شربل بركات
بهذه الجملة نتقدم كل عام من اللبنانيين في بلدنا العزيز وفي العالم أجمع بالمعايدة بالعام الجديد وبالتمنيات بأن يعمّ الخير والبركات حياتهم وعائلاتهم أينما وجدوا. ولكننا نضيف على هذه أن يكون لبنان بخير، وأن يتحرر من كل تسلّط ومن أجواء العبث والإرهاب التي تنكّد عيش أبنائه منذ ثلاثين سنة ونيف...
تمنينا دوما وخاصة منذ 2005 أن يرتفع الظلم عن وطن الأرز، وكان ذلك سهلا لإجماع العالم على ضرورة استقلال وسيادة هذا البلد وخروج المحتلين منه وعودة سلطة الدولة لتنتشر فوق أراضيه. لكن العنف، الذي التصق بالبعض التصاق العقيدة بالمؤمن، لم يشأ أن يتخلّص لبنان من الفوضى ومن الحقد ومن إفرازاتهما، فإذا به يستولي على فئة ويغرر بأخرى وهما على طرفي نقيض في المبادئ والطروحات ولا يمكنهما الاجتماع على أي نقطة إلا معاداة الأكثرية وتبديد الأحلام بالنهوض ووأد الآمال بالخلاص. فهل تكون لعنة على لبنان أقوى من أن يزيلها اجتماع أهله والعالم لتخليصه من كل هذا الشر؟ أم أن قصر النظر السياسي لا تفيده النظّارات؟...
في العام الماضي، وبعد حرب الصيف التي أتحفونا بها، ودمار لبنان الذي حوّلوه انتصارا، جاء حزب الله ليحتل الساحات ويمنع الناس من الاحتفال بالأعياد. ونحن نفهم حقدهم على الأعياد ورغبتهم في التوشّح بالسواد والامتناع عن الفرح، فهذه من عقائد المتصلبين المتغطرسين الذين يدّعون أنهم والله، عزّ وجلّ، يتساوون في فرض الشريعة (التي لا يفهمها سواهم) على الناس بقوة السيف وقدرة البارود، لأن الله قد يمهل، أما هم فلا، وأن الله قد يغفر، أما هم فالغفران عندهم انتقاص من القدرة، والرحمة عندهم وجه من جوه الضعف. فغفرانك يا الله أنت الرحمان الرحيم...
ولكن الاحتلال لم يكن فقط لفترة الأعياد بل استمر صنعة أو وظيفة، مخيما أو معسكرا، لم ندر بعد حقيقته والحاجة إليه، إلا كثكنة عسكرية لقوات التدخل ساعة يعطى أمر الانقضاض، أو صورة فلكلورية أخرى من صور التظاهر الإعلامي التي يحبون أن يمحوا بواسطتها، من أذهان العالم، نزول المليون والنصف إلى ساحة الحرية ردا على مطالبتهم ببقاء الاحتلال (وهي قمة الديمقراطية أن يتحرك نصف سكان البلد للمطالبة بخروج هذا المحتل الذي يدعي بأنه يساهم في الاستقرار). أو هم يريدون إقناع بعض الطلاب المغرر بهم اليوم والذين كانوا شاركوا في ذلك التحرك الكبير بأن مطالبتهم بخروج الاحتلال كانت خطأ يجب عليهم أن يتراجعوا عنه؟
وبالرغم من احتلالهم الساحات، تمنينا أن يقوم لبنان بواسطة المخلصين من بنيه، ويستعيد، بدعم العالم له ومن ضمنه العرب، صحته ودوره، ويعود الرشد إلى المضللين، ويسقط المأجورون في حبائل شرورهم ويستدركوا بأن الوطن لن يبقى ساحة لهم يسرحون فيها ويمرحون ولا ساحة لغيرهم يقاتلون فيها بأجساد أبنائهم، واللبنانيون لن يقبلوا بأن يستمر البغاء مستظهرا يفرض عليهم الرضوخ بدون مقاومة، ولا الغباء مسيطرا يعدهم بالتخلص من الشر بدون تحرك.
اليوم، وبعد عام آخر جرت فيه محاولة من نوع جديد جرّب خلالها الإرهاب المأجور أن يحوّل أنظار اللبنانيين ويلهيهم عن التكاتف بوجه الاحتلال وعملائه فكان الجيش، درع الوطن، له بالمرصاد هذه المرة وسقط الشهداء، لكنهم قووا لبنان ووحدوا بنيه. وما أن انتهت هذه التجربة حتى عاد الشر يمنع استمرار الحياة السياسية وانتخاب رئيس جديد ليظهر أن البلد غير مستقر والديمقراطية غير مجدية. لكن العالم تجمّع حول لبنان وتعاطف مع تجربته وانتظر أن يعي من خدّره البطر أو قيّده الخوف، ولكن لا هذا استفاق ولا ذاك تحرر بالرغم من العناية الفائقة التي توكل بها العرب والعالم، وها هو المجلس يقفل مجددا والفراغ يقبع في أعلى المناصب، فهل يعيش الجسد إن فرغ الرأس؟ أو هل يبقى نظام إن لم يتعاون من يمثله على الاستمرار؟...
نعم كل عام وأنتم بخير.
نقولها للبنانيين في بلدهم الأم وفي بلدان العالم أجمع حيث يشكلون شرايين الحياة الحقيقية وأنابيب التنفس وأجهزة الإغاثة لهذا البلد المعذب...
نقولها للأصدقاء من حولنا في بلدان العرب وفي الغرب وفي العالم أجمع.
نقولها لجيراننا، ولو أن بعضهم لم يفهم بعد بأن الخير إذا ما فاض يفيض على الكل وأن الشر أيضا يمكن أن يطال الكل وما من داع أن يستمر القتل والإرهاب إذا كان هناك أمل بالخير والرفاه...
نقولها لزعماء لبنان أن الشعب قد سئم من التذبذب القاتل ولن يغفر لا للجاحدين الخونة ولا للضعفاء الجبناء، وإن من تولّى مناصب عامة لا بد له من ملئها ولا بد له من أن يتصرف بضمير واع واضعا مصلحة البلاد، لا طموحاته الشخصية، قبل كل شيء.
كل عام وأنتم بخير.
وقناعتنا بأن لبنان باق ولن يقدر الشر على إخضاعه، وأن أبناءه لا بد سينقضّون على آخر العملاء وينظّفون البلاد من شرورهم، وأن الخير سيعم الأرجاء، وسينعم الكل بالرفاه، ويعود المبعدون من أهلنا ليعيّدوا مع الأخوة في ظلال الأرز وأفيائه، ويلتقي الأحبة بعد غياب، ويتعزّى من فقد عزيزا في سبيل الوطن، ويضحك التراب تغاويا، فلبنان عاد إلى مجده والفرح ساد كل بنيه...
بهذه الجملة نتقدم كل عام من اللبنانيين في بلدنا العزيز وفي العالم أجمع بالمعايدة بالعام الجديد وبالتمنيات بأن يعمّ الخير والبركات حياتهم وعائلاتهم أينما وجدوا. ولكننا نضيف على هذه أن يكون لبنان بخير، وأن يتحرر من كل تسلّط ومن أجواء العبث والإرهاب التي تنكّد عيش أبنائه منذ ثلاثين سنة ونيف...
تمنينا دوما وخاصة منذ 2005 أن يرتفع الظلم عن وطن الأرز، وكان ذلك سهلا لإجماع العالم على ضرورة استقلال وسيادة هذا البلد وخروج المحتلين منه وعودة سلطة الدولة لتنتشر فوق أراضيه. لكن العنف، الذي التصق بالبعض التصاق العقيدة بالمؤمن، لم يشأ أن يتخلّص لبنان من الفوضى ومن الحقد ومن إفرازاتهما، فإذا به يستولي على فئة ويغرر بأخرى وهما على طرفي نقيض في المبادئ والطروحات ولا يمكنهما الاجتماع على أي نقطة إلا معاداة الأكثرية وتبديد الأحلام بالنهوض ووأد الآمال بالخلاص. فهل تكون لعنة على لبنان أقوى من أن يزيلها اجتماع أهله والعالم لتخليصه من كل هذا الشر؟ أم أن قصر النظر السياسي لا تفيده النظّارات؟...
في العام الماضي، وبعد حرب الصيف التي أتحفونا بها، ودمار لبنان الذي حوّلوه انتصارا، جاء حزب الله ليحتل الساحات ويمنع الناس من الاحتفال بالأعياد. ونحن نفهم حقدهم على الأعياد ورغبتهم في التوشّح بالسواد والامتناع عن الفرح، فهذه من عقائد المتصلبين المتغطرسين الذين يدّعون أنهم والله، عزّ وجلّ، يتساوون في فرض الشريعة (التي لا يفهمها سواهم) على الناس بقوة السيف وقدرة البارود، لأن الله قد يمهل، أما هم فلا، وأن الله قد يغفر، أما هم فالغفران عندهم انتقاص من القدرة، والرحمة عندهم وجه من جوه الضعف. فغفرانك يا الله أنت الرحمان الرحيم...
ولكن الاحتلال لم يكن فقط لفترة الأعياد بل استمر صنعة أو وظيفة، مخيما أو معسكرا، لم ندر بعد حقيقته والحاجة إليه، إلا كثكنة عسكرية لقوات التدخل ساعة يعطى أمر الانقضاض، أو صورة فلكلورية أخرى من صور التظاهر الإعلامي التي يحبون أن يمحوا بواسطتها، من أذهان العالم، نزول المليون والنصف إلى ساحة الحرية ردا على مطالبتهم ببقاء الاحتلال (وهي قمة الديمقراطية أن يتحرك نصف سكان البلد للمطالبة بخروج هذا المحتل الذي يدعي بأنه يساهم في الاستقرار). أو هم يريدون إقناع بعض الطلاب المغرر بهم اليوم والذين كانوا شاركوا في ذلك التحرك الكبير بأن مطالبتهم بخروج الاحتلال كانت خطأ يجب عليهم أن يتراجعوا عنه؟
وبالرغم من احتلالهم الساحات، تمنينا أن يقوم لبنان بواسطة المخلصين من بنيه، ويستعيد، بدعم العالم له ومن ضمنه العرب، صحته ودوره، ويعود الرشد إلى المضللين، ويسقط المأجورون في حبائل شرورهم ويستدركوا بأن الوطن لن يبقى ساحة لهم يسرحون فيها ويمرحون ولا ساحة لغيرهم يقاتلون فيها بأجساد أبنائهم، واللبنانيون لن يقبلوا بأن يستمر البغاء مستظهرا يفرض عليهم الرضوخ بدون مقاومة، ولا الغباء مسيطرا يعدهم بالتخلص من الشر بدون تحرك.
اليوم، وبعد عام آخر جرت فيه محاولة من نوع جديد جرّب خلالها الإرهاب المأجور أن يحوّل أنظار اللبنانيين ويلهيهم عن التكاتف بوجه الاحتلال وعملائه فكان الجيش، درع الوطن، له بالمرصاد هذه المرة وسقط الشهداء، لكنهم قووا لبنان ووحدوا بنيه. وما أن انتهت هذه التجربة حتى عاد الشر يمنع استمرار الحياة السياسية وانتخاب رئيس جديد ليظهر أن البلد غير مستقر والديمقراطية غير مجدية. لكن العالم تجمّع حول لبنان وتعاطف مع تجربته وانتظر أن يعي من خدّره البطر أو قيّده الخوف، ولكن لا هذا استفاق ولا ذاك تحرر بالرغم من العناية الفائقة التي توكل بها العرب والعالم، وها هو المجلس يقفل مجددا والفراغ يقبع في أعلى المناصب، فهل يعيش الجسد إن فرغ الرأس؟ أو هل يبقى نظام إن لم يتعاون من يمثله على الاستمرار؟...
نعم كل عام وأنتم بخير.
نقولها للبنانيين في بلدهم الأم وفي بلدان العالم أجمع حيث يشكلون شرايين الحياة الحقيقية وأنابيب التنفس وأجهزة الإغاثة لهذا البلد المعذب...
نقولها للأصدقاء من حولنا في بلدان العرب وفي الغرب وفي العالم أجمع.
نقولها لجيراننا، ولو أن بعضهم لم يفهم بعد بأن الخير إذا ما فاض يفيض على الكل وأن الشر أيضا يمكن أن يطال الكل وما من داع أن يستمر القتل والإرهاب إذا كان هناك أمل بالخير والرفاه...
نقولها لزعماء لبنان أن الشعب قد سئم من التذبذب القاتل ولن يغفر لا للجاحدين الخونة ولا للضعفاء الجبناء، وإن من تولّى مناصب عامة لا بد له من ملئها ولا بد له من أن يتصرف بضمير واع واضعا مصلحة البلاد، لا طموحاته الشخصية، قبل كل شيء.
كل عام وأنتم بخير.
وقناعتنا بأن لبنان باق ولن يقدر الشر على إخضاعه، وأن أبناءه لا بد سينقضّون على آخر العملاء وينظّفون البلاد من شرورهم، وأن الخير سيعم الأرجاء، وسينعم الكل بالرفاه، ويعود المبعدون من أهلنا ليعيّدوا مع الأخوة في ظلال الأرز وأفيائه، ويلتقي الأحبة بعد غياب، ويتعزّى من فقد عزيزا في سبيل الوطن، ويضحك التراب تغاويا، فلبنان عاد إلى مجده والفرح ساد كل بنيه...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق