيق بدون قواعد أو أصول وبدون مراجعة أو دراسة لمقدراتهم ونتائج خطاباتهم الرنانة وتأثير الكاريزما في شعوبهم التي قد تزيدها تخلفا وبؤسا يوما بعد يوم.

يبدأ السيد حسن بإلغاء مفاعيل الهدنة التي ينادي اتفاق الطائف بالتزامها والتقيد ببنودها حتى التوصل إلى اتفاق سلام شامل، وهو ينفي أن تكون هذه الهدنة قد أوقفت اعتداءات إسرائيل عبر الحدود منذ 1948 وحتى بداية السبعينات وهو يرمينا بأرقام حول مجازر حصلت ذهب ضحيتها، بحسب قوله، 150 و180 قتيل لبناني بعد اتفاق الهدنة (ولبنان كان البلد الثاني بعد مصر الذي وقع الهدنة مع إسرائيل في 23 آذار 1949). ونحن هنا كأبناء المنطقة الحدودية نسأل من أين أتى السيد بهذه الأرقام وما هي الحوادث التي حصلت بين لبنان وإسرائيل بعد توقيع الهدنة وقبل فتح جبهة جنوب لبنان من قبل المنظمات الفلسطينية في 1968 وبدء الاعتداءات عبر الحدود، وأين؟
والسيد حسن، ولو كان من سكان جنوب لبنان إلا أنه لم يسكن في أي من القرى الحدودية ولم يستق معلوماته من مشاهدات شخصية أو تراث نقل إليه عبر تقليد محلي، ولكنه يستند، كما قال، على أرشيف مجلس النواب، ولذا فنحن نطالب بتوضيح هذه المعلومات، فلا نحن سمعنا عنها أو تناولتها الصحف، ولا نحن درسناها في كتب التاريخ ولا في المعاهد العسكرية، ولا هي وردت على لسان إي من الزعماء في عز الأحداث، فمن أين يأتي هذا الأرشيف الجديد في مجلس النواب، وهل أن "المقاومة" التي طوّعت رئيس المجلس بدأت بعملية تغيير التاريخ بتغيير المعلومات الواردة في أرشيف مجلس النواب؟

ثم يتكلم السيد عن قرار الحرب والسلم ويقول بأن هؤلاء "المساكين" في الحكومة لا يملكون هذا القرار وهو في يد إسرائيل منذ 1948، ولكنه ينسى أنه تبجّح سابقا بأنه هو من يملك قرار الحرب والسلم وهو من فتح حرب تموز وأعترف بذلك على قناة الجزيرة في مقولته الشهيرة "لو كنت أعلم...". وينسى السيد، عندما يقول بأن قرار الحرب والسلم كان دائما بيد إسرائيل، أن العرب أعلنوا الحرب على إسرائيل في 1948 ولم ينكر ذلك أحد، وعبد الناصر هو من أغلق مضائق تيران وألغى العمل باتفاقية الهدنة وأعلن الحرب على إسرائيل في 1967 بالاتفاق مع كل العرب بمن فيهم سوريا والأردن، وهو ينسى أو لا يعرف بأن السادات هو من أعلن حرب الغفران في 1973 وخاضها واجتاز القناة ودمّر خط بارليف وأن الأسد الأب أيضا شارك في هذه الحرب واسترجع القنيطرة.

والسيد حسن ينسى أيضا أن عرفات كان هو من يقوم بالهجمات على إسرائيل وتقوم إسرائيل بالرد، "الموجع والمدمر" طبعا، ولكن المبادرة كانت دوما من قبل الجانب العربي.

نحن اعتقدنا، كما كثير من الناس، بأن السيد حسن سوف يتعلم من أخطاء السابقين فيمتنع عن جعل لبنان ساحة صراع سيما وأن إسرائيل، وهي من بادر بالانسحاب في سنة 2000 دون أن تشترط حتى تنفيذ القرار الدولي 426 الذي يفرض على لبنان نشر الجيش اللبناني وحده من العاصمة وحتى الحدود وضبط الأمن ومنع أي اعتداء عبرها. وهي انسحبت من كامل الأراضي اللبنانية إلى ما وراء ما سمي "الخط الأزرق" باعتراف الأمم المتحدة ولبنان ولم تنشأ قضية مزارع شبعا التي لا شأن لها أبدا بالقرار الدولي 425 إلا بعد أشهر من الانسحاب، اعتقدنا أن السيد حسن سوف يقدّر هذه الفرصة ويستغلها من أجل مصلحة أبناء بلده وملته ووطنه ويترك الجنوب وأهله ينعمون بالهدوء وراحة البال مقابل كل ما عانوه طيلة أكثر من نصف قرن سيما وأن "الدولة المحتلة" (سوريا) أجبرت اللبنانيين على الإجماع والاعتراف له بأنه صاحب فضل ولو لم يكن كذلك أبدا.

السيد حسن ينسى أن اللبنانيين في اتفاق الطائف لم يقبلوا بأن يبقى أي سلاح بيد أي مجموعة على أرض لبنان خارج الدولة، وهو ينسى أيضا أن لبنان وسوريا وكل العرب ذهبوا إلى مدريد في 1991 للتفاوض على السلام وأنه لم يكن لحزبه الحق أبدا بالإبقاء على سلاحه والاستمرار بالأعمال التخريبية، ولكن بقاءه كان قرارا سوريا احتياطيا لابتزاز الإسرائيليين أثناء التفاوض أولا ومن ثم اللبنانيين في أي مشروع استقلالي مستقبلي. وقد كان الإسرائيليون مستعدون للانسحاب بدون أي شروط وكانت الرسائل بين اللواء لحد والرئيس الهراوي أسبوعية منذ 1991 وذلك لتنسيق انسحاب إسرائيل وتسليم المنطقة للدولة، وهذا ما لم تكن ترغب به سوريا ولذا فقد أبقت على سلاح حزب الله وعلى دعمها له.

والسيد حسن يعترف بانتفاء أسباب"المقاومة" عندما ينتهي الاحتلال، ولذا فهو يخترع مشروع جديد لا بل "مدرسة قتالية جديدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب..." فتصبح "المقاومة" "مؤسسة" تحل محل الدولة ويرتبط مشروعها النضالي بالقوى التي تمولها وتسلّحها فتتحول إلى ورقة ضاغطة تستعملها هذه القوى الإقليمية في طموحاتها التوسعية التي تفوق بخطرها الاحتلال الجزئي الذي ادعت "المقاومة" بأنها تريد التخلص منه، ويصبح لبنان مجددا رهينة ممنوع على أهلها أن يحلموا بالاستقرار وراحة البال.

والسيد حسن يقرّ بأن حزبه قد قيّم حرب تموز وعرف الخطأ عنده وعند عدوه وقد أنجز عماد إعادة التدريب والتجهيز كما كان قبل الحرب "ولم يبق هناك شيء يحتاج لعماد مغنية لينجزه..." ولكن هل أعيد تعمير بيوت الناس في الجنوب، وهل تمت إعادة الحياة لمن فقد؟ هذا بالطبع لا يعني السيد وما يعنيه هو "توازن الرعب" وكأن لبنان يجب أن يتحمل أهله كل مشاكل الأرض. وإذا كان عماد مغنية قد أنجز مهمته ولم يعد حزب الله بحاجة إليه فهل يكون إذا أزيل من الوجود ليشكل قتله(؟) عنصر تفجير أو سبب للقيام بعمليات مطلوبة في المستقبل القريب ردا على قرارات تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني أو ربما بالمحكمة الدولية التي يصف "المدعي العام تبعها" بالذي يسكن في "معراب" بينما قاضيها ذلك الساكن في "كليمنصو"؟

اليوم يلتزم السيد بإزالة إسرائيل من الوجود وهو يتبرع بحمل الشعار الذي نادى به الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في القضاء على هذه الدولة، فهل نفهم بأن دور حزب الله القادم في الحرب التي يحاول نصر الله أن يوهمنا بأن إسرائيل تحضّرها لنا (وهو يحددها ما بين نيسان وأيار من هذه السنة)، سيكون مواجهة الجيش الإسرائيلي في داخل إسرائيل؟ أم استدراج إسرائيل مرة أخرى لعملية داخل لبنان؟ أم ضرب العمق الإسرائيلي بصواريخه الثلاثين ألفا؟

نصر الله يبشرنا بالحرب ويقول بأنه جاهز لها فهل يعرف "المساكين" في الحكومة هذا، وما هي ردودهم على هذا التحدي الصارخ؟ وهل سيكون موقفهم دعوة اللبنانيين إلى الوقوف خلف حزب الله لأن البلاد في خطر؟ أم أننا يجب أيضا أن نعيد حساباتنا ونحذّر حزب الله وغيره من أن لبنان لن يقف هذه المرة متفرجا ولن يقبل بأن يزج به في آتون الحرب بدون سبب وأن على الجميع أن يفهموا بأن حياة المواطنين وأرزاقهم أمانة في عنق كل مسؤول وأن المليون ونصف الذين نزلوا إلى ساحة الشهداء مجددا في الرابع عشر من شباط يطالبون الحكومة التي يجب أن تمثلهم بمنع استعمال لبنان منصة للتعدي على الآخرين واستدراج التدمير والتخريب والبكاء على الأطلال مجددا.

يبقى أن مؤاجرة اللبنانيين بمصاب حزب الله ليست تأييدا له إنما هي تنم عن قمة المشاركة في ثقافة اللبنانيين التي تختلف كثيرا عن ثقافة حزب الله الحاقدة، وهي ليست ضعفا من قبلهم ولا خوفا منه، بل بادرة لبنانية عريقة لا تأخذ بالحسبان القتيل أو انتماءه ولكنها احترام لرهبة الموت وانتقال نفس إلى حضن ربها، فهل يفهم من يتاجر بأعضاء القتلى وجثثهم ومن حاول منع بكركي من تقديم العزاء لأحد أبنائها البررة روحية القيم والتقاليد التي نعيش في ظلها؟

واشنطن تسقط سياسيا في كوسوفو


نقولا ناصر

لقد كان الاعتراف الاميركي باعلان كوسوفو الاستقلال من جانب واحد سقوطا سياسيا كشف من ناحية مدى استهتار واشنطن بالامم المتحدة وميثاقها وكشف من ناحية ثانية ازدواجية معايير السياسة الخارجية الاميركية باجلى صورها ولا يكشف هذا السقوط السياسي الاميركي اكثر من تردد الحليف الاستراتيجي الاسرائيلي في الانضمام الى واشنطن في اعترافها بكوسوفو خشية ان تجد تل ابيب نفسها مطالبة بتطبيق حيثيات أي اعتراف كهذا على نفسها .

فعلى سبيل المثال تمتلك الاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل كل الاسباب التي ساقتها واشنطن للاعتراف باعلان كوسوفو الانفصال من جانب واحد عن صربيا ، وقد بدات هذه الاقلية منذ ما يزيد على عام تطالب بحقها في حكم ذاتي موسع كاقلية قومية بعد ان فقدت الامل في الحصول على حقوق مواطنة متساوية مع حقوق الاكثرية اليهودية كما كانت تطالب طوال الستين عاما المنصرمة دون جدوى . لكن واشنطن تجاهلت مطالب الاقلية العربية في الحكم الذاتي ، ناهيك عن المطالبة بالانفصال ، مثلما كانت تتجاهل مطالبتها بالمواطنة المتساوية في دولة لكل مواطنيها منذ النكبة عام 1948 .

ومن المعروف ان البديل للانفصال والاستقلال هو المواطنة المتساوية وان الدولة التي ترفض منح اقلية فيها الحق في الانفصال يجب ان تمنحها حقوقها كاملة في المواطنة والامثلة في العالم وافرة من كويبك في كندا مرورا بايرلندا الشمالية وكتالونيا الاسبانية والشيشان العضو في الاتحاد الروسي وصولا الى مئات الاقليات العرقية والدينية والطائفية في الصين والهند . وينكشف السقوط السياسي الاميركي في كوسوفو في تاييد حق للاقلية الالبانية في الانفصال عن صربيا بالرغم من المساواة الكاملة لهذه الاقلية في حقوق المواطنة ومن هنا الذعر الذي اصاب المجتمع الدولي من السابقة الاميركية في كوسوفو .

ويذكر الاعتراف الاميركي خلال ساعات بعد اعلان كوسوفو الاستقلال من جانب واحد باعلان واشنطن اعترافها بدولة الاحتلال الاسرائيلي قبل ستين عاما وينذر هذا الاعتراف بتفجير وضع عالمي مماثل يهدد السلم العالمي بعدم الاستقرار والحروب خصوصا لان واشنطن هذه المرة عملت خارج اطار الامم المتحدة وضربت في الصميم احد المبادئ الاساسية التي قامت الهيئة الاممية عليها وهو احترام السيادة الوطنية للدول الاعضاء .

ان المجتمع الدولي الذي دعم الحروب الاميركية خارج اطار الامم المتحدة او بغطاء شفاف من شرعية الهيئة الدولية ضد صربيا وافغانستان والعراق يكتشف الان ، مثل اسبانيا ، انه انما كان قد دعم سوابق اميركية تهدد نيرانها حاليا بالامتداد اليه بعد ان شاهد واشنطن تدير ظهرها للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ، مستهترة ومنتشية بغطرسة القوة العظمى الاوحد في العالم ، عندما فشلت الادارة الاميركية في حملهما على تاييد اعلان كوسوفو الاستقلال من جانب واحد بسبب المعارضة الروسية والصينية بصفة اساسية ناهيك عن معارضة الهند واسبانيا واندونسيا واليونان وغيرها من الدول المهددة بسابقة كوسوفو .

غير ان السابقة الاميركية في كوسوفو بالنسبة للعرب وخصوصا الفلسطينيين منهم قد سلطت اضواء قوية كاشفة على ازدواجية معايير السياسات الخارجية الاميركية لم تبق لاي رهان عربي وفلسطيني على واشنطن حدا ادنى من المصداقية يسوغ الاستمرار فيه .

ففي الخامس عشر من كانون الاول / نوفمبر 1988 اقر المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر "اعلان الاستقلال" واعلن قيام دولة فلسطين ضمن حدود الرابع من حزيران / يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف واعترف اكثر من مئة بلد في العالم بذلك الاعلان وفي الرابع من ايار / مايو 1999 صادق المجلس الوطني الفلسطيني على اعلان الاستقلال وحظيت مصادقته مجددا على تاييد دولي ساحق لكن الاعلان ظل حتى الآن حبرا على ورق لسبب واحد فقط هو معارضة واشنطن له .

ولا يسع العرب الآن الا المقارنة بين القرار الاميركي بقصف صربيا عام 1999 ثم السماح لقوات الناتو باحتلال اقليم كوسوفو فقط من اجل منع صربيا من ممارسة سيادتها فيه تمهيدا لاعلان استقلال الاقليم من جانب واحد وبين الدعم الاميركي للحروب الاسرائيلية التوسعية ثم للاحتلال الناجم عن هذه الحروب العدوانية بالرغم من اعلان اسرائيل من جانب واحد توسيع سيادتها وممارسة هذه السيادة في القدس وهضبة الجولان اللتين ضمتهما من جانب واحد دون ان تحرك واشنطن ساكنا لا بل انها ضاعفت معوناتها السنوية لدولة الاحتلال اكثر من ستة اضعاف وكانما تكافئها على عدوانها .

التلويح ب"كوسوفو فلسطينية"

ان الحجة الرئيسية التي تسوغ بها واشنطن سابقتها الخطيرة دوليا في كوسوفو كانت عمليات التطهير العرقي الصربية والمجازر وعمليات التهجير القسري والعقوبات الجماعية التي رافقتها وهذه جميعها ممارسات اسرائيلية موثقة وهي مستمرة منذ ستين عاما حتى الآن ، واحدث حلقاتها تتركز حاليا في قطاع غزة . لكن استنكاف واشنطن عن التعامل مع أسرائيل بمثل ما تعاملت به مع صربيا واستمرارها في الكيل بمكيالين عندما يتعلق الامر بالعرب هو مثال صارخ على ازدواجية المعايير الاميركية يقتضي وقفة فاصلة تعيد النظر فى جدوى استمرار الرهان العربي والفلسطيني على أي دور مامول في وساطة اميركية نزيهة ، خصوصا بعد الضجة التي اثيرت بعد تلويح فلسطيني فردي وغير رسمي ب"كوسوفو فلسطينية" .

وينبغي للعرب والعالم الاسلامي عدم توفير غطاء "اسلامي" لتحدي واشنطن الصارخ لاحترام السيادة الوطنية للدول ولمبدا اساس من مبادئ الامم المتحدة وبالتالي للهيئة الاممية نفسها لان أي غطاء كهذا هو سيف ذو حدين يمكن ان تستخدمه الادارة الاميركية لاحقا لتهدد السيادة الوطنية لكل دولة عربية واسلامية تحتمي بسيادتها اقليات عرقية او دينية او طائفية او ثقافية وليس سرا ان واشنطن تسعى الآن جاهدة للحصول على مثل هذه التغطية "الاسلامية" للقنبلة الموقوتة ضد السلم العالمي التي زرعتها في كوسوفو .

اذ خلال ايجاز صحفي له بعد اعلان كوسوفو الاستقلال من جانب واحد تملق وكيل وزارة الخارجية الاميركية وليم بيرنز العرب والمسلمين عندما اشاد بترحيب منظمة المؤتمر الاسلامي بهذه الخطوة التي قال عنها: "نعتقد انها خطوة ايجابية جدا ان هذه الدولة المسلمة ، الدولة ذات الاغلبية المسلمة ، قد خلقت اليوم" ، متجاهلا ان ثلاث دول فقط من بين حوالي ستين دولة عضو في منظمة المؤتمر الاسلامي قد انضمت للاعتراف الاميركي ليس بينها دولة عربية واحدة وهي تركيا والسنغال وافغانستان .

ان الاعتراف التركي قد تزامن في مفارقة لافتة للنظر مع بدء حملة عسكرية كبرى عبر الحدود العراقية في مطاردة ساخنة لمقاتلين اكراد لا يطالبون باكثر مما اعترفت به تركيا لالبان كوسوفو مما ينطوي على تناقض بين اعتراف انقرة بحق الاقلية الالبانية في كوسوفو في اعلان الانفصال من جانب واحد عن السيادة الوطنية لصربيا وبين رفض الحق نفسه للاقلية الكردية في تركيا التي تمثل حوالي عشرين في المئة من السكان ، ويبدو ان انقرة قد حصلت على ضمانات من حليفها الاميركي في "الناتو" بان لا تكرر واشنطن اعترافها باعلان مماثل كردي – تركي او كردي – عراقي وكلا الاحتمالين اعلنت انقرة انهما خط احمر يسوغ لجوئها الى الحرب لمنعهما ، او ان انقرة تامل في ان تسحب واشنطن المبدا نفسه للاعتراف بجمهورية شمال قبرص المعلنة من جانب واحد .

ويبقى ان تفسر انقرة نفسها حيثيات اعترافها بكوسوفو لان احدا لا يفترض فيها السذاجة بحيث يعتقد انها قد صدقت المسوغات التي اعلنها الناطق بلسان الخارجية الاميركية سين ماكورماك يوم الاربعاء الماضي ليسوغ رفض واشنطن لاي مقارنة بين كوسوفو وبين فلسطين تعليقا على اقتراح فلسطيني باعلان الاستقلال من جانب واحد اسوة بكوسوفو عندما قال ان كوسوفو حالة "فريدة من نوعها" وانها "ليست سابقة لاي حالة اخرى حول العالم" .

ان واشنطن في اعترافها بكوسوفو وفي رفضها عقد مقارنة بينها وبين فلسطين على حد سواء قد اثارت من القضايا والتساؤلات المتفجرة قدرا لم يترك لاي عربي وبخاصة اذا كان فلسطينيا أي مهرب من المقارنة بين الوضعين وبين موقفي واشنطن المتناقضين حيال كل منهما . فصربيا واسرائيل دولتان تعترف واشنطن بسيادتهما وكلتاهما عضو في الامم المتحدة لكنها تنتقص من سيادة احداهما ، صربيا ، باعترافها باعلان اقلية فيها الانفصال من جانب واحد في تحد صارخ لميثاق الامم المتحدة بينما تعترف للثانية ، اسرائيل ، بالتوسيع الاقليمي لسيادتها الوطنية خارج الحدود التي اعترفت الامم المتحدة لها بها بواسطة الحروب العدوانية والقوة المسلحة على حساب السيادات الوطنية لدول مجاورة اعضاء في المنظمة الاممية وترفض مجرد فكرة الاعتراف بحق شعوب اصيلة لا اقليات خاضعة لاحتلال اسرائيل في اعلان استقلالها من جانب واحد في تحد صارخ ايضا للامم المتحدة وميثاقها .

واذا كان وضع الاراضي الفلسطينية والجولان العربي السوري ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة عام 1967 وضعا لا يمكن مقارنته بالتاكيد بالوضع في كوسوفو فان هذا الوضع يمتلك من اسباب الشرعية والقانون الدولي والحق السياسي والانساني ما يسوغ مطالبة واشنطن بان تتصرف حيال اسرائيل تصرفا لا يقل عن الحرب المدمرة التي شنتها على صربيا بغير حق بذرائع لا مسوغ لها في الشرعية والقانون الدوليين .

لقد كان الاختلاف العلني بين اعضاء الفريق المفاوض لمنظمة التحرير الفلسطينية حول اقتراح التلويح باعلان الاستقلال الفلسطيني من جانب واحد على طريقة كوسوفو دليل وصول "مبادرة انابوليس" الاميركية لاحياء عملية سلام فلسطينية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي الى الطريق المسدود الذي كان متوقعا لها بعد مضي ثلاثة اشهر على اطلاقها في 27 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي بقدر ما كان دليل تخبط قيادة المنظمة حول ما ينبغي عمله في حال فشل هذه المبادرة الذي بات شبه مؤكد ، بغض النظر عن بصيص امل فيها تحاول الرئاسة الفلسطينية التعلق به لاسباب لا تعرفها سوى الرئاسة نفسها .

وبغض النظر عن صواب او عدم صواب الاقتراح الذي اعلنه امين عام اللجنة التنفيذية للمنظمة ياسر عبد ربه باعلان الاستقلال من جانب واحد اسوة بكوسوفو ، كخيار ثان في حال فشل "الخيار الاول" ل"مفاوضات ناجحة" مع دولة الاحتلال على حد قوله ، وبغض النظر عن صواب او عدم صواب المعارضة لاقتراحه من الرئاسة الفلسطينية ودائرة المفاوضات في المنظمة ورئاسة الوفد المفاوض الذي هو عضو فيه ، فان مجرد لجوئه الى "الاعلان" عن اقتراحه ولجوء بقية اركان فريقه المفاوض "علنا" الى معارضة اقتراحه باعلانهم الاصرار على مواصلة مفاوضات عقيمة يقول هو ويتفقون معه في انها غير مثمرة ولم تحرز أي تقدم حتى الآن ، ثم اعلان الرئيس محمود عباس لاقتراح "العودة الى الاشقاء العرب" ان استمر وضع المفاوضات على حاله الراهن كاقتراح بديل لاقتراحه ، انما هو اعتراف صريح بفشلهم جميعا في استراتيجية الرهان على الولايات المتحدة لانتزاع الحد الادنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية من دولة الاحتلال حتى وفق "الرؤية" الاميركية المشوشة عمدا والمنحازة لتفسير دولة الاحتلال لما يسمى ب"حل الدولتين" .

انه اعتراف بفشل قنوات التفاوض المعلنة والسرية التي انطلقت من انابوليس في التوصل الى "مفاوضات ناجحة" وتعبير عن يأس خبراء مخضرمين في التفاوض كسبوا من الاعداء الفلسطينيين اكثر مما كسبوا من اصدقاء السلام الاجانب نتيجة تمسكهم بالسلام والتفاوض كخيار استراتيجي حد الادانة العلنية للمقاومة الوطنية ب"الارهاب" بالرغم من "شرعية" مقاومة الاحتلال التي ينص عليها ميثاق الامم المتحدة ، هذا الميثاق الذي يعتبر المرجعية الام للشرعية الدولية التي بح صوتهم وهم يطالبون بتطبيق قراراتها علنا لكنهم في الواقع ينتهجون استراتيجية للتفاوض لا تستند اليها بل تتناقض معها ، كما يتضح من استراتيجية انابوليس التي وقعوا في فخها ، وربما لهذا السبب بالذات يجدون انفسهم الآن في حالة التخبط التي هم فيها والتي لا تسر صديقا ولا تغيظ عدوا .

كما كان الاختلاف العلني بين اعضاء الفريق المفاوض اعلانا ايضا عن عدم وجود استراتيجية موحدة مدروسة لهذا الفريق وكذلك اعلانا عن عدم وجود حد ادنى من التنسيق بين فريق من المفترض انه يفاوض على تقرير مصير الشعب الفلسطيني واعلانا عن غياب أي تقويم لما وصلت اليه المفاوضات وعن غياب أي آلية لاجراء أي تقويم كهذا .

ومما يزيد الاحساس بالاحباط وخيبة الامل ان فريق المفاوضات هو نفسه فريق القيادة التي تخوض اصطراعا داخليا لتاكيد سلطتها كممثل شرعي ووحيد لشعبها .

ان الاختلاف العلني بين اعضاء الفريق الفلسطيني المفاوض يعكس غلبة الاجتهاد الفردي وتضارب الاجتهادات الذاتية وردود الافعال الآنية على ما يفترض ان يكون جهدا استراتيجيا موضوعيا لعمل مؤسسي مبرمج لقيادة جماعية في لحظة تاريخية قد تقرر مصير القضية الوطنية لفترة طويلة مقبلة ، مما يزيد في الصدمة من الحالة التي تسود قيادة منظمة التحرير وهي تظهر نفسها كمجموعة غير متماسكة من القادة الافراد الذين يفتقدون التنسيق البيني ولا يتورعون عن الانزلاق الى التناقض مع بعضهم علنا في وقت عصيب احوج ما يكون فيه الشعب والقضية الى وحدة القيادة ، خصوصا في مرحلة تتنازع فيها قيادتان وشرعيتان وحكومتان على الولاء الوطني دون ان يسمح الانقسام الوطني لاي منهما بان توسع قيادتها وشرعيتها وحكومتها على المستوى "الوطني" .

ومما لا شك فيه ان هذا الاختلاف العلني للقلة النافذة في "اللجنة التنفيذية" للمنظمة يسلط الاضواء على الشلل الذي تعانيه هذه اللجنة كمؤسسة قيادية باتت وظيفتها الوحيدة مقتصرة على اجتماع دوري مهمته الموافقة على بيانات معدة سلفا تصدر باسمه ، صياغتها تسبب صداعا لاي محرر الصحفي ، اختلافا يسلط الضوء على اكثرية من شيوخ المناضلين الوطنيين اختارت الصمت في العلن ، وبعضهم نسي الراي العام الوطني حتى اسماءهم وهو يتساءل ان كان الصمت هو خيارهم ايضا داخل تلك الاجتماعات الدورية ، مما يعطي اولوية قصوى لاحياء وتفعيل المنظمة وليس مؤسساتها القيادية فقط بحيث تكتسب الصفة التمثيلية الوطنية حقا وتحتوي ان لم تمنع مثل هذا الاختلاف والفردية والتناقض وغير ذلك من مظاهر الهرم والشلل والتخبط في هيئة ما زال العدو قبل الصديق يعترف بانها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، والا فانها بالتاكيد ستفقد اكثر مما فقدت حتى الآن من صفتها التمثيلية لدى شعبها نفسه ولن ينفعها في هذه الحالة اعتراف العالم كافة بها .

لقد زاد الاختلاف والتضارب والتناقض بين اعضاء الفريق القيادي من اهتزاز الثقة الشعبية في المنظمة وقيادتها واستراتيجيتها غير ان ما هو اهم من ذلك انه كشف للخصم التفاوضي وحليفه الاميركي مدى نجاحهما في خلق حالة من الارباك والعجز والياس لدى التفاوضي الفلسطيني تجعله مرتهنا بين العجز عن وقف مفاوضات عقيمة وبين العجز عن ايجاد بدائل لهذه المفاوضات وبالتالي في حالة ضعف تسهل عليهما انتزاع تنازلات استراتيجية او في احسن الحالات تبقي على الوضع الراهن لمنح الاحتلال المزيد من الوقت لخلق حقائق على الارض ، خصوصا في القدس ، تستبق نتائج أي مفاوضات مجدية على ما اصطلح على وصفه بقضايا الوضع النهائي .

وكانت مسارعة الاحتلال وحليفه الاميركي الى رفض المقارنة بين كوسوفو وبين فلسطين دليلا على تسرع الرئاسة الفلسطينية ورئاسة وفدها المفاوض ودائرة مفاوضاتها في رفض التلويح بكوسوفو فلسطينية لا يقل عن تسرع صاحب الاقتراح في التفرد باعلانه دون تنسيق مسبق ودراسة مؤسسية ، اذ ما الضير في حشر الوسيط الاميركي غير النزيه في موقف الدفاع عن ازدواجية معاييره .

اما التلويح بالاقتراح في حد ذاته ثم رد الرئاسة عليه باقتراح العودة الى الاشقاء العرب ك"خيار ثان" في حال الياس تماما من جدوى الاستمرار في عملية انابوليس فانهما اقتراحان يعبران فقط عن ياس اصحاب الاقتراحين ويؤكدان صدقية شبه الاجماع الفلسطيني على عقم هذا النهج التفاوضي المستند فقط الى المراهنة على وسيط اميركي مجرب فلسطينيا بعيدا عن الامم المتحدة وشرعيتها ، بالرغم من ان عجز المنظمة الاممية مجرب بدوره منذ ستين عاما ، وبعيدا عن المؤسسات والقوى والوحدة الوطنية .

والاقتراحان لا يعدان الشعب الفلسطيني بغير استمرار الوضع الراهن للعقم التفاوضي والانقسام الوطني وحصار قطاع غزة والارتهان السياسي للضفة الغربية ومحاصرة المقاومة بكل اشكالها وتسارع تهويد القدس مما يعكس افلاسا سياسيا حان له ان يتوقف ، فعندما يعلن وزير خارجية العربية السعودية الامير سعود الفيصل مباشرة بعد زيارته لواشنطن ان الدول العربية قد تعيد النظر في مبادرة السلام العربية وينضم امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى اليه والى قيادة منظمة التحرير وزوارها الاجانب ، وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير آخرهم ، في الاعلان بان مفاوضات السلام لا تحرز أي تقدم لا يعود امام المفاوض الفلسطيني سوى خيار واحد هو العودة الى الوحدة الوطنية للبحث الموحد عن مخرج وطني ، لانه لا يجوز تعميم "ياس" هذا المفاوض لينعكس حالة عامة من الياس لم تكن ابدا في أي وقت خيارا لعرب فلسطين طوال نضالهم الوطني .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*