لاحظ س. حداد
السادة، أصحاب المواقف الشجاعة.
ربما كان هناك شوائب متعددة في الديمقراطية التوافقية، الممارسة حتى الآن، في مواقف الموالاة والمعارضة، إلاّ أن الظرف العصيب الذي يواجهه الوطن يستوجب موقف شجاعة بامتياز لا تتوقف أمام أي تهديد أو تهويل بالحرب الأهلية..
إن التحدي الكبير الذي يفرضه موقف المعارضة في اختيار رئيسٍ للجمهورية يمثل تطلعاتها، تحت شعارات طنّانة مقاوماتياً ورنانة مسيحياً، يتطلب مواجهته بأكبر قدر من ممارسة للديمقراطية وعدم التخلي عن فرصةٍ يُتيحها الدهر أمام قيادات لبنان كي يثبّتوا كيان الوطن واستقلاله.
إن الادعاء بحق الرئاسة للأكثر تمثيلاً للمسيحيين، أسوةً بغير طائفة، يقودنا حتماً إلى اعتماد النهج الطائفي اللاغي للديمقراطية.. كما ان التشبّث بالقول بوكالة الشعب المسيحي الضاغطة لا يعطي الحق بفرض رئيس لكل لبنان وليس فقط للأولئك المُوكلين، من المسيحيين، ولا يرتضيه باقي الموكلين من المسيحيين والمسلمين.. وهذا أيضاً يضع البلاد أمامَ حاكمٍ لفريقٍ منهم، نفترض جدلاً أنه يتمتع بأكثرية مسيحية، لكنه قطعاً لا يمثل فريقاً أقلياً من المسيحيين وأكثرياً من المسلمين..
أنطلاقاً من هنا، لم يعد من اللائق تثقيل كاهل البطريرك الماروني بحمل وزر اختيار رئيس ماروني للجمهورية.. ففي الوقت الذي يُعلن جميع قادة لبنان، معارضة وموالاة، قبولهم لما تقترحه البطريركية المارونية اللبنانية، نجد مرشح المعارضة يرفض مسبقاً الأخذ بقرارٍ يصدر عن كرسي بكركي متشبثاً بمقولة تمثيله أكثرية عامة المسيحيين..
فإذا ما فَصَلنا بين تمثيله للطائفة المارونية وادعاء تمثيله لعامة المسيحيين، يتبيّن أن مرشح المعارضة يفقد حق تمثيل الموارنة وحده، ولَتَوَجَّب عليه القبول بترشيح ماروني آخر.. وليتفضّل إلى مجلس النواب وليُنْتَخَب ديمقراطياً..
أما الادعاء بتمثيل أكثرية عامة المسيحيين، فلماذا لا يُستمزج رأي بطاركة باقي الطوائف المسيحية التي يدعي تمثيل أكثريتها فيتحملون وزرَ ما يفرضه مثلَ هذا الادعاء عليهم، من تداعيات مستقبلية، جرّاءَ تركِهم حريةَ الاختيار لنواب طوائفهم أسوةً بمرجعيات باقي الطوائف اللبنانية؟
ففي المطلق، لم يشهد اللبنانيّون قط تدخلاً للمرجعيات الدينية في اختيار رئيس مجلس النواب أو حتى رئيس الحكومة بل تركوا لممثلي الأمة ممارسة الديمقراطية تأخذ مجراها الطبيعي.. فلماذا يُراد الآن فرض اختيار رئيس الجمهورية على البطريرك الماروني وحده دون باقي البطاركة..
وإذا ما كان هؤلاء البطاركة قد جيَروا قرارهم، إلى البطريرك الماروني، سيتوجَّب على نوابهم حتمية القبول بقرار البطريرك الماروني وليس الانجرار وراء مَن يحتمي بادعاء تمثيلهم للوصول إلى الكرسي الرئاسي..
إذن، على هؤلاء، نوّاب الطوائف المسيحية الأخرى، المنضوين إلى تكتل مرشح المعارضة، أن يعوا خطورة ما هم مُقدِمون عليه من إخلال في التوازنات الطائفية القائمة حالياً في البلاد جرّاءَ قبول استغلال عددهم في دعم مرشح ماروني لا يمثل فعلياً أكثرية الموارنة.. وإذا ما كانوا أحراراً فعلياً في الاختيار، عليهم ممارسة الديمقراطية وليس الاحتجاب أو الاعتكاف عن المشاركة في العملية الانتخابية تحت ضغط شخصي أو أيِّ ظرف كان.. وإلاّ اعتُبِرَ تصرفُهم خرقاً للدستور وتخلياً عن واجبهم وحقهم في ممارسة الديمقراطية.. وليعلموا أن من يتخلى عن حقِّه مرةً سيتعرض للتخلي عنه مرّات..
كما على نواب الطائفة المارونية المنضوين أيضاً إلى تكتل مرشحهم للرئاسة أن يقبلوا المنافسة الحرة بين مرشحهم ومرشح آخر ماروني يتمتع هو الآخر بحق تمثيل الموارنة.. وعليهِ، يتوجب عليهم الانفكاك من طوق الادعاءات غير المنطقية التي تقود تصرفاتهم إلى اليوم.. وإذا ما تفحّصوا جيداً عمق ما هم مقدِمون عليه من اعتكاف وتخلف عن ممارسة الديمقراطية، سيتبين لهم بسهولة أن تحجّرَ المواقف الاستفزازية المبنية على فوقية غير واقعية سيقود الجميع إلى تشتتٍ وفرقة لن تكون عواقبها سليمة قطعاً.. إذ ستأدي إلى تفكك النظام الديمقراطي برمته وتقذف بالوطن إلى دكتاتورية طائفية، تعمّ الجميع، تعيقُ كلياً أي تقدُّم نحو العلمنة التي يسعى إليها مرشحهم.. فهل هذا هو ما يرغبون؟
أيها السادة،
حفاظاً على الوطن من الانهيار، لديكم فرصة أخيرة للنهوض بالوطن هي أن تبادروا، وفوراً، إلى رفض أية اقتراحات أو مبادرات لا تأخذ بالحسبان تحقيق أهداف ومستلزمات ومسلمات الوطن وانتقلوا إلى تنفيذ نصوص الدستور اللبناني كما وضعه المشرّع ويفهمُهُ اللبنانيّون، لا كما يفسره الغيارى، فالدستور صنيعة الوطن وليس العكس وإذا ما ضاع الوطن لن يعد هناك من حاجة إلى دستور!
اللبنانيون في العالم، لا بل قادة العالم كله ينتظرون انتصار الديمقراطية في الوطن الصغير فلا تخذلونهم.. بل دعوهم يفخرون بإبداعات الفكر اللبناني وعراقة وتجذّر ديمقراطيتهم الفريدة التي توّجَها بابا روما نهج رسالة حضارية تُعَمِّم في الأرض تعايشاً سلامياً لا يماهى!
أعطوا لبنان رئيساً ولا تعطوا رئيساً لبنانـنا.
صانك الله لبنان
ربما كان هناك شوائب متعددة في الديمقراطية التوافقية، الممارسة حتى الآن، في مواقف الموالاة والمعارضة، إلاّ أن الظرف العصيب الذي يواجهه الوطن يستوجب موقف شجاعة بامتياز لا تتوقف أمام أي تهديد أو تهويل بالحرب الأهلية..
إن التحدي الكبير الذي يفرضه موقف المعارضة في اختيار رئيسٍ للجمهورية يمثل تطلعاتها، تحت شعارات طنّانة مقاوماتياً ورنانة مسيحياً، يتطلب مواجهته بأكبر قدر من ممارسة للديمقراطية وعدم التخلي عن فرصةٍ يُتيحها الدهر أمام قيادات لبنان كي يثبّتوا كيان الوطن واستقلاله.
إن الادعاء بحق الرئاسة للأكثر تمثيلاً للمسيحيين، أسوةً بغير طائفة، يقودنا حتماً إلى اعتماد النهج الطائفي اللاغي للديمقراطية.. كما ان التشبّث بالقول بوكالة الشعب المسيحي الضاغطة لا يعطي الحق بفرض رئيس لكل لبنان وليس فقط للأولئك المُوكلين، من المسيحيين، ولا يرتضيه باقي الموكلين من المسيحيين والمسلمين.. وهذا أيضاً يضع البلاد أمامَ حاكمٍ لفريقٍ منهم، نفترض جدلاً أنه يتمتع بأكثرية مسيحية، لكنه قطعاً لا يمثل فريقاً أقلياً من المسيحيين وأكثرياً من المسلمين..
أنطلاقاً من هنا، لم يعد من اللائق تثقيل كاهل البطريرك الماروني بحمل وزر اختيار رئيس ماروني للجمهورية.. ففي الوقت الذي يُعلن جميع قادة لبنان، معارضة وموالاة، قبولهم لما تقترحه البطريركية المارونية اللبنانية، نجد مرشح المعارضة يرفض مسبقاً الأخذ بقرارٍ يصدر عن كرسي بكركي متشبثاً بمقولة تمثيله أكثرية عامة المسيحيين..
فإذا ما فَصَلنا بين تمثيله للطائفة المارونية وادعاء تمثيله لعامة المسيحيين، يتبيّن أن مرشح المعارضة يفقد حق تمثيل الموارنة وحده، ولَتَوَجَّب عليه القبول بترشيح ماروني آخر.. وليتفضّل إلى مجلس النواب وليُنْتَخَب ديمقراطياً..
أما الادعاء بتمثيل أكثرية عامة المسيحيين، فلماذا لا يُستمزج رأي بطاركة باقي الطوائف المسيحية التي يدعي تمثيل أكثريتها فيتحملون وزرَ ما يفرضه مثلَ هذا الادعاء عليهم، من تداعيات مستقبلية، جرّاءَ تركِهم حريةَ الاختيار لنواب طوائفهم أسوةً بمرجعيات باقي الطوائف اللبنانية؟
ففي المطلق، لم يشهد اللبنانيّون قط تدخلاً للمرجعيات الدينية في اختيار رئيس مجلس النواب أو حتى رئيس الحكومة بل تركوا لممثلي الأمة ممارسة الديمقراطية تأخذ مجراها الطبيعي.. فلماذا يُراد الآن فرض اختيار رئيس الجمهورية على البطريرك الماروني وحده دون باقي البطاركة..
وإذا ما كان هؤلاء البطاركة قد جيَروا قرارهم، إلى البطريرك الماروني، سيتوجَّب على نوابهم حتمية القبول بقرار البطريرك الماروني وليس الانجرار وراء مَن يحتمي بادعاء تمثيلهم للوصول إلى الكرسي الرئاسي..
إذن، على هؤلاء، نوّاب الطوائف المسيحية الأخرى، المنضوين إلى تكتل مرشح المعارضة، أن يعوا خطورة ما هم مُقدِمون عليه من إخلال في التوازنات الطائفية القائمة حالياً في البلاد جرّاءَ قبول استغلال عددهم في دعم مرشح ماروني لا يمثل فعلياً أكثرية الموارنة.. وإذا ما كانوا أحراراً فعلياً في الاختيار، عليهم ممارسة الديمقراطية وليس الاحتجاب أو الاعتكاف عن المشاركة في العملية الانتخابية تحت ضغط شخصي أو أيِّ ظرف كان.. وإلاّ اعتُبِرَ تصرفُهم خرقاً للدستور وتخلياً عن واجبهم وحقهم في ممارسة الديمقراطية.. وليعلموا أن من يتخلى عن حقِّه مرةً سيتعرض للتخلي عنه مرّات..
كما على نواب الطائفة المارونية المنضوين أيضاً إلى تكتل مرشحهم للرئاسة أن يقبلوا المنافسة الحرة بين مرشحهم ومرشح آخر ماروني يتمتع هو الآخر بحق تمثيل الموارنة.. وعليهِ، يتوجب عليهم الانفكاك من طوق الادعاءات غير المنطقية التي تقود تصرفاتهم إلى اليوم.. وإذا ما تفحّصوا جيداً عمق ما هم مقدِمون عليه من اعتكاف وتخلف عن ممارسة الديمقراطية، سيتبين لهم بسهولة أن تحجّرَ المواقف الاستفزازية المبنية على فوقية غير واقعية سيقود الجميع إلى تشتتٍ وفرقة لن تكون عواقبها سليمة قطعاً.. إذ ستأدي إلى تفكك النظام الديمقراطي برمته وتقذف بالوطن إلى دكتاتورية طائفية، تعمّ الجميع، تعيقُ كلياً أي تقدُّم نحو العلمنة التي يسعى إليها مرشحهم.. فهل هذا هو ما يرغبون؟
أيها السادة،
حفاظاً على الوطن من الانهيار، لديكم فرصة أخيرة للنهوض بالوطن هي أن تبادروا، وفوراً، إلى رفض أية اقتراحات أو مبادرات لا تأخذ بالحسبان تحقيق أهداف ومستلزمات ومسلمات الوطن وانتقلوا إلى تنفيذ نصوص الدستور اللبناني كما وضعه المشرّع ويفهمُهُ اللبنانيّون، لا كما يفسره الغيارى، فالدستور صنيعة الوطن وليس العكس وإذا ما ضاع الوطن لن يعد هناك من حاجة إلى دستور!
اللبنانيون في العالم، لا بل قادة العالم كله ينتظرون انتصار الديمقراطية في الوطن الصغير فلا تخذلونهم.. بل دعوهم يفخرون بإبداعات الفكر اللبناني وعراقة وتجذّر ديمقراطيتهم الفريدة التي توّجَها بابا روما نهج رسالة حضارية تُعَمِّم في الأرض تعايشاً سلامياً لا يماهى!
أعطوا لبنان رئيساً ولا تعطوا رئيساً لبنانـنا.
صانك الله لبنان
التيار السيادي اللبناني في العالم / نيوزيلندا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق