عطا مناع
تشهد الساحة الفلسطينية رواجا في الخطاب الإعلامي ألتصعيدي الذي يلقى استحسانا في الدوائر المعادية للشعب الفلسطيني، هذا الخطاب الذي يعبر عن حالة انفلاش وانقلاب واضح على القيم الوطنية التي رسختها فصائل العمل الوطني وحافظت على شعرة معاوية لما فيه مصلحة الكل الوطني وبالتالي انطلاقا من مقولة عدم نشر الغسيل الوسخ على الحبل، لكن بعض المستوزرين والذين يبحثون عن موقع أداروا الظهر وبإصرار مشبوه للقاعدة المتفق عليها وطنيا والتي حافظت على شعار الوحدة الوطنية خط احمر يجب عدم تجاوزه، هذا الكلام سقط أو اسقط من خطاب شريحة عرفت بتبعيتها المطلقة لأجندة أخذت على عاتقها استنساخ أشخاص ودعمهم وإيصالهم إلى مراكز القرار الفلسطيني لينجزوا ما عجزت عنة آلة الدمار الإسرائيلية المدعومة بالدبلوماسية الأمريكية .
هؤلاء لم يدركوا مقدرة الشعب الفلسطيني على الفصل بين الغث والسمين ومضوا في بث سمومهم التيئيسية لشعبنا والتنظير للمرحلة الأمريكية ومحاولة إقناع الشعب أن مقاومته عبثية وتضحياته لا مبرر لها وان سبب ما نحن فيه من صنع أيدينا، لأنة لا يفترض أن نناهض الاحتلال ونغض النظر عدم سلب أرضنا وتهويد قدسنا والتنكيل بأسرانا وتحويل أجساد إخوتنا في قطاع غزة المحاصر إلى أكوام من اللحم المحترق، وكال ذلك من اجل" أبو عنين خضر" الدولار الذي أعماهم وجردهم من فلسطينيتهم ليرتموا في حضن الذي سيمتصهم الليمونة ويلقي بهم معرين أمام شعبهم ولكن بعد استكمال دورهم.
أنا هنا لا أتحدث عن العقائديين الذين أكلوا التفاحة وانغمسوا في الرذيلة الإعلامية والسياسية وانحرفوا بخطابهم القابل للتصويب، أتحدث عن الذين ركبوا موجة العمل الوطني الفلسطيني وترجلوا أو طردوا مع أول منعطف بهد انكشاف أهدافهم وسقوط ورقة التوت التي اخفت التبعية والعدائية والبحث عن المصالح لدرجة الانحطاط ، غير مدركين أنهم يستطيعوا أن يكذبوا على بعض الناس بعض الوقت،أو يكذبوا على كل الناس بعض الوقت، لكنهم لم يدركوا استحالة الكذب على كل الناس كل الوقت، ورغم ذلك لا زالوا يكابروا ويحاولوا إقناعنا أن الشعب بخير، وأنهم لا ينامون الليل من اجل راحتنا بوضع الخطط الأمنية وتخليصنا من " أعدائنا الجدد في قطاع غزة"، هذا القطاع الذي يسطر الصمود بأرقى اشكالة ليشرفنا بالانضمام إلى قائمة الشعوب التي واجهت الاحتلال بإمكانيات ضعيفة مسلحة بقناعتها الحتمية التي لا يدخل الشك إليها بان الشعوب لا تهزم بالطائرات والمجنزران والمجازر، لكنها تهزم من الداخل.
لقد شرع الخلاف الفلسطيني الباب لدخول هؤلاء، الين فرضوا علينا من قبل الأمريكان والاسرائليين ، وبوقفة سريعة أمام تصريحاتهم العدائية وتضليلهم الإعلامي نستطيع أن ندرك كفلسطينيين خطورة الورطة التي وقعنا فيها جراء الهروب من الاستحقاقات الوطنية التي تفرض على الكل الفلسطيني الانخراط في جبهة وطنية صلبة ومتماسكة تضع تعمل على تحقيق الأهداف الوطنية بطرح البرنامج السياسي المعبر عن طموحات الشعب، برنامج مدعوم بإستراتيجية مقاومة متناغمة مع نبض الشارع، الشارع الذي شكل حاضنة مضمونة لفصائل العمل الوطني ، هذه الفصائل التي غدرت بة ونزلت عن جبل احد وتركت المجال لما يسمى بالتكنوقراط مما رسخ القناعة عند بعضهم أن الفرصة مواتية في ظل الخلاف الذي بعصف بالبنية التحتية والفوقية للمسيرة النضالية الفلسطينية.
لقد حاولت طبقة التكنوقراط الالتفاف على الواقع الفلسطيني باتخاذ قرارات ترقيعية في محاولة إيحائية للآخر بان خططهم الأمنية في الضفة الغربية ناجحة وان المزاج الشعبي ضد غزة، لكن الاحتلال لم يقبل بسقف أجراءتهم الأمنية وقوضها بالتوغل اليومي في الضفة ليوغل في عمليات الاغتيال والاعتقال وسلب الأرض وتهويد القدس والاستمرار في بناء الجدار، بل ذهب الاحتلال لأبعد من ذلك بإماطة اللثام عن ما يجري في الغرف المغلقة وطرح نقيض ما يقولون بهدف إضعافهم وكشف زيف تصريحاتهم، لقد أدرك الاحتلال الارتباط العضوي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ووقف على حقيقة تقول أن الصراع بين فتح وحماس لن يستمر إلى الأبد، ولا بد من نهاية لنفق الانقسام الفلسطيني، وإدراك أن كتائب شهداء الأقصى لا تختلف مع كتائب القسام على مقاومة الاحتلال، ولهذا لا تتوانى الدولة العبرية على اغتيال واعتقال عناصر من كتائب شهداء الأقصى، تلك الكتائب التي أصدرت أكثر من بيان أكدت مناهضتها لسياسة حكومة تسير الأعمال، وطالبت الرئيس عباس بإقالة الدكتور سلامة فياض رئيس حكومة تسير الأعمال ووصف وزير الإعلام الدكتور رياض المالكي بالمطرود من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ومع ارتفاع منسوب الدم الفلسطيني في قطاع غزة حيث التصاعد المبرمج في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، هذا الاحتلال الذي فلت عقاله وبات يستهدف كل شيء، لا بد من وقفة فلسطينية وطنية وشجاعة، وقفة تدرك أن انابولس ليس أكثر من ذر للرماد في العيون، وأننا بدئنا نعيش استحقاقات الدعم المالي لندفع الثمن دما، آن الاون لنجلس كفلسطينيين على طاولة الحوار ونقلع شوكنا بأيدينا، وندفع بالأمانة لمن يؤتمن عليها، وقد تكون الجرائم التي يرتكبها أعدائنا بحقنا الفرصة الأنسب لإعادة الأمور إلى نصابها بعيد عن التشنجات والاشتراطات العبثية، لأنة من غير المعقول التفاوض مع المحتل بدون شروط ووضع الشروط على الحليف الذي يفترض أنة استراتيجي.
إن قطع الطريق على جرائم الاحتلال لن يتم إلا بتشكيل حكومة وحدة وطنية بعيدة عن المحاصصة، حكومة تعبر عن الكل الوطني وبدون استئناء ترعاها الشرائح الوطنية التي لها مصلحة في تحقيق البرنامج الوطني الفلسطيني بعيدا عن المصالح الضيقة المرتبطة بالأجندة الخارجية، وبعيدا عن التسميات التي ما انزل اللة بها من سلطان، لأنة وكما يقول المثل الشعبي الفلسطيني"اللي مجرب مجرب عقلة مخرب".
صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق