راسم عبيدات
الإنتخابات الطلابية لمجلس طلبة جامعة بيت لحم على الأبواب، والصراع والتنافس بين الكتل الطلابية على أشده،والمعركة معركة كسر عظم بين جبهة العمل الطلابي التقدمية الكتلة الأكبر في الجامعة، وكتلة الشبيبة الطلابية والتي لديها قرار بالسيطرة على المجلس وفي أعلى المستويات السياسية، ومعها الكتل الطلابية الأخرى،كتلة الوحدة الطلابية والكتلة التقدمية( الأذرع الطلابية للجبهة الديمقراطية وحزب الشعب)، وكل الكتل تقوم بالإعداد لهذه الإنتخابات، وتطرح برامجها الانتخابية والتي تركز على الهموم الطلابية والوطنية، وجبهة العمل الطلابي التقدمية واحدة من هذا الكتل، ويقع الاختيار علي وعلى عدد آخر من أعضاء الكتلة لوضع اللمسات الأخيرة لهذه الإنتخابات والإعداد لها والإشراف عليها، حيث لم يتبق على التصويت سوى أربعة وعشرين ساعة، أي ستجري الإنتخابات يوم 8/5/1982، وفي المساء نبحث عن بيت من أجل أن نعد ونفرز أسماء وقوائم الطلبة، من أصوات مضمونة للكتل، وأصوات عائمة، وتحديد وتوزيع المهام والمسؤوليات على أعضاء الكتلة فيما يتعلق بالطلبة واليات دخولهم ووصولهم لصناديق الاقتراع، مسؤولية من هذه المجموعة أو تلك وغيرها من الأمور المتعلقة بالدعاية والاستقطاب، ويتبرع أحد الأصدقاء لأخذنا إلى بيت يستأجره في منطقة بيت جالا، وهناك نقوم بتفريغ وفرز كل الطلبة وإتجاهات تصويتهم، وتحديد إمكانيات الفوز والخسارة في هذه الإنتخابات.
ولم يدر في خلدنا أن هذا البيت يأوي بداخله إنسان مطارد، أو انه مراقب من قبل سلطات الاحتلال، وما أنهينا العمل في الساعات الأولى من الصباح، حيث دار نقاش بيننا نحن الطاقم المكلف بالأمور والقضايا الانتخابية، وعلى ما أذكر كان هناك الأصدقاء رضوان ياسين وإبراهيم التلبيشي وموسى الرجوب صاحب البيت، وما أن قاربت الساعة على الثالثة صباحاً، حتى سمعنا صوت آليات ومجنزرات، وطائرة هيلوكبتر في الجو، وإضاءة شديدة من الكشافات، وطرق عنيف يصاحبه استخدام مطارق وعتلات وكلاب بوليسية ضخمة لإقتحام البيت، وفجأة يفتح باب الغرفة المغلقة ويهجم علينا خضر أبو عبارة أحد الرفاق المطاردين ، والذي لم نكن نعرف انه مختفي في هذا البيت، وهو أيضاً طالب في الجامعة، ويقول لنا الجيش يقتحم البيت، وهنا كانت المهام تتطلب منا، أن نقوم بإتلاف الأوراق خشية أن تقع في يد القوة المهاجمة، وبدأنا في عملية تمزيق وحرق، وبالمقابل كان الرجوب يعد لعمل آخر، وأخذ قرار بالمواجهة من خلال ما كان عنده من وسائل في البيت، ولكن قوات الاحتلال وكلابها البوليسية اقتحمت البيت، وخضنا معركة شرسة مع كلاب الاحتلال قبل قواته، والتي كان الواحد منها بحجم الحمار الصغير، ومن ثم بدأت القوات الخاصة بضربنا بالأيدي وأعقاب البنادق وأدوات الاقتحام التي أحضرتها معها، وعلى ما أذكر كان هناك خزانة قديمة من الخشب القديم والثقيل، تم وضعها فوق الرفيق أبو عبارة بعد إلقاءه على الأرض، وأتذكر جيداً أن اثنان من القوة المهاجمة،فارعين في الطول، كانا يقولان بالعبرية التي لا أعرفها جيداً"تشكاف"، أي إنبطح وأنا أرد علية بأنني واقف، وأخيراً بعد جولة عنيفة من الضرب والمواجهة ألقوني أرضاً، وكان لدينا مجموعة من الأسرة الحديدية وضعوها فوقنا، أنا ورضوان ياسين، ومن ثم أخرجونا مكبلين،بعد ان منعونا حتى من ارتداء ملابسنا وليقودني حظي العاثر، ان أجبر على لبس " كندرة" عتيقة كان يحتفظ بها موسى يبدو للتصليح، وهذه "الكندره" لم ينجز تصليحها على ما يبدو، حيث أن المسامير لم تدق في أرضيتها بشكل جيد وبقيت بارزة، بعد أن قاموا بتحطيم كل ما البيت وهدم جدرانه، وآخر ما وعيته" أن المسئول عن القوة كان يقول لهم" تلقحو كل ما كتوف بيد"، أي خذوا كل ما هو مكتوب باليد، ووضعنا في سيارة بيجو تندر مثل الشوالات، كل إثنين فوق بعض، مع ضرب وتكسير مستمر من قبل الجنود، حيث تم أخذنا إلى مركز تحقيق "المسلخ" المسكوبية".
وبعدما أنزلونا من السيارات، مارس الجنود حفلتهم السادية علينا بالضرب والركل لمدة ساعة أو أكثر، ثم أدخلونا إلى قسم عشرين، مركز تحقيق "الشاباك"، وهنا بدأت جولات الاستجواب والتحقيق المترافقة بالضرب المبرح، حيث كان يتم شبحنا مغطيي الرؤوس بأكياس لها رائحة نتنة جداً، وتمنع عنك الهواء بشكل كلي، وتشعرك بالاختناق الشديد، ويتم ربطك مغطى الرأس، مع توثيق اليدين بكلبشات إنجليزية إلى الخلف، على أحد مرابط الخيل، حيث أن المسكوبية كانت على زمن الإنجليز، مربط لخيولهم ، بشكل لا يمكنك من الجلوس أو الوقوف، ولا يسمح لك بالنوم بتاتاً، أو يتم شبحك من خلال إجبارك على الوقوف لمدة طويلة جداً، ويترافق ذلك مع الحرمان من النوم لفترة قد تمتد إلى 72 أو أكثر، وأصدقكم القول أن التحقيق والتعذيب عندي، لم يكن يعادل الألم الناتج عن لبس "الكندره"، حيث كنت أشعر ان المسامير، تنقر في رأسي، وبعد عدة أيام من التحقيق تحينت الفرصة، التي حل فيها وثاقي للذهاب للدورة"الحمامات"، وأكل بقايا الطعام التي تقدم لنا على أساس أنها وجبة، خبزة يابسة محشوة بالأرز الناشف، وقلت الآن الفرصة أمامك للتخلص من هذه "الكندره"اللئيمة، التي تحالفت مع طاقم التحقيق ضدي، وقلت لربما معرفتي "بالمسكوبية" تمكنني من التخلص منها، من خلال رميها، لتكون خارج مركز التحقيق، ولكن لم تجد هذه "الكندرة" مكاناً تسقط فيه إلا أمام مكتب التحقيق، وما هي إلا نصف ساعة، حتى تم جّري من قبل سجانيين متمرسين في التعذيب إلى غرفة التحقيق، ويسألني المحقق" إيفوه نعلايم شلخاه" أين كندرتك، قلت له لقد تم إحضاري بدون حذاء، وليرد علي " آتاه ممزير، كاخ نعلايم شلخاه"،أي أنت كاذب وخذ هذه "كندرتك" ومن شدة الألم بدأت رجلي بالانتفاخ، حتى غدوت لا أستطيع ان أقف عليها، وما يسمى بممرض السجن، والذي هو جزء من عملية التحقيق ، يكتب في تقريره، انه ليس بحاجة للعلاج ، وكل شيء على ما يرام، ولا أخفيكم القول، ان جّل تفكيري أصبح منصباً على كيفية التخلص من هذه "الكندرة" ليس إلا، وتحينت فرصة لاحت لي، أنه تم شبحي في أحد الأيام بالقرب من مكان تتجمع فيه أكوام ملابس المعتقلين التي يتم نزعها عنهم، أثناء التحقيق حيث جلب لي أحد السجانين قطعة الخبز لإكلها هناك، ولم يكن همي الأكل بل البحث عن طريقة تريحني من هذه "الكندره"، وقلت أسلم طريقة أن أخفيها في كوم الملابس هذا، وناديت على السجان قبل إنتهاء الربع ساعة المعطاة لي للأكل والذهاب للدورة، حيث قام بوضع الكيس على رأسي ووضع الكلبشات في يدي على المربط وخازوق الحديد في ظهري، حتى يمنع أية إمكانية أن أغفو ولو للحظات، ولم يمضي على الأمر أكثر من ساعة حتى كنت في غرفة التحقيق.
وإذا طاقم التحقيق يسأل عن "الكندره"، والتي بات واضحاً لي، أنها جزء من عملية التحقيق، فاخبرتهم أنني أحضرت من أحد البيوت حافياً، ولكن المحقق قذفها في وجهي، وقال إياك أن تخلعها مرة ثانية، وإلا خلعت رأسك، ولكن الألم الناتج عن المسامير الموجودة فيها أصبح لا يطاق، وقررت مهما تكن النتائج أن أتخلص منها، وتحينت فرصة شبحي بالقرب من حاوية القمامة، وفك القيود من أجل الذهاب للدورة لإخفائها في قلب حاوية الزبالة، متأملا أن لا تعود إلي مطلقاً، ولكن تابى هذه "الكندرة "اللعينة مفارقتي، حيث أقسم طاقم التحقيق هذه المرة بأنه سيهرس عظامي ويحطم جمجمتي، أن تخلصت من "الكندره"، ويمضي على التحقيق شهر كامل أو أكثر، ليقوم المحققين بإنزالي إلى غرف السجن لسبب لا أعرفه، أو لربما كان في الغرفة أحد او بعض المتعاونين مع "الشاباك"، ويأملوا بالحصول على معلومات مني، ولكي أجد شاباً من مخيم العزة يدعى رائد العزة سيفرج عنه، فاقترحت عليه بما انه سيفرج عنه، أن يعطيني "بوطه" الذي يلبسه ويأخذ "الكندرة" معه، ويحرقها حال وصوله مخيم العزة ، وعند المساء جاء الشرطي يستدعيني للتحقيق، وكنت أشعر بأنني إنسان جديد، حيث بدأت لأول مرة أشعر بالراحة، ولم يعد صوت المسامير يطرق في رأسي، وإذا بالمحقق يبادرني بالسؤال، وهو لم يكن من الطاقم المخصص للتحقيق معي أين "الكندرة"؟ قلت له سلامة نظرك، انا أحضروني بهذا "البوط "، فقال لي أنت كاذب، فقلت له أنا اريد ان أسألك، هل أنتم تحققون معي حول الجبهة الشعبية ونشاطي فيها، أم حول "الكندره"؟، فإذا كان التحقيق حول حيازتي "كندره" ، فأنا معترف، أما شيء آخر فلا، وهنا طلب مني أن استعد لكي نذهب إلى مخيم العزة لكي نحضر "الكندره "، وهنا لا أخفيكم إسودت الدنيا في وجهي يا لها من فضيحة راسم قادم مع المحققين إلي بيت رائد العزة لأخذ "كندره "، وفعلاً تم وضعوني في سيارة فورد بيضاء اللون خصوصية، وعصبوا عيني، وشعرت أن السيارة تسير بسرعة عالية جداً وتخيلت أنها وصلت الحدود اللبنانية ، ولكي أكتشف أنها خدعة، حيث لم يخرجوا من المسكوبية، ولكي تنتهي معي قصة "الكندرة" عند هذا الحد، بعد أن لعبت وأدت دوراً أراده لها المحققون في التحقيق معي ، وطبعاً دون أن ينتهي التحقيق.
ولم يدر في خلدنا أن هذا البيت يأوي بداخله إنسان مطارد، أو انه مراقب من قبل سلطات الاحتلال، وما أنهينا العمل في الساعات الأولى من الصباح، حيث دار نقاش بيننا نحن الطاقم المكلف بالأمور والقضايا الانتخابية، وعلى ما أذكر كان هناك الأصدقاء رضوان ياسين وإبراهيم التلبيشي وموسى الرجوب صاحب البيت، وما أن قاربت الساعة على الثالثة صباحاً، حتى سمعنا صوت آليات ومجنزرات، وطائرة هيلوكبتر في الجو، وإضاءة شديدة من الكشافات، وطرق عنيف يصاحبه استخدام مطارق وعتلات وكلاب بوليسية ضخمة لإقتحام البيت، وفجأة يفتح باب الغرفة المغلقة ويهجم علينا خضر أبو عبارة أحد الرفاق المطاردين ، والذي لم نكن نعرف انه مختفي في هذا البيت، وهو أيضاً طالب في الجامعة، ويقول لنا الجيش يقتحم البيت، وهنا كانت المهام تتطلب منا، أن نقوم بإتلاف الأوراق خشية أن تقع في يد القوة المهاجمة، وبدأنا في عملية تمزيق وحرق، وبالمقابل كان الرجوب يعد لعمل آخر، وأخذ قرار بالمواجهة من خلال ما كان عنده من وسائل في البيت، ولكن قوات الاحتلال وكلابها البوليسية اقتحمت البيت، وخضنا معركة شرسة مع كلاب الاحتلال قبل قواته، والتي كان الواحد منها بحجم الحمار الصغير، ومن ثم بدأت القوات الخاصة بضربنا بالأيدي وأعقاب البنادق وأدوات الاقتحام التي أحضرتها معها، وعلى ما أذكر كان هناك خزانة قديمة من الخشب القديم والثقيل، تم وضعها فوق الرفيق أبو عبارة بعد إلقاءه على الأرض، وأتذكر جيداً أن اثنان من القوة المهاجمة،فارعين في الطول، كانا يقولان بالعبرية التي لا أعرفها جيداً"تشكاف"، أي إنبطح وأنا أرد علية بأنني واقف، وأخيراً بعد جولة عنيفة من الضرب والمواجهة ألقوني أرضاً، وكان لدينا مجموعة من الأسرة الحديدية وضعوها فوقنا، أنا ورضوان ياسين، ومن ثم أخرجونا مكبلين،بعد ان منعونا حتى من ارتداء ملابسنا وليقودني حظي العاثر، ان أجبر على لبس " كندرة" عتيقة كان يحتفظ بها موسى يبدو للتصليح، وهذه "الكندره" لم ينجز تصليحها على ما يبدو، حيث أن المسامير لم تدق في أرضيتها بشكل جيد وبقيت بارزة، بعد أن قاموا بتحطيم كل ما البيت وهدم جدرانه، وآخر ما وعيته" أن المسئول عن القوة كان يقول لهم" تلقحو كل ما كتوف بيد"، أي خذوا كل ما هو مكتوب باليد، ووضعنا في سيارة بيجو تندر مثل الشوالات، كل إثنين فوق بعض، مع ضرب وتكسير مستمر من قبل الجنود، حيث تم أخذنا إلى مركز تحقيق "المسلخ" المسكوبية".
وبعدما أنزلونا من السيارات، مارس الجنود حفلتهم السادية علينا بالضرب والركل لمدة ساعة أو أكثر، ثم أدخلونا إلى قسم عشرين، مركز تحقيق "الشاباك"، وهنا بدأت جولات الاستجواب والتحقيق المترافقة بالضرب المبرح، حيث كان يتم شبحنا مغطيي الرؤوس بأكياس لها رائحة نتنة جداً، وتمنع عنك الهواء بشكل كلي، وتشعرك بالاختناق الشديد، ويتم ربطك مغطى الرأس، مع توثيق اليدين بكلبشات إنجليزية إلى الخلف، على أحد مرابط الخيل، حيث أن المسكوبية كانت على زمن الإنجليز، مربط لخيولهم ، بشكل لا يمكنك من الجلوس أو الوقوف، ولا يسمح لك بالنوم بتاتاً، أو يتم شبحك من خلال إجبارك على الوقوف لمدة طويلة جداً، ويترافق ذلك مع الحرمان من النوم لفترة قد تمتد إلى 72 أو أكثر، وأصدقكم القول أن التحقيق والتعذيب عندي، لم يكن يعادل الألم الناتج عن لبس "الكندره"، حيث كنت أشعر ان المسامير، تنقر في رأسي، وبعد عدة أيام من التحقيق تحينت الفرصة، التي حل فيها وثاقي للذهاب للدورة"الحمامات"، وأكل بقايا الطعام التي تقدم لنا على أساس أنها وجبة، خبزة يابسة محشوة بالأرز الناشف، وقلت الآن الفرصة أمامك للتخلص من هذه "الكندره"اللئيمة، التي تحالفت مع طاقم التحقيق ضدي، وقلت لربما معرفتي "بالمسكوبية" تمكنني من التخلص منها، من خلال رميها، لتكون خارج مركز التحقيق، ولكن لم تجد هذه "الكندرة" مكاناً تسقط فيه إلا أمام مكتب التحقيق، وما هي إلا نصف ساعة، حتى تم جّري من قبل سجانيين متمرسين في التعذيب إلى غرفة التحقيق، ويسألني المحقق" إيفوه نعلايم شلخاه" أين كندرتك، قلت له لقد تم إحضاري بدون حذاء، وليرد علي " آتاه ممزير، كاخ نعلايم شلخاه"،أي أنت كاذب وخذ هذه "كندرتك" ومن شدة الألم بدأت رجلي بالانتفاخ، حتى غدوت لا أستطيع ان أقف عليها، وما يسمى بممرض السجن، والذي هو جزء من عملية التحقيق ، يكتب في تقريره، انه ليس بحاجة للعلاج ، وكل شيء على ما يرام، ولا أخفيكم القول، ان جّل تفكيري أصبح منصباً على كيفية التخلص من هذه "الكندرة" ليس إلا، وتحينت فرصة لاحت لي، أنه تم شبحي في أحد الأيام بالقرب من مكان تتجمع فيه أكوام ملابس المعتقلين التي يتم نزعها عنهم، أثناء التحقيق حيث جلب لي أحد السجانين قطعة الخبز لإكلها هناك، ولم يكن همي الأكل بل البحث عن طريقة تريحني من هذه "الكندره"، وقلت أسلم طريقة أن أخفيها في كوم الملابس هذا، وناديت على السجان قبل إنتهاء الربع ساعة المعطاة لي للأكل والذهاب للدورة، حيث قام بوضع الكيس على رأسي ووضع الكلبشات في يدي على المربط وخازوق الحديد في ظهري، حتى يمنع أية إمكانية أن أغفو ولو للحظات، ولم يمضي على الأمر أكثر من ساعة حتى كنت في غرفة التحقيق.
وإذا طاقم التحقيق يسأل عن "الكندره"، والتي بات واضحاً لي، أنها جزء من عملية التحقيق، فاخبرتهم أنني أحضرت من أحد البيوت حافياً، ولكن المحقق قذفها في وجهي، وقال إياك أن تخلعها مرة ثانية، وإلا خلعت رأسك، ولكن الألم الناتج عن المسامير الموجودة فيها أصبح لا يطاق، وقررت مهما تكن النتائج أن أتخلص منها، وتحينت فرصة شبحي بالقرب من حاوية القمامة، وفك القيود من أجل الذهاب للدورة لإخفائها في قلب حاوية الزبالة، متأملا أن لا تعود إلي مطلقاً، ولكن تابى هذه "الكندرة "اللعينة مفارقتي، حيث أقسم طاقم التحقيق هذه المرة بأنه سيهرس عظامي ويحطم جمجمتي، أن تخلصت من "الكندره"، ويمضي على التحقيق شهر كامل أو أكثر، ليقوم المحققين بإنزالي إلى غرف السجن لسبب لا أعرفه، أو لربما كان في الغرفة أحد او بعض المتعاونين مع "الشاباك"، ويأملوا بالحصول على معلومات مني، ولكي أجد شاباً من مخيم العزة يدعى رائد العزة سيفرج عنه، فاقترحت عليه بما انه سيفرج عنه، أن يعطيني "بوطه" الذي يلبسه ويأخذ "الكندرة" معه، ويحرقها حال وصوله مخيم العزة ، وعند المساء جاء الشرطي يستدعيني للتحقيق، وكنت أشعر بأنني إنسان جديد، حيث بدأت لأول مرة أشعر بالراحة، ولم يعد صوت المسامير يطرق في رأسي، وإذا بالمحقق يبادرني بالسؤال، وهو لم يكن من الطاقم المخصص للتحقيق معي أين "الكندرة"؟ قلت له سلامة نظرك، انا أحضروني بهذا "البوط "، فقال لي أنت كاذب، فقلت له أنا اريد ان أسألك، هل أنتم تحققون معي حول الجبهة الشعبية ونشاطي فيها، أم حول "الكندره"؟، فإذا كان التحقيق حول حيازتي "كندره" ، فأنا معترف، أما شيء آخر فلا، وهنا طلب مني أن استعد لكي نذهب إلى مخيم العزة لكي نحضر "الكندره "، وهنا لا أخفيكم إسودت الدنيا في وجهي يا لها من فضيحة راسم قادم مع المحققين إلي بيت رائد العزة لأخذ "كندره "، وفعلاً تم وضعوني في سيارة فورد بيضاء اللون خصوصية، وعصبوا عيني، وشعرت أن السيارة تسير بسرعة عالية جداً وتخيلت أنها وصلت الحدود اللبنانية ، ولكي أكتشف أنها خدعة، حيث لم يخرجوا من المسكوبية، ولكي تنتهي معي قصة "الكندرة" عند هذا الحد، بعد أن لعبت وأدت دوراً أراده لها المحققون في التحقيق معي ، وطبعاً دون أن ينتهي التحقيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق