نقولا ناصر
ان الثغرات التي فتحتها متفجرات وبلدوزرات فلسطينية في السياج الحدودي بين قطاع غزة وبين مصر كانت منافذ هروب مؤقتة من الحصار المحكم الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة ، فيما وصفته احدى وسائل الاعلام بانه "أكبر عملية هروب من السجن في التاريخ" ، ويمكنها ان تتحول الى مخارج دائمة من هذا الحصار اذا امكن تحويلها الى قنوات تواصل للحوار الوطني الفلسطيني ، كما اقترحت حماس ومصر فعلا ، او ان تتحول الى فجوات جديدة توسع هوة الانقسام الفلسطيني كما يتضح من اصرار الرئاسة الفلسطينية على العودة الى قطاع غزة عبر نافذة معبر رفح التي فتحتها حماس لكن من خلال القناة الاسرائيلية لا من خلال الشراكة الوطنية مع حماس .
وموقف الرئاسة الفلسطينية هذا يرتهن امكانية فتح معبر رفح للتنسيق الامني بين الرئاسة وبين دولة الاحتلال ليعود فتحه كما كان قبل اغلاقه في حزيران / يونيو الماضي بوابة من بوابات الحصار المفروض على قطاع غزة بدلا من امكانية واقعية تلوح الان لفتحه بشكل منظم ودائم كثغرة دائمة في الحصار ، مما يحول عمليا دون اعادة فتحه في اطار الشراكة الوطنية مع حماس والتفاهم الفلسطيني مع مصر .
وقد تاكد موقف الرئاسة الفلسطينية هذا في الاجتماع الذي عقده الرئيس محمود عباس مع رئيس وزراء دولة الاحتلال ايهود اولمرت يوم الاحد (27 من الشهر الجاري) وقد اعلن عباس انه سيكرر ما طلبه من اولمرت باعادة فتع المعبر على اساس اتفاق عام 2005 لفتحه اثناء اجتماعه المقرر مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة يوم الاربعاء . ان مسارعة حماس لرفض ذلك تعني فقط ان المعبر سوف يبقى من الناحية القانونية والسياسية مغلقا وان الحصار على القطاع سوف يتواصل وان قرار فتح المعبر عمليا سوف يظل قرارا تفرضه ارادة الجماهير الفلسطينية المحاصرة كلما اقتضت الحاجة كما حدث في موسم الحج الماضي وحدث يوم الاربعاء الماضي .
والتنسيق الامني الفلسطيني مع الاحتلال كان مجرد قضية واحدة من القضايا التي تفجرت مع تفجير السياج الحدودي بين قطاع غزة وبين مصر .
ان الغضب الشعبي المشروع بكل المقاييس الذي هدم الحدود المصرية الفلسطينية في رفح يوم الاربعاء الماضي اتاح متنفسا انسانيا مؤقتا لتلبية احتياجات انسانية اساسية لكن الجريمة ضد الانسانية الناجمة عن العقوبة الجماعية التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة ما زالت مستمرة وتنذر بالتفاقم ، غير ان هذا الغضب قد خلق فرصة لاعادة نظر ، خصوصا فلسطينية واسرائيلية ومصرية واميركية ، في كثير من المواقف والسياسات السابقة التي قادت الى الوضع الراهن ، ومن المحبط ان جميع الاطراف المسؤولة عن ايصال الوضع الى ما آل اليه لم تتعظ وتسعى الى اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه بالرغم من المتغيرات التي اثارت قضايا استراتيجية في غاية الاهمية والخطورة .
لقد اعترفت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الاسبوع الماضي بالحاجة الى "البدء في محاولة التفكير بشكل خلاق في كيفية التعامل مع الوضع في غزة" لكن مواقف ادارتها ووزارتها لا تشير الى أي اعتراف بان "من الصعب الافتراض انه من الممكن اعادة الوضع الى سابق عهده" كما ان "البيانات المتناقضة لوزارتي الخارجية الاسرائيلية والمصرية تشير الى ان الجانبين يشعران انه طرا تغيير جوهري ، وربما استراتيجي ، في قطاع غزة ، ويطالبان باعادة العجلة الى الوراء ، وثمة شك في ان هذه الامكانية ما زالت قائمة" حسب صحيفة هآرتس الاسرائيلية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري .
لقد فاجا الاجتياح الشعبي الذي هدم الحدود في رفح ، جارفا معه كل الترتيبات والاوضاع القانونية والسياسية التي كانت قائمة ، كل الاطراف المعنية ومخططيها الاستراتيجيين ومحلليها السياسيين ، ربما باسثناء حركة المقاومة الاسلامية "حماس" التي كانت مستهدفة بتلك الترتيبات التي يمكن تلخيصها باحكام الحصار الاسرائيلي على القطاع وفرض العقوبة الجماعية على مليون ونصف المليون انسان فيه وتحويله الى اكبر معسكر اعتقال في العالم شبيه بمعسكرات الاعتقال النازية والى ميدان طوله خمسة وعشرين ميلا وعرضه سته اميال للصيد البشري والاغتيالات خارج اطار القانون لطائرات اف-16 ودبابات الميركافا وقوات الاقتحام الخاصة الاسرائيلية ، مما اودى بحياة اكثر من مائة واربعين فلسطينيا كثير منهم اطفال ونساء وشيوخ مدنيين من غير المقاومين للاحتلال منذ انعقد مؤتمر انابوليس في 27 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ، بذريعة اطلاق مقذوفات بدائية من صنع محلي يدافع بها الفلسطينيون عن انفسهم ويسميها الاحتلال وحلفاؤه الاميركان ، ومعهم للاسف معظم وسائل الاعلام الفلسطينية والعربية ، "صواريخ" وللمفارقة المضحكة المبكية معا ان هذه "الصواريخ" لم تقتل اسرائيليا واحدا ولم تدمر منشاة اسرائيلية واحدة بالرغم من تاثيرها النفسي وبعض الجراح الطفيفة الناجمة عنها .
وكانت المعارضة اللفظية غير المقترنة باي احتجاج سياسي او دبلوماسي عملي للقيادة الفلسطينية في رام الله والموقف المماثل في جوهره للاجماع العربي الذي شارك في انابوليس ومطالبة تلك القيادة وكثير من الدبلوماسيين العرب بوقف اطلاق تلك المقذوفات بمثابة ضوء اخضر يعزز التذرع الاسرائيلي والاميركي بها لفرض العقوبة الجماعية على غزة ومسوغا لرد الفعل الاسرائيلي المفرط في استخدام القوة افراطا لا يتناسب معها ومع نتائج اطلاقها ، ومسوغا كذلك للحماية التي توفرها واشنطن لاسرائيل كي تواصل بحصانة اميركية كاملة الجريمة ضد الانسانية التي ترتكبها في القطاع المحاصر حد ان يتجرا رئيس دولة الاحتلال شمعون بيريس في دافوس ورئيس وزرائها ايهود اولمرت في مؤتمر هرتسليا على الاعلان عن مواصلة هذه السياسة دون أي رادع .
لقد اثبت الاجتياح الشعبي الغاضب لمعبر رفح فشل هذه السياسة واثبت خطاها وخلق على الارض وضعا جديدا تحاول جميع الاطراف المشاركة في صنع هذه السياسة الان تجاهله وكانه لم يكن للعودة الى الوضع السابق بالرغم من المتغيرات ذات الابعاد الاستراتيجية التي خلقها والحقائق الهامة التي سلط الاضواء عليها .
وياتي في مقدمة القضايا الاستراتيجية التي اثارتها هذه المتغيرات ضرورة اعادة النظر في معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية . واذا كانت اعادة النظر المثلى من وجهة نظر شعبية هي الغاؤها فان ضرورة تعديلها هو ما كشفته احداث الاسبوع الماضي . فطبقا لهذه المعاهدة عادت السيادة على شبه جزيرة سيناء الى مصر غير ان هذه السيادة منقوصة ويكفي هنا لاثبات ذلك الاشارة الى ما اشار اليه محمد حسنين هيكل يوم الخميس الماضي على شاشة قناة الجزيرة الفضائية عن التزام مصر بموجبها بعدم نشر ما يزيد على (750) جنديا على حدودها المشتركة مع فلسطين واسرائيل .
قالت هآرتس في عددها المشار اليه سابقا: "كان الاحتمال ضئيلا أن يتمكن عدة مئات من أفراد الشرطة المصرية منع الآلاف من الدخول، حتى لو أراد المصريون حماية الحدود بالقوة كما فعلوا في يوم سابق" . وظهر واضحا خلال الاسبوع الماضي ان تل ابيب تستغل معاهدتها مع مصر لمطالبتها بضبط حدودها مع القطاع لكنها ترفض المطالبة المصرية بتعديل المعاهدة تعديلا يسمح للقاهرة بدفع قوات تزيد على ال (750) جنديا المنصوص عليهم في المعاهدة الى حدودها لكي تتمكن من الاستجابة للطلب الاسرائيلي . وقال خبراء عسكريون غربيون لموقع "ديبكا" الاستخباراتي الاسرائيلي ان ضبط الحدود يتطلب نشر ثلاثين الف جندي مصري في منطقتي العريش ورفح مع توفير دعم لهم جوي وبحري ووحدات مصفحة مما يعتبر ان وقع انتهاكا للمعاهدة .
ثم ثانيا سلطت احداث الاسبوع الماضي الاضواء على القوة الدولية متعددة الجنسيات التي تراقب ، طبقا للمعاهدة ، تجريد سيناء من السلاح حيث يرابط (400) رجل من هذه القوة في قاعدة لهم في "الجورة" شمال شرق العريش . وقد ذكر موقع ديبكا ، المتخصص كما يبدو في الحرب النفسية ، ان هذه القوة مع معداتها اخلت قاعدتها صباح الخميس الماضي بعد اجتياح معبر رفح الحدودي .
ان السيادة المصرية المنقوصة في سيناء تصبح ذات علاقة لجدل وطني مصري وكذلك فلسطيني وينبغي ان تتحول الى موضوع جدل قومي عربي بسبب علاقتها الوثيقة بقضية استراتيجية خطيرة اثارتها احداث الاسبوع الماضي على الحدود المصرية الفلسطينية .
فقد علق نائب وزير "دفاع" دولة الاحتلال ، ماتان فيلنائي ، على تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك يوم الخميس الماضي بأن مصر لن تسمح بتجويع الفلسطينيين في قطاع غزة ولن تسمح بنشوء كارثة انسانية على حدودها هناك بقوله: "عندما تنفتح غزة على الجانب الآخر لا تعود لنا أي مسؤولية عنها . لذلك نريد ان نقطع صلتنا بها ويجب على مصر ان تتحمل مسؤولية غزة" .
ان قطع أي صلة بالاحتلال ورحيله عن أي جزء من التراب الوطني هو هدف النضال الفلسطيني والعربي غير ان ما يسعى فيلنائي اليه هو ما استهدفه قبله رئيس وزراء الاحتلال السابق ارييل شارون عندما اضطر تحت ضغط المقاومة الى اعادة نشر قوات الاحتلال من داخل القطاع الى مواقع على حدود القطاع لحصاره من الخارج بينما نقل مركز ثقله العسكري والاستيطاني الى الضفة الغربية آملا ان يقود ذلك الى سلخ القطاع عن الضفة ثم تقاسم الضفة وفق ترتيبات مؤقتة طويلة الامد مع قيادة فلسطينية ، او عربية ، تقبل بذلك .
وفي هذا السياق فقط يمكن فهم التهديد الاسرائيلي بنقل مسؤولية القطاع الى مصر ، تهديدا يخير القاهرة بين تحمل هذه المسؤولية وبين ان تكون في الاقل متواطئة ان لم تكن شريكة لدولة الاحتلال في حصار القطاع وتجويعه وفرض عقوبة جماعية عليه تعتبر حسب القانون الدولي جريمة ضد الانسانية .
وقد رفضت مصر كلا الخيارين ، مخاطرة بأزمة مصرية – اسرائيلية انعكست ازمة مصرية – اميركية اثرت في المعونات التي تقدمها واشنطن للقاهرة بموجب ضماناتها لمعاهدة السلام بين مصر وبين دولة الاحتلال الاسرائيلي . وكشفت تصريحات دبلوماسيين ومشرعين مصريين وعيا مصريا تاما بالمخاطر الاستراتيجية المترتبة على التهديد الاسرائيلي سواء المخاطر الكامنة في نقل مسؤوليات الاحتلال عن القطاع الى مصر او الكامنة في استمرار الحصار المفروض على القطاع واحتمال ان يقود الى هجرة فلسطينية جديدة تستوطن سيناء وهو خطر حذر منه هيكل ايضا يوم الخميس الماضي .
وهذه المخاطر على مصر هي اكثر خطرا على القضية الفلسطينية وقياداتها المتناحرة . فالتهديد الاسرائيلي بتوريط مصر في سلخ القطاع عن الضفة الغربية هو تهديد استراتيجي يهدد "المشروع الوطني" للرئاسة الفلسطينية ويهدد الوحدة الوطنية الاقليمية للدولة الفلسطينية التي يسعى اليها هذا المشروع ويعمق الانقسام الوطني ويغلق باب فرج من الحصار فتحته الجماهير ب"اقدامها" بعد ان عجزت "الرؤوس" عن فتح مثيل له .
فاذا لم تكن كل هذه اسباب كافية لادراك ان المصالح الوطنية الفلسطينية العليا في خطر وان الشراكة الوطنية هي ضرورة حيوية لحماية هذه المصالح وانها تقتضي اعادة النظر في الاجندات الفصائلية للتعامل مع قضايا هي في سياقها وفي مضمونها وفي تفاصيلها قضايا وطنية فان هناك الف سؤال وسؤال حول الادعاءات الذاتية لتسويغ استمرار الجميع في التنطع لقيادة شعب فضل حل مشاكله باقدامه بعد عجزت قياداته عن حلها .
وهذا يقود للحديث عن قضية هامة اخرى اثارتها متغيرات الاسبوع الماضي وهي التريبات الخاصة بفتح معبر رفح كنافذة وحيدة لقطاع غزة على العالم الخارجي في ضوء الاصرار الاسرائيلي على مواصلة حصار القطاع . لقد سوغ الدبلوماسيون المصريون رفضهم للمطالبات الفلسطينية المتكررة بفتح معبر رفح من جانب واحد منذ اغلقت قوات الاحتلال معابر القطاع الاخرى بشكل كامل اواسط حزيران / يونيو الماضي بالتزام مصر بالاتفاق الفلسطيني الاسرائيلي المصري الاوروبي الاميركي على فتح المعبر بعد اعادة انتشار قوات الاحتلال من القطاع عام 2005 ، كما سوغوا رفضهم بالتزام الرئاسة الفلسطينية بهذا الاتفاق وبمطالبتها المتكررة للعودة الى تحمل المسؤولية عن معبر رفح على اساسه .
وهنا لا بد من التذكير بان ذلك الاتفاق فاوض عليه عن الجانب الفلسطيني السيد محمد دحلان بصفته الامنية دون ان تطلع على تفاصيله او تفاصيل عملية التفاوض حكومة السلطة الفلسطينية الا بعد ابرامه ودون ان تعرض تفاصيله على مجلسها التشريعي ، ليتكشف فيما بعد انه ابقى السيطرة الامنية للاحتلال لكن بالريموت كونترول "عن بعد" وانه اتفاق مؤقت يتجدد سنويا وكان قد تم تجديد العمل به لمدة ستة اشهر قبل انسحاب المراقبين الاوروبيين في حزيران / يونيو الماضي . وهذا هو الاتفاق الذي تطالب الرئاسة الفلسطينية بالعودة الى ادارة المعبر على اساسه وهو الاتفاق الذي سحقته جماهير القطاع باقدامها .
لقد اقترح رئيس حكومة تسيير الاعمال في غزة السيد اسماعيل هنية يوم الخميس الماضي اجتماعا يضمه والرئيسين محمود عباس وحسني مبارك في القاهرة للاتفاق على ترتيبات جديدة لفتح المعبر تستند الى الواقع الذي تمخض عن الاحداث التي وقعت منذ موسم الحج الماضي ، ترتيبات تقترح حماس توفير عنصرين فيها اولهما خلوها من أي دور للاحتلال وثانيهما الشراكة الوطنية دون الغاء دور المراقبين الاوروبيين .
ولم يصدر عن القاهرة حتى الان ما يشير الى معارضتها للاقتراح ، لا بل انها افصحت اكثر من مرة على السنة دبلوماسييها بانها تشترط الاتفاق الوطني الفلسطيني على فتح المعبر وتوافق على ما يتفق الاجماع الفلسطيني عليه . وقد عبر الرئيس مبارك يوم الخميس صراحة ودون مواربة عن ضيق مصر بالانقسام الفلسطيني عندما ناشد كل الفصائل الفلسطينية عدم الزج ببلاده في خلافاتها ، مما يزيد في صعوبة ادارة ازمتها مع دولة الاحتلال الاسرائيلي حول المعبر .
لكن لم يصدر حتى كتابة هذا المقال عن الرئاسة الفلسطينية ما يشير الى موافقتها على اقتراح السيد هنية او في الاقل موافقتها على الاجتماع الثلاثي المقترح لبحث الترتيبات المقترحة بينما استمرت في تكرار استعدادها لادارة المعبر دون ان توضح أي استعداد مماثل لاعادة النظر في الترتيبات السابقة لفتحه ، في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس عباس لعقد لقاء جديد له مع رئيس وزراء حكومة الاحتلال ايهود اولمرت ،امس الاحد ، ضمن اجتماعاتهما الدورية التي زادت على ثمانية منذ ايار / مايو الماضي وهذه المرة لبحث "ازمة غزة" اضافة الى ازمة المفاوضات !
وتبقى قضية هامة لا يمكن الحديث عن القضايا الاستراتيجية التي اثارتها احداث الاسبوع الماضي دون التطرق اليها وهي الرهان الفلسطيني ورهان الاجماع العربي على الولايات المتحدة للتوسط المحايد والنزيه في "حل عادل وشامل" للصراع العربي – الفلسطيني مع اسرائيل . فعندما يضطر حلفاء لواشنطن مثل مصر ومراهنون عليها مثل القيادة الفلسطينية في رام الله الى انتقادها علنا لموقفها المتواطئ مع الجريمة الاسرائيلية ضد الانسانية في قطاع غزة يكون الوقت قد حان فعلا لاعادة النظر في التحالف معها وفي الرهان عليها .
فمنذ الثلاثاء الماضي وواشنطن تعطل اصدار "بيان رئاسي" غير ملزم ، لا "قرار" ، من مجلس الامن الدولي يدعو اسرائيل لرفع الحصار عن القطاع وفتح معابره ووقف العقوبات الجماعية التي تفرضها عليه بالرغم من موافقة ال (14) عضوا الآخرين على أربع مسودات صاغ آخرها الاوروبيون لتشمل الاشارة الى "الصواريخ" الفلسطينية . ويذكر هذا الموقف الاميركي بموقف واشنطن الذي حال دون التدخل الدولي لوقف الحرب العدوانية الاسرائيلية الاخيرة على لبنان لمنح اسرائيل الوقت اللازم لتحقيق اهدافها من تلك الحرب .
ان تهديد المجموعة العربية في الامم المتحدة بالاستغناء عن اصدار "البيان الرئاسي" الذي يتطلب "اجماع" الاعضاء الخمسة عشر عليه باقتراح "مشروع قرار" بدلا منه يحرج الولايات المتحدة باضطرارها الى استخدام حق النقض "الفيتو" ضده هو تهديد اجوف لانه لا يوجد أي سبب يجعل واشنطن تخجل من نقضه وهي التي "نقضت" اصدار عشرات القرارات الدولية السابقة لحماية استمرار الاحتلال الاسرائيلي .
*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق