الثلاثاء، أبريل 08، 2008

قمة الحكام ومنحدر الشعوب

زكية علال
قمة بيروت ...
قمة الجزائر ..
قمة شرم الشيخ ...
قمة الخرطوم ....
قمة دمشق ..
وقمم....
آه لا أدري كيف أجمع قمة ... فهل أجمعها قمما تشبيها بالجبل ؟... لكن ما يسعى إليه الحكام العرب لا يشبه الجبل في شيء .. أم أجمعها قمامات .... فكلما تكدست أوساخ الخيبة على ظهورنا ، اجتمع حكامنا ليتدارسوا فيما بينهم ويبحثوا عن مكان يرمونها فيه حتى يعود لنا بعض الطهر ...
لكن بعد كل وليمة نجد أننا نغرق في أوساخ أكثر . ومع ذلك نجمعها مجازا : قمم ... حتى نشعر ببعض الشموخ ولو أمام أنفسنا . إذا....هي قمم تتكاثر وتتناسل لتعتلي تاريخا اسود لأمة كانت خير أمة أخرجت للناس .
وبالموازاة مع كل قمة للحكام نجد منحدرات للشعوب العربية : منحدر للموت في العراق ...منحدر للخيبة في فلسطين ...منحدر للتمزق في بيروت ...ومنحدرات تتناسل داخل خريطة يتفاوض عليها حكامنا حتى نعيش في سلام ، فالشعوب العربية ملت الحروب وعدم الاستقرار والجري وراء السراب ، وتريد أن تشتري راحتها ولو بأرضها ... ما قيمة الأرض ؟ بل ما قيمة وطن نقتات فيه الخوف ونرتوي بالرعب ونتدثر بحكايا خرافية لأجداد ملكوا المشرق والمغرب وأنجبوا أحفادا يجدون صعوبة في امتلاك خيمة تسترهم وزوجاتهم وأولادهم ...؟ ما أهمية الانتماء إلى وطن ونحن نملك حق الانتماء إلى هذا العالم الكبير ... ؟
والنتيجة ... ما فائدة حربنا مع إسرائيل ، ومقاومتنا لأمريكا ، وأمامنا خياران : إما أن ننتمي إلى خيمة ، أو إلى عالم رحب تجلس على قمته أمريكا وهي تحضن حبيبتها إسرائيل وتشعان على مَنْ في المنحدرات ابتسامة تذيب عنهم جليد الذل وصقيع الخيبة ...هذه هي الفلسفة التي يجتمع عليها الزعماء والقادة العرب في كل قمة .... القمة - هذه المرة - لا تختلف عن أخواتها من القمم السابقة إلا في أمرين : الأول : أن هذه القمة كانت عرجاء ، تقف على المنحدر .. أقصد على القمة بأعضاء ناقصة عن طَوْع .. أعضاء قررت أن تبتر نفسها عن الجسد الذي لم يعد يشرفها أن تنتسب إليه .. جسد لحقته العاهات والتشوهات وسكنه الذل واستوطن في جيوبه الإحباط فلم يعد قادرا على حماية نفسه ولا الأعضاء الذين ينتسبون إليه ...
أخيرا .. تفطّن الأعضاء إلا أن هذا الجسد بات كسيحا متهرئا .. مشلولا وغير قادر على الحركة .. غاب كثير من القادة العرب عن هذه القمة لأسباب مختلفة متعلقة بكل قائد غائب ، لكن الكيد أن اللا جدوى تجمعهم .
الثاني : وجوه القادة العرب هذه المرة شاحبة على غير عادتها ... في كل قمة كانت الإبتسامة العريضة تعلو وجوههم وكأنهم مجتمعون في وليمة عرس يتقاسمون فيها الفرح والنكتة ... وكنت أتساءل بيني وبين نفسي : بماذا يهمس أحدهم للآخر فيبتسم ؟
هل يحدثه عن أرصدته التي تتناسل في البنوك الغربية ؟ أم يحدثه عن نجاح مخططه في توريث الحكم لابنه ؟ أم يحدثه عن قدرته على جر شعبه إلى صناديق الاقتراع كلما رغب في تغيير عباءته أو عمامته ؟ لكن هذه المرة الأمر يختلف ... فالابتسامة العريضة تراجعت لأن أمريكا فضحتهم أمام شعوبهم وكشفت لهم أن حكامهم مجرد دمى متحركة ومن يشق عصا الطاعة يجد نفسه مشنوقا .

ليست هناك تعليقات: