جادالله صفا
– البرازيل
التصريحات الاخيرة التي ادلى بها فاروق القدومي امين سر حركة فتح، والتي كشف بها عن وثيقة وهي عبارة عن محضر جمع محمود عباس ومحمد دحلان مع شارون وموفاز، هذه الوثيقة التي تكشف عن مؤامرة لقتل ياسر عرفات والعديد من قادة الفصائل الفلسطينية، اثارت ضجة كبيرة داخل حركة فتح، ورافقها ذهول فلسطيني وعربي، فتصريحات القدومي بهذا الوقت الذي يسبق عقد المؤتمرالسادس لحركة فتح، والتي جاءت لتعبر عن عمق الخلافات الداخلية التي تمربها الحركة والى حجم الازمة التي تعيشها، والتي هي بالواقع ليست ازمة مصطنعة او جاءت نتيجة الصدفة، وانما ازمة رافقت الحركة منذ عشرات السنوات، والذهول الذي اصاب الشارع الفلسطيني هو حول توقيت هذه التصريحات التي جاءت على اعتاب المؤتمر السادس للحركة، حيث لا يخفى على احد الخلافات الشديدة التي كانت تشهدها اجتماعات اللجنة المركزية للحركةواللجنة التحضيرية للمؤتمر.
لا اريد ان اكون منحازا الى طرف، بقدر ما يهمني سلامة حركة فتح واستمرارها كحركة نضالية وطنية ترفع راية النضال لانهاء الاحتلال، لا اريد ان اخوض لا بتفاصيل او جزئيات رؤية هذه الحركة بكيفية ادارة الصراع مع هذا الكيان الغاصب على الارض الفلسطينية، بقدر ما يهمني ان تكون الحركة قادرة على التواصل والاستمرار بالمسيرة، فحركة التحرير الوطني الفلسطيني هي حركة كتبت بانطلاقتها وسطرت تاريخا مشرفا للقضية الفلسطينية ستقرأ عنه الاجيال القادمة دون ادنى شك، هي شقت بداية الطريق لاجيال قادمة من اجل ان تعيش بوطن حر ومستقل اسمه بالتاكيد لن يكون الا فلسطين.
ان استشهاد عرفات وقتله تتحمل مسؤولية كشف حيثيات موته قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة السلطة الفلسطينية وقيادة فتح، ورغم التقصير من قبل هذه المؤسسات التي لديها من الصلاحيات ما يخولها بالكشف عن الاسباب التي ادت الى استشهاد ياسر عرفات، الا ان الشائعات ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، فلا يمكن ان ننسى تصريحات سهى الطويل التي حملت اطرافا فلسطينية مسؤولية تامرها على زوجها، اضافة الى تصريحات الطبيبالخاص للرئيس ابو عمار الذي يتهم مباشرة ابو مازن الرئيس الفلسطيني الحالي برفض تشريح جثة الرئيس لمعرفة اسباب الوفاة، لتاتينا تصريحات امين سر حركة فتح الاخيرة باتهام ابو مازن والدحلان بالتأمر على قتل الرئيس الفلسطيني،
فالسؤال الذي يبقى مطروحا، ما هي الاسباب التي تمنع من كشف ملابسات استشهاد الرئيس الفلسطيني ابو عمار؟ ومن المسؤول عن قتله اذا كان نعم حقيقة كانت مؤامرة اغتيال وتم تسميمه، الى متى سيبقى هذا اللغز بدون حل؟
السؤال الذي يبقى عالقا: الى اي مدى ستصل الجرأة عند ابو مازن للتامرعلى قتل عرفات؟ ام انها تصفية حسابات بين ابو اللطف وابو مازن؟
الخلافات الفتحاوية التي ظهرت بقوة على السطح بعد استشهاد ابو عمار، جاءت بالواقع لتعبر عن حجم الفراغ الذي تركه الرئيس الراحل بالحركة، واعتقد انها عبرت عن هشاشة التماسك الداخلي بالحركة، حيث برزت الصراعات بين التكتلات التي كانت غير ظاهرة على السطح اثناء فترة الرئيس ابو عمار، حيث كان قادرا على حفظ التوازنات الداخلية بالحركة، وقادرا على ادارة كل تناقضاتها الداخلية، الا بفترة واحدة وهي بعد حرب لبنان عام 1982 وخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، وما نتج عنه اقتتال فتحاوي بطرابلس، نتيجة انشقاق حصل بالحركة، والذي كان اخطر الانشقاقات التي حصلت بالفصائل الفلسطينية عامة.
اختلفت التيارات بداخل حركة فتح واشتد الخلاف فيما بينهم مباشرة بعد استشهاد الرئيس الفلسطيني، فكان مروان البرغوثي المعتقل بالسجون الصهيونية والمحكوم باكثر من خمسة مؤبدات قد اعلن ترشيحة لخلافة ابو عمارعلى رئاسة السلطة، فكان موقف امين سر حركة فتح فاروق القدومي حاسما ومهددا بفصل مروان من الحركة اذا بقي مصرا على ترشيح نفسه لمنافسة ابومازن، كذلك لا ننسى الخلافات التي نشبت بعد اقرار انتخابات المجلس التشريعي بعد اتفاق القاهرة بين الفصائل الفلسطينية، ومحاولة فتح الدخول بقائمتين احداهما برئاسة احمد قريع ونبيل شعث، والاخرى برئاسة مروان البرغوثي والدحلان، اضافة الى خلافات البرايمز بداخل الحركة، وكانت خسارة الحركة بالانتخابات، واحداث غزة قد عمق هذه الخلافات واشتدت الصراعات الداخلية، وكانت تصريحات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح هاني الحسن للجزيرة الذي اتهم اطراف بالحركة بارتباطها باجندة خارجية وبالاخص بالادارة الامريكية والكيان الصهيوني، قد زاد الطين بله.
لم يخف على احد اطلاقا الخلافات الحادة التي كانت تعوم على السطح بين ابناء الحركة، والتي تركت علامات استفهام على مستقبل الحركة وادائها،وحتى قدرتها على عقد المؤتمر وجمع ممثلي الحركة للحفاظ على وحدتها واستمرارها وادائها الوطني والنضالي، فرغم كل التراكمات التي حصلت على مدار مسيرة السنوات السابقة، الا ان اعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري سيذهبون الى المؤتمر بدون اجوبة صريحة ومقنعة عن اسباب وفاة رئيس الحركة الشهيد ياسر عرفات، فكيف سيكون رد المؤتمر واعضائه؟
هل سيخرجون بقرار دفن حق الشعب الفلسطيني بمعرفة اسباب الوفاة، فالشهيد ابو عمار لم يكن رئيسا لفتح فقط بمقدار ما كان رئيسا للشعب الفلسطيني ايضا، فمن حق الشعب الفلسطيني واي فرد ان يكون لديه جواب وافي ومؤكد بالادلة والبراهين يجيب عن اسباب الوفاة وتحديد المسؤوليات، فلا يجوز للمؤتمر ولا يحق له باخفاء الحقيقة عن الشعب الفلسطيني، فوحدة الحركة بالتاكيد هو قدرتها بالاجابة على كل الاسئلة ومواجهة التحديات المستقبلية، واعتقد ان اجابة اللجنة المركزية او اي فرد منها على السؤال التالي مهم، لماذا لم تقم اللجنة المركزية بتشكيل لجنة تحقيق باسباب وفاة رئيسها ومفجر الثورة؟
كذلك لماذا لم يصرخ اي عضو لجنة مركزية بحركة فتح بالمطالبة بفتح التحقيق وتحديد اصابع الاتهام باتجاه الرافضين؟ لماذا فاروق القدومي امين سرالحركة لم يطالب علنيا بفتح التحقيق وتحديد اسماء الرافضين منذ البداية؟
اسئلة كثيرة تدور وتدور وتضع شكوكا حول النوايا المرادة. لا احد يشك ان الحركة برؤيتها السياسية والنضالية منقسمة على ذاتها، ولكن كيف ستعالج هذا الوضع؟ هذا ما ستكشفه الايام القادمة، واي من المعسكرين سيكون صاحب القرار بالحركة؟ باعتبار ان المصالحة الداخلية اصبحت اكثر صعوبة، فمؤتمر حركة فتح بمدينة بيت لحم سيكشف بالحقيقة عن حقيقة التمثيل للحركة، وكما يصدر بان فاروق القدومي سيدعو الى عقد مؤتمر اخر خارج فلسطين، فالى اي مدى سيتمكن امين سر حركة فتح من الدعوة الى عقد مؤتمرالفتح باحدى الدول العربية؟
فمن هي الدولة العربية التي ستوافق على عقد مؤتمر، ولماذا لم يحصل على موافقتها؟ هل ستشهد حركة فتح انقساما؟ هل القدومي سيكون قادرا على عقد مؤتمر اخر للحركة؟ هذا ما ستجيب عليه الفترة القادمة، وهل فتح اختارت خطا سياسيا ونضاليا جديدا؟
انطلاقة جديدة بمفاهيم اخرى تختلف عن انطلاقتها الاولى؟ فاعتقد ان هذا المؤتمر سيخرج بمفاهيم جديدة بادارة الصراع، بوجوه جديدة،وسيفتح الباب امام تجاذبات قوية بالساحة الفلسطينية، وستكون له انعكاسات على العلاقات الداخلية الفلسطينية، وبغض النظر عن السياسة القادمة للحركة التي لا تخفى على احد، فان انعقاد مؤتمرها سيترك ايضا بصماته على سياسة الفصائل الاخرى وتوجهاتها النضالية، ولكن التحدي الجديد الذي ستواجهه حركة فتح هو قدرتها على تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن التوجهات الجديدة لرؤيتها المستقبلية لطبيعة الصراع والعلاقات الداخلية، سواء داخل منظمة التحرير الفلسطينية او مع حركة حماس ايضا، فهل سيكون برنامجها تناحريا او تصالحيا ضمن المفاهيم الجديدة؟
وماذا سيترك برنامجها وخطها ومفاهيمها من انعكاسات على الفصائل الاخرى؟ والى اي مدى ستتاثر الفصائل والقوى الاخرى ببرنامج حركة فتح الجديد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق