د. صلاح عودة الله
مع مطلع القرن "الحادي والعشرين" يكون قد مرّ أكثر من قرن ونصف القرن على صدور "البيان الشيوعي" الذي صاغه كارل ماركس وفريدريك انغلز ليعبًر عن موقف الشيوعيين الأوروبيين وبرنامجهم في أجواء تؤذن بانتشار الإنتفاضات الديمقراطية الثورية في القارة الأوروبية. وختم ماركس وانغلز "البيان" بالنداء الشعار المعروف، "يا عمال العالم اتحدوا"، تتويجاً لتبيانهما الدور التاريخي الجديد الذي تكتسبه الطبقة العاملة الناشئة مع التطور الرأسمالي ونزوعه التوسعي.ونحن بدورنا نقول لقادة وأبناء حركتي فتح وحماس:"يا زعماء وابناء فتح وحماس اتحدوا فلن تخسروا شيئا الا (كراسيكم) وامامكم وطن مغتصب بأكمله كي تستعيدوه..! مرت علينا في الخامس من حزيران عام 2008 الذكرى الحادية والاربعون لحادثة حزينة ومؤلمة على الشعب العربي عامة وشعبنا الفلسطيني بصفة خاصة وهي ذكرى حرب الايام الستة أو ما تعرف بالنكسة الثانية, تلك النكسة الذي أدت إلى احتلال ما تبقى من ارض فلسطين التاريخية وضياع كافة اراضي فلسطين تحت الاستعمار والاحتلال الاسرائيلي. ان هذه المناسبة تعيد فتح الذاكرة على مرحلة من مراحل المعاناة العربية ـ الفلسطينية لاتزال آثارها المدمرة تعشش في داخل كل مواطن عربي وتلقي بثقلها على واقعنا الراهن.وفي الرابع عشر من هذا الشهر تمر الذكرى السنوية الأولى للحسم العسكري الحمساوي في قطاع غزة وبهذا فصلت ما تبقى من الوطن الى محميتين لا حول ولا قوة لهن. بعد هزيمة حزيران مباشرة قال وزير الحرب الصهيوني الاشهر موشي ديان "لن ينهض العرب من الهزيمة قبل خمسين عاما" وها قد مضى على مقولته هذه 41 سنة، وكم نتمنى ان تصدق نبوئته فلم يبق على انتهائها سوى تسع سنوات يمكننا الصبر والتحمل، لكن المصيبة ان نبوءة ديان يبدو انها لن تتحقق. فبعد مرور 41 سنة نرى الواقع العربي ينحدر نحو ربما اسوأ ما مر به بتاريخه، حتى التفاؤل بامكانية النهوض يتلاشى الى حد العدم، ووسقط المزيد من الاراضي العربية تحت اقدام المحتلين فالعراق تدوسه اقدام الجنود الامريكان والبريطانيين، والصومال تحتله اثيوبيا ، والسودان تدور الحروب الاهلية في اركانه الاربع، ولبنان ما زال يجلس على مرجل الطائفية والمذهبية ، اما فلسطين فقد تضاعف ابتلائها بحماس وبسيطرة اسوأ ما في حركة فتح من طاقات هذه الحركة التي انجزت في فترة سابقة ما شكل رافعة للنضال الوطني ليس في فلسطين وحسب بل في المنطقة العربية كلها، وانتشرت بفلسطين الجماعات والمجموعات التي قسمت الشعب الى شظايا من كل لون واتجاه. هذه هي احوال العرب عشية الذكرى الواحدة والاربعين لحرب حزيران، وبالتالي فان نبوءة ديان لن تتحقق للاسف في موعدها, وربما لن تحقق حتى بعد 90 سنة اخرى، لان امة العرب تزداد غرقا وامعانا في التخلف، حتى ليمكن القول انها اشد تخلفا مما كانت عليه عشية حرب حزيران عام 1967 . ويمكن لمن يظن اننا نبالغ في قولنا ان ينظر الى مستتوى التردي في النتاج الادبي العربي والنتاج الثقافي والفني والسياسي ، والى مخرجات التعليم، وعدد ونتاج مراكز الابحاث العربية ، والاعلام العربي (تلفزيون وصحف ومجلات) والى مصانع العرب، ومزارعهم ، ومساكن الغالبية الساحقة منهم، والى مسشفياتهم ، ومدارسهم وتخطيط مدنهم ، وانطمة المرور في عواصمهم، وانتشار الرشوة والمحسوبية وازدياد اعداد الجوعى والفقراء وعدد العاطلين عن العمل واعداد السجناء السياسيين، وانتشار الافكار المتطرفة والارهاب ، وشيوع الخرافة ، وجماعات الاخوان والسلف والتحريريين وتفاقم الاصطفاف الطائفي والمذهبي والقبلي والعشائري,والى انتشار الجريمة ، وازدياد عدد المدمنين على المخدرات والاتجار بها ، والارتفاع الحاد في عدد العاهرات وبنات الشوارع ، وشيوع ظاهرة النصب والاحتيال وجرائم الشرف والاغتصاب والاعتداء على الاطفال، والتهميش المتزايد لدور المراة، وللطبقات الشعبية، بالاضاقة الى التراجع الحاد لدورالاحزاب السياسية والنقابات والاتحادات المهنية، ومستوى الوعي السياسي عند الجماهير، الى جانب اتساع شقة الخلافات بين الانظمة العربية الرسمية. ونعتقد ان الخروج من هذه الاوضاع الماساوية ليست مسؤولية النظم السياسية العربية اي ليست مسؤولية السيد تحرير عبيده، فلم يحدث بالتاريخ ان حرر الاسياد العبيد، وليست مسؤولية الجزار حماية الخروف او النعجة من الذبح فهذه مهنته الاصلية، وبالتاكيد ليست مهمة العدو الاسرائيلي او مهمة الولايات المتحدة او مجلس الامن. انها باختصار مسؤولية الشعوب وقواها الحية التي تؤمن بالديمقراطية وبالحرية الفكرية وبالعلم ، وبصريح العبارة انها مسؤولية القوى العلمانية، وهي مسؤولية تاريخية ضخمة ولكن ومهما كانت ضخامتها والمشاق والصعوبات التي تعترض طريقها فانه لا سبيل اخر امام شعوب هذه الامة ، لان استمرار ضعف القوى العلمانية يعني ترك الميدان خاليا ترتع فيه قوى التخلف والرجعية لتشيع المزيد من الخرافات الدينية والاوهام الساذجة والافكار القدرية الغامضة وستجعل الناس يسيرون وعيونهم مسمرة بالسماء ينتظروا الملائكة وهي تنزل ومعها حجارة من سجيل تدك فيها مدن العدو وطائراته ومفاعله النووي. وتجلب معهم ملائكة لاعتلاء كراسي الحكم في عواصم العرب، او تتحقق نبوءة حزب الخرافة فياتوا باحد الملائكة ليكون خليفة على كل بلاد المسلمين. يا حبذا لو رفع المناضلون العرب شعارا يقول "يا شعوب العرب اتحدوا لتحقيق نبوءة موشي ديان"..! حركة حماس: من المعروف ان حركة المقاومة الاسلامية"حماس" هي امتداد لحركة الاخوان المسلمين ومن المعروف أيضا أن هذه الحركة ركزت على تربية ابنائها تربية إسلامية راشدة تعيدهم إلى الأصول والقواعد الشرعية الراسخة٬مشددين على ضرورة التمسك بها وعدم الانفكاك عنها قيد أنملة٬باعتبارها منهج حياة يهتدون بهديها ويسيرون من خلالها على خطى رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. ومن بين تلك القواعد الشرعية المتأصلة في فكرهم والتي تعلموها تباعا دون كلل أو ملل، القاعدة الشرعية ونصها: "درء المفاسد أولى من جلب المصالح"..ومعناها العريض يقتضي - بحسب تربويي الجماعة - أنه يجب ترجيح السلبيات والإيجابيات قبل اتخاذ أي قرار أو خطوة في شتى المجالات وخاصة تلك التي لم يرد بها "نص قرآني" مباشر أو غير مدرجة في مصادر التشريع..فإذا كانت الخطوة ستحقق مفسدة كبيرة فإنه من الواجب التوقف عن المضي بها بغض النظر عن المصالح التي قد تحققها..ولذلك فإن منع أو درء المفاسد يكون شرعا مقدما على جلب المصالح..ونتج عن تلك القاعدة الشرعية في مفهوم وممارسة جماعة الأخوان المسلمين أجيال إسلامية تعتمد لغة "المنطق" و "الرشد" و "الاعتدال" بعيدا عن لغة "العنف" و "القوة" و "الارتجال" في تعاملها مع الأحداث المعاصرة والتي قد تجر علينا مفاسد جساما تتجاوز المصالح أضعافا مضاعفة، وبذلك تمكنت الجماعة خلال العقود الماضية من فرض نفسها كركيزة أساسية في استقرار المجتمعات وكانت، فعلا لا قولا، لبنة أساسية في نماء وازدهار أمتنا العربية والإسلامية. هذا المفهوم ـ وليعذرني أحبتي أنصار حركة حماس الإسلامية المجاهدة- تم تجاوزه ومخالفته من قبل الحركة بطريقة لا ترتقي إلى مستوى التربية التي رضعوها اتباع الحركة جميعا من جماعتهم الأم "الأخوان المسلمين" في تعاملها مع الأحداث المؤلمة التي جرّت علينا مفاسد كبيرة في فلسطين الغالية..وألقت بظلال سوداوية على نظرة الآخرين للمشروع السياسي الإسلامي. وفي هذا السياق سأنقل هنا بعض الأدلة المؤيدة لفرضيتي هذه من تحليل داخلي لحركة حماس ذاتها وليس من أصوات لتيارات مناوئة للحركة.. فباعتراف الحركة بمذكرة داخلية تسرد فيها ثلاث إيجابيات وست سلبيات لما قامت به حركة حماس في قطاع غزة.. وبنظرة متأملة فإن سلبية واحدة من السلبيات المذكورة ترجح بمفسدتها على الإيجابيات الثلاث مجتمعة.. فحينما تقول حماس في السلبية السادسة والأخيرة ضمن سلسلة من السلبيات الخطيرة: "احتمال تطور الأمور إلى انقسام القضية الفلسطينية جغرافياً وسياسيا" وتستهل تقريرها بالقول: "ما جرى في غزة مؤلم لنا، فنحن بشر نخطئ ونصيب، ولكن أخطاءنا جزئية وفرعية وفي سياق الدفاع عن أنفسنا" وتستمر بالاعتراف بالأخطاء وبقلة الخبرة لدى كوادرها حين تذكر: "هناك مشكلة حقيقية في الأداء الإعلامي (لحماس) منذ بداية الأحداث لقلة الخبرة وعدم الاستعداد إعلاميا للحدث بشكله الذي لم يكن متوقعا.. ولا يزال الوضع على حاله. لا أريد هنا أن أجتزئ النصوص لاحتوائها على معلومات غاية في الأهمية وتفاصيل واعترافات مذهلة لا يتسع هذا المقال لذكرها وأدعو القارئ إلى مطالعة كامل الملف حتى تكون الصورة مكتملة.. ولكنني أقف هنا مجددا عند القاعدة الشرعية: "درء المفاسد أولى من جلب المصالح".. وإيجابيات "فعلة" حماس الثلاث في قطاع غزة - بحسب تقريرها- حددت بالتالي: (1) شيوع حالة من الأمن داخل القطاع.. (2) قطع الطريق على رؤوس الفتنة من الوصول إلى هدف الانقلاب على الحكومة.. (3) توجيه ضربة قاسية وموجعة إلى الفئة الباغية، وإضعافها إلى حد كبير داخل حركة فتح.. وبالمقابل تعترف حماس في واحدة من بين ست سلبيات بأن "فعلتها" قد تتطور إلى "انقسام القضية الفلسطينية جغرافيا وسياسيا".. أي انقسام فلسطين إلى دولتين وشعبين وحكومتين متضادتين ومتحاربتين تريقان دماء أبناء شعبنا الأبرياء على يد بعضهم بعضا..يا له من نصر مظفر لأعدائنا الصهاينة.. هذا جراء سلبية واحدة فما بالنا بالسلبيات الأخرى مجتمعة والتي اعترفت بها حماس في تقريرها، بالإضافة إلى العديد من السلبيات الأخرى التي لم توردها حماس ويمكن لنا أن نؤلف بها مجلدا. الأمر لا يتطلب خبراء ومفكرين جهابذة لاستنتاج أن "فعلة" حماس، على الرغم من تفهمنا لتخوفاتها ونجاحها في منع الانقلاب عليها وكل ما يبرره إعلامها، إلا أن الطفل الصغير سيقرر أن المفسدة التي جلبتها حماس على القضية الفلسطينية تفوق بأضعاف لا تحصى المصالح التي حققتها. أرجو من الأخوة في حماس الذين اعترفوا كذلك بقلة الخبرة لديهم أن يقفوا مطولا عند نصيحة المحبين "صديقك من صَدَقك وليس من صَدّقك"..فعلتكم جعلتكم "كالأسد وراء القضبان" يمكن أن يزأر ويعلو صوته ولكنه يبقى وراء القضبان غير مؤثر.. والحل ليس تبرير الأخطاء والدفاع عنها من خلال حملات إعلامية وندوات ومؤتمرات كما أوردتم في التقرير.. ولكن عليكم الاعتراف بالخطأ فذلك "فضيلة" كبرى والتوقف الفوري عن الخطأ والعودة إلى خيار قاعدتكم الشعبية التي أكسبتكم شرعيتكم وهو توجيه بنادقكم إلى صدور الأعداء وليس إلى أبناء الوطن، وهو نداء نوجهه كذلك إلى ما تبقى من شرفاء فتح وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية.. فمرحلة اليوم ليست مرحلة الصراع على الكراسي والولاءات الحزبية ولكنها مرحلة المقاومة وتحرير وطن ما زال يترنح تحت حراب محتل إرهابي متعجرف.. يتقن تماما فن اقتناص الفرص..! حركة فتح: عايشت حركة فتح منذ انطلاقها كرصاصة أولي للثورة حتى عام 1993 العديد من الظروف الصعبة ، والمواقف الحرجة التي وجدت ثورتنا عامة نفسها في معمعان التآمر تارة ، ومحاولات الاحتواء والتصفية تارة أخرى ، ورغم كل هذه الأحداث استطاعت حركة فتح أن تنهض ، وتنهض معها ثورتنا بقوة وعنفوان ، حتى وصلت فتح إلي أتفاق أوسلو وعادت قواتها ورئيسها الشهيد ياسر عرفات إلي الأرض الفلسطينية ولحق بركبها القوي الفلسطينية التي أدعت إنها قوي معارضة ، ورغم كل الإسقاطات التي حدثت لفتح داخلياً وخارجياً ، كان أشدها انشقاق " فتح الانتفاضة " وبعض الانشقاقات الأخرى التي قادها صبري البنا وغيره ، إلا أن فتح برئاسة ياسر عرفات استطاعت الحفاظ على وحدتها وتماسكها وبريقها الثوري وإعادة البناء والسيطرة على أطرها التنظيمية ، حتى سقط ياسر عرفات شهيداً في حصاره برام الله ، وجميع الدلائل تشير أن فتح سقطت بسقوط أبو عمار ، حيث انتخب الرئيس أبو مازن في مناخ مبشر لفتح التي توحدت من خلفه ، وأصبح يمثل رئيساً للسلطة الوطنية ، وفاروق القدومي أميناً للسر لحركة فتح ، وبدأت حالة الطلاق الفعلي بينهما ، طلاق لا رجعه به ، غير قابل للتلاقي والتآلف مرة أخرى. أن المدقق في أزمة فتح سيجد أنها تعاني الكثير من المشاكل، إذ تعاني فتح أولاً من مشكلة بنيوية تنظيمية حقيقية، ومن حالة تشرذم داخلي ومن صراعات وصلت حد الاغتيالات والتصفيات؟ ومنذ سنة 1989 لم تنجح فتح في عقد مؤتمرها العام، وشهدت انتخاباتها الداخلية وانتخابات اختيار من يمثلها في المجلس التشريعي (البرايمرز) ممارسات لا تليق بحركة عريقة مثلها. وكان الكثير من عناصرها يشكون من تفرُّد ودكتاتورية رئيسها الراحل ياسر عرفات، لكن الوضع زاد سوءاً بعد وفاته..وتعاني فتح ثانياً من تآكل رصيدها النضالي، إذ أن فتح التي نشأت لتحرير الأرض غرب الضفة الغربية (الأرض المحتلة 1948) تنازلت عن هذا الهدف، فقد قامت قيادتها (التي تقود م. ت. ف) بالاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود على 77% من أرض فلسطين، وأعلنت نبذ الإرهاب ووقّعت على اتفاق أوسلو وقادت تيار التسوية، واضطرت لقمع حركات المقاومة إيفاءً بالتزاماتها تجاه إسرائيل. وظهرت فيها مجموعات ورموز على علاقات سياسية واقتصادية وأمنية بالإسرائيليين...ومع غياب الرئيس عرفات وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية دخلت حركة "فتح" المرحلة الأخيرة التي شهدت انتهاءها تنظيماً موجوداً ذا رؤية سياسية وفكرية موحدة ومتماسكة وفكرة أو مفهوم جبهة التحرير الجزائرية أي الجبهة التي تجمع اتجاهات ومشارب سياسية فكرية مختلفة عفا عليها الزمن، فضلاً عن رحيل الرجل الذي مثل الخيمة أو العباءة التي تجمع تحتها كل الاختلافات والتباينات. ولم يتم العمل بشكل جدي لإعادة بناء تنظيم حركة "فتح" وفق أسس وطنية وديموقراطية شفافة ونزيهة وسليمة، بل على العكس جرى اختطاف التنظيم والهيمنة عليه من المجموعة نفسها التي حاولت الانقلاب على الرئيس عرفات، وهي اليوم تنقلب على حكومة الشعب الفلسطيني وعلى خياراته الحرة والديموقراطية وتتواطأ حتى مع الأجنبي والعدو من أجل تشديد الحصار وقطع المساعدات والمعونات عن الشعب الفلسطيني. والمهم الان أن "فتح" باتت بحاجة ماسة إلى تطوير وإلى تجديد، وربما تغيير، بناها وخطاباتها وأشكال عملها، وبما يتناسب مع التغيرات السياسية والتنظيمية، ومع معطيات التجربة الفلسطينية.ولعل مهمة الطبقة القيادية في "فتح" تشريع هذا المسار وتسهيله وإغنائه، بدلا من إعاقته، أو تقييده، وإلا فإن هذه الحركة ستخسر موقعها القيادي في الساحة الفلسطينية، وربما تخسر ذاتها، أيضا؛ وفي ذلك خسارة لمجمل حركة التحرر الفلسطينية. هل تتعلم فتح من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟ ان أي تصريح يصدر يكون وفق المتعارف عليه تنظيمياً وحزبياً ترجمة لموقف المكتب السياسي أو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ولا يخرج عن نطاقها ، بعيداً عن الاجتهادات الشخصية للقادة التي لا مكان لها في ظل الانضباط الداخلي في الجبهة الشعبية ، والتي لا زالت تحتكم إليه في عملها الحزبي والسياسي ، وأي خروج عن هذا الانضباط يعرض صاحبه لأقسى العقوبات الحزبية والتي تصل في بعض الأحيان للفصل أو الطرد ،وهنا تستحضرني مقولة القائد الفذ -( والذي اطلق عليه الشهيد عرفات لقب"حكيم الثورة")- جورج حبش الشهيرة "إما وديع، وإما الانضباط" والتي قالها في اعقاب قرار الجبهة ايقاف اختطاف الطائرات والعمل العسكري الخارجي لانه استنفذ, ولكن وديع حداد رفض ذلك واتخذ قرار بفصله بالرغم من انه كان الرجل الثاني في الجبهة.. وانتصر الانضباط واستشهد وديع وحيداً لأنه لم يمتثل للإنضباط رغم عدالة موقفه الكفاحي، فلم يخرج تيار" وديعي"، ولم تستل السيوف لتمزيق الجثة كما يحصل في تنظيمات وحركات اخرى..فهل ستشهد فتح الإنضباط وترفع شعار إما فتح ، وإما الانصراف..!انه ليس بالأمر السهل,لكنه هو الحل ولا ارى في الافق حلا غيره. لست إبناً لفتح ... ولم أهتف لها ، بل هتفت لغيرها ورغم ذلك اشعر بمصابها وآلامها ، وهي الزهرة الأولي من زهور الوطن ... فحان اليوم ليصحي أبناء فتح..فتح الانطلاقة. يا ابناء شعبنا الفلسطيني البطل: من المعروف لدى الجميع ان قضيتنا تعصف بها حالة من الانقسام والتشرذم والضياع لم نشهد لها مثيلا منذ انتصاب الكيان الصهيوني..نعيش في زمن اصبحت فيه الخيانة"مجرد وجهة نظر" كما قال المناضل الفلسطيني الراحل كمال ناصر,والمقاومة "ارهابا", والعملاء"مجرد نشطاء في حقوق الانسان",او كما وصفه النبي العربي محمد بن عبد الله(ص) بزمن"الرويبضة". بعد مفاوضات صعبة ومتواصلة وقعت حركتا المقاومة الإسلامية "حماس" والتحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، اتفاقا في إطار المبادرة اليمنية للمصالحة الوطنية الفلسطينية.اقول"للاشاوس" في حركتي حماس وفتح ان ما تحقق من مصالحة لبنانية داخلية في اطار اتفاق"الدوحة" نصراً لكل اللبنانيين، وحافزاً لتحقيق مصالحات عربية أخرى وتحديداً على الساحة الفلسطينية،التي ترزح تحت الاحتلال ويخنقها الحصار ويضعفها الانقسام الداخلي بل ويقتلها.وكلمة اخيرة اوجهها الى قادة حركتي حماس وفتح: عودوا الى رشدكم والى طاولة الحوار والمفاوضات, فأنتم ومهما كبرتم ستبقون اقزاما امام من هو اكبر واعظم منكم..وطننا فلسطين كل فلسطين.
-القدس المحتلة
-القدس المحتلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق