راسم عبيدات
.....حسب التاريخ الإسلامي ،في السنة العاشرة للبعثة،توفي عم الرسول محمد(صلعم) أبو طالب الذي كفله ورعاه، وكان سنده القوي في الدفاع عنه أمام قريش، عندما كان يبشر بالإسلام، ومن ثم توفيت زوجته خديجة،التي أحبها وآزرته وناصرته في دعوته ورزق أولاده منها، ودعي هذا العام لكونه كان ثقيلاً وقاسياً على الرسول بعام الحزن، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حدث عندها ما يشبه ذلك، ففي شهر كانون ثاني/ 2008 ، خسرت اثنان من أبرز قادتها ورموزها ، الرفيق القائد والمؤسس جورج حبش(حكيم الثورة وضميرها)، مؤسس حركة القوميين العرب، ومن ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والرفيق القائد د.احمد المسلماني، عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة، والخسارة هنا لم تكن للجبهة لوحدها، بل خسارة لشعب وأمة بأسرها ، فالرفيق الحكيم بقدر ما كان زاهداً وبسيطاً في حياته، بالقدر الذي كان حاداً وحازماً في المبادىء والأفكار والحقوق، ولا يهادن أو يساوم على قضايا لها علاقة بالقضية والشعب والوطن، ويفيض دفئاً وحباً في القضايا الإنسانية والاجتماعية، ولم يتقاعد أو يتخلى عن دوره الوطني،حتى وهو على فراش الموت، كان يدعو ألوان الطيف السياسي الفلسطيني للوحدة والتمسك بالثوابت،ويسأل عن أحوال شعبه في القطاع، هل رفع الحصار وفتحت المعابر؟، وهذا القائد ظل مسكوناً بهاجس العودة ويرفض أية حلول تلتف على هذا الحق أو تنتقص منه، وكان يشكل كابوساً ثقيلاً للاحتلال الإسرائيلي الذي حاول اغتياله واختطافه أكثر من مرة، حتى أن الصحف الإسرائيلية وصفت جهاز الأمن الإسرائيلي"الموساد" بالمشلول لعجزه عن اغتيال الحكيم،الذي تتهمه بتنفيذ عمليات فدائية مؤلمة وقاسية،والحكيم كما قال صالح رأفت في لقاء مع تلفزيون فلسطين حول رحيل الحكيم ، انه لم يكن يسعى إلى وسائل الإعلام،بل وسائل الأعلام كانت تسعى إليه، فهو إنسان يحب العمل ولا يحب الأضواء والكاميرات،كما هو الحال عند العديد من القيادات الفلسطينية، حيث أن جل اهتمامه كان يكرسه للحزب والثورة والقضية والوطن، والحكيم اكتسب شعبيته وجماهيريته من خلال العمل بين الجماهير والتعلم منهم ،وحسن الاستماع إلى همومها ومشاكلها وقضاياها، ولم تكن بينه وبينهم سدود وحواجز، ومن هنا فانه ليس من الغريب،أن تخرج الجماهير في الوطن وأرض اللجوء والشتات في مسيرات جماهيرية حاشدة وغاضبة عفوية، عند سماعها نبأ رحيله وتشارك بكثافة وزخم غير مسبوقين في تشيعه لمثواه الأخير، وكذلك هناك عشرات المقالات التي كتبت حول رحيل الحكيم، والخسارة التي منيت بها القوى الوطنية والقومية والتقدمية ليس،في فلسطين والعالم العربي ،بل وفي العالم أجمع، مما يدلل على حجم الدور والثقة التي ،يتمتع بها الحكيم في أوساط تلك القوى والأحزاب. وكذلك فهو تعبير عن مدى حب وثقة ووفاء الجماهير لهذا القائد، الذي لم يخذلها ولم يساوم أو يتنازل عن حقوقها وثوابتها، وكانت تنظر اليه على انه البوصلة والضمير الحي لهذا الشعب.
أما الرفيق القائد" ابو وسام" احمد المسلماني، احد تلامذة الحكيم ، والذي تربى ونمى وتطور وصقل تجاربه وخبراته التنظيمية والحزبية والسياسية في مدرسة الحكيم ، ونهل من أفكاره ومبادئه وقيمه الثورية، فقد رحل قبل معلمه بعشرين يوم فقط ، رحيلاً مبكراً في وقت أحوج ما تكون فيه القدس لهذا القائد الذي كان أحد أعمدة عملها الجماهيري ، ومن أشرس المدافعين عن عروبتها ، ولم يغب عن أي لجنة أو نشاط له علاقة في حماية مؤسسات القدس من الضياع والإغلاق،بل كان العمود الفقري للجنة الشعبية لمواجهة الجدار والاستيطان،وبصفته المدير العام لاتحاد لجان العمل الصحي في الضفة الغربية، كان يجوبها شمالاً وجنوباً،في سبيل تقديم الخدمة للناس، وكان يقف على أدق التفاصيل،وأسر الشهداء والأسرى وكذلك الأسر المحتاجة تعرف جيداً،مدى عطاء المسلماني في هذا الجانب، وكما هو حال الحكيم فالمسلماني، عرف بمصداقيته ومبدئيته العالية، حتى أن البعض ومن أبناء حزبه في لحظات الردة والانكسار والإحباط، كان يقولون أن هذا الرجل يغرد خارج السرب، وفي رأسه "مية عتيقة"،وان أفكاره أصبحت منفصلة عن الواقع،وكذلك فهو يتشبث بقناعاته ومبادئه حتى النهاية،ويدافع عنها بالحجة والدليل والمنطق، وليس بشيء من العدمية أو الرفض من أجل الرفض،وكما هو الحكيم فهو أيضاً،لم يتلوث في قضايا الفساد المالي والإداري،الذي يعشعش ويتغلغل في جوانب وجدران الكثير من المؤسسات غير الحكومية،والتي أصبح الكثير من مدرائها العامون يملكون أرصدة بالملاين في البنوك،"وفلل" وسيارات فارهة في زمن فلكي،ورغم ثقل وضخامة حجم المهام والمسؤوليات التي كان يضطلع بها،في المؤسسة والنشاط الجماهيري والمؤسساتي، فهو أيضاً شكل أحد روافع الحزبية والتنظيمية للحزب، ولم يكن يترفع عن أي عمل أو مهمة يتكلف بها، مهما كبرت أو صغرت، وكان يعتبر نفسه جندياً في خدمة الحزب والوطن، وكان ينظر للأمور في إطارها وسياقاتها الشمولية والوطنية العامة، وليس في الإطار الحزبي والفئوي الضيقتين،وكان دائماً يقول في كل اللقاءات والاجتماعات وورش العمل التي كانت تعقد حول المدينة المقدسة،أن القدس تحتاج لكل جهد مهما كبر أو صغر،والقدس فوق الجميع وهي أكبر من كل الفصائل والأحزاب،ومواجهة مخططات أسرلتها وتهويدها،لا تتم من خلال"الفرمانات" والتعيينات الفوقية،بل من خلال مرجعية شعبية حقيقية،تعبر عن هموم ومصالح أهل المدينة المقدسة، وبخطوات جدية وعملية على الأرض، وليس من خلال دعوة بعض المكلفين بشؤون القدس الصحافة لعقد لقاءات ومؤتمرات صحفية،لتسليط الأضواء عليهم"وفقع" التصريحات في الصحافة ووسائل الأعلام،حول خطط وبرامج ومشاريع للقدس، تبقى حبراً على ورق وفي إطارها الإعلامي والصحفي.
نعم انه شهر الحزن الجبهاوي ،هذا الحزن بسبب الخسارة الثقيلة والمؤلمة لقيادات حزبية ووطنية وقومية ، منصهرة ومنتمية ومنغمسة في النضال حتى أخمص قدمها، وقد سبقها قبل نصف عام خسارة ثقيلة أخرى لقائد من طراز خاص ،كان دائمأ يلوذ بالصمت ، ولكن كان صاحب المهام الصعبة في العمل الحزبي والتنظيمي ، والعدو قبل الصديق يشهد أن الفولاذ يلين وهو لا يلين، وأسطورة من أساطير النضال والصمود،تعرفه كل مراكز التحقيق والزنازين الإسرائيلية،انه الرفيق القائد المهندس خالد باكير"أبو المجد"، عضو اللجنة المركزية العامة، ورغم خسارة الحزب والقدس والقضية والشعب والوطن لهؤلاء القادة العظام،الا أن العزاء كان في مدى وفاء واحتضان الجماهير لهم ،هذه الجماهير التي عبرت عن حبها ووفائها بالخروج بالآلف في وداع ورحيل هؤلاء القادة والقسم،على أن تبقى وفية لمبادئهم وأفكارهم وقيمهم الثورية والنضالية والإنسانية، وحتماً حزباً بهذه المواصفات قادته ومؤسسيه وأعضائه،يستحق أن يحيا ويتبوأ مكانة هامة في المجتمع وبين الجماهير بعيداً عن التذيل لهذا الفريق أو ذاك.
القدس – فلسطين
29/1/2008
Quds.45gmail.com
.....حسب التاريخ الإسلامي ،في السنة العاشرة للبعثة،توفي عم الرسول محمد(صلعم) أبو طالب الذي كفله ورعاه، وكان سنده القوي في الدفاع عنه أمام قريش، عندما كان يبشر بالإسلام، ومن ثم توفيت زوجته خديجة،التي أحبها وآزرته وناصرته في دعوته ورزق أولاده منها، ودعي هذا العام لكونه كان ثقيلاً وقاسياً على الرسول بعام الحزن، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حدث عندها ما يشبه ذلك، ففي شهر كانون ثاني/ 2008 ، خسرت اثنان من أبرز قادتها ورموزها ، الرفيق القائد والمؤسس جورج حبش(حكيم الثورة وضميرها)، مؤسس حركة القوميين العرب، ومن ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والرفيق القائد د.احمد المسلماني، عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة، والخسارة هنا لم تكن للجبهة لوحدها، بل خسارة لشعب وأمة بأسرها ، فالرفيق الحكيم بقدر ما كان زاهداً وبسيطاً في حياته، بالقدر الذي كان حاداً وحازماً في المبادىء والأفكار والحقوق، ولا يهادن أو يساوم على قضايا لها علاقة بالقضية والشعب والوطن، ويفيض دفئاً وحباً في القضايا الإنسانية والاجتماعية، ولم يتقاعد أو يتخلى عن دوره الوطني،حتى وهو على فراش الموت، كان يدعو ألوان الطيف السياسي الفلسطيني للوحدة والتمسك بالثوابت،ويسأل عن أحوال شعبه في القطاع، هل رفع الحصار وفتحت المعابر؟، وهذا القائد ظل مسكوناً بهاجس العودة ويرفض أية حلول تلتف على هذا الحق أو تنتقص منه، وكان يشكل كابوساً ثقيلاً للاحتلال الإسرائيلي الذي حاول اغتياله واختطافه أكثر من مرة، حتى أن الصحف الإسرائيلية وصفت جهاز الأمن الإسرائيلي"الموساد" بالمشلول لعجزه عن اغتيال الحكيم،الذي تتهمه بتنفيذ عمليات فدائية مؤلمة وقاسية،والحكيم كما قال صالح رأفت في لقاء مع تلفزيون فلسطين حول رحيل الحكيم ، انه لم يكن يسعى إلى وسائل الإعلام،بل وسائل الأعلام كانت تسعى إليه، فهو إنسان يحب العمل ولا يحب الأضواء والكاميرات،كما هو الحال عند العديد من القيادات الفلسطينية، حيث أن جل اهتمامه كان يكرسه للحزب والثورة والقضية والوطن، والحكيم اكتسب شعبيته وجماهيريته من خلال العمل بين الجماهير والتعلم منهم ،وحسن الاستماع إلى همومها ومشاكلها وقضاياها، ولم تكن بينه وبينهم سدود وحواجز، ومن هنا فانه ليس من الغريب،أن تخرج الجماهير في الوطن وأرض اللجوء والشتات في مسيرات جماهيرية حاشدة وغاضبة عفوية، عند سماعها نبأ رحيله وتشارك بكثافة وزخم غير مسبوقين في تشيعه لمثواه الأخير، وكذلك هناك عشرات المقالات التي كتبت حول رحيل الحكيم، والخسارة التي منيت بها القوى الوطنية والقومية والتقدمية ليس،في فلسطين والعالم العربي ،بل وفي العالم أجمع، مما يدلل على حجم الدور والثقة التي ،يتمتع بها الحكيم في أوساط تلك القوى والأحزاب. وكذلك فهو تعبير عن مدى حب وثقة ووفاء الجماهير لهذا القائد، الذي لم يخذلها ولم يساوم أو يتنازل عن حقوقها وثوابتها، وكانت تنظر اليه على انه البوصلة والضمير الحي لهذا الشعب.
أما الرفيق القائد" ابو وسام" احمد المسلماني، احد تلامذة الحكيم ، والذي تربى ونمى وتطور وصقل تجاربه وخبراته التنظيمية والحزبية والسياسية في مدرسة الحكيم ، ونهل من أفكاره ومبادئه وقيمه الثورية، فقد رحل قبل معلمه بعشرين يوم فقط ، رحيلاً مبكراً في وقت أحوج ما تكون فيه القدس لهذا القائد الذي كان أحد أعمدة عملها الجماهيري ، ومن أشرس المدافعين عن عروبتها ، ولم يغب عن أي لجنة أو نشاط له علاقة في حماية مؤسسات القدس من الضياع والإغلاق،بل كان العمود الفقري للجنة الشعبية لمواجهة الجدار والاستيطان،وبصفته المدير العام لاتحاد لجان العمل الصحي في الضفة الغربية، كان يجوبها شمالاً وجنوباً،في سبيل تقديم الخدمة للناس، وكان يقف على أدق التفاصيل،وأسر الشهداء والأسرى وكذلك الأسر المحتاجة تعرف جيداً،مدى عطاء المسلماني في هذا الجانب، وكما هو حال الحكيم فالمسلماني، عرف بمصداقيته ومبدئيته العالية، حتى أن البعض ومن أبناء حزبه في لحظات الردة والانكسار والإحباط، كان يقولون أن هذا الرجل يغرد خارج السرب، وفي رأسه "مية عتيقة"،وان أفكاره أصبحت منفصلة عن الواقع،وكذلك فهو يتشبث بقناعاته ومبادئه حتى النهاية،ويدافع عنها بالحجة والدليل والمنطق، وليس بشيء من العدمية أو الرفض من أجل الرفض،وكما هو الحكيم فهو أيضاً،لم يتلوث في قضايا الفساد المالي والإداري،الذي يعشعش ويتغلغل في جوانب وجدران الكثير من المؤسسات غير الحكومية،والتي أصبح الكثير من مدرائها العامون يملكون أرصدة بالملاين في البنوك،"وفلل" وسيارات فارهة في زمن فلكي،ورغم ثقل وضخامة حجم المهام والمسؤوليات التي كان يضطلع بها،في المؤسسة والنشاط الجماهيري والمؤسساتي، فهو أيضاً شكل أحد روافع الحزبية والتنظيمية للحزب، ولم يكن يترفع عن أي عمل أو مهمة يتكلف بها، مهما كبرت أو صغرت، وكان يعتبر نفسه جندياً في خدمة الحزب والوطن، وكان ينظر للأمور في إطارها وسياقاتها الشمولية والوطنية العامة، وليس في الإطار الحزبي والفئوي الضيقتين،وكان دائماً يقول في كل اللقاءات والاجتماعات وورش العمل التي كانت تعقد حول المدينة المقدسة،أن القدس تحتاج لكل جهد مهما كبر أو صغر،والقدس فوق الجميع وهي أكبر من كل الفصائل والأحزاب،ومواجهة مخططات أسرلتها وتهويدها،لا تتم من خلال"الفرمانات" والتعيينات الفوقية،بل من خلال مرجعية شعبية حقيقية،تعبر عن هموم ومصالح أهل المدينة المقدسة، وبخطوات جدية وعملية على الأرض، وليس من خلال دعوة بعض المكلفين بشؤون القدس الصحافة لعقد لقاءات ومؤتمرات صحفية،لتسليط الأضواء عليهم"وفقع" التصريحات في الصحافة ووسائل الأعلام،حول خطط وبرامج ومشاريع للقدس، تبقى حبراً على ورق وفي إطارها الإعلامي والصحفي.
نعم انه شهر الحزن الجبهاوي ،هذا الحزن بسبب الخسارة الثقيلة والمؤلمة لقيادات حزبية ووطنية وقومية ، منصهرة ومنتمية ومنغمسة في النضال حتى أخمص قدمها، وقد سبقها قبل نصف عام خسارة ثقيلة أخرى لقائد من طراز خاص ،كان دائمأ يلوذ بالصمت ، ولكن كان صاحب المهام الصعبة في العمل الحزبي والتنظيمي ، والعدو قبل الصديق يشهد أن الفولاذ يلين وهو لا يلين، وأسطورة من أساطير النضال والصمود،تعرفه كل مراكز التحقيق والزنازين الإسرائيلية،انه الرفيق القائد المهندس خالد باكير"أبو المجد"، عضو اللجنة المركزية العامة، ورغم خسارة الحزب والقدس والقضية والشعب والوطن لهؤلاء القادة العظام،الا أن العزاء كان في مدى وفاء واحتضان الجماهير لهم ،هذه الجماهير التي عبرت عن حبها ووفائها بالخروج بالآلف في وداع ورحيل هؤلاء القادة والقسم،على أن تبقى وفية لمبادئهم وأفكارهم وقيمهم الثورية والنضالية والإنسانية، وحتماً حزباً بهذه المواصفات قادته ومؤسسيه وأعضائه،يستحق أن يحيا ويتبوأ مكانة هامة في المجتمع وبين الجماهير بعيداً عن التذيل لهذا الفريق أو ذاك.
القدس – فلسطين
29/1/2008
Quds.45gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق