عطا مناع
لماذا أحببناك وتبعناك وآمنا بك وانصهرنا بحلمك وامتشقنا فكرك وخضنا معك المستحيل، من أنت يا ابن اللد لتفجر فينا ما مل جهدنا لتجاوزه ،غادرتنا في اللحظة الحرجة، ما أحوجنا إلى بقاءك تبعث فينا بعض الدفيء وتمدنا بأسباب الحياة وعدم الكفر بواقعنا الذي حولنا إلى مجرد مصاصي دماء لأبناء جلدتنا، لانترك فرصة إلا وننهش فيها لحم بعضنا، يا سيدي أخطئت التوقيت كان يجب عليك أن تتحمل مشاهد العار في أرضك المحتلة، على الأقل قل كلمتك أيها النبي المظلوم فيهم وارحل.
يا سيدي نحن في أرضك المحتلة موتى تكالبت علينا فئران السفينة الفاقدة لبوصلتك، لقد فقدت سفينتك شراعك الذي نسجته بعرقك ودمك، ليتحولوا إلى قراصنة يسطون على ثوابتك ومدينتك التي أحببت، لقد سلبونا حريتنا وها هم يستخدموننا عبيدا نذبح بعضنا ليشبعوا رغباتهم المريضة، لنتحول إلى حطب لمعركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، معركة تجرفنا بعيدا عن حلمك بفلسطين حرة عربية من نهرها إلى بحرها، معركة أتت على كل ما بنبتة وبشرت بة من عودة للاجئين ووحدة وطنية تستند لصخرة متينة لاتلين.
لن أضيف على ما قيل وما سيقال فيك، كقائد ومؤسس وملهم ومفكر تميز برؤية ثاقبة وعقائدية صلبة آمنت بان فلسطين لشعبها مها طال الانتظار وبغض النظر عن المتساقطين والمهرولين إلى التسوية التي رفضت، ما اعرفه انك آمنت بشعبك ووقفت إلى جانب فقراء شعبك في مخيمات اللجوء وكنت القائد والحكيم تدوي جراحهم وتبشرهم بالعودة للجنة المفقودة قولا وفعلا، لذلك أحببناك نحن اللاجئون والعمال والفلاحون وعشت فينا ولم نقبل بغيرك قائدا رغم تنحيك الاختياري عن قيادة سفينتنا، إلا انك بقيت فينا نذكرك في مجالسنا ونحمد اللة على وجودك يا حكيمنا ولو مقعدنا مريضا فلا باس فأنت عنوان ديمومتنا.
لقد قال الكاتب زياد أبو شاويش إن رحليك بطعم العلقم وقد أصاب، وقال الكاتب راسم عبيدات وقبل رحيلك عنا انك آخر من تبقى من عمالقة النضال وقد أصاب كبد الحقيقة، لقد قيل عنك الكثير، ولكن شتان ما بين الكلمة والواقع، انة الفراغ المخيف الذي ينذر باقتراب الجحيم، جحيم الترهل واللامبالاة والتشظي والشعور بالبرد الذي يجتاح أعماقنا ويكشف عن حقيقتنا، حقيقة دخول الشعب الفلسطيني في دائرة اليتم السياسي والفكري ووضوح الرؤيا، حقيقة غياب القادة الأوائل الذين لم يفجروا ثورة وحسب بل حافظوا على استمراريتها ، حقيقة غياب الوعي في أوساطنا لعدم إدراكنا لهول المصيبة التي نحن فيها، مصيبة الاقتتال الذي لا نهاية له، والتنازل الذي لا مبرر له، والقادة الموتى وهم إحياء، ينشرون فكر الانتقام بعكسك ويقودون الوطن إلى أسواق النخاسة في انابولس وغيرها، دون الأخذ بما قدمتم وضحيتم طيلة عقود مضت انتم الرعيل الأول.
لقد رحل الحكيم وستستمر الحياة ، حياة مليئة بالتناقض والتناحر الفلسطيني على ارض لا زالت محتلة، لن يجلسوا إلى طاولة الحوار، وستغلق المعابر من جديد، لنبدأ بجمع أشلاء ضحايا صواريخ الطائرات الاحتلالية، سيلتقي السيد الرئيس باولمرت ، وتتوالى اجتماعات قريع مع تسيفي لفني، ولن يتوقف تهويد القدس وبناء الشقق الاستيطانية، وستبقى حماس أسيرة تعنتها، رحل الحكيم وسيشيع جثمانه الطاهر في الأردن حيث مخيمات اللجوء التي عاشها في البدايات، حقه عليكم أن تكرموه وتحملوه كما حملكم وانحاز لقضيتكم، فهو الرجل الذي ذهب وترك لكم الكثير ولكنكم لا تعرفون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق