عطا مناع
استطيع أن اجزم أن الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني تشعر بالأسى والقهر والفراغ والرغبة في الصراخ في وجه القدر الذي دفع بهم لنقطة اللاكرامة والاستسلام لمجريات الواقع وعدم قول كلمة "وهي اضعف الإيمان" في وجه الرجل الذي شرب من دماء امتنا العربية حتى الثمالة.
المشهد واضح للأعمى، غير أن أذناب السياسة الاميريكية الذين يقتاتون على بقايا موائدها مصممون على المضي في غيهم يحاولون أن يغطوا الشمس بغربال"واقعيتهم الجديدة" التي جليت لنا الموت والحصار، ودفعت بنا إلى القاع وأصبحنا نفتش عن أنفسنا كشعب تمسك بهويته الوطنية وقدم من اجلها ملايين من سنوات الشقاء غير مدرك أن سماسرة السياسة يتربصون بة ليبيعونه بلا مقابل.
أنا اختلف مع الذي يقول أن مشكلتنا كشعب فلسطيني في السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأميركية، إن للولايات المتحدة الأمريكية موقفا ثابتا في مناهضة الشعوب التي تطمح إلى التحرر، إنها الامبريالية الأمريكية الذي يجسد رجل الكاو بوي سياستها التي تؤمن بالقوة التي تخلو من الأخلاق، سواء في العلاقات الإنسانية أو في تعاطيها مع الشعوب التي تتعامل معهم كعبيد وجدوا لخدمتها.
وإذا اتفقنا أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف على رأس الدولة المعادية لاستقلال الشعوب الفقيرة وأنها وجدت على أكوام جثث الأمريكيين أصحاب البلاد الأصليين، فيجب أن نسلم بحقيقة أننا كشعب نتحمل مسئولية الاستكانة للسياسة اللامريكية ، بغض النظر عن قوتها وجبروتها الذي وقف عاجزا أمام إرادة الشعب العراقي ومن قبلة الشعب الفيتنامي.
إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تترك فرصة إلا واستغلتها لتجهض القرارات ومشاريع القرارات الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، إنها الدولة التي رفعت الفيتو في وجه كل القرارات التي طالبت بالتزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بالشرعية الدولية والقوانين التي تحفظ حقوق الإنسان في زمن الحرب والصرع، وهي الدولة التي ارتكبت المذابح بحق الشعب العراقي،ودافعت عن جرائم الحرب التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحقنا نحن الفلسطينيين.
المشكلة ليست في الولايات المتحدة ولا في سياسية رئيسها الحالي الذي اعتبره شعبة الأضعف من بين الرؤساء الذين قادوا أمريكا، المشكلة في الذين اعتقدوا أن أوراق الحل في البيت الأبيض، واستكانوا للمرحلة الأمريكية واستأنسوا بخازوقها، إن زيارة الرئيس الأمريكي تأتي تتويجا لمرحلة الانهيار السياسي الفلسطيني الذي وقفت على راسة بعض النخب الفلسطينية، نخب انتقلت من معسكر الشعب إلى معسكر الأعداء يعملون على تنفيذ أوامر أسيادهم الذين يغدقون عليهم الدولارات بهدف نشر الفوضى وشراء الذمم والعبث في القيم الوطنية وطرح المبادرات العقيمة تجاه القضايا المقدسة بالنسبة للشعب لخلق البلبة وشق الصفوف.
إن وجود الرئيس الأمريكي في فلسطين المحتلة المحاصرة المنقسمة على نفسها والتي يذبح أبنائها يوميا لآلة العسكرية الأمريكية في قطاع غزة والضفة الغربية، لهو دليل واضح وإشارة لا تقبل الشك بأننا دخلنا منحنى جديد من التنازلات والانشقاقات السياسية والتكتلات الفئوية،مرحلة قذفتنا إلى التيه الذي قد يستمر لسنوات طويلة، تساعد اذرع أمريكيا التي تحمل الجنسية الفلسطينية على بقائه، وخاصة أنهم يعيشون نشوة اللحظة والانتصار والعنجهية في التعاطي مع المقاومة الفلسطينية.
هؤلاء أتباع الولايات المتحدة يتواجدون في كل مكان كما الهواء، لقد اقتحموا حياتنا وسرقوا أولادنا وشاركونا في غرف نومنا، إنهم لا يجدوا فرصة إلا واستغلوها في تخريب العقول، منهم السياسيون والصحفيون والكتاب والاقتصاديون والمناضلون القدامى والاكادميون واليساريون السابقون الذين انسلخوا عن واقعهم وباعوا قيمهم بحفنة من الدولارات .
أيام ويغادرنا الرئيس الأمريكي، وتغسل الشتاء ارض فلسطين من الدنس الذي الم بها، وينتهي المولد ونعود إلى طبيعتنا المتسمة بالموت والحواجز وآلاف الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال حيث الأبواب المقفلة وشهداء مقابر الأرقام الذين نسيناهم ولم نعد نفكر فيهم، ستعود إلى اقتتالنا والتنكيل بقادتنا وحلق شواربهم، وسنتابع عهرنا الإعلامي على الفضائيات العربية، وسيموت منا الكثير من مرضى الحصار في غزة أعانها الله، وسيعمد ثعالب المرحلة إلى رفع وتيرة الشقاق والفوضى والاقتتال، وسنصلي في مساجدنا نهارا ونقوم الليل في تعذيب أبناء جلدتنا، حقائق اخطر من زيارة بوش وأكثر فتكا من الاحتلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق