السيد محمد علي الحسيني
لم ينظر الکثيرون من المراقبين والاوساط السياسية والصحفية إلى أطروحة المجلس الإسلاميِّ العربيِّ في لبنان على أنها أطروحة سياسية ـ فکرية ـ إجتماعية متکاملة الجوانب والابعاد وانها تؤسس لتيار ونهج إسلامي ـ عروبي يأخذ الاولويات الاساسية للأمة العربية کأساس ومرتکز لعمله الفکري والحرکي، وظل هؤلاء ينظرون من خلال نوافذ وشرفات تيارات واتجاهات سياسية تخالف نهجنا الاسلامي ـ العروبي الوسطي ـ المعتدل في تعامله وتناوله لمختلف الامور وهو ماشکل غشاوة وبقعة داکنة أمام الاعين لکي تبصر بجلاء ووضوح کنه ووحقيقة المجلس الإسلاميِّ العربيِّ بعيدا عن تصورات وإعتبارات محددة سلفا.
ولم يکن عملنا في واقع يشهد قوة خصومنا السياسيين على الساحة اللبنانية وسوح عربية أخرى وتتباين فيه الرؤى السياسية فيها أيضا بحقنا، بذلك العمل السهل والبعيد عن المشاکل والازمات والتعقيدات، خصوصا عندما أکدنا وبقوة على الاولويات الاساسية للأمة العربية والتي غمرنا العديد بسبب منها اننا نسلك نفس ذلك النهج والطريق الذي سلکته العديد من التيارات القومية العروبية خلال العقود المنصرمة ولم تحقق أية مکاسب واقعية على الارض للجماهير سوى المزيد من تعقيد الاوضاع، متناسين بأن تلك التيارات کانت تعتمد على أفکار ومبادئ براقة في شکلها الظاهري لکنها وللأسف کانت تفتقد الى محتوى ومضمون متجذر في رحم الواقع الذاتي والموضوعي وکانت تعتمد على لغة دغدغة العواطف والاحاسيس الجماهيرية من دون مخاطبة العقل العام. وهنا لابد من أن نشير الى أن الموقف غير الواضح والضبابي لتلك التيارات العروبية من الاسلام، کان هو أيضا عاملا مساعدا على إبتعادها أکثر فأکثر من جوهر حل القضية حيث ان الشکل القومي کما هو الاطار الخارجي الحقيقي للشخصية العربية فإن المحتوى الاسلامي هو صلبها وعمقها الفکري ـ الاجتماعي، وان ترك أي جانب من أجل الجانب الآخر أو ان يغبن حقه، فإن الحل سيکون ناقصا وغير مفيدا وبعيدا جدا عن الواقع، وبناءا على ذلك، أکدنا ومن دون مواربة أو لف أو دوران على هذين البعدين وضرورة تجانسهما وإدافتهما مع بعضهما البعض وان إهمال البعد الاسلامي أو إستخدامه کمجرد برقع لتمرير أهداف ومشاريع سياسية محددة سيدفع الى سلب الشخصية العربية من محتواها الذي کانت ولاتزال هويتها الاساسية التي عرفها العالم کله من خلالها وتطرح في نهاية الامر شخصية تميل الى عنجهية وغطرسة متعالية محاکية للتي رأيناها في الشخصية القومية الالمانية والايطالية واليابانية ابان الحرب العالمية الثانية تحديدا، کما ان إهمال البعد القومي في نفس الوقت (کما هو الحال مع العديد من الاحزاب والتنظيمات الاسلامية على الساحة العربية)، سيقود الى حالة من الضياع والاغتراب والضبابية للشخصية العربية وتجعلها مجرد محتوى من دون شکل مطلوب لکي يضم ذلك المحتوى بين جانبيه، لأجل هذا، شددنا على هذين البعدين وضرورة توحدهما ضمن إطار سياسي ـ فکري واضح المعالم والاهداف وقد تلقى خصومنا ومناوئينا نهجنا هذا بمنتهى الجدية وصمموا على أن يعملوا کل مابوسعهم من أجل تحديدنا وحصرنا ضمن زاوية حرجة وهو عمل قد بدأ من أعلى المستويات وترجم من خلال عدة قنوات وأصعدة لکننا ولإيماننا بحتمية إنتصار أفکارنا ومعتقداتنا فإننا صممنا على الاستمرار في عملية المواجهة وضرورة أن نثبت للعالم کله أن رهان هؤلاء هو رهان خاسر وان الغد والمستقبل سيکون بعون الله سبحانه وتعالى و نصره لنا.
*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.
alsayedalhusseini@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق