الأحد، أبريل 06، 2008

الحكومة الفلسطينية وتراكم الفشل

عطا مناع

صحيح أن حكومة الدكتور سلام فياض استطاعت أن تعالج قضية الرواتب وتتجاوز الأزمة التي ألمت بموظفي القطاع الحكومي الذين دفعوا مع شعبهم ثمن الديمقراطية التي جاءت بحركة المقاومة الإسلامية حماس للمجلس التشريعي الفلسطيني وما تلا ذلك من تشكيل للحكومة التي قاطعا العالم لأسباب باتت معروفة، تلك المقاطعة عززت الأزمة الداخلية الفلسطينية وبالتحديد في قطاع غزة الذي غرق في اقتتال داخلي دموي لا زال الشعب الفلسطيني يعاني من أثارة حتى اليوم في ظل العجز الواضح للقيادة الفلسطينية عن تجاوز أسباب الاقتتال والجلوس على طاولة الحوار.
فور انقلاب حماس في غزة جاءت حكومة تسير الأعمال التي عينها الرئيس محمود عباس برئاسة الدكتور سلام فياض،أعلن الدكتور فياض عن خطته للإنعاش الاقتصادي الهادفة إلى إنعاش سريع في الاقتصاد الفلسطيني، والعمل على إنهاء حالة الركود الاقتصادي وتوفير الأغذية والأدوية ودفع المتأخرات للموظفين وإيصال المساعدات، ولقد ذهب الدكتور فياض للتصريح إننا كفلسطينيين سننافس إسرائيل اقتصاديا، كما شددت حكومة فياض بعد تسلمها مهامها مباشرة على مواجهة الفلتات وإعمال القانون في التعاطي مع المواطن الفلسطيني.
نظريا قدمت حكومة تسير الأعمال وعود كثيرة وطموحة، إلا أن هذه الحكومة لم تلتزم بما وعدت، لا بل زجت بأنفها في الملف السياسي الداخلي ولا زالت تأثيرات تصريحات وزراء الحكومة وبالتحديد الدكتور رياض المالكي تفعل فعلها في الشارع الفلسطيني، تلك التصريحات وضعت النقاط على الحروف وكشفت عن توجه الحكومة المناهض للواقع الفلسطيني وتوجهاته الحياتية والسياسية، وأنا هنا اريد أن أركز على الشأن الداخلي والقرارات الارتجالية التي تتخذها الحكومة وآخرها المتعلق بإضراب العاملين في الوظيفة العمومية.
ببساطة اتخذت الحكومة قرارها الغير مدروس بعدم دفع رواتب عن أي فترة يتغيب"يضرب" عن العمل وطالبت الرئيس محمود عباس بإصدار مرسوم يجيز لأي جهة متضررة من الإضراب اللجوء للقضاء بطلب وقف الإضراب، متناسية أن القانون الفلسطيني يمنح الموظف حق الإضراب، هذا السلاح الذي يعتبر حق لأي جهة نقابة تستخدمه متى تشاء للدفاع عن مصالحها والحكومة تدرك هذه الحقيقة إلا أنها أخذت قرارها وهي مدركة أن نقابة العاملين في الوظيفة العمومية ستسقطه، وعارفة أن مؤسسات حقوق الإنسان العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها ستفنده وسيرتد على الحكومي خاصة أن الكتل المختلفة في المجلس التشريعي الفلسطيني والفصائل الفلسطينية حسمت موقفها من قرار الحكومة.
ان شطحات الحكومة الغير مدروسة تدخل الشعب الفلسطيني في معارك جانبية تبعدها عن معركتها الأساسية، وما القرار المتعلق ببراءة الذمة المسقط من قبل المحكمة الفلسطينية العليا إلا دليل واضح على عدم رجوع الحكومة في قراراتها إلى القانون الأساسي الفلسطيني الذي يوضح ما لها وما عليها، وللحقيقة تسود الحيرة والتساؤل المشروع أوساط الشعب عن هدف الحكومة من قرارات وخطط لا تجلب إلا الدمار والفوضى للشعب الفلسطيني، مثل الخطط الأمنية المستهدفة للمقاومة وليس للفلتات، هذه الخطط التي استغلها الاحتلال وعمل على ملاحقة الوطنيين واغتالهم أو اعتقالهم ناهيك عن استمرار دولة الاحتلال في سياستها المستهدفة للأرض الفلسطينية والإمعان علنا في سياسة تسمين المستوطنات وتثبيت البؤر الاستيطانية من خلال الإعلان رسميا عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية.
كمواطن فلسطيني بت مقتنعا أن الحكومة لا تعبر عن مصالح الشعب وحاجته وان الأوان لرحيلها يصرف النظر عن تبعات هذا الرحيل، ولتأتي حكومة بعيدة عن تطلعات ومصالح وبرودة التكنوقراط الذي لا يتبع خطى ومصالح الشعب الغارق في مشاكله الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تلك المشاكل التي تهدد النسيج المجتمعي الفلسطيني بكافة جوانبه، على الحكومة أن ترحل لأنها وقفت عاجزة أمام غول الغلاء ولم تحرك ساكنا لدعم المواطن الفقير في لقمة عيشة برفع مستوى الدخل أو دعم المواد الأساسية مثل الطحين والزيت والأرز وما شابة من المواد التي تحتاجها كل أسرة فلسطينية، على الحكومة أن ترحل لأنها فشلت في الحفاظ على الحريات وسمحت بل وشاركت في فمع الحريات، أنها الحكومة التي تقودنا من فشل إلى فشل ووقفت موقف الخصم من المواطن وارتهنت لسياسات لا تتوافق مع واقعنا.
إن صمت حركة فتح وباقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية على سياسة الحكومة يعتبر مشاركة في المذبحة التي ترتكبها الحكومة بحق القانون الفلسطيني الأساسي واليمين الذي أقسمة وزراء الحكومة التي عجزت عن تسير أعمال الشعب، لذلك بات من الضروري التوافق على حكومة وحدة وطنية تستوعب كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وعلى حركة فتح التي تشهد انتخابات للأقاليم كمقدمة لعقد المؤتمر السادس أن تضع نصب عينها احدث تغير في الحكومة الفلسطينية وإعادة مسك الدفة مع بقية الفصائل والشرائح المتطلعة للتغير دون التفكير بالنتائج المترتبة على هذه الخطوة، لان بقاء الوضع كما هو علية سيقود الشعب الفلسطيني إلى الفناء السياسي وخاصة أن أجندة الحكومة واضحة للأعمى.

ليست هناك تعليقات: