السبت، أبريل 05، 2008

هل بات اجتياح غزة وشيكاً..؟

محمد داود
منذ أشهر والحديث عن قرب اجتياح قطاع غزة، فهل إسرائيل استعدت الآن وباتت على أهبت الجاهزية التامة؟،وهل وجدت إسرائيل من يتسلم زمام السيطرة بعد عمليتها العسكرية الواسعة، وتنظيف قطاع غزة كما تسميها من الخلايا الإرهابية، ووضع حد لمواصلة إطلاق الصورايخ التي أصبحت تأخذ بعداً أخر من التطور، وهو ما كشفت عنه الاستخبارات الإسرائيلية بحصول المنظمات الفلسطينية على تكنولوجيا إيرانية في تطوير منظومة الصواريخ وتحسين مداها، وتعاظم قدراتها العسكرية المسلحة، أو حجة إسقاط نظام حكم حماس.
فاليوم تطالعنا وكالات الأنباء عن تاريخ وموعد محدد عن قرب الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة وكأن إسرائيل لم تجتاح القطاع من قبل، كما أكدت المعلومات بأنه قد يكون خلال العشرين يوماً القادمات وفق مصادر استخبارتية دولية حصلت عليها القيادة السورية من أوساط غربية تم تسريبها، وما يثير الدهشة أن تلك الجهات ربطت قرب الاجتياح بعلم الرئيس عباس به، وهو ما يترك أشارات تعجب، كما تحمل في طياتها سوء نية بهدف خلط الأوراق.، ونحن نؤكد أن هناك خطة لاجتياح غزة وهي معدة في المطبخ العسكري الإسرائيلي ، والذي يحتوي أيضاً على خطط لاجتياح أي عاصمة عربية أو ضربها، فإسرائيل أعلنت أن غداً ستبدأ أكبر مناورة لها في تاريخ كيانها الغاصب، كما أنها قامت قبل أيام بتوزيع الكمامات الواقية على مواطنيها خشيةً تعرض البلاد من أي هجوم بأسلحة كيماوية قد يشنه حزب الله في القريب العاجل رداً على اغتيال قائده العسكري عماد مغنية، أو أي تصعيد طارئ، بالإشارة للجبهة السورية أو صورايخ إيرانية تطلق من الجبهة الشمالية بعد إعلان حزب الله النفير العام في صفوفه، وعلينا أن لا نقلل من هذه التطورات والتهديديات ونأخذها محمل الجد، والتي يأتي جزءاً منها في سياق الحرب النفسية من ناحية، على غرار الحرب الباردة، والضغط على الدول العربية لقبول الإملاءات الإسرائيلية مهما كان شكله والتي تقوم على الاستيطان والضم والتهويد من ناحية ثانية، وبفعل هذه المناورة العسكرية الإسرائيلية أعلن الجيش السوري بأنه يجري مناورات، وأنه أستدعى الاحتياط خشية أي هجوم إسرائيلي وشيك، وهو ما عجل بعودة وزير الدفاع الإسرائيلي يهود باراك الذي قطع رحلته الخارجية والاجتماع بالقيادة العسكرية وأخذ يطلق تصريحات مختلفة بأن كيانه الأقوى في المنطقة ويمكنه مواجهة أي تهديد، وأنها استعادة الهيبة لقواته عقب تقرير فينوغراد الذي بحث إخفاقات الجيش في حرب تموز 2006م، وقد أعلن مرات شيكنازي عن استعداد جيشه التام والتي كان أخرها اليوم، وأنه ينتظر قراراً من القيادة السياسية للبدء في شن الهجوم على غزة.
فهناك جملة من المتغيرات تحدث على لوحة الشطرنج، تجعل المرء يتساءل عن قرب الاجتياح إلى قطاع غزة، لإحداث تغيير مفاجئ، وغالباً ما تتم تلك الأحداث والمفاجآت عند قرب انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي والحاجة الملحة بأحداث أي تقدم على المسار السياسي الفلسطيني، باعتباره عقدة الحل في المنطقة، بجانب المسألة اللبنانية التي تعاني حتى اللحظة من معضلة اختيار رئيساً للبنان، وجميعها مرتبط بالتهديد الإيراني، كقوة إقليمية بدأت تطفو على السطح وتحكمها في عدة أوراق ومصالح في المنطقة هي وسوريا منها الملف "اللبناني والفلسطيني والعراقي"، فما يجري على أرض غزة ربما يعيق مشروع السلام وخارطة الطريق، تنفيذاً لقرارات مؤتمر انابوليس وعليه يجب خلق واقع جديد يتلاءم مع المتطلبات المطروح، وفق الرؤية الأمريكية وبأي شكل كان، من أجل خلق مشروع الشرق الأوسط الذي تحدث عنه شمعون بيريس سابقاً وتعمل على تنفيذه رايس وعُقدت من أجله مؤتمرات عدة.
وهنا يكمن الاختبار الإسرائيلي الذي نفذه جيشها قبل شهر على الأقل في قطاع غزة ضمن عمليته المتدحرجة والتي أطلق عليها اسم "المحرقة" التي راح ضحيتها أكثر من 140 فلسطينياً ومئات الجرحى في المقابل مقتل جنديين إسرائيليين، بهدف جس نبض وقدرة المقاومة الفلسطينية، فيما وصفه البعض بالانتصار لأن العملية لم تأتي بثمارها من إسقاط نظام حكم حماس، ويأتي في سياق تضارب الحديث بين المؤسسة العسكرية والسياسية والأوساط الإسرائيلية الأخرى، بأنها لن تسمح بتعاظم القوة في غزة وقد وجهت الولايات المتحدة رسائل شديدة اللهجة لمصر الشقيقة ودعتها بضرورة ضبط حدودها مع قطاع غزة، سيما من مساءلة وقف التهريب عبر الأنفاق، والقيام بعمليات تنظيف للخلايا المنتشرة في سيناء.
كما لا نستطيع أن نجزم أن فشل المساعي لإنجاح المبادرة اليمنية بأنه بعيداً عما يحدث، فهي جزء من التدخلات الخارجية، وقد أتهم الكثيرون بأن الرئيس عباس خضع لضغوط خارجية من عدم محاورة حماس، وقد تناقلت ألأنباء عن مساومة الرئيس عباس بمحاورة حماس أو محاورة الاحتلال، وللحق بأن الرئيس عباس لم يقاطع أي قمة عربية تعقد، وأخرها قمة دمشق رغم تغيُب الكثير من القادة العرب الذين هم محل اهتمام، وسبق أن الرئيس عباس توجه إلى مكة، لإتمام نجاح حكومة الوحدة وعمل على تسويقها دولياً ولم يعير أي اهتمام للضغوط الخارجية، وهو ليس مقياساً بأن نكيل الاتهامات للرئيس عباس بأنه متورط في محاصرة القطاع أو على علم بما يخطط من عدوان على غزة، فهو تفكير مفلس ويهدف إلى كسب رأي عام، على حساب الخصم، وما يثير التعجب في استكمال سياق المسلسل المغرض بأن هناك توجهات وتحضيرات لإرسال قوات بدر المتمركزة في الأردن إلى قطاع غزة لتحريرها من سيطرة حماس، مع العلم بأن الحديث يدور عن هذه القوات منذ أعوام عدة، وهنا لا أنفي أن هناك مساعي من قبل الإدارة الأمريكية لحسم المنطقة بعد أن اصطفت الدول وفرزت إلى مسميات مختلفة، "محور شر وأخر معتدل ممانعة أو راعية للإرهاب ومهادنة و.." وقد تباينت تلك النظم في القمة العربية التي انعقدت في الأسبوع الماضي بعد أن أمتنع نصف زعماء الدول العربية عن حضور القمة، بالتالي أحدثت شرخاً في الصف العربي، وهو يأتي استكمالاً لحالة الانقسام الفلسطيني والذي يخدم المصلحة الغربية والإسرائيلية بالدرجة ألأولى.
كاتب وباحث

ليست هناك تعليقات: