د. صلاح عودة الله
لتكن الأعين الفلسطينية منقسمة إلى ما في جعبة بوش وزيارته وما وراء هذه الزيارة من وقائع وأهداف، فما اعتادت أمريكا أن تقدم لنا الدول والاستقلال على طبق من ذهب آت من أمريكا أو من الدول الأوروبية فيبقى الغرب غربا ويبقى الشرق شرقا وتبقى الأطماع والحماية والدعم لإسرائيل لا لغيرها وهذا المعتاد الذي لا جدال ولا تغيير فيه.
تعتبر زياره الرئيس بوش للمنطقه وبخاصه الاراضي المحتله و"اسرائيل" تاريخيه بكل ما في الكلمه من معنى وذلك لانها ستتيح له رؤية وبالعين المجردة ما تعانيه المنطقه بسبب استمرار الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينيه وما تمارسه "اسرائيل" من جرائم قتل وتدمير يومي للبشر والحجر في فلسطين وسيرى ويشاهد بأم عينه جدار الفصل العنصري الذي اقامته الدوله المغتصبه والذي قطع اواصر المدن والقرى واستولى وخرب الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينيه وسيرى الحجم الهائل من الدمار والخراب اليومي الذي تفعله الدبابات والجرافات والصواريخ الصهيونيه في مختلف المناطق المحتله وسياخذ علما بان هناك ملايين من البشر التي قامت العصابات الصهيونيه بطردهم وتشريدهم من اراضيهم الاصليه الى خارج وطنهم منذ مايزيد عن ال60 عاما وسياخذ علما بان هناك حصار اقتصادي جوا وبرا وبحرا ولكل المنافذ والمعابر لاكثر من مليون نصف الانسان في غزه بالاضافه الى الحصار الظالم لمدن وقرى الضفه الغربيه وسيرى بام عينه عذابات النساء والاطفال المفجوعين بما اقدمت عليه الاله العسكريه الصهيونيه من قتل ابائهم او امهاتهم او اطفالهم ولا يجدون من يعيلهم او يعينهم على كسب قوتهم اليومي ليبقوا على قيد الحياه وسيرى بان هناك عشرات الاف من المعتقلين والمسجونين في زنازين الدوله المغتصبه منذ عشرات السنين ويعانون المعاناة الشديده من عذابات التعذيب وانتهاك حقوقهم المشروعه.
فيما اعلنت الاجهزة الامنية الفلسطينية جاهزيتها لتوفير الحماية للرئيس الامريكي جورج بوش في زيارته المرتقبة للمنطقة اوضحت مصادر فلسطينية بان الخارجية الامريكية رفضت فكرة ان يضع بوش اكليلا من الزهور علي ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المدفون في مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله واشارت تلك المصادر انه في ظل رفض بوش حتى المرور من قرب ضريح الرئيس عرفات بالمقاطعة فان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد يستقبل بوش في مدينة اريحا بدلا من رام الله تجنبا للاحراج الذي قد يحصل نتيجة اصرار الجانب الامريكي علي عدم الثناء علي عرفات المتهم من قبل الادارة الامريكية بالارهاب خلال زيارة بوش...وعليه فانه لهذا السبب وللأسباب التي سأوضحها لاحقا يعتبر شخصية غير مرغوب فيها في بلادنا.
تعتبرهذه الزيارة لمنطقة الشرق الاوسط استكمالا لفصل المؤامرات الدولية على القضية الفلسطينية لدفنها والتي كان آخرها مؤتمر انابوليس وان بوش يسعى من زيارته والتي ستكون اسرائيل والاراضي الفلسطينية اولى محطاتها ترميم ما افسدته السياسة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط وان هذه الزيارة هي محاولة لانقاذ حكومة الارهاب الصهيوني من المآزق السياسية والامنية التي تعانيها منذ هزيمتها في حرب لبنان وعجزها عن النيل من صلابة مقاومتنا الفلسطينية والنيل من المواقف السياسية الفلسطينية المعارضة. ان هذه الزيارة تهدف للمحافظة على انجازات ونتائج لقاء انابوليس لانهاء فصول القضية الفلسطينية وتعزيز هيمنة الاحتلال على ارضنا وتكريس وجوده فيها ومنحه المزيد من القوة العسكرية والسياسية ضد شعبنا ومنطقة الشرق الاوسط برمتها. انني اتوقع ان يعمل بوش في زيارته على ممارسة مزيد من الضغوط على الطرف الفلسطيني المفاوض لتقديم ما تبقى لديه من تنازلات سياسية بعد ان تخلى عن استراتيجية المقاومة ونأى بنفسه بعيدا عن المصلحة الوطنية العليا لشعبنا. ان الزيارة الامريكية لن تكون الا لصالح الاحتلال الصهيوني وترسيخا للانقسام الداخلي وتوفير الدعم الامريكي لمخططاته الاستعمارية والاستيطانية وعمليات تهويد القدس وغطاء لحرب الابادة والتطهير العنصري الذي تشنه حكومة الارهاب ضد شعبنا.
ومن المعروف بل ومن المؤكد ان واحداً من أسباب زيارة بوش الى الشرق الاوسط, سيكون السعي لاحتواء النفوذ الايراني في المنطقة وكذلك طمأنة حلفائه في الخليج إلى الالتزام الأمريكي، وتوفير أمنهم واحتواء النفوذ المتزايد لإيران، بعيد التشكيك المثير بالسياسة الإيرانية للولايات المتحدة وبحسب تقرير الاجهزة الاستخباراتية الامريكية فان إيران كانت تمتلك برنامجا عسكريا سريا، وإنها أوقفت هذا البرنامج,وان النظام الايراني الذي كان يمتلك في يوم من الأيام برنامجا يمكن، وبسهولة، أن يبدأ البرنامج من جديد، وأن المكونات الأساسية لامتلاك برنامج تسلح تتمثل أولا، في القدرة على تخصيب اليورانيوم، وثانيا، في القدرة على استعمال هذا اليورانيوم في صناعة قنبلة، وثالثا، في القدرة على توصيل هذه القنبلة عن طريق الصواريخ. برنامج الصواريخ لا يزال موجودا.وان الايرانيين يقولون أنهم يتعلمون التخصيب لأغراض مدنية فقط. ولكن إذا كان بإمكانهم تعلم التخصيب لأغراض مدنية، فإن بإمكانهم أن ينقلوا بسهولة هذه المعرفة لأغراض عسكرية، وبالتالي، فإن إيران تشكل تهديدا وهذه ستكون بوش الى دول الخليج. ان هذه الزيارة فاشلة , فإذا كان بوش قادماً إلى المنطقة لدفع عملية السلام ومازال يراهن على حكومة رئيس وزراء إسرائيل أيهود اولمرت فبالتأكيد لن يحقق أي انجاز سلمي بل على العكس, ربما يدفع الأمور إلى مزيد من التوترات والتعقيد ويثبت اسمه في سجل الرؤساء الأميركيين الأكثر إضرارا للسلام والمنطقة بشكل عام لأنه يوجد هناك إحساساً عاماً في المنطقة بأن الرئيس الأميركي عازم على القيام بتحرك في عملية السلام لتحقيق انجاز ما قبل مغادرة البيت الأبيض، وهذا ما توحي به التصريحات الصادرة عن البيت الأبيض والخارجية الأمريكية ولكن التصريحات شيء والفعل شيء آخر.
ان الرئيس الامريكي جورج بوش الاصغرشخص غير مرغوب فيه في الاراضي المقدسة والارض العربية باعتباره مجرم حرب مسؤول عن اهدار حياة مئات الالاف من اطفال ومواطني الشعب الفلسطيني والامتيين العربية والإسلامية وخصوصاً على ارض لبنان البطل والعراق الاشم.
انني ارى في هذه الزيارة تسويقاً لفشل الإدارة الامريكية على امتداد سبعة اعوام وانتقالاً من سياسة العصا إلى سياسة العصا والجزرة المغموسة بالذل والاستعباد ، وهي لا تنطوى على أي مغزى تاريخي ولا تعدو ان تكون محاولة اخرى يائسة وفاشلة بتجميل وجه الامبريالية الامريكية القبيح وحليفتها الاستراتيجية دولة الاحتلال الإسرائيلي ، ولتحشيد العرب مع دولة الاحتلال في إطار الاستراتيجية الامريكية لمحاربة ما يسمى بالارهاب والتحديات الإقليمية مقابل وعود عن سلام زائف و " دولة فلسطينية " لا تعدو ان تكون محمية إسرائيلية مشمولة ببركات القطب العالمي الاوحد ورحمة اقتصاد وأمن ومصالح الاحتلال.
ان هذه الزيارة المشؤومة لن تلقى سوى الرفض والسخط والتنديد من ضحايا الاحتلال والعدوان والارهاب الامريكي ومن اسر آلاف الشهداء والاسرى الفلسطينيين والعرب ومن ابناء الامتيين العربية والإسلامية ، وادعوً ابناء الشعب الفلسطيني في الوطن والمنافي وكل قوى التحرر والديمقراطية والسلام والتقدم للتعبير عن غضبها ورفضها لزيارة رسول الشر والحرب والعدوان ونزع قناع "الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان " ، الذي تختفي خلفه سياسة الارهاب الامبريالية الامريكية ودعمها بالمال والسلاح لحرب الابادة الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال على شعبنا في كافة أماكن تواجده.
واذ اعرب عن رفضي لاستقدام أية قوات اجنبية تمارس القمع والوصاية إلى جانب جيش الاحتلال ، فانني ادعو إلى توفير الحماية الدولية المؤقتة للشعب الفلسطيني تحت اشراف الامم المتحدة وفق اتفاقيات جنيف الرابعة والقانون الدولي والانساني ،على اعتبارما سمي باطلاق مفاوضات الوضع النهائي اثر لقاء القمة الفلسطينية الاسرائيلي الاخير ،هو ضرباً من المقامرة وخداع الذات المستمرة منذ عقد ونصف اثر توقيع إعلان اوسلو المشؤوم.
ان اية مفاوضات لا تقوم على اساس القانون الدولي والشرعية الدولية "إطاراًَ ومرجعية وقرارات " وفي ظل وقف الاستيطان وكل اشكال العدوان ، لن تغدو سوى فرضاً لسياسة الامر الواقع الامريكي الاسرائيلي ، ووسيلة لتصفية حقوق شعبنا في الاستقلال والعودة.
فهل من وعي فلسطيني؟ وهل من حذر فلسطيني؟ وهل من حكمة فلسطينية؟ وهل من عمل لأجل الوحدة الفلسطينية حفاظا على دماء الشهداء وأنات الأسرى وآهات الأقصى وصرخات القدس وضياع المخيمات الفلسطينية في لبنان؟ فلا يحمل بوش مصباح علاء الدين السحري ولا يحمل الدولة الفلسطينية على متن طائرته وليس لديه النية بالضغط على إسرائيل لتخفيف الضغط على الفلسطينيين، ولن تكون الولايات المتحدة وسيط نزيه بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتمكن الفلسطينيين من إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة فهذا" بوش" يودع تاريخه السياسي بصلاة في كنيسة فلسطينية وليس أكثر...!
القدس المحتلة
القدس المحتلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق