عطا مناع
اعرف عدوك، مقولة رافقت الشعب الفلسطيني في سنوات النضال التحرري لضمان سلامة النهج الوطني وعدم الانحراف عن السكة والتأكيد على وضوح الروئيا في مرحلة اتسمت بالضبابية جراء تبدل معسكر الأعداء والأصدقاء نظر لمصالح الطبقات المنخرطة في النضال، وكانت الساحة الفلسطينية بمثابة التربة الخصبة لنمو تيارات وتوجهات مريضة استغلت خصوصية القضية الفلسطينية والتفاعلات التي رافقتها خلال الصراع مع دولة الاحتلال، هذه الدولة التي بنت إستراتيجيتها على ضرب البنية الوطنية والسياسية للشعب الفلسطيني من الداخل لنصل إلى ما وصلنا إلية هذه الأيام.
إسرائيل وكدولة احتلال تعتبر العدو المباشر للشعب الفلسطيني، ولكن هل هي العدو رقم واحد، بلا شك فان الدولة العبرية ارتكبت جرائم حرب اتجاه الشعب الفلسطيني، ولست بصدد الوقوف أمامها لأننا عانينا ولا زلنا كشعب من هذه الجرائم التي تمارس على مدار الساعة بحق الشعب الفلسطيني، غير أن تطورا ملحوظا طرأ في العقد الأخير يدفع المتابع للتساؤل وإعادة ترتيب الأوراق من جديد، وخاصة في ظل تقاطع المصالح بين الاحتلال وبعض الفلسطينيين.
إن الجبهة الداخلية للفلسطينيين ملئ بالأعداء، وبعيدا عن الطابور الخامس والعملاء الذين يشكلون العين الساهرة على مصالح الدولة العبرية حيث يتابعون عناصر المقاومة ويشاركون في تصفيتهم أو اعتقالهم،إن ما يواجه الشعب الفلسطيني اخطر من مجرد حصار وتصفيات جسدية واعتقالات وحواجز في الضفة الغربية وقصف في قطاع غزة ، لان الفلسطينيين اضطروا للتأقلم مع عنف الاحتلال المتوقع، ولكن ما الجديد... وأين ممكن الخطر.
أتساءل كفلسطيني، هل التفريط بالثوابت اشد خطرا من الاحتلال... أيهما اخطر على الشعب الفلسطيني الاحتلال أم الاقتتال الذي أدى إلى تقسيم الشعب الفلسطيني إلى غزاوي وضفاوي...ماذا عن فتاوى الموت والتحريض على القتل لنجد أن الأخ يتحفز لقتل اخية والابن يكفر أبية...هل الفقر والانحراف والفساد وانهيار القيمة الروحية وخصخصة المساجد والاتجار بالبشر وشراء الذمم ونشر البضائع الفاسدة والثقافة المنفلشة والتطبيع والدعارة والكثير من الآفات التي نخرت المجتمع الفلسطيني ، أين المفر من وكلاء المبادرات... مبادرة جنيف وعرابها الناطق باسم الشعب... المجاهرة بالتنازل عن حق العودة... والأحزاب التي وجدت مصلحتها بالتساوق مع المرحلة ولحس ما تبقى من الصحون... الدولة العربية والإسلامية التي تتهافت على أبواب الدولة العبرية لنيل رضاها.
إن إسرائيل هي عدو الشعب الفلسطيني، لكن العدو رقم واحد للفلسطينيين هي الأمراض والتفاعلات الخطيرة التي مست عصب الحياة عندنا، هذه التفاعلات التي قادتنا إلى الصمت القاتل الذي يسود في أوساطنا، تفاعلات منعتنا أن نقول لحركة حماس تراجعي عن انقلابك، انهيار منعنا من أن نقول لا لدايتون، لقد أصبح الصمت سمة ملازمة للموطن الفلسطيني الذي بعيش حالة فريدة من الانغلاق على الذات والتعاطي السلبي تجاه التطورات التي تعصف بكيانه، الموطن الذي أصبح لا يرى ولا بسمع ولا يتكلم.
من يعيش في فلسطين يدرك أن الأعداء كثر وان الاحتلال يستغل حالة الفرقة وان الطابور الخامس ووكلاء الثقافات المستوردة يسرحون ويمرحون دون مساءلة يستغلون حالة الفراغ والفوضى المبرمجة يعيثوا فسادا في أرضنا وعقولنا وقضيتنا، مبرمجون من أرباب نعمتهم ينفذون أجندة شيطانية هدفها العبث في كياننا، أنهم العدو رقم واحد دون منازع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق