د. عدنان بكرية
يأبى أبو عمار إلا أن يفجر قضية مقتله من جديد وهو الذي عودنا على عدم التسامح والصمت على الجرائم التي ارتكبت ضد أبناء شعبنا .. كيف لا يلاحق قاتليه حتى بعد مماته ؟! وكيف يمكن الصمت على دم أبو عمار صانع الثورة الفلسطينية وحامل شعلتها وحامي نارها ؟
بعد أربعة أعوام على اغتيال الرجل بالسم وإقفال ملفه وتسجيله ضد مجهول تتفجر قضية اغتياله من جديد على يد فاروق القدومي احد رفاق أبو عمار ومؤسسي حركة فتح وم ت ف .. كثيرة هي الأسئلة التي تطرح في هذا السياق وبدلا من التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة يجب فحص ملف اغتيال عرفات من جديد ووضع النقاط على الحروف .. وعليه لا بد لنا من طرح بعض النقاط المفصلية في قضية الاغتيال ربما تشكل مدخلا لتحقيق نزيه يكشف عن الجاني أو الجناة الحقيقيين.
أولا – مما لا شك فيه أن عرفات اغتيل بالسم وكل الاحتمالات تشير إلى ان المخابرات الاسرائيلية قامت بتسميمه عن طريق دس السم بالدواء أو بمعجون الأسنان لكن السؤال المطروح ..كيف استطاعت المخابرات الإسرائيلية الوصول إلى دوائه وأغراضه الشخصية داخل المقاطعة المحاصرة والتي لا يدخلها إلا المقربين جدا منه ؟وهذا الأمر يؤكد الرواية بأن هناك أطراف مقربة جدا شاركت في ترتيب الأمر وتنفيذه .
بسام أبو شريف المستشار الشخصي لعرفات يقول بان سيارة نقل فلسطينية خاصة كانت تنقل الحاجيات لعرفات وكان سائقها فلسطيني وكانت تعبر حاجزين وعند الحاجز الثالث يتم تفتيشها من قبل الإسرائيليين ويبدو انه تم تغيير الدواء عند الحاجز الثالث !والسؤال كيف يمكن تغيير الأغراض الشخصية دون أن ينتبه الحراس الفلسطينيين ؟
ثانيا – طبيب أبو عمار الشخصي (اشرف الكردي) أكد أن القيادة الفلسطينية عارضت تشريح جثة أبو عمار واخفت التقارير الطبية التابعة له الأمر الذي أضاع سير التحقيق والبحث وأسدل الستار على حقيقة اغتياله والاهم من هذا كله عدم تشكيل لجنة تحقيق رغم مطالبة الشارع الفلسطيني بذالك ... ترى من يقف وراء تمييع التحقيق ومنعه ؟!والكردي أبدى استغرابه واستهجانه لعدم إبلاغه بمرض أبو عمار وهو الذي كان يستدعى على الفور من قبل مكتب أبو عمار !ويضيف "ما زلت متعجبا من عدم إبلاغي بمرض الرئيس الفلسطيني إلا في الأسبوع الثالث، وهو ما لم يحدث من قبل قط. كما أنني مندهش لأن أحدا لم يسألني بعد سفره عن حالته وخلفيته الصحية، وأنا طبيبه الذي لازمته خلال 25 عاما. ولم أجد تفسيرا مقنعا لاستبعادي من الفريق المعالج له".
ثالثا – مما لا شك فيه ان هناك أطراف كثيرة كانت معنية بتغييب أبو عمار وفي مقدمتها اسرائيل وبعض خصومه من الفلسطينيين فكل القراءات السياسية آنذاك كانت تشير إلى استفحال الخلافات داخل البيت الفلسطيني وبالتحديد الفتحاوي !ومما لا شك فيه انه من الصعب جدا على اسرائيل الوصول إليه دون الاعتماد على طرف آخر خاصة وان عرفات معروف جدا بحدسه وحسه وحرصه الأمني وهو الذي نجا من محاولات اغتيال متكررة ومتعددة .
رابعا – وعودة إلى اتهامات فاروق القدومي لأبي مازن ومحمد دحلان ورغم خطورتها إلا أنها تفتح الآفاق للتفكير الجدي والبحث عن قتلة ياسر عرفات وهنا لا بد لنا أن نشير إلى أن اتهامات القدومي تبقى منقوصة ما لم تدعم بأدلة قاطعة لأن الأمر اخطر من مجرد اتهامات تخرج وعليه فان القدومي مطالب بتدعيم اتهاماته بأدلة واضحة وقاطعة إذا كان يمتلكها كما يقول .. لان عدم كشف باقي البينات من شأنه أن ينعكس سلبا على القدومي نفسه !وثمة سؤال لا بد من طرحه ..لماذا صمت أبو اللطف أربع سنوات على الأمر؟!
خامسا – الأمر المحير جدا ... ان القدومي والمعروف بتاريخه النضالي وبصدقيته وبأنه ماكنة السياسة الفلسطينية لا يمكنه توجيه مثل هذه الاتهامات الخطيرة دون ان يكون واثقا مما يقول ودون الاستناد الى حقائق دامغة !خاصة وانه يعرف كيف ستنعكس هذه الاتهامات على الشعب الفلسطيني وحركة فتح بالتحديد والذي يعتبر احد رموزها التاريخيين والبارزين .
ويجب اخذ اتهاماته على محمل الجد حتى لو كان البعض غير مقتنع بروايته !فلا يمكن أن تخرج هذه التصريحات من فراغ لان القدومي يعرف تماما بان هذه الاتهامات ستؤدي إلى انهيار حركة فتح .. وكذالك لا يمكن أن تأتي هذه التصريحات من باب تصفية الحساب مع أبي مازن فالتلاعب بدم أبي عمار أمر غاية في الخطورة.
أمام هذه الحيثيات لا بد من فتح تحقيق شامل لكشف من يقف وراء اغتيال ياسر عرفات حتى لو كانوا المتهمين أبو مازن ودحلان فلا احد فوق القانون ... وانهي المقال بما كتبه المفكر فهمي هويدي :
أن الصراع في الساحة الفلسطينية، الذي استدعى قتل عرفات، لم يكن في جوهره بين زعامات بقدر ما إنه كان ولا يزال بين مواقف سياسية بعضها مع الخطوط الحمراء والثوابت والبعض الآخر في المربع المعاكس. وقد سبقت الإشارة إلى أن الخلاص من عرفات أريد به إزاحة العقبة التي وقفت في طريق التسوية التي كان التفريط في الثوابت من شروطها.
بالتالي فلا ينبغي أن يصرفنا التحقيق في مقتل أبو عمار الرمز عن تسليط الضوء على انعكاسات ذلك على الموقف والمنهج، باعتبار أن المطلوب لم يكن رأس الرجل فقط وإنما رأس القضية ذاتها.
الملاحظة الثانية المهمة أن التواطؤ على قتل عرفات للخلاص من الموقف الذي يجسده لا يختلف كثيرا عما يسمى الآن بالتنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية في رام الله وبين السلطة الإسرائيلية. ذلك أنني لا أرى فرقا كبيرا -إلا في الدرجة- بين أن يكون هناك تفاهم بين عناصر فلسطينية وإسرائيلية على التخلص من أبو عمار وبين أن يتم ذلك التفاهم بين رجال أمن فلسطينيين ونظراء إسرائيليين لهم، لملاحقة عناصر المقاومة وتصفيتها، وهو ما يدعونا للاعتراف بأن التواطؤ لم يتوقف، وإنما استمر تحت مسميات أخرى.
يأبى أبو عمار إلا أن يفجر قضية مقتله من جديد وهو الذي عودنا على عدم التسامح والصمت على الجرائم التي ارتكبت ضد أبناء شعبنا .. كيف لا يلاحق قاتليه حتى بعد مماته ؟! وكيف يمكن الصمت على دم أبو عمار صانع الثورة الفلسطينية وحامل شعلتها وحامي نارها ؟
بعد أربعة أعوام على اغتيال الرجل بالسم وإقفال ملفه وتسجيله ضد مجهول تتفجر قضية اغتياله من جديد على يد فاروق القدومي احد رفاق أبو عمار ومؤسسي حركة فتح وم ت ف .. كثيرة هي الأسئلة التي تطرح في هذا السياق وبدلا من التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة يجب فحص ملف اغتيال عرفات من جديد ووضع النقاط على الحروف .. وعليه لا بد لنا من طرح بعض النقاط المفصلية في قضية الاغتيال ربما تشكل مدخلا لتحقيق نزيه يكشف عن الجاني أو الجناة الحقيقيين.
أولا – مما لا شك فيه أن عرفات اغتيل بالسم وكل الاحتمالات تشير إلى ان المخابرات الاسرائيلية قامت بتسميمه عن طريق دس السم بالدواء أو بمعجون الأسنان لكن السؤال المطروح ..كيف استطاعت المخابرات الإسرائيلية الوصول إلى دوائه وأغراضه الشخصية داخل المقاطعة المحاصرة والتي لا يدخلها إلا المقربين جدا منه ؟وهذا الأمر يؤكد الرواية بأن هناك أطراف مقربة جدا شاركت في ترتيب الأمر وتنفيذه .
بسام أبو شريف المستشار الشخصي لعرفات يقول بان سيارة نقل فلسطينية خاصة كانت تنقل الحاجيات لعرفات وكان سائقها فلسطيني وكانت تعبر حاجزين وعند الحاجز الثالث يتم تفتيشها من قبل الإسرائيليين ويبدو انه تم تغيير الدواء عند الحاجز الثالث !والسؤال كيف يمكن تغيير الأغراض الشخصية دون أن ينتبه الحراس الفلسطينيين ؟
ثانيا – طبيب أبو عمار الشخصي (اشرف الكردي) أكد أن القيادة الفلسطينية عارضت تشريح جثة أبو عمار واخفت التقارير الطبية التابعة له الأمر الذي أضاع سير التحقيق والبحث وأسدل الستار على حقيقة اغتياله والاهم من هذا كله عدم تشكيل لجنة تحقيق رغم مطالبة الشارع الفلسطيني بذالك ... ترى من يقف وراء تمييع التحقيق ومنعه ؟!والكردي أبدى استغرابه واستهجانه لعدم إبلاغه بمرض أبو عمار وهو الذي كان يستدعى على الفور من قبل مكتب أبو عمار !ويضيف "ما زلت متعجبا من عدم إبلاغي بمرض الرئيس الفلسطيني إلا في الأسبوع الثالث، وهو ما لم يحدث من قبل قط. كما أنني مندهش لأن أحدا لم يسألني بعد سفره عن حالته وخلفيته الصحية، وأنا طبيبه الذي لازمته خلال 25 عاما. ولم أجد تفسيرا مقنعا لاستبعادي من الفريق المعالج له".
ثالثا – مما لا شك فيه ان هناك أطراف كثيرة كانت معنية بتغييب أبو عمار وفي مقدمتها اسرائيل وبعض خصومه من الفلسطينيين فكل القراءات السياسية آنذاك كانت تشير إلى استفحال الخلافات داخل البيت الفلسطيني وبالتحديد الفتحاوي !ومما لا شك فيه انه من الصعب جدا على اسرائيل الوصول إليه دون الاعتماد على طرف آخر خاصة وان عرفات معروف جدا بحدسه وحسه وحرصه الأمني وهو الذي نجا من محاولات اغتيال متكررة ومتعددة .
رابعا – وعودة إلى اتهامات فاروق القدومي لأبي مازن ومحمد دحلان ورغم خطورتها إلا أنها تفتح الآفاق للتفكير الجدي والبحث عن قتلة ياسر عرفات وهنا لا بد لنا أن نشير إلى أن اتهامات القدومي تبقى منقوصة ما لم تدعم بأدلة قاطعة لأن الأمر اخطر من مجرد اتهامات تخرج وعليه فان القدومي مطالب بتدعيم اتهاماته بأدلة واضحة وقاطعة إذا كان يمتلكها كما يقول .. لان عدم كشف باقي البينات من شأنه أن ينعكس سلبا على القدومي نفسه !وثمة سؤال لا بد من طرحه ..لماذا صمت أبو اللطف أربع سنوات على الأمر؟!
خامسا – الأمر المحير جدا ... ان القدومي والمعروف بتاريخه النضالي وبصدقيته وبأنه ماكنة السياسة الفلسطينية لا يمكنه توجيه مثل هذه الاتهامات الخطيرة دون ان يكون واثقا مما يقول ودون الاستناد الى حقائق دامغة !خاصة وانه يعرف كيف ستنعكس هذه الاتهامات على الشعب الفلسطيني وحركة فتح بالتحديد والذي يعتبر احد رموزها التاريخيين والبارزين .
ويجب اخذ اتهاماته على محمل الجد حتى لو كان البعض غير مقتنع بروايته !فلا يمكن أن تخرج هذه التصريحات من فراغ لان القدومي يعرف تماما بان هذه الاتهامات ستؤدي إلى انهيار حركة فتح .. وكذالك لا يمكن أن تأتي هذه التصريحات من باب تصفية الحساب مع أبي مازن فالتلاعب بدم أبي عمار أمر غاية في الخطورة.
أمام هذه الحيثيات لا بد من فتح تحقيق شامل لكشف من يقف وراء اغتيال ياسر عرفات حتى لو كانوا المتهمين أبو مازن ودحلان فلا احد فوق القانون ... وانهي المقال بما كتبه المفكر فهمي هويدي :
أن الصراع في الساحة الفلسطينية، الذي استدعى قتل عرفات، لم يكن في جوهره بين زعامات بقدر ما إنه كان ولا يزال بين مواقف سياسية بعضها مع الخطوط الحمراء والثوابت والبعض الآخر في المربع المعاكس. وقد سبقت الإشارة إلى أن الخلاص من عرفات أريد به إزاحة العقبة التي وقفت في طريق التسوية التي كان التفريط في الثوابت من شروطها.
بالتالي فلا ينبغي أن يصرفنا التحقيق في مقتل أبو عمار الرمز عن تسليط الضوء على انعكاسات ذلك على الموقف والمنهج، باعتبار أن المطلوب لم يكن رأس الرجل فقط وإنما رأس القضية ذاتها.
الملاحظة الثانية المهمة أن التواطؤ على قتل عرفات للخلاص من الموقف الذي يجسده لا يختلف كثيرا عما يسمى الآن بالتنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية في رام الله وبين السلطة الإسرائيلية. ذلك أنني لا أرى فرقا كبيرا -إلا في الدرجة- بين أن يكون هناك تفاهم بين عناصر فلسطينية وإسرائيلية على التخلص من أبو عمار وبين أن يتم ذلك التفاهم بين رجال أمن فلسطينيين ونظراء إسرائيليين لهم، لملاحقة عناصر المقاومة وتصفيتها، وهو ما يدعونا للاعتراف بأن التواطؤ لم يتوقف، وإنما استمر تحت مسميات أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق