د. فايز أبو شمالة
بعد خمسة عشر عاماً يتوجب على الفلسطينيين وضع اتفاقية "أوسلو" على ميزان المصالح والأضرار التي لحقت بقضيتهم الوطنية، وأن يحاولوا قراءة آثارها السياسية، والحياتية، والوجدانية بموضوعية، ماذا تحقق من إيجابيات، وماذا تساقط على رأسهم من سكن السلبيات؟ وأين وصلت قضية فلسطين التي من أجلها كانت الانطلاقة سنة 1965 وما رافقها من شهداء، وكانت الانتفاضتان وما تبعها من جرحى وأسرى وعذابات، وقطع أرزاق.
أما الإيجابيات التي يحشدها البعض المؤيد لاتفاقية "أوسلو" فإنها تذوب أمام حقيقة واحدة، وهي أن عدد المستوطنين الذي كان يُعَدُّ بالآلاف في الضفة الغربية، قد صار بعد "أوسلو" أكثر من ثلاثمائة ألف يهودي، وأن مدينة القدس العربية التي كانت متصلة بمدن الضفة الغربية من جهة الشمال، والجنوب، والشرق، قد انقطعت عن محيطها العربي، وتهودت، ليجيء جدار العزل ليقتطع أجزاءً من الضفة الغربية ويضمها للدولة العبرية، ويفرض على الفلسطينيين العيش في مناطق منفصلة عن بعضها في الضفة الغربية، ومفصولة عن غزة بسبب الانقسام الفلسطيني الذي هو إحدى إفرازات "أوسلو" التي شقت الساحة السياسية الفلسطينية إلى مؤيد ومعارض، ولما كان الالتزام بشروط الاتفاقية يقضي بتطبيق بنودها على الأرض واتخاذ خطوات تنفيذية بما في ذلك وقف الانتفاضة، ومنع المقاومة، فقد صار الرفض للتقيد بما جاء في اتفاقية "أوسلو" تمرداً، وهذا ما قاد الساحة الفلسطينية إلى المواجهة المسلحة، وأوصل الحال الفلسطيني إلى ما هو عليه اليوم من انقسام.
وفي حين لم تحقق الاتفاقية أي ضمان للاعتراف الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، أو السياسية وفق القرارات الدولية، اعترفت منظمة التحرير بإسرائيل، وحقها في الوجود، مقابل اعتراف إسرائيل بالمنظمة فقط.
ومن يراقب بحيادية يستنتج أن اتفاقية أوسلو قد بيّضت وجه الدولة العبرية، ومهدت لاتفاقية وادي عربة في الأردن، وفكت طوق المقاطعة العالمية عن الدولة العبرية التي مدت جذورها الاقتصادية، والدبلوماسية حتى الهند والصين شرقاً.
أما الشق الاقتصادي الملحق باتفاقية "أوسلو"، فيتفق المؤيد قبل المعارض على أنه أسوأ اتفاق بين مجموعتين، لا بين كيانين منفصلين؛ إذ جعل الاقتصاد الفلسطيني تابعاً، دون فسحة أمل للتطور، أو الاعتماد على الذات، ومن أبرز نتائجه الضائقة المالية المزمنة.
ما سبق من نبش في الذاكرة يقود إلى أن اللاجئين قد باتوا أبعد عن حق العودة، وأن الدولة قد تبخرت، وأن الصراع الذي كان في وجدان الأمة صراعاً عربياً إسرائيلياً قد انخسف بعد "أوسلو" ليصير نزاعاً حدودياً بين السلطة وإسرائيل.
إن بعض ما سبق ليفرض على الفلسطينيين أن يقتصّوا من المسئول عن اتفاقية "أوسلو"، وأن يقتنصوا اللحظة المناسبة لمحاسبة من أفرغ قضيتهم السياسة من مضمونها، وهيأ لإسرائيل من أمرها أمناً، بعد أن أزاحت ملف القضية الفلسطينية عن طاولة المجتمع الدولي، لتدسه في أدراج أجهزتها الأمنية؟.
fshamala@yahoo.com
بعد خمسة عشر عاماً يتوجب على الفلسطينيين وضع اتفاقية "أوسلو" على ميزان المصالح والأضرار التي لحقت بقضيتهم الوطنية، وأن يحاولوا قراءة آثارها السياسية، والحياتية، والوجدانية بموضوعية، ماذا تحقق من إيجابيات، وماذا تساقط على رأسهم من سكن السلبيات؟ وأين وصلت قضية فلسطين التي من أجلها كانت الانطلاقة سنة 1965 وما رافقها من شهداء، وكانت الانتفاضتان وما تبعها من جرحى وأسرى وعذابات، وقطع أرزاق.
أما الإيجابيات التي يحشدها البعض المؤيد لاتفاقية "أوسلو" فإنها تذوب أمام حقيقة واحدة، وهي أن عدد المستوطنين الذي كان يُعَدُّ بالآلاف في الضفة الغربية، قد صار بعد "أوسلو" أكثر من ثلاثمائة ألف يهودي، وأن مدينة القدس العربية التي كانت متصلة بمدن الضفة الغربية من جهة الشمال، والجنوب، والشرق، قد انقطعت عن محيطها العربي، وتهودت، ليجيء جدار العزل ليقتطع أجزاءً من الضفة الغربية ويضمها للدولة العبرية، ويفرض على الفلسطينيين العيش في مناطق منفصلة عن بعضها في الضفة الغربية، ومفصولة عن غزة بسبب الانقسام الفلسطيني الذي هو إحدى إفرازات "أوسلو" التي شقت الساحة السياسية الفلسطينية إلى مؤيد ومعارض، ولما كان الالتزام بشروط الاتفاقية يقضي بتطبيق بنودها على الأرض واتخاذ خطوات تنفيذية بما في ذلك وقف الانتفاضة، ومنع المقاومة، فقد صار الرفض للتقيد بما جاء في اتفاقية "أوسلو" تمرداً، وهذا ما قاد الساحة الفلسطينية إلى المواجهة المسلحة، وأوصل الحال الفلسطيني إلى ما هو عليه اليوم من انقسام.
وفي حين لم تحقق الاتفاقية أي ضمان للاعتراف الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، أو السياسية وفق القرارات الدولية، اعترفت منظمة التحرير بإسرائيل، وحقها في الوجود، مقابل اعتراف إسرائيل بالمنظمة فقط.
ومن يراقب بحيادية يستنتج أن اتفاقية أوسلو قد بيّضت وجه الدولة العبرية، ومهدت لاتفاقية وادي عربة في الأردن، وفكت طوق المقاطعة العالمية عن الدولة العبرية التي مدت جذورها الاقتصادية، والدبلوماسية حتى الهند والصين شرقاً.
أما الشق الاقتصادي الملحق باتفاقية "أوسلو"، فيتفق المؤيد قبل المعارض على أنه أسوأ اتفاق بين مجموعتين، لا بين كيانين منفصلين؛ إذ جعل الاقتصاد الفلسطيني تابعاً، دون فسحة أمل للتطور، أو الاعتماد على الذات، ومن أبرز نتائجه الضائقة المالية المزمنة.
ما سبق من نبش في الذاكرة يقود إلى أن اللاجئين قد باتوا أبعد عن حق العودة، وأن الدولة قد تبخرت، وأن الصراع الذي كان في وجدان الأمة صراعاً عربياً إسرائيلياً قد انخسف بعد "أوسلو" ليصير نزاعاً حدودياً بين السلطة وإسرائيل.
إن بعض ما سبق ليفرض على الفلسطينيين أن يقتصّوا من المسئول عن اتفاقية "أوسلو"، وأن يقتنصوا اللحظة المناسبة لمحاسبة من أفرغ قضيتهم السياسة من مضمونها، وهيأ لإسرائيل من أمرها أمناً، بعد أن أزاحت ملف القضية الفلسطينية عن طاولة المجتمع الدولي، لتدسه في أدراج أجهزتها الأمنية؟.
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق