عطا مناع
تتزاحم الأفكار والمبادرات التي تدور في حلقة مفرغة باحثة عن طريق الخلاص من القضية الفلسطينية التي أطلق عليها البعض اصطلاحات مضللة مثل المشكلة الفلسطينية لدرجة أنهم قزموها لتتحول إلى قضية إنسانية تتعلق في قضايا اقتصادية وحياتية يومية.
وقد وصل نزق بعض الفلسطينيين الذين اقنعوا أنفسهم ويحاولون الضحك على ذقوننا بان القضية الفلسطينية شغلهم الشاغل،وأنهم في عملية بحث مستمرة عن الخلاص من كابوس الاحتلال بطرحهم المبادرات التي يعتقد البعض المتابع إنها مدفوعة الأجر وسكة السلامة بالنسبة لهؤلاء لتحقيق مصالح اقتصادية وطبقية تتعارض مع طموحات وتطلعات الشعب الذي ذبح ولا زال منذ قرن من الزمان.
وبمعزل عن ما يطرحه أنصار التسوية الغير عادلة، وانطلاقا من مقولة الأديب الشهيد غسان كنفاني في رائعته عائد إلى حيفا"الإنسان قضية"، وتأكيدا على ما قاله في رواية أم سعد"خيمة عن خيمة تفرق"، واستحضارا الآلام وعذابان من هجروا من أرضهم قسرا تحت سمع وبصر العالم وارتكبت بحقهم المذابح من الأعداء وأبناء جلدتهم ليعيشوا جهنم على أرضهم التي لا ذنب لهم سوى التمسك بها وعدم التفريط والبيع رغم قسوة المرحلة وتكالب الأعداء والأصدقاء الذي ارتموا في أحضان من حفر لهم المقابر الجماعية تحت شعار الواقعية السياسية ومستجدات المرحلة.
مؤخرا طلعت علينا بعض الأوساط الغربية لتقول لنا معشر اللاجئين الفلسطينيين أن لا مفر من التوطين، سواء في البلدان التي العربية التي نقطن فيها أو في دول مثل البرازيل واستراليا وبعض الدول التي أبدت أو ستبدي استعدادها لاستقبالنا وتوفر لنا العمل والأكل والقبر،ووضعت هذه الأوساط شرطا على اللاجئ بالتنازل عن حقه في أرضة بالتوقيع على وثيقة أعدت خصيصا لذلك.
بعض الأوساط الفلسطينية الرفيعة قالت وفي مناسبات عديدة أن البحث في عودة اللاجئين لن يتم بمعزل عن إسرائيل التي وضعت الفيتو الإسرائيلي على قضية اللاجئين والقدس والاستيطان والأسرى، هذه الأطروحات تتناغم مع موقف النظام العربي الرسمي الذي بدأ بالانزلاق في معسكر التطبيع مع إسرائيل التي اخترقت النظام العربي الرسمي الشائخ والباحث عن الخلاص من عبء القضية الفلسطينية التي سببت له وجع الرأس مع شعوبه الوئمنة بقومية القضية الفلسطينية.
التحركات السياسية على ارض الواقع تغطي إشارات قوية بان هناك قفز عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ومع مرور الوقت سيكسر الخطاب الفلسطيني الخجول الحواجز وسنشهد بعض الأوساط التي ستجاهر وبالفم المليان بان شعار حق العودة ليس بالشعار الواقعي، وسيرافق هذا الطرح تحرك لأوساط نخبوية ارتأت من التطبيع من دولة الاحتلال خلاصا لها ،مما سيضع القوى المجتمعية المتمسكة بهذا الحق في الزاوية، وخاصة أن قوى الممانعة الفلسطينية تلاحق ويضيق عليها ولا تستطيع ولو بعد حين من تنظيم مسيرة مناهضة للتفريط بحق العودة إلا بتصريح من أوساط قد تكون مهندسة لمسلسل التفريط هذا.
رغم شتي الضغوط التي يخضع لها اللاجئين الفلسطينيين وبالتحديد في الوطن المحتل، ورغم النشاط المؤسساتي الغير بريء الذي يستهدف المس بقناعة اللاجئين بان المخيمات محطة للعودة وان العودة حتمية، وفي ظل الضعف الذي يرافق الجهات التي تدافع عن حق العودة ، فان اللاجئيء الفلسطيني وبنسبة كبيرة جدا ينتظر اليوم الذي يتحقق فيه حلمة ولو من خلال أولادة، فالعودة تورث ولا تسقط بالتقادم ولا تشطبها الاتفاقيات.
هناك إشارات خطيرة تدفع المهتم والمتابع والمنتمي للحق الفلسطيني بان يتخوف من تطورات الإحداث التي تجري في الغرف المغلقة ويتسرب منها القليل،التخوف بان يعمل البعض الفلسطيني وبدعم من المحيط العربي والدولي على التنظير وبدون تحفظ للتنازل عن حق العودة ، من خلال ما يسمى بالتعويض أو التوطين ، وقد تكون المقدمات في مخيمات اللجوء وخاصة في الضفة الغربية واضحة للعيان، ولمنع الانزلاق في مستنقع التفريط يتوجب على الكتاب والمؤرخين استحضار التاريخ اللاجئ عبر العقود الماضية ، ومعاناة أجيال النكبة الفلسطينية وحكايات الأجداد والآباء الذين اختلطوا بتراب ارض فلسطين ، لكي نعزز فكرة أن المخيم محطة للعودة وأننا كلاجئين فلسطينيين لن نبيع حقنا ولو بالجنة،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق