محمد داود
مع تقدم الإعلام الصهيوني ونجاحه في التأثير وإقناع الرأي العام واستمالة عاطفتهم لصالح قضيتهم المزعومة التي بنيت على باطل، وتمكنه من أن يصنع لها رأي عام مؤيد على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وأن يحدث اختراقاً داخل مؤسسات المجتمع الدولي والحصول على اعتراف وتأييد، وشرعية في مواصلة عدوانه تحت طائلة الدفاع عن النفس.
يرجع نجاح الإعلام الصهيوني إلى محصلة قديمة منذ تشكيل الحركة الصهيونية التي كان يتزعمها الصحفي هيرتسل في أواخر القرن التاسع عشر، والتأثير بأصحاب القرار في الدول المستعمرة ودفعها للتعاطف مع يهود العالم سيما بعد تضخيم مسألة المعاناة والاضطهاد الذي تعرض لها اليهود سواء إبان الحكم القيصري والمحرقة التي ارتكبت فترة الحكم النازي في ألمانيا ...الخ، والعمل على تضخيمها والتي ترجمت على أرض الواقع فيما بعد بالسماح وتسهيل الهجرة والاستيطان والدعم العسكري والمادي واللوجستي للحركة الصهيونية، وإفشال قرارات الشرعية الدولية التي تخدم الحقوق الوطنية الفلسطينية.
في المقابل كان يعاني الإعلام الفلسطيني من ظروف قاسية وقهر بفعل القيود التي كان يفرضها الاحتلال على مر الحقبات بدءاً من الاحتلال العثماني والانجليزي مروراً بالحكمين الإداريين المصري والأردني، وصولاً إلى الاحتلال الصهيوني، حيث عانى الإعلام الفلسطيني من قيود الرقابة والمنع والمصادرة وقانون الطوارئ البريطاني ...الخ، لكن رغم ذلك تمكن الإعلام الفلسطيني من إيصال رسالته الداعمة والمساندة في الإعلان عن العمل الفدائي ومقارعة الاحتلال من خلال كشف الحقيقة التي يمارسها الجيش الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإن لجاءت بعضها إلى العمل السري، لا سيما إعلام المقاومة.
هذا التطور النوعي والكمي أخذ مناحي وأشكالاً في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية التي جاءت وفق أتفاق أوسلو في العام 1994م ، حيث انطلاق العنان أمام حرية العمل الصحفي والحصول على تصريحات لإنشاء الصحف والإذاعات المسموعة والمرئية الخاصة والعامة، الحزبية والحكومية منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية و.... الخ.
هذا الصرح الإعلامي وأمام حرية الرأي والتعبير والانتشار أتاح بأن يكون هناك إذاعات مسموعة مؤيدة ومعارضة، سيما وأن التجربة الفلسطينية في مجال الإعلام المسموع قديمة منذ عام 1936م عندما أنطلق أثير صوت هنا القدس، ثم ظهور إعلام المقاومة جنباً مع العمل العسكري المقاوم الذي انطلاق منذ فجر عيلبون في 1/1/1965م في الشتات فكان أبرزها صوت العاصفة وهنا القدس التابعة للجبهة الشعبية واستئجار ساعات بث مسموع لدى الإذاعات العربية لنقل أخبار الثورة والمقاومة الفلسطينية خاصة من الكويت وسوريا ومصر وليبيا.
هذه القفزة التي صاحبت الإعلام الفلسطيني مع قدوم السلطة الوطنية أتاحت بأن تنتشر الصحف الحزبية دون رقيب أو حسيب بعد إلغاء كل قوانين الرقابة ما دامت توظف لخدمة التعبئة وتكشف جرائم العدو الصهيوني، الذي يرتكب بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، أخذت تنحصر وتنحدر من الشمول إلى الخاص من المصالح الوطنية العليا إلى المصالح الحزبية والشخصية الخاصة من المقاومة إلى التحريض ضد المقاومة ورموز المقاومة، فأقصيت صحف وأقصيت إذاعات مسموعة ومرئية، وسلبت ممتلكاتها، وأصبح العمل الصحفي حكراً على بعض، فيما التزم ما تبقى من إذاعات وصحف بالسياسة التي تفرض عليه وإلا سيكون أمام منع ومصادرة، فالساحة الغزية تشهد، حيث أصبحت بعض الإذاعات تفرد مساحات وحيز كبير من المناكفات والتصريحات السياسية التي خرجت عن أبجديات العمل الصحفي وشروطه المنافية للقيم الإسلامية وآداب وسلوك وأخلاق المهنة والتي تسئ لشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.
وأمام هذا المنع والتكبيل المخالف لحرية الرأي والتعبير وديمقراطية الكلمة والعمل الصحفي الذي لم يشهد له تاريخ الإعلام الفلسطيني منذ سابق عهده، تحت أي سلطة كانت، بأن تهاجم المؤسسات والأطقم الصحفية والفنية والاعتداء عليهم وتحطيم أجهزتهم بهذه القسوة دون سابق إنذار، نكون قد سجلنا مرحلة جديدة وانحراف أخر للنضال الفلسطيني، وقد سبق أن انحرفت البندقية الفلسطينية عن مسارها المشروع.
فيما تبقى الحاجة الشعبية لعودة أثير الشباب والحرية ليغرد في سماء غزة وتنفرد الساحة الإعلامية بتناول ملفات العدو وخدمة القضايا الفلسطينية ووحدته الوطنية بما يخدم نسيجه الاجتماعي وإلا سينحصر إعلامنا في إطاره الضيق فيصنف ضمن الإعلام ألأصفر.
كاتب وباحث
مع تقدم الإعلام الصهيوني ونجاحه في التأثير وإقناع الرأي العام واستمالة عاطفتهم لصالح قضيتهم المزعومة التي بنيت على باطل، وتمكنه من أن يصنع لها رأي عام مؤيد على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وأن يحدث اختراقاً داخل مؤسسات المجتمع الدولي والحصول على اعتراف وتأييد، وشرعية في مواصلة عدوانه تحت طائلة الدفاع عن النفس.
يرجع نجاح الإعلام الصهيوني إلى محصلة قديمة منذ تشكيل الحركة الصهيونية التي كان يتزعمها الصحفي هيرتسل في أواخر القرن التاسع عشر، والتأثير بأصحاب القرار في الدول المستعمرة ودفعها للتعاطف مع يهود العالم سيما بعد تضخيم مسألة المعاناة والاضطهاد الذي تعرض لها اليهود سواء إبان الحكم القيصري والمحرقة التي ارتكبت فترة الحكم النازي في ألمانيا ...الخ، والعمل على تضخيمها والتي ترجمت على أرض الواقع فيما بعد بالسماح وتسهيل الهجرة والاستيطان والدعم العسكري والمادي واللوجستي للحركة الصهيونية، وإفشال قرارات الشرعية الدولية التي تخدم الحقوق الوطنية الفلسطينية.
في المقابل كان يعاني الإعلام الفلسطيني من ظروف قاسية وقهر بفعل القيود التي كان يفرضها الاحتلال على مر الحقبات بدءاً من الاحتلال العثماني والانجليزي مروراً بالحكمين الإداريين المصري والأردني، وصولاً إلى الاحتلال الصهيوني، حيث عانى الإعلام الفلسطيني من قيود الرقابة والمنع والمصادرة وقانون الطوارئ البريطاني ...الخ، لكن رغم ذلك تمكن الإعلام الفلسطيني من إيصال رسالته الداعمة والمساندة في الإعلان عن العمل الفدائي ومقارعة الاحتلال من خلال كشف الحقيقة التي يمارسها الجيش الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإن لجاءت بعضها إلى العمل السري، لا سيما إعلام المقاومة.
هذا التطور النوعي والكمي أخذ مناحي وأشكالاً في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية التي جاءت وفق أتفاق أوسلو في العام 1994م ، حيث انطلاق العنان أمام حرية العمل الصحفي والحصول على تصريحات لإنشاء الصحف والإذاعات المسموعة والمرئية الخاصة والعامة، الحزبية والحكومية منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية و.... الخ.
هذا الصرح الإعلامي وأمام حرية الرأي والتعبير والانتشار أتاح بأن يكون هناك إذاعات مسموعة مؤيدة ومعارضة، سيما وأن التجربة الفلسطينية في مجال الإعلام المسموع قديمة منذ عام 1936م عندما أنطلق أثير صوت هنا القدس، ثم ظهور إعلام المقاومة جنباً مع العمل العسكري المقاوم الذي انطلاق منذ فجر عيلبون في 1/1/1965م في الشتات فكان أبرزها صوت العاصفة وهنا القدس التابعة للجبهة الشعبية واستئجار ساعات بث مسموع لدى الإذاعات العربية لنقل أخبار الثورة والمقاومة الفلسطينية خاصة من الكويت وسوريا ومصر وليبيا.
هذه القفزة التي صاحبت الإعلام الفلسطيني مع قدوم السلطة الوطنية أتاحت بأن تنتشر الصحف الحزبية دون رقيب أو حسيب بعد إلغاء كل قوانين الرقابة ما دامت توظف لخدمة التعبئة وتكشف جرائم العدو الصهيوني، الذي يرتكب بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، أخذت تنحصر وتنحدر من الشمول إلى الخاص من المصالح الوطنية العليا إلى المصالح الحزبية والشخصية الخاصة من المقاومة إلى التحريض ضد المقاومة ورموز المقاومة، فأقصيت صحف وأقصيت إذاعات مسموعة ومرئية، وسلبت ممتلكاتها، وأصبح العمل الصحفي حكراً على بعض، فيما التزم ما تبقى من إذاعات وصحف بالسياسة التي تفرض عليه وإلا سيكون أمام منع ومصادرة، فالساحة الغزية تشهد، حيث أصبحت بعض الإذاعات تفرد مساحات وحيز كبير من المناكفات والتصريحات السياسية التي خرجت عن أبجديات العمل الصحفي وشروطه المنافية للقيم الإسلامية وآداب وسلوك وأخلاق المهنة والتي تسئ لشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.
وأمام هذا المنع والتكبيل المخالف لحرية الرأي والتعبير وديمقراطية الكلمة والعمل الصحفي الذي لم يشهد له تاريخ الإعلام الفلسطيني منذ سابق عهده، تحت أي سلطة كانت، بأن تهاجم المؤسسات والأطقم الصحفية والفنية والاعتداء عليهم وتحطيم أجهزتهم بهذه القسوة دون سابق إنذار، نكون قد سجلنا مرحلة جديدة وانحراف أخر للنضال الفلسطيني، وقد سبق أن انحرفت البندقية الفلسطينية عن مسارها المشروع.
فيما تبقى الحاجة الشعبية لعودة أثير الشباب والحرية ليغرد في سماء غزة وتنفرد الساحة الإعلامية بتناول ملفات العدو وخدمة القضايا الفلسطينية ووحدته الوطنية بما يخدم نسيجه الاجتماعي وإلا سينحصر إعلامنا في إطاره الضيق فيصنف ضمن الإعلام ألأصفر.
كاتب وباحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق