لاحظ س. حداد
مهما بلغَ تعنثكم لن يصحّ إلاّ الصحيح، رحم الله صائب بك سلام.. ولبنان، مهما حاولتم جرًّه إلى ما لا يريد أبناؤه، هو صامدٌ ولن تستطيعوا تحويله مزرعةً لأحدكم.. فعهد المزارع قد ولّى وانقضى وزمن بناء الأوطان هو في عهدةِ بنيه وحاملي ألوية انتفاضة أرزه الشامخ!
مدّعو الزعامة في المعارضة،
حتى لو استخدمتم جحافل هاجوج وماجوج، لن تُفلحوا في التسلّط على لبنان وحكمه، فالفينيق اللبناني انتفضَ ولن تُعيدوه إلى محرقة الموت قبل خمسمائة سنة على الأقل.. وتذكروا أن منذ الاحتلال العثماني إلى نهاية الاحتلال السوري كان مدى رقدةِ فينيقنا الأسطوري، وها هو يرفُّ بجناحيه من جديد.. فهلاّ كنتم الريش المكمل للجناح الآخر أم لعلكم، في حرق كافة ريشكم في محرقة مجوس الأمم، راغبون؟
الملتحقون بالمعارضة،
ليس كلّ من أولمَ لعصبةِ غلمانٍ وخطب فيهم فصفقوا له أصبح زعيماً وحقَّ له الافتراء على الناس قدحاً وذماً وتجريحاً.. ولكلٍّ إناءٌ ينضح بما فيه.. وإذا ما انسكبت أناؤهم... فبأيةِ مياءِ طوفانٍ سيُشْطَفون وفي أي مكبِّ قمامةٍ سيَنْصبّون!
ليس كلّ من انتفخت أوداجُه زهواً واحتقنت وجنتاه احمراراً وجحظت عيناه وقاحةً واتسعت منخاراه خيلاءَ وتشدّقَ بفارغ الكلام وحشو الألفـاظ البذيئة، دانت له علوم الفصاحة والبيان التي باسمها يتشدقون!
التهجّم على المقامات، سياسية كانت أم روحية، لن تزيدَ قاماتكم الضئيلة إلاّ تقزيماً ونفوسكم إلاّ تحقيرا.. فالقامات الروحية تستطيل سلطتها من الله إن كنتم إلى مذهبه تذهبون؛ والقامات السياسية، مَن أولاها السلطة ونبذكم نبذَ الزؤان، إلى محاسبته وحده هم ذاهبون! وأنتم إلى مَن انتدبكم لتعطير سمعته وتشويه سمعة وطنكم عائدون!
أيها القوم، إن السياسة الحقيقية ليست ولم تكن يوماً كُرَةَ قاذورات، على ساحات الدجل التلفزيوني، يتقاذفها اللاعبون بل فنٌّ راقٍ لم يتسنى لكم بعد دخولُ معاهِدِهِ حتى منها تتخرجون! أنتُم قطعاً من معاهد الحقد الأعمى تنهلون وفي أروقة السفاهة تتدربون!
إعلموا، إن سياسي الأمة العربية بأسرها، أيام عزّ الديمقراطية، كانوا، مساجلات برلمان بلادكم يترقبون وإلى بلاغة سياسيينا ورقيّ بيانهم بشغف يتسمعون ويتعلمون.. ألا سحقاً لزمنٍ بات السباب والشتيمةُ فضيلةَ الخطابة واللغة التي بها تتكلمون!
أيها القوم، إن كنتم في قومكم أسيادا، فلماذا إلى الفتات على موائد الثعالب والكواسر تهرعون؟ وهل إذا تطاولتم على مَن بفضلهم بقي اسم وطنكم قائماً وإليه تنتسبون يطيب نضالكم ويستقر مقامكم؟ ألا بئسَ الوطنية ما تدّعون وانتم عن غير وطن تدافعون.. ألا تعقلون ومن أنفسكم تخجلون ولوطنكم دون غيره تنتصرون!
أسياد المعارضة،
الشيخ حسن نصرالله، ألم تشعر بالخيبة وأنت تتلمس دهاء الدهماء في اغتيال شهيدك؟ ألم تستشعر بعد اقتراب البراثن المسننة والمخالب المتحفزة والمتربصة، أم أن أيمانك بحجّةِ عقيدتهم أقوى من ثقتك بسيادة وطنك ففوضتَ كافة أمرك إلى وعدٍ أنتَ الأعلم بكذبه.. أليسَ الأولى بك، كرجل دين، أن تأوب إلى نفسك متأملاً إلى المئال الذي إليه بكَ يدفعون!
أعربيٌ أنتَ أم مذهبي وكابن ذي يزن بالفرس على أبناء جلدتك تستنصر؟ حبذا لو أنك، عروبتك استعدت ولهدر دماء البؤساء أوقفت وأمرك لدولتك سلّمت ولشهداء الوطن بتضحياتهم اعترفت وقدّست.. وتذكّر أن من أولاك قيادَه وثق بها وفي أحلك الأيام، لأجل رفعة اسمك النفس والنفيس بذل، فلا تجحَد بالعطاء وتستغل البكاء فتقيم دولة الناحبين!
السيد نبيه برّي، إلى متى يختصر الغرور مواقفك ويقتصر السؤدد على موقعك؟ ألم تدري أن من أوصلك جدير به أن يهبطك وإلى بداءة الجهاد يُرجعك؟ وهل بقاء دولتك مشتتة ينفعك أم تراه الولاء لعقيدةٍ يُجبرك وعن وطنك وأهلك في وطنك يُبعدك؟ ألم يبقى، من غير حكمائك المعهودين الملازمين، في مذهبك من يُرشدك وإلى الطريق السويٍّ في الوطن يعيدك؟ حبذا لو استعدت تاريخ وطنيةِ إمـامٍ، غيبته الجهالة، في نفوس أبنائه زرعها ولشغفِ الزعامة لديك خلفاءَه أقصيتَ وموقعهم المميّز احتلّيت.. ها أنتـذا ما زرعت تحصد وما بذرت في نفوس المحرومين ينمو ويشرئب فيقطتفه مَن مِن رحمِ حركتك خرج؛ فيَقْصُرُ باعُك ويُحْجَرُ مقامُك وتُجهَضُ سياستُك..
ألَمْ تعلم، إنك بتخليك عن مبادئ مَن اعتكف في أماكن العبادة، اعتصاماً تبشيرياً لخير أمتِهِ اللبنانية وليس للانقلاب على دولتِهِ كما أنت وحلفاؤك اليوم تعتصمون.. وبتصميمك على الاستئثار بزعامة الطائفة المنكوبة بوجود طفيلياتٍ لن تصبح أصيلة مهما أُغْدِقَ عليها من أموالٍ وصفات ولن تأتِ ببلسم الترياق مهما غسلتها أنهرُ مياهٍ عاصية أو غطّسْتَها في مستنقعات التخلّف والهذيان!
ثق أيها الزعيم أنه، مهما تعددت قفزاتك البهلوانية باتجاه تثبيت قدرةٍ فقدتَ أو استعادةِ موقعٍ عنه لغيرك تنازلت، فأنت لن تنال من كل هذا إلاّ جزاء سنمار! فلا إن أفلح حجّةُ العقيدة في إقامةِ دولته واجدٌ مكانك، أو إن نجح نظامُ الردةِ في هروبه من العقاب والمحاسبة، راجعٌ إليه!
نصيحتنا إليك: دعْ عنكَ الخوفَ من مصيرٍ أسود ينتظرك وبادر إلى استرجاع دورك الوطني الذي يليق بك، وامدد كِلتا يديك إلى دولتِك وانهضْ بها مع من ضحوا في سبيل استقلالها وسجل لذاتك سبقاً وطنياً يجاريك فيه كل من تبقى في صدره أيمانٌ وولاءٌ لهذا الوطن.. أنت، أينما توجهت، قد تجد لعقيدتك متكأً أما إذا ذهب الوطن فَ... بأيِّ وطنٍ ستتكنى؟
الجنرال العجوز، كالمخلّع ندعوا الرب، في ذكرى قيامته، أن يقيمَك، وعلى أخامص وادي القديسين يوقفَك.. وإلى بيت الطاعة يُحيلَك، وموارد العزة والكرامة يكلؤك.. ألم ترتوي بعد من دموع الثكالى والمعوزين؟ حتى قبورَ موتاهم تريد ذرَّ ترابها فتنكأ جروحات قلوبهم... كل ذلك من أجل تبرئة النظام السوري أو صرف النظر عن احتجازه ألاف المعتقلين!
ألم يكن الأجدر بك، قبل أن تحوّل ضمائر اللبنانيين إلى معادات مَن عاديتهم - قسراً - وقتلت أبناءَهم غدراً، أن تستعيدَ تاريخك الحافل بمئاثر ما قدمته للوطن من قوافل شهداء ضحيتَ بهم على مذبح شهواتك لتبوّء كرسي رئاسة الجمهورية!
بماذا تفاضل نفسك عن الذين الذين تتهمهم... والكلّ عندكَ متّهم إلاّكَ!
لن نجول معكَ في تفاصيل موبقاتك، وهناك الكثيرين من العارفين بخفاياها أهمهم من فضحوكَ مؤخراً أمثال الاستاذ فايز القزي - صديق العمر المميز- او الاستاذ عبد الحليم خدام - المتولي الملفلف اللبناني لدى النظام السوري الآبق..
فقط علينا تذكيرك، وقد فعلنا هذا أكثر من مرّة، أن سياسيتك الهوجاء، منذ إيلائك رئاسة الحكومة المؤقتة بغية تأمين انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس أمين الجميّل وأخلفت بها، كانت الشعيرات التي قصمت، ليس ظهر لبنان كله وحسب بل قضت على القوة المسيحية اللبنانية الوحيدة، التي صمدت أمام جحافل السوريين، وأدت إلى تسليم لبنان لقمةً سائغة لنظام حافظ أسد واحتلاله طوال الحقبة التي امتدت حتى اغتيال رئيس وزراء لبنان، السني جداً واللبناني جداً جداً، وانتهت بقيام ثورة الأرز الكبرى التي أخرجت جيش النظام السوري من لبنان وأسقطت حكومته المنتدبة في لبنان..
تأتي اليوم أيها الجنرال لتحاسب الجميع عن مخلفات الحرب بل الحروب وتتجاهل حروبك أنت ونتائجها التي ما زال المسيحيون والمسلمون على حدٍ سواء يعانونها إلى اليوم!
حرب التحرير وقبلها حرب الإلغاء الأولى... لماذا أقمتهما؟ أيحق لنا أن نسأل!
حرب الإلغاء الثانية... على من أقمتها ولماذا؟
ولماذا لا تقوم بجردة لنتائج كل تلك الحروب؟
هلاّ سألت نفسك عن المقابر الجماعية التي زُرِعَت في منطقة حروبك مع السوريين وأين ذهبت جثث شهداء الجيش اللبناني الذي أعدمَهم جلاوزة السلطان حافظ أسد، جيش النظام السوري الذي اقتحم قلعة صمودك واقتلعك منها، لا بل أنقذَتْكَ منها دولة فرنسا التي احتضنتك وآوَتْك وفي النهاية تنكرتَ لها... لذلك ودعتكَ بدرّاجين أثناء رحيلك عن أرضها!
أليس من أهم نتائج حروبك كان استيلاء الجيش السوري على محفوظات رئاسة الدولة اللبنانية بأسرها؟ فلماذ لا تطالب بها؟
بالنسبة إليك وكما تعلن دائماً أن السوريين قد خرجوا من لبنان وانتهى الأمر!
لماذا لا تفتح ملفات الحرب مع سوريا وعمليات القتل الجماعي التي قام بها النظام السوري في بلدك؟
أليس الأجدر بك محاسبة النظام السوري، الذي أقفلت ملفه اليوم، عن قتل أبناء القاع والتلاميذ في بلدة الأرز، لماذا لا تحاسبه على هجومه على القبيات وزغرتا والدامور والسعديات وغيرها من عشرات بل مئات البلدات اللبنانية؟
لماذا لا تحاسب النظام السوري على قتل كمال جنبلاط ورينيه معوض والمفتي،،، وقبلهم عشرات الشخصيات اللبنانية السياسية والصحافية والاقتصادية؟ أتريد أن تنعدد بعض الأسماء؟ حسناً: من قتل سليم اللوزي ورياض طه! مئات الصفحات لن تكفي إن أدرجنا جميع الأسماء.. من المحزن أنك ساعة تشاء تقول بالانسانية وغالباً ما تكون أنانياً متحجراً لا تجد العاطفة مكاناً في قلبه.. أهو جنون العظمة؟ نحن نشك بهذا فمن يختزل الحقد في غايته لا يمكن أن يكون عظيماً ولو لقّبَ الشعب اللبناني بالعظيم! والعظيم هو مَن يأخذ عظمته من عظمة أفعاله نحو وطنه وشعبه وليس مَن يضرب عظمة وطنه وشعبه بسيط الغرور والخديعة وابتزاز عواطفه!
أنتَ أيها الجنرال، الأولى بك أن تأخذ العظة من فعل العَظَمَة التي أقدم عليها أحد أقطاب السياسيين المستقليين، ميشال المر، الذي يستمد عظمته من حكمته في الاستماع إلى حق أبناء منطقته ويعترف بخط خطكَ التعطيلي ولا يستسلم لتهديداتك لا بل يتحداك في كل ما تدعيه!
حتى النفس الأخير في حروبك تلك وحتى هذه اللحظة، لا زلت لا تهتم إلاّ بتحقيق حلمك العتيد في استلام كرسي رئاسة الجمهورية... أين أصبح حلمك اليوم... نحن نسأل!
كل ما جاهرت وتجاهر به أصبح نسياً منسياً ولم يعد في ذاكرة الشعب اللبناني إلاّ ترقّب ما سوف تجترحه مخيلتك وعبقريتك من أراجيف وكي تظهر ما تبطن من أساليب ومعوقات لسحب ترشيح قائد الجيش، ابن لبنان البار، وإحلال اسمك مجدداً مكانه.. لكن خاب فألك وسيخيب وطالما تشبثت بمطاليبك طالما فقدت أنصارك ومناصريك، يوماً بعد يوم!
نصيحة لوجه الله العظيم، لا تتطيّر من كلامنا فنلوم النفس عليه، لكن نتمنى، ولو لمرة واحدة فقط، أن تستيقظ من غفلتك وترى حواليك ما صنعت يديك من أذى بحق لبنان والمسيحيين بشك خاص.. لم تعد تنفعك عنتريات صبيتك أو حذقهم في استدراج الناس إلى المزيد من الذكريات التي ترتد مفاعيلها عليك.. لمرة واحدة فقط، اترك حقدك على مَن لولاه لما كنت تحلم باستلام مؤقت لرئاسة حكومة في لبنان أو حتى مجرد وجود سياسي فيه!
لبنان استعاد سيبته الوطنية بكاملها فلا ولن تجد القوة، مهما بلغت تحالفاتك، لخلخلت هذه السيبة ولا حتى لكسر مزراب العين اللبنانية التي استعادة صفاءها لتروي الوطن بأكمله ماءً نميراً أين منه مياه آسنة وملوثة بحوافر جياد العجم!
أخيراً وليس آخراً،
نأمل أن تأتي نصائحنا إلى الجنرال العجوز وباقي أركان المعارضة ومن لف لفهم من شراريب الخروج ومتزعمي الغفلة، أن تأتي نفعاً فيعود القوم إلى قومهم قبل أن يأتي قوم آخرون فيقتلعونهم من جذورهم وإلقائهم في الظلمة البرانية وهناك يكون البكاء وصريف الأسنان!
صانك الله لبنان
مهما بلغَ تعنثكم لن يصحّ إلاّ الصحيح، رحم الله صائب بك سلام.. ولبنان، مهما حاولتم جرًّه إلى ما لا يريد أبناؤه، هو صامدٌ ولن تستطيعوا تحويله مزرعةً لأحدكم.. فعهد المزارع قد ولّى وانقضى وزمن بناء الأوطان هو في عهدةِ بنيه وحاملي ألوية انتفاضة أرزه الشامخ!
مدّعو الزعامة في المعارضة،
حتى لو استخدمتم جحافل هاجوج وماجوج، لن تُفلحوا في التسلّط على لبنان وحكمه، فالفينيق اللبناني انتفضَ ولن تُعيدوه إلى محرقة الموت قبل خمسمائة سنة على الأقل.. وتذكروا أن منذ الاحتلال العثماني إلى نهاية الاحتلال السوري كان مدى رقدةِ فينيقنا الأسطوري، وها هو يرفُّ بجناحيه من جديد.. فهلاّ كنتم الريش المكمل للجناح الآخر أم لعلكم، في حرق كافة ريشكم في محرقة مجوس الأمم، راغبون؟
الملتحقون بالمعارضة،
ليس كلّ من أولمَ لعصبةِ غلمانٍ وخطب فيهم فصفقوا له أصبح زعيماً وحقَّ له الافتراء على الناس قدحاً وذماً وتجريحاً.. ولكلٍّ إناءٌ ينضح بما فيه.. وإذا ما انسكبت أناؤهم... فبأيةِ مياءِ طوفانٍ سيُشْطَفون وفي أي مكبِّ قمامةٍ سيَنْصبّون!
ليس كلّ من انتفخت أوداجُه زهواً واحتقنت وجنتاه احمراراً وجحظت عيناه وقاحةً واتسعت منخاراه خيلاءَ وتشدّقَ بفارغ الكلام وحشو الألفـاظ البذيئة، دانت له علوم الفصاحة والبيان التي باسمها يتشدقون!
التهجّم على المقامات، سياسية كانت أم روحية، لن تزيدَ قاماتكم الضئيلة إلاّ تقزيماً ونفوسكم إلاّ تحقيرا.. فالقامات الروحية تستطيل سلطتها من الله إن كنتم إلى مذهبه تذهبون؛ والقامات السياسية، مَن أولاها السلطة ونبذكم نبذَ الزؤان، إلى محاسبته وحده هم ذاهبون! وأنتم إلى مَن انتدبكم لتعطير سمعته وتشويه سمعة وطنكم عائدون!
أيها القوم، إن السياسة الحقيقية ليست ولم تكن يوماً كُرَةَ قاذورات، على ساحات الدجل التلفزيوني، يتقاذفها اللاعبون بل فنٌّ راقٍ لم يتسنى لكم بعد دخولُ معاهِدِهِ حتى منها تتخرجون! أنتُم قطعاً من معاهد الحقد الأعمى تنهلون وفي أروقة السفاهة تتدربون!
إعلموا، إن سياسي الأمة العربية بأسرها، أيام عزّ الديمقراطية، كانوا، مساجلات برلمان بلادكم يترقبون وإلى بلاغة سياسيينا ورقيّ بيانهم بشغف يتسمعون ويتعلمون.. ألا سحقاً لزمنٍ بات السباب والشتيمةُ فضيلةَ الخطابة واللغة التي بها تتكلمون!
أيها القوم، إن كنتم في قومكم أسيادا، فلماذا إلى الفتات على موائد الثعالب والكواسر تهرعون؟ وهل إذا تطاولتم على مَن بفضلهم بقي اسم وطنكم قائماً وإليه تنتسبون يطيب نضالكم ويستقر مقامكم؟ ألا بئسَ الوطنية ما تدّعون وانتم عن غير وطن تدافعون.. ألا تعقلون ومن أنفسكم تخجلون ولوطنكم دون غيره تنتصرون!
أسياد المعارضة،
الشيخ حسن نصرالله، ألم تشعر بالخيبة وأنت تتلمس دهاء الدهماء في اغتيال شهيدك؟ ألم تستشعر بعد اقتراب البراثن المسننة والمخالب المتحفزة والمتربصة، أم أن أيمانك بحجّةِ عقيدتهم أقوى من ثقتك بسيادة وطنك ففوضتَ كافة أمرك إلى وعدٍ أنتَ الأعلم بكذبه.. أليسَ الأولى بك، كرجل دين، أن تأوب إلى نفسك متأملاً إلى المئال الذي إليه بكَ يدفعون!
أعربيٌ أنتَ أم مذهبي وكابن ذي يزن بالفرس على أبناء جلدتك تستنصر؟ حبذا لو أنك، عروبتك استعدت ولهدر دماء البؤساء أوقفت وأمرك لدولتك سلّمت ولشهداء الوطن بتضحياتهم اعترفت وقدّست.. وتذكّر أن من أولاك قيادَه وثق بها وفي أحلك الأيام، لأجل رفعة اسمك النفس والنفيس بذل، فلا تجحَد بالعطاء وتستغل البكاء فتقيم دولة الناحبين!
السيد نبيه برّي، إلى متى يختصر الغرور مواقفك ويقتصر السؤدد على موقعك؟ ألم تدري أن من أوصلك جدير به أن يهبطك وإلى بداءة الجهاد يُرجعك؟ وهل بقاء دولتك مشتتة ينفعك أم تراه الولاء لعقيدةٍ يُجبرك وعن وطنك وأهلك في وطنك يُبعدك؟ ألم يبقى، من غير حكمائك المعهودين الملازمين، في مذهبك من يُرشدك وإلى الطريق السويٍّ في الوطن يعيدك؟ حبذا لو استعدت تاريخ وطنيةِ إمـامٍ، غيبته الجهالة، في نفوس أبنائه زرعها ولشغفِ الزعامة لديك خلفاءَه أقصيتَ وموقعهم المميّز احتلّيت.. ها أنتـذا ما زرعت تحصد وما بذرت في نفوس المحرومين ينمو ويشرئب فيقطتفه مَن مِن رحمِ حركتك خرج؛ فيَقْصُرُ باعُك ويُحْجَرُ مقامُك وتُجهَضُ سياستُك..
ألَمْ تعلم، إنك بتخليك عن مبادئ مَن اعتكف في أماكن العبادة، اعتصاماً تبشيرياً لخير أمتِهِ اللبنانية وليس للانقلاب على دولتِهِ كما أنت وحلفاؤك اليوم تعتصمون.. وبتصميمك على الاستئثار بزعامة الطائفة المنكوبة بوجود طفيلياتٍ لن تصبح أصيلة مهما أُغْدِقَ عليها من أموالٍ وصفات ولن تأتِ ببلسم الترياق مهما غسلتها أنهرُ مياهٍ عاصية أو غطّسْتَها في مستنقعات التخلّف والهذيان!
ثق أيها الزعيم أنه، مهما تعددت قفزاتك البهلوانية باتجاه تثبيت قدرةٍ فقدتَ أو استعادةِ موقعٍ عنه لغيرك تنازلت، فأنت لن تنال من كل هذا إلاّ جزاء سنمار! فلا إن أفلح حجّةُ العقيدة في إقامةِ دولته واجدٌ مكانك، أو إن نجح نظامُ الردةِ في هروبه من العقاب والمحاسبة، راجعٌ إليه!
نصيحتنا إليك: دعْ عنكَ الخوفَ من مصيرٍ أسود ينتظرك وبادر إلى استرجاع دورك الوطني الذي يليق بك، وامدد كِلتا يديك إلى دولتِك وانهضْ بها مع من ضحوا في سبيل استقلالها وسجل لذاتك سبقاً وطنياً يجاريك فيه كل من تبقى في صدره أيمانٌ وولاءٌ لهذا الوطن.. أنت، أينما توجهت، قد تجد لعقيدتك متكأً أما إذا ذهب الوطن فَ... بأيِّ وطنٍ ستتكنى؟
الجنرال العجوز، كالمخلّع ندعوا الرب، في ذكرى قيامته، أن يقيمَك، وعلى أخامص وادي القديسين يوقفَك.. وإلى بيت الطاعة يُحيلَك، وموارد العزة والكرامة يكلؤك.. ألم ترتوي بعد من دموع الثكالى والمعوزين؟ حتى قبورَ موتاهم تريد ذرَّ ترابها فتنكأ جروحات قلوبهم... كل ذلك من أجل تبرئة النظام السوري أو صرف النظر عن احتجازه ألاف المعتقلين!
ألم يكن الأجدر بك، قبل أن تحوّل ضمائر اللبنانيين إلى معادات مَن عاديتهم - قسراً - وقتلت أبناءَهم غدراً، أن تستعيدَ تاريخك الحافل بمئاثر ما قدمته للوطن من قوافل شهداء ضحيتَ بهم على مذبح شهواتك لتبوّء كرسي رئاسة الجمهورية!
بماذا تفاضل نفسك عن الذين الذين تتهمهم... والكلّ عندكَ متّهم إلاّكَ!
لن نجول معكَ في تفاصيل موبقاتك، وهناك الكثيرين من العارفين بخفاياها أهمهم من فضحوكَ مؤخراً أمثال الاستاذ فايز القزي - صديق العمر المميز- او الاستاذ عبد الحليم خدام - المتولي الملفلف اللبناني لدى النظام السوري الآبق..
فقط علينا تذكيرك، وقد فعلنا هذا أكثر من مرّة، أن سياسيتك الهوجاء، منذ إيلائك رئاسة الحكومة المؤقتة بغية تأمين انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس أمين الجميّل وأخلفت بها، كانت الشعيرات التي قصمت، ليس ظهر لبنان كله وحسب بل قضت على القوة المسيحية اللبنانية الوحيدة، التي صمدت أمام جحافل السوريين، وأدت إلى تسليم لبنان لقمةً سائغة لنظام حافظ أسد واحتلاله طوال الحقبة التي امتدت حتى اغتيال رئيس وزراء لبنان، السني جداً واللبناني جداً جداً، وانتهت بقيام ثورة الأرز الكبرى التي أخرجت جيش النظام السوري من لبنان وأسقطت حكومته المنتدبة في لبنان..
تأتي اليوم أيها الجنرال لتحاسب الجميع عن مخلفات الحرب بل الحروب وتتجاهل حروبك أنت ونتائجها التي ما زال المسيحيون والمسلمون على حدٍ سواء يعانونها إلى اليوم!
حرب التحرير وقبلها حرب الإلغاء الأولى... لماذا أقمتهما؟ أيحق لنا أن نسأل!
حرب الإلغاء الثانية... على من أقمتها ولماذا؟
ولماذا لا تقوم بجردة لنتائج كل تلك الحروب؟
هلاّ سألت نفسك عن المقابر الجماعية التي زُرِعَت في منطقة حروبك مع السوريين وأين ذهبت جثث شهداء الجيش اللبناني الذي أعدمَهم جلاوزة السلطان حافظ أسد، جيش النظام السوري الذي اقتحم قلعة صمودك واقتلعك منها، لا بل أنقذَتْكَ منها دولة فرنسا التي احتضنتك وآوَتْك وفي النهاية تنكرتَ لها... لذلك ودعتكَ بدرّاجين أثناء رحيلك عن أرضها!
أليس من أهم نتائج حروبك كان استيلاء الجيش السوري على محفوظات رئاسة الدولة اللبنانية بأسرها؟ فلماذ لا تطالب بها؟
بالنسبة إليك وكما تعلن دائماً أن السوريين قد خرجوا من لبنان وانتهى الأمر!
لماذا لا تفتح ملفات الحرب مع سوريا وعمليات القتل الجماعي التي قام بها النظام السوري في بلدك؟
أليس الأجدر بك محاسبة النظام السوري، الذي أقفلت ملفه اليوم، عن قتل أبناء القاع والتلاميذ في بلدة الأرز، لماذا لا تحاسبه على هجومه على القبيات وزغرتا والدامور والسعديات وغيرها من عشرات بل مئات البلدات اللبنانية؟
لماذا لا تحاسب النظام السوري على قتل كمال جنبلاط ورينيه معوض والمفتي،،، وقبلهم عشرات الشخصيات اللبنانية السياسية والصحافية والاقتصادية؟ أتريد أن تنعدد بعض الأسماء؟ حسناً: من قتل سليم اللوزي ورياض طه! مئات الصفحات لن تكفي إن أدرجنا جميع الأسماء.. من المحزن أنك ساعة تشاء تقول بالانسانية وغالباً ما تكون أنانياً متحجراً لا تجد العاطفة مكاناً في قلبه.. أهو جنون العظمة؟ نحن نشك بهذا فمن يختزل الحقد في غايته لا يمكن أن يكون عظيماً ولو لقّبَ الشعب اللبناني بالعظيم! والعظيم هو مَن يأخذ عظمته من عظمة أفعاله نحو وطنه وشعبه وليس مَن يضرب عظمة وطنه وشعبه بسيط الغرور والخديعة وابتزاز عواطفه!
أنتَ أيها الجنرال، الأولى بك أن تأخذ العظة من فعل العَظَمَة التي أقدم عليها أحد أقطاب السياسيين المستقليين، ميشال المر، الذي يستمد عظمته من حكمته في الاستماع إلى حق أبناء منطقته ويعترف بخط خطكَ التعطيلي ولا يستسلم لتهديداتك لا بل يتحداك في كل ما تدعيه!
حتى النفس الأخير في حروبك تلك وحتى هذه اللحظة، لا زلت لا تهتم إلاّ بتحقيق حلمك العتيد في استلام كرسي رئاسة الجمهورية... أين أصبح حلمك اليوم... نحن نسأل!
كل ما جاهرت وتجاهر به أصبح نسياً منسياً ولم يعد في ذاكرة الشعب اللبناني إلاّ ترقّب ما سوف تجترحه مخيلتك وعبقريتك من أراجيف وكي تظهر ما تبطن من أساليب ومعوقات لسحب ترشيح قائد الجيش، ابن لبنان البار، وإحلال اسمك مجدداً مكانه.. لكن خاب فألك وسيخيب وطالما تشبثت بمطاليبك طالما فقدت أنصارك ومناصريك، يوماً بعد يوم!
نصيحة لوجه الله العظيم، لا تتطيّر من كلامنا فنلوم النفس عليه، لكن نتمنى، ولو لمرة واحدة فقط، أن تستيقظ من غفلتك وترى حواليك ما صنعت يديك من أذى بحق لبنان والمسيحيين بشك خاص.. لم تعد تنفعك عنتريات صبيتك أو حذقهم في استدراج الناس إلى المزيد من الذكريات التي ترتد مفاعيلها عليك.. لمرة واحدة فقط، اترك حقدك على مَن لولاه لما كنت تحلم باستلام مؤقت لرئاسة حكومة في لبنان أو حتى مجرد وجود سياسي فيه!
لبنان استعاد سيبته الوطنية بكاملها فلا ولن تجد القوة، مهما بلغت تحالفاتك، لخلخلت هذه السيبة ولا حتى لكسر مزراب العين اللبنانية التي استعادة صفاءها لتروي الوطن بأكمله ماءً نميراً أين منه مياه آسنة وملوثة بحوافر جياد العجم!
أخيراً وليس آخراً،
نأمل أن تأتي نصائحنا إلى الجنرال العجوز وباقي أركان المعارضة ومن لف لفهم من شراريب الخروج ومتزعمي الغفلة، أن تأتي نفعاً فيعود القوم إلى قومهم قبل أن يأتي قوم آخرون فيقتلعونهم من جذورهم وإلقائهم في الظلمة البرانية وهناك يكون البكاء وصريف الأسنان!
صانك الله لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق