رضوان عبد الله
شيعت منظمة التحرير الفلسطينية والقوى والأحزاب الوطنية والإسلامية اللبنانية وأهالي الجنوب اللبناني و منطقة النبطية خصوصا ، رئيس التجمع الوطني لأبناء القرى السبع، الرئيس الاسبق للاتحاد العام لطلبة فلسطين فرع لبنان و عضو المجلس الوطني الفلسطيني و عضو لجنة اللاجئين الفلسطينيين الشيخ كمال حسين شحرور وزوجته سلام نحلة وشقيقته وضحة شحرور، في موكب مهيب في بلدة حاروف الجنوبية بعد ظهر أمس الثلاثاء . حيث انطلق موكب التشييع عند الحادية عشرة والنصف قبل الظهر من أمام مستشفى الهمشري على طريق بلدة المية ومية في صيدا، و أقيم له احتفال وداعي وصولاً إلى منزله في حي القلعة في بلدة حاروف ـ قضاء النبطية، ومن ثم إلى جبانة حاروف حيث حمل المشيعون الجثامين الثلاثة على أكتافهم في ظل الأعلام الفلسطينية واللبنانية، و رايات منظمة التحرير الفلسطينية .
وتقدم المشيعون مجموعات من الاشبال والزهرات الفلسطينية اضافة الى كشافة الرسالة الاسلامية تقدمهم ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي على رأس وفد ضم: الوزير نعيم أبو الحمص، أمين سر حركة «فتح» في لبنان سلطان أبو العينين، وامين سر الاتحادت النقابية الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات، وممثلون عن الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية والاحزاب والقوى اللبنانية و رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على رأس وفدٍ من «حزب الله» ضم: النائب أمين شري، النائب السابق محمد برجاوي ، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه برّي مدير مكتبه في المصيلح هاني قبيسي، ممثل رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وكيل داخلية الجنوب في الحزب التقدمي الاشتراكي سرحان سرحان، وحشد من الشخصيات الرسمية والسياسية والحزبية والاجتماعية والثقافية والتربوية والدينية و من جمعية الخريجين الفلسطينيين و الجمعيات الشبابية الفلسطينية و اللبنانية و رؤساء البلديات والمخاتير وجمهور غفير من المواطنين اللبنانيين والفلسطينيين من جميع مخيمات لبنان . وأمّ العلامة السيد محمد حسن الأمين الصلاة على جثامين شحرور وزوجته وشقيقته قبل مواراتها الثرى في جبانة حاروف وبحضور لفيف من السياد و العلماء الافاضل والمصلين .
وكانت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح وآل الشهيد قد نعوا الشهداء الثلاثة الذين قضوا نتيجة حادث سير مروع على طريق عام النبطية ـ صيدا صباح يوح الاحد الموافق في 4 تشرين تاني 2007 .
نبذة عن حياة الشهيد شحرور :
ولد الشهيد القائد الشيخ كمال حسين الحاج فارس شحرور في بلدة حاروف- النبطية في العام 1953 وهو من بلدة هونين من عائلة مناضلة شارك العديد من أبنائها في الثورة الفلسطينية. متزوج وله ستة أبناء .
التحق بقواعد الثورة الفلسطينية شبلاً في العام 1969 في صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح واجتاز العديد من الدورات العسكرية والتنظيمية وشارك في تأسيس القواعد الارتكازية المقاتلة للثورة الفلسطينية في جنوب لبنان .
تسلم العديد من المهام العسكرية والتنظيمية في قواعد الثورة الفلسطينية وتدرج في المراتب التنظيمية وأصبح عضواً في قيادة حركة فتح- لبنان وبمرتبة معتمد اقليم، و شارك في العديد من المعارك دفاعاً عن القضية الفلسطينية وعن عروبة لبنان وكان له دور مميز مع رفاق دربه في التصدي للعدو الصهيوني عام 1982 وكان أحد القادة البارزين في معتقل أنصار ولعب دوراً هاماً في تعزيز وتمتين أواصر العلاقات الاخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني
امضى حياته مناضلاً مكافحاً من أجل القضية الفلسطينية و شغل منصب رئيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين ـ فرع لبنان منذ العام 1988 حتى العام 1993 وحاز على تنويه الرئيس الشهيد الرمز ياسر عرفات نتيجة تفانيه بالعمل النقابي الفلسطيني والوطني عموما ، حيث كان الرئيس الشهيد ابو عمار يكن له معزة خاصة و مميزة نتيجة لوفائه للقضية ولاخلاصه لشعبه ، و كان قد حضر المؤتمر الطلابي الفلسطيني والذي هو مؤتمر الاتحاد العام لطلبة فلسطين الذي عقد في بغداد عام 1990 ، اذ كان له دور في تفعيل القضايا الشبابية والطلابية مع الاحزاب والفصائل اللبنانية والعربية ، و في نصرة القضايا العربية عموما ، متمنياً ان يصلي في المسجد الاقصى محرراً إلا أن حلمه لم يتحقق ووافته المنية يوم الاحد 4/11/2007 في حادث سير مؤسف وزوجته وشقيقته وقد استسلم لقضاء الله وقدره تاركاً لمن بعده تاريخاً نضالياً طويلاً وأثراً طيباً لدى جميع رفاق دربه وشهدت له المواقع بالاقدام والشجاعة ورفاقه بالاخلاص والصدق والوفاء والسيرة الحسنة ودماثة الخلق .
انهى الشهيد الشيخ كمال شحرور دراسته الجامعية في الجامعة اللبنانية ـ فرع صيدا ، وكان في بيئته اللبنانية والفلسطينية على مسافة واحدة من الجميع، وجسراً للتلاقي والمحبة بين المتخاصمين والمتباعدين، لذلك كسب رضا واحترام الناس ومحبتهم وصداقتهم ، ناضل من اجل استرجاع حقوق القرى السبعة السليبة من قبل العدو الاسرائيلي و عمل على تأسيس تجمع القرى السبعة وترأسه بموافقة جميع اهالي تلك القرى حيث يكن له جميع افرادها بالاحترام والتقدير لابرازه قضيتهم العادلة امام المحافل العربية والدلولية . اعتقل الشهيد الشيخ كمال شحرور على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء اجتياحها للبنان عام 1982 وزج في معتقل أنصار، وبرز اسمه كأحد قادة المعتقل، وكان من بين منظمي انتفاضة أنصار، وأفرج عنه في عملية التبادل الأولى بعد 18 شهراً على اعتقاله، حيث توجه إلى الجزائر ومنها إلى تونس قبل عودته إلى لبنان. عاش في مدينة صيدا و من ثم اضطر للانتقال إلى بلدة حاروف الجنوبية و بنى منزلاً عاش فيه مع عائلته وحوله إلى ملتقى مفتوح للمحبين والأصدقاء ولكل من له قضية يستطيع ان يساعدهم على حلها .
قضى الشهيد الشيخ كمال شحرور معظم سنوات عمره الاربع والخمسين ، و منذ نعومة اظافره ، مناضلاً متواضعا مع اهله ومحبيه ورفاق دربه و مدافعاً صلبا عن القضية الفلسطينية والقضايا اللبنانية والعربية ، وله تحركات لا تعد و لا تحصى من نشاطات و تظاهرات و تعبيرات كانت تصب جميعها في الدفاع عن قضايا المناضلين الفلسطينيين واللبنانيين والعرب من مسيحيين و مسلمين .
كان الشهيد الشيخ كمال شحرور قبيل وفاته متوجهاً لقضاء الواجب تجاه عائلته بسيارته إلى بيروت للتعزية بوفاة زوجة خاله ، ومعه رفيقة دربه سلام نحلة التي ناضلت جنبا الى جنب معه و تحملت معاناة الحياة الصعبة ، و الخطيرة في كثير من الاحايين ، حين تكون زوجة قائد ومناضل لا يكل ولا يلين ، و ابت الا ترافقه حتى في استشهاده ، اضافة الى شقيقته وضحة ، الذي كان يلجا اليها في الاوقات الصعبة وهي والدته الثانية بعد امه الحنون رحمهم الله جميعا .
تربص القدر بهم على طريق عام الرادار ـ المصيلح حيث قضوا في حادث سير مؤسف ، ليتحول واجب التعزية من قبلهم إلى عزاء بهم ، إذ لم يكن الشيخ كمال شحرور يتمنى لنفسه الموت بهذه الطريقة ، بل كانت أمنيته أن ينال الشهادة دفاعاً عن فلسطين والقدس ، التي حفر صورة مسجدها على صخرة في جدار المدخل المؤدي إلى منزله في حاروف ، لتبقى أمام ناظريه وفي وجدانه ولا تغيب عن باله ، ولا عن بال اهله وزواره ، لكن مشيئة الله أبت إلا أن تكون النهاية هناك على الطريق و هو يؤدي ايضا واجبا تجاه الاهل و الاصحاب .
اليوم نفتقدك يا شيخنا الشهيد يا اخانا العزيزوالكبير والحنون ، اليوم نفتقد لبدرك الذي اكتمل بالشهادة نعم ايها الكمال ونفتقد لصوتك الحنون الذي كان يصر علينا دوما بوصيته للنضال من اجل فلسطين والقدس ( لا تنسوا فلسطين و لا تتركوا قضية القدس دون نضال و لاتهملوا القضايا المطلبية جانبا ) ، هكذا كان يوصينا في احلك الظروف واصعب الاوقات ، ولم يكن يخاف الموت بل يؤمن بأنه حق علينا كما هي الحياة المكتوبة لنا بقدر فالموت ايضا هو قدر .
رحمك الله يا شيخنا الشهيد كمال شحرور ، واسكنك فسيح جناته مع الانبياء و الشهداء والصديقين ، مع ياسر عرفات وابو جهاد الوزير و ابو علي اياد و ابو الهول وابو اياد و على ابو طوق و الكمالين والنجار و سعد صايل و محمد سعد و عباس الموسوي و معروف سعد و مروان كيالي و كل شهداء ثورتنا وامتنا العربية والاسلامية ، و حسن اولئك رفيقا ، لا مرد لقضاء الله ، لا نستطيع ان نلجم انفسنا عن البكاء و انا عليك يا ايها الكمال لمحزونون ، ولا نقول الا كما امرنا رب العالمين ( انا لله وانا اليه راجعون ) .
*عضو الهئية الادارية الاسبق للاتحاد العام لطلبة فلسطين ـ فرع لبنان
كاتب وباحث فلسطيني مقيم في لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق